أنواع البيئة (أو عناصرها) بما يأتي :
1- البيئة الطبيعية : وهي تلك البيئة التي لا دخل للإنسان في وجودها واستحداثها،  وتتكون من أربعة نظم ترتبط ببعضها البعض ارتباطاً وثيقاً وهي: الغلاف الجوي، الغلاف المائي، اليابسة، والمحيط الحيوي. وهذه المجموعة من العناصر الطبيعية في حالة تغير مستمر، والسمة المتميزة للبيئة الطبيعية والتفاعلات المختلفة بين أنظمتها المتعددة هو أن الإنسان لا يمكن أن يتحكم فيها بل هي تسير وفق نواميس ثابتة من صنع الخالق سبحانه وتعالى، وأثر تدخل الإنسان غالباً ما يكون ضئيلاً  وله آثار ذات مجال محلي.
2- البيئة البشرية أو المستحدثة : ويقصد بها ذلك الجزء من البيئة الذي يتكون من الأفراد والجماعات في شكل تفاعلهم وأنماط النظم الإجتماعية التي يعيشون فيها وجميع مظاهر المجتمع الأخرى، وتشمل النظم والعلاقات التي تحدد أنماط  حياة البشر فيما بينهم سواء كانت سياسية أم اقتصادية أم قانونية، كما تشمل القيم الروحية والخلقية والتربوية وأنماط السلوك الإنساني وتطورها.
وأخيراً وبعد توضيح عناصر البيئة المختلفة لابد من لمحة سريعة عن كيفية التداخل بين هذه العناصر وبين المجتمع البشري حتى تتضح لنا العوامل المحددة لمثل هذا التفاعل.
فالمجتمع الإنساني مرتبط موضوعياً بعناصر البيئة الطبيعية من خلال عملية تبادلية للمواد، من هذه العلاقة يمكن تمييز جانبين لها:
الأولى: علاقة فردية بيولوجية استهلاكية لتبادل المواد.
الثانية: علاقة جماعية انتاجية لتبادل المواد.
في الجانب الأول من العلاقة يظهر الإنسان ككائن بيولوجي يرتبط بعناصر بيئته الطبيعية كسائر الكائنات الحية وتمده البيئة الطبيعية بالعناصر والظروف الملائمة لاستمرار حياته البيولوجية. ويحصل الإنسان على هذه المستلزمات عن طريق استعمال أعضاء جسمه وبدون الإستعانة بأعضاء أو أدوات صناعية.
أما الجانب الثاني من العلاقة التبادلية للمواد فيظهر فيها الإنسان ككائن اجتماعي ينتظم في جماعة معينة هدفها تحقيق أقصى إشباع ممكن لإحتياجات الإنسان الدائمة التجدد والتطور.
والتفاعل أو الإلتحام بين المجتمع الإنساني وعناصر بيئته الطبيعية هنا يتجسد في العملية الإنتاجية. فالمجتمع الإنساني يحدد رغباته وأهدافه المراد تحقيقها في خلال فترة زمنية معينة، وهنا يؤثر في ذلك التحديد عناصر البيئة الإجتماعية (البشرية) ثم يختار المجتمع تلك العناصر من البيئة الإصطناعية التي سوف يستعملها للحصول على إحتياجاته من المواد والقوى والقدرات الطبيعية اللازمة للقيام بإنتاج السلع والخدمات التي يحتاجها للإشباع المباشر أو غير المباشر لإحتياجاته. فالمجتمع الإنساني يستعمل عناصر البيئة الإصطناعية ليستخلص المواد الأولية ومواد الطاقة ويقوم بتصنيعها وتشكيلها الى سلع وخدمات تجدد طريقها الى الإستهلاك، وفي كل مدة من مراحل الإنتاج والإستهلاك تنبعث مخلفات يتم إرجاعها الى البيئة الطبيعية.


مفهوم النظام البيئي Eco system * :
يعد البريطاني آرثر جورج تانسلي A. J. Tansley أول من وضع مفهوم النظام البيئي في عام 1935، وقد عرّفه بأنه ((نظام يتألف من مجموعة مترابطة ومتباينة نوعاً وحجماً من الكائنات العضوية والعناصر غير العضوية في توازن مستقر نسبياً))(1).
كما يمكن تعريفه بأنه عبارة عن (( وحدة بيئية متكاملة، تتكون من كائنات حية ومكونات غير حية متواجدة في مكان معين، يتفاعل بعضها ببعض وفق نظام دقيق ومتوازن في ديناميكية ذاتية، لتستمر في أداء دورها في إعالة الحياة على سطح الأرض))(2).
أما مفهوم النظام البيئي، فقد استعمل عند الجغرافيين المعاصرين الذين ينظرون الى البيئة بوصفها نظام من العلاقات المتداخلة بين القوى البشرية والطبيعية ضمن وحدة متكاملة من التفاعلات المتبادلة بين عناصره.
وتنقسم النظم البيئية من حيث طبيعة العلاقات بين عناصر مكوناتها الى(4):
- نظم بيئية طبيعية Natural Ecosystem : وهي مصفوفة العلاقات بين عناصر البيئة الطبيعية الحية وغير الحية من غير الإنسان.
- نظم بيئية بشرية Human Ecosystem : وهي مصفوفة العلاقات بين الإنسان ومنجزاته وبين بيئته الطبيعية.
وتتميز النظم البيئية كغيرها من النظم بنمطين من الخصائص، وهي الخصائص العامة وتمثل القاسم المشترك بين النظم، والخصائص الخاصة التي تحدد شخصية منطقة الدراسة، فالخصائص العامة تشمل:
1- الطبيعة التبادلية الشمولية للنظم البيئية.
2- التنظيم الهيراركي (الهرمي) Hierarchical Organization.
3- تعاونية النظم Synergistic.
4-  التنظيم الذاتي Selfregulation.
أما الخصائص المميزة فتشمل: 1- العناصر أو المكونات.  2- حالة المكونات. 3- التفاعل بين هذه المكونات.
ويتكون أي نظام بيئي من أربع مجموعات من العناصر المتباينة الخصائص والوظائف(1):
- مجموعة العناصر غير الحية: وتشمل كل عناصر البيئة الطبيعية غير الحية مثل الماء والهواء وحرارة الشمس وضوئها والتربة والصخور بما تضمه من معادن ومصادر وقود وغيرها، ويطلق عليها (المجموعة الأساس)
- مجموعة العناصر الحية المنتجة: وتتمثل في الكائنات النباتية الحية، ويطلق عليها (مجموعة المنتجات).
- مجموعة العناصر  الحية المستهلكة: وتتضمن الكائنات الحيوانية التي تعتمد في غذائها على غيرها، وهي (مجموعة المستهلكات).
- مجموعة العناصر الحية المجهرية: وتتضمن كل من الفطريات والبكتريا التي تقوم بمهمة تحليل المواد العضوي، وهي (مجموعة المحللات).
ونستطيع أن نتبين من الشكل الآتي طبيعة العلاقات المتداخلة بين مكونات النظام البيئي:
شكل رقم (1) العلاقات المتداخلة بين مكونات النظام البيئي





كما يمكن أن يقسم النظام البيئي الى نظم فرعية هي:
1- النظام الفرعي الطبيعي الذي يتضمن عنصرين أساسيين هما:
- الموارد الطبيعية.
- المحيط.
2- النظام الفرعي البشري:
ان دراسة وتحليل أثر السكان في البيئة يتطلب التعرف على ثلاثة أبعاد:
البعد الديموغرافي، والبعد البيولوجي، والبعد السيكولوجي.
وتأتي أهمية النظام البيئي لكونه وحدة الدراسة الأساسية التحليلية لجميع المكونات البيئية، وهو ذو قيمة كبيرة في إدراك مفاهيم البيئة والإدارة البيئية.
ويقودنا الكلام عن مفهوم النظام البيئي الى الكلام عن معنى التوازن البيئي Environmental Equilibrium الذي يعد سر استمرارية قدرة البيئة الطبيعية في استمرارية الحياة على سطح الأرض دون مشكلات تمس الحياة البشرية.
إن الله سبحانه وتعالى عندما خلق الأرض وما عليها خلقها بقدر موزون قال تعالى ((والأرض مددناها وألقينا فيها رواسي وأنبتنا فيها من كل شيءٍ موزون)) سورة الحجر آيـ19ـة ومن المعروف ان عناصر البيئة سواء كانت حية أو غير حية تتفاعل ببعضها البعض في تناسق دقيق يتيح لها أداء دورها بشكل عادي في إعالة الحياة على سطح الأرض، هذا التفاعل يطلق عليه التوازن البيئي، إذن يقصد بالتوازن البيئي ان العوامل المؤثرة على الكائنات الحية يجب أن تكون متعادلة مع قابليتها على التكاثر والإستمرار بالبقاء، فالتوازن البيئي يمثل المحافظة على تراكيب العناصر الطبيعية المهمة لإستمرار الحياة، ويعرف بأنه ((بقاء واستمرارية عناصر مصفوفة البيئة الطبيعية كما خلقت دون أي تغير جوهري يؤثر تأثيراً سلبياً في خصائصها الكمية أو النوعية ووظيفتها))(1)، ويعني هذا التعريف أنه إذا ما تدخل الإنسان في البيئة وأحدث تغييراً جوهرياً في خصائص عناصرها سواء من الناحية الكمية أو النوعية، تضطرب العلاقة بين عناصر النظام ويحدث ما نسميه ((الخلل أو فقدان الإتزان البيئي))، وما ينجم عن هذا الخلل من حدوث الكثير من المشكلات البيئية.
إلا أن هذا النظام بدأ يتعرض مؤخراً الى الإختلال في توازنه بفعل أوجه النشاط الإنساني، إذ أن الإنسان كأحد العناصر البارزة في هذا النظام البيئي، الذي يعبر عن أهم عناصر الإستهلاك على سطح الأرض يترك دائماً أثره في البيئة المحيطة، فمن خلال النمو المضطرد للسكان وزيادة المخلفات المطروحة واستهلاك الموارد استطاع ان يلحق خللاً في التوازن الطبيعي والذي يعرّف بأنه حدوث تغير جوهري في عنصر أو أكثر من عنصر البيئة الطبيعية، بما يؤدي الى اضطراب العلاقات المتوازنة بين هذه العناصر، وما يصاحب هذا الإضطراب من مشكلات بيئية (كما مر سابقاً).
عموماً فإن أهم أسباب الإختلال بالتوازن البيئي الحضري هي:
1- التواجد غير المخطط للمنشآت الصناعية والإنتاجية في المدن وحولها.
2- الاستعمال المتزايد لموارد الطاقة (فحم حجري وغيره) مما يؤدي الى بعض التغيير  في نسب الغازات (وخاصة ثاني أكسيد الكربون) في الجو.
3- التزايد المستمر  لوسائل النقل والمواصلات مما يزيد في استعمال الوقود (بنزين مازوت) ويؤدي الى زيادة نسبة ثاني أكسيد الكربون في الجو وغيرها.
4- الإنتشار الواسع للصناعات الكيمياوية والتحويلية يؤدي الى تزايد كمية المخلفات الصناعية وتراكمها على اليابسة وفي مياه الأنهار والبحار.
5- التكاثر العمراني غير المخطط وقلة المساحات الخضراء في المدن يزيد من مشكلة الغبار في الصيف والسيول في الشتاء.

* استخدم هذا المصطلح Ecosystem لأول مرة عام 1935 من قبل العالم أ. ج. تانسلي A.J. Tansley، و Eco إختصار لكلمة Ecology، وهي تعني دراسة العلاقات بين عناصر البيئة غير الحية والحية، ولكن لم ينتشر استخدام هذا المصطلح إلا في الستينيات من هذا القرن عندما بدأت تبرز المشكلات البيئية، وأصبح التعرف على نظام العلاقة بين العناصر الحية وغير الحية والعوامل التي تحكم هذه العلاقة ضروري لفهم أسباب هذه المشكلات والتعرف على أسس حلها.
(1) علي علي البنا، المشكلات البيئية وصيانة الموارد الطبيعية، دار الفكر العربي، القاهرة،2000،ص167.
(2) زين الدين عبد المقصود، النظام الإيكولوجي: وجهة نظر جغرافية، مجلة الجمعية الجغرافية الكويتية، عدد/42، الكويت،  1982،ص9.
(4) زين الدين عبد المقصود، البيئة والإنسان/ دراسة في مشكلات الإنسان مع بيئته، دار البحوث العلمية، الكويت، 1990، ص66.
(1) زين الدين عبد المقصود، البيئة والإنسان، مصدر سابق، ص66-67.
(1) نفس المصدر السابق، ص69.

Previous Post Next Post