الحركات الدورية للكرة الأرضية
خلفية علمية
حركات الكرة الأرضية
للكرة الأرضية حركتان أساسيتان- الدوران حول نفسها والدوران حول الشمس.
حركة الدوران حول نفسها ونتيجتها- اليوم
تدور الكرة الأرضية حول نفسها بدون توقّف، بعكس اتّجاه الساعة (من الغرب إلى الشرق)، وكلّ دورة تستغرق 24 ساعة- أي يومًا، ويشمل النهار والليل. دوران الكرة الأرضية  حول نفسها يحدث حول محور وهميّ يمرّ بين القطب الشمالي والقطب الجنوبي. في كلّ ساعة خلال اليوم يتّجه جزء من الكرة الأرضية إلى الشمس، وعندها يسود النهار في هذا الجزء. في هذا الوقت- في الجزء الذي لا يتّجه إلى الشمس، في الجانب الآخر من الكرة الأرضية، يسود ليل. عندما تستمرّ الكرة الأرضية في الدوران- الجزء الذي كان مضاءً يظلم تدريجيًا، ويسوده الليل؛ في نفس الوقت- الجزء الذي كان مظلمًا يتّجه إلى الشمس، ويطلع الضوء فيه تدريجيًا. المنطقة الضيّقة التي يتبدّل فيها النهار والليل تُسمّى منطقة الإضاءة عندما يحلّ الصباح في مكان معيّن، أو منطقة الشفق عندما يحلّ المساء إلى مكان معيّن.
منظر الشمس التي تشرق في الصباح وتغيب في المساء هو منظر مضلّل، وحتّى القرن السادس عشر كان بنو البشر على ثقة بأنّ الشمس تتحرّك بالفعل، لكنّ تلك حركة وهمية، ليست حقيقية. الشمس لا تتحرّك حول الكرة الأرضية، تضيء الكرة الأرضية بصورة ثابتة في كلّ ساعات اليوم، وسبب تبدّل النهار والليل هو الكرة الأرضية، التي تدور حول محورها.
أشعّة الشمس خلال النهار
Zone de Texte:  

تتغيّر خلال اليوم الزاوية التي تسقط بها أشعّة الشمس على سطح الكرة الأرضية، وتتغيّر أيضًا المسافة التي تقطعها أشعّة الشمس في الغلاف الغازيّ إلى أن تصل إلى الكرة الأرضية. تؤدّي التغيّرات التي تحدث في زاوية الأشعّة إلى تغيّرات في درجة الحرارة خلال ساعات النهار- في الصباح وبعد الظهر أبرد من الظهر.
·        زاوية سقوط أشعّة الشمس على سطح الأرض
بسبب دوران الكرة الأرضية حول نفسها، تتغيّر خلال النهار الزاوية التي تسقط بها أشعّة الشمس على سطح الأرض (أكبر زاوية تسقط بها أشعّة الشمس على سطح الأرض هي o90، وتحدث فقط في جزء من سطح الكرة الأرضية وفقط في أيّام معيّنة في السنة).
هناك علاقة بين الزاوية التي تسقط بها الأشعّة على سطح الأرض وبين كمّية الأشعّة التي تتلقّاها كلّ وحدة مساحة: في كلّ مكان، في ساعات الظهر، تصل الشمس إلى أوج ارتفاعها فوق الأفق في رحلتها اليومية (الوهمية) على طول قبّة السماء. وهذه هي أكبر زاوية أشعّة خلال اليوم. عندها تسخّن كمّية أشعّة الشمس التي تصل إلى سطح الأرض أصغر مساحة- ووحدة المساحة هذه تحصل على أكبر كمّية من الأشعّة. في الصباح وقبيل المساء تكون زاوية الأشعّة أصغر، ولذلك نفس الكمّية من أشعّة الشمس تسخّن مساحة أكبر، وعندئذ وحدة المساحة نفسها تحصل على كمّية أقلّ من الأشعّة (انظروا الرسم التوضيحي).  
·        المسافة التي تقطعها أشعة الشمس في الغلاف الغازي
تتّخذ إشعاعات الشمس طريقها إلى الكرة الأرضية في الغلاف الغازي، والهواء والغيوم الموجودة في الغلاف الغازي تمتصّ جزءًا من الأشعّة. في كلّ مكان على سطح الكرة الأرضية، في ساعات الظهر، عندما تتّخذ أشعّة الشمس طريقها إلى سطح الكرة الأرضية بأكبر زاوية، تكون المسافة التي تقطعها الإشعاعات أقصر. لذلك في هذه الساعات، فقط جزء صغير نسبيًا من إشعاعات الشمس يُمتصّ في الغلاف الغازي- وكمّية الأشعّة التي تصل  إلى الأرض تكون الأكبر. في ساعات الصباح وقبيل المساء، عندما تتّخذ الأشعّة طريقها إلى سطح الكرة الأرضية بأصغر زاوية (زاوية حادّة)، تقطع إشعاعات الشمس مسافة أكبر. لذلك في هذه الساعات يُمتصّ جزء أكبر من الأشعّة في الغلاف الغازي- وكمّية الأشعّة التي تصل إلى الأرض تكون أقلّ.
دوران الكرة الأرضية حول نفسها وقياس الزمن
بما أنّ النهار والليل يحدثان في زمن مختلف في أماكن مختلفة على سطح الكرة الأرضية، تمّ تقسيم مساحة الكرة الأرضية إلى 24 منطقة زمنية، حسب 24 ساعات اليوم. كلّ منطقة زمنية هي المساحة المشمولة في 15 خطّ طول، وفي كلّ هذه المساحة تكون الساعة نفسها. لماذا 15 خطّ طول؟ حدّدوا ذلك بواسطة تقسيم 360 درجات الدائرة الكاملة التي تشير إلى محيط الكرة الأرضية (أو 360 خطوط الطول التي تغطّي كلّ مساحة الكرة الأرضية) على 24 ساعات اليوم.
وفقًا لقرارات لجنة دولية، خطّ الطول 0 يمرّ في بلدة چرينيتش التي بالقرب من لندن، في بريطانيا. وهكذا على خطّ الطول o15 شرقي چرينيتش تبيّن الساعة ساعة واحدة متأخّرة أكثر؛ وعلى خطّ الطول o15 غربي چرينيتش تبيّن الساعة ساعة واحدة مبكّرة أكثر، وهكذا. حدّدت اللجنة أيضًا أن يكون خطّ الطول o180، الموجود مقابل خطّ الطول o0 "خطّ التاريخ الدولي"- الخطّ الذي يشكّل حدًّا بين تاريخين. كما أسلفنا، عادةً، في كلّ منطقة زمنية الساعة هي نفسها، لكن لأسباب مختلفة في جزء من المناطق الزمنية، لا يُحفظ الزمن بصورة متواصلة. تمّ تحديد جزء من الانحرافات لمنع تقسيم عدّة دول إلى عدد من المناطق الزمنية أو لمنع فوارق زمنية بين مدن متجاورة. من الجدير ذكره أنّ الدول التي مساحتها كبيرة تمتدّ على عدّة مناطق زمنية، ويمكن أن تكون فوارق زمنية تصل إلى عدّة ساعات بين قسمها الشرقي وقسمها الغربي. في الولايات المتّحدة على سبيل المثال، هناك فرق يصل إلى 3 ساعات بين نيويورك التي تقع في شرق الدولة وولاية لوس أنجلوس التي تقع في غربها.
حركة دوران الكرة الأرضية حول الشمس ونتائجها- السنة وفصول السنة
تدور الكرة الأرضية حول الشمس بدون توقّف، وتستغرق كلّ دورة 365.25 يوم، أي سنة واحدة. تدور الكرة الأرضية حول الشمس بعكس اتّجاه عقارب الساعة، في مسار شكله بيضاوي (لكنّ هذا الشكل البيضاوي قريب جدًّا من الدائرة).
تتحرّك الكرة الأرضية حول الشمس على مستوى يسمّى المستوى المداري، وسائر الكواكب السيّارة (باستثناء جزء من الكواكب السيّارة الصغيرة) التي تدور حول الشمس، تتحرّك في مسار يشبه مسار الكرة الأرضية. على طول السنة، خلال دوران الكرة الأرضية حول الشمس، يتغيّر موقع الكواكب ومجموعات الكواكب في السماء، وهذه التغيّرات هي دورية- يتغيّر موقعها بنفس الصورة كلّ سنة.
أشعّة الشمس تتأثّر بميل محور الكرة الأرضية
محور دوران الكرة الأرضية لا يعامد بزاوية o90 المستوى المداري، وإنّما يميل بزاوية مقدارها 23.5 درجة بالنسبة للعمود على المستوى المداري. ميل الكرة الأرضية هذا باتّجاه المستوى المداري تأثير على كمّية أشعّة الشمس التي تصل إلى سطحها، وله ثلاث نتائج أساسية:
1.     هذا الميل سبب لتبدّل فصول السنة.
2.     هذا الميل سبب لتعاكس فصول السنة في نصف الكرة الشمالي وفي نصف الكرة الجنوبي- عندما يكون شتاء في الشمالي يكون صيف في الجنوبي وبالعكس عندما يكون صيف في الشمالي يكون شتاء في الجنوبي.
3.     هذا الميل هو سبب لكون القطبين أبرد من خطّ الاستواء.

لإدراك تأثير ميل محور الكرة الأرضية باتّجاه المستوى المداري، يجب التعرّف على المصطلح سمت: الذي يعني- النقطة الموجودة بزاوية o90 فوق رؤوسنا. عندما تكون الشمس في سمت في منطقة معيّنة تسقط إشعاعاتها على سطح الأرض بزاوية o90، وعندها تكون كمّية الأشعّة التي تصل إلى سطح الأرض هي الأكبر. لو لم يكن محور الكرة الأرضية مائلاً بالنسبة للمستوى المداري، لكانت الشمس في سمت في خطّ الاستواء فقط. لكن بسبب ميل المحور تكون الشمس في سمت مرّتين في السنة في الظهر في كلّ مكان بين خطّ العرض 23.5 (مدار السرطان) شمالاً وخطّ العرض 23.5 جنوبًا (مدار الجدي). خطّا العرض هذان مطابقان بالضبط لزاوية ميل المحور بالنسبة للمستوى المداري- 23.5 درجة.
زاوية ميل واتّجاه ميل محور الكرة الأرضية لا يتغيّران خلال الدوران حول الشمس. لكن بسبب ميل الكرة الأرضية، تتغيّر الزاوية التي تسقط بها أشعّة الشمس على الأرض من فصل إلى آخر خلال السنة، وفي كلّ فصل "يحظى" جزء آخر من الكرة الأرضية بأشعّة شمس أقوى، بحيث تحظى دائمًا المناطق الأقرب من خطّ الاستواء بكمّية أكبر من الأشعّة ممّا في المناطق البعيدة عنه. لنفحص أربعة تواريخ خلال السنة في نصفَي الكرة الأرضية، الشمالي والجنوبي- 23 تشرين الأوّل، 22 كانون الأوّل، 21 آذار، 21 حزيران. تشير هذه التواريخ إلى أربع حالات أوج فصول السنة خلال دوران الكرة الأرضية حول الشمس.
في 23 أيلول تكون الشمس بسمت (بزاوية 90 درجة) فوق خطّ الاستواء. في هذا اليوم يكون النهار والليل متساويين، لذلك يسمّى يوم التعادل. شمالي خطّ الاستواء في نصف الكرة الشمالي يسود الخريف وجنوبي خطّ الاستواء، في نصف الكرة الجنوبي، يسود الربيع. منذ هذا التاريخ فصاعدًا تكون الشمس في سمت في المناطق الواقعة جنوبي خطّ الاستواء، وفي نصف الكرة الجنوبي يسود الصيف عندئذ.
بعد هذا التاريخ بثلاثة أشهر- في 22 كانون الأوّل- تكون الشمس بسمت في خطّ الطول 23.5 جنوبًا (مدار الجدي)، وهذا أوج الصيف في نصف الكرة الجنوبي وأوج الشتاء في نصف الكرة الشمالي. في هذا اليوم في نصف الكرة الشمالي يكون ارتفاع الشمس فوق الأفق في ساعات الظهر هو الأصغر في السنة، بينما في نصف الكرة الجنوبي يكون ارتفاع الشمس فوق الأفق في ساعات الظهر هو الأكبر خلال السنة. يُسمّى هذا اليوم "يوم الانقلاب" لأنّ حركة الشمس الوهمية فيه تنقلب وفي نصف الكرة الجنوبي تظهر الشمس كلّ يوم أقلّ انخفاضًا في ساعات الظهر، وتظهر في نصف الكرة الشمالي كلّ يوم أعلى في ساعات الظهر.
تستمرّ الكرة الأرضية في حركتها حول الشمس وبعد مرور ثلاثة أشهر، في 21 آذار، تكون الشمس مرّة ثانية في سمت فوق خطّ الاستواء- في هذا اليوم يكون في نصف الكرة الشمالي أوج الربيع، وفي نصف الكرة الجنوبي أوج الخريف، ونحصل مرّة أخرى على يوم التعادل الذي يتساوى فيه النهار والليل.
في الأشهر الثلاثة التالية تستمرّ الشمس في سمت في أماكن أكثر شمالية عن خطّ الاستواء، وفي 21 حزيران تكون الشمس في سمت في خطّ العرض 23.5 شمالاً، وهذا أوج الصيف في نصف الكرة الشمالي وأوج الشتاء في نصف الكرة الجنوبي. في هذا اليوم في نصف الكرة الشمالي يكون ارتفاع الشمس فوق الأفق في ساعات الظهر هو الأعلى في السنة، بينما في نصف الكرة الجنوبي، يكون ارتفاع الشمس فوق الأفق في ساعات الظهر هو الأقلّ خلال السنة. مرّة أخرى نكون في يوم انقلاب تنقلب عنده فصاعدًا حركة الشمس الوهمية، وفي نصف الكرة الشمالي تظهر الشمس كلّ يوم أقلّ انخفاضًا في ساعات الظهر، وفي نصف الكرة الجنوبي تظهر كلّ يوم أعلى في ساعات الظهر.
نفصّل فيما يلي فصول السنة على سطح الكرة الأرضية وتغيّر طول النهار والليل حسبها:
شتاء في نصف الكرة الشمالي، وصيف في نصفها الجنوبي: عندما تكون أشعّة الشمس أشدّ في نصف الكرة الجنوبي- يسود الصيف هناك: درجات الحرارة أعلى، في ساعات الظهر تكون الشمس عالية فوق الأفق ولذلك تكون النُّهر طويلة والليالي قصيرة. في هذه الفترة تكون أشعّة الشمس في نصف الكرة الشمالي أضعف ويسود الشتاء هناك- درجات الحرارة منخفضة، في ساعات الظهر تكون الشمس منخفضة فوق الأفق ولذلك تكون النُّهر قصيرة والليالي طويلة. كلّما ابتعدنا عن خطّ الاستواء شمالاً- كان الشتاء أشدّ بردًا والليالي أطول، حتّى أنّه في مدار القطب، شمالي خطّ العرض o66 شمالاً، يخيّم الليل لمدّة ثلاثة أشهر تقريبًا في السنة. أقصر يوم في الشتاء الشمالي هو في 22 كانون الأوّل، اليوم الذي يُسمّى "يوم الانقلاب" لأنّ فيه تنقلب الأمور، وتبدأ النُّهر في القصر في نصف الكرة الجنوبي وفي الاستطالة في نصف الكرة الشمالي.
الفصلان الانتقاليان، الربيع والخريف: سيود الفصل الانتقالي عندما تكون الكرة الأرضية في حالة تتّجه فيها كلّها بصورة متساوية نحو الشمس. 21 آذار وَ 23 تشرين الأوّل يُسمّيان "يومَي التعادل"، لأنّ طول النهار والليل متساوٍ.
صيف في نصف الكرة الشمالي، وشتاء في نصفها الجنوبي: عندما تكون أشعّة الشمس أشدّ في نصف الكرة الشمالي- يسود الصيف هناك: درجات الحرارة أعلى، تكون الشمس عالية فوق الأفق، والمدّة الزمنية التي تمكث فيها فوق الأفق طويلة ولذلك تكون النُّهر طويلة والليالي قصيرة. مقابل ذلك تكون أشعّة الشمس في نصف الكرة الشمالي أضعف ويسود الشتاء هناك- درجات الحرارة منخفضة، تكون الشمس منخفضة فوق الأفق، والمدّة الزمنية التي تمكث فيها فوق الأفق قصيرة، ولذلك تكون النُّهر قصيرة والليالي طويلة. كلّما ابتعدنا عن خطّ الاستواء جنوبًا- كان الشتاء أشدّ بردًا والليالي أطول، حتّى أنّه في مدار القطب، (خطّ العرض o66 جنوبًا) يخيّم الليل لمدّة ثلاثة أشهر تقريبًا في السنة. أطول يوم في نصف الكرة الشمالي هو في 21 حزيران، ويُسمّى هو أيضًا "يوم الانقلاب" لأنّ فيه تنقلب الأمور، وتبدأ النُّهر في القصر في نصف الكرة الشمالي وفي الاستطالة في نصف الكرة الجنوبي.
Previous Post Next Post