مسألة وصف الأحكام الشرعية بالقطعية أو بالظنية .
فهل توصف الأحكام الشرعية بالقطعية أو بالظنية ؟ وهل كلها قطعية أو كلها ظنية ؟
أو أحكام الشرع فيها ماهو قطعي وفيها ماهو ظني .
والمقصود بالأحكام الشرعية (الأحكام العملية) (أحكام الفقه) وليست أحكام الاعتقاد
* فجرى بعض العلماء على وصف الأحكام الشرعية بأنها قطعية مطلقاً ، ولذلك يقول (ابن بَرهان) : أن الحكم عندنا قطعياً في الأحوال كلها سواء أضيف إلى الدليل القطعي أو الظني .
ونقل عن(الحنفية) أنهم يخالفون في هذا ويقولون: بأن الحكم ظنياً في جميع الأحوال وليس بقطعي .
والحقيقة إن إطلاق وصف الظنية أو القطعية على الحكم منفرداً دون تفصيل هذا يعد أمرا بعيداً ومحل نظر
فلابد من خلال حقيقة الواقع نجد إن الحكم يمكن أن يتنوع إلى نوعين فيكون منه ماهو ظني ومنه ماهو قطعي وذلك بحسب الدليل الذي نتج عنه هذا الحكم وبحسب دلالة الخطاب على المراد منه.
ولذلك فالمحققون من العلماء (يتفقون على أن الحكم ينقسم إلى ماهو قطعي وإلى ماهو ظني (
وفي هذا يقول (الزركشي) في(البحر المحيط) : لكن الحق انقسام الحكم إلى قطعي وظني ؛ ثم قال : ومن صرح بذلك من الأقدمين(الشيخ أبو إسحاق الشيرازي) في (كتاب الحدود(ومن المتأخرين (ابن السمعاني) في (القواطع) وإنما قالوا الفقه العلم بأحكام الشريعة مع أن فيه ظنيات كثيرة لأن ماكان فيه من الظنيات فهي مستندة إلى العمليات .
وقال (ابن التلمساني) : أنه الحق .ثم نقل (الزركشي) عن) الأصفهاني) قوله : من الأحكام مايثبت بأدلة حصل العلم بمقتضاها ؛ وذلك في الأحكام الثابنة بنصوص إحتفت بقرائن تدفع الإحتمالات المتعارضة عنها بإنحصار تعيين المدلول في واحد ومنها ماثبت بأخبار آحاد أو نصوص لم تعضد بما يدفع الإحتمال فتلك الأحكام مظنونة لا معلومة ثم قال وهذا هو الحق الذي لايأتيه الباطل من بين يديه .
والحقيقة (أن تقسيم الأحكام الشرعية إلى ظنية وقطعية هو الصحيح بحسب النظر إلى الدليل المثبت لها(.
وقد مر معنا مثلاً :
أن الأحكام قد مايكون منها في الواجبات والفروض يكون منها ماهو قطعي وماهو ظني مع الخلاف بيننا وبين
) الحنفية) في قضية تقسيم الحكم إلى فرض وإلى واجب وهذا خلاف في التسمية .
أيضاً بالنظر إلى أن هناك محرم مكروه تحريماً والنظر فيه إلى دليل مثبت هل هو دليل قطعي أو دليل ظني والخلاف في التسمية .
لكن (العلماء) في الغالب ينظرون إلى الدليل المثبت هل هو قطعي أو ظني ويبنون عليه جملة من الأحكام وهذا يتقرر منه أن الأحكام منها ماهو قطعي ومنها ماهو ظني .
وقد بينا في خلال بحثنا للفرض والواجب والمحرم والمكروه تحريماً مايترتب على عد هذا الحكم قطعي أو عده ظني بغض النظر عن تسميته باسم معين هذا في ما يتعلق بمسألة وصف الأحكام الشرعية بالقطعية أو الظنية .
وبختام الكلام عن هذه المسألة نختم الكلام على مسائل الحكم التكليفي .
والباقي تكرار لما في الحلقات السابقة وماهو في الحلقة القادمة.
وابتداء من هذه الحلقة سينتقل موضوع كلامنا إلى جزئية أخرى من جزئيات هذا المقرر وهو ما يتعلق بموضوع