الحرب العالمية الأولى:
استطاع أنور باشا، والذي كان يشغل منصب وزير الحربية  أن يجر البلاد إلى الحرب العالمية الأولى، بفرض الأمر الواقع على كل من عارضه، وكان القرض المالي الذي عرضته ألمانيا على العثمانيين والمقدر بـ (5ملايين ليرة ذهبية) من الأشياء التي شجعت المعارضين على الرضوخ للحرب.
وفي البداية أرادت الدولة أن تساوم الحلفاء في دخول الحرب، فقدمت لهم مذكرة مقابل حيادها تمثلت في إلغاء الامتيازات الأجنبية، وخروج الإنكليز من مصر بضم جزء بجر ايجة للعثمانيين، ومنع روسيا من التدخل في شؤون العثمانيين، فلم ينزل الحلفاء على شروطها، فدخلت الدولة العثمانية الحرب، والتي كانت بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير وكان القتال على أربع (4) جبهات هي:
جبهة شرقية: وحاول فيها أنور باشا بنفسه اجتياح روسيا من الشرق في الشتاء القارص، ولكنه مني بالفشل الذريع واضطر للانسحاب.
جبهة قناة السويس: سارت القوات العثمانية في سيناء متجهة إلى قناة السويس، وقاموا بالهجوم قبل الموعد المحدد مع المصريين الذين اتفقوا معهم على حرب الإنكليز، وفشل هذا الهجوم الذي أتبعه هجومان آخران بقيادة الألمان، ولكنهما فَشِلَا أيضًا.
3- جبهة عدن: وحاول فيها العثمانيون طرد الإنكليز من عدن ولكنهم فشلوا وساعد الإدريسي حاكم اليمن الإنكليز في عسير على العثمانيين.
4- جبهة الدردنيل: حصن العثمانيون مضيق الدردنيل حتى يعجز الأعداء عن الوصول إلى استنبول، وبدأ الإنكليز في هجومهم على الدولة العثمانية، واستطاعوا دخول فلسطين، وعندما وصل القائد الإنكليزي اللنبي القدس قال عبارته المشهورة: الآن تنتهي الحروب الصليبية، واستطاع الفرنسيون احتلال سوريا.
الخليفة محمد السادس (وحيد الدين)
(1328-1337هـ)
استلم الخلافة في أثناء الحرب العالمية الأولى، والهزائم تتوالى على العثمانيين، حتى استطاع الحلفاء أن يحتلوا استنبول لتسقط لأول مرة منذ فتحها السلطان الغازي محمد الفاتح.
واحتلت إيطاليا جزءًا من جنوب الأناضول، بينما احتلت اليونان القسم الغربي من الأناضول، بالإضافة إلى ترقيا فاستسلمت الدولة العثمانية وهكذا في الوقت القليل الذي تسلم فيه الاتحاديون الحكم في البلاد أضاعوها، وأعادوها إلى الخلف عدة قرون، مع إلباسها لباس الذل والمهالة والهزيمة النكراء.
وفي هذا الوقت الذي تولى فيه الخليفة محمد السادس قرب إليه مصطفى كمال، الذي كان يرافقه في رحلته إلى برلين عندما كان وليًّا للعهد وكان مصطفى كمال قد بدأ يعمل لنفسه فرفض الخليفة أن يكون صورة كمن سبقه فتنازل عن الخلافة لعبد المجيد الثاني ابن الخليفة عبد العزيز.
مصطفى كمال أتاتورك:
ومما هو جدير بالذكر أن نعرف القارئ بمصطفى كمال الذي يطلق عليه أتاتورك (أي: أبو الأتراك) فهذا ولد في سالونيك أكبر تجمعات يهود الدونمة في الدولة العثمانية؛ ولذلك رجح الكثير أنه كان من يهود الدونمة، نظرًا لأفعاله الخسيسة ومحاربته الشديدة للإسلام، وكان أحد رجال الاتحاد والترقي، وكان أحد القادة في الجيش العثماني في الشام، وكان دائم الفرار أمام جيوش الحلفاء حتى قيل إن فراره امتد من الشام إلى بلاد الأناضول في الحرب العالمية الأولى، ووجد أعداء الإسلام فيه ضالتهم، فهذا الرجل هو الذي سيضرب المسلمين في مقتل، لأنه يدعي أنه من المسلمين، فأراد الحلفاء أن يرفعوا شأنه في البلاد حتى يتركوا له المهمة فيما بقي من أراضي الدولة العثمانية، ففوجئ الجميع به في سيواس يعقد مؤتمرًا للدفاع عن البلاد، ويعين رئيسًا للمؤتمر، ثم انتقل إلى أنقرة وناهض الحكومة العثمانية، وساعده الحلفاء بإملاء الشروط القاسية على الحكومة، بل وأجبروها على قبولها وقد تضمنت من الشروط: إقامة دولة في استنبول، وفصل بلاد العرب عن العثمانيين، استقلال أرمينا، الاستقلال الذاتي لكردتسان، ضم تراقيا وجزر بحر إيجة واليونان وضع المضائق تحت إشراف دولي، وسيطرة الحلفاء على المالية، توجيه الجيش العثماني وتحديد عدد أفراده من قبل الحلفاء.
وفي ذلك الوقت كان أتاتورك قد أعلن عن قيام مجلس جديد للعثمانيين، وحكومة أخرى في أنقرة، وأعلن رفضه لشروط الحلفاء، وأطلق الحلفاء العنان لأتاتورك ليظهر بمظهر البطل. فتركوا اليونان تواجه تركيا بمفردها، فحققت تركيا بعض الانتصارات أشهرها موقعة سقاريا، واضطرت اليونان إلى الانسحاب من الأناضول، وتراقيا الشرقية عام 1340هـ، وكذلك تركت فرنسا بلجيكا وانسحبت إيطاليا من أنطاكيا، أما الروس فقد انشغلوا أثناء الحرب بالثورة الشيوعية، ثم اتفق أتاتورك معهم على أن يترك لهم مدينة باطوم على البحر الأسود في مقابل وقف القتال بينهما.
الخليفة عبد المجيد الثاني
(1340-1342هـ)
مؤتمر لوزان:
عقد مؤتمر لوزان سنة 1341هـ بعد ثلاثة أيام من تولى عبد المجيد الثاني الخلافة، وحضره ممثلون من حكومة أنقرة، وضع الإنكليز فيه شروطًا للاعتراف باستقلال تركيا عرفت بشروط كرزون الأربعة وهي:
1- إلغاء الخلافة العثمانية.
2- قطع كل صلة بالإسلام.
3- إخراج أنصار الخلافة والإسلام من البلاد.
4- اتخاذ دستور مدني بدلًا من دستور تركيا القديم المؤسس على الإسلام.
وحاول البعض الالتفاف حول الخليفة، ولكن أتاتورك قد قويت شكوته واستطاع أن يزيح كل من وقف في طريقه، وأعلن إلغاء الخلافة عام 1341هـ وأعلن قيام جمهورية تركيا، وألغى الوظائف الدينية وسلط جنده على السكان يجردون النساء من حجابهن وجعل من نصوص الدستور أن يكون له تمثال في جميع أنحاء تركيا، وجعل الآذان باللغة التركية، وجعل كتابة اللغة التركية بحروف لاتينية بعدما كانت كتابتها بحروف عربية، وغيرها من الجرائم البشعة التي لا يتجرأ على فعلها الكفار. وهكذا وبكل الحسرة والألم انتهت آخر خلافة للمسلمين من عهد الرسول -صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ- وحتى وقتنا الحالي.

سلاطين الدولة العثمانية قبل تسليم الخلافة من العباسيين.

Previous Post Next Post