أدوات السياسة النقدية
وتعبر أدوات السياسة النقدية عن المعدلات التي تقع تحت التحكم المباشر للسلطة النقدية، بما يمكنها من تعديل مستوياتها للوصول إلى تحقيق الأهداف النهائية وتشمل نوعين من الوسائل، إلا أن هذه الأخيرة تتباين من اقتصاد إلى آخر، إذ تخضع لدرجة التناسق في الجهاز المصرفي وقوة الاقتصاد.
أولا: الأدوات الكمية:
1- سياسة معدل إعادة الخصم: سعر إعادة الخصم هو عبارة عن سعر الفائدة الذي يتقاضاه البنك المركزي من البنوك التجارية مقابل إعادة خصم ما لديها من كمبيالات و أذونات خزينة مقابل ما يقدمه لها من قروض أو سلف مضمونة بمثل هذه الأوراق. واستنادا إلى هذه الوسيلة تستطيع البنوك التجارية الحصول على القروض من البنك المركزي لدعم السيولة النقدية لديها بسعر خصم معين [1].
وهناك علاقة بين معدل إعادة الخصم وأسعار الفائدة ذات طابع إيجابي في اتجاه واحد. وتؤدي زيادة معدلات إعادة الخصم إلى خفض حجم النقود في المجتمع. ولهذا تلجأ البنوك المركزية عندما تريد التأثير على تقليص عرض النقود إلى رفع معدل إعادة الخصم مما يؤدي إلى ارتفاع معدلات الفائدة في الأسواق المالية ومنه عدم تشجيع الاقتراض من البنوك التجارية، وبالتالي انخفاض الائتمان. ويتم خفض هذا المعدل عند الرغبة في زيادة حجم الائتمان.
إلا أن ما عرفته الأنظمة الاقتصادية والنقدية والمالية من تغيرات جعلت هذه الأداة قليلة الجدوى من حيث التأثير، خاصة بالنسبة للدول النامية التي تتمتع بمنحى كفاية استثمارية لا يتمتع بمرونة قوية تبعا للمتغيرات في سعر الفائدة، إضافة إلى هذا فإن سعر الفائدة لا يمثل في كثير من المشاريع إلا جزءا ضئيلا من تكاليف التمويل وهذا لوجود التمويل الذاتي.
2- عمليات السوق المفتوحة: تعني سياسة السوق المفتوحة دخول البنك المركزي للسوق النقدية من أجل تخفيض أو زيادة حجم الكتلة النقدية عن طريق شراء أو بيع الأوراق المالية من أسهم وسندات[2] وتعتبر هذه الوسيلة الأكثر شيوعا واستعمالا خاصة في الدول النامية.
يؤدي استخدام هذه الأداة إلى تغيير حجم النقد المتداول ويؤثر على قدرة البنوك التجارية على خلق الائتمان، فشراء السندات العمومية وأذونات الخزينة والذهب والأوراق المالية يؤدي إلى زيادة النقد المتداول. أما في حالة بيعها فيؤدي ذلك إلى انخفاض النقد المتداول، ومنه تزداد قدرة البنوك التجارية على خلق الائتمان في حالة بيعها، وتنخفض في حالة البيع اعتبارا أن عمليات الشراء والبيع تتم للبنوك التجارية.وتعتبر هذه الوسيلة الأكثر شيوعا واستعمالا خاصة للدول المتقدمة وهي أكثر الأدوات نجاعة وفعالية في التأثير على المعروض النقدي[3].
3- الاحتياطي النقدي القانوني: تعتبر نسبة الاحتياطي النقدي من الأدوات المستخدمة على الائتمان الذي يؤثر في عرض النقود. حيث تقوم البنوك التجارية بإيداع نسبة معينة من ودائع العملاء لديها في خزائن البنك المركزي[4]، أي أن تقوم البنوك التجارية بتجميد جزء من الودائع لديها على شكل احتياطي سائل لدى البنك المركزي مما يؤدي إلى رفع نسبة الاحتياطي ونسبة السيولة عندما يهدف الحد من الائتمان لعدم التوسع في عملية خلق النقود وبالتالي الحد من عرضها.
ثانيا: الأدوات النوعية (الكيفية):
تستخدم الأدوات الكيفية في التحكم في أنواع معينة من القروض وتنظيم الإنفاق في وجوه معينة مثل تشجيع القروض الإنتاجية دون القروض الاستهلاكية أو تشجيع القروض القصيرة الأجل والحد من القروض الطويلة الأجل، وكما تدخل السياسة النقدية في قطاعات معينة وأنشطة تعاني من عدم الاستقرار أو بعض الصعوبات مما يتطلب علاجا خاصا باستخدام أدوات نوعية.وتستخدم كذلك هذه الأخيرة قصد التأثير على حجم الائتمان الموجه لقطاع أو لقطاعات ما من أهمها[5]:
1. تأطير الائتمان: وهو إجراء تنظيمي تقوم بموجبه السلطات النقدية بتحديد سقوف لتطور القروض الممنوحة من قبل البنوك التجارية بكيفية إدارية مباشرة وفق نسب محددة خلال العام، كأن لا يتجاوز ارتفاع مجموع القروض الموزعة نسبة معينة ، وقي حال الإخلال بهذه الإجراءات تعرض البنوك إلى عقوبات على واعتماد الأسلوب ينبع من السلطات النقدية إلى التأثير على توزيع القروض في اتجاه القطاعات المعتبرة أكثر حيوية بالنسبة للتنمية، أو التي تتطلب موارد مالية كبيرة.
2. النسبة الدنيا للسيولة: حيث يقوم البنك المركزي بإجبار البنوك التجارية على الاحتفاظ بنسبة دنيا يتم تحديدها عن طريق بعض الأصول منسوبة إلى بعض مكونات الخصوم، وهذا لخوف السلطات النقدية من خطر الإفراط في الاقتراض من قبل البنوك التجارية بسبب أصولها المرتفعة السيولة، وهذا بتجميد بعض هذه الأصول في محافظ البنوك التجارية، وبذلك يمكن الحد من القدرة على إقراض القطاع الاقتصادي.
3. الودائع المشروطة من أجل الاستيراد: يدفع هذا الأسلوب المستوردين إلى إيداع المبلغ اللازم لتسديد ثمن الواردات بصورة ودائع لدى البنك المركزي لمدة محدودة.
4. قيام البنك المركزي ببعض العمليات المصرفية: تقوم البنوك المركزية بمنافسة البنوك التجارية بأدائها لبعض الأعمال المصرفية بصورة دائمة أو استثنائية كتقديمها القروض لبعض القطاعات الأساسية في الاقتصاد التي تمتنع أو تعجز البنوك التجارية عن قيامها بذلك.
5. التأثير والإقناع الأدبي: هو وسيلة تستخدمها البنوك المركزية وذلك بطلبها بطرق ودية وغير رسمية من البنوك التجارية تنفيذ سياسة معينة في مجال منح الائتمان، ويعتمد نجاح هذا الأسلوب على طبيعة العلاقة القائمة بين البنوك التجارية والبنك المركزي.
وتتوقف فعالية ونجاعة هذه الطريقة على خبرة ومكانة المصرف المركزي ومدى تقبل المصارف التجارية التعامل معه وثقتها في إجراءاته، ومدى قدرة المصرف المركزي على مقاومة الضغوط التي يتعرض لها وإتباع سياسة مستقلة في إدارة شؤون التمويل لذا نجد هذه الوسيلة قد حققت من أهدافها في الدول المتقدمة دون الدول المتخلفة حديثة العهد بالنظم المصرفية المتطورة.
[1] ضياء مجيد الموسوي، الاقتصاد النقدي، دار الفكر، الجزائر،1993، ص 33.
[2] د. بلعزوز بن علي، محاضرات في النظريات و السياسات النقدية، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، 2004، ص 125.
[3] د. عبد المجيد قدي، مرجع سبق ذكره، ص91.
[4] مصطفى سليمان، حسام داود، مبادئ الاقتصاد الكلي، دار الميسرة ، الأردن، سنة 2000، ص 224.
[5] د. عبد المجيد قدي، مرجع سبق ذكره، ص 80-81.