مادة حاضر العالم الإسلامي
نماذج لبعض الدول الإسلامية المتميزة ودورها في نهضة العالم الإسلامي المعاصر
مدخل:
الحمد لله والصّلاة والسّلام على رسول اللّه وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد أخي الطَّالب، سلام الله عليكَ ورحمته وبركاته، ومرحبًا بك في الدرس الحادي والعشرين من سلسلة الدُّروس المقرَّرة عليك في إطار مادَّة حاضر العالم الإسلامي، لهذا الفصل الدِّراسيّ، آملينَ أن تجدَ فيها كلّ المُتعة والفائدة، وكنا قد تناولنا معًا في الدرس السابق الكلام عن (طريقة النهوض بالمسلمين ووسائل التصدي للأخطار التي تواجههم (2))، وإليك هذا الدرس الذي تتعرف فيه على (نماذج لبعض الدول الإسلامية المتميزة ودورها في نهضة العالم الإسلامي المعاصر)، فأهلا وسهلا بك.
ثمرات الدّرس:
عند نهاية هذا الدرس تستطيع بإذن الله أن:
أولا: تتعرف على دور المملكة العربية السعودية في النهضة الحديثة للعالم الإسلامي.
ثانيا: تبين دور كل من ماليزيا ومصر وباكستان في النهضة الحضارية الحديثة للعالم الإسلامي.
عناصر الدّرس:
21.1 المملكة العربية السعودية ودورها في العالم الإسلامي.
21.2 نظرة عامة على النهضة الحضارية الحديثة في العالم الإسلامي ودور بعض الدول الإسلامية فيها.
التّعريفات:
1 شعث: يُقَالُ: رجلٌ أشْعَثُ شَعِثٌ شعثانُ الرأسِ وقد شَعِثَ شَعَثا وشِعاثا وشُعوثة وشعَّثتُه أنا تشعيثًا وهو المُغْبَرُّ الرأس المتلبّد الشّعر جافّا غير دهين
21.1 المملكة العربية السعودية ودورها في العالم الإسلامي
التضامن والاتحاد مبدأ من مبادئ الإسلام الواضحة لا تثار حوله شبهة ولا يذهب الناس في فهمه مذاهب شتى يؤيد ذلك أمر الله سبحانه وتعالى بالتضامن في آية صريحة وهي قوله تعالى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا} [آل عمران: 103] وقوله سبحانه: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ} [الأعراف: 153] والدعوة إلى التضامن الإسلامي وجمع شمل المسلمين وتوحيد صفوفهم سياسة سعودية راسخة الجذور وضع لبناتها الأولى مؤسس المملكة وباني نهضتها الحضارية المغفور له بإذن الله تعالى الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود فقد كان رحمه الله يدرك أهمية الوحدة والتضامن للوقوف في وجه مخططات الأعداء وصد محاولات المتآمرين ضد الإسلام وانطلاقا من هذه السياسة شهدت مكة المكرمة في عام 1345هـ 1926م أول مؤتمر إسلامي قام بالدعوة إليه، وكان بمثابة بداية لمحاولات إسلامية نحو الاتحاد بعد إلغاء الخلافة العثمانية وتلا هذا المؤتمر مؤتمر إسلامي آخر عقد في بيت المقدس عام 1350هـ 1931م رفع صوته احتجاجا على اضطهاد المسلمين في بلاد الاتحاد السوفيتي السابق وأصدر نداء للرأي العام الإسلامي نشاده المساعدة وتابعه بعد ذلك عقد مؤتمرات إسلامية في عواصم إسلامية مثل كراتشي وبغداد ومقديشيو اقتداء بدور المملكة الرائد من أجل تحقيق التضامن الإسلامي وقد أدركت القيادة السعودية بعد الملك عبد العزيز أبعاد ودلالات ومعاني الوحدة والاعتصام بكتاب الله الكريم وسنة رسوله الأمين صلى الله عليه وسلم حيث كانت الساحة الإسلامة خالية من أي تنظيم إسلامي أو مسمى يخدم مصالح المسلمين في العالم في وقت كانت البلاد الإسلامية نهبا للأطماع الدولية ففي الرابع عشر من شهر ذي الحجة سنة 1381هـ 1961م انتهز الملك سعود بن عبد العزيز رحمه الله فرصة وجود عدد من الشخصيات الإسلامية البارزة ممن أدوا فريضة الحج في ذلك العام فأجرى معهم اتصالات مكثفة انبثقت عنها رابطة العالم الإسلامي كمنظمة فتية لبث روح الإخاء الإسلامية ونشر الدعوة الإسلامية والاهتمام بنشر الفكر الإسلامي ودعم جهاد الشعوب المسلمة وإعانة المنكوبين من المسلمين ولم تقف جهود القيادات السعودية من أجل التضامن الإسلامي ووحدة المسلمين عند ذلك الحد بل كان لإسهاماتهم ودورهم الرائد الأثر الأكبر في قيام منظمة المؤتمر الإسلامي لجمع كلمة المسلمين وتوحيد صفوفهم ودعم قضاياهم العادلة وتحقيق التعاون فيما بينهم ومساندتهم في جهادهم من أجل الحفاظ على الكرامة والاستقلال والحقوق الإسلامية فقد تبنى الملك فيصل بن عبد العزيز رحمه الله الدعوة إلى هذا التضامن من أجل الوقوف في وجه المخططات الاستعمارية ولمِّ شعث المسلمين ومجابهة الغزو الفكري بجميع أشكاله وذلك من خلال جولات قام بها في البلاد الإسلامية كالمغرب وغينيا ومالي وتونس والجزائر والسنغال وأوغندا وتشاد وموريتانيا والنيجر كما أرسلت حكومة المملكة العربية السعودية عدة بعثات إلى أفريقيا واستقبلت مئات الطلاب في الجامعات الإسلامية والجامعات الأخرى وكان من نتائج هذه الجهود:
1- تنبهت الدول الإفريقية للخطر الصهيوني الذي تسلل إليها عام 1376هـ 1956م وتزايد باحتلال إسرائيل لمضايق تيران وخليج العقبة مما أدى إلى اتصال الصهاينة المباشر بشرق إفريقيا فبعد اتصالات الملك فيصل بن عبد العزيز بالدول الإفريقية قطعت هذه الدول علاقات السياسية مع إسرائيل وانقلب كثير منها إلى موالاة البلاد الإسلامية.
2- إنشاء البنك الإسلامي للتنمية ليسد الفراغ في مساعدة الدول الإفريقية النامية وليقوم بمشاريع التنمية الاقتصادية على أسس خالية من المعاملات الربوية.
3- إنشاء الأمانة العامة للدول الإسلامية بجدة بعد انعقاد عدة دورات لملوك ورؤساء الدول الإسلامية وأسفر عن المؤتمر الثالث منها تأسيس مجمع الفقه الإسلامي في مكة المكرمة.
موقع المملكة العربية السعودية الديني والاستراتيجي والاقتصادي:
قال الله سبحانه وتعالى: {وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا} [البقرة: 125] لقد جعل الله البيت الحرام مثابة يثوب إليها الناس جميعا فلا يروعهم أحد بل يأمنون فيه على أرواحهم وأموالهم فهو ذاته أمن وطمأنينة وسلام وقال تعالى: {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ، فِيهِ آَيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آَمِنًا وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} [آل عمران: 96، 97] يخبر تعالى أن أول بيت وضع للناس أي لعموم الناس لعبادتهم ونسكهم يطوفون به ويصلون فيه ويعتكفون عنده "للذي ببكة" يعني الكعبة بمكة المكرمة التي بناها إبراهيم الخليل عليه السلام؛ فقد روى الإمام أحمد من حديث أبي ذر رضي الله عنه قال: ((قلت يا رسول الله أي مسجد وضع أول؟ قال: المسجد الحرام. قلت: ثم أي؟ قال: المسجد الأقصى. قلت: كم بينهما؟ قال: أربعون سنة. قلت: ثم أي؟ قال: ثم حيث أدركتك الصلاة فصلِّ فكلها مسجد)).
وقد ذكر العلماء لمكة أسماء كثيرة فهي مكة وبكة والبيت العتيق والبيت الحرام والبلد الأمين والمأمون وأم القرى وأم رحم وصلاح والقادس؛ لأنها تطهر من الذنوب، والمقدسة وقوله تعالى: {وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آَمِنًا} أي حرم مكة إذا دخله الخائف يأمن من كل سوء وكذلك كان الأمر في حال الجاهلية كما قال الحسن البصري وغيره كان الرجل يقتل فيضع في عنقه صوفة ويدخل الحرم فيلقاه ابن المقتول فلا يهيجه حتى يخرج وقال تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آَمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ} [العنكبوت: 67] وقال تعالى: {فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ، الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآَمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ} [قريش: 3، 4] هذا وإن بأرض المملكة العربية السعودية الحرمين الشريفين اللذيْن تهفو إليهما نفوس المؤمنين من كل فج عميق ولقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: "لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصى". ولقد من الله على هذا البلد الحرام بالخير العميم والمال الوفير والرزق الطيب الذي يخرج من تحت الأرض من بترول وذهب وغير ذلك قال الله سبحانه وتعالى: {أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا آَمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقًا مِنْ لَدُنَّا} [القصص: 57].
دورها في تحقيق الوحدة الإسلامية والنهوض بالعالم الإسلامي في المجالات الدينية والاقتصادية والاجتماعية التعليمية:
من المملكة العربية السعودية انطلق بلاغ مكة المكرمة في ربيع الأول سنة 1401هـ 1980م تحت ظلال الكعبة المشرفة حيث تماسكت أيدي القادة والزعماء المسلمين في أروع لقاء تعاهدوا فيه بينهم على كلمة التوحيد التي تربط أكثر من مليار مسلم في مشارق الأرض ومغاربها فهذه الوثيقة الصادرة عن هذا المؤتمر أبرزت التضامن الإسلامي وحددت معالم الطريق للعمل المشترك لتحقيق الأهداف الكبرى للأمة الإسلامية وفي الجامة الإسلامية بالمدينة المنورة عقد مؤتمر إسلامية في عام 1404هـ 1984م اشترك فيه علماء ودعاة من العالم الإسلامي ومن توصيات هذا المؤتمر تعبر عن أماني الأمة وآمالها:
1- دعوة ولاة الأمور في البلاد الإسلامية إلى التقارب والوحدة ونبذ القوانين الوضعية باعتبار هذه البلاد أمة واحدة تترابط وتتفاعل أجزاؤها وتتكامل وطاقاتها ويتحد مصيرها.
2- تتبنى منظمة المؤتمر الإسلامي إنشاء هيئة للتعاون الإسلامي تعنى بدراسة سبل التعاون بين البلاد الإسلامية في جميع مجالات الحياة.
3- دعوة الحكومات الإسلامية إلى الاتفاق على ميثاق إسلامي مستمد من الكتاب والسنة يجمع كلمتها ويوحد سياستها ويعزز قوتها ويجعل ولاءها لدينها وانتصارها بربها لا بالتحالف مع أعدائها، وأن تكوين العلاقات الدولية خاضعة للسياسية الشرعية الإسلامية.
4- أوصى المؤتمر بإنشاء مصارف غير ربوية تشمل سائر البلاد الإسلامية وتعزيزها بالأموال لبناء اقتصاد إسلامي يقضي على الاقتصادي الربوي القائم ويحل محله.
5- ضرورة التعاون الاقتصادي بين البلاد الإسلامية على أساس إسلامي .
6- مؤازرة القضايا الإسلامية ورعاية الأقليات المسلمة وتقديم المساعدات لهم؛ فالتضامن الذي تطرحه المملكة العربية السعودية محور لسياستها الإسلامية فأي نشاط تقوم به داخل مؤتمرات القمة أو خارجها يهدف إلى العمل على تعزيز التضامن كمرحلة من مراحل تحقيق وحدة المسلمين صنعا وهدفا والمسلمون في كل مكان يعتبرون المملكة قلب العالم الإسلامي النابض وعقله المفكر فالمملكة لها دورها التاريخي كأرض للمقدسات الإسلامية ومهوى للمسلمين ومحط أنظارهم ولذلك كان إدراك القيادة السعودية لهذا الدور الكبير فرسمت سياستها لتكون معبرة عن ضخامة مكانتها في العالم الإسلامي فوضعت كل إمكاناتها في خدمة المسلمين ومساندة قضاياهم العادلة وفي ظل قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز وضعت المملكة نفسها في خدمة القضايا الإسلامية وغدت من أكبر المناصرين لقضايا المسلمين في العالم حيث تقوم بدور إنساني كبير؛ 5% من دخلها مخصص لدعم القضايا الإنسانية الملحة والعاجلة والمساهمة في حل أزمة الغذاء والحد من مشكلة الجوع والجفاف عن طريق تقديم المعونات ومواساة الدول الإسلامية خاصة التي تتعرض لنكبات وكوارث والمملكة وهي تقوم بدورها في تعزيز التضامن الإسلامي إنما تفعل ذلك عن إدراك عميق وقناعة تامة بأهمية دورها في خدمة العالم الإسلامي انطلاقا مما حباها الله به من قيم روحية سامية وتراث حضاري مجيد وإحساس بالواجب وبالإضافة إلى جهود المملكة الداعمة لعملية التضامن الإسلامي من خلال المؤتمرات واللقاءات وتقديم المساعدات هناك أعمال أخرى لا تقل أهمية بالنسبة لدورها في هذا المضمار وفي مقدمة هذه الأعمال خدمة ضيوف الرحمن وتوسعات الحرمين الشريفين وتهيئة جميع سبل الراحة للحجاج والمعتمرين القادمين من بلاد العالم الإسلامي مما يقوي فيهم الإحساس بالانتماء إلى رابطة الأخوة في الدين وأنه لا حمية إلا للإسلام فتتعلق أذهانهم وقلوبهم بالحرمين وتنمو لديهم روح المتابعة لأحوال المسلمين في العالم من خلال الروابط الدينية التي تجمعهم في أمة واحدة.
وفضلًا عن ذلك فإن قيام المملكة بإنشاء المراكز الإسلامية في بلاد العالم وما تقوم به هذه المراكز من رعاية للأقليات المسلمة ونشر للإسلام والأكاديميات العلمية والإسلامية التي فتحت أبوابها لمن يريد أن يعلم الكثير عن الإسلام ويتلقى علوم الدين الصحيحة الخالية من روح التعصب كل ذلك من شأنه أن يزيد من أعداد المسلمين ويجمع بينهم حتى في البلاد البعيدة عن الحواضر الإسلامية فيصبحون على اتصال دائم بكل ما يمس عقيدتهم الإسلامية وما يتعلق بأحوال إخوانهم المسلمين فيزداد الترابط والتضامن بين المسلمين في العالم بأسره وفي هذا الصدد لا يسعنا إلا أن نقدم قليلًا من كثير قامت به المملكة العربية السعودية في عهد خادم الحرمين الشريفين فهذه الأعمال ستبقى بإذن الله مراكز إشعاع للدين الإسلامي في مختلف أنحاء العالم ومنابر دعوة تفخر بها دون منٍّ أو كبرياء فقد أرادت المملكة من خلال إقامة المراكز الإسلامية والمساجد والمعاهد والجامعات في هذه البلاد أن تعيد المسلمين إلى أصول دينهم وتقوي عقائدهم وتغذي جذوة الإيمان في قلوبهم وتنقي نفوسهم مما أصابها على يد أعداء الإسلام وكان من نتائج هذه الجهود إنشاء عدد من المراكز الإسلامية والمساجد والمعاهد والأكاديميات وقد أشارت إحصائية حديثة إلى أن عدد المراكز التي أنشأتها المملكة أو ساهمت في إنشائها تجاوزت مائتي مركزٍ وعشرة بينما بلغ عدد المساجد ألفا وخمسمائة مسجد في مختلف أنحاء العالم نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر:
1. مركز خادم الحرمين الشريفين الثقافي والإسلامي في ملقا بأسبانيا والذي يعد جامعة قائمة بذاتها ذات نشاطات أكاديمية وتعليمية وعلمية وثقافية ودعوية وفكرية ويمثل نقطة التقاء وتواصل حضاريين لأمجاد المسلمين ورسالتهم السامية.
2. المركز الإسلامي في تورنتو بكندا وتدعمه حكومة المملكة بأكثر من نصف مليون دولار سنويًّا.
3. المركز الإسلامية في برازليا وقد بلغ حجم الدعم السعودي لهذا المركز سبعة ملايين ريال.
4. المركز الإسلامي في العاصمة الأرجنتينية بيونس أيرس وتم دعمه بخمسة ملايين ريال.
5. المركز الإسلامي في جِنيف بسويسرا ويدعم بتسعة عشر مليون ريال سنويًا.
6. المركز الإعلامي الثقافي في بروكسل وقد بلغ دعم المملكة له تسعة عشر مليون ريال أيضًا.
7. المركز الإسلامي في أستراليا ويدعم بستة ملايين ريال.
8. المركز الإسلامي في نيويورك بالولايات المتحدة الأمريكية بدعم مالي سنوي وفقًا لمتطلباته.
9. المركز الإسلامي في روما لإيطاليا وقد تبرع خادم الحرمين الشريفين لهذا المركز بمبلغ خمسين مليون دولار لتغطية نفقات بنائه بالإضافة إلى تخصيص مليون ونصف مليون دولار سنويًّا لدعمه.
ومواصلة لهذه الجهود قامت حكومة خادم الحرمين الشريفين بإنشاء عددٍ من الأكاديميات والكراسي العلمية للدراسات الإسلامية في جامعاتٍ كبرى وعريقة في أمريكا وروسيا وبريطانيا فهذه المؤسسات العلمية تهدف إلى:
1. نشر الثقافة الإسلامية واللغة العربية في بلاد الأقليات المسلمة.
2. دعم الأقليات المسلمة ماديًّا وسياسيًّا وعلميًّا وحمايتها من الوقوع في قبضة المجتمعات المعادية للإسلام والحيلولة دون ذوبان هويتها.
3. دور هذه الأكاديميات والكراسي في إبراز حقيقة الإسلام وتصحيح المفاهيم الخاطئة وتعريف العالم بأنه دين عالمي معتدل المنهج بعيد عن الغلو والتطرف.
4. نشر العلم الشرعي المستمد من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
5. تعليم النشء من أبناء المسلمين في بلاد الأقليات اللغة العربية والقرآن الكريم وربطهم بدينهم وعقيدتهم من خلال الدروس النظرية والعملية وتعويدهم على أداء العبادات.
6. تقوية الصلات والروابط بين المؤسسات الإسلامية من خلال تبادل البرامج واستقطاب العلماء والفقهاء لإلقاء الدروس والمحاضرات.
7. تكثيف النشاط التعليمي والإرشادي والدعوي والنشاط الفكري والعلمي الذي يهدف إلى تقديم رؤية الإسلام الصحيحة حول بعض الظواهر العلمية وحول كثيرٍ من الأمراض والعلل الاجتماعية والسلوكية التي تعارض بجلاء الفطرة الإنسانية وتصادم الذوق العام.
ماليزيا ودورها في نهضة العالم الإسلامي المعاصر.
مشروع الإسلام الحضاري في ماليزيا:
طرح رئيس وزراء ماليزيا داتو سري عبد الله أحمد بدوي مشروعًا قال إنه يهدف لنهضة الأمة الإسلامية على هدي تعاليم الإٍسلام وذلك من أجل استعادة دور الحضارة الإسلامية وأطلق على هذا المشروع اسم الإسلام الحضاري وهو اصطلاح قال إنه يقصد به المنهج الحضاري الشامل لتجديد الإسلام في ماليزيا ويستخدم كمحرك للأمة الإسلامية نحو التقدم والتطور نحو الريادة الإنسانية.
نشاط: 21.1
لكي تعمّق فهمك لهذا الدرس، قم بهذا النّشاط، ثمّ قارن ما تتوصل إليه بالإجابات النموذجية أدناه:
أكمل مكان النقط:
1- طرح رئيس وزراء ........... .داتو سري عبد الله أحمد بدوي مشروعًا يهدف لـ...... الأمة الإسلامية على هدي تعاليم الإٍسلام وأطلق على هذا المشروع اسم الإسلام ........... وهو اصطلاح، قال: إنه يقصد به المنهج الحضاري ...........
2- أشارت إحصائية حديثة إلى أن عدد المراكز التي أنشأتها المملكة أو ساهمت في إنشائها تجاوزت ........... مركزٍ وعشرة بينما بلغ عدد المساجد .............. مسجد في مختلف أنحاء العالم.
3- ذكر العلماء لمكة أسماء كثيرة فهي ........... والبيت العتيق والبلد ............ والمأمون وأم ........... و............ لأنها تطهر من الذنوب، والمقدسة.
4- قطعت كثير من الدول ........... علاقات السياسية مع إسرائيل وانقلب كثير منها إلى موالاة البلاد الإسلامية بعد اتصالات الملك ............ بها.
الإجابات النموذجية:
1- ماليزيا - نهضة - الحضاري - الشامل.
2- مائتي - ألفا وخمسمائة.
3- بكة - الأمين - القرى - القادس.
4- الإفريقية - فيصل بن عبد العزيز.
21.2 نظرة عامة على النهضة الحضارية الحديثة في العالم الإسلامي ودور بعض الدول الإسلامية فيها
بدأت بوادر نهضة الأمة الإسلامية بالظهور مع بداية تأسيس الحكومة الإسلامية في المدينة المنورة ثم أخذت تنمو تدريجيًّا في زمن الخلفاء الراشدين والدولة الأموية والدولة العباسية ثم امتدت هذه الحضارة لتصل إلى القارة الأوربية ومنها قامت الحضارة الإسلامية في الأندلس.
إن ميزة العالمية التي تتمتع بها الحضارة الإسلامية جلبت للأمة والكون النفع الكبير، فالإسلام كما هو معروف هو الدين الصالح لكل زمانٍ ومكان أي إنه طريق الحياة لكل ما تشمله الكلمة من معنى وإنه ليس مجرد اعتقاد أعمى وإنما هو المنهج الكامل المتجدد للحياة القادر على حل جميع المشكلات المعاصرة على مدى الأزمان وعلى هذا فإنه ينبغي اتخاذ الطريقة المناسبة لتغيير وجهة نظر المجتمع المسلم لتعاليم الإسلام في كافة مجالات الحياة على المستوى الفردي والأسري والاجتماعي والوطني.
يركز مبدأ الإسلام الحضاري على النهضة التي ترمي إلى تشييد الحضارات من خلال تحسين مستوى المعيشة والنهوض بالإنسان روحيًّا وماديًّا عن طريق التمكن والإلمام بشتى أنواع المعارف والعلوم، ولا يعد مبدأ الإسلام الحضاري مذهبًا حديثًا أو دينًا جديدًا وإنما هو في حقيقته وسيلة عملية من أجل إعادة الأمة الإسلامية إلى الأسس والمبادئ التي يدعو إليها القرآن والسنة الشريفة التي تعد دعامة الحضارة الإسلامية.
إن تعاليم الإسلام من شأنها المحافظة على حياة الإنسان وكل المخلوقات وقد ألقى الله سبحانه وتعالى على عاتق الإنسان مسئولية الخلافة في الأرض والتطبيق الفعلي لتعاليم الإسلام يضمن سعادة البشر وهناءهم على اختلاف أجناسهم وأديانهم وثقافاتهم؛ وذلك مصداقًا لقوله سبحانه: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} [الأنبياء: 107].
قامت الحكومة الماليزية بوضع عدة خطط تنموية في ضوء التعاليم الإسلامية مراعية في ذلك المحافظة على تحقيق التوازن الروحي والاقتصادي والتربوي والاجتماعي والقانوني في جميع النواحي الحضارية، والحكومة على إدراكٍ تام بأن الإسلام ليس مجرد شعائر دينية فحسب وإنما هو دين عملي أنزل لينظم حياة المجتمع بطريقة واقعية وعلى ضوء ذلك قامت الحكومة بتبني مبدأ الإسلام الحضاري من أجل نشر وبث الوعي لدى أبناء المجتمع بالمفهوم الحقيقي للإسلام أملًا في أن يقودهم هذا المبدأ إلى نهضة ورفعة الأمة والوطن.
إن مبدأ الإٍسلام الحضاري لا يعد مذهبًا حديثًا وإنما هو وسيلة تتخذ من أجل إعادة الأمة الإسلامية إلى الأسس القائمة على القرآن والسنة والمطهرة بصفتهما عماد الحضارة في الإسلام وهو بدوره يقوم بدور العامل المحول للفكر الإنساني لتغيير المفاهيم الخاطئة حول هوية الإٍسلام وحقيقته، ويرتكز مبدأ الإسلام الحضاري على التنمية وتشييد الحضارات وفق المنظور الإسلامي الشامل ويكون ذلك بتكثيف الجهود من أجل رفع مستوى الحياة والمعيشة من خلال الإلمام والتمكن من العلوم والمعارف والتنمية الروحية والمادية وسيبقى تراث الحضارة الإسلامية المجيدة دافعًا وحافزًا لرقي الأمة المعاصرة في شتى نواحي الحياة.
وقد قام الاتحاد الوطني للطلاب المسلمين في ماليزيا بأعمالٍ من شأنها تحسين الأوضاع القائمة وتوجيه الأمور وجهةً إسلامية منها إنشاء قسم للثقافة الإسلامية وقسم للغة العربية في جامعة التكنولوجيا والاهتمام بالتربية الإسلامية اهتمامًا خاصًّا وجعل شعار الجامعة قرآنًا مفتوحًا على الكرة الأرضية وداخل الكرة حويجلة اختبار بما يعني أن القرآن هو منبع العلوم ويضع المسلم في المناخ العلمي كذلك الشعار في العمل العلم في خدمة الإيمان والإنسانية ودراسة مواد التربية الإسلامية والفقه والتاريخ الإٍسلامي والقضايا الإسلامية ونظرة الإسلام إلى الحياة والنظم الإسلامية كذلك الاهتمام باللغة العربية لغة القرآن الكريم وتأسيس الكلية الإسلامية لتكون حصنًا من حصون الإسلام واللغة العربية وقد أصبح لهذه الكلية مكانة خاصة في المجتمع الماليزي حيث الكثير من أولياء الأمور يفضلون تعليم أبنائهم في هذه الكلية؛ لأن الدراسة تجمع بين العلوم الشرعية والعصرية والتعليم باللغة العربية ويتوفر في الكلية المناخ الإسلامي الصحيح ومساعدة الطالبات وحثهم على ارتداء اللباس الإسلامي.
النهضة التقنية في ماليزيا وأثرها في العالم الإسلامي المعاصر:
ورد في وثيقة مشروع الإٍسلام الحضاري في ماليزيا سنة 2005 "التمكين والإلمام بالعلوم والمعارف": إن التمكين والإلمام التام والمتكامل بالعلوم يفتح لنا آفاقًا واسعة المدى في مختلف المعارف الحديثة وبالتالي تتوسع المدارك الفكرية وتظهر بوادر قوة الشخصية ولا شك أن هذا المبدأ يعد عاملًا مهمًّا وأساسيًّا لتكوين الشخصية المتوازنة والمتآلفة التي تهدف إليه السياسة التربوية وقد أشار القرآن الكريم إلى هذا المبدأ في قوله تعالى في سورة "المجادلة" {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} [المجادلة: 11] ولو تصفحنا تاريخ الأمم السالفة ذات الحضارات العريقة لوجدنا أنها لم تصل إلى هذا المستوى من الازدهار إلا بالعلم وأوضح مثال على ذلك حضارة بغداد والأندلس فتاريخهما المجيد دليل قاطع على أن العلم المتكامل والإلمام الشامل للمعارف يساهمان بشكلٍ مباشرٍ وفعال في بناء الحضارتين الغربية والشرقية.
وفي خضم التحديات المعاصرة ودعايات العولمة فإنه من الأحرى أن تركز الاهتمامات على التمكن من العلوم وتحقيق التطور العلمي والتكنولوجي من أجل إنتاج موارد بشرية لا تمتاز فقط بسعة الثقافة والعلوم بل تتمتع بسمو الأخلاق والمبادئ في نفس الوقت؛ مما يساعد بشكل فعال في القيام بنهضة الدولة والشعب والعالم أجمع.
إن التفوق العلمي يمكن الوصول إليه بترسيخ أركان الإسلام وعلوم الفروض العينية إلى جانب دراسة علوم فروض الكفاية وستتمكن الدولة بذلك من إنتاج موارد بشرية مؤهلة لتبني البرامج التربوية وتنفيذ خطط التنمية للبلاد وللأمة الإسلامية عامة عن طريق نظام التربية الذي يشمل التخصص الثنائي أو المزدوج.
مصر ودورها في نهضة العالم الإسلامي:
لقد كانت مصر دومًا قلب الأمة العربية ومنار العالم الإسلامي كله، وذلك بوجودها الجغرافي والتاريخي والثقافي الفريد ومن هنا فقد حرص الاستعمار والنفوذ الأجنبي على التركيز عليها منذ وقتٍ بعيد حيث زحفت الحملة الفرنسية 1798 لاحتلالها ثم ارتدت عنها ثم تبعتها حملة فريزر الإنجليزية، ثم كان إنشاء قناة السويس عاملًا مهمًّا وخطيرًا في أطماع النفوذ الاستعماري الزاحف ومع ذلك فقد ظلت مصر هي قلب الأمة العربية والإسلامية بالرغم من الدعوات التي دعت إلى تنصيرها وظلت منارًا للعالم الإسلامي؛ لوجود الأزهر وهو ثالث القوى الإسلامية في هذه الفترة حيث مكة هي قبلة المسلمين والدولة العثمانية مقر الخلافة الإسلامية وكانت مصر مقر الأزهر مصدر الثقافة العربية الإسلامية وقد لعبت مصر دورها على المدى الطويل في مقاومة الغزو الفرنسي وفي مقاومة استبداد محمد علي وكان الأزهر هو مصدر جميع هذه الحركات وكانت مفاهيم الفكر الإسلامي في العالم كله هي مصدر حركات المقاومة والتجمع والوحدة ولقد كانت مصر رابطة جامعة لكل الدعوات والحركات التحررية وكانت تؤمن بأنها مصرية عربية وإسلامية في وقتٍ واحد ففي مجال الوطنية كانت تؤمن بالأرض وتدافع عنها وفي مجال القومية كانت تؤمن بالأمة العربية ورابطتها الأكيدة معها وفي مجال الفكر كانت تؤمن بالإسلام كمصدر لفكرها وقيمها ومفاهيمها وتؤمن بالأخوة الإسلامية التي تربطها بالمسلمين في كل مكان وفي العصر الحديث دعمت مصر دورها في هذه المجالات عن طريق هيئاتها العربية والإسلامية فهي مقر الأزهر ومقر الجامعة العربية ومقر الهيئات الإسلامية المختلفة ومقر المجلس الأعلى للشئون الإسلامية ومجمع البحوث والمؤتمر الإٍسلامي وقد ربطت نفسها بالعالم الإٍسلامي كله فلها طريقها إلى الدول الأفريقية المسلمة وطريقها إلى أرخابيل الملايو وطريقها إلى تركيا ووباكستان والهند وإندونسيا وأفغانستان تؤدي دورها القيادي الإسلامي الحضاري بالنسبة للأخوة الإسلامية والوحدة العربية ولم تتخل عن دورها الإسلامي في الأخوة الإسلامية مع المسلمين في مختلف أنحاء العالم الإٍسلامي وشاركت في مختلف المؤتمرات والحركات والدعوات التي حملت لواء التحرر والوحدة والمقاومة وتصفية الاستعمار وتحرر الشعوب بإيمان صادق أكيد.
باكستان:
يهتم العالم العربي بصفة خاصة والعالم الإسلامي بصفة عامة بالأحداث البالغة الأهمية التي تجري في باكستان في هذه السنين الأخيرة من تاريخها المعاصر نظرًا للتحول الظاهر في سياستها الخارجية والواقع أن باكستان قبل أن تعتنق سياسة الأحلاف الغربية اتجهت اتجاهًا حمده لها العرب والمسلمون ففي عام 1949 كان وزير خارجيتها أكثر الخطباء في هيئة الأمم المتحدة تحمسًا للعرب في مشكلة فلسطين وهو بالذات قد لعب دورًا مهمًّا في تأييد استقلال ليبيا وكان من أكبر المتحمسين لحركة الجهاد في مراكش وفي هذين العامين أيضًا كانت باكستان أشد الدول تحمسًا للجمهورية الإندونيسية ضد هولندا ورفضت منح هولندا تسهيلات النقل البحري والجوي وعملت باكستان بعد استقلالها بأن تكون أولى بعثاتها السياسية في البلاد الأجنبية هي سفاراتها في مصر وإيران وأفغانستان والعراق والمملكة العربية السعودية في نوفمبر عام 1951 ولم تكن العلاقات حينئذٍ بين باكستان وتركيا على خير ما يرام بل حدث أن طلبت الحكومة التركية من الباكستان سحب سفيرها السيد ميام بشير أحمد من أنقرة بحجة أنه يشجع حركة دينية تعتبرها تركيا حركة رجعية وعندما عين السيد غضنفر علي خلفًا له أخذت الحكومة التركية تراقب تحركاته وإلى نهاية ذلك العام لم يكن في الجو ما ينذر بأن تتخلى باكستان عن سياستها التي رسمها لها مؤسسها محمد علي جناح وتسعى باكستان إلى عقد معاهدات صداقة مع البلدان الإسلامية في الشرق الأوسط تهدف بها إلى تعزيز الروابط الاقتصادية والثقافية والروحية بين أرجاء العالم الإسلامي وقد بحثت هذه المسألة مع مصر والعراق وإيران في أثناء زيارة السيد لياقط علي خان رئيس وزراء الباكستان لهذه البلدان وصرح السيد محمد ظفر خان وزير خارجية الباكستان في مؤتمر صحفي عقد في كراتشي بأن الدول الإسلامية يجب أن تتعاون للدفاع المشترك فيما بينها وثمة مفاوضات تمهيدية قد بدأت فعلًا بين باكستان من ناحية وبين ثلاث من الدول الإسلامية وهي مصر والعراق وإيران والمفهوم أن زيارة السيد ياقط علي خان لهذه البلاد كانت فرصة لإجراء مثل هذه المحادثات وقد عقد السيد شوري زعيم الجامعة الإسلامية في الباكستان اجتماعًا صحفيًّا في كراتشي قال فيه: إن الرغبة متوفرة بين الدول الإسلامية بالشرق الأوسط لعقد تحالف وثيق العرى يعزز علاقتها وإن الارتباط بين هذه الدول وعلى رأسها مصر والباكستان يتزايد يومًا بعد يوم مما يشجع في الوقت الحاضر على القيام بخطوة إيجابية ثم قال إن أي شكل من التحالف لم يحقق ما يبتغى وراءه ما لم يربطه رباط روحي بين الشعوب الممثلة فيه بحيث ترتبط فيما بينها برباط الوحدة لتحقيق الغايات المرجوة من ورائه وخاصة في أوقات الضيق أو عندما يحين الوقت الذي تكون فيه هذه البلاد الإسلامية أحوج إلى التكتل والاتحاد.
وإني أرى قبل أن نخطو أية خطوة في سبيل تحقيق فكرة هذا الحلف الإسلامي القيام بمباحثاتٍ واتصالاتٍ مع قادة الأمم الإسلامية وزعمائها لتبادل الرأي بشأن إيجاد روابط ومواثيق أكيدة تساعد على تحقيق ما يبغيه الشرق الإسلامي من نهضة ورقي.
نشاط: 21.2
لكي تعمّق فهمك لهذا الدرس، قم بهذا النّشاط، ثمّ قارن ما تتوصل إليه بالإجابات النموذجية أدناه.
ضع علامة (√) أمام العبارة الصحيحة وعلامة (×) أمام العبارة الخاطئة:
1- مبدأ الإسلام الحضاري يهدف إلى تحسين مستوى المعيشة والنهوض بالإنسان روحيًّا وماديًّا.
2- لعبت باكستان دورًا مهمًّا في تأييد استقلال ليبيا وكانت من أكبر المتحمسين لحركة الجهاد في مراكش.
3- الدعوات التي دعت إلى تنصير مصر نجحت نجاحًا شديدًا فى ظل غياب الأزهر.
4- الكلية الإسلامية فى ماليزيا تعتبر حصنًا من حصون الإسلام واللغة العربية.
الإجابات النموذجية:
1- (√) 2- (×) 3- (×) 4- (√).
ملخّص الدّرس:
الدعوة إلى التضامن الإسلامي وجمع شمل المسلمين وتوحيد صفوفهم سياسة سعودية راسخة الجذور وضع لبناتها الأولى مؤسس المملكة وباني نهضتها الحضارية المغفور له بإذن الله تعالى الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود فقد كان رحمه الله يدرك أهمية الوحدة والتضامن للوقوف في وجه مخططات الأعداء وصد محاولات المتآمرين ضد الإسلام وانطلاقا من هذه السياسة شهدت مكة المكرمة في عام 1345هـ 1926م أول مؤتمر إسلامي قام بالدعوة إليه وكان بمثابة بداية لمحاولات إسلامية نحو الاتحاد بعد إلغاء الخلافة العثمانية وتلا هذا المؤتمر مؤتمر إسلامي آخر عقد في بيت المقدس عام 1350هـ 1931م رفع صوته احتجاجا على اضطهاد المسلمين في بلاد الاتحاد السوفيتي السابق وأصدر نداء لرأي العام الإسلامي نشاده المساعدة وتابعه بعد ذلك عقد مؤتمرات إسلامية في عواصم إسلامية, ففي الرابع عشر من شهر ذي الحجة سنة 1381هـ 1961م انتهز الملك سعود بن عبد العزيز رحمه الله فرصة وجود عدد من الشخصيات الإسلامية البارزة ممن أدوا فريضة الحج في ذلك العام فأجرى معهم اتصالات مكثفة انبثقت عنها رابطة العالم الإسلامي كمنظمة فتية لبث روح الإخاء الإسلامية ونشر الدعوة الإسلامية والاهتمام بنشر الفكر الإسلامي ودعم جهاد الشعوب المسلمة وإعانة المنكوبين من المسلمين, كما أرسلت حكومة المملكة العربية السعودية عدة بعثات إلى أفريقيا واستقبلت مئات الطلاب في الجامعات الإسلامية والجامعات الأخرى وكان لذلك نتائج مهمة ومؤثرة.
وللمملكة العربية السعودية موقع ديني واستراتيجي واقتصادي, وقد ذكر العلماء لمكة أسماء كثيرة فهي مكة وبكة والبيت العتيق والبيت الحرام والبلد الأمين والمأمون وأم القرى وأم رحم وصلاح والقادس؛ لأنها تطهر من الذنوب، والمقدسة, وإن بأرض المملكة العربية السعودية الحرمين الشريفين اللذين تهفو إليهما نفوس المؤمنين من كل فج عميق, ولقد من الله على هذا البلد الحرام بالخير العميم والمال الوفير والرزق الطيب الذي يخرج من تحت الأرض من بترول وذهب, والمسلمون في كل مكان يعتبرون المملكة قلب العالم الإسلامي النابض وعقله المفكر فالمملكة لها دورها التاريخي كأرض للمقدسات الإسلامية ومهوى للمسلمين ومحط أنظارهم ولذلك كان إدراك القيادة السعودية لهذا الدور الكبير فرسمت سياستها لتكون معبرة عن ضخامة مكانتها في العالم الإسلامي فوضعت كل إمكاناتها في خدمة المسلمين ومساندة قضاياهم العادلة.
قيام المملكة بإنشاء المراكز الإسلامية في بلاد العالم وما تقوم به هذه المراكز من رعاية للأقليات المسلمة ونشر للإسلام والأكاديميات العلمية والإسلامية التي فتحت أبوابها لمن يريد أن يعلم الكثير عن الإسلام ويتلقى علوم الدين الصحيحة الخالية من روح التعصب, وقد أشارت إحصائية حديثة إلى أن عدد المراكز التي أنشأتها المملكة أو ساهمت في إنشائها تجاوزت مائتي مركزٍ وعشرة بينما بلغ عدد المساجد ألفا وخمسمائة مسجد في مختلف أنحاء العالم.
بدأت بوادر نهضة الأمة الإسلامية بالظهور مع بداية تأسيس الحكومة الإسلامية في المدينة المنورة ثم أخذت تنمو تدريجيًّا في زمن الخلفاء الراشدين والدولة الأموية والدولة العباسية ثم امتدت هذه الحضارة لتصل إلى القارة الأوربية ومنها قامت الحضارة الإسلامية في الأندلس.
يركز مبدأ الإسلام الحضاري على النهضة التي ترمي إلى تشييد الحضارات من خلال تحسين مستوى المعيشة والنهوض بالإنسان روحيًّا وماديًّا عن طريق التمكن والإلمام بشتى أنواع المعارف والعلوم, ولو تصفحنا تاريخ الأمم السالفة ذات الحضارات العريقة لوجدنا أنها لم تصل إلى هذا المستوى من الازدهار إلا بالعلم وأوضح مثال على ذلك حضارة بغداد والأندلس فتاريخهما المجيد دليل قاطع على أن العلم المتكامل والإلمام الشامل للمعارف يساهمان بشكلٍ مباشرٍ وفعال في بناء الحضارتين الغربية والشرقية.
لقد كانت مصر دومًا قلب الأمة العربية ومنار العالم الإسلامي كله، وذلك بوجودها الجغرافي والتاريخي والثقافي الفريد, وظلت منارًا للعالم الإسلامي لوجود الأزهر وهو ثالث القوى الإسلامية في هذه الفترة حيث مكة هي قبلة المسلمين والدولة العثمانية مقر الخلافة الإسلامية, وفي العصر الحديث دعمت مصر دورها في هذه المجالات عن طريق هيئاتها العربية والإسلامية فهي مقر الأزهر ومقر الجامعة العربية ومقر الهيئات الإسلامية المختلفة المجلس الأعلى للشئون الإسلامية ومجمع البحوث والمؤتمر الإٍسلامي.
تمارين الدّرس:
لكي تعمّق فهمك لهذا الدرس، قم بهذا النّشاط، ثمّ قارن ما تتوصل إليه بالإجابات النموذجية أدناه.
اختر الإجابة الصحيحة
1- يوجد مقر المجلس الأعلى للشئون الإسلامية ومجمع البحوث الإسلامية فى ........... (المملكة العربية السعودية – مصر - القدس).
2- عقد أول مؤتمر إسلامي عام 1345هـ 1926م فى ........... وقام بالدعوة إليه وكان بمثابة بداية لمحاولات إسلامية نحو الاتحاد بعد إلغاء الخلافة العثمانية (مصر - مكة – القدس).
3- قام الاتحاد الوطني للطلاب المسلمين في ........... بإنشاء قسم للثقافة الإسلامية وقسم للغة العربية في جامعة التكنولوجيا التى جُعل شعارها قرآنًا مفتوحًا على الكرة الأرضية وداخل الكرة حويجلة (ماليزيا - باكستان - الهند).
4- عملت باكستان بعد استقلالها بأن تكون أولى بعثاتها السياسية في البلاد الأجنبية هي سفاراتها في مصر وإيران وأفغانستان ولكن لم تكن علاقاتها حينئذٍ مع دولة ............... على خير ما يرام (المملكة العربية السعودية - العراق - تركيا).
أكمل ما يأتي:
5- حضارة بغداد و............. وتاريخهما المجيد دليل قاطع على أن ........... المتكامل والإلمام الشامل للمعارف يساهمان بشكلٍ مباشرٍ وفعال في بناء الحضارتين ........... والشرقية.
6- كان إنشاء ........... عاملًا مهمًّا وخطيرًا في أطماع النفوذ ........... الزاحف ومع ذلك فقد ظلت هي قلب الأمة العربية والإسلامية.
الإجابات النموذجية:
1- مصر.
2- مكة.
3- ماليزيا.
4- تركيا.
5- الأندلس - العلم - الغربية.
6- قناة السويس - الاستعماري.
مراجع الدّرس:
لماذا تأخر المسلمون ولماذا تقدم غيرهم – الأمير شكيب أرسلان – تقديم محمد رشيد رضا – دار البشير للطباعة والتوزيع والنشر – بدون تاريخ.
الغزو الفكري والتيارات المعادية للإسلام - عبد الستار فتح الله سعيد – دار الوفاء – 2000م.
التراجع الحضاري في العالم الإسلامي وطرق التغلب عليه – علي عبد الحليم محمود – ط1 – 1994م.
ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين – السيد أبو الحسن علي الحسني الندوي – دار عمر بن الخطاب – 1982م ط 7.
أثر الذنوب في هدم الأمم الشعوب – محمد محمود الصواف – دار الإصلاح بالقاهرة سنة 1402هـ.
الأسرة في التشريع الإسلامي – محمد دسوقي – دار الثقافة – الدوحة – ط1 – 1995م.
تطبيق الشريعة الإسلامية – عبد الناصر توفيق العطار – دار الفضيلة - 1993م.
موسوعة نضرة النعيم.
محنة الأقليات الإسلامية والواجب نحوها - صابر طعيمة – دار الجيل – بيروت – ط1- 1988م.
العالم الإسلامي والاستعمار السياسي والاجتماعي والثقافي – أنور الجندي – ط1 – دار المعرفة – 1970م.
العالم الإسلامي بين الماضي والحاضر – مصطفى السيد عبد الله – دار والي - المنصورة 1995م.
خاتمة:
بهذا نكون قد وصلنا أخي الدارس إلى ختام الدرس الحادي والعشرين وهو ختام مادة (حاضر العالم الإسلامي).
هذا، والله وليُّ التَّوفيق، وصلى الله على سيِّدنا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين. والسَّلام عليكم ورحمة الله وبركاته.