مشاكل اقتصاد
لم تعد المعرفة كما كانت في السابق قضية تأملية فكرية خالصة، فهي الآن قضية اقتصادية وسياسية واجتماعية...، وفي خضم هذه التحولات نجد أنه من الصعب تحقيق النهضة المعرفية العربية، وذلك للأسباب التالية:
E ركود الحركة العلمية في عصر الانفجار العلمي: تشير معظم المصادر إلى أن المنطقة العربية هي من بين أكثر المستويات انخفاضاً في تمويل البحث العلمي في العالم و هذا ما أفضى إلى:
تدهور نوعية التعليم في البلدان العربية نتيجة تدني التحصيل المعرفي وضعف القدرات التحليلية والابتكارية.
ثمة خلل سياسي بين سوق العمل ومستوى التنمية من ناحية وبين ناتج التعليم من ناحية أخرى، مما انعكس على وضع إنتاجية العمالة، وضعف العائد الاقتصادي والاجتماعي على التعليم في البلدان العربية.
تدني نصيب الإنفاق على البحث والتطوير حيث لا يزيد عن 0,5% من إجمالي الإنفاق العالمي و 0,2% من الناتج الإجمالي، مقارنة بنسبة 3% بالبلدان المتقدمة.
E البنية المؤسسية لقطاع المعلومات:
بادئ ذي بدء علينا أن نميز بين صناعتين في مجال المعلومات :
صناعة أجهزة الحاسبات الالكترونية والاتصالات والصناعات المرتبطة بها في صورة برمجيات واسطوانات تخزين.
وصناعة خدمات المعلومات، أي نواتج الصناعة الأولى المنقولة عبر وسائلها. وتتمثل البنية المؤسسية في الآتي:
- نحو 1200 مؤسسة تعمل في مجال تكنولوجيا المعلومات ومعظمها في الإمارات ثم تليها مصر بـ : 420 شركة.
- بالإضافة إلى الهيئة العربية للتصنيع في مصر بمصانعها الأربعة الكبرى هي مؤسسة قادرة على تطوير الابتكار في مجال صناعة الالكترونيات المدنية خاصة في مجال شاشات كمبيوتر ومعدات الحاسب الالكتروني عموماً.
- عددٌ من الوزارات المعنية بالتنمية التكنولوجية والمعلوماتية في عدة دول عربية مثل صناعة التنمية التكنولوجية ووزارة الاتصالات والمعلومات ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي، ولدينا أيضا أكاديميات البحث العلمي والتكنولوجي التي أنشأت في كثير من الدول العربية للتكوين وهي بمثابة مايسترو العمل العلمي والبحثي والتكنولوجي وينبع لها الآن عشرات من المعاهد و المراكز العلمية.
إذاً، نحن إزاء بنية تحتية لقطاع المعلومات العربية والتكنولوجية لا باس بها ولكنها تفتقر إلى التكامل والأهداف المشتركة وآليات تنفيذ متفانية لتحقيق هدف استراتيجي مازال غائباً حتى الآن.
E دور الإدارة الحكومية في التنمية التكنولوجية:
تكمن نقطة الضعف الأساسية في الأداء التنموي العربي في عجز آلياتنا وأجهزتنا الإدارية على إدارة مواردنا وإمكانياتنا بكفاءة وفاعلية ورشادة، ويبدو عمق هذا الأثر في المجال العلمي والتكنولوجي، حيث تغيب الرؤية الإستراتيجية المتكاملة والسياسات العلمية المنسقة وآليات التنفيذ المتزامنة، وأخيراً كيفية نقل نتائج هذا الجهد إلى مجالات الحياة العلمية والتطبيقية. لذا فان نقطة البداية لرسم خطة إستراتيجية للتنمية الشاملة أو القطاعية ينبغي أن ترتكز على أربعة عناصر أساسية، وهي :
أن تحسم الحكومات العربية بين خيارات متعددة، ولصالح خيارات التنمية البحثية والتكنولوجية كحزمة مترابطة.
أن تحدد الدول العربية آليات دقيقة التنفيذ.
أن تتكامل منظومات تحقيق الهدف، بما في ذلك منظومة التعليم العام العالي والتشريع والإعلام والاقتصاد والتدريب الفني والمهني ومنظومة المعلومات.
تحديد أولويات التنفيذ.


وفي هذا السياق نحاول التركيز على الجانب الخاص بالإدارة الحكومية ودورها في تجسيد بعض هذه الأفكار والرؤى إلى واقع حي ملموس، ومن المرجح أن الإدارة الحكومية في الدول العربية تستطيع أن تؤدي دورها عبر ثلاث مستويات، وهي:
المستوى الأول: التخطيط الكلي، سواءً في صياغة الرؤية العامة أو في توزيع أدوار على المساهمين الرئيسيين (الوزارات، المؤسسات العامة، القطاع الخاص) أو في توفير التمويل.
المستوى الثاني: تخص الجانب التطبيقي، أي إعادة تنظيم البنية المؤسسية لقطاعي البحوث والتطوير والمعلومات.
المستوى الثالث: تخص الجانب التسويقي، سواءً في نطاق تسويق محلي باستخدام آلية الجهاز الحكومي أو في مجال التسويق الدولي.
وإذا ما أردنا الحديث عن اقتصاد المعرفة في الدول العربية، فإنها تتفاوت فيما بينها تفاوتاً نسبياً في دليل اقتصاد المعرفة، فمن الشكل الموالي يُلاحظ أن قيمة دليل اقتصاد المعرفة تتراوح بين: 6.4 للإمارات العربية المتحدة باللون الأزرق و 1.2 لجيبوتي، وبهذا فإن ترتيب الدول العربية ضمن دول العالم يتفاوت بين الترتيب 43 للإمارات العربية المتحدة إلى 132 لجيبوتي وهو الترتيب الرابع قبل الأخير ضمن دول العالم.
دليل اقتصاد المعرفة في لدول العربية



المصدر: تقرير المعرفة العربي لسنة 2009، نحو تواصل معرفي منتج، برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، دار الغرير للطباعة والنشر، دبي، الإمارات العربية المتحدة، 2009، ص: 234. 

و فيما يلي جدول يوضح مراكز الدول العربية بالمقارنة مع دول العالم فيما تعلق بدليل اقتصاد المعرفة:
الدولة


قيمة الدليل ضمن 135 دولة في العالم
الحوافز الاقتصادية    والنظام المؤسساتي
نظام                                                                                   الإبداع
التعليم           والموارد  البشرية
تنقية المعلومات   والاتصالات
دليل اقتصاد     المعرفة
الفجوة بين   أدنى مرتكز وأعلى مرتكز
الجزائر
2.6
3.5
3.7
3.2
3.3
1.1
البحرين
6.9
4.3
5.8
7.2
6.1
2.9
جيبوتي
1.2
1.4
0.5
1.7
1.2
1.2
مصر
3.6
4.5
4.4
3.5
4.0
1.0
العراق
0.3
4.2
2.4
3.6
2.6
3.9
الأردن
5.8
5.7
5.5
4.6
5.4
1.2
الكويت
7.0
5.0
5.1
7.3
6.1
2.3
لبنان
4.8
4.7
5.0
5.8
5.0
1.1
ليبيا
1.5
3.9
5.6
2.5
3.4
4.1
موريتانيا
4.0
1.8
0.7
1.9
2.1
3.2
المغرب
3.9
3.7
2.0
4.2
3.4
2.2
عمان
7.4
5.1
4.2
4.9
5.4
3.1
قطر
6.0
5.8
5.3
7.1
6.0
1.8
السعودية
5.4
4.0
5.0
5.9
5.1
1.9
السودان
0.7
2.0
1.3
3.5
1.9
2.8
سورية
1.6
3.5
3.0
3.5
2.9
1.9
تونس
5.3
4.6
4.1
5.0
4..7
1.2
الإمارات
7.0
6.8
4.6
7.1
6.4
2.5
اليمن
1.8
1.8
1.8
1.7
1.8
0.1
الترتيب ضمن 135 دولة في العالم :
الجزائر
109
91
94
99
96
18
البحرين
48
76
53
38
48
38
جيبوتي        
123
134
132
118
132
16
مصر
91
71
80
93
83
22
العراق
135
78
106
89
108
57
الأردن
55
55
57
73
62
18
الكويت
43
66
66
36
47
30
لبنان
69
68
72
62
68
10
ليبيا
120
83
56
106
93
64
موريتانيا
83
125
129
115
116
46
المغرب
87
88
109
78
92
31
عمان
37
65
87
66
63
50
قطر
52
54
61
43
49
18
السعودية
61
80
71
57
67
23
السودان
131
122
120
96
120
35
سورية
118
94
100
95
104
24
تونس
65
69
88
65
72
23
الإمارات
45
43
77
42
43
35
اليمن
116
126
114
116
122
12
الجدول رقم -6-
دليل اقتصاد المعرفة للدولة العربية بالمقارنة مع دول العالم




المصدر: تقرير المعرفة العربي لسنة 2009، نحو تواصل معرفي منتج، برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، دار الغرير للطباعة والنشر، دبي، الإمارات العربية المتحدة، 2009، ص: 235. 


الرؤية الاستشرافية لاقتصاد المعرفة في الوطن العربي:
في الوقت الذي تلوح في الأفق نهاية الاقتصاد الحالي، ومن المنتظر أن يبدأ الاقتصاد خلال مدة الحياة العملية للشباب الذين يدخلون ميدان العمل الذي فيه قطاع المعلومات هو القطاع الاقتصادي القائم بذاته وهو القاسم المشترك للقطاعات الأخرى، وعامل أساسي في تحديد قوتها نجد أن اقتصاد العالم العربي ما زال مرتبط بأسعار النفط وليس هناك بنية تحتية ولا استثمارات ولا قوانين تواكب التطور التكنولوجي، حيث أنه لم يستعد بعد للدخول في زمرة مجتمعات المعلومات، رغم أن صناعة المعلومات قد تطورت إلى حد ما في البلدان العربية مثل لبنان، في ظل هذه الظروف علينا أن نحدد أولا ملامح الوطن العربي فيما يخص عصر المعلومات وتكنولوجية المعلومات، حيث تعكس لنا المؤشرات مظاهر الخلل الاقتصادي الشديد المتمثل بانخفاض القدرات الإنتاجية وتآكل المزايا النسبية للعمالة العربية الرخيصة، والتضخم والعجز الشديد في ميزان المدفوعات، هذا العجز الذي سوف يتفاقم كلما ازدادت أهمية الدور الذي يلعبه قطاع المعلومات وصناعة البرمجيات في حجم التبادل التجاري، في الوقت الذي يتطلب الأمر منا أن ندخل القرن الواحد والعشرين ككتلة واحدة تمتلك مقومات الولوج إلى عصر المعلومات باقتدار، والتي تتمثل بمنظمات ذات هياكل تنظيمية مرنة وقوانين بعيدة عن البيروقراطية، ونظام تعليمي قادر على استيعاب التطورات الحديثة في مجال المعرفة وتكنولوجية المعلومات  من خلال برامجه التعليمية على مختلف المستويات، وبالرغم من حجم التحديات التي يواجهها الوطن العربي فإن التقدم العلمي وسهولة نقل المعرفة يمكن أن تتيح لها فرص النمو الاقتصادي، كما يمكن الاعتماد على الدول المتقدمة في نقل المعرفة والتكنولوجية لتكوين قاعدة معرفية نستطيع من خلالها تحقيق مفهوم الاعتماد على الذات .
إن تحقيق هذا الهدف يتم من خلال جملة من الأمور الواجب تحقيقها، والتي يمكن أن تساعدنا في تحقيق مفهوم الاعتماد على الذات، وهي: [[1]]
ضرورة تطوير النظام التعليمي والذي يعتبر من أهم مقومات مجتمع المعلومات، بحيث يكون قادراً على تشجيع تنمية القدرات وحل المشكلات والإبداع والابتكار، أي خلق جيل قادر على إيجاد المعلومة وتنظيمها وإدارتها وتحويلها إلى معرفة، والانطلاق من فكرة أن الجميع يتعلم وأن الإنسان لا يتوقف عن تلمذته حتى موته .
بناء قاعدة علمية معرفية تكنولوجية ذاتية نستطيع من خلالها خدمة الأهداف ذات الأولويات لمجتمعنا .
تعبئة المدخرات الوطنية وتطويرها أي القدرات الذاتية وتحديد الأولويات مع الآخذ بنظر الاعتبار التطورات العالمية .
الاهتمام بتكنولوجية المعلومات من قبل مختلف القطاعات باعتبارها أساس الاقتصاد الحالي أساس استمراره ونموه.
توفير البنية التحتية لاقتصاد المعلومات والمتمثلة بشبكات الاتصالات التي تقوم عليها كافة النشاطات الاقتصادية من خلال ربط أجهزة الحاسوب بوسائل الاتصالات التي تتيح للجميع إمكانية الربط بين مختلف أرجاء العالم كوسيلة لتحقيق التوسع والانتشار الجغرافي لمختلف القطاعات الصناعية والخدمية.
إتاحة الفرصة للاستثمارات التي لا تمتلك رؤوس أموال هائلة ولكنها تمتلك القدرة على العمل في قطاع المعلومات وتمتلك الخبرة وروح المبادرة والتنظيم الإداري المتطور، مما يشكل فرصة عظيمة أمام الجيل الجديد من المستثمرين وتستفيد من شبكة الإنترنت واستخدام تكنولوجيا المعلومات .
وضع سياسة للمعلومات على المستويين الوطني والإقليمي ويفضل أن تكون هناك إستراتيجية للمعلومات على المستوى الوطني ويجب أن تتسم سياسة المعلومات بالشمول والمرونة وقابلية التطبيق.
جعل المدخل المعلوماتي منطلق لتحقيق الاندماج والتكامل العربي وهذا ما يؤكد عليه كبديل للمدخل الاقتصادي أو الأمني.

[1] : سلوى أمين السامرائي، رؤية تشخيصية للمجتمع المعرفي في ظل اقتصاد المعرفة، مجلة العلوم الاقتصادية والإدارية، جامعة الإسراء الخاصة، كلية العلوم الإدارية والمالية، قسم نظم الملومات الإدارية، المجلد 14، العراق، 2008، ص: 102-103.
Previous Post Next Post