الفرق بين الحجز التحفظي والحجز التنفيذي ما يلي :
1 - أن الحجز التحفظي لا يلزم لإجرائه وجود سند تنفيذي مع الحاجز ، أما الحجز التنفيذي فلا بد أن يكون مع طالبه سند تنفيذي .
2 – أن الحجز التحفظي لا تسبقه مقدمات التنفيذ بل يقتضي غالباً مفاجأة المدين قبل أن يتمكن من التصرف في أمواله ، وإن كان لا بد من إعلانه بهذا الحجز بعد وقوعه . أما الحجز التنفيذي فلا بد أن تسبقه مقدمات التنفيذ من إعلان المدين بالسند التنفيذي وتكليفه بالوفاء وانقضاء ميعاد التنفيذ .
3 – أن الحجز التحفظي لا يخوِّل الحاجز سلطة تحريك إجراءات نزع الملكية . أما الحجز التنفيذي فيخوِّل الحاجز هذه السلطة .
4 – أن الـحـجـز الـتحفظي في العديد من النظم الوضعية لا يرد على العقار وإنما على المنقول فقط ( المواد 208-216 مرافعات سعودي ) و ( المواد 252-270 إجراءات إماراتـي )، و( المواد 304 – 309 مرافــعــات بحريني ) ، و ( المواد 398 – 404 مرافعات قطري ) ، و ( المواد 222-241 مرافعات كويتي ) ، و ( المواد 316-352 مرافعات مصري ) .
        أما الحجز التنفيذي فيرد على العقار والمنقول ( المواد 217-229 مرافعات سعودي ) ، و ( المواد 217 – 315 إجراءات إماراتـي ) و ( المواد 275 – 303 مرافعات بحريني ) ، و ( المواد 408 – 498 مرافعات قطري ) ، و ( المواد 242 – 281 مرافعات كويتي ) ، و ( المواد 353 – 468 مرافعات مصـري ) .
        وقد انتقد شُرَّاح نظام المرافعات المصري عدم ورود الحجز التحفظي على العقار ؛ لأن العقار إذا كان لا يمكن تهريبه مادياً فإنه يمكن تهريبه نظاماً بالتصرف فيه بالبيع وغيره، وإخراجه بالتالي من ضـمـان حـق الـدائـن ، ولـهـذا تُنظِّم بعض النظم حجزاً تحفظياً على العقار أسوةً بالحجز على المنقول ( المادة 572 تجارية سعودي)، و ( المادة 616 أصول محاكمات لبنانـي) و ( المادة 671 مرافعات إيطالي )([7]) ؛ علماً بأن ( المادة 208/2 لوائح مرافعات سعودي ) نصت على ما يلي : ( إذا كان المتنازع فيه عقاراً وقد أقيمت فيه الدعوى فللقاضي بناءً على طلب الخصم أن يأمر بوقف نقل الملكية وما في حكمها حتى تنتهي الدعوى إذا ظهر له ما يبرر ذلك ) وهذا يعني جواز إيقاع الحجز التحفظي على العقار ولكن في حدود الدعوى المرفوعة أي إذا كانت الدعوى مرفوعة حول ذات العقار فقط .
      ومن قواعد الفقه الرومانـي أنه( إذا لم توجد منقولات يحجز على العقار)([8]).
5 – في الحجز التحفظي لابد أن يكون الدين حالَّ الأداء ومُحقَّق الوجود ، ولا يلزم أن يكون مُعيَّن المقدار ،وإنما يتم تقديره بحكم القضاء ولو بعد إجراء الحجز ، أما الحجز التنفيذي فلا يجوز إيقاعه إلا إذا كان الدين حالَّ الأداء ومحقَّق الوجود ومُعيَّن المقدار .
6 – إذا حُكم ببطلان الحجز التحفظي أو بإلغائه لانعدام أساسه فإنه يُحكم على الحاجز في بعض النظم بغرامة فضلاً عن التعويضات للمحجوز عليه. أما إذا حُكم ببطلان الحجز التنفيذي أو إلغائه فلا عقاب على الحاجز ولا يُسأل عن التعويضات إلا إذا ثبت خطؤه أو سوء نيته ([9]).

تحوُّل الحجز التحفظي إلى حجز تنفيذي :          
        حتى يتمكن الحاجز حجزاً تحفظياً من استيفاء حقه من ثمن الأموال المحجوزة لابد أن يسعى إلى تحويل الحجز التحفظي إلى حجز تنفيذي ، ويتم ذلك عن طريق استيفاء شروط الحجز التنفيذي ، وأهمها أن يكون بيد الدائن سندٌ تنفيذي مؤكِّدٌ لحقٍّ مُحقَّق الوجود حالِّ الأداء مُعيَّن المقدار ، وكذلك استيفاء مقدمات التنفيذ التي منها إعلان المدين بالسند التنفيذي وتكليفه بالوفاء وانقضاء ميعاد التنفيذ في الأنظمة التي تشترط ذلك ([10]).


موقف الشريعة الإسلامية من الحجز والحراسة على الأموال :
أولاً - الحجز التنفيذي :
          ما دام أن الحجز التنفيذي على أموال المدين إنما هو تمهيد لبيعها فهو يُعَدُّ أول إجراءات التنفيذ الجبري ، وقد سبق بيان مشروعية التنفيذ الجبري ([11]).
ثانياً - الحجز التحفُّظي :
         إن من المقاصد العامة للشريعة الإسلامية جلب المصالح للعباد ودرء المفاسد عنهم، وما دام أن الحجز التحفظي فيه مصلحة للدائن حتى لا تضيع حقوقه ، وإذا كان الدائن قد أعطى من الضمانات مالا تبقى معه مضرة على المدين، فإنـي أرى مشروعية الحجز التحفظي. والله أعلم .
ثالثاً - الحراسة :
        لقد كان الفقهاء يسمون الحارس : أمين القاضي ، ووكيله ، وعدلاً ، وثقةً، ونحو ذلك من الاصطلاحات ، التي تدل على الصفات الواجب توافرها في شخص الحارس ، وقد طبق فقهاء الشريعة الإسلامية الحراسة القضائية على حالات عديدة منها : حالة النـزاع على ملكية الأشياء سـواءً أكـانــت عقاريةً أم منقولةً ، ومنها : حالة الحجر على أموال المدين لحفظ حق الدائنين ، ومنها : حالة دعوى الإرث فإذا رفعت هذه الدعوى من أحد الورثة في غياب الباقين منهم ، فإن القاضي يأمر بتسليم الوارث الحاضر نصيبه ، ويضع أنصبة الغائبين عند حارس.
        فالشريعة الإسلامية أوسع من النظم الوضعية في تطبيق الحراسة القضائية ([12]).


مصدر الحكم المراد تنفيذه
            تنقسم طرق التنفيذ بهذا الاعتبار إلى قسمين : أحدهما أحكام محلية أو وطنية، وثانيهما أحكام أجنبية ، وبيان ذلك فيما يلي :
أولاً - الأحكام المحلية أو الوطنية : المقصود بذلك ما يصدر من أحكام من نفس الدولة المطلوب التنفيذ فيها . وهذا النوع هو الغالب من الأحكام ولا إشكال في وجوب تنفيذها تنفيذاً جبرياً متى  ما توفرت الشروط التي سبقت الإشارة إليها .
        كما سبق بيان موقف الشريعة الإسلامية من ذلك ([13]).
ثانياً - الأحكام الأجنبية : تتفق النظم الوضعية على تنفيذ الأحكام القضائية وأحكام المحكَّمين والسندات الصادرة من دولة أجنبية ، وذلك بعد قيام المحكمة المختصة أو إدارة التنفيذ بالتأكد من توافر الشروط المطلوبة لذلك . انظر : ( المواد 235 – 238 إجراءات إماراتـي ) ، و ( المواد 252 – 255 مرافعات بحريني) و ( المواد 379 – 383 مرافعات قطري ) ، و ( المواد 199 – 203 مرافعات كويتي ) ، و ( المواد 296 – 301 مرافعات مصري ) .
أما في المملكة العربية السعودية فإن ديوان المظالم هو الجهة المختصة بالفصل في طلبات تنفيذ الأحكام الأجنبية ( المادة 8 / ز مظالم سعودي ).([14])
        وانظر التعميم الصادر من معالي وزير العدل برقم 8/ت/191 في 5/8/1414 هـ([15])  المبلِّغ لقرار مجلس الوزراء الصادر برقم 78 في 14/7/1414هـ الذي نصت الفقرة ثانياً منـه على ما يـلي : " يختـص ديوان المظالم بالنظر في طلبات تنفيذ أحكام المحكَّمين الأجنبية ". أ هـ .
        وقد تضمن قرار مجلس الوزراء المنوَّه عنه : الموافقة على انضمام المملكة إلى اتفاقية الاعتراف وتــنفيذ أحكام المحكَّمين الأجنبية لدى هيئة الأمم المتحدة على أنها ستُقصر على إقليم دولة متعاقدة .
        وقد نصت (المادة الخامسة / 2) من هذه الاتفاقية على ما يلي : يجوز للسلطة المختصة في البلد المطلوب إليه الاعتراف وتنفيذ حكم المحكَّمين أن ترفض الاعتراف والتنفيذ إذا تبيَّن لها :
( أ ) أن قانون ذلك البلد لا يجيز تسوية النـزاع عن طريق التحكيم .
( ب) أو أن في الاعتـراف بحـكم المحكَّمين أو تنفيذه ما يخـالف النظـام العام في هذا البلد " . أهـ.     
        كما أن الاتفاقية المعقودة بين دول الجامعة العربية –حول تنفيذ الأحكام –الواردة لرئاسة القضاة شفع كتاب مدير مكتب وزارة الخارجية بالرياض رقم 1/28/68 في 11/4/1390هـ ، المعمَّمة على المحاكم من سماحة نائب رئيس القضاة برقم 67 / 2/ت في 16/5/1390هـ المتضمنة : أن حكومات السعودية والأردن وسوريا والعراق ولبنان ومصر واليمن قد اتفقت على عدة أمور تتعلق بتنفيذ الأحكام فيما بين دولها ، نصَّت ( المادة الثانية ) منها على ما يلي : " لا يجوز للسلطة القضائية في الدولة المطلوب إليها التنفيذ أن تبحث في موضوع الدعوى ، ولا يجوز لها أن ترفض تنفيذ الحكم إلا في الأحوال الآتية :
أ  - إذا كانت الهيئة القضائية التي أصدرت الحكم غير مختصة بنظر الدعوى بسبب عدم ولايتها – عدم الاختصاص المطلق – أو بحسب قواعد الاختصاص الدولي.
ب – إذا كان الخصوم لم يُعلَنوا على الوجه الصحيح .
ج – إذا كان الحكم مخالفاً للنظام العام أو الآداب العامة في الدولة المطلوب إليها التنفيذ ، وهي صاحبة السلطة في تقدير كونه كذلك وعدم تنفيذ ما يتعارض منه مع النظام العام أو الآداب العامة فيها ، أو إذا كان الحكم مناقضاً لمبدأ معتبر كقاعدةٍ عموميةٍ دوليةٍ .
د – إذا كان قد صدر حكم نهائي بين نفس الخصوم في ذات الموضوع من  إحدى محاكم الدولة المطلوب إليها التنفيذ ، أو أنه توجد لدى هذه المحاكم دعوى قيد النظر بين نفس الخصوم في ذات الموضوع رُفعت قبل إقامة الدعوى أمام المحكمة التي أصدرت الحكم المطلوب تنفيذه " .أ هـ.
        كما نصَّت ( المادة الثالثة ) منها على ما يلي :  " مع مراعاة ما ورد في المادة الأولى  من هذه الاتفاقية ([16]) لا تملك السلطة المطلوب إليها تنفيذ حكم محكَّمين صادر في إحدى دول الجامعة العربية إعادة فحص موضوع الدعوى الصادر فيها حكم المحكَّمين المطلوب تنفيذه ، وإنما لها أن ترفض طلب تنفيذ حكم المحكَّمين المرفوع إليها في الأحوال الآتية :
أ  - إذا كـان قانون الدولة المطلوب إليها تنفيذ الحكم لا يجيز حَلَّ موضوع النـزاع عن طريق التحكيم .
ب – إذا كان حكم المحكَّمين غير صادرٍ تنفيذاً لشرطٍ أو لعقد تحكيمٍ صحيحين .
ج – إذا كان المحكَّمون غير مختصين طبقاً لعقد أو شرط التحكيم أو طبقاً للقانون الذي صدر قرار المحكَّمين على مقتضاه .
د  - إذا كان الخصوم لم يُعلَنوا بالحضور على الوجه الصحيح .
هـ – إذا كان في حكم المحكَّمين ما يخالف النظام العام أو الآداب العامة في الدولة المطلوب إليها التنفيذ ، وهي صاحبة السلطة في تقدير كونه كذلك وعدم تنفيذ ما يتعارض منه مع النظام العام أو الآداب العامة فيها .
و  - إذا كان حكم المحكَّمين ليس نهائياً في الدولة التي صدر فيها ".  أ هـ. ([17]) 
          أما بالنسبة للمستندات التي يجب إرفاقها بطلب التنفيذ المنصوص عليها في المادة الخامسة من هذه الاتفاقية فقد سبق بيانها عند الكلام عن مقدمات التنفيذ ([18]).
        كما أن اتفاقية تنفيذ الأحكام والإنابات والإعلانات القضائية بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية التي أقرها المجلس الأعلى لمجلس التعاون في دورته السـادسة عشرة التي عُقدت بمدينة مسقط خلال الفترة من 12 إلى 14 رجب لعام 1416هـ المصادق عليها بالمرسوم الملكي الكريم الصادر برقم م / 3 في 28/4/1417هـ ([19]) قد نصَّت( المادة 2) منها على ما يلي :
" يُرفض تنفيذ الحكم كلِّه أو جزءٍ منه في الحالات الآتية :
أ – إذا كان مخالفاً لأحكام الشريعة الإسلامية أو أحكام الدستور أو النظام العام في الدولة المطلوب إليها التنفيذ .
ب – إذا كان غيابياً ولم يُعلَن الخصم المحكوم عليه بالدعوى أو الحكم إعلاناً صحيحـاً.
ج – إذا كـان الـنــزاع الصادر في شأنه الحكم محلاً لحكمٍ سابقٍ صادرٍ في الموضوع بين الخصوم أنفسهم ، ومتعلقاً بذات الحـق محلاً وسبباً ، وحـائزاً لقوة الأمر المقضـي به لدى الدولة المطلوب إليها التنفيذ أو لدى دولةٍ أخرى عضوٍ في هذه الاتفاقية .
د  - إذا كان النـزاع الصادر في شأنه الحكم المطلوب تنفيذه محلاً لدعوى منظورة أمام إحدى محاكم الدولة المطلوب إليها التنفيذ بين الخصوم أنفسهم ويتعلق بذات الحق محلاً وسبباً ، وكانت هذه الدعوى قد رُفعت في تاريخ سابق على عرض النـزاع على محكمة الدولة التي صدر عنها الحكم .
هـ – إذا كان الحكم صادراً ضد حكومة الدولة المطلوب إليها التنفيذ أو ضد أحد موظفيها عن أعمال قام بها أثناء الوظيفة أو بسببها فقط .
و – إذا كان تنفيذ الحكم يتنافى مع المعاهدات والاتفاقات الدولية المعمول بها لدى الدولة المطلوب إليها التنفيذ ". أ هـ. ([20])
        أما بالنسبة للمستندات التي يجب إرفاقها بطلب التنفيذ فقد سبق بيانها عند الكلام عن مقدمات التنفيذ ([21]) .
        علماً بأنه قد صدرت بعد ذلك اتفاقية الرياض العربية للتعاون القضائي التي أقرّها مجلس وزراء العدل العرب وتم التوقيع عليها بمدينة الرياض بتاريخ 23/6/1403هـ الموافق 6/4/1983م المصادق عليها بالمرسوم الملكي الكريم الصادر برقم م/14 في 12/8/1420هـ , وقد تضمن الباب الخامس من هذه الاتفاقية وجوب الاعتراف بالأحكام الصادرة في القضايا المدنية والتجارية والإدارية وقضايا الأحوال الشخصية وتنفيذها وفق الشروط المتعارف عليها , فلا يتم رفضه إلا في الحالات الواردة في المادة ( 30) بالنسبة للأحكام القضائية والمادة (37) بالنسبة لأحكام المحكمين , وقد ورد في هاتين المادتين ـــ من ضمن ما نصت عليه ـــ رفض تنفيذ الحكم إذا كان مخالفاً للشريعة الإسلامية .
        وسواءً أتمَّ النص على عدم جواز تنفيذ الأحكام الأجنبية المخالفة للشريعة الإسلامية -كما في الاتفاقيتين الأخيرتين – أم لم يتم النص على ذلك – كما في الاتفاقيتين السابقتين – فإن عدم جواز تنفيذ هذه الأحكام في السعودية يعد أمراً مُسلَّماً به ؛ لأن النظام العام – الذي نصت عليه الاتفاقيتان السابقتان – هو الشريعة الإسلامية في المملكة العربية السعودية ([22]) .
       ومما يؤكد ذلك التعميم الصادر من معالي رئيس ديوان المظالم السعودي برقم 7 في 15/8/1405هـ حيث أن الفقرة ثالثاً منه –بعد الإشارة إلى أن للدولة الحق في رفض تنفيذ الحكم الأجنبي إذا كان مخالفاً للنظام العام أو الآداب العامة في الدولة المطلوب إليها التنفيذ نصت على ما يلي : " إن أهم ما يتعين الالتزام به لدى النظر في طلبات تنفيذ الأحكام الأجنبية أنه لما كانت الشريعة الإسلامية هي الدستور والمرجع الأعلى للقضاء والحكم بالمملكة العربية السعودية ، فإنه لا يجوز بحال من الأحوال تصور إمكان إقرار تنفيذ أي حكم أجنبي إذا كان مخالفاً لأصل من الأصول العامة للشريعة .
        وقد استقر قضاء ديوان المظالم على ذلك منذ المرحلة السابقة على نفاذ نظامه الجديد حيث جرى على رفض تنفيذ بعض الأحكام الأجنبية فيما تضمنته من فوائد ربوية، ونؤكد على ضرورة الالتزام الكامل والمطلق بأحكام شرعنا الحنيف باعتبار أن هذا أمر مُسَلَّمٌ به ويسمو على كل ما عداه ". أ هـ .

موقف الشريعة الإسلامية من تنفيذ الأحكام الأجنبية :
        إذا كانت الأحكام المطلوب تنفيذها صادرةً من دول أخرى ، فما وافق منها الشريعة الإسلامية وجب تنفيذه وما خالفها لم يجز تنفيذه .
        ولابد من التنبُّه هنا إلى المسائل الآتية :
أولاً : هل القاضي الذي أصدر الحكم مسلم أم كافر ؟
ثانياً : هل تتوفر شروط القضاء فيمن أصدر الحكم ؟
ثالثاً : هل من قام بتولية القاضي سواءً أكان رئيس دولة أو نحـوه له ولاية شـرعية ؟
رابعاً : هل الحكم في ذاته متفق مع الشريعة الإسلامية أم هو متفق مع نظم وضعية تخالف الشريعة الإسلامية ؟
خامساً : هل وسائل الإثبات والثبوت التي يعتمد عليها القاضي من بيّنات وقرائن يمكن الاعتماد عليها شرعاً أم لا ؟
        فبالنسبة للبلدان التي لا تحكم بشريعة الله لا شك أن المسلمين فيها لا يمكن أن يُتركوا سُدىً ، بل إذا كانت لهم جماعة قائمة وجب عليها أن تعمل من خلال القنوات الرسمية على تنصيب قاضٍ مسلم فإذا تم تنصيبه فإنه يعتبر قاضياً شرعاً وتَنْفُذُ تصرفاته وتُقبل خطاباته إن كان صالحاً للقضاء ، وإن لم تستطع جماعة المسلمين ذلك رسمياً فلتنظر إلى القضاة الذين نصبتهم حكوماتهم فإن كان فيهم من يصلح للقضاء اعتمدت الجماعة تنصيبهم ؛ فتكون توليتهم صحيحةً شرعاً لصدورها من جماعة الحل والعقد من المسلمين.
        وإن لم يكن للمسلمين في بلد من هذه البلدان جماعة منتظمة ، فمن كان أهلاً للقضاء من الذين نصبتهم الحكومات يستمد سلطته الشرعية من تراضي الناس عليه فيكون كالمحكَّم ([23]) .

        أما القضاة الكفار الذين تنصبهم الدولة الكافرة لفصل الخصام بين رعاياها وتطبيق أنظمتها فبالإمكان اعتبار مخاطباتهم مجرد قرائن ، فيقبل القاضي المسلم منها ما اقتنع بصحته؛ للضرورة وعموم البلوى ([24]) . والله أعلم .


([1]) انظر : إجراءات التقاضي والتنفيذ - محمود هاشم ص 288 ، والنظرية العامة للتنفيذ القضائي – وجدي راغب ص 288 ، 289 ، وإجراءات التنفيذ - أحمد أبو الوفا ص 847 ، والتنفيذ الجبري - فتحي والي ص 238 ، 239، وطرق التنفيذ والتحفظ - عبد الحميد أبو هيف ص 145 وما بعدها ، وقواعد تنفيذ الأحكام - رمزي سيف ص 473 .
([2]) انظر : التصنيف الموضوعي لتعاميم الوزارة 2/633 .
([3]) نصت المادة المذكورة على ما يلي : يجب أن يُبلغ المحجوز عليه والمحجوز لديه بالأمر الصادر بالحجز خلال عشرة أيام على الأكثر من تاريخ صدوره وإلا عُدَّ الحجز ملغى . ويجب على الحاجز خلال العشرة الأيام المشار إليها أن يرفع أمام المحكمة المختصة الدعوى بثبوت الحق وصحة الحجز وإلا عُدَّ الحجز ملغى .
([4]) معدَّلة بالقانون رقم (1) لسنة 1990م .
([5]) للتوسع في مسألة الحراسة انظر : الحراسة القضائية -عبد الحكيم فراج .
([6]) انظر : إجراءات التقاضي والتنفيذ -محمود هاشم ص 299 ، والنظرية العامة للتنفيذ القضائي -وجدي راغب ص 259 ، وإجراءات التنفيذ -أحمد أبو الوفا ص 360 ، والتنفيذ الجبري -فتحي والي ص 238 ، 239 .
([7]) في فـرنـسـا ، وفقاً لقانون 6 فبراير 1957م للدائن أن يحصل على سبيل التحفظ على حق رهن قضائي على عقارات مدينه ، إذا توافرت لديه شروط الحق في الحجز التحفظي ، ويؤدي قيد هذا الرهن إلى منع التصرف في العقار وتقييد حق المدين في الانتفاع به ، على أن هذا الرهن لا يُعتبر حجزاً تحفظياً ؛ إذ هو لا يتحول أبداً إلى حجز تنفيذي .
انظر : التنفيذ الجبري -فتحي والي ص 241  .
([8]) مدونة جستنيان الملحق الثانـي 6 بعض أصول وتقريرات خاصة بالالتزامات والمعاقدات القاعدة رقم 60 ص 387  . 
([9]) انظر : النظرية العامة للتنفيذ القضائي -وجدي راغب ص 289-291 ، والتنفيذ الجبري -فتحي والي ص 238-241 ، و إجراءات التنفيذ -أحمد أبو الوفا ص 847 – 850 ، وقارن ذلك مع قواعد التنفيذ القضائي -محمود هاشم ص  508 – 513 ؛ فهو يرى أن الحاجز لا يكون مسؤولاً عن تعويض الأضرار التي يسببها الحجز التحفظي للمحجوز عليه إلا إذا كان الحاجز قد ارتكب خطأً مستوجباً لمسؤوليته بأن يخرج على السلوك المألوف للشخص المعتاد أو يسيء استعمال حقه أو يُدخل الغش على المحكمة التي أمرت بتوقيع الحجز التحفظي .
وأرى أن الأخذ بهذا القول أولى . والله أعلم .
([10]) انظر : إجراءات التقاضي والتنفيذ -محمود هاشم ص 298 ، 299 ، والنظرية العامة للتنفيذ القضائي -وجدي راغب ص 298-301 .
([11])  انظر : ص 43 من هذا البحث .
([12]) انظر : البحر الرائق 8/279 ، وفتاوى السغدي 2/829 ، والأم 3/197 ، 6/246 ، وروضة الطالبين 12/124 ، والمغني - ابن قــدامة 4/141 ، 10/261 ، والمبدع 4/217 ، 10/110 ، وكــشــاف الــقــنــاع  3/476 ، والــحــراســة القضائية - عبد الحكيم فراج ص 13-19.
([13])  انظر : ص 9  وما بعدها من هذا البحث.
([14]) انظر : التـنـظـيـم الـقـضـائي -حسن آل الشيخ ص 135، 136 ، والمـمـلـكــة العربية السعودية / الشريعة الإسلامية تحكم  ص 65 .
([15]) صدر بعد التصنيف الموضوعي لتعاميم الوزارة .
([16]) نصَّت المادة الأولى المشار إليها على ما يلي : " كل حكم نهائي مقرِّر لحقوق مدنية أو تجارية أو قاض بتعويض من المحاكم الجنائية الجزئية ، أو متعلق بالأحوال الشخصية صادر من هيئة قضائية في إحدى دول الجامعة العربية يكون قابلاً للتنفيذ في سائر دول الجامعة وفقاً لأحكام هذه الاتفاقية " .
([17]) انظر : التصنيف الموضوعي لتعاميم الوزارة 3/ 59-63 .
([18]) انظر : ص21 وما بعدها من هذا البحث  .
([19]) لتحديد الأحكام المقصودة  في هذه الاتفاقية نصت ( المادة 1 ) منها على ما يلي :
" أ  - تنفِّذ كل من الدول الأعضاء في مجلس التعاون الأحكام الصادرة عن محاكم أي دولة عضو في القضايا المدنية والتجارية والإدارية وقضايا الأحوال الشخصية الحائزة لقوة الأمر المقضي به في إقليمها وفق الإجراءات المنصوص عليها في هذه الاتفاقية ، إذا كانت المحكمة التي أصدرت الحكم مختصة طبقاً لقواعد الاختصاص القضائي الدولي المقررة لدى الدولة المطلوب إليها التنفيذ ، أو كانت مختصةً طبقاً لأحكام هذه الاتفاقية .
ب - يُلحق بالحكم في معرض تطبيق الفقرة السابقة كل قرار أياً كانت تسميته يصدر بناءً على إجراءات قضائية أو ولائية من محاكم أو أي جهة مختصة لدى إحدى الدول الأعضاء . " أ هـ .
([20]) صدر بعد التصنيف الموضوعي لتعاميم الوزارة .
([21]) انظر : ص   21 وما بعدها من هذا البحث  .
([22]) انظر : المملكة العربية السعودية الشريعة الإسلامية تحكم .فهذا الكتاب بأكمله يؤكد هذه المسألة .
([23]) انظر : مخاطبات القضاة -محمد ولد الدّدو ص 439 – 447 .
([24]) انظر : المرجع السابق ص 469-471 .
Previous Post Next Post