إبعاد عديمي الجنسية من البلاد

أولاً: المحكمة الاتحادية العليا:
استقر قضاء المحكمة الاتحادية العليا على حظر إبعاد عديمي الجنسية عن البلاد، وفي ذلك قضت المحكمة الاتحادية العليا في الطعن رقم (170) لسنة 25 قضائية بتاريخ 18/9/2004 بأنه: " وإن كانت المادة 63 من القانون 14/95 في شأن مكافحة المواد المخدرة والمؤثرات العقلية تنص على أنه (بالإضافة إلى العقوبات المنصوص عليها في هذا القانون يحكم بإبعاد الأجنبي الذي حكم بإدانته في إحدى الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون ) إلا أنه قد استقر قضاء هذه المحكمة على أن: ( عقوبة الإبعاد لا تسلط إلا على من له بلد آخر يمكن إبعاده إليه. أما من لا يحمل جنسية أي دولة فإنه يستحيل إبعاده. إذ لا يوجد له بلد آخر سوى المكان الذي استوطن فيه بالدولة)....، ولما كان الأمر بالإبعاد في هذه القضية يستحيل تنفيذه لعدم وجود جنسية للطاعن مما يتعذّر معه نفيه لأية دولة أخرى ويستحيل معه تنفيذ حكم الإبعاد في حقه كتدبير مقيّد للحرية عملاً بالمادة 110/5 عقوبات وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون معيباً بما يوجب نقضه جزئياً في هذا الخصوص".

كما قضت المحكمة الاتحادية العليا بأن:  " الثابت من تحقيقات النيابة العامة ومن محاضر الشرطة أن المطعون ضده الثاني... بدون جنسية وقد أحالته النيابة العامة إلى المحكمة بهذه الصفة فأوردت في أمر الإحالة أنه بدون جنسية كما أنه أثبت أمام المحكمة أنه ولد في هذا البلد فأتضح من ذلك كله أن ليس له بلد آخر يمكن إبعاده إليه. ومعلوم أن عقوبة الإبعاد المنصوص عليها في المادة (121) من قانون العقوبات إنما يتصور توقيعها على أجنبي له جنسية بلد معين يمكن إبعاده إليه، أما من لا يحمل جنسية دولة معينة فإنه يستحيل إبعاده إلى أي دولة أخرى ومن المقرر أنه لا تكليف بمستحيل. لما كان ذلك وكان الثابت من أوراق الملف أن المطعون ضده الثاني بدون جنسية فإن عقوبة الإبعاد في خصوص التهمة المنسوبة إليه تكون غير واردة بحقه وتكون المحكمة المطعون في حكمها بإسقاطها لهذه العقوبة عنه قد أصابت الصواب وحكمت طبقاً لما هو ثابت بالأوراق. ومن ثم يكون الطعن برمته غير قائم على أساس ويجب لذلك رفضه".

وفي حكم آخر، تؤكد المحكمة الاتحادية العليا أن: " الذي استقر عليه قضاء هذه المحكمة أن عقوبة الإبعاد لا تسلط إلا على من له بلد آخر يمكن إبعاده إليه أما من لا يحمل جنسية أية دولة فانه يستحيل إبعاده إذ لا يوجد بلد يقبله. لما كان ذلك وكان الثابت من أوراق الملف أن النيابة العامة صرحت في أمر الإحالة الذي أحالت بموجبه المطعون ضدهما إلى المحكمة أنهما لا يحملان أوراقا لإثبات الشخصية (لا جنسية لهما) وثبت ذلك أيضا خلال مختلف التحقيقات معهما كما ثبت أنهما ولدا في هذه الدولة وظلا يقيمان فيها حتى الآن فإن الحكم المطعون فيه الذي قبل استئنافهما للحكم القاضي عليهما بالجلد والإبعاد وحذف عقوبة الإبعاد عنهما بسبب عدم وجود أوراق لإثبات الشخصية عندهما يكون قد أصاب في تطبيق القانون ولم يخطئ فيه ومن ثم يكون النعي بلا أساس ويتعين رفضه".

وكذلك في حكم آخر، قضت المحكمة الاتحادية العليا أنه: " لما كانت المادة الأولى من القانون رقم 6 لسنة 73 المعدل بالقانون رقم 13 لسنة 96 بشأن تنظيم دخول وإقامة الأجانب نصت على أنه (يعتبر أجنبياً في حكم هذا القانون كل من لا يتمتع بجنسية دولة الإمارات العربية المتحدة) والثابت من الأوراق وما قرره الحكم في أسبابه من أن المطعون ضده بدون جنسية أي لا يحمل جنسية دولة الإمارات العربية المتحدة ومن ثم فهو أجنبيا وفقا لأحكام قانون تنظيم دخول وإقامة الأجانب وتسري في حقه جميع العقوبات والأوامر الواردة به ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون إذ قضى ببراءة المتهم من الجرائم المسندة إليه. أما عن أمر الإبعاد فإن المستقر في قضاء هذه المحكمة هو وجوب إصداره إلا إذا تبين للمحكمة من واقع الدعوى عدم انتماء الأجنبي إلى بلد معين يمكن إبعاده إليه، وفي هذه الحالة يتعذر إصدار أمر بالإبعاد لاستحالة تنفيذه وإذ لم يرد في مدونات الحكم ما يشير إلى أن المطعون ضده ليس له بلد يبعد إليه فإنه يكون معيباً بالقصور في الأسباب بما يتعين معه نقضه".[1]

ثانياً: محكمة تمييز دبي:
استقر قضاء محكمة تمييز دبي على جواز إبعاد عديمي الجنسية عن الدولة، وجاء تطبيقاً لذلك حكم محكمة تمييز دبي في الطعنين رقمي (40)، و(42) لسنة 1992 قضائية الصادران بتاريخ 24/10/1992، والذي قضى بأنه: " نصت المادة (121) من قانون العقوبات أن إصدار أمر إبعاد الأجنبي المدان في جناية واقعة على العرض وجوبي وليس أمراً متروكاً لتقدير المحكمة، وإذا خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وساير الحكم الابتدائي بعدم إصدار أمر بإبعاد المتهمة المميز ضدها حال أنها قد أدينت وحوكمت تحت طائلة المادة (365) من قانون العقوبات تأسيساً على أنها قد (قررت أنها في سبيلها للحصول على الجنسية .. ). والمراد بالأجنبي هو الشخص (الذى يحمل جنسية دولة أخرى، أما عن أولئك الذين اصطلح على القول عنهم أنهم بدون جنسية والمقيمين على الدوام بدولة الإمارات وارتبطوا بها ارتباطاً وثيقاً فإنه لا يمكن اعتبارهم في حكم الأجنبي في مفهوم المادة 121 عقوبات)، وإذ كانت الأسباب التي ساقها الحكم المطعون فيه في هذا الشأن لا أساس لها في القانون فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون في هذا الصدد بما يوجب نقضه" .

كما قضت محكمة تمييز دبي في حكم آخر بأن: " النص في المادة الأولى من القانون رقم 6 لسنة 1973 في شأن الهجرة والإقامة على أنه "يعتبر أجنبياً في حكم هذا القانون كل من لا يتمتع بجنسية دولة الإمارات العربية المتحدة" مؤداه – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن من لا جنسية له يعتبر أجنبياً لأنه لا يحمل جنسية دولة الإمارات ومن ثم فإن الطاعن إذ لم ينازع في أنه لا يتمتع بجنسية هذه الدولة فيكون الحكم المطعون فيه إذ قضى عليه بالإبعاد تطبيقاً لنص المادة 63 من القانون الاتحادي رقم 14 لسنة 1995 في شأن مكافحة المواد المخدرة والمؤثرات العقلية لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه ومن ثم يكون النعي عليه بأسباب الطعن على غير أساس"[1].

وخلاصة خلال هذا المطلب، أن المحاكم الاتحادية بمناسبة ممارستها لاختصاصات القضاء الاتحادي، واختصاصات القضاء المحلي في بعض الإمارات التي ليس لديها قضاء محلي مستقل قد استقرت على مبادئ إدارية معينة، في حين أن الإمارات التي لديها قضاء محلي مستقل كإمارة دبي قد استقرت على مبادئ إدارية أخرى مغايرة، الأمر الذي من شأنه أن يؤدي إلى التضارب والتعارض بين المبادئ الإدارية المستقر عليها في الدولة، أو الاجتهادات القضائية لمحاكم النقض فيها.


[1]  أحمد عبد الظاهر، أستاذ القانون الجنائي المساعد بجامعة القاهرة، الخبير القانوني لدى دائرة القضاء بأبو ظبي، العلاقة بين القضاء الاتحادي والقضاء المحلي،  دراسة في القانون الإماراتي، الموقع الإلكتروني: http://www.omanlegal.net/vb/showthread.php?t=6843

[1]  أحمد عبد الظاهر، أستاذ القانون الجنائي المساعد بجامعة القاهرة، الخبير القانوني لدى دائرة القضاء بأبو ظبي، العلاقة بين القضاء الاتحادي والقضاء المحلي،  دراسة في القانون الإماراتي، الموقع الإلكتروني:
أحدث أقدم