تعريف الاقتصاد الإسلامي
ورد لفظ الاقتصاد في القرآن الكريم والسنة  بمعنى الاستقامة والتوسط والاعتدال وعدم مجاوزة الحد، وعَرَّفَه العز بن عبد السلام ([1]) بأنه " رتبة بين رتبتين، ومنزلة بين منزلتين".
وقد جاء في الكتاب والسنة أحكامٌ متعلقةٌ بالاقتصاد الإسلامي بشكلٍ عام، وأحيانًا إيراد بعض الأحكام التفصيلية. فكل ما يتعلق بالاقتصاد الإسلامي ينبع من الشريعة الإسلامية؛ لذلك يمكن القول بأنَّ الفكر الاقتصادي في الإسلام قديمٌ قِدم الإسلام نفسه، فنصوص القرآن الكريم والسنة المطهرة غنيةً بالأحكام والتوجيهات اللازمة لتنظيم النشاط الاقتصادي ليناسب كل الظروف الزمانية والمكانية ([2]).
والاقتصاد في الإسلام لا ينفصل ولا يتجزأ عن كلية وشمول الإسلام لضروب الحياة المختلفة، وجوانبها العديدة بشريعته وعقيدته على السواء([3]).
وأما ما يتعلق بالاقتصاد بمعنى الاعتدال والتوسط في التعامل مع الثروة المادية فقد جاء في أكثر من آية، ومنها قوله تعالى: )وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيراً( [الإسراء/ 26]. وقال تعالى: )وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً([الإسراء/29]،
و جاء في السنة أحاديث تدل على أهمية الاعتدال والتوسط في التعامل مع الثروة المادية ومن ذلك قول النبي e: [كُلُوا وَاشْرَبُوا وَالْبَسُوا وَتَصَدَّقُوا في غَيْرِ إِسْرَافٍ ولا مَخِيلَةٍ]، وقال ابن عَبَّاس رضي الله عنهما : كُلْ ما شِئْتَ وَالْبَسْ واشرب ما شِئْتَ ما أَخْطَأَتْكَ اثْنَتَانِ سَرَفٌ أو مَخِيلَةٌ([4]). وفي هذا الحديث دعوة إلى الاقتصاد في التعامل مع الثروة المادية الخاصة، وأما الثروة العامة فقد جاء [أنَّ النبي e مَرَّ بِسَعْدِ (ابن أبي وقاص) وهو يَتَوَضَّأُ فقال: ما هذا السَّرَفُ يا سَعْدُ. قال: أفي الْوُضُوءِ سَرَفٌ. قال: نعم وان كُنْتَ على نَهَرٍ جَارٍ ([5])]، وفي هذا الحديث دعوة إلى الاعتدال والتوسط في التعامل مع الثروات، ولو كانت ثروة مشاعة (عامة) كمياه الأنهار.
واختار في تعريف الاقتصاد الإسلامي ما عُرَّفَته به الموسوعة العلمية والعملية للبنوك الإسلامية بأنه: "علمُ وسائلِ استخدام الإنسان لسد حاجات الفرد والمجتمع الدنيوية طبقًا لمنهجٍ شرعيٍ محدد([6])".

العدالة الاجتماعية في الاقتصاد الإسلامي
صورتها وحدودها ومقاربتها مع التنمية والاقتصاديات الأخرى
المطلب الأول : تحقيق العدالة كهدف في الاقتصاديات المختلفة.
العدالة تُمثل هدفاً مشتركاً لكل الأنظمة الاقتصادية، ولكن تختلف دلالة مفهوم العدالة من فكر اقتصادي إلى آخر، فقد تَدُلُ على تساوي دخول جميع الأفراد، أو حصول كل فرد على دخله اعتمادًا على حاجته، وقد تكون تبعاً للفروق الطبيعية في قدرات الأفراد، ولكن لتحقيق أنَّ العدالة هي هدف مشترك علينا الرجوع أولاً إلى مكانة هذا الهدف في بنية النظام الاقتصادي، وثانيها: هل يحقق هذا النظام العدالة؟ وهل أدوات تحقيق العدالة جزء من أصل النظام أم مفروضة عليه من خارجه؟.

[1] - قواعد الأحكام في مصالح الأنام، عز الدين العز بن عبد السلام السلمي، دار القلم – دمشق، ط 1، 1421هـ- 2000م، تحقيق: نزيه كمال حماد وعثمان جمعة ضميرية، ج2/ص340.
-[2] مدخل للفكر الاقتصادي في الإسلام، سعيد مرطان، مؤسسة الرسالة، ط 1، 1406هـ-1986م، ص47.
-[3] أصول الاقتصاد الإسلامي. عبد الحميد محمود البعلي. دار الراوي – الدمام. ط 1. 1421هـ 2000م ، ص 21.
[4]- صحيح البخاري ، (ج5 /ص2181). والنسائي (5/79، رقم 2559). وصححه الحاكم (4/150، رقم 7188).
[5]- مسند أحمد، (ج2/ص221، رقم7065). وابن ماجة (ج1/ص147، رقم425). وضعفه الألباني في الإرواء (ج1/ص171، رقم140). وقال صاحب مرقاة المفاتيح: سنده حسن. انظر: مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح، علي بن سلطان القاري، دار الكتب العلمية - بيروت، ط 1، 1422هـ - 2001م، تحقيق: جمال عيتاني، ج2/ص122.
[6]- الموسوعة العلمية والعملية في البنوك الإسلامية، الأصول الشرعية والأعمال المصرفية في الإسلام، الاتحاد الدولي للبنوك الإسلامية والمعهد الدولي للبنوك والاقتصاد الإسلامي- القاهرة، 1982م، ج5، الجزء الشرعي، المجلد الأول، ص82.

Previous Post Next Post