حـيـاة الإنـسـان عـبـارة عـن تـفـاعـل مـع كـل مـا يـحـبـط بـه، وهـذا يـتـطـلـب مـنـه مـعـرفـة الـبـيـئـة يـهـدف الـتـكـيّـف مـعـهـا وحـمـايـة نـفـسـه مـن مـخـتـلـف الأخـطـار
وحـتـى يـتـمـكّـن الإنـسـان مـن مـعـرفـة الـبـيـئـة، لا بـدّ مـن الانـتـبـاه والـتّـركـيـز إلـى مـا يـهـمّـه فـيـهـا، وإدراك ذلـك بـالـحـواس، وهـو مـا يـجـعـلـنـا نـقـول أن الإنـتـبـاه والإدراك الـحـسـي هـمـا الـخـطـوة الأوّلـيـة فـي إتصـال الـفـرد بـالـبـيـئـة والـتـكـيّـف مـعـهـا وهـمـا أسـاس سـائـر الـعـملـيـات الـعـقلـيـة الـتذكـرة الـتّـخـيّـل الـتـعـلّـم والـتـفـكـيـر ...إلـخ
ولـلإدراك عـلـى وجـه الـخـصـوص عـلاقـة وثـيـقـة بـسـلـوك الإنـسـان فـيـه تـتـفـاعـل ونـسـتـجـيـب لـلـبـيـئـة كـمـا هـي لاكـمـا فـي الـواقـع، ولكن كـمـا نـدركـهـا؟ وإذن فـسـلـوكـنـا يـتـوقّـف عـلـى كـيـفـيّـة الإدراك لما يـحـيـط بـنـاء وهـو مـا يـجـعـل إدراك الـكـبـار يـخـتـلـف عن إدراك الـصغار (عـدم خـوف الأطـفـال مـن مـوضـوع مّـا، قـد تـخـاف مـنـه نحن الـكـبـار)
إذن هـنـاك عـلاقـة بيـن الإدراك والـسّـلوك، كـمـا تـوجـد أيـضـا صـلـة وثـيـقـة بـيـن الإدراك لـمـا يـرغـب فـيـه الـنـاس يـؤدي إلـى عـدم الـتّـوافـق الاجـتـمـاعـي فـعـلاقـة الإدراك بـالانـتـبـاه هـي الـتـي تـجـعـلـنـا نـصـدر أحـكـامـنـا عـلـى مـن يـضـطّـرب عـندهـم الإدراك الـحـسّـي (الـمرض العقلـي)، لـكـنّ الإشـكال الـذي يـطـرح نـفـسـه هـو فـي :
الـفرق بـيـن الإحـسـاس والإدراك؟


1 – الـتـمـيـيـز بـيـن الإحـسـاس والإدراك :

أنـا جـالـس وراء مـكـتـبـي يـدق الـبـاب مـاذا يـحـدث؟
تـحـدث اهـتـزازات فـي الـجـوّ يـنـقـلـهـا الأثـيـر إلـى أذنـى فـتـحـدث أثـرا عـلـى الأعـصـاب الـسـمـعـيـة فـنـنـقـلـه هـذه الأعـصــاب إلـى الـمـراكـز الـدّمـاغـية، وهـنـا تـتـوقّـف عـمـلـيـة الإحـسـاس.
إنّ شـمّ الـروائـح، واسـتـمـاع الأصـوات، وتـذوّق الـطّـعـوم، كـلّـهـا إحـسـاسـات، ولـيـسـت إدراكـات، لأنـهـا لـم تـبـلـغ درجـة الـمـعـرفـة بـعـد، ولـم يـتـم ربـطـهـا بـخـيـرات مـاضـيـة، حـيـنـمـا يـكـلـمـك شـخـص مّـا بـلـغـة لا تـعـرفـهـا فـأنـت تـحـس بـأصـواتـه لـكـنّـك لا تـدرك مـا يـقـول.
وعـلـيـه فـالإحـسـاس يـشـيـر فـقـط إلـى مـجـرد تـأثـيـر الـتّنـبـيـهـات عـلـى أعــضـاء الـحـس، أو مـجـرّد ردّ فـعـل عـضـوب واع نـاتـج عـن إثـارة الـعـضـو الـحـسّـي، إنـه ظـاهـرة أوّلـيـة بـسـيـطة.
أمـا الإدراك فـهـو واقـعـة نـفـسـيـة مـركّـبة ومـعـقّـدة، تـتـدخـل فـيـهـا عـوامـل عـديـدة كـالـذاكـرة، الـتـخـيّـل، الـذّكـاء، والـخـبـرات الـمـاضـيـة، والـحـكـم الـعـقـلـي ويـتـنـاول الأشـيـاء مـوضـوعـة فـي الـزمـان والـمـكـان، بـالإضـافـة إلـى اعـتـمـاده عـلـى الـحـواس.
إذن فـالإدراك عـمـلـيـة عـقـلـيـة تـقـوم بـتـأويـل الإحـسـاسـات وتـحـويـلـهـا إلـى مـعـرفـة واسـتـغـلال هـذه الـمـعـرفـة فـي عـمـلـيـة الـتـأقـلـم والـتـكـيّـف، إنـه عـقـلـي خـالـص ومـنـظـم.
يـقـول "لالانـد Lalande" الإدراك هـو الـفـعـل الـمـنـظـم الـذي يـنـظـم بـه الـفـرد إحـسـاسـاتـه الـحـاضـرة مـبـاشـرة، ويـفـسّـرهـا ويـكـمـلـهـا بـصـورة وذكـريـات ويـبـعـد عـنـهـا قـدر الإمـكـان طـابـعـهـا الإنـفـعـالـي أو الـحـركـي مـقـابـلا نـفـسـه بـشـيء يـراه بـصـورة عـفـويّـة مـتـمـيّـزا عـنـه ووقـعـيّـا ومـعـروفـا لـديـه فـي الآونـه الـراهـنـة.

اسـتـنـتـاج :
إنّ الإحـسـاس عـمـلـيّـة فيزيولوجية أسـاسـا، تـجـري عـلـى مـسـتـوى الأعـصـاب الـتـي وقـعـت عـلـيـهـا الـمـثـيـرات الـخـارجـيـة.
أما الإدراك فـهـو عـمـلـيّـة ذهـنـيـة يـتـدخـل فـيـهـا الـحـاضـر بـمـعـطـيـاتـه الـحـسـيـة والـمـاضـي بـصـوره وذكـريـاتـه وبـهـذيـن الـنـوعـيـن مـن الـتـدخـل تـكـتـسـب الـمـعـطـيـات الـحـسـيـة مـعـنـى خـارج الـذات مـن حـيـث هـي أشـيـاء مـقـابـلـة لـلـذات.


2 – الـعـوامـل الـمـسـاعـدة عـلـى الإدراك :

ا – الـعـوامـل الـمـوضـوعـيّـة :
وهـي جـمـلـة مـن الـعـوامـل مـسـتـقـلـة عـن الـذات تـجـعـل الأشـيـاء مـثـيـرة للانـتـبـاه وهـذه بـعـضـهـا كـمـا حـدّدهـا الـجـشـطـالـيـون :
أولا : عـامـل الـتـقـارب :
الأشـيـاء الـمـتـقـاربـة تـتـقـدم لـلـمـدرك كـأنـهـا صـيـغـة واحـدة.
ثـانـيـا : عـامـل الـتـشـابـه :
 الـمـثـيـرات الـمـتـشـابـهـة فـي الـلـون أو الـشـكـل  أو الـحـجـم أو اتـجـاه الـحـركـة، تـدرك عـلـى أنـهـا صـيـغ أو أشـكال مـسـتـقـلـة لأنّ عـامـل الـتـشـابـه يـجـعـلـهـا تـسـتـدعـي بـعـضـهـا الـبـعـض كـمـا فـي الـشـكـل الـتـالـي :
هـنـا نـمـيـل إلـى إدراك الـخـطـوط وحـدهـا والـنـقـاط وحـدهـا.
ثـالـثـا : عـامـل الـمـصـيـر الـمـشـتـرك X هـذان الـخـطـان يـسـهـل إدراكـهـمـا كـخـطـيـن مـنـحـنـيـيـن ويـصـعـب إدراكـهـمـا كـخـطـيـن مـنـكـسـريـن.
رابـعـا : عـامـل الـصـيـغـة الـفـضـلـي : -        هـذا الـخـط نـمـيـل إلـى إدراكـه كـدائـرة أفـضـل لأن شـكـل الـدائـرة أفـضـل مـن هـذا الـمـنـحـنـى غـيـر الـمـغـلـق.
ب  - الـعـوامـل الـذاتـيـة :
 لا يـتـوقـف الإدراك عـلـى الـعـوامـل الـمـوضـوعـيـة ومـدهـا كـمـا زعـم الـجـيـشـطـالـتـيـون بـل تـتـدخـل فـيـه الـذات بـدورهـا ومـن الـعـوامـل الـذاتـيـة نـجـد :
أولا : الـخـبـرة الـمـاضـيـة : وهـي جـمـع مـا لـدى الإنـسـان مـن تـجـارب وخـبـرات فـي الـمـوضـوع الـمـحـسـوس، فأنـت حـيـن تـرى الـبـخـار يـتـصـاعـد مـن كـأس الـقـهـوة تـدرك أنـهـا سـخـنـة.
ثـانـيـا : الـحـالـة الـنـفـسـيـة الـراهـنـة : إن حـالات الإنـسان مـن انـفـعـال أو هـدوء أو غـيـرهـمـا تـؤثـر فـي كـيـفـيـة إدراكـه فـهـنـاك فـرق بـيـن إدراك الـشـبـعـان وإدراك الـجـوعـان لـلـرغـيـف الـواحـد.
ثـالـثـا : درجـة الإنـتـبـاه : إن الانـتـبـاه شـرط أسـاسـي لـلإدراك، فـالـغـافـل أو الـنـائـم لا يـدرك مـا حـولـه كـالـمـنـتـبـه، وكـلـمـا كـان الإدراك أكـثـر شـدة ويـقـظـه وشـمـولا كـأن أقـرب إلـى الـصّحـة.


3 – طـبـيـعـة الإدراك :

أ – الـنـظـريـة الـذهـنـيـة :
 يـمـيّـز "ديـكـارت  Descartes  . R 21 آذار 1596" بـيـن الأفـكـار الـتـي هـي أحـوال نـفـسـيـة مـوجـودة فـي الـذات وبـيـن الأشـيـاء الـتـي هـي امـتـداد لـهـا، إن إدراك الـشـيء الـمـمـتـد لا يـكـون إلاّ وفـق أحـكـام تـضـفـي صـفـات الـشـيء وكـيـفـيـاتـه الـحـسـيـة وعـلـيـه فـإن الإدراك عـمـلـيـة عـقـلـيـة ولـيـسـت حـسـيـة
وقـد ذهـب "بـاركـلـي Berkeley 1685 – 1753 مـثـالـي ذاتـي" إلـى الـقـول أن "تـقـديـر مـسـافـة الأشـيـاء الـبـعـيـدة جـدا لـيـس إحـسـاسـا بـل هـو إحـسـاس عـقـلـي يـسـتـنـد أسـاسـا عـلـى الـتـجـربـة" ويــؤكــد مـــن جـهـة أخـرى أن " الأكـمـه" فـي حـالـة اسـتـعـادة الـبـصـر إثـر عـمـلـيـة جـراحـيـة لا يـتـوفـر عـلـى أيّـة فـكـرة عـن الـمـسـافـة الـبـصـريـة، فـكـل الأشـيـاء الـبـعـيـدة والـقـريـبـة بـالـنـسـبـة إلـيـه تـبـدو وكـأنـهـا مـوجـودة فـي الـعـيـن بـل فـي الـفـكـر، وقـد أثـبـت ذلـك الـجـراح الأنـقـلـيـزي شـيـزلـنـدن Sheselden  فـيـمـا بـعـد.


نـقـد :
 لـقـد أهـمـلـت هـذه الـنـظـريـة الـجـانـب الـمـوضـوعـي فـي عـمـلـيـة الإدراك، فـالـعـالـم لـيـس مـا نـفـكـر فـيـه، وإنـمـا الـعـالـم هـو هـذا الـذي نـحـيـاه ونـعـيـشـه ونـتّـصـل بـه ونـتـفـاعـل مـعـه، فـنـحـن نـدركـه فـي الـوقـت الـذي نـحـسـه.

ب – الـنـظـريـة  الـجـشـطـالـتـيـة :
تـرى هـذه الـنـظـريـة أن الإدراك والإحـسـاس شـيء واحـد فـهـو اسـتـجـابـة كـلـيـة لـمـا تـغـرضـه عـلـيـنـا الـبـيـئـة مـن سـلـوك اتـجـاهـهـا، وعـلـيـه فـإن عـمـلـيـة الإدراك لا تـعـطـي الـصـور الـذهـنـيـة لـلـمـعـطـيـات الـحـسـيـة عـن طـريـق الـعـقـل، وإنـمـا نـدرك الـمـوضـوعـات فـي الـمـجـال الـعـقـلـي فـي صـورة صـيـغ تـفـرض عـلـيـنـا الانـتـبـاه لـهـا دون والـنّـتـيـجـة مـن كـلّ هـذا هـي أن الـعـالـم الـخـارجـي يـوجـد عـلـى شـكـل مـنـظـم وفـق قـوانـيـن مـعـيّـنـة، وعـوامـل خـارجـيّـة مـوضـوعـيّـة، كـالتـي أشـرتـا إلـيـهـا فـي الـسـابـق فـي فـقـرة الـعـوامـل الـمـسـاعـدة عـلـى الإدراك.

مـنـاقـشـة :
أهـمـلـت هـذه الـنـظـريـة دور الـعـوامـل الـذاتـيـة وجـعـلـت مـن عـقـل الإنـسـان مـجـرّد جـهـاز اسـتـقـبـال سـلـبـي، وإذا كـانت الذ{ات لا تـتـدخـل فـي عـمـلـيـة الإدراك فـكـيـف نـفـسّـر اخـتـلاف الـنـاس فـي إدراك الـشـيء الـواحـد؟ وكـيـف نـفـسـر الـخـلـل الـذي يـطـرأ عـلـى الإدراك إذا أصـيـب الـجـهـاز الـعـصـبـي لـلإنـسـان بـإصـابـة مّـا، ولـمـاذا لا نـدرك الأشـيـاء الـتـي لا تـنـتـبـه إلـيـهـا؟
وكـيـف يـمـكـن لـلإنـسـان أن يـدرك شـيـئـا إذا لـم يـكـن قـادرا عـلـى الأقـل عـلـى الـتـمـيـيـز بـيـن ذاتـه الـتـي تـدرك والـمـوضـوع الـمـدرّك.

جـ - الـنـظـريـة الـظّـواهـريّـة :
يـعـتـقـد أصـحـاب هـذه الـنـظـريـة أن الـشـعـور هـو الـذي يـبـنـي الـمـدركـات ويـنـظـمـهـا، ولذلـك فـهـو يـدعـونـنـا إلـى ضـرورة الاكـتـفـاء بـوصـف مـا يـظـهـر لـلـشـعـور قـصـد الـكـشـف عـن الـمـعـطـى دون أي اعـتـمـاد على فـروض أو نـظـريّـات سـابـقـة مـثـل فـكـرة الـجـوهـر عـنـد "ديـكـارت" وفـكـرة الـمـكـان عـنـد "كـانـط" وغـيـرهـمـا.
وهـكـذا فـالإدراك عـنـدهـم هـو امـتـلاك الـمـعـنـى الـدّاخـلـي لـلـشـيء اـمـحـسـوس، قـبـل إصـدار الـحـكـم، إنـه مـفـهـوم عـقـلـي كـمـا يـقـول "مـيـرلـويـونـتـي" وتـجـربـة حـيـويـة، ولـذلـك نـجـد الإدراك دائـمـا غـيـر تـام بـدون تـجـربـة ولا يـتـمّ إلاّ بـالانـتـبـاه ويـكـون مـضـطّـربـا فـي حـالات الإنـفـعـال.



مـنـاقـشـة :
إنّ ردّ الـمـعـرفـة إلـى  وظـيـفـة الـشّـعـور يـصـعـب مـعـه الـتـمــيّـيز بـيـن الـشـعـور ومـوضـوعـاتـه مـا دام الـشـعـور هـو دائـمـا شـعـور بـشـيء
د – الـنـظـريّـة الـعـضـويّـة :
يـمـثّـل هـذه الـنـظـريـة كـلّ مـن "ورنـر Werner" و"ويـنـر Wapner" ويـؤكّـدان أنّ إدراك الـمـكـان لا يـتـمّ إلاّ بـتـظـافـر الـعـوامـل الـذّاتـيـة والـعـوامـل الـمـوضـوعـيّـة وقـد اعـتـمـدت عـلـى مـسـلّـمـات وهـي :
- الـتّـطـابـق بـيـن الـذات الـمـدركـة وشـدة المـنـبـّه
- الـتّفـاعل بـين الـتّـأثـير الـصّـادر عن الـمـوضوع والتأثـير الصّادر عـلى الـذّات
يـتّـضـح مـن هـذه الـنـظـريّـة الـطّـابـع  الـتّـكـامـلـي فـي عـمـلـيـة الإدراك، فالعوامـل الـذّاتـيـة والـمـوضـوعـيـة أسـاسـيـة فـي عـمـلـيـة الإدراك.


4 – إدراك الـمـعـانـي والـتّـجـربـة :

كـيـف يـكـتـسـب الإنـسـان الـمـعـانـي؟
الـمـعـروف أنّ عـمـلـيـة الاكـتـسـاب تـبـدأ مـنـذ الـطـفـولـة الأولـى مـثـل طـاولـة، راديـو . . . إلـخ وكـل كـلـمـة مـن هـذه الـكـلـمـات تـحـمـل مـعـنـى شـامـلا يـنـطـبـق عـلـى الـصـنـف أو الـنـوع فـمـاهـي خـطـوات الـتّـعـلّـم واكـتـسـاب الـمـعـانـي؟
أ – الإدراك الـحـسـي :
 يـمـكّـن الإنـسـان مـن إدراك الأشـيـاء كـأفـراد وجـزيـئـات.
ب – الـتـمـيّـيـز والـمـوازنـة :
 بـهـذه الـطـريـقـة يـمـيـز الإنـسـان مـثـلا بـيـن أفـراد الـقـطـط وأفـراد الكـلاب بـعـد إدراك الـصّفـات الـمـشـتـركـة.
جـ - الـتـجـريـد :
 وهـي عـمـلـيـة عـزل الـصّـفـات الـمـشـتـركـة بـيـن صـنـف مـن الأشـيـاء وتـركـيـز افنـتـبـاه حـولـهـا دون غـيـرهـا.
د – الـتـمـيـيـز :
 إن أيّـة فـكـرة مـجـرّدة مـن عـنـاصـرهـا الـسـابـقـة (الـبـيـاض مكـثـلا) لا تـنـطـبـق فـقـط عـلـى هـذه الـعـنـاصـر، وإنـمـا تـنـطـبـق عـلـى كـلّ شـيء سـواء وقـع تـحـت الـبـصـر أم لا، أو وجـد فـي الـمـاضـي أو الـحـاضـر أو الـمـسـتـقـبـل، فـالـتّـعـمـيـم يـتـجـاوز الـتـجـربـة الـرّاهـنـة إلـى الـتـجـربـة الـمـمـكـنـة.
إذن فـالـتـجـريـد والـعـمـيـم هـما قـوام الـعـقـل الـنـظـري وهـذا يـعـنـي أن الـعـقل هـو الـذي يـنـشء الـمـفاهـيم، ولـكن هـل يـكـفي الـعقل وحده؟ ومـن أيـن يـسـتـمد هـذه الـمـفـاهـيـم؟
- الـعـقـل والأشـيـاء :
تـجـربـة الـعـقـل مـع الـواقـع تـوضـح أنّ ردّ الـفـعـل يـخـتـلـف مـن سـيء إلـى آخـر (الـجوع – الـعـطـش) وتـكـرار الـعـملية هـو نـوع مـن الـتـجريد ولذلك قيل : " الـعادة نوع مـن الـتـجريـد"
- الـلّـغة :
 الـلّـغة أداة تـجـريـد وتـصـنـيـف تـلـعـب دورا هـامـا فـي تـكـوّـن الـمـعـانـي لـلإحـتـفـاظ بـهـا ولـلإسـتـفـادة كـل شـيء، تـصـبّ فـيـهـا الـمـعـانـي للإحـتـفـاظ بـهـا وللاسـتـفـادة مـنـهـا. وهـكـذا يـتّـضـح أن عـوامـل تـكـويـن الـمـعـانـي هـي :
الـتـجـربـة – الـعـمل – الـلّـغة – المجتمع – الـعـقـل.
مـصـطـلـحـات :
أ – الـتـجـريـد :
 هـو ذلـك الـجـانـب او الـنـوع مـن الإدراك الـذي يـعـزل ذهـنـيـا خـصـائـص الـشـيء أو الـعـلاقـات بـيـن خـصـائـصــه عـن الأشـيـاء الأخـرى، ويـطـلـق تـعـبـيـر الـتّـجـريـد عـلـى جـمـيـع مـراحــل الـعـمـلـيـة ونـتـائـجـا، وأحـيـانـا يـكـون مـن الـضـروري إغـفـال بـعـض إمـكـانـيـات الإنـسـان الـذّاتـيـة، وعلى هذا فإن الـتـصوّرات والـمقولات المخـتـلفة (الـمادة – الـحركـة – الـقـيـمـة) هـي نـتـائـج الـتـجـريـد، ومـن الـمـحـتـم أن يـرتـبـط الإدراك بـعـمـليـة الـتـجـريـد.
الـمـرجـع : الـموسـوعة الـفـلـسفـية.

ب – الـمـعـانـي :
نـوعـان : سيـكولوجـية ومنـطـقية فـما هو الـفـرق بـيـنـهـما؟
1 – الـمعـنى الـسـيكولوجي : هـو مـعـنـى ذاتـي خاص بـالـشـخص ذاته، يـتـأثـر بـصـوره الـحـسـيّـة ومـشـاعـره وذكـريـاته.
2 – الـمـعـنى الـمـنـطـقي : وهـو الـمـعـنى الـذي يـحاول الـعـلم تـحـديـده وهـو مـوضـوعـي يـحدّد بـطـرق عـلـمـيـة، والـمـعـنى يـرتـبط بـطـبـيـعة الـعـلـم ذاتـه، فـالـفـزيـاء تـحـدد مـعـنـى الـحـرارة، وعـلـم الـنّـفس يـحدّد مـعـنى الإحـسـاس والإدراك ...إلخ.
5 – أسـئـلـة الـتـصـحـيـح الـذاتـي :

عـد غلـى الـمـحـور وحـاول :
1 – الـتـمـيـيـز بـيـن الإحـسـاس والإدراك.
2 – صـلـة الإدراك بـمـخـتـلـف الـوظـائـف الـسـيـكـولـوجـيـة.


6 – أجـوبـة الـتـصـحـيـح الـذاتـي :

1 – الإحـسـاس : عـمـلـيـة نـفـسـيـة تـنـقـل مـخـتـلـف الـتأثـيرات الـتي تـتـلـقـاهـا الـحواس مـن الـعالم الـخارجـي إلـى الـمـراكـز الـعـصـبـيـة.
الإدراك : عـمـلـيـة نـفـسـيـة مـعـقّـدة تـسـاهم فـيـها مـخـتـلف الـوظـائـف الـسـيـكـولـوجـيـة كـالـتـذكـر، الـتـخـيـل، الـتـصـوّر الـحـكـم الـعـقـلـي.
يـتّضـح أن الإحـسـاس هـو الـمـعـطـي الأوّلـي للإدراك وهـو أداة لـلـتّـمـيـيز بـيـن الإدراك والـتّذكـر، والإدراك يـمرّ بـمـراحـل هـي :
- الـمـرحلـة  الـفـيـزيـائـية – الـمـرحلـة الـفـيـزيولـوجـية – الـمرحلة النفسـية.

2 – للإدراك صـلـة وثـيـقـة بـالـوظـائـف الـسـيـكـولـوجـيـة وهـي :
أ – عـلاقـة بـالذاكـرة : الإدراك تـعـرّف، بـمـعـنى أن الـمـوضـوع يـدرك عـلـى ضـوء الـتجارب الـسابـقة، واسـتـخدام هـذه الـتـجارب يـتطلـب تـذكـرّهـا.
ب – عـلاقة بـالتـخـيّـل : يـمـيـل الإنـسـان إلـى إدراك الـمـوضـوع فـي صـورتـه الـنـهائـية رغـم الـثـغرات والـنـقائـص وتـسدّ هـذه الـثـغرات يـتـم عـن طـريق الـتـخـيل.
جـ - عـلاقـتـه بـالـذكـاء : يـدرك الـمـوضوع إمّـا بـالـمـقـارنـة أو بـالـرجـوع غلـى الـمـاضـي لـلـكـشـف عـن الـعلاقات بيـن الأجـزاء، فـكـلـما اسـتـطاع الإنـسـان الـكـشف عـن هـذه العلاقـات كلـمـا كـان ذكـيـا.
الـــــذاكـــــرة

الأهـدف:
مـعـرفـيّة :  الـتّـعـرف عـلـى طـبـيـعة الـمدركـات فـي الـزمان
سـلوكـيّة :  إكـتـسـاب الـقـدرة عـلـى الـتـحـصـيل ومـعـرفـة أسـباب النـسـيان.
الـمـراجـع :
- 1 – عـلـم الـنـفـس             جـمـيـل صـلـيـبـا
-2 – كـتـاب الـفـلـسـفـة      الـعـراق
-3- كـتـاب الـفـلـسـفـة      لـطـلاب الـبـكـالـوريـا (الجـزائـر).
Previous Post Next Post