الاحكام الخاصة ببعض فئات العمال
    الاصل وفق ما بينا سابقا أن قانون العمل يطبق على جميع الأشخاص الذين تنطبق عليهم أحكامه، ومع ذلك نجد أن المشرع قد ميز بعض الفئات بقواعد خاصة, بسبب السن أو الجنس, أو الجنسية, أو بالقدرة الجسدية, وإذا كانت هذه الأحكام  الخاصة ببعض الفئات تتعارض مع مبدأ المساواة من وجهة النظر الضيقة باعتباره مبدأ دستوريا نصت عليه المادة (19 من القانون الاساسي الفلسطيني) وأكد عليها قانون العمل في مجال العمل، إلا  ان هذه الاحكام نفسها لا تتعارض مع مبدأ المساواة بمفهومه ومضمونه الحقيقي فمن المساواة عدم المساواة اذا اختلفت الماهية والطبيعة والمعطيات والظروف، فما بالنا اذا اختلف السن أو الجنس.

المطلب الأول: الاحكام الخاصة بتشغيل الاحداث

    الحدث وفقا لتعريف المادة الاولى من قانون العمل الفلسطيني هو كل من بلغ الخامسة عشرة ساعة من عمره ولم يتجاوز الثامنة عشرة.
    ونظرا لخصوصية الحدث ونظرا لحداثة سنه فقد وضع المشرع الفلسطيني مجموعة من القواعد الخاصة بعمل هذه الفئة او الشريحة من العمال حماية لهم وضمانا لحقوقهم في الباب السادس منه الذي جاء تحت عنوان تنظيم عمل الأحداث .
    وتحدد هذه الاحكام الخاصة بعمل الاحداث فيما يلي:

أولا: الاحكام الخاصة بسن الحدث

    اشترطت المادة المادة (93) من قانون العمل الفلسطيني بلوغ الحدث سن 15 سنة ومنعت هذه المادة منعا كاملا تشغيل من هم دون هذا السن بنصها ”يحظر تشغيل الأطفال قبل بلوغهم سن الخامسة عشر“.
    ولقد اقرن قانون العمل الفلسطيني مخالفة هذا الحكم بالغرامة حيث نصت المادة (134) ”يعاقب كل من يخالف حكما من أحكام الباب السادس والباب السابع والأنظمة الصادرة بمقتضاه بغرامة لا تقل عن (200) دينار ولا تزيد على (500) دينار وتتعدد الغرامة بعدد العمال الذين وقعت في شأنهم المخالفة وفي حال التكرار تضاعف العقوبة“.
    ونرى أن هذه العقوبة غير كافية أو رادعة  لتشغيل من هم دون السن المحدد لا سيما وأن الفوائد التي يمكن أن يجنيها رب العمل من عمالة من هم دون هذا السن قد تفوق اضعاف هذه العقوبة كثيرا، ذلك ان المقابل الذي يتلقاه العامل الحدث او من هو دون سن الحدث اقل من المقابل الذي يتلقاه العامل البالغ.

ثانياً: الاحكام الخاصة بالكشف الطبي على الحدث

        الزمت المادة 94 من قانون العمل رب العمل بضرورة  اجراء كشف طبي على الحدث قبل بدء تشغيله للتأكد من قدرته وصلاحيته للعمل، وأبقت هذه المادة هذا الالتزام قائما بعد تشغيل الحدث والتأكد من سلامته الجسدية وصلاحيته للعمل كل ستة اشهر يقضيها في العمل، وفي هذا كله تنص المادة 94 على انه ”يجب إجراء الكشف الطبي على الأحداث قبل التحاقهم بالعمل للتأكد من ملاءمتهم الصحية له على أن يعاد الكشف كل ستة أشهر“.

ثالثاً: الاحكام الخاصة بنظام تشغيل الحدث 

    نصت المادة 95 من قانون العمل على انه
    لا يجوز تشغيل الأحداث في:
    الصناعات الخطرة أو الضارة بالحصة التي يحددها الوزير.
    الأعمال الليلية أو الأعياد الرسمية أو الدينية أو أيام العطل الرسمية.
    ساعات عمل إضافية أو على أساس وحدة الانتاج.
    الأماكن النائية أو البعيدة عن العمران.
    وعليه ووفقا لنص هذه المادة يجب عدم تشغيل الاحداث في الاعمال السابقة وهو امر يناقض تماما واقع تشغيل هذه الفئة، فهناك العديد من الاحداث من يعمل في الانفاق ويتحمل معاناة قد لا يتحملها الشخص البالغ، وكذلك الامر بالنسبة للإحداث الذين يعملون في مصانع الحديد والصلب أو ورش تصليح السيارات وغير ذلك.

رابعاً: الاحكام الخاصة بالراحة اليومية الحدث

    نصت المادة (96) من قانون العمل على أنه
    تخفض ساعات العمل اليومي للأحداث بما لا يقل عن ساعة عمل واحدة يوميا.
    تتخلل ساعات العمل اليومي فترة أو اكثر للراحة لا تقل في مجملها عن ساعة بحيث لا يعمل الحدث اكثر من أربع ساعات متواصلة.
    وهو امر محمود للمشرع الفلسطيني ان زاد ساعة راحة اضافية للعامل الحدث عن العامل البالغ، كما انه قلص عدد ساعات العمل المتواصلة بالنسبة للحدث الى اربع ساعات في حين انها خمس ساعات للعامل البالغ، ذلك ان القوة الجسمية للحدث اقل واضعف منها عند البالغ.

خامساً: الاحكام الخاصة بالإجازة السنوية الحدث

    اشترطت المادة 97 من قانون العمل أن تكون الاجازة السنوية للعامل الحدث ثلاثة اسابيع وهي ميزة اخرى من المزايا التي يوفرها قانون العمل للعامل الحدث عن العامل البالغ الذي تبلغ اجازته السنوية اسبوعيين.
    فقد نصت المادة السابقة على انه ”تكون الإجازة السنوية للإحداث ثلاثة أسابيع سنويا ولا يجوز تأجيلها ”
    ويلاحظ أن هذه الاجازة لا يجوز تأجيلها مطلقا او جمعها وهو ايضا ميزة اخرى لعمل الحدث.

سادساً: الاحكام الخاصة بشأن التزامات رب العمل فيما يتعلق بعمل الحدث

    ألقت المادة 98 من قانون العمل التزاما على رب يتمثل في ضرورة ابراز وإظهار الاحكام الخاصة بتشغيل الاحداث لتمكين العاملين من هذه الفئة للاطلاع على تلك الاحكام والاستفادة منها، حيث نصت المادة السالفة على أنه ”على المنشأة أن تعلق في أماكن العمل الأحكام الخاصة بتشغيل الإحداث، وينظم صاحب العمل سجلا بكل ما يتعلق بهم“
    كما الزمت المادة السابقة رب العمل بضرورة وضع سجل خاص للإحداث يسجل فيه كل ما يتعلق بعمل الحدث من حيث طبيعته ووقته وتوقيع الكشف الطبي الدوري عليهم وغير ذلك فيما يتعلق بعمل هذه الفئة.

سابعاً: الاحكام الخاصة بالأحداث العاملين عند ذويهم من الدرجة الاولى

    استثنى قانون العمل الفلسطيني من تطبيقات مقتضيات الباب السادس منه والمتعلق بتنظيم عمل الاحداث استثنى تطبيق هذه المقتضيات على الاحداث العاملين عند ذويهم من الدرجة الاولى، شريطة ان تكون سلطة الادارة والإشراف لهذا لصاحب هذه الدرجة من القرابة.
    حيث نصت المادة 99 من قانون العمل ”يستثنى من أحكام هذا الباب الأحداث الذين يعملون لدى أقاربهم من الدرجة الأولى وتحت إشرافهم، على ان يتم العمل في جميع الأحوال وفق شروط صحية واجتماعية ملائمة بما لا يؤثر سلباً على نموهم العقلي والجسدي  وعلى تعليمهم“.
    ويتضح من هذا النص أنه وإذا كان الحدث العامل عند ذويه من الدرجة الاولى مستثنى من تطبيق الاحكام الخاصة بتشغيل الاحداث نظرا لدرجة القرابة بينه وبين رب العمل، الا أن هذه المادة قد فرضت بعض الشروط والأحكام على ذوي الحدث وتتمثل هذه الاحكام فيما يلي:
    -  ان يكون العمل في بيئة صحية واجتماعية ملائمة.
    الا يؤثر عمل الحدث على نموه العقلي والفكري والذهني.
    الا يؤثر عمل الحدث على تحصيله العلمي.

Previous Post Next Post