ماهية الإفلاس ونشأته


انواع الافلاس
الافلاس في القانون التجاري
الافلاس فى القانون
بحث عن الافلاس
افلاس الدولة

        تعود جذور الإفلاس إلى القانون الروماني باعتباره المصدر التاريخي لنظام الإفلاس كطريق للتنفيذ على أموال المدين([1])، حيث كان في البداية ينفذ على جسد المدين الذي لم يف بديونه بدون تفرقة بين تاجر وغير تاجر، وكان له مظاهر قاسية، نظمتها الألواح الاثني عشر، حيث اشتملت على إمكانية بيع المدين  واستعباده وقتله، ومن ثم تم تعديل هذا النظام في عهد القاضي (البريتور) سنة (367) قبل الميلاد، بحيث جعل التنفيذ على مال المفلس، ومن ثم تم تنفيذ التصفية الجماعية على أموال المدين بواسطة وكيل عن الدائنين([2])، ومن ثم انتقلت مبادئ القانون الروماني إلى مدن ايطاليا، والى فرنسا حيث أصدر لويس الرابع عشر عام 1673 أحكام التجارة البرية، ونظم قواعد الإفلاس في الباب الحادي عشر منها([3])، وأصبح الإفلاس لا يطبق إلا على المفلس باعتباره نظاما جماعيا للتنفيذ على مال المدين المفلس الذي خان ثقة دائنيه([4]).
ولا يطبق على غير التجار الذين يطبق عليهم نظام الإعسار المدني والذي يختلف عن نظام الإفلاس([5])، ثم وضع القانون الفرنسي القديم لعام 1807 الذي وضعه نابليون وكان قاسيا، حيث لم يفرق بين التاجر حسن النية والتاجر سيء النية، ومن ثم تم تعديله سنة 1838 للتخفيف من قسوته، أما في الأردن فقد تم العمل بقانون التجارة الأردني رقم 12 لسنة 1966م([6])، وهذا ما جاء في المادة 479 منه([7]). أي أن هذا يعني أن نظام الإفلاس  اقتصر على التاجر فقط([8]).
أما المشرع الكويتي فقد تناول الإفلاس في قانون التجارة الكويتي رقم (68) لسنة 1980، ومع ذلك لم يعرف المقصود بالإفلاس وإنما أورد تعريفا للمفلس.
        والإفلاس طريق جماعي للتنفيذ على أموال المدين التاجر الذي توقف عن دفع ديونه المستحقة الأداء، يهدف إلى تنشيط الائتمان ودعم الثقة في المعاملات التجارية، وذلك بسلسلة من الإجراءات والقواعد تهدف إلى الحجز على ما تبقى من أموال المدين، حماية لحقوق الدائنين، ووضعها تحت يد القضاء كي لا تترك له فرصة تهريب أمواله إضراراً بهم([9]).
كما تهدف قواعده إلى تحقيق المساواة بين الدائنين دون محاباة بعضهم على حساب البعض الآخر، وتنظيم توزيع الأموال على الدائنين توزيعا عادلا، لا أفضلية فيه لدائن على آخر مادام دينه غير مقترن بسبب قانوني يوجب هذا التفصيل([10]).

نشأة شركة الأشخاص والإفلاس
        يشهر الإفلاس إما بناءً على طلب المدين المفلس نفسه، إذ رتب عليه القانون التزاماً بضرورة تقديم طلبه، من تاريخ توقفه عن الدفع وإلا عد التاجر متهما بجنحة الإفلاس التقصيري، وذلك سنداً لنص المادة (318/1) من قانون التجارة الأردني.
        كما ويمكن للدائنين أن يقدموا طلب شهر إفلاس مدينهم المتوقف عن دفع ديونه، أو الذي أخفى جزءاً من أمواله أو هرب، وذلك رغبة من المشرع لحماية مصالح الدائنين وحقوقهم، كما نصت المادة (319) من قانون التجارة الأردني، إضافة إلى المحكمة المختصة بشهر الإفلاس (وهي محكمة البداية التي يقع في منطقتها المركز الرئيسي للتاجر المفلس)، تستطيع هي الأخرى أن تشهر إفلاس التاجر من تلقاء ذاتها حال وجدت لذلك مقتضى، كما ويحقق للنيابة العامة ذات الحق.
        كما عالج القانون حالة ما إذا كان التاجر المراد شهر إفلاسه متوفياً أو معتزلاً للتجارة([11])، إضافة إلى اشتراطها أن يكون التاجر قد توقف عن الدفع قبل وفاته أو اعتزاله التجارة.
        وقد تطلب القانون أن يتضمن قرار المحكمة بشهر الإفلاس التاريخ الذي اعتبرت به التاجر المفلس متوقفاً عن الدفع؛ وذلك لتحديد فترة الريبة([12])، وقد أعطى القانون الدائن والمدين الحق في الاعتراض على هذا التاريخ وذلك في ميعاد لا يتجاوز ال30 يوما من تاريخ شهر الإفلاس، كما نصت على ذلك المادة (377) من قانون التجارة الأردني، وأنه للمحكمة أن تعدل تاريخ التوقف عن الدفع بتاء على اعتراضات الأطراف أو بما تراه مناسباً وضرورياً، شريطة أن لا يتجاوز إرجاء تاريخ التوقف عن الدفع عن 18 شهر من تاريخ الإفلاس حفاظاً على استقرار المراكز القانونية، وذلك سنداً للمادة (322) من قانون التجارة.
        وبمجرد صدور الحكم بشهر الإفلاس تترتب مجموعة من الآثار التي نص عليها القانون؛ وذلك حفاظاً على حقوق المدين والدائنين أجمل أهمها بالتالي:
1-   غل يد المدين المفلس في إدارة أمواله، حيث أن جميع أموال المدين ضامنة للوفاء بديونه، فإن نطاق غل يده يشمل هذه الأموال التي يمتكلها وقت شهر إفلاسه، سواء كانت من المنقولات أم من العقارات، وسواء تعلقت بتجارته أم غير متعلقة بها، حيث أن الإفلاس يعتبر بمثابة حجز عام على ذمة المدين المفلس([13]).
كما ويشمل نطاق غل يد المدين، جميع الأموال التي يكتسبها المفلس بعد شهر إفلاسه، كتلك الأموال التي تؤول إليه بطريقة الهبة أو الوصية أو الإرث، أو أن يحكم للمدين بتعويض عن حادث أصابه أو أية مبالغ يحصل عليها من شركة التأمين تنفيذاً لعقود التأمين التي يبرمها قبل الحكم بشهر إفلاسه([14]).
مع الإشارة إلى أن نطاق غل اليد المدين، ليس مطلقا؛ حيث أنه لا يشمل الأموال التي لا يصح إيقاع الحجز عليها، كالأموال اللازمة للمفلس وأسرته (كالأثاث والملابس وما شابه)([15])، كما ولا يشمل الأموال والتعويضات التي يحكم بها للمدين لجبر ضرر أدبي لحق به من الغير، أو الأموال المملوكة لغير المفلس كأموال زوجته أو من هم تحت ولايته([16]).
2-   غل يد المدين عن القيام بالأعمال والتصرفات القانونية عموماً، حيث أن المبدأ هو أن جميع التصرفات الصادرة عن المدين المفلس والمتعلقة بأمواله بعد الحكم بشهر إفلاسه غير نافذة في مواجهة الدائنين، ولا يمكن الاحتجاج بها في مواجهتهم، سواء كانت هذه الأعمال أو التصرفات بيعاً أو إجارة أو رهناً وما شابه من الأعمال، حال تعلقت بأمواله المشمولة بنطاق غل اليد([17])، أو أن يقوم بالوفاء بديونه المستحقة للغير أو تحصيل ما له من حقوق لدى الغير على نحو ما نصت المادة (327/2 من قانون التجارة الأردني) فضلاً عن منع المدين المفلس من مقاضاة الغير أو استكمال الإجراءات المتعلقة بالدعاوي المرفوعة منه سابقاً وقبل الحكم بشهر إفلاسه على نحو ما ورد في المادة (327-3 من قانون التجارة الأردني).
3-   إلا أنه يبقى للمدين الحق في اتخاذ الأعمال التي تصون حقوقه كقطع التقادم المانع من سماع الدعوى وإيقاع الحجز التحفظي([18])، أو استئناف الأحكام الصادرة بحقه منهاً من اكتسابها الدرجة القطعية على أن يتابع وكيل التفليسة الاستئناف عنه([19]).

([1]) ديمة وليد التهتموني، النظام القانوني لهيئة التفليسة: دراسة مقارنة، رسالة ماجستير، جامعة آل البيت، المفرق، الأردن، 2002، ص2.
([2]) مفيدة سويدان، الإفلاس والصلح الواقي، الجزء الأول، 1994، مطبعة الشباب، عمان، ص2.
([3]) سعيد هياجنة، آثار حكم شهر الإفلاس على جماعة الدائنين، مطبعة الشباب، عمان، 1993، ص18.
([4]) عزت عبد القادر، مرجع سابق، ص178.
([5]) عباس مصطفى المصري، القانون التجاري النظرية العامة، الطبعة الأولى، دار النهضة العربية، القاهرة، 1999، ص28.
([6]) فوزي محمد سامي، شرح القانون التجاري الأردني، الجزء الأول، مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان 1993، ص13.
([7]) جاء في المادة 479 منه (1- يلغى اعتبارا من تاريخ العمل بهذا القانون: أ- قانون التجارة العثماني، وقانون المعاملات الإفلاسية). كما نظم قانون التجارة الأردني رقم (12) لسنة 1966 ( الصلح الواقي والإفلاس)، ولقد نص قانون التجارة الأردني صراحة في المادة (316) منه على أن أحكام الإفلاس تطبق فقط على (كل تاجر توقف عن دفع ديونه الخارجية، وكل تاجر لا يدعم الثقة المالية به إلا بوسائل به يظهر بجلاء أنها غير مشروعة).
([8]) خليل مصطفى، محاضرات في  القانون التجاري الأردني، دار مجدلاوي للنشر والتوزيع، عمان، 1985، ص56.
([9]) مصطفى كمال طه، مرجع سابق، ص61.
([10]) خليل مصطفى، المرجع السابق، ص 57.
([11]) نصت المادة (321) من قانون التجارة على أنه يجوز شهر إفلاس التاجر في هذه الحالة شريطة أن يتم تقديم الطلب خلال سنة من تاريخ الوفاة أو اعتزال التجارة.
([12]) مصطفى كمال طه،القانون التجاري (الأوراق التجارية والإفلاس)،دون رقم طبعة، بيروت،الدار الجامعية للنشر، 1980، ص391.
([13]) أحمد محمود خليل، الإفلاس التجاري والإعسار المدني، الإسكندرية، منشأة المعارف، دون سنة نشر، ص106.
([14]) مصطفى طه، وبندق وائل، أصول الإفلاس، دون رقم طبعة، الإسكندرية، دار الفكر الجامعي، 2005، ص105.
([15]) مدحت محمد حسني، الإفلاس، دون رقم طبعة، الإسكندرية، دار المطبوعات الجامعية، 1993، ص61.
([16]) أسامة نائل محيسن، الوجيز في الشركات التجارية والإفلاس، ط1، عمان، دار الثقافة للنشر والتوزيع، 2008، ص308.
([17]) حسني مصري، مرجع سابق، ص 17.
([18]) ادوارد عيد، مرجع سابق، ص 253.
([19]) مصطفى كمال طه، مرجع سابق، ص 453.

Previous Post Next Post