يعتبر الإفلاس من أهم القضايا التي تطرأ على الذمة المالية للتاجر، لما يرتبه شهر الإفلاس من آثار مالية واجتماعية بليغة على حياته وسير نشاطاته ومشروعاته المختلفة.
        وقد عرف نظام الإفلاس قديماً، إذ تطورت مفاهيمه والأنظمة التي كانت تحكمه تبعاً لتطور الحكومات والهيئات التي حكمت الشعوب، ابتداءً بالمفاهيم التي كانت تتعامل مع الإفلاس بقسوة شديدة تصل حد القصاص من شخص المفلس كبيع أعضائه سداداً لدينه أو الحكم عليه بالإعدام كما كان معمولاً به في الأنظمة الرومانية والفرنسية القديمة، حتى تطور الإفلاس شيئاً فشيئاً وصولاً إلى اعتباره عارضاً من عوارض الذمة المالية للتاجر المفلس يتم التعامل معه بشيء من الحضارة والمنطق من جانب وبشيء من الصلابة والحكمة من جانب آخر كما هو عليه الحال في أيامنا([1]).
        وبالعودة إلى التعريف اللغوي للإفلاس نجد أنه قيل في تعريف "شه" شَهَّرَهُ أي فضحه وجعله شهرة، وقيل أشهر الأمر أي أظهره وصيره شهيراً([2]).
        (فلَّسّ): يُفلّسُ تََفليساً، وقيل (فَلّسه القاضي) حكم بإفلاسه، وقيل (أَفلسَ يُفلِسُ فُلاناً) أي فقد ماله، وقيل (إفلاس)، حالة تترتب على توقف التاجر عن الوفاء بديونه (أعلن التاجر إفلاسه)، كما وقيل (تفليس) المركز القانون للمدين الذي صدر حكم بتفليسه([3]).
        وبالعودة إلى تعريف القانون لشهر الإفلاس سنسترشد بداية بنص المادة (316) من قانون التجارة الأردني التي جاء فيها (مع الاحتفاظ بتطبيق أحكام الباب السابق يعتبر في حالة الإفلاس كل تاجر يتوقف عن دفع ديونه التجارية وكل تاجر لا يدعم الثقة المالية به إلا بوسائل يظهر بجلاء إنها غير مشروعة) وبالتالي فإن حالة إفلاس تتحقق بإحدى صورتين أن يتوقف التاجر عن دفع ديونه التجارية (وبالطبع المستحقة الأداء)([4])، والثانية أن يدعم التاجر ثقته وائتمانه التجاري بوسائل وطرق مشروعة؛ كأن يحصل التاجر على تسهيلات بنكية استناداً إلى وثائق وعقود وهمية تثبت دخوله في مشاريع كبرى من شأنها أن تعود عليه بالأرباح، التي تمكنه من سداد التزاماته تجاه البنك الذي قدم له التمويل الذي طلبه.
        وبالتالي فإن نظام الإفلاس قد وجد لفئة التجار فقط دون غيرهم([5])؛ لما تقتضيه طبيعة العلاقات التجارية المتشابكة والمترابطة من نظام صارم يحفظ كيانها ويحميها من الدخلاء والمستهترين بأنظمتها، إذ أن التاجر كما هو دائن، فهو مدين في الوقت نفسه لغيره من التجار بمعنى أن توقف التاجر عن دفع ديونه سيجعل دائنيه من التجار في مأزق يهددهم بالإفلاس أيضاً، فضلاً عما تقتضيه الحياة التجارية من ثقة وائتمان بين المتعاملين بها، لذا عالج المشرع الأردني الإفلاس بشيء من التفصيل في قانون التجارة الأردني.
وبالرجوع إلى تعريف شركات الأشخاص نجد أن معظم التعريفات اتفقت على تعريفها على أنها شركات   تتكون من عدد محدود من الشركاء، يعرف كل منهم الآخر ويثق به، تربطهم –في الغالب- رابطة قربى أو صداقة أو مهنة، بمعنى أن هذه الشركات تقوم على أساس شخصية الشركاء والثقة المتبادلة بينهم، بحيث يترتب على زوال الاعتبار الشخصي بين الشركاء –كقاعدة عامة- انقضاء الشركة([6]).
وتضم هذه الشركات، شركة التضامن، وشركة التوصية البسيطة، وشركة المحاصة، ومع أن لكل شركة من هذه الشركات خصائص تمتاز بها مما يقتضي دراسة كل منها على انفراد، إلا أنة يجمع بينها خصائص وقواعد مشتركة تستند إلى الاعتبار الشخصي الذي تقوم علية الشركة([7]).
ونجد أن شركات الأشخاص تتميز بالعديد من الخصائص ومن هذه الخصائص:
-       أن شخص كل شريك يكون محل اعتبار في الشركة، ومن لدن باقي الشركاء
-       أن أنصبة الشركاء فيها تتمثل في حصص غير قابلة للتنازل للغير بغير رضاء باقي الشركاء، لأنة التنازل عن الحصص معناه تعديل في عقد الشركة، ومثل هذا التعديل يتطلب موافقة جميع الشركاء.
لذلك تأتي هذه الدراسة للبحث في الأحكام الخاصة بإفلاس الشركات، وما ينشأ عنها من صعوبات قانونية.

([1]) حسني المصري، القانون التجاري (الإفلاس)، الطبعة الأولى، دار النهضة العربية، القاهرة، 1987، ص14.
([2]) المنجد في اللغة، دار الشروق، بيروت، لبنان، ص406.
([3]) المعجم العربي الأساسي، المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، ص949.
([4]) ادوارد عيد، أحكام الإفلاس وتوقف المصارف عن الدفع، الجزء الثاني، مطبعة باخوس وشرتوني، 1973، ص39.
([5]) عبد الأول عابدين بسيوني، آثار الإفلاس في استيفاء الدائنين حقوقهم من التفليسة، (دراسة في الفقه الإسلامي والقانون الوضعي)، الطبعة الأولى، الإسكندرية، دار الفكر الجامعي، 2008، ص35.
([6]) سعيد هياجنة، آثار حكم الإفلاس على جماعة الدائنين، دون رقم الطبعة، عمان، مطبعة الشباب، 1993، ص10
([7]) ادوارد عيد، مرجع سابق، ص39.

Previous Post Next Post