الخُلع: تعريفه، دليل مشروعيته  ، حكمه،أركانه:
1- تعريف "الخلع":
- "الخُلع" في اللغة: النزع والإزالة. تقول: "خلعت الثوب": إذا نزعته عنك. قال ابن الأثير: يقال: "خلع امرأته" خلعًا، وخالعها مخالعة، واختلعت هي منه، فهي: خالع. وأصله من: خلع الثوب. وسمّي الخلع: خلعًا لأن الله تعالى جعل كلًّا من الزوجين لباسًا للآخر، حيث قال ربنا -جل جلاله-: {هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ} (البقرة: 187)، فإذا افتدت بمال تعطيه لزوجها ليُبينها منه فأجابها إلى ذلك، فقد بانت منه، وخلع كل واحد منهما لباس صاحبه. والاسم مع كل ذلك: الخُلع.
- "الخُلع" في اصطلاح الفقهاء هو: حلّ عقدة الزوجية بلفظ الخلع وما في معناه، في مقابل عوض تلتزم به المرأة. والخُلع بضم "الخاء" أو فتحها في المعنيين اللغوي والشرعي. ومن العلماء من يخصّ مضموم "الخاء" بحل عقدة الزوجية، ومفتوح "الخاء" بالمعنى اللغوي.
2- أدلة مشروعية الخلع:
أ)- أولًا: من القرآن الكريم: قال -عز من قائل-: {الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً إِلاَّ أَنْ يَخَافَا أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} (البقرة: 229)، فقول الله تعالى: {وَلا يَحِلُّ لَكُمْ} يتعلق بإباحة الخلع كما سيأتي.
ب)- ثانيًا: من السنة النبوية الشريفة: روى البخاري، والنسائي، عن ابن عباس- رضي الله تعالى عنهما- قال: "جاءت امرأة ثابت بن قيس إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقالت: "يا رسول الله، ما أعتب عليه في خُلُق ولا دِين، ولكن أكره الكفر في الإسلام"، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أتردِّين عليه حديقته؟))، قالت: "نعم"، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((اقْبَلِ الحديقة، وطلِّقْها تطليقَة)).
وفي رواية لأبي داود: "أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خرج إلى الصبح فوجد حبيبة بنت سهل عند بابه في الغَلس، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((مَن هذه؟))، قالت: أنا حبيبة بنت سهل. قال: ((ما شأنكِ؟))، قالت: لا أنا ولا ثابت بن قيس -لزوجها-. فلما جاء ثابت بن قيس قال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((هذه حبيبة بنت سهل))، وذكرت ما شاء الله أن تذكره، فقالت حبيبة: "يا رسول الله، كلّ ما أعطاني عندي". قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لثابت بن قيس: ((خُذ منها))، فأخذ منها، وجلست في بيت أهلها.
وفي رواية عمرو بن شعيب عن أبيه، عن جده: "أن ثابت بن قيس كان دميمًا، وأن امرأته قالت: "لولا مخافة الله، إذا دخل عليَّ لبصقت في وجهه"، وفي رواية: "أن امرأة ثابت أتت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقالت: "يا رسول الله، لا يجتمع رأسي ورأس ثابت أبدًا. إني رفعت جانب الخباء، فرأيته أقبل في عُدة، فإذا هو أشدّهم سوادًا، وأقصرهم قامة، وأقبحهم وجهًا". وفي رواية: أنها قالت: "يا رسول الله، بي مِن الجمال ما ترى، وثابت رجل دميم".
فهذا الحديث الشريف يدل على مشروعية الخُلع.
ج)- ثالثًا: الإجماع: أجمع علماء الأمّة من لَدن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على: جواز الخلع، لم يخالف منهم سوى بكر بن عبد الله المُزني، فإنه لم يجزه، وقال: إن آية الخلع منسوخة بقوله: {وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَاراً فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئاً أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً} (النساء: 20).
والحق: أنه لا يوجد تعارض بين الآيتين، حتى نلجأ إلى النسخ؛ لذلك قال النحاس عن القول بالنسخ: "قول شاذ، خارج عن الإجماع لشذوذه، وليست إحدى الآيتين دافعة للأخرى فيقع للنسخ؛ لأن قوله: {فَإِنْ خِفْتُمْ...} الآية، ليست بمزالة بآية: {وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ}؛ لأنهما إذا خافا هذا لم يدخل الزوج في قوله تعالى: {وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ} لأن هذا خاص للرجال".
وقال الطبري -رحمه الله-: ا"لآية محكَمة؛ فكل من الآيتين مقصورة الحكم على حال مذكورة فيها؛ ومن ثَمَّ ينتفي التعارض. فقد استقر الإجماع على مشروعية الخلع لثبوت مشروعيته في القرآن الكريم والسنة المحمدية الشريفة".
3- حكم الخلع:
اتفق الفقهاء جميعًا على: أنه يجوز للزوجة: أن تطلب الخلع من زوجها، إذا كانت هناك أسباب تدعوها إلى ذلك،  كأن كان الزوج دَميمًا وقبيح الصورة، أو كبيرًا في السن وعجز عن أداء حقوقها، وخشية أن يؤدِّيَ بها ذلك إلى التفريط في حقه، أو كان مفرطًا في بعض الأمور الشرعية. ولكنهم اختلفوا في طلبها الخلع إذا كانت العلاقة بينها وبين زوجها علاقة طيِّبة، والعشرة حسنة، ولا يوجد ما يدعو إلى الخلع، على قولين:
- القول الأول: يُكره لها ذلك؛ وهذا هو قول الحنابلة وغيرهم ممَّا نهج نهجهم.
- القول الثاني: لا يُكره لها ذلك؛ وهو قول الجمهور غير الحنابلة. فيجوز لها طلب الخلع، وإن لم تكره منه شيئًا؛ وذلك لأن الخلع رفع عقد بالتراضي، جُعل لدفع الضرر، فجاز من غير ضرر؛ وهذا هو قول الشافعية ومَن وافق الشافعية.
* القول الراجح:
أرى: أن القول القائل بالكراهة هو: القول الراجح لوجود كثير من الأدلة تدل على ذلك منها:
قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أيّما امرأة اختلعت من زوجها من غير بأس، لم ترِح رائحة الجنة)). فقوله: ((من غير بأس)) أي: من غير شدَّة تُلجئها إلى سؤال المفارقة. وهذا الحديث يدل على: كراهة طلب الخلع من غير سبب. ولا نبعد إذا قلنا: إنه يدل على التحريم؛ فإن قوله -صلى الله عليه وسلم-: ((لم ترح رائحة الجنة)) معناها: لا تشم ريحها، ولا تجد أوّل ما يجده المحسنين، أو لا تجده أصلًا. وهذا من المبالغة في التهديد. والظاهر: أن المراد: أنها لا تستحق أن تدخل الجنة، مع مَن يدخل أولًا.
4- أركان الخلع:
أ)- المخالِع وهو: الزوج:
والمخالع يُشترط فيه: أن يكون بالغًا عاقلًا مختارًا؛ فكل من يصح طلاقه يصحّ خلعه. وعليه فلا يصح الخلع من الصبي، والمجنون، والمكره.
ب)- المختلِعة وهي: الزوجة:
ويشترط:
- أن تكون زوجة شرعًا -أي: بموجب عقد صحيح شرعًا-. فالنكاح الفاسد لا حاجة فيه إلى الخلع؛ لأن المرأة لا تُعتبر فيه زوجة شرعية.
- أن تكون بالغة، عاقلة، رشيدة.
ونتساءل هنا: هل يجوز مخالعة المطلَّقة طلاقًا رجعيًّا في أثناء عدَّتها؟
الجواب: نعم يجوز؛ لأن الطلاق الرجعي لا يرفع الحلّ وملك النكاح.
ونتساءل أيضًا: هل يجوز مخالعة المطلقة طلاقًا بائنًا؟ سواء أكانت البينونة صغرى أم كبرى؟
الجواب: لا يجوز مخالعة البائن؛ لأنه لا يملك بضعها حتى يزيله.حكى الماوردي في ذلك:إجماع الصحابة رضي الله تعالى عنهم.
ونتساءل: هل يجوز للولي: أن يخالع عن الصغيرة، أو المجنونة؟
لا يجوز للأب أن يخلع ابنته الصغيرة أو المجنونة بشيء من مالها؛ لأنه يسقط بذلك حقّها من المهر، والنفقة، والاستمتاع. فإن خالعها بشيء من مالها لم يستحق ذلك. لكن لو خالع عنها بماله أو بضمانه وقع الخلع، والتزم هو بالمال. قال ابن قدامة -يرحمه الله- في "المغني": "ويحتمل أن يملك الولي ذلك إذا رأى الحظ المصلحة فيه، ويمكن أن يكون الحظ لها فيه، بتخليصها ممّا يتلف مالها وتخاف منه على نفسها وعقلها، وذلك لم يُعَدّ بذل المال في الخلع تبذيرًا ولا سفهًا. فيجوز له بذل مالها لتحصيل حظِّها، وحفظ نفسها ومالها، كما يجوز بذل مالها في مداواتها، وفكِّها من الأسر؛ وهذا مذهب الإمام مالك.
والأب وغيره من أوليائها في هذا سواء. وإن خالعها بشيء من ماله جاز؛ لأنه يجوز من الأجنبي، فمن الولي أولى.
ج)- صيغة الخُلع:
- يرى الفقهاء: أنه لابد في الخُلع من أن يكون بلفظ الخُلع، أو بلفظٍ مشتقٍّ منه، أو لفظ يؤدِّي معناه. فإذا لم يكن بلفظ الخُلع ولا بلفظ في معناه، كأن يقول لها: "أنت طالق في مقابل مبلغ كذا". وقبلت، كان طلاقًا على مالٍ ولم يكن خُلعًا.
- ألفاظ الخُلع تنقسم إلى قسمين:
1)- الأول: صريح وله ثلاثة ألفاظ:
- "خالعتك"، لأنه حقيقة فيه.
- المفاداة، لأنه ورد به القرآن الكريم بقوله سبحانه: {فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} (البقرة: 229).
- "فسخ نكاحك"، لأنه حقيقة فيه، أو "فاسِخْنِي على ألف"، فإذا أتى بأحد هذه الألفاظ وقع من غير نية.
2)- كناية وهو: ما عدا هذه الألفاظ كـ"أبرأت وأبَنْتك"، فمثل هذا لا يتمّ به الخُلع إلا بالنيّة. وللشافعي- يرحمه الله- في لفظ الفسخ وجهان. ويصحّ الخُلع مُنَجّزًا ومعلّقًا.
د)- العوض:
العِوض في الخُلع هو: ما تلتزم الزوجة ببذله إلى الزوج، وينعقد عليه الخُلع.
وقد اختلف الفقهاء في صحة عقد الخُلع بلا عوض على قولين:
1)- القول الأول: لا يصحّ الخُلع بلا عِوض؛ وهو قول للشافعية، ورواية عن الإمام أحمد. وهو مذهب الزيدية. فإن قال الزوج: "خالعتك" فقالت الزوجة: "قبلت" ولم تذكر العِوَض، فإن قلنا: الخُلع طلاق، فإن نوى به الطلاق وقع عليه رجعيًّا ولا شيء له؛ لأنها لم تلتزم له عِوضًا. وإن قلنا: إن الخُلع فَسخٌ، ففيه وجهان:
- أحدهما: لا يكون هذا شيئًا؛ لأنه لم يذكر المال.
- الثاني: أنه خلعٌ فاسدٌ، فيلزمها مهر مثلها؛ لأنه قد وجد اللفظ الصريح في الخُلع، والعُرف مضطرد بجريان ذلك بعوض.
2)- القول الثاني: يصحّ الخلع بدون عوض؛ لأنه قطعٌ للنكاح فصحّ من غير عِوض كالطلاق؛ وهو قول الحنفيّة والمالكيّة، ورواية عن الإمام أحمد.
3)- ما يصح الخُلع به ومقداره:
يرى الشافعية وغيرهم: أن كل ما جاز أن يكون صداقًا جاز أن يكون عِوضًا في الخُلع، لعموم قول الله تعالى: {فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ}. فيصح الخُلع على الصداق، أو على بعضه، أو على مالٍ آخر. ولا فرق بين الدَّين والعَين والمنفعة. وقد ذهب جمهور الفقهاء إلى: صحّة الخُلع بالمهر المسمّى، أو بأقلّ منه، أو بأكثر منه؛ وذلك لما يأتي:
أ)- أولًا: أن الخُلع عقد معاوضة، فوجب ألا يتقيّد بمقدارٍ معيّنٍ. فكما أن للمرأة ألا ترضى عند النكاح إلا بالصداق الكثير، فكذلك للزوج ألا يرضى عند المخالعة إلا بالبذل الكثير، لا سيما وقد أظهرت الزوجة الاستخفاف بالزوج، حيث أظهرت بغضه وكراهته. ويتأكد هذا ممّا روي: أن عمر -رضي الله تعالى عنه- رفعت إليه امرأة ناشزة أمرها، فأخذها عمر وحبسها ليلتين، ثم قال لها: "كيف حالك؟"، فقالت: "ما بتُّ أطيب من هاتين الليلتين"، فقال عمر: "اخلعها ولو بقرطها".
- ثانيًا: روي عن ابن عمر: أنه جاءته امرأة قد اختلعت من زوجها بكل شيءٍ وبكل ثوبٍ عليها إلا ضرعها، فلم ينكر عليها ذلك.
ب)- ثالثًا: العموم في قول الله تعالى: {فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ}. هذا العموم يدل على: جواز الخُلع بما قلّ أو كثُر، ولم يوجد نصٌّ يخصِّص هذا العموم. وذهب بعض الفقهاء إلى: عدم جواز أخذ شيءٍ زائدٍ عمّا دفعه إليها. واستدلّ على ذلك بما جاء في "سنن" الدارقطني في قصّة امرأةِ ثابت: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال لها: ((أترُدّين عليه حديقَته التي أعطاكِ؟))، قالت: نعم وزيادة. فقال لها النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((أما الزيادة فلا، ولكن حديقته)). فلما بلغ ذلك ثابت بن قيس قال: "قد قبلت قضاء رسول الله -صلى الله عليه وسلم-". وقد أُجيب عن هذا من قبل الجمهور بأن عبارة ((أمّا الزيادة فلا)) لم يثبت رفْعه.
نشاط: 3.1
عزيزي الطالب، لكي تعمّق فهمك لهذا الدرس، قم بهذا النّشاط، ثمّ قارن ما تتوصل إليه بالإجابات النموذجية أدناه:
ضع علامة () أمام العبارة الصحيحة، وعلامة (×) أمام العبارة الخاطئة:
1- يُكره للمرأة طلب الخلع إذا لم يوجد ما يدعوها له: وهو الراجح.
2- الخلع جائز عند عدم وجود ما يدعوها إليه، عند الفقهاء غير الحنفية.
3- يشترط في المخالع: كلّ ما يشترط في من يصحّ طلاقه.
4- يجوز الخلع للمطلقة طلاقًا بائنًا.
الإجابات النموذجية:
3.2 أقسام الخُلع، والخُلع في الطهر وفي الحيض:
1- أقسام الخُلع:
الخُلع ثلاثة أقسام:
أ)- الأول: إذا كرهت المرأة خُلُق الرجل، أو خِلْقته، أو دينه، وخافت ألا تؤدّي حقّه، فبذلت له عوضًا ليطلّقها، جاز ذلك، وحَلّ له أخذه بلا خلافٍ. فهذا القسم مباحٌ.
ب)- الثاني: أن تكون الحال مستقيمة بين الزوجين، ولا يكره أحدهما الآخر، فتراضيا على الخُلع؛ فيصحّ الخُلع ويحلّ للزوج ما بذلته له؛ وبه قال مالك وأبو حنيفة وأكثر أهل العلم. فهذا القسم مباحٌ أيضًا.
ويرى الحنابلة أنه صحيحٌ مع الكراهة. وقال ابن قدامةَ: "ويحتمل كلام أحمد تحريمه وبطلانه؛ فإنه قال: "الخُلع مثل حديث سهلة: تكره الرجل فتعطيه المهر". وقال النخعي، والزهري، وعطاء، وداود، وأهل الظاهر: لا يصحّ الخُلع، ولا يحلّ له ما بذلتْه. واختاره ابن المنذر.
ج)- الثالث: أن يضربَ الزوجُ زوجتَه، أو يخوِّفها بالقتل، أو يمنعها نفقتَها وكسوتَها، من أجل أن تخالعه؛ فهذا القسم حرامٌ باتفاق الفقهاء؛ قال تعالى: {وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ} (النساء: 19). فإن خالعتْه في هذه الحالة، وقع الطلاق، ولا يملك الزوج ما بذلتْه له؛ لأنه عوضٌ أُكْرهت الزوجة على بذله بغير حقٍّ، فلم يستحقّه. وإنما قضى العلماء بوقوع الطلاق إنقاذًا لها من ظلْمِه وجبروته. وإن كان ذلك بعد الدخول، كان الطلاق رجعيًّا؛ لأن الرجعة إنما تسقط لأجل ملكه المال، فإذا لم يملك المال كان له الرجعة. قال ابن قدامة: "إن عضل زوجته وضارّها بالضرب والتضييق عليها، أو منعها حقوقها من النفقة والكسب ونحو ذلك لتفتدي نفسها منه ففعلت، فالخلع باطلٌ والعوض مردودٌ". ثم قال: "وقال أبو حنيفة: "العقد صحيحٌ، والعوض لازمٌ، وهو آثمٌ عاصٍ".
وإن ضربها للتأديب للنشوز فخالعته عَقِبَ الضرب، صحّ الخُلع. وإن زنتْ فعضلها لتفتدي نفسها منه، جاز وصحّ الخُلع، لقوله تعالى: {وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلاَّ أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} (النساء: 19)؛ وذلك عند الحنابلة، وأحد قولي الشافعي. والقول الآخر: له لا يصحّ؛ لأنه عوضٌ أكرهت عليه، فهو كما أكرهها بذلك من غير زنًا.
* ما الحكم إذا كثر إيذاء الزوج لزوجته وتضييقه عليها لتخالعه، وليس معها شيءٌ تفتدي نفسها به؟
في هذه الحالة، لا يكون أمامها سوى رفْع أمرها إلى القاضي، ليخلصها من بطشه وإيذائه.
2- جواز الخُلع في الطهر وفي الحيض:
يجوز في الطهر وفي الحيض، ولا يتقيّد وقوعه بوقتٍ دون وقتٍ، وذلك لما يلي:
أ)- أولًا: قول الله تعالى: {فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ}، فلم تفرِّق الآية بين وقتٍ ووقتٍ؛ فدل ذلك على صحّة وقوعه في أي وقتٍ يتم فيه.
ب)- ثانيًا: لم يسأل النبي -صلى الله عليه وسلم- امرأة ثابت: هل كانت وقت المخالعة حائضة أو طاهرة؛ فدلّ ذلك على عدم الفرق بين وقوعه في الطهر أو في الحيض؛ إذ لو كان وقوعه في الحيض غير صحيح لسألها النبي -صلى الله عليه وسلم-. ويرحم الله الإمام الشافعي حيث قال: "ترك الاستفصال في قضايا الأحوال مع قيام الاحتمال، يُنزَل منزلة العموم في المقال".
ج)- ثالثًا: أن المنع من الطلاق في الحيض من أجل الضرر الذي يلحقها بطول العِدّة. والخُلع أصلًا لإزالة الضرر الذي يلحقها بسوء العشرة والمُقام مع مَن تَكرهه وتُبغضه؛ وذلك أعظم من ضرر طول العِدّة؛ فجاز دفْع أعلاهما بأدناهما.
د)- رابعًا: أن ضرر تطويل العِدّة عليها بسبب الخُلع لا يؤثر في صحّته في وقت الحيض؛ لأن الخُلع حصل بسؤالها؛ فيكون ذلك رضاء منها به ودليلًا على رجحان مصلحتها فيه.
3- إذن القاضي في الخُلع:
يرى جمهور الفقهاء: صحة الخُلع من غير قضاء القاضي؛ لأن الخُلع عقد معاوضة، فلم يفتقر إلى القاضي كالبيع والنكاح. وهذا هو الرأي الراجح.
وخالف في ذلك: الحسن البصري وابن سيرين فقالا: لا يصح الخُلع إلا بحكم الحاكم.
4- الخُلع يجعل أمر المرأة بيدها:
يرى جمهور العلماء: أن الرجل إذا خالع امرأة فإنها تملك نفسها، ويكون أمرها بيدها، ولا يحق له أن يراجعها؛ لأنها بذلت له المال لكي تتخلص من العيش معه. ولو كان يملك رجعتها، لم يحصل للمرأة الافتداء من الزوج بما بذلته له، وحتى لو رد عليها ما أخذه منها وقبلت، ليس له أن يرتجعها في فترة العدة؛ لأنها قد بانت منه بنفس الخُلع، سواءٌ أكان الخُلع فسخًا أو طلاقًا.
وقال سعيد بن المسيب والزهري: إن أراد أن يراجعها فليردّ عليها ما أخذه منها في العدة، وليُشهد على رجعته.
قال ابن القيم -يرحمه الله-: "ولقول سعيد بن المسيب والزهري وجْه دقيق من الفقه، لطيف المأخذ، تتلقاه قواعد الفقه وأصوله بالقبول، ولا نكارة فيه، غير أن العمل على خلافه. فإن المرأة ما دامت في العدة فهي في حبسه، فإذا تراجعا إلى ما كانا عليه بتراضيهما، لم تمنع قواعد الشرع ذلك؛ وهذا بخلاف ما بعد العدة إنها قد صارت منه أجنبية محضة، فهو خاطب من الخطاب". انتهى كلام ابن القيم، وما قاله ابن القيم كلام طيب ومعقول.
ونتساءل: هل يجوز للزوج أن يتزوجها في العدّة برضاها؟
الجواب: نعم يجوز له ذلك، ويعقد عليها عقدًا جديدًا؛ وذلك عند الجمهور.
وقال بعض المتأخرين: لا يتزوجها هو ولا غيره في العدّة.
نشاط 3.2
عزيزي الطالب، لكي تعمّق فهمك لهذا الدرس، قم بهذا النّشاط، ثمّ قارن ما تتوصل إليه بالإجابات النموذجية أدناه :
اختر الاجابة الصحيحة من بين القوسين.
1- إذا كانت الحال مستقيمة بين الزوجين، ولا يكره أحدهما الآخر، فتراضيا على الخُلع؛ ............. الخُلع ويحلّ للزوج ما بذلته له: عند مالك وأبي حنيفة. (فيصح، فلا يصح).
2- الخُلع في الحيض ............. (يقع، لا يقع).
3- أن يضربَ الزوجُ زوجتَه، أو يمنعها نفقتَها وكسوتَها، من أجل أن تخالعه؛ فهذا القسم ............. باتفاق الفقهاء. (مكروه، حرام، جائز)
4- إن ضربها للتأديب للنشوز فخالعته عَقِبَ الضرب، صحّ الخُلع. (لم يصح، صح).
الإجابات النموذجية:
                1- فيصح. 2- يقع. 3- حرام. 4- صحّ.
3.3 التوكيل في الخُلع، وباقي أحكامه:
1- التوكيل في الخُلع:
يجوز التوكيل في الخُلع من جهة الزوجة، والزوج؛ لأنه عقْد معاوضة، فجاز التوكيل فيه؛ حيث إنّ كلَّ مَن صحّ خلعه لنفسه جاز توكيله ووكالته. ويجوز أن يكون الوكيل منهما مسلمًا وكافرًا، حرًّا وعبدًا، رشيدًا ومحجورًا عليه، ذكرًا أو أنثى.
وهناك رأي عند الشافعية بعدم جواز كون الوكيل امرأة من قِبل الزوج؛ لأنها لا تملك إيقاع الطلاق لنفسها، فلم تملكه في حق غيرها. لكن المنصوص عليه في المذهب الشافعي: صحة ذلك؛ لأن مَن صحّ منه عقد المعاوضة صح أن يكون وكيلًا فيه كالبيع. وإذا نقص الوكيل عمّا عيّنه له الموكل كأن قال له: "وكلتك على أن تخالعها بعَشرة" فخالعها بخمسة، أو نقص الوكيل عن خلع المثل إن أطلق الموكل ولم يعيِّن له شيئًا، لم يلزم الموكل بالخلع.
وإن وكّلت المرأة وأطلقت الوكالة، فإن الإطلاق يقتضي مهر المثل حالًا من نقد البلد، فإن خالعها عنها بذلك صحّ ولزمها أداء ذلك. وإن خالعها بدون مهر مثلها أو بمهر مثلها مؤجَّلًا صح؛ لأنه زاده بذلك خيرًا. وإن خالع بأكثر من مهر مثلها فلا يجب عليها إلا مهر المثل.
2- خلع المريضة مرض الموت:
الناظر في حكمة مشروعية الخُلع يجد: أنه شُرِع لتنتقذ به المرأة نفسها، أو لتنقذ به المرأة نفسها من ظلم الزوج وبطشه، فهل يُعقل أن يصل بالمرأة المريضة مرض الموت النفور من الزوج بحيث ترغب في مفارقته والبعد عنه؟
الظاهر: أن المريضة مرض الموت لا تطلب الخُلع لإنقاذ نفسها من الزوج، وإنما تطلبه حبًّا في الزوج لكي يحصل على مبلغ أكبر من الذي سيأخذه بعد موتها.
على العموم، لا خلاف بين العلماء في جواز الخُلع من المريضة مرض الموت، فلها أن تخالع زوجها كالصحيحة. ولكنهم اختلفوا في القَدْر الذي يجب أن تبذله للزوج مخافة أن تكون راغبة في محاباته على حساب الورثة.
- فالإمام مالك -يرحمه الله- يرى: أن يكون المبلغ الذي تدفعه بقدر ميراثه منها. فإن زاد عن إرثه منها، تحرم الزيادة ويجب ردّها وينفذ الطلاق، ولا توارث بينهما لو ماتت قبله في العِدّة.
- ويرى الحنابلة كالمالكية: أن يكون المبلغ المدفوع قَدْر ميراثه منها فما دون، وإن كان بزيادة بطلت الزيادة.
- ويرى الشافعية: أن يكون بقدر مهر المثل أو دونه. وإن زاد عن مهر المثل، كانت الزيادة من الثلث وتعتبر تبرعًا.
- ويرى الحنفية: أن للزوج الأقل من ميراثه منها، ومن بدل الخُلع، ومن ثلث تركتها. فلو كان إرثه خمسين جنيهًا، وبدل الخُلع ستين، وثلث التركة مائة، لكان للزوج خمسون جنيهًا؛ لأنها هي الأقل.
وهذا الكلام فيما إذا ماتت في العِدّة.
وإذا ماتت بعد انقضاء العِدّة، كان له البدل بحيث لا يزيد على ثلث التركة؛ لأنه في حكم الوصية. وإذا برئت من مرضها كان له البدل بالغًا ما بلغ.
3- هل يلحق المختلعة طلاق؟
لا يلحق المختلعة طلاق، سواءٌ قلنا: إن الخُلع طلاقٌ أو فسخ؛ لأن كلًّا منهما يجعل الزوجة أجنبية عن زوجها، وإذا صارت أجنبية لا يلحقها طلاق.
ويرى الحنفية: أن المختلعة يلحقها طلاق؛ ولذلك لا يجوز عندهم أن ينكح مع المبتوتة أختَها.
4- هل الخُلع طلاقٌ أو فسخ؟
اختلف العلماء في ذلك على قولين:
- الأول: الخُلع فسخٌ؛ وهو قول الإمام أحمد في رواية، وقول ابن عباس، وطاوس، وعكرمة، وإسحاق، وأبي ثور، وقولٌ عند الشافعية.
- القول الثاني: أن الخُلع طلاقٌ بائنٌ. فإذا خالع الزوج زوجته، وقعت طلقة بائنة؛ وهذا قول أكثر العلماء، منهم: سعيد بن المسيب، والحسن، وعطاء، وشريح، ومجاهد، وأبو سلمة بن عبد الرحمن، والنخعي، والشعبي، والزهري، ومكحول، ومالك، والأوزاعي، والثوري، وأصحاب الرأي، والشافعية، ورواية عن الإمام أحمد.
* ونتساءل: هل لهذا الخلاف ثمرة؟
الجواب: ثمرة الخلاف بين هذين القولين:
- أننا إذا قلنا: إن الخُلع طلاق وتمّ الخُلع، وقعت طلقة بائنة. فإذا كان الرجل طلَّق زوجته قبل الخُلع تطليقتين، فإنه بعد الخُلع تَحرم عليه زوجته إلا إذا تزوّجت من غيره.
- وإن قلنا: إنه فسخٌ لا يحتسب عليه شيء، فمن طلق امرأة تطليقتين ثم خالعها، وأراد بعد ذلك أن يتزوجها، كان له ذلك وإن لم تنكح زوجًا غيره؛ لأنه ليس له غير تطليقتين والخلع لا يحتسب شيئًا.
5- عدة المختلعة:
- ذهب جمهور العلماء إلى: أن عدة المختلعة ثلاثة أقراء إن كانت ممن يَحِضْن، عملًا بظاهر الآية الكريمة: {ثَلاثَةَ قُرُوءٍ} (البقرة: 228).
- وذهب بعض الفقهاء إلى: أن عدّتها حيضة واحدة؛ لأنه -صلى الله عليه وسلم- أمر امرأة ثابت: أن تعتدّ بحيضة واحدة. والحديث رواه النسائي. وقد اختار هذا القول -الذي هو القول الثاني-: عثمان، وابن عباس -رضي الله عنهما-. واختاره أيضًا شيخ الإسلام ابن تيمية، وقال: "إنه مقتضى قواعد الشريعة؛ حيث إن العدة إنما جُعلت ثلاث حيضات ليطول زمن الرجعة، فيترّوى الزوج، ويتمكن من الرجعة في مدة العِدّة. فإذا لم تكن عليها رجعة، فالمقصود: مجرّد براءة الرَّحِم من الحمل؛ وذلك يكفي فيه حيضة واحدة كالاستبراء. فإن قيل: إن هذا الكلام يُنتقض بعِدّة المطلقة ثلاثًا فإنها لا تحلّ لزوجها حتى تنكح زوجًا غيره، ومع ذلك لا بد من ثَلاثَةَ قُرُوءٍ إن كانت ممّن يحضن؛ فالجواب: أن باب الطلاق جُعِل حُكم العِدَّة فيه واحدًا، بائنًا كانت المطلقة أو رجعية". وقد اختار هذا القول ابن القيم، مع أنه أثنى على رأي سعيد بن المسيب والزهري حين قالا بجواز أن يراجعها الزوج في أثناء العِدّة إذا ردّ عليها ما أخذه منها وتراضيا على ذلك. فاختياره القول القائل بأن عدتها حيضة واحدة فيه تضييقٌ على الزوج نظرًا لقِصر المدة.
6- آثار الخُلع:
تترتب على الخُلع الآثار التالية:
أ- وقوع الفرقة بين الزوجين.
ب- يجب أن تدفع الزوجة إلى زوجها ما اتفقا عليه من البدل.
ج- تملك به المرأة نفسها ولا رجعة له عليها كما يرى جمهور الفقهاء.
د- النفقة المتجمدة للزوجة عند زوجها لا تسقط بالخلع عند الجمهور، حيث إن لفظ الخُلع ليس صريحًا في إسقاط أي حقٍّ ثابتٍ لكلٍّ من الزوجين على الآخر. ويرى أبو حنيفة سقوط النفقة المجمّدة بالخُلع؛ لأن المقصود من الخُلع: قطع الخصومة والمنازعة بين الزوجين، ولا يتأتّى ذلك إلا بإسقاط جميع الحقوق. ويرى الجمهور أنها لا تسقط بالخلع؛ وهذا هو الراجح لأن الخُلع معاوضة من قِبل الزوجة، والمعاوضات لا يتعدى أثرها إلى غير ما تراضى عليه المتعاقدان؛ ومن ثَمّ فلا تسقط النفقة المجمدة على رأي الجمهور، وهو الأرجح.
هـ- لا يسقط بالخلع شيءٌ من الديون أو الحقوق التي لأحد الزوجين على الآخر، والتي لا تتعلق بموضوع الزواج كالقرض، أو الرهن، أو الوديعة.
و- لا تسقط نفقة العدة إلا بالنصّ الصريح عليها، بأن تدعى عوضًا في الخُلع.
7- تنبيهات:
- التنبيه الأول: الخُلع قبل الطلاق تنحلّ به الرابطة الزوجية، لكنه يختلف عنه فيما يلي:
1)- الفروق بين الخُلع والطلاق الذي ليس على مال.
أ- الخُلع يتوقف خضوعه على رضا الزوجين، أما الطلاق فهو تصرف بإرادة الزوج وحده.
ب- في الخُلع تبذل الزوجة لزوجها ما يتفقان عليه من عوض، أما الطلاق فلا تدفع فيه الزوجة شيئًا.
ج- لا يجوز للزوج المخالع أن يراجع الزوجة في أثناء العدة عند جمهور العلماء، حتى لو أرجع إليها ما دفعته له، أما الطلاق فمن حقّ الزوج أن يراجعها ما دامت في العدة.
2)- الفروق التي بين الخُلع والطلاق على مال:
- أولًا: هناك أمور يتفقان فيها وأمور يختلفان فيها:
أولًا ما يتفقان فيه:
أ- البدل يلزم ذمة الزوجة فيهما في الخُلع، وفي الطلاق على المال.
ب- كلُّ واحدٍ من الطلاق على مال والخلع يُشترط فيه قبول الزوجة ورضاها.
ج- متى صح البدل وقعت به الفرقة.
فهذه هي أوجه الاتفاق الثلاثة بين الخُلع وبين الطلاق على مال.
ثانياً: أوجه الخلاف؟
يختلفان أيضًا في أمورٍ ثلاثة:
أ- الخُلع لا تكون صيغته إلا من مادة الخُلع أو ما يقوم مقامه. والطلاق على مال له صيغته كذلك بأن يقول لها: "طلقتك على أن تدفعي لي كذا".
ب- الخُلع مختلفٌ فيه هل هو طلاقٌ بائنٌ أو فسخٌ. أما الطلاق على مال فلا خلاف في كونه طلاقًا بائنًا ينقص به عدد الطلاقات.
ج- إذا كان العوض في الخُلع مالًا غير متقوّم كالخمر والميتة، فلا شيء للزوجة ويقع الطلاق بائنًا. وإذا كان العوض في الطلاق على مالٍ غير متقوم يقع الطلاق رجعيًا.
- التنبيه الثاني: الخُلع يكون بتراضي الزوجين، فإذا لم يتم بالتراضي بينهما فللقاضي إلزام الزوج بالخلع.
- التنبيه الثالث: الزوج في مرض موته بمهر المثل أو أكثر أو أقل صحّ الخُلع ولا اعتراض للورثة عليه إن خالع بأقل من مهر المثل؛ لأنه لا حق لهم في بضع امرأته، ولهذا لو طلقها بغير عوض لم يكن لهم الاعتراض عليه.
- التنبيه الرابع: يصح الخُلع من السفيهة، ويسلِّم بدل الخُلع إلى وليه.
يرى الشافعية عدم صحة الخُلع من السفيهة حتى ولو أذن لها الولي؛ لأنه ليس من حقه أن يصرف مالها في مثل ذلك؛ وعليه فإن اختلعت قبل الدخول وقع طلاقها بائنًا، وإن كان بعد الدخول وقع طلاقها رجعيًا، ويرى شرط المال في الحالتين.
- التنبيه الخامس: إذا اختلف الزوجان في وقوع الخُلع فادَّعاه الزوج وأنكرته الزوجة، وقعت البينونة بينهما بإقرار الزوج، ولم يستحق عليها عوضًا؛ لأنها منكرة وعليها اليمين. وإن ادَّعت الزوجة وقوع الخُلع وأنكره الزوج، فالقول قولُه بيمينه، ولا يستحق عليها عوضًا لأنه لا يدّعيه.
قال الخطيب الشربيني -يرحمه الله-: "إذا ادّعت الزوجة خُلعًا فأنكره الزوج ولا بيِّنة صُدق بيمينه، إذ الأصل بقاء النكاح وعدم الخُلع. فإن أقامت بذلك بيِّنة فلا بد من رجلين، وإذا ثبت فلا مطالبة له بالمال؛ لأنه ينكره إلا أن يعود ويعترف بالخُلع فيستحقه.
إن اتفق الزوجان على الخُلع واختلفا في قَدْر العِوض، أو جنسه، أو حلوله، أو تأجيله، فالقول قول المرأة عند أحمد، ومالك، وأبي حنيفة، وفي رواية أخرى للإمام أحمد: أن القول قول الزوج؛ لأن البضع يخرج من ملكه، فكان القول قوله في عوضه. قال الشافعي -يرحمه الله-: يتحالفان؛ لأنه اختلافٌ في عوض العقد فيتحالفان فيه كالمتبايعين إذا اختلفا في الثمن.
- التنبيه السادس: المخالعة على الإرضاع، يصح الإرضاع عوضًا في الخُلع، فلو خالع زوجته على أن ترضع ولدها وبيَّن مدة الرضاع، فإن الخُلع يصحّ. فإذا ماتت المختلعة فهو كالعين إذا هلكت قبل القبض، وإن مات الولد ففيه قولان:
أحدهما: يسقط الرضاع ولا يقوم غير الولد مقامه؛ لأنه عقدٌ على إيقاع منفعة في عين معيّنة، فإذا تلفت العين لم يقم غيرها مقامها، وفي هذه الحالة يرجع إلى مهر المثل في قول الشافعي الجديد، وإلى أجرة الرضاع في قوله القديم.
والثاني: لا يسقط الرضاع بل يأتيها بولد آخر لترضعه؛ لأن المنفعة باقية وإن مات المستوفى قام غيره مقامه، فإذا لم يأت بولدٍ آخر حتى مضت المدة ففيه وجهان:
أحدهما: لا يرجع عليها بشيء؛ لأنها مكنته من الاستيفاء فأشبه إذا أجرته دارًا ليسكنها وسلمتها له فلم يسكنها.
والثاني: يرجع عليها بمهر المثل في قول الشافعي الجديد، وبأجرة الرضاع في قوله القديم.
- التنبيه السابع: المخالعة على السكن، لا يجوز أن يكون حق السكنة للمختلعة في عدتها عوضًا في مخالتعها مع زوجها؛ لأن السكنى تجب حقًّا لله تعالى، قال تعالى: {لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ} (الطلاق: 1)، لكن تجوز المخالعة على أجرة المسكن في زمن العدة، بمعنى: أن تتحمل هي أجرة السكن في فترة العدة.
- التنبيه الثامن: يصحّ الخُلع من الزوجين الكافرين؛ لأنه معاوضة فصحّ منهما كالبيع، ولأن من صح طلاقه بغير عوض صح أيضًا بعوض.
- التنبيه التاسع: إن ارتد الزوجان المسلمان أو أحدهما بعد الدخول ثم تخالعا في حال الردة، كان الخُلع موقوفًا. فإن اجتمعا على الإسلام قبل انقضاء العدة، تبين أن الخُلع صحيح؛ لأنه بان أن النكاح باقٍ، وإن انقضت عدتها قبل أن يجتمعا على الإسلام لم يصح الخُلع؛ لأنه بان أن النكاح انفسخ بالردة.
نشاط: 3.3
عزيزي الطالب، لكي تعمّق فهمك لهذا الدرس، قم بهذا النّشاط، ثمّ قارن ما تتوصل إليه بالإجابات النموذجية أدناه:
أولًا: ضع علامة () أمام العبارة الصحيحة، وعلامة (×) أمام العبارة الخاطئة:
1- لا يجوز أن توكل المرأة من يخلع نيابة عنها.
2- يلحق المختلعة طلاقًا عند الحنفية.
3- الخلع فسخ يوقع طلقة واحدة على الرجل.
4- عدة المختلعة: ثلاثة أقراء إن كانت ممَّن يَحِضْن عند جمهور العلماء.
الإجابات النموذجية:
                1- (×)، 2- ()، 3- (×)، 4- ().
3.4 تعريف "الطلاق"، وأدلة مشروعيته:
أ- تعريف "الطلاق":
- "الطلاق" في اللغة: رفْع القيد وحلّ الرِّباط، وهو مثل: الإطلاق في المعنى؛ حيث إن كلًّا منهما يُطلق على: رفع القيد مطلقًا، سواءٌ أكان هذا القيد حِسَِّياً أم كان معنوياً. وقد شاع استعمال لفظة "التطليق" في: حل عقدة النكاح، كما شاع استعمال لفظ "الإطلاق" في: حلّ غيرها من العقد. تقول: "أطلقت الأسير": إذا حللت قيْده وأرسلته، ويقولون: "ناقةٌ طالق" يريدون: أنها مرسَلة بلا قيْد.
- وفي الاصطلاح: حَلّ عقدة النكاح بلفظ "الطلاق" ونحوه.
ب- مشروعية الطلاق:
الطلاق جائزٌ ومشروع، والدليل على مشروعيته من: الكتاب، والسُّنة، والإجماع:
1)- أما الكتاب: فقد ورد فيه ما يدل على مشروعية الطلاق في آيات كثيرة، منها: قول الله تعالى: {الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَو تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} (البقرة: 229)، وقوله -عز من قائل-: {لا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ} (البقرة: 236)، وقوله سبحانه: {يَا أيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} (الطلاق: 1)، وغير ذلك من الآيات...
2)- وأما السُّنة: فقد ورد فيها الكثير من الأحاديث التي تدل على مشروعية الطلاق، فقد رُوي عن ابن عمر قال: "كانت تحتي المرأة أحبُّها وكان أبي يَكرهها، فأمرني أن أُطلِّقها فأبَيْت. فذكر ذلك للنبي -صلى الله عليه وسلم-: فقال: ((يا عبد الله بن عمر، طلّق زوجتك)). وروي: أنه -صلى الله عليه وسلم- حينما طلَّق السيدة حفصة -رضي الله عنها- قال: ((أتاني جبريل فقال لي: "راجع حفصة؛ فإنّها صوَّامةٌ قوَّامةٌ"، وإنها زوجتك في الجنة")).
3)- وأما الإجماع: فإن علماء الأئمة مُجمِعون على: أنه يجوز للرجل أن يطلِّق زوجته.
ج- الحكمة من مشروعية الطلاق:
نظام الطلاق في الشريعة الإسلامية يُعتبر من محاسنها، ومن دلائل واقعيَّتها وعدم إغفالها مصالح الناس. والشارع الحكيم حين أباح الطلاق أباحه مع الكراهة، إلا إذا كان لمصلحة تعود على الرجل، أو على المرأة، أو عليهما معًا، أو عليهما وعلى الذرية. لو بحثنا عن الأسباب التي تدعو الناس إلى الطلاق لوجدناها منحصرة في سببين:
- السبب الأول: العُقم، فإن الرجل إذا كان عقيمًا انقطع عن النسل الذي هو ضمن حِكم وفضائل الزواج. وكذلك الأمر بالنسبة للمرأة إذا كانت عقيمًا، فإن بقاءها مع الزوج فيه تعكير لصفاء العيش في الغالب والكثير. والطلاق إذن فيه: فائدة للرجل إذا كانت المرأة عقيمًا، وفيه فائدة للمرأة إذا كان الرجل عقيمًا؛ إذ من جملة الأغراض الداعية للزواج: وجود النسل.
- السبب الثاني: وقوع النُّفرة بين الزوجين وحصول الخلاف بينهما. فالشريعة الإسلامية إذا كانت تحض الرجال على أن يبقوا على زوجاتهم وألا يفصموا ما بينهم وبينهنّ من روابط، وتذكر لهم أن الطلاق مبغضٌ إلى الله تعالى، فإنها في الوقت نفسه لا تغلق الباب في وجوهم إغلاقًا، ولا تلزمهم أن يبقوا على الزوجات وهم كارهون عاجزون عن عشرة طيِّبة، وعن علاج ما يدبّ بينهم وبين زوجاتهم من سوء. وهي تحض النساء على أن يسمعن لأزواجهن، ويحاولن مرضاتهم بما وسعه جُهدهن، وهي في الوقت نفسه لم تجبرهن على الخضوع البغيض، بل جعلت لإحداهن الحقّ في طلب الطلاق إذا رأت أنها لا تطيق الصبر على أذى زوجها وكيْده لها. وإذا كانت هناك زوجات مصدرًا للشقاق، فهناك أزواج لا ينبض قلب الواحد منهم بقطرة من الرحمة والمودة اللَّتين هما أساس الحياة الزوجية: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً} (الروم: 21). فإذا ما حلَّ الخلاف والنُّفرة محلّ المودة والمحبة، انهارت أركان الزوجية، ولم يبق سوى اللجوء إلى الطلاق.
وبهذا يتّضح أمام الباحث المنصف الحكمة من وراء مشروعية الطلاق في الإسلام، وأنه من محاسنه ومزاياه؛ لأنه راعى واقع النفوس البشرية وطبيعتها، وما يعتريها من تغيّر في كل الأزمان.
نشاط: 3.4
عزيزي الطالب، لكي تعمّق فهمك لهذا الدرس، قم بهذا النّشاط، ثمّ قارن ما تتوصل إليه بالإجابات النموذجية أدناه:
أولًا: ضع علامة () أمام العبارة الصحيحة، وعلامة (×) أمام العبارة الخاطئة:
1- الطلاق هو: رفْع القيد مطلقاً حسِّيّاً أو معنوياً.
2- للطلاق أدلة من السنة النبوية.
3- يجوز للرجل: أن يطلّق زوجته بالإجماع.
4- الحكمة من الطلاق: عدم الإضرار بالزوجين.
الإجابات النموذجية:
3.5 الأصل في الطلاق:
هل الأصل في الطلاق: الحظر، أم الإباحة؟
اختلف العلماء في الأصل في الطلاق: هل هو الحظر؟ أم الإباحة؟ وذلك على قولين:
أ)- القول الأول: الأصل في الطلاق: الإباحة؛ وهذا قول بعض الفقهاء. واستدلوا عليه بما يلي:
1- الدليل الأول: قال تعالى: {لا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَو تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً} (البقرة: 236). فهذه الآية الكريمة تدل على: إباحة الطلاق؛ لأن نفْي الجناح من أساليب الإباحة كما يقول علماء الأصول. وقد اعتُرِض على هذا الاستدلال من قِبَل القائلين بأن الأصل في الطلاق الحظر: بأن الآية مسبوقة ببيان رفع الحرج أو الجناح عن المطلِّق إذا طلَّق قبل الدخول ولم يكن سمَّى لزوجته مهرًا؛ ولذلك قال القرطبي -يرحمه الله- وهو يفسر هذه الآية: "وهو ابتداء إخبار برفع الحرج عن المطلِّق قبل البناء والجماع، فرَض مهرًا أو لم يَفرض".
2- الدليل الثاني: قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ}. فالأمر هنا يدل على: إباحة الطلاق. وقد أجيب عن هذا الاستدلال: بأن الآية ليس فيها ما يدلّ على إباحة الطلاق؛ وإنما تبيِّن وقت وقوع الطلاق.
3- الدليل الثالث: ثبت أن النبي -صلى الله عليه وسلم- طلَّق السيدة حفصة -رضي الله عنها- ثم راجعها، وهذا يدل على: أن الطلاق مباح؛ إذ لو لم يكن مباحًا ما فعَلَه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
4- الدليل الرابع من أدلة القائلين بأن الأصل في الطلاق الإباحة: قال -صلى الله عليه وسلم-: ((أبغضُ الحلال إلى الله الطلاق))، والحديث رواه أبو داود وابن ماجه. فهذا الحديث الشريف يدل على: إباحة الطلاق؛ لأنه -صلى الله عليه وسلم- سمّاه: حلالًا. وقد أُجيب عن هذا: لأن المقصود بـ((الحلال)) في الحديث هو: ما ليس ترْكه بلازم، فيشمل: المباح، والواجب، والمندوب، والمكروه. فالحلال بهذا المعنى يشمل: المباح الذي يستوي فعْله وترْكه كما يشمل: المكروه. فالبغض مُنصبٌّ على أحد نوعي الحلال وهو: المكروه وهو: الطلاق.
قال العراقي: "فيه- أي: في الحديث-: أنّ بغض الله للشيء لا يدل على تحريمه، لكونه سبحانه وصَفَه بالحل على إثبات بغضه له، فدلّ على جواز اجتماع الأمرين: بُغضه تعالى للشيء وكونه حلالًا، وأنه لا تنافي بينهما.
5- الدليل الخامس: ثبت الطلاق من غير واحدٍ من الصحابة: طلّق عمر -رضي الله عنه- زوجتَه أمّ عاصم. وطلّق ابنُه عبدُ الله زوجتَه. وطلّق عبدُ الرحمن بن عوف زوجتَه "تماضر". وطلّق المغيرة بن شعبة زوجاتِه وكنّ أربع زوجات. وكان الحسن بن عليّ -رضي الله عنهما- يستكثر من النكاح والطلاق.
وأجيب عن هذا: بأن ما صدر عن بعض الصحابة محمولٌ على وجود الحالة إلى تطليق زوجاتهم، فلا يكون دليلًا على: أن الأصل في الطلاق: الإباحة.
ب)- القول الثاني: الأصل في الطلاق: الحظْر، وهذا قول كثير من الفقهاء. واستدلوا بما يلي:
1- الدليل الأول: قال تعالى: {فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا} (النساء: 34). فكلمة "سبيل": نكرة في سياق الشرط فتفيد العموم. وهذا يدل على: أنه في حالة طاعة الزوجة لا يبغي الزوج عليها سبيلًا، لا ضربًا، ولا شتمًا، ولا طلاقًا. الآية الكريمة تنهي الأزواج عن: ضرب الزوجات، وشتمهنّ، وطلاقهن، ما دُمْن مطيعات. والنهي يقتضي: التحريم. فالضرب والشتم والطلاق بدون موجب حرام؛ وبذلك يكون الطلاق بدون حاجة محظورًا؛ لأن فيه إيذاء للمرأة ولأهلها ولأولادها.
2- الدليل الثاني: قال -صلى الله عليه وسلم-: ((أيّما امرأة سألت زوجها الطلاق من غير بأسٍ، فحرامٌ عليها رائحة الجنة))، وهذا يدل على: أن الأصل في الطلاق: الحظر.
3- الدليل الثالث: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيما أخرجه الطبراني في "الأوسط"، من حديث أبي موسى: ((لا تُطلِّقوا النساء إلا من ريبة، فإن الله لا يحب الذّوّاقين ولا الذّوّاقات)). فالحديث صريحٌ في النهي عن الطلاق إلا للريبة. ومن معاني "الريبة": الحاجة. فالطلاق من غير حاجة منهيّ عنه. والأصل في النهي أن يكون للتحريم، ولا ينصرف إلى لكراهة إلا بقرينة، والقرينة هنا موجودة، وهي: ما ورد في آخر الحديث: ((فإن الله لا يحب الذّوّاقين ولا الذّوّاقات)). إذ عدم الحب معناه: الكراهة. فالطلاق من غير حاجة منهيّ عنه؛ وبذلك يكون الأصل فيه: الحظر، لا الإباحة.
* الرأي الراجح:
بعد ذكر ما استدلّ به أصحاب القولين السابقين، أرى: أن القول القائل بأن الأصل في الطلاق: الحظر والمنع هو القول الراجح، ولا يباح إلا للحاجة المعتبرة شرعًا. والمتأمل في قول الله تعالى: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا} (النساء: 19). المتأمِّل في هذه الآية الكريمة يجدها تُنفّر المسلمين من الطلاق، وفيما قد يحسون به من كراهة لزوجاتهم. وتخبرهم بأن إمساك زوجاتهم، وعدم اللجوء إلى طلاقهن مع كراهتهم لهن، يمكن أن يحصل فيه خيرٌ كثيرٌ في الدنيا والآخرة. وقد جاء في الحديث الصحيح الذي أخرجه مسلم: ((لا يَفْرَكْ مؤمن مؤمنة؛ إن سخط منها خُلقًا رضي منها آخَر)). ومعنى قوله -صلى الله عليه وسلم: ((لا يَفْرَك)) -بالكاف-. "الفرك": البغض، يقال: فرِكَه يفرَكه: إذا أبغضه.
ونتساءل: هل يجوز إخضاع الطلاق لإذن القاضي؟ وبعبارة أخرى: هل الطلاق لا يقع إلا إذا حصَل الزوج على إذن من القاضي؟
الحقُّ: أن إخضاع الطلاق لإذن القاضي لا يجوز لما يلي:
- أولًا: لم يَرِدْ في القرآن ولا في السُّنة ما يدلّ على تقييد حقّ الزوج في تطليق زوجته بلزوم حصوله على إذنٍ من القاضي لطلاق زوجته.
- ثانيًا: هناك إجماع سكوتي على: عدم هذا الشرط. فالعلماء في عصر الصحابة ومَن بعدهم أجمعوا على: أن من حق الزوج أن يطلِّق زوجته من غير أن يرجع إلى القاضي ويحصل على إذن منه.
- ثالثًا: قد يكون من أسباب الطلاق ودواعيه: ما لا يحسن كشفه أمام القاضي؛ وعليه فمِن الخير للمرأة ومن الستر على الناس: أن تبقى أسباب الطلاق مستورة غير مكشوفة.
- رابعًا: نظام التحكيم بين الزوجين عند حدوث الشقاق بينهما يُغني عن الدعوة إلى إخضاع الطلاق إلى إذن القاضي التي ينادي بها البعض. فإن أدّى هذا التحكيم إلى إصلاح ذات البَيْنِ بَيْنَ الزوجين وإزالة أسباب الشقاق بينهما فقد حصل المطلوب، وإن لم ينجحا في ذلك فلا سبيل إلى بقاء الرابطة الزوجية؛ وبالتالي لا معنى لتوقّف الطلاق على إذنٍ من القاضي.
* تنبيه: ذكرت أنّ ممارسة الزوج لحقِّه في طلاق زوجه لا يتوقف على إذنٍ من القاضي؛ لكن إذا تعسّف الزوج في استعمال حقّه وطلَّق امرأته بدون سببٍ شرعيّ: هل يجوز لها أن تلجأ إلى القاضي وتطالبه بتعويضها عمّا ألحقه الزوج بها من ضرر؟
الجواب: الحق: أن الزوج إذا أساء وتعسَّف في استعمال حقّه كان عاصيًا ومرتكبًا شيئًا مُحرّمًا، أمّا تعويض الزوجة بسبب ما أصابها من تعسّف الزوج فإن بعض المحاكم حكمت به؛ لأن الأصل في الطلاق: الحظر، ولا يباح إلا عند الحاجة. وما دام الرجل لم يبيّن سبب الطلاق، فإنه يُعتبر قد أساء في استعمال حقّه؛ ومن ثَمّ يُحكم عليه بالتعويض.
ولكن أكثر المحاكم رأت عدم التعويض وهو: الصحيح؛ لأن الطلاق جائزٌ، والجواز الشرعيّ ينافي الضمان. وإذا كانت هناك مسئولية على الزوج في إساءة استعمال حقّه في الطلاق، فهي مسئولية دينيه لا تدخل تحت سلطان القضاء. والسبيل الوحيد لمنع الزوج من التعسّف في استعمال حقّه في الطلاق هو: تقوية معاني الإيمان في قلبه، وتفهميه بأحكام الإسلام، لا سيما المتعلقة بالعلاقة الزوجية، وبما أوجبه الشرع من حسن معاشرة الزوجة.
نشاط: 3.5
عزيزي الطالب، لكي تعمّق فهمك لهذا الدرس، قم بهذا النّشاط، ثمّ قارن ما تتوصل إليه بالإجابات النموذجية أدناه:
ضع علامة () أمام العبارة الصحيحة، وعلامة (×) أمام العبارة الخاطئة:
1- الأصل في الطلاق هو: الحظر والمنع، ولا يُباح إلا عند الحاجة.
2- قال بعض العلماء: الطلاق مباح، واستدلوا على ذلك بأدلة من الكتاب والسنة.
3- الراجح هو: حظر الطلاق ومنْعه إلا للحاجة والضرورة.
4- تتوقف ممارسة الزوج لحقِّه في الطلاق على: إذن من القاضي.
الإجابات النموذجية:
3.6 حُكم الطلاق:
1- حكم الطلاق:
للطلاق أربعة أحكام: أ- واجبٌ. ب- طلاقٌ مندوبٌ. ج- طلاقٌ حرامٌ. د- طلاقٌ مكروه.
أ)- فالطلاق يكون واجبًا في ثلاث حالات:
1- الأولى: طلاق الحكَميْن في الشقاق بين الزوجين، إذا رأيا أن الطلاق هو الوسيلة الوحيدة لقطع الشقاق.
- وللحكمان التطليق دون توكيلٍ من الزوجين، وطلاقهما نافذٌ على الزوجين، سواءٌ أوافق القاضي أم لا. وهذا هو: قول مالك، والأوزاعي، وإسحاق، وهو قولٌ للشافعي. وروي هذا القول عن: علي، وعثمان، وابن عباس -رضي الله عنهم أجمعين-.
- وقال قومٌ: ليس لهما الطلاق ما لم يوكِّلهما الزوج في ذلك، وليُعرّفا الإمام ثم هو يفرِّق إن أراد؛ وهو أحد قولي الإمام الشافعي. وبه قال الحنفية، والحسن، وأبو ثور.
2- الحالة الثانية من أحوال الطلاق الواجبة: المُولِي إذا مضت عليه أربعة أشهر، وطالبتْه المرأة بحقها، فامتنع من الفيئة والطلاق.
3- الحالة الثالثة: إذا تعذّر على الزوج إمساك زوجته بالمعروف، أو عجز عن العدل الواجب بين زوجاته.
فهذه هي الأحوال الثلاث التي يكون الطلاق فيها واجباً.
ب)- ويكون الطلاق مندوبًا: إذا كانت الزوجة غير عفيفة، أو خافا أو أحدُهما أن لا يقيم حدود الله، أو كانت زوجة سليقة اللسان، سيئة العشرة، منغِّصة لصفو الأسرة، تاركة للواجبات الدينية، ولم تستجب للنصح. ولو قلنا: إن الطلاق واجبٌ في حالة عدم عفّتها أو تقصيرها في الواجبات الدينية ما بعدْنا.
ج)- ويكون الطلاق حرامًا في ثلاث حالات:
1- الحالة الأولى: أن يطلّق المدخول بها في أيام حيضها بلا سؤالها.
2- الحالة الثانية: أن يطلقها في طُهْرٍ جامعها فيه قبل بيان الحمل.
3- الحالة الثالثة: إذا كان عنده زوجات يَقسم لهن وطلَّق واحدة قبل أن يوفيها قسمها.
د)- ويكون الطلاق مكروهًا: إذا كان لغير حاجة. قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أبغض الحلال إلى الله الطلاق)). وقد رُوي عن الإمام أحمد -رحمه الله-: أن الطلاق بدون سببٍ حرام؛ لأن فيه ضررًا يعود على الزوجين.
هـ)- هذا ويرى بعض الفقهاء: أن الطلاق لا يكون مباحًا مستويَ الطرفين.
ويرى بعضهم أنه يكون مباحًا إذا كانت هناك حاجة إليه.
2- منهج الإسلام في معالجة أسباب الطلاق:
شرع الله الطلاق، وبيّن لنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: أنه أبغض الحلال إلى الله؛ ومن ثَمّ لا ينبغي اللجوء إليه إلا عند الضرورة القصوى. فهو يشبه الجراحة التي يجريها الطبيب للمريض إذا عجزت العقاقير عن القضاء على المرض؛ لذلك نهج الإسلام نهجًا طيبًا في محاولة إنقاذ الحياة الزوجية والمباعدة بينها وبين حدوث الطلاق. ويتمثل هذا المنهج في خطوتين:
أ)- الخطوة الأولى: التشكيك في مشاعر الكراهية. فالإنسان قد يكره ما فيه الخير والسعادة لنفسه. وليس من الحكمة: أن يسارع الرجل إلى طلاق زوجته بمجرّد ظهور شيء من الكراهة تجاه زوجته، قال تعالى: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا}. وفي الحديث الشريف: ((لا يَفرَكْ مؤمن مؤمنة؛ إن كره منها خُلُقًا رضي منها آخَر)). وقال عمر -رضي الله عنه- لمن أراد أن يطلِّق امرأته لأنه لا يحبها: "ويحك! أولم تُبْنَِ البيوت إلا على الحب؟ فأين الرعاية؟ وأين التذمم؟". يعني: أن ما عليك من واجب الرعاية لأهل بيتك وتعهّد أسرتك بما يصلحها، وأين الترفع والتنزه عن ارتكاب ما ينافي الكرامة الإنسانية؟ لقد عدّ عمر -رضي الله عنه- تفكير الرجل في الطلاق لهذا السبب ضعفًا وهروبًا من التبعات التي توجب عليه وظيفته في البيت أن يتحملها في عزّة وشجاعة وصبر وأناة. إن الزوج يجب عليه إذا ما شعر بالنفور من زوجته: أن يدرك أن العلاقة الزوجية أكبر من أن تقضي عليها مشاعر النفور. قد تكون عارضة أو غير صادقة. وحتى لو كانت صادقة، فإن مسئولية القَوامة والرعاية للبيت تقتضي من الرجل: أن لا يستجيب لكلِّ ما يشعر به، وأن يقاومه ما استطاع، حمايةً للأسرة من التمزّق والضياع.
ب)- الخطوة الثانية: الحَكَمان. وجَّه الإسلام الزوجين إلى الاستقلال بإصلاح ذاتِ بينِهما إذا توقّع أحدُهما من صاحبه أن يفعل ما لا يرضيه. فإن النِّيّة الطيبة مع المعاشرة الحسنة كفيلان بإنهاء الخلاف من غير تدخّل أحد مِن خارج الأسرة، قال تعالى: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَو إِعْرَاضًا فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} (النساء: 128). فإن عجز -يعني: الإصلاح- فلْيُصلح بينهما حَكَمان من أقرب الناس إليهما: أحدهما من أهله، والثاني من أهلها؛ قال تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا} (النساء: 35). والحَكمان حينما يقومان بهذه المهمة الطيِّبة يأخذان بكل الوسائل المشروعة، مع الصبر وتكرار المحاولة وعدم اليأس، حتى يعود الترابط بين الزوجين. فإذا عظم الخلاف وتمكّن الشقاق وعجز الحكمان عن الإصلاح، فلا بد إذَنْ من اختيار واحدٍ من أمور ثلاثة:
- أولها: البقاء مع النُّفورة؛ فيعيشان معًا والضغينة والبغض والحقد بينهما. وهذه حال لا يمكن اختيارها، وإن اختيرت لا يمكن بقاؤها، وإن بقيت فليست من صالح الأسرة في شيء.
- ثانيها: الفراق الجسديّ والزوجيّة قائمة، فتصير المرأة كالمعلَّقة، لا هي زوجة ولا هي مسرّحة بالمعروف.
- ثالثها: الطلاق لرفع قيْد الزواج، وقد صار غلًّا ونقمة وهو في أصله نعمة. ولا شكّ أن المنطق السليم يوجب أن يُسلك في هذه الحال طريق الطلاق؛ لأنه العلاج الوحيد بعد أن وصلت العلاقة بين الزوجين إلى طريقٍ مسدود.
إن الخطوتين السابقتين في غاية الأهمية لإعادة الحبّ والوئام إلى الأسرة. وللأسف الشديد، يجهل هاتين الخطوتين الكثيرُ من الناس، الأمر الذي جعل نسبة الطلاق في ارتفاعٍ مستمر.
نشاط: 3.6
عزيزي الطالب، لكي تعمّق فهمك لهذا الدرس، قم بهذا النّشاط، ثمّ قارن ما تتوصل إليه بالإجابات النموذجية أدناه:
1- يكون الطلاق حراماً، إذا خافا ألا يقيما حدود الله.
2- يكون الطلاق واجباً، إذا لم يستطع أن يُمسك زوجته بالمعروف.
3- يكون الطلاق مكروهاً، إذا كانت هناك حاجة إليه.
4- يكون الطلاق مندوباً، إذا مضت أربعة أشهر على المُولِي وطالبتْه الزوجة بحقها.
الإجابات النموذجية:
                1- (×)، 2- (√)، 3- (×)، 4- (×).
ملخّص الدّرس:
 "الخُلع" في اللغة هو: النزع والإزالة. وفي الاصطلاح: حَلّ عقدة الزوجية بلفظ الخُلع.
للخلع أدلة على مشروعيته من الكتاب والسنة والإجماع. وحُكمه: جائز عند الجميع، إذا وجد ما يدعو إليه.
إذا لم يوجد ما يدعوالزوجة للخلع، فالراجح: أنه يكره لها طلب الخلع.
أركان الخلع هي:
- المختلعة، ويشترط فيها: أن تكون زوجه شرعاً، وأن تكون بالغة عاقلة، رشيدة.
- والمخالع، ويشترط فيه: أن يكون بالغاً عاقلاًَ مختاراً، أي: من يصحّ طلاقه.
- وصيغة الخلع، وتكون بلفظ "الخلع"، أو بلفظ مشتق منه، أو يؤدِّي إلى معناه. وألفاظ الخلع قسمان: لفظ صريح كـ("خالعتك"، المفاداة، فسخ النكاح) ويقع من غير نية. ولفظ كناية لا يتم به الخلع إلا بالنية.
ويصح الخلع منجزاً ومعلَّقاً.
- والعِوَض وهو: ما تلتزم الزوجة ببذله إلى الزوج. فلا يصح الخلع بغير عوض عند الشافعية وأحمد والزيدية. ويصلح الخلع بدون العوض عند الحنفية والمالكية، ورأي للإمام أحمد.
يرى الشافعية وغيرهم: أن كلّ ما جاز أن يكون صداقاً جاز أن يكون عوضاً في الخلع. وذهب الجمهور إلى صحة الخلع بالمهر المسمَّى أو أقلّ منه أو أكثر منه.
يجوز الخلع للمطلَّقة طلاقاً رجعياَ ولا يجوز للمطلَّقة طلاقاً بائناً. كذلك لا يجوز للأب أن يخلع ابنته الصغيرة.
 أقسام الخلع ثلاثة:
- إن كرهت خُلقه أو دينه أو خِلْقته، وخافت أن لا تؤدِّي حقه؛ فهذا مباح.
- إن تراضيا على الخلع؛ فهذا مباح.
- إن ضربها أو أخافها أو منعها حقوقها من أجل أن تخالعه، فهذا حرام.
يجوز الخلع في الطهر وفي الحيض، ولا يتقيد وقوعه بوقت معيَّن. يصحّ الخلع من غير قضاء القاضي وذلك رأي الجمهور.
الخلع يجعل أمر المرأة بيدها، وذلك ما يراه جمهور العلماء حيث لا يحق له أن يراجعها.
 يجوز التوكيل في الخلع من جهة الزوج والزوجة؛ لأنه عقد معاوضة.
كذلك يجوز خلع المريضة مرض الموت، كذلك لا يلحق المختلعة طلاق، عدا الحنفية.
الخلع فسخ عند بعض العلماء، وهذا لا يحسب له طلقة.
الخلع طلاق بائن عند بعض العلماء، وهذا يحسب عليه طلقة بائنة.
نص جمهور العلماء: أن عدّة المختلعة ثلاثة أقراء إن كانت ممّن يَحِضن. وذهب البعض إلى: أنها حيضة واحدة.
* الآثار المترتبة على الخلع:
- الفرقة بين الزوجين.
- تدفع الزوجة ما اتفق عليه من بذل.
- تمتلك المرأة أمر نفسها.
- الراجح: لا تسقط النفقة المتجمدة للزوجة.
- لا تسقط نفقة العدة إلا بالنص الصريح عليها.
* الفروق بين الخلع والطلاق الذي ليس على المال:
- الخلع يكون برضا من الزوجين، والطلاق يكون بإرادة الزوج وحده
- الخلع تدفع فيه الزوجة عوضاً للزوج.
لا يجوز للزوج المخالع أن يراجع الزوجة في العدة عند الجمهور، أما الطلاق فيجوز له أن يراجعها.
 "الطلاق" في اللغة: رفع القيد وحل الرباط، سواء أكان هذا القيد حسياً أو معنوياً.
وفي الاصطلاح: حَلّ عقدة النكاح بلفظ "الطلاق" ونحوه.
الطلاق جائز ومشروع. والدليل على مشروعيته من: الكتاب، والسنة، والإجماع.
الحكمة من الطلاق: مراعاة واقع النفوس البشرية وطبيعتها، وما يعتريها من تغير في كل الأزمان.
 ذهب البعض إلى أن الأصل في الطلاق هو: الإباحة، واستدلوا على ذلك من الكتاب والسنة.
وذهب البعض إلى: أن الأصل في الطلاق هو: الحظر والمنع وهو: الراجح، ولا يباح إلا للحاجة.
ممارسة الزوج لحقه في الطلاق لا يتوقف على إذن من القاضي.
إذا تعسف الزوج في استعمال الطلاق، فعليه تعويض الزوجة عند بعض المحاكم، ولكن أكثر المحاكم رأت عدم التعويض.
 للطلاق أربعة أحكام:
- الطلاق الواجب: طلاق الحكمين إذا رأيا أنه هو الوسيلة الوحيدة لقطع الشقاق. وإذا مضت أربعة أشهر على المولي وطالبته المرأة بحقها فامتنع. وإذا تعذر على الزوج إمساك زوجته بالمعروف أو العدل الواجب بين زوجاته.
- الطلاق المندوب: إذا كانت الزوجة غير عفيفة، أو خافا أو أحدهما أن لا يقيم حدود الله.
- الطلاق الحرام: أن يطلِّقها في حيضها بلا سؤالها. أو يطلّقها في طهر جامعها فيه قبل بيان الحمل، أو يطلقها قبل أن يوفيها قسمها.
- الطلاق المكروه: إذا كان لغير حاجة.
- الطلاق المباح: إذا كانت هناك حاجة إليه.
نهج الإسلام نهجاً طيباً في محاولة إنقاذ الحياة الزوجية، والمباعدة بينهما وبين حدوث الطلاق.
تمارين الدّرس:
عزيزي الطالب، لكي تعمّق فهمك لهذا الدرس، قم بهذا النّشاط، ثمّ قارن ما تتوصل إليه بالإجابات النموذجية أدناه:
أولا: ضع علامة () أمام العبارة الصحيحة، وعلامة (×) أمام العبارة الخاطئة:
1- لا يجوز للأب: أن يخلع ابنته المجنونة بمالها.
2- لا يجوز للوليّ: أن يخلع ابنته بشيء من ماله.
3- الخلع مشروع، لثبوت مشروعيته في القرآن الكريم، والسنة المحمدية الشريفة.
4- بالخلع تمتلك المرأة أمر نفسها، ولا يحق له أن يرجعها.
5- الخلع يتفق مع الطلاق في: أنهما يقعان برضا الطرفين معاً.
6- يتفق الخلع والطلاق على المال: أنه متى صح البدل وقعت به الفرقة.
7- وقوع النفرة بين الزوجين وحصول الخلاف بينهما لا يجيز الطلاق.
8- الصحيح عند أكثر المحاكم: تعويض الزوجة بسبب تعسّف الزوج في استعمال الطلاق.
9- الخُلع بلفظ صريح كـ"خالعتك": يلزم معه نية.
10- أجاز الشافعية: أن كلّ ما يكون صداقاً، جاز أن يكون عِوَضاً.
11- لا يصح الخُلع بدون عوض: عند  االحنفية والمالكية.
الإجابات النموذجية:
مراجع الدّرس:
1-      شرح فتح القدير على الهداية شرح بداية المبتدي، ابن همام الحنفي، تعليق: عبد الرزاق غالب المهدي، دار الكتب العلمية 1995م.
2-      بداية المجتهد ونهاية المقتصد، محمد بن أحمد بن رشد، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت 1995م.
3-      المجموع في شرح المهذب، محيي الدين النووي، دار الفكر، بيروت 1996م.
4-      المغني في فقه الإمام أحمد بن حنبل، موفق الدين أبو محمد عبد الله بن قدامة المقدسي، دار الفكر، بيروت 1405هـ.

Previous Post Next Post