الإيمــــان بالكتـــــب
والإيمان بالكتب هو الركن الثالث من أركان الإيمان وأصول العقيدة التي لا يصح إيمان المكلف إلا إذا حققها على وجهها الصحيح، والمقصود بهذا الركن هو التصديق الجازم بأن لله كتبا أنزلها على أنبيائه ورسله، وهي من كلامه حقيقة، وأنها نور وهدى، وكل ما تضمنته حق وصدق ولا يعلم عددها إلا الله، والواجب الإيمان بها إجمالا إلا ما ورد منها مفصلا فيجب الإيمان بها على التفصيل.
وقد تضافرت أدلة القرآن، والسنة الصحيحة، وإجماع أصحاب الديانات السماوية الثلاث على وجوب الإيمان بكتب الله ورسالاته، وأن ذلك من أصول الإيمان الأساسية. كما توعد سبحانه من يؤمن ببعض الكتاب ويكفر بالآخر بأشد العذاب والخزي في الدنيا والآخرة
ويتكرر في كتاب الله الإشارة إلى أن تكذيب الرسالات وعدم الانصياع لما جاء فيها من أعظم أسباب هلاك الأمم وحلول نقمة الله وتعذيبه لها، وقد أخبر الله عما قاله نبيان كريمان من أنبياء الله بعدما نزل العذاب بقومهما، ففي سياق الكلام عن صالح عليه السلام
وأما أدلة السنة فمن أشهرها حديث جبريل المعروف والذي تكرر معنا مرارا وفيه أنه سأل النبي ^ عن الإيمان فقال: «الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر» وثبت عنه ^ أنه قال: «إذا أتيت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة ثم اضطجع على شقك الأيمن ثم قل اللهم أسلمت وجهي إليك وفوضت أمري إليك وألجأت ظهري إليك رغبة ورهبة إليك لا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك اللهم آمنت بكتابك الذي أنزلت وبنبيك الذي أرسلت فإن مت من ليلتك فأنت على الفطرة واجعلهن آخر ما تتكلم به»([111]).
وأما إجماع أصحاب الديانات السماوية الثلاثة على وجوب الإيمان بالكتب الموحى بها من الله، فهو أمر لا يحتاج إلى كثير استدلال، وكل تلك الديانات قائمة في أصولها وفروعها وأحكامها على ما ورد في كتبها المنزلة، مع ضرورة التنبيه إلى ما حدث في التوراة والإنجيل من تأويل وتحريف أصاب الألفاظ والمعاني ومن ثم الأحكام المستنبطة من تلك الكتب، بحيث لم يبق كتاب على الوجه الصحيح الذي أنزله الله تعالى سوى القرآن الكريم كما سنعرض لذلك فيما بعد إن شاء الله.