الأثر الرجعـي للقرار الإداري:
أولاً: المحكمة الاتحادية العليا:
1- استقر المبدأ في بداية الأمر لدى المحكمة الاتحادية العليا على العمل بالأثر الرجعي للقرار الإداري، وذلك بإلغاء القرار الإدارية وإعادة الموظف لعمله، وصرف رواتبه عن الفترة من تاريخ صدور القرار غير المشروع إلى تاريخ صدور الحكم بإلغاء هذا القرار الإداري وذلك على نحو ما سيرد في الأحكام التالية:
حكم المحكمة الاتحادية العليا في الطعن رقم 434 لسنة 29 قضائية بتاريخ 4/11/2007 على النحو التالي: " ........حيث إن الوقائع-على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق- تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 523 لسنة 2006 إداري كلي أبو ظبي، اختصم فيها الطاعنة، طالباً الحكم بإلغاء القرار الإداري رقم 4/ر لسنة 2006، المؤرخ 3/1/2006م، وإعادته إلى وظيفته بالدرجة والأجر والمميزات نفسها، واعتبار خدمته متصلة حتى تاريخ عودته لعمله، وبإلزام الهيئة أن تؤدي له أجره الشهري من تاريخ إنهاء خدمته حتى تاريخ عودته للوظيفة ومبلغ مليون درهم تعويضاً، على سند من أنه عّين في الهيئة بتاريخ 12/1/2002م، لكنه فوجئ بصدور قرار رئيس مجلس الإدارة المطعون فيه بإنهاء خدمته لعدم الكفاية، وذلك بالمخالفة القانونية. ومحكمة أول درجة قضت في 28/3/2007م بإلغاء القرار، واعتباره كأن لم يكن، وبإعادة المطعون ضده لوظيفته بالدرجة والأجر والمميزات نفسها، واعتبار مدة خدمته متصلة حتى تاريخ إعادته لوظيفته، وإلزام الهيئة أن تؤدي له مبلغ أربعمائة وأربعة عشر ألفا وخمسة وسبعين درهما، قيمة أجره من يناير 2006، وحتى نهاية مارس 2007، وإلزامها أن تؤدي له شهرياً مبلغ 28.005 دراهم من 1/3/2007م، وحتى عودته لوظيفته.
لم يرتضِ الخصمان هذا الحكم، .....فطعنا عليه أمام محكمة الاستئناف والتي قضت في بإلغاء القرار المطعون فيه رقم 4/ر لسنة 2006، المؤرخ في 3 يناير 2006، الصادر من رئيس مجلس إدارة الطاعنة، واعتباره كأن لم يكن، وإعادة الموظف..... إلى وظيفته بالدرجة والأجر والمميزات نفسها التي كان يتقاضاها قبل صدور القرار، واعتبار مدة خدمته متصلة حتى تاريخ إعادته للوظيفة، وإلزام الهيئة أن تؤدي له مبلغ أربعمائة وأربعة عشر ألفا وخمسة وسبعون درهما، أجوره من يناير 2006، وحتى نهاية شهر مارس 2007، وإلزامها أن تؤدي له شهرياً مبلغ ثمانية وعشرون ألفا وخمسة دراهم من 1 مارس 2007 وحتى عودته لوظيفته، وإلزامها أن تؤدي له الزيادة التي قررها مجلس إدارة الهيئة على الأجر الأساسي الشهري له من 26 سبتمبر 2006 وحتى إعادته لوظيفته، وإلزامها أن تؤدي له مبلغ خمسين ألف درهم تعويضا عن الأضرار المادية والأدبية.
لم ترتض الطاعنة قضاء محكمة الدرجة الثانية، فأقامت طعنها، وقد عرض على هذه الدائرة في غرفة مشورة، فرأت أنه جدير بالنظر، وحددت جلسة لنظره إلا أن الطعن قد رفض ".
وأكّدت المحكمة الاتحادية العليا إعمالها لهذا المبدأ أيضاً في الطعن رقم445 لسنة 29 قضائية بتاريخ 30/12/2007 حيث قضت بأنه: " ..... لما كان من الأمور المسلمة أن المصلحة في الدعوى هي الفائدة العملية التي تعود على المدعي من الحكم له بطلباته، وأن الإلغاء القضائي للقرار الإداري هو جزاء لمخالفته مبدأ المشروعية، ويؤدي إلى إعدام القرار بأثر رجعي اعتباراً من تاريخ صدوره، وإلغاء جميع الآثار المترتبة عليه، وبناء على ذلك فإن النتيجة الطبيعية التي تترتب على صدور الحكم بإلغاء قرار فصل موظف أن يعيد الحالة إلى ما كانت عليه قبل صدور قرار الفصل، وتنفيذ هذا الحكم يقتضي إعادة الموظف الذي حكم بإلغاء قرار فصله إلى ذات الوظيفة التي كان فصل منها بالقرار المحكوم بإلغائه، كما لو كان هذا القرار لم يصدر قط ".
وكذلك في حكمها الصادر في 30/9/2009 في الطعن رقم 160 لسنة 2009 إداري حيث قضت بأن: " ..... من المقرر في قضاء هذه المحكمة وفي القانون المقارن، أن الخصومة في دعوى الإلغاء، هي خصومة عينية مناطها اختصام القرار الإداري في ذاته، استهدافاً لمراقبة مشروعيته، وأن الإلغاء القضائي للقرار الإداري هو جزاء لمخالفته مبدأ المشروعية، ويؤدي إلى إعدام القرار بأثر رجعي اعتباراً من تاريخ صدوره، وإلغاء جميع الآثار المترتبة عليه، وبناء على ذلك فإن النتيجة الطبيعية التي تترتب على صدور الحكم بإلغاء قرار وقف موظف عن العمل، أن يعيد الحالة إلى ما كانت عليه قبل صدور قرار الوقف عن العمل، وتنفيذ هذا الحكم يقتضي إعادة الموظف الذي حكم بإلغاء قرار وقفه عن العمل، إلى ذات الوظيفة التي كان يشغلها قبل صدور القرار المحكوم بإلغائه، كما لو كان هذا القرار لم يصدر قط، واعتبار مدة خدمته متصلة لم يطرأ عليها أي انقطاع، وأن الرابطة الوظيفية قائمة ومنتجة لكافة آثارها القانونية، غير أن تحقيق هذه الآثار لا يترك رهناً لمشيئة الجهة الإدارية المختصة، إن شاءت أعملتها، وإن لم تشأ امتنعت عن إعمالها، بل يجب أن يتضمن الحكم إلزامها بتنفيذه، وما يترتب عليه من آثار، على النحو المذكور باعتبار أن ذلك أثراً من آثار قضائه بإلغاء القرار الصادر بوقف الموظف عن العمل، والمحكمة إذ تقضى بذلك فإنه لا يعتبر تدخلاً منها أو حلولاً للسلطة القضائية محل السلطة الإدارية، وإنما هو إعمال لحقها في الرقابة القضائية والقانونية على القرارات الإدارية، لما كان ذلك، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه خلص في قضائه إلى إلغاء القرار الصادر بوقف الطاعنة عن العمل وكان يتعين عليه أن يرتب الآثار الناتجة عن هذا القضاء، ويحكم بإلزام الجهة الإدارية المطعون ضدها بإعادة الطاعنة إلى عملها وصرف رواتبها ومخصصاتها المالية إن كان لها وجه، إلا أنه خالف هذا النظر، وقضى بعدم اختصاص المحكمة بهذه الطلبات وبناء على ما تقدم، فإنه يكون قد خالف القانون وشابه القصور المبطل في هذا الشأن".
2- إلا أن المحكمة الاتحادية العليا عدلت عن المبدأ السابق متخذة المبدأ التي استقر عليه محاكم القضاء الإداري في الدول ذات القضاء المزدوج (القضاء المقارن)، والذي يقضي بأن سلطة القاضي الإداري تقف عند حد القضاء بإلغاء القرار الإداري المشوب بعيب عدم المشروعية دون إلزام الإدارة بالقيام بعمل أو الامتناع عن عمل.
ويرجع سبب ذلك العدول لأسباب عديدة منها إعمال القانون الإداري المقارن الذي تمعّن ودرس إشكاليات هذه القرارات ليخرج بقاعدة تقوم على أسس سليمة وصحيحة، ومنها كذلك وجود معوقات وإشكاليات عديدة في تنفيذ الأحكام القضائية التي يتدخل فيها القاضي الإداري بإلزام الإدارة، وخاصة الشق القاضي بإعادة الموظف إلى عمله، نظراً لصعوبة قيام بعض الجهات الحكومية بتنفيذ هذا الشق، ومن ذلك الطعن المقدم من جهة حكومية ضد حكم بإلزامها بإعادة موظف إلى عمله، وتتلخص الوقائع في أن موظف اختصم جهة عمله الحكومي طالباً إلغاء قرار إنهاء خدمته وإعادته إلى وظيفته السابقة مؤيداً دعواه بأنه كان محبوساً على ذمة قضية جزائية، وأن محكمة الاستئناف قضت ببراءته، ولمّا تقدم إلى إدارته للرجوع إلى عمله فوجئ بقرار إنهاء خدمته، وقضت محكمة أول درجة بإلغاء القرار واعتباره كأن لم يكن، وإعادته إلى عمله وصرف مستحقاته المالية كافة، وأيّدت محكمة أبوظبي الاتحادية الاستئنافية هذا الحكم، وطعنت الجهة الحكومية في الحكم على سند أنه خالف القانون، حيث أنها أنهت خدمة الموظف بسبب استقالته الحكمية (الغياب) وأنه يتعذر عليها الاستجابة لطلبه بسبب إسناد اختصاصه الوظيفي لجهة أخرى وأنها خضعت لإعادة الهيكلة وأن قانون الموارد البشرية في الحكومة الاتحادية يعتبر إعادة الهيكلة سبباً لإنهاء الخدمة، وأن الموظف المدعي لم يتم تسكينه لشغل أي من الوظائف الجديدة، لعدم اجتيازه مقابلات قدرات الأداء، وأنه أدخل السجن على ذمة قضايا جزائية، لكن المحكمة الاتحادية العليا رفضت هذا الطعن على سند أن صحيفة الطعن خلت تماماً من بيان واضح ودقيق للعيب الذي شاب حكم الاستئناف.
وبذلك اعتمدت المحكمة الاتحادية العليا المبدأ الجديد والذي بدا واضحاً في أحكامها اللاحقة على النحو التالي:
قضت المحكمة الاتحادية العليا في حكمها الصادر في 21 أبريل سنة 2010 في الطعون أرقام 245 و247 و313 لسنة 2009 إداري، بأنه: ".. ... ذلك إنه ولئن كان للقضاء أن يبسط رقابته على نشاط الإدارة حتى لا تنحرف بنشاطها عن نطاق وحدود المشروعية. إلا أن هذه الرقابة لا تخول القضاء أن يحل محل الإدارة فيما تستقل به من نشاط إداري صرف يدخل تحت ولايتها الإدارية وتخضع لسلطتها التقديرية. وأن الترقية في مجال الوظيفة العمومية محكومة بقوانين ولوائح تلتزم بها الإدارة وتقدرها عند ترقية موظفيها. لما كان ذلك وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه وقف بالدعوى عند حد القضاء بإلغاء قرار إنهاء خدمة الطاعن وإحالته إلى التقاعد وإعادة الحال إلى ما كان عليه قبل صدور القرار المطعون عليه، دون التصدي لطلب الترقية التزاماً بطبيعة دعوى الإلغاء، فإنه بذلك يكون قد وافق صحيح القانون ويغدو النعي قائماً على غير أساس، مما يتعين معه رفض الطعن.
وكذلك حكمها الصادر في 12 يونيو سنة 2013 في الطعنان رقما 106 و171 لسنة 2013 إداري بأنه:" ....... لما كان قضاء هذه المحكمة في طعني الهيئة العامة رقمي 2،1 لسنة 2011 قضائية عليا، استقر على أن سلطة القاضي الإداري تقف عند حد القضاء بإلغاء القرار الإداري المشوب بعيب عدم المشروعية، ولا تتجاوز سلطتها في هذا الصدد إلى حد القضاء بإلزام الإدارة القيام بعمل أو الامتناع من القيام بعمل إلا إذا نص القانون على خلاف ذلك، وإذ قضى الحكم المطعون فيه بإلغاء الحكم المستأنف في الجزء القاضي بإعادة الطاعن إلى عمله وصرف كافة رواتبه والبدلات والزيادات المستحقة، فإنه لا يكون قد خالف القانون ".
3-رغم عدول المحكمة الاتحادية العليا عن المبدأ السابق، واعتناقها لمبدأ عدم تدخل القاضي الإداري، وبأن سلطته تقف عن حد إلغاء القرار الإداري إلاّ أن هناك بعض الأحكام الصادرة عن المحاكم الاتحادية (الابتدائية والاستئنافية) انحرفت عن هذا المبدأ، ومنها :
أقام المدعي الدعوى رقم 77 لسنة 2010 إداري كلي أبوظبي اختصم فيها المدعى عليها طالباً إلغاء القرار الإداري الصادر عن وزير الداخلية بإنهاء خدمته، وبإعادته إلى عمله مع احتساب الفترة ما بين قرار الإنهاء والإعادة فترة عمل يستحق عنها كامل حقوقه الوظيفية. وقال شرحاً لدعواه أنه يعمل لدى المدعى عليها برتبة مساعد مسلح على مرتب شرطة المناطق الخارجية، وأنه طوال فترة عمله كان حسن السيرة والسلوك والسمعة ولم يرتكب أية أخطاء إدارية ولم تصدر بحقه أية عقوبات تأديبية، وأن النيابة العامة اتهمته باختلاس حمولة سكراب – حديد خردة – وقدمته للمحاكمة الجزائية، وأنه قضى ببراءته ابتداءً واستئنافاً بحكم أضحى باتاً، إلا أن جهة عمله قدمته إلى المحاكمة التأديبية أمام مجلس التأديب الدائم الخاص برجال الشرطة الذي قضى بالحسم من راتبه لمدة شهرين وبحبسه ثلاثة أشهر والإنذار. وأنه وإذ نفذ الجزاءات التأديبية، فقد صدر قرار من وزير الداخلية بإنهاء خدمته اعتباراً من 27/2/2009، وأنه و لما كان قرار الإنهاء قد جاء مخالفاً للقانون وخالياً من سببه المشروع ، فقد أقام دعواه بطلباته سالفة البيان. ومحكمة أول درجة قضت في 29/2/2010 بإلغاء قرار إنهاء الخدمة وما ترتب عليه من أثار، وبإعادة المطعون ضده إلى عمله. استأنفت المدعى عليها قضاء الحكم المذكور بالاستئناف رقم 14 لسنة 2011 إداري كلي أبوظبي، ومحكمة أبوظبي الاتحادية الاستئنافية قضت في 26/4/2011 بالتأييد.
وكذلك ما قضي به في الدعوى رقم 180 لسنة 2010 إداري كلي أم القيوين اختصم فيها المدعى عليها، واستقرت طلباته الختامية على طلب إلغاء قرار وزير التربية والتعليم رقم 195 لسنة 2010 بتاريخ7/6/2010 بإنهاء خدمته، وإعادته إلى عمله بنفس الكادر والدرجة الوظيفية اعتباراً من تاريخ قرار الفصل. وقال شرحاً لدعواه، أنه عمل بالوزارة بوظيفة مساعد مدير مدرسة ...... للتعليم الأساسي بالمنطقة التعليمية بأم القيوين، إلى أن فوجئ بقرار إنهاء خدمته سببته الإدارة بأنه سرب امتحان الرياضيات لابن مدير المدرسة حال أن هذا السبب لا يقوم على أي أساس من الواقع والقانون ومن ثم كانـت الدعـوى بالطلبات سالفـة البيان ومحكمـة أم القيوين الاتحادية الابتدائية قضت بجلسة 17/10/2010. بعدم الاختصاص المحلي وأحالت الدعوى إلى محكمة أبوظبي الاتحادية الابتدائية فتم نظرها أمام هذه المحكمة برقم 362 لسنة 2010، وبجلسة 31/3/2011 قضت بإلغاء القرار المطعون فيه، وإعادة المدعى إلى وظيفته، استأنفت المدعى عليها قضاء محكمة أول درجة بالاستئناف رقم 60 لسنة 2011 ومحكمة أبوظبي الاتحادية الاستئنافية قضت في 24/10/2011 بالتأييد.
4-فضلاً عن انحراف المحكمة الاتحادية العليا ذاتها عن ذلك المبدأ في أحكام لاحقة، ومنها حكمها الصادر عنها بجلسة 13 نوفمبر 2013 في الطعن رقم 414 لسنة 2013 إداري، والقاضي بأن:"...... انقطاع الموظف عن عمله خلال المدة المحددة قانوناً بغير إذن أو بدون عذر قرينة قانونية على استقالته بتركه لوظيفته وهجره لها. وللجهة الإدارية سلطتها التقديرية في إعمال هذه القرينة من عدمه، وفي حال إعمالها وجوب إصدار قرار بإنهاء خدمة الموظف بمجرد تحقق شروط الانقطاع، أما تغاضي جهة الإدارة عن إعمال القرينة السابقة رغم توافر عناصرها واتخاذها قرار ينبئ عن انصراف إرادتها في إعمال أثر الانقطاع عن العمل. مؤداه. لا تنفصم العلاقة القانونية بين الموظف وجهة عمله. وتصرفها بعد ذلك واعتبارها الموظف مستقيلاً من تاريخ انقطاعه عن العمل رغم اتخاذ إجراء لاحق للانقطاع يعدّ خروجاً صارخاً على القانون ولا أثر قانوني له ولا يعتد به في مقام تأثيم الانقطاع أو في مقام الالتزام بمجازاة الموظف المخالف باعتباره مازال من الموظفين المستمرين في العمل ولم تنته خدمته. فإنه لا ينبغي أن تعود وتصدر القرار بإنهاء الخدمة بالاستقالة بحكم القانون لانقطاع الموظف عن العمل وإذ كان هذا الذي خلص اليه الحكم سائغاً بما له أصل ثابت بالأوراق ولا مخالفة فيه للقانون وكافياً لحمل قضائه ويضحى النعي برمته على غير أساس صحيح من القانون".
ونلاحظ من خلال الأحكام الصادرة عن المحاكم الاتحادية أعلاه ما يلي:
أن المحكمة الاتحادية العليا استقرت بداية على مبدأ الأثر الرجعي للقرار الإداري بشأن إنهاء خدمة الموظف، فأصدرت أحكاماً بإلغاء القرار الإداري في حال ثبت عدم صحته أو مشروعيته وإعادة الموظف لجهة عمله وصرف رواتبه عن الفترة من تاريخ صدور القرار الإداري بإنهاء خدمته وحتى صدور الحكم.
إلاّ أن المحكمة عدلت عن هذا المبدأ، نظراً لاطلاعها على أحكام وقوانين إدارية مقارنة أخرى وهو ما أجازه لها الدستور ونظراً لإشكاليات ومعوقات التنفيذ، فاعتنقت مبدأ آخر يتمثل في أن سلطة القاضي الإداري تقف عند حد إلغاء القرار الإداري المشوب بعيب عدم المشروعية، ولا تتجاوز سلطته حد إلزام الإدارة بالقيام بعمل أو الامتناع من القيام بعمل. إلاّ أنه مع ذلك فقد صدرت أحكاماً لاحقة من المحاكم الاتحادية الابتدائية والاستئنافية بخلاف المبدأ المستقر عليه، بل أن المحكمة الاتحادية العليا ذاتها قد انحرفت بعض الشيء عن هذا المبدأ في الطعن رقم 414 لسنة 2013 حينما قضت بأن قرار الإدارة يعدّ خروجاً صارخاً على القانون ولا أثر قانوني له ولا يعتد به في مقام تأثيم الانقطاع أو في مقام الالتزام بمجازاة الموظف المخالف باعتباره مازال من الموظفين المستمرين في العمل ولم تنته خدمته. أي أنها لم تقف عن حد إلغاء القرار الإداري غير المشروع بل تجاوزت ذلك بالنص على الموظف مازال من الموظفين المستمرين في العمل ولم تنته خدمته وهو ما يعني إلزام الإدارة بإعادته للعمل الذي انقطع عنه باعتباره مازال مستمراً ولم تنته خدمته.