وسائل الحد من اساءة استخدام الشارة المميزة.
من المتوقع ، بل في كثير من الأحيان وقعت بالفعل العديد من حالات الإساءة لأحكام استخدام الشارة المميزة في القانون الدولي الإنساني ، ولغرض منع أو الحد من مثل هذا الاستخدام السيئ للشارة ، لابد من النص أولاً بشكل صريح على حظر أية إساءة لاستخدام الشارة المميزة ، على أن يردف ذلك بإجراءات وقائية تهدف للحيلولة دون وقوع تلك الانتهاكات ، ومن ثم في حالة وقوعها فرض العقوبات على مقترفيها .
طبقاً لما تقدم ، ولغرض الإحاطة بموضوع وسائل الحد من استخدام الشارة المميزة ، وجدنا تقسيم المطلب على ثلاثة فروع ، يخصص الأول إلى حظر إساءة استعمال الشارة المميزة ، على أن يتناول الثاني الاجراءات الوقائية الواجب اتخاذها من قبل سلطات الدولة ، أما الفرع الثالث فيسلط الضوء على العقوبات التي يمكن أن تفرض فيما لو وقعت بالفعل إساءة في استخدام الشارة المميزة .
الفرع الأول : حظر إساءة استعمال الشارة المميزة :-
ورد الحظر بشأن إساءة استخدام الشارة المميزة في العديد من الاتفاقيات الدولية ، كما ورد النص عليها في الكثير من التشريعات الوطنية الداخلية ، وهو ما يتم بيانه تباعاً .
أولاً : الحظر على الصعيد الدولي
تضمنت العديد من الاتفاقيات الدولية ، حظرا على إساءة استخدام الشارة المميزة ، يمكن أن نذكر أهمها على النحو الآتي :
1. لائحة لاهاي المتعلقة بقوانين وأعراف الحرب البرية لعام 1907 : تشير المادة (23) من اللائحة المذكورة على انه "علاوة على المحظورات المنصوص عليها في اتفاقيات خاصة يمنع بالخصوص أ-... ب-... (و) تعمد إساءة استخدام أعلام الهدنة أو الأعلام الوطنية ... كذلك استخدام الشارة المميزة المنصوص عليها في اتفاقيات جنيف .
2. البروتوكول الإضافي الأول لعام 1977 : تضمن البروتوكول المذكور نصين لحظر إساءة استخدام الشارة المميزة وهما:.
أ. المادة (38/فق1) : تشير المادة المذكورة إلى "حظر إساءة استخدام الشارة المميزة للصليب الأحمر أو الهلال الأحمر أو الأسد والشمس الأحمرين أو أية علامة أو إشارات أخرى تنص عليها الاتفاقيات وهذا اللحق (البروتوكول ...) .
ب. المادة (85/فق3/و) : حيث عدت المادة المذكورة من قبيل الانتهاكات الجسيمة للبروتوكول الإضافي الأول "الاستخدام الغادر مخالفة للمادة 37 للعلامة المميزة للصليب الأحمر أو الهلال الأحمر أو الأسد والشمس الأحمرين ، أو أية علامات أخرى للحماية تقرها الاتفاقيات أو هذا الملحق (البروتوكول) .
ومما تجدر الإشارة إليه ،هو أنّ البروتوكول أعلاه اشترط لعد الأفعال المقترفة من قبيل الانتهاكات الجسيمة له أن تقترف عمداً وان تسبب بوفاة او بأذى بالغ بالجسد أو بالصحة .
3. النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية في روما : عدت المادة (8/2/ب/7) من قبيل جرائم الحرب "إساءة استخدام علم الهدنة ... وكذلك الشعارات المميزة لاتفاقيات جنيف مما يسفر عن موت الأفراد أو إلحاق إصابات بالغة بهم" .
4. القانون النموذجي بشأن استعمال وحماية الشارة : تذهب المادة (12) من القانون المذكور إلى انه "بسبب ما يمكن أن ينشئ من خلط بين شعار سويسرا أو شارة الصليب الأحمر ، يحظر في جميع الأوقات استخدام الصليب الأحمر عن أرضية حمراء أو أية علامة تنطوي عن تقليد لها سواء علامة صناعية أو تجارية أو أي جزء من هذه العلامات أو لغرض يتعارض مع الأمانة التجارية ، وفي حالات تجرح الشعور الوطني السويسري .
5. البروتوكول الإضافي الثاني : فعلى صعيد النزاعات الداخلية التي يختص فيها البروتوكول الثاني تكفلت المادة (12) حظر إساءة استخدام الشارة المميزة عندما أكدت على احترام هذه الشارة في جميع الأحوال وعدم إساءة استخدامها .
وفضلاً عن البروتوكول المذكور ، تضمنت العديد من الصكوك القانونية الأخرى ، وتحديداً في إطار النزاعات المسلحة غير الدولية حظر إساءة استخدام الشارة ، نذكر منها على سبيل المثال الاتفاق المعقود بين أطراف النزاع في البوسنة والهرسك والاتفاق المعقود بين صربيا وكرواتيا([i]) .
ثانياً : الحظر على الصعيد الداخلي:-
هناك الكثير من الدول ، جرمت إساءة استخدام الشارة المميزة في تشريعاتها الداخلية سواء بتشريع مستقل أو بموجب قوانين العقوبات العسكرية فيها، نذكر منها على صعيد الدول العربية([ii]) :
1. المملكة الأردنية الهاشمية : يعد قانون العقوبات العسكرية الأردني المؤقت رقم 30 لسنة 2002 ، وفي المادة (41/أ/4) منه ، الاستخدام الغادر للشارة المميزة للهلال الأحمر أو الصليب الأحمر أو أي إشارات أخرى للحماية ، من قبيل جرائم الحرب .
2. الجمهورية اليمنية : نشير إلى القانون رقم 43 لسنة 1999 بشأن تنظيم استخدام شارتي الهلال الأحمر والصليب الأحمر ومنع سوء استخدامها .
3. الجمهورية العربية التونسية : وردت في الفصل (127) من مجلة المرافعات والعقوبات العسكرية الصادر عام 1957 ، إشارة واضحة إلى شارتي الصليب الأحمر والهلال الأحمر وحظر استعمالها بدون وجه حق .
4. دولة قطر :تشير المادة (52) من النظام الأساسي لجمعية الهلال الأحمر القطري وفي الفقرة (جـ) "حظر استخدام شارة الجمعية إلا بإذن خاص من مجلس الإدارة".
5. جمهورية العراق : ورد في المادة (26/فق3) من النظام الداخلي لجمعية الهلال الأحمر ، تشريع خاص بحماية الشارة المحمية .
6. جمهورية مصر العربية : قانون رقم 12 الصادر في 25/مارس/1940 والمرسوم الصادر في 9/4/1940 بشأن حماية استخدام الهلال الأحمر والشعارات المشبهة به .
7. الجمهورية اللبنانية : مرسوم رقم 14657/ك الصادر في 1/4/1949 حول منع حمل أو استعمال الشارات الدولية المختصة بمؤسسات الصليب الأحمر .
وهناك دول أخرى مازالت تعمل بشكل حثيث على إصدار تشريعات خاصة لحظر إساءة استخدام الشارة المميزة وحمايتها ، ومن بينها ، سوريا وسلطنة عمان وجمهورية السودان ، في حين اكتفت دول أخرى بالالتزام باتفاقيات جنيف لعام 1949 وبروتوكوليها الإضافيين دون سن قوانين مستقلة ، كالبحرين ودولة الكويت([iii]) .
وقد حسم مجلس وزراء العدل العرب موقفه من خلال مشروع القانون النموذجي للجرائم التي تدخل في اختصاص المحكمة الجنائية الدولية ، والمعتمد في 29/11/2005 برقم 598 – د 21 ، عندما حظر إساءة استخدام الشارة المميزة وتحديداً في المادة (12/فق4) منه ، عندما اعتبر استعمال الأعلام والشارات والشعارات ومن بينها الشارة المميزة ، من قبيل جرائم الحرب([iv]).
عموماً يمكن القول ، إن حظر إساءة استعمال الشارة المميزة ، أصبح أمراً مسلماً به في العديد من الاتفاقيات الدولية ذات الصلة ، والتشريعات الداخلية والكتيبات العسكرية ، إذ يشكل انتهاك هذه القاعدة جرماً يعاقب عليه القانون .
وتدعم قاعدة حظر إساءة استخدام الشارة في سوابق قضائية ، منها على سبيل المثال ما ذهبت إليه محكمة ألمانيا الاتحادية العليا في حكمها في قضية الشارة في عام 1994 ، من أن هناك مصلحة مشتركة أساسية في حماية الشارات من أي استخدام غير مرخص([v]) .
الفرع الثاني : الإجراءات الوقائية:
يجب اتخاذ كل التدابير اللازمة لمنع إساءة استخدام الشارة المميزة ، لأن أية إساءة تقلص من الاحترام والثقة الواجبة ولو تم ذلك في وقت السلم ، أذ يساهم ذلك في وقوع الإساءة أثناء النزاعات المسلحة ، الأمر الذي يعرض للخطر حياة من يستعمل الشارة أو الشعار أو حياة وسلامة الأشخاص أو الأشياء التي يرمي إلى حمايتهم([vi]) .
تحقيقاً لكل ما ذكر ، حرصت بعض الاتفاقيات الدولية الإنسانية على إيراد التزام على عاتق الدول الأطراف فيها ، بأن تسعى إلى اتخاذ تدابير وقائية تحول دون وقوع أي إساءة لاستعمال الشارة المميزة .
فتشير اتفاقية جنيف الأولى ، في المادة (54) منها على أنه "تتخذ الأطراف السامية المتعاقدة ، إذا لم يكن تشريعها كافياً من الأصل ، التدابير اللازمة وفي جميع الأوقات من أجل منع وقمع أية إساءة استخدام للعلامات المميزة المنصوص عليها في المادة (43) وتذهب المادة (45) من اتفاقية جنيف الثانية ، بعبارات تكاد تكون متطابقة إلى نفس الحكم ، الذي ذهبت إليه المادة (54) السالفة الذكر .
وإذا كانت عبارة التدابير اللازمة الواردة في النصين السابقين ، قد جاءت بصفة العموم ، إلا أنه يمكننا أن نورد بعض تلك التدابير على سبيل المثال لا الحصر ، كالتأكيد على نشر النصوص المتعلقة باستخدام الشارة المميزة والواردة في الاتفاقيات الدولية ذات الصلة ، على الفئات المستهدفة من النشر ، سواء كانوا سكان مدنيين أو أفراد في القوات المسلحة ، كما يعتبر من قبيل تلك التدابير ، سعي الدول إلى إدماج النصوص الدولية المتعلقة بأحكام استخدام الشارة ومظاهر إساءتها في صلب قوانينها الوطنية ، أو يمكن اتخاذ التدابير الوقائية عن طريق إعداد عاملين مؤهلين حسب نص المادة (6) من البروتوكول الإضافي الأول ، وظيفتهم الأساسية تسهيل تطبيق اتفاقيات جنيف الأربع والبروتوكول الإضافي الأول ، ويكون ذلك عن طريق لفت نظر السلطات الحكومية إلى حالات إساءة استخدام شارتي الصليب الأحمر والهلال الأحمر ، أو إعداد مستشارين قانونيين طبقاً لنص المادة (82) من البروتوكول الإضافي الأول ، يلقى على عاتقهم تقديم المشورة للقادة العسكريين ومن بينها المشورة المتعلقة بالاستخدام الأمثل للشارة المميزة ، والحيلولة دون إساءة ذلك الاستخدام .
الفرع الثالث : الجزاءات:
طبقاً للقواعد العامة في إطار القاعدة القانونية ، وفي أي تنظيم لمسألة معينة يجب ان يقترن النص الذي يجرم فعلاً ما ، بجزاء يفرض على من ينتهك أو يخالف القواعد القانونية المخصصة لتلك المسألة ، ذلك أن الحماية القانونية تبقى قاصرة وغير فاعلة ، ما لم يكن هناك جزاء يكفل احترامها وعدم الخروج عنها([vii]).
والعقوبة ، جزاء يقرره القانون لمصلحة المجتمع تنفيذاً لحكم قضائي على من تثبت مسؤوليته عن الجريمة ، لمنع ارتكاب الجريمة مرة أخرى من قبل المجرم نفسه أو من قبل بقية المواطنين([viii]) .
وتنظيم مسألة استخدام الشارة المميزة ، شأنها شأن أي مسألة معينة منظمة قانوناً ، تحتاج إلى جزاء يفرض على منتهكي القواعد المتعلقة باستخدام هذه الشارة الأمر الذي يكفل احترامها وعدم الخروج عليها .
والمتصفح للنصوص القانونية الدولية منها والداخلية ، يجد أن الجزاءات المقررة لإساءة استخدام الشارة المميزة ، قد تكون عقوبات أصلية (سالبة للحرية كانت أم مالية) ، أو جزاءات أخرى .
قدر تعلق الأمر بالعقوبات الأصلية ، فقد ورد النص عليها في بعض المواثيق الدولية، وفي التشريعات الداخلية لبعض الدول ، وعلى النحو الآتي :
1. العقوبات الأصلية المقررة بموجب الاتفاقيات الدولية : إن أهم الاتفاقيات الدولية التي عالجت موضوع حظر إساءة استخدام الشارة المميزة ، كاتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949 والبروتوكول الإضافي الأول ، كما هو الحال في اغلب نصوصها ، لم تضع عقوبات بعينها للانتهاكات التي تقع على تلك النصوص ، ومن بينها النصوص المتعلقة بالشارة المميزة ، إلا أن بعضها قد قررت الوصف القانوني لتلك الانتهاكات ، ومنها على سبيل المثال البروتوكول الإضافي الأول الذي أشار في المادة (85/3/ب/و) منه إلى عدّ الاستخدام الغادر انتهاكاً جسيماً له ، وأكدت على ذلك المادة (8/2/ب/7) من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية الذي عدّ إساءة استخدام الشارة المميزة جريمة حرب تدخل ضمن اختصاص المحكمة السالفة الذكر ، وواضح من نص المادة (77) من النظام الأساسي للمحكمة أعلاه ، بدلالة المادة (5) منه بوصفه جريمة حرب ، أن يعاقب مرتكب جريمة إساءة استخدام الشارة المميزة بعقوبة السجن مدة لا تزيد عن (30) سنة أو بالسجن المؤبد .
ومما تجدر الإشارة اليه، بالرجوع إلى نصي المادة (85/فق3/و) من البروتوكول الإضافي الأول ، والمادة (8/2/ب/7) السالفة الذكر ، إنهما اشترطا لإيقاع مثل هذه العقوبة شرطين أولهما التعمد ، والثاني أن يؤدي الفعل المرتكب إلى وفاة أو أذى بالغ بالجسد أو بالصحة .
أما القانون النموذجي بشأن استعمال وحماية الشارة ، فقد تكفلت المواد (10 ، 11 ، 12) بإيضاح النظام العقابي لإساءة استخدام الشارة المميزة .
فنظمت المادة (10) من القانون أعلاه ، الاغتصاب (الاستخدام غير المرخص) ، حالة من حالات إساءة استخدام الشارة المميزة([ix]) ، في حين أوضحت المادة (11) أحكام سوء استخدام الشارة من أجل الحماية وقت الحرب (الغدر)([x]) ، وأشارت المادة (12) من القانون نفسه إلى سوء استخدام الصليب الأبيض على أرضية بيضاء (التقليد)([xi]) .
ومن خلال الاطلاع على المواد أعلاه ، يمكن أن نجد التباين الواضح فيما بينهما سواء من حيث نطاق العقوبة على الشخص المدان أو من حيث نطاق الشخص المشمول بتلك العقوبة
فقدر تعلق الأمر بنطاق أنواع العقوبة المفروضة ، نجد أن المادة (11) المتعلقة بحالة الغدر ، تشير إلى عقوبة السجن بالسنوات تاركة تحديد عدد تلك السنوات إلى التشريع الداخلي، في حين أن نص المادة (10) المتعلقة بحالة الاغتصاب للشارة المميزة ، تشير إلى عقوبة الحبس بالأيام أو الأشهر دون أن يتعداها إلى السنوات و بعقوبة مالية (الغرامة) ، لا بل ذهب النص المذكور إلى ابعد من ذلك عندما عدّ عقوبة الغرامة عقوبة بديلة لعقوبة الحبس إذا ما رأت المحكمة ذلك ، أما نص المادة (12) المتعلقة بحالة التقليد للشارة المميزة ، يعاقب من يخالف أحكامها بالغرامة دون أن يشير إلى عقوبة السجن أو الحبس .
أما عن نطاق الشخص المشمول بالعقوبة ، فنجد أن المادة (11) المتعلقة بالغدر قد أقرت مبدأ المساهمة الأصلية والتبعية على حد سواء ، بالقول "يعتبر من قام أو أمر بارتكاب ..." ، أما المادتين (10 ، 12) المتعلقتين بحالتي الاغتصاب والتقليد على التوالي ، فاكتفت بإقرار مبدأ المساهمة الأصلية ، عندما اكتفتا على التوالي بالقول "... كل من استعمل ..." و "... يعاقب من يرتكب مخالفة من هذا القبيل ..." .
ونحن نتفق مع مسلك القانون المذكور في مثل هذا التدرج ، ولعل السبب في هذا التباين سواء في صرامة العقوبة المفروضة أو قلتها ، أو شمول حتى المساهم التبعي في العقوبة من عدمه ، يعود إلى التباين في خطورة الفعل المرتكب وجسامته الذي يكون بلا شك أخطر في الغدر الذي يتحقق في أوضاع أكثر خطورة ونعني بها النزاعات المسلحة فضلاً عن كبر الشارة المعتمدة في هذه الحالة ، عما هو عليه الحال في التقليد والاغتصاب .
2- على الصعيد الداخلي : -
انسجاما مع ماأقرته المواثيق الدولية السالفة الذكر ،قررت التشريعات الداخلية لبعض الدول عقوبات اصلية على مرتكبي اساءة أستخدام الشارة المميزة .
فعلى سبيل المثال ، يقرر القانون المصري رقم (2 لسنة 1940)، بشأن حماية شعار الهلال الاحمر والشارات المشبهة به ،عقوبات أصلية على أساءة أستخدام الشارة المميزة ، الا انه يفرق في هذا الموضوع بين مرتكب فعل الاساءة في وقت السلم ، فيعاقب الاول بعقوبة الحبس لمدة لا تزيد عن سنتين وبغرامة لا تقل عن عشرة جنيهات ولا تتجاوز مائتي جنيها او باحدى هاتين العقوبتين، في حين يعاقب الثاني بالحبس مدة لا تزيد عن سنة وغرامة لا تقل عن خمس جنيهات ولا تتجاوز مائة جنيها او باحدى هاتين العقوبتين([xii]) ، في حين يعد قانون العقوبات العسكري الاردني المؤقت رقم 30 لسنة 2002 ، بمقتضى المادة(41/أ /14) – وكما تم بيانه سابقاً- يعد الاستخدام الغادر للشارة من قبيل جرائم الحرب ، ويقرر له في الفقرة (ب /2) من المادة اعلاه عقوبة السجن مدة لا تقل عن عشر سنوات ، ويشدد العقوبة بمقتضى الفقرة(ج) الى الاعدام ، اذا ما افضى الفعل المرتكب الى الموت ، في حين اشارت المادة(42) الى معاقبة المحرض والمتدخل في جرائم الحرب بعقوبة الفاعل ذاتها([xiii]).
ان ما يحسب على القانون الاردني السالف الذكر ، هو النص فقط على الغدر كحالة لاساءة استخدام الشارة المميزة في حين اغفل في التنظيم حالتي التقليد والاغتصاب ، الا انه يحسب للقانون اعلاه صرامة العقوبة، وشمول المساهم التبعي في ارتكاب الجريمة ، والذي يستلزمه بالضرورة خطورة الفعل المرتكب وجسامته في حالة الغدر على النحو الذي تم بيانه بشان موقف القانون النموذجي بشأن استخدام وحماية الشارة المميزة لعام 1990.
وفضلا عن العقوبات الاصلية السالفة الذكر ، يقرر القانون الدولي ، وبعض القوانين الداخلية جزاءات اخرى تترتب على اساءة استخدام الشارة المميزة .
فعلى الصعيد الدولي ، على سبيل المثال ، يشير القانون النموذجي بشان استعمال وحماية الشارة المميزة لعام 1991، الى انه (( تتخذ سلطات الدولة ....، ويجوز لها على وجه الخصوص الامر بضبط الاشياء او التجهيزات التي تحمل علامة يعتبر استعمالها خرقاً لهذا القانون ، كما يمكن ان تأمر بنزع شارة الصليب الاحمر والهلال الاحمر الصليب الاحمر او الهلال الاحمر على نفقة من ارتكب المخالفة وتصدر الامر باتلاف الادوات المستعملة لهذا الغرض))([xiv]).
واذا كان الامر بنزع شارة الصليب الاحمر، كجزاء عن اساءة استخدام الشارة قاعدة عامة ، فانه هناك من الاستثناءات التي اقرتها المادة(53) /فق 1) من اتفاقية جنيف الاولى والمادة(6/فق2 )من البروتوكول الاضافي الثالث، اذ يقرر كلاهما امكانية اعطاء امهال للمستخدم السابق لشارة المميزة، قبل نزع الشارة عنه ،الا ان المادتين المذكورتين تختلفان من حيث :-
اولاً: المدة الممنوحة كامهال للمستخدم السابق:-ففي حين تحدد المادة(53/فق1) تلك المدة بثلاث سنوات كحد اقصى ، الا ان المادة (م6 /فق2 ) لم تحدد تلك المدة الزمنية ومع الاختلاف بين المادتين اعلاه وعلى النحو السابق ذكره، فانهما يشتركان في مبدأ مهم، مقتضاه ان الاستمرار للاستخدام خلال مدة الامهال ، يجب ان لايفسر في كل الاحوال بانه يوفر الحماية المنصوص عليها في اتفاقيات جنيف وبروتوكولها الاضافيين ، وبعبارة اخرى يفهم مما تقدم ان الاستعمال خلال مدة الامهال يجب ان ينصب على استخدام الشارة وسيلة للدلالة لا وسيلة للحماية.
ثانياً :- نطاق الحقوق المكتسبة:- ان السماح للاقرار بالاستعمال خلال مدة الامهال يمنح على انه حق مكتسب للمستعمل السابق ، غير ان المادتين المذكورتين ، اختلفتا كذلك في موضوع نطاق الحقوق المكتسبة ، ففي حين نرى امتداد نطاق الحقوق المكتسبة في ظل المادة(53/فق1) من اتفاقية جنيف الاولى الى حالتي استخدام الشارة نفسها او تسميتها ، نرى اقتصار نطاق تلك الحقوق بمقتضى المادة(6/فق2) من البروتوكول الثالث على مجال استخدام الشارة نفسها دون استعمال تسميتها .
وعلى الصعيد الداخلي ، وما تجدر الاشارة اليه في هذا المقام ان القانون المصري رقم 12 لسنة 1940 بشان استخدام الشعار او الشارات ....، قد سبق كل من اتفاقية جنيف الاولى والبروتوكول الاضافي الثالث والقانون النموذجي بشان استخدام وحماية الشارة المميزة لعام 1991 ، في تنظيم الجزاءات المذكورة ، اذ نصت المادة(3) منه على انه(( يجوز للمحكمة في كل الاحوال ان تقضي بازالة موضوع الجريمة ولها ان تقضي كذلك باعدام الاشياء التي تحمل الشعار او اسماً خلاف لاحكام هذا القانون ، من خلال النص اعلاه ، يمكن القول ان فرض الجزاءات اعلاه تحكمه مجموعة من القواعد من بينها([xv]):-
1- ان تطبيق هذه الجزاءات يبقى امرا جوازياً للمحكمة ، فالاخيرة غير مجبرة بايقاع مثل هذه الجزاءات ، بل هو امرٌ مرهونٌ بالسلطة التقديرية للمحكمة ، وحسب ما تقدره الاخيرة استناداً لظروف كل قضية وملابساتها .
2- ان تطبيق الجزاءات أعلاه يسري في جميع الاحوال ، أي بعبارة أخرى سواء كان وقوع الجريمة ، في وقت السلم أو الحرب
(67) جون – ماري هنكرتس ولويز دوزوالد – بك ، مصدر السابق ، ص185 .
(68) ينظر : د. محمد الطراونه وآخرون ، القانون الدولي الإنساني وتطبيقاته على الصعيد الوطني في الأردن، اللجنة الدولية للصليب الأحمر ، بلا مكان طبع ، 2005 ، ص166 ، وكذلك التقرير السنوي الثاني عن تطبيق القانون الدولي الإنساني على الصعيد العربي 2002 ، ص 50،56،63،68،77 ، وكذلك
Furth Annual Report on the Implementation of the international humanitarian law at the evel of arab state 2006 p 50\64\69\72\78
(69) يستشف موقف كل من سوريا وسلطنة عمان والسودان والبحرين والكويت من خلال الاستبيان المقدم من قبلهم إلى اللجنة الدولية للصليب الاحمر والامانة العامة لجامعة الدول العربية
(70) مشار إليها في :
Furth Annual Report on the Implementation of the international humanitarian law at the evel of arab state 2006 op cit p 32
(71) مشار إلى الحكم أعلاه ، عند جون ماري هنكرتس ولويز دوزوالد – بك ، مصدر سابق ، ص185 .
(72) د. أحمد أبو الوفا ، مصدر سابق ، ص237 .
(73) المصدر نفسه ، ص240 .
(74) ينظر : د. علي حسين الخلف ود. سلطان الشاوي ، المبادئ العامة في قانون العقوبات ، المكتبة القانونية، بغداد ، بلا سنة طبع ، ص405 .
(75) إذ تنص المادة (10) من القانون المذكور على انه "يعاقب بالسجن لمدة (الأيام والأشهر) و/أو بغرامة مقدارها (المبلغ بالعملة المحلية) كل من استعمل ، عن قصد ودون أن يكون له الحق في ذلك ، شارة الصليب الأحمر أو الهلال الأحمر ، وعبارتي الصليب الأحمر أو الهلال الأحمر أو أي علامة مميزة أو تسمية أو رمز ..." .
(76) تنص المادة (11) من القانون أعلاه على انه "يعتبر من قام ، أو أمر بارتكاب أعمال تنتج عنها وفاة أو إضرار بالسلامة البدنية أو بالصحة لخصم ، باستعمال شارة الصليب الأحمر ، أو علامة مميزة أخرى على سبيل الغدر مرتكب جريمة حرب ويعاقب بالسجن لمدة ... (السنوات) ..." .
(77) إذ تنص المادة (12) على انه "بسبب ما يمكن أن ينشأ من خلط بين شعار سويسرا وشارة الصليب الأحمر ، يحظر في جميع الأوقات ، استعمال الصليب الأبيض على أرضية حمراء ..." .
(78)المادة الاولى من القانون المذكور مشار اليها عند د. احمد ابو الوفا ، مصدر سابق، ص241.
(79)مشار اليه عند د. محمد الطراونة ، مصدر سابق ، ص 166- 167.
(80)المادة(13) من القانون المذكور.
(81) د. احمد ابو الوفا ، مصدر سابق ، ص241.
الـــــمصــــــــــــــــــــــــادر
المصادر باللغة اللعربية.
اولاً: الـــــكــــــــــــــــتــب:
1. جون – هنري هنكرتس ولويز دوزوالد – بك ،القانون الدولي الانساني العرفي،المجلد الاول،برنت لايت للدعاية والاعلان ، القاهرة ،2007.
2. د.عامر الزمالي ، مدخل الى القانون الدولي الانساني ،المعهد العربي لحقوق الانسان ،تونس ،1997.
3. د.علي حسين الخلف ود.سلطان الشاوي ، المبادئ العامة في قانون العقوبات ، المكتبة القانونية ،بغداد،بلا سنة طبع.
4. فرانسواز بونيون ،نحو حل شامل لمشكلة الشارة ،اللجنة الدولية للصليب الاحمر ،ط3،القاهرة ،2005.
5. د. فيصل شطناوي، حقوق الانسان والقانون الدولي الانساني ،ط2،دار الحامد للنشر،عمان ،2001.
6. اللجنة الدولية للصليب الاحمر ، احترام القانون الدولي الانساني وكفالة احترامه ،دليل عمل البرلمانيين رقم 1 لسنة 1991،بلا مكان وسنة طبع.
7. اللجنة الدولية للصليب الاحمر ، القانون الدولي الانساني – اجابات على اسئلتك، بلا مكان طبع ،2006.
8. د. محمد الطراونة واخرون، القانون الدولي الانساني وتطبيقاته على الصعيد الوطني في الاردن ، اللجنة الدولية للصليب الاحمر ، بلا مكان طبع ، 2005.
9. د. محمد فهد الشلالدة ، القانون الدولي الانساني ،منشأة المعارف ، الاسكندرية ،2005.
ثانيـــــــاً : البـــــــــــــحـــــوث:
1. الان اشيليمان ،حماية المحتجزين – عمل اللجنو الدولية وراء القضبان ، بحث منشور في المجلة الدولية للصليب الاحمر ، مختارات من اعداد 2005، اللجنة الدولية للصليب الاحمر ، القاهرة ، 2006.
2. د. اسماعيل عبد الرحمن ، الاسس الاولية للقانون الدولي الانساني ، بحث منشور في القانون الدولي الانساني دليل للتطبيق على الصعيد الوطني، دار المستقبل العربي ،القاهرة ،2000.
3. د. احمد ابو الوفا، القانون المصري الخاص بأستخدام الشعار او الشارة ، بحث منشور في كتاب دراسات في القانون الدولي الانساني ، دار المستقبل العربي ، القاهرة ، 2000.
4. انطوان بوفييه، جوانب خاصة لاستخدام شارة الصليب الاحمر والهلال الاحمر ،بحث متاح على الموقع الالكتروني:
www.icrc.org\web\ara\sitearaO.usf\html
5.جان- فرانسوا كويجينز ، تعليق على البروتوكول الاضافي الثالث الى اتفاقية جنيف المؤرخة في 12\آب\1949 بشأن اعتماد شارة مميزة اضافية (البروتوكول الاضافي) ،بحث منشور في مختارات من المجلة الدولية للصليب الاحمر ، اللجنة الدولية للصليب الاحمر ، برنت لايت للدعاية والاعلان، القاهرة ،2009.
6.د. حبيب سليم ، حماية شارتي الهلال الاحمر والصليب الاحمر وقمع اساءة استعالها،بحث متاح على الموقع الالكتروني:
www.icrc.org\web\ara\sitearaO.usf\html
ثالثـــــــــــاً:الدوريـــــات:
1. مجلة الانساني ،تصدر عن اللجنة الدولية للصليب الاحمر ، العـــدد 10، آيار –حزيران ،2000.
2. مجلة الانساني ،تصدر عن اللجنة الدولية للصليب الاحمر ، العـــدد 11، تموز –آب ،2000.
3. مجلة الانساني ،تصدر عن اللجنة الدولية للصليب الاحمر ، العـــدد35،ربيع 2006.
رابعاً: الاتفاقيات الدولية:
1. اتفاقية جنيف بشأن تحسين حال الجرحى والمرضى العسكريين في الميدان لعام 1906.
2. لائحة لاهاي المتعلقة بقوانين واعراف الحرب البرية لعام 1907.
3. اتفاقية جنيف بشأن تحسين حال الجرحى والمرضى في القوات المسلحة في الميدان لعام 1949.
4. اتفاقية جنيف بشأن تحسين حال الجرحى والمرضى في القوات المسلحة في البحار لعام 1949.
5. البروتوكول الاضافي الاول الملحق بأتفاقيات جنيف الاربع المتعلق بحماية ضحايا النزاعات المسلحة الدولية لعام 1977.
6. البروتوكول الاضافي الثاني الملحق بأتفاقيات جنيف الاربع المتعلق بحماية ضحايا النزاعات المسلحة غير الدولية لعام 1977.
7. القانون النموذجي بشأن استعمال وحماية شارة الصليب الاحمر والهلال الاحمر .
8. لائحة استخدام شارة الصليب الاحمر او الهلال الاحمر بواسطة الجمعيات الوطنية لعام 1991.
9. النظام الاساسي للمحكمة الجنائية الدولية في روما لعام 1998.
10. البروتوكول الاضافي الثالث الملحق بأتفاقيات جنيف الاربع بشأن اعتماد شارة مميزة اضافية لعام 2005.
المصادر باللغة الانكليزية:
- Furth Annual Report on the Implementution of the international humanitarian law at the evel of arab state.
Legal regulation of the distinctive emblem
In international humanitarian law
Teacher Dr. teacher Dr.
Haidar Kadhim Abd Ali Ahmed Shakir Salman
collage of Law collage of Law
University of Babylon University of karbalaa