التزامات رب العمل
    تقع على رب العمل مجموعة من الالتزامات جرى الفقه علي تقسيمها الى ثلاث أنواع:
     الفقرة الاولى: الالتزامات التي تفرضها القواعد العامة.
    الفقرة الثانية: الالتزامات المتعلقة بحسن تنفيذ العقد
    الفقرة الثالثة: الالتزامات الناشئة عن عقد العمل

الفقرة الاولى: الالتزامات التي تفرضها القواعد العامة لعقد العمل.

    اشرنا سابقا ان محل عقد العمل يتحدد في القيام بالعمل وتلقى الاجر، وقد سبق تناول الجانب الاول منه خلال ما سبق، وعليه نتناول في هذه الفقرة الاجر باعتباره الجانب الاخر لعقد العمل باعتباره التزاما لا تكتمل علاقة العمل إلا بتوفره.
    ويقتضي الوقوف على الاجر تحديد ماهيته، ومعرفة قواعد احتسابه، وبيان قواعد الوفاء به، وأخيرا تحديد الضمانات المتعلقة بالأجر.

أولاً: ماهية الاجر

    عرفت المادة الاولى من قانون العمل الاجر الاساسي بأنه ” المقابل النقدي و/أو العيني المتفق عليه الذي يدفعه صاحب العمل للعامل مقابل عمله، ولا تدخل في ذلك العلاوات والبدلات أيا كان نوعها ”
    في حين عرفت نفس المادة الاجر الكامل بأنه ” ويعني به الأجر الكامل وهو الأجر الأساسي مضافا إليه العلاوات والبدلات“
    وما يعنينا في هذا المقام هو الاجر الاساسي بغض النظر عن قيمته وصفته وطبيعته والجهة التي تقوم بدفعه

1- صور الاجر

    قد يكون الاجر عينيا وقد يكون نقديا وكلاهما سواء ولا يقدح في صحة كونه اجرا طالما اعطي الاجر بكلا صورتيه باعتباره مقابلا لما اداه العامل من عمل.

أ. الاجر العيني

    يشترط ان يدفع الاجر العيني باعتباره مقابل وليس هبه للعامل كمن يقوم بإعطاء العامل جزء من الانتاج لإعانته.
    كما يشترط ان يدفع الاجر العيني باعتباره مقابلا للعمل وليس باعتباره ادوات للعمل او مستلزمات القيام به، كمن يقوم بإعطاء العامل حاسب آلي للقيام بالعمل المطلوب منه، او من يعطي العامل ملابس معينة للظهور بمظهر حسن او لائق امام  الزبائن، او المسكن الذي يقدمه رب العمل للعامل.
    ولا يدخل ضمن الاجر العيني جميع ما تقدم من حيث الاصل لكن اذا تم الاتفاق على انها جزء من الاجر الاساسي اعتبرت كذلك وترتب على هذا الامر دخولها ضمن الحد الادنى المقرر للأجور وكذلك توقفها وحرمان العامل منها عند توقف علاقة العمل او انقطاعها.

ب- الاجر النقدي

    =مفهوم الاجر النقدي
    الاجر النقدي هو عبارة عن مبلغ معين بعملة معينة تم الاتفاق عليه مسبقا وان لم يكن قد تم الاتفاق عليه فيتحدد في ضوء اقران العامل العاملين في نفس المهنة او العمل.
    ويشترط في الاجر النقدي:
    - ألا يعطي على سبيل الهبة او التبرع كم يقوم بإعطاء العمال مبلغ مالي في مناسبات دينية او اجتماعية.
    ان يعطى الاجر باعتباره مقابلا لقيام العامل بالعمل، وبالتالي يخرج عن الاجر النقدي ما يتلقاه العامل نظير تنقله لإتمام مقتضيات العمل، او ما يتلقاه العامل من مبالغ نقدية اذا كان مقررا له ميزة المآكل أو الملبس أو التنقل من والى العمل.

تابع .. ب- الاجر النقدي

    = صور الاجر النقدي
    - العمولة: العمولة عبارة نسبة مئوية يتلقها العامل من قيمة الصفقات او الاعمال التي ينجزها يقوم رب العمل بإقرارها لتشجيع العمال علي الانتاج. وتتوقف على ما يقوم العامل به من انجاز في البيع او التصدير.
    - المكافأة: هو ما يتلقاه العامل نظير امانته، أو جهده الاضافي في العمل، او عنايته الخاصة به، او لشدة انضباطه في العمل وتقيده باللوائح والتعليمات. وقد ينص علي المكافاة في عقد العمل او في اللوائح الداخلية للمنشاة او يقضي به عرف المهنة نفسها.
    - البقشيش أو الوهبه: وهو عبارة عن المبالغ التي تدفعها الزبائن للعامل نظير حسن قيامه بما يطلبون منه، ويشترط لاعتبار البقشيش جزء من الاجر ان يتلقاه العامل نظير القيام بعمل بالإضافة ان يجري العرف على التزام الزبائن او العملاء بدفعه.
    - المنحة : المنحة عبارة عن مبلغ مالي يدفعه رب العمل نظير كفاءة العامل او في مناسبة معينة كالاعياد او مناسبات الافراح والمواليد، ويشترط لاعتبار المنحة ضمن الاجر التزام رب العمل بدفعها وهذا يكون غالبا باشتراطها في عقد العمل كما يشترط ثبات قيمتها.

تابع .. ب- الاجر النقدي

    - العلاوة: العلاوة هي مبلغ مالي تصرف للعامل نظير ظرف غلاء المعيشة او زيادة اعباءه العائلية او نتيجة زيادة سنوات خبرته.
    وتقرر هذه العلاوة لما لعقد العمل من خصوصية في ضمان الامن الاجتماعي للعامل.
    - الاجر كنسبة من الارباح: قد يتم الاتفاق مع العامل ان يتحدد اجره في نسبة من الارباح دون ان يكون ملزما بتحمل خسائر العمل وهو ما يميزه عن الشريك، وقد يلجأ رب العمل لهذه الصورة من الاجر لحث العامل على بذل اقصى جهده في العمل.

ثانياً: قواعد احتساب الاجر

    لم يغفل المشرع الفلسطيني عن وضع قواعد لاحتساب الاجر وان كان هناك قصورا تشريعا في تنظيمها، ونتناول قواعد احتساب الاجر في النقاط التالية:
    1- تنظيم الاجور
    نصت المادة (86) ”بناء على توصية من الوزير يشكل مجلس الوزراء لجنة تسمى "لجنة الأجور" من عدد متساو من ممثلين عن الحكومة وعن أصحاب العمل وعن العمال.
    تتولى المنظمات النقابية لأصحاب العمل والعمال مسؤولية تسمية ممثليها في اللجنة.
    يعين مجلس الوزراء رئيسا للجنة من بين أعضائها.
    للجنة الحق في الاستعانة بمن تراه مناسباً لإنجاز مهماتها.
    وقد حددت المادة (87)  مهام هذه اللجنة بنصها ”تقوم لجنة الأجور بالمهام التالية:
    دراسة السياسات العامة للأجور ومدى ملاءمتها لمستوى المعيشة وتقديم التوصيات بشأنها إلى مجلس الوزراء.
    تحديد الحد الأدنى للأجور على أن يصدر به قرار من مجلس الوزراء.
    في حين نظمت المادة (88) تنظيم اجتماعات اللجنة بنصها ”تجتمع لجنة الأجور دوريا كل سنة مرة على الأقل، وتجتمع عند الضرورة بناء على طلب من رئيسها أو من ممثلي أي مت أطرفها الثلاثة.
     وتعرضت المادة (89) للحد الادنى للاجور”لا يجوز أن يقل أجر العامل عن الحد الادنى المقر قانوناً.
    وان كان ما سبق يعتبر ضمانة للعامل فيما يتعلق بالأجر إلا انه وللأسف الشديد لم يصدر قانون يتعلق بتحديد الحد للأجر في قطاع غزة.عكس ما هو عليه الحال في الضفة الغربية من تحديد الحد الادنى للأجور في 1450 شيكل شهريا. والذي طبق في فاتح يناير 2013م.

2- مكان وزمان الوفاء بالأجر

    يؤدى الاجر من حيث الاصل في احد ايام العمل وفقا لما يلي:
    - العمال المعينون باجر شهري في نهاية كل شهر.
    - اما من يعمل على اساس الساعة او الاسبوع او اليوم او اساس على الوحدة الانتاجية فيستحق اجره في نهاية كل اسبوع.
    وفي هذا تنص المادة (81) من قانون العمل ” يدفع الأجر للعامل بالنقد المتداول قانونا شريطة أن يتم الدفع وفقا لما يلي:
    في أيام العمل ومكانه
    في نهاية كل شهر للعاملين باجر شهري
    في نهاية كل أسبوع للعاملين على أساس وحدة الإنتاج أو الساعة أو المياومة أو الاسبوع“.
    وفيما يتعلق بزمن دفع الاجر فقد حددت الفقرة الثانية من المادة السابقة ذلك الزمان في خمسة ايام بنصها ” لا يجوز تأخير دفع اجر العامل اكثر من خمسة أيام من تاريخ الاستحقاق. ”

3- اهلية قبض الاجر، وثبوت اداءه

    ترتبط اهلية قبض الاجر في اهلية القيام بالعمل، ولا يلزم رب العمل العامل بضرورة شراء مواده الغذائية او التموينية من صاحب العمل أو من المحال التي يحددها رب العمل فللعامل الحربة الكاملة في ذلك وفق ما يترائ له من مصلحة.
    وفيما يتعلق بإثبات دفع الاجر فان رب العمل لا يستطيع اثبات براءته من دفع الاجر إلا بموجب سند كتابي موقع من العامل، في حين يجوز للعامل اثبات عدم تسلمه الاجر بكافة طرق الاثبات المقررة قانونا.

ثالثاً: قواعد الوفاء بالأجر

    حددت المادة (82) من قانون العمل قواعد احتساب الاجر بنصها:
    1/ يدفع الأجر للعامل بالنقد المتداول قانونا شريطة أن يتم الدفع وفقا لما يلي:
    أ.  في أيام العمل ومكان
    ب. في نهاية كل شهر للعاملين باجر شهري.
    ج.  في نهاية كل أسبوع للعاملين على أساس وحدة الإنتاج أو الساعة أو المياومة أو الاسبوع.
    2/ لا يجوز تأخير دفع اجر العامل اكثر من خمسة أيام من تاريخ الاستحقاق“.
    وعليه يمكن احتساب الاجر بالطرق التالية:
    1- احتساب الاجر على اساس الوحدة الزمنية ”شهر – اسبوع – يوم“
    2- احتساب الاجر على اساس وحدة الانتاج ”قطعة – صفقة“ مثال الخياط او من يعمل في مصنع للطوب ...
    3- احتساب الاجر بالمزج بين عنصري الانتاج ”الزمن – والقطعة“ كبيع السلع والتوريد

رابعاً: الضمانات المتعلقة بالأجر

    احاط المشرع الفلسطيني الاجر بمجموعة من الضمانات اهمها:
    1- تقرير امتياز على اموال صاحب العمل: بمعنى ان الاجر يعتبر من الديون الممتازة العالقة في ذمة رب العمل، فقد نصت المادة (85) ”وفقاً لأحكام القانون يعتبر اجر العامل من الديون الممتازة“.
    2- تقرير المسئولية التضامنية لملاك المنشأة أو خلفاءهم في دفع الأجر: بمعنى أن العامل يمكنه مواجهة جميع ملاك المنشأة أو ورثتهم في المطالبة بدفع الاجر، فقد نصت المادة (30) من قانون العمل على أنه ” ذا نفذ متعد فرعي العمل بالنيابة عن صاحب العمل الاصلي او لصالحه يكون الاثنان مسئولين بالتضامن عن تنفيذ الالتزامات عن العقد ”
    في حين نصت المادة (37) من نفس القانون ”يبقى عقد العمل نافذا حتى لو تغير صاحب العمل بسبب نقل ملكية المشروع أو بيعه أو اندماجه أو انتقاله بطريق الإرث، ويظل صاحب العمل الأصلي والجديد مسؤولين بالتضامن مدة ستة أشهر عن تنفيذ الالتزامات الناجمة عن العقد ومستحقه الأداء قبل تاريخ التغيير، وبعد انقضاء الستة أشهر يتحمل صاحب العمل الجديد المسؤولية وحده“ .

3- حماية الاجر من الاقتطاع

    نصت المادة (83) فيما عدا الحالات التالية لا يجوز خصم أية مبالغ من أجر العامل:- أ.  تنفيذا لحكم قضائي قطعي. ب.  أية سلفة مستحقة لصاحب العمل شريطة أن لا يزيد كل حسم عن (10%) من الأجر الأساسي.  ج.  الغرامات المفروضة على العامل وفقا لأحكام هذا القانون أو الأنظمة الصادرة بمقتضاه. 2.  لا يجوز أن يزيد مجموع ما يحسم بمقتضى البندين (ب،ج) من الفقرة (1) أعلاه عن (15%) من الأجر الأساسي.
    وعليه لا يمكن الاستقطاع من اجره العامل الا بمقدار 10% من قيمة الاجر الاساسي لا الاجر الكامل في حالة السلفة، أو 10% في حالة الغرامة وإذا كان هناك جمع ما بين الغرامة والسلفة فلا يجوز ان يزيد قد الاستقطاع عن 15% في كليها، اما فيما يتعلق بالحكم القضائي فلم تتطرق المادة المشار اليها الى قيمة الاستقطاع بشكل صريح.

4- حماية الاجر من دائني العامل

    رائينا أن المشرع الفلسطيني قد خصص حكما خاصا فيما يتعلق بالاستقطاع من اجر العامل فيما يتعلق بالإحكام القضائية او السلف او الغرامات، بالإضافة الى انه قد نظم مسألة حقوق الدائنين من مبالغ التعويض التي قد يتلقها العامل فنص في مادته ”129“ على انه ” لا يجوز بأي حال من الأحوال حجز التعويض الواجب دفعه إلا لسدد النفقة وفيما لا يتجاوز ثلث مبلغ التعويض كما لا يجوز إحالته لأي شخص آخر غير العامل أو المستحقين عنه“. وبالتالي فإن هذا التنظيم يخرج عن دائرته الدائنين العاديين إلا اذا كانوا قد تحصلوا علي احكام قضائية فيدخلون ضمن ما اوردته المادة (83) سالفة الذكر.

Previous Post Next Post