وقف الحكم النافذ
ـ تعريف:
وقف الحكم النافذ([1]) مؤسسة من مؤسسات تفريد العقاب، أخذ بها المشرع السوري لانتشال من حَسُنَ سلوكه من المسجونين من وسط السجن، وإتاحة الفرصة له للعودة إلى الحياة السوية.
ومفهوم وقف الحكم النافذ، هو الإفراج عن المحكوم عليه، بعد تنفيذ مدة معينة من عقوبته، ليمضي المدة الباقية (وهي ما يطلق عليه «مدة التجربة») خارج السجن، ضمن قيود وإجراءات من شأنها معرفة حسن سيرته، وائتلافه مع الحياة الاجتماعية.
ولوقف الحكم النافذ شروط ونتائج، نصت عليها المواد 172-177 من قانون العقوبات، وسنستعرضها فيما يأتي:
ـ شروط وقف الحكم النافذ:
وهذه الشروط هي الآتية:
أولاً ـ أن ينفذ المحكوم عليه ثلاثة أرباع مدة العقوبة المانعة أو المقيدة للحرية المحكوم بها، شريطة أن لا تقل هذه المدة عن تسعة أشهر. أما إذا كان الحكم مؤبداً فلا يوقف تنفيذ الحكم إلا بعد سجنه عشرين سنة.
ثانياً ـ أن تكون العقوبة المنفذة مانعة أو مقيدة للحرية، وأن تكون جنائية أو جنحية.
ثالثاً ـ ألا يكون ثمة تدبير احترازي مانع للحرية يجب تنفيذه بالمحكوم عليه بعد انقضاء مدة عقوبته.
رابعاً ـ أن يثبت بأن المحكوم عليه قد صلح فعلاً، وأنه جدير بالإفراج عنه.
خامساً ـ أن يعوض المحكوم عليه المدعي الشخصي خلال ثلاث سنوات في الجناية محسوبة من تاريخ الحكم، وفي كل الأحوال، يجب ألا تتجاوز المهلة المدة الباقية من العقوبة أو التدبير الاحترازي المعلقين.
سادساً ـ إذا بدت على المحكوم عليه دلائل أكيدة على ائتلافه مع المجتمع، أمكن للقاضي أن يعلق تنفيذ العزلة، والوضع في دار للتشغيل، والمنع من الإقامة، والحرية المراقبة، بعد مدة تجربة تعادل نصف مدة التدبير المقضي به، على أن لا تنقص هذه المدة عن حد التدبير الأدنى المنصوص عليه قانوناً.
سابعاً ـ للقاضي إناطة وقف الحكم النافذ أو التدبير الاحترازي المانع للحرية بإخضاع المحكوم عليه للحرية المراقبة طوال مدة التجربة، إذا لم يكن الحكم عليه قد قضى بهذا التدبير. كما يمكن أن يشترط فيه قضاء الواجبين الآتيين أو أحدهما:
1 ـ أن يقدم المحكوم عليه كفالة احتياطية.
2 ـ أن يخضع للرعاية.
ـ نتائج وقف الحكم النافذ:
وهذه النتائج هي الآتية:
أولاً ـ الإفراج عن المحكوم عليه وإخضاعه خلال مدة التجربة للنظام الذي يراه القاضي مناسباً لمراقبته والاطلاع على سير سلوكه.
ثانياً ـ لا تأثير لوقف الحكم النافذ في العقوبات الفرعية والإضافية.
ثالثاً ـ يبقى المحكوم عليه بالأشغال الشاقة وبالاعتقال في حالة الحجر القانوني حتى انقضاء عقوبته، إلا إذا قرر القاضي خلافاً لذلك.
رابعاً ـ إذا نقض المحكوم عليه وقف الحكم النافذ يصار إلى تنفيذ العقوبة أو التدبير الاحترازي. وينقض وقف الحكم النافذ في الحالات الثلاث الآتية:
1 ـ إذا ارتكب المحكوم عليه قبل انقضاء أجل العقوبة أو التدبير الاحترازي جريمة أخرى أوجبت الحكم عليه بعقوبة جنائية أو جنحية.
2 ـ إذا خرق أحكام الحرية المراقبة وثبت ذلك بحكم قضائي.
3 ـ إذا خالف الواجبات التي أناطها القاضي بوقف الحكم النافذ أو التدبير الاحترازي وثبت ذلك بحكم قضائي.
خامساً ـ إذا لم ينقض وقف الحكم النافذ خلال مدة التجربة عدّت العقوبة أو التدبير الاحترازي منفذين عند انقضاء أجلهما.
على أنه يمكن الحكم بنقض وقف الحكم النافذ بعد انقضاء مدة العقوبة أو التدبير الاحترازي إذا كانت قد بوشرت ملاحقة الجريمة الجديدة أو دعوى النقض قبل انقضاء المدة المذكورة.
(1) يُعْرف وقف الحكم النافذ في التشريع المصري وأغلب التشريعات العربية باسم «الإفراج الشرطي» وهو الاصطلاح ذاته المستعمل في قانون العقوبات الفرنسي (La Libération Conditionnelle)، وله أشكال متعددة في القوانين الأنكلوسكسونية ـ كما هو الحال في الولايات المتحدة الأميركية ـ نذكر منها نظام «الإختبار»، ونظام «البارول» Parole (أي الإفراج بوعد الشرف). راجع في ذلك كتابنا: علم الإجرام وعلم العقاب، ف 364، ص 479، و ف 371، ص 488.