إطلاقات السبب عند الفقهاء:
لما كان علم الأصول مضافا إلى الفقه لأنه يفيده ويحقق الاجتهاد فيه فكان المتوقع أن يكون الفقهاء تابعين للأصوليين في اعتبار حقيقة السبب غير أننا نجدهم في كتب  الفروع يطلقون لفظ السبب على عدة أمور قد تبدوا مخالفة لما اصطلح عليه الأصوليون في مفهوم السبب وذكر الغزالي وابن قدامة
 أن لفظ السبب في اصطلاح الفقهاء مشترك في عدة معاني :
1- يطلقون السبب في مقابل المباشرة حيث قالوا: إن حافر البئر صاحب سبب والمُربي الشخص الذي وقف على بئر ودفعه شخص آخر _ فالدافع هذا أو المربي صاحب علة لأن الهلاك بالتربية لا بالحفر وإذا اجتمع السبب والمباشرة غلبت المباشرة ووجب الضمان على المباشر وانقطع حكم المتسبب.
2- الرمي لأن الرمي سبب للقتل من حيث أنه سبب للعلة وهو إذا دققنا فيه علة العلة فهو علة للإصابة والإصابة علة للزهوق –زهوق الروح_ ولكن لما حصل الموت بالإصابة المتوسطة بين الرمي والزهوق كان الرمي شبيهاً بالسبب في وضع السبب وهو ما كان مفضياً إلى الشيء وطريقا إليه فسمو سبباً لذلك. 
3- العلة الشرعية بدون شرطها : كالنصاب بدون الحول فإنه سبباً لوجب الزكاة وكاليمين  بدون الحنث فإنها سبب لوجوب الكفارة.
4- العلة الشرعية الكاملة التي توجب الحكم وهي المجموع المركب من المقتضي والشرط وانتفاء المانع ووجود الأهل والمحل ومثلوا لذلك :

بحصول الملك في البيع والنكاح فإنه حكم شرعي مقتضيه القبول والإيجاب وشرطه ما ذكر من شروطه في كتب الفقه ومحله العين المبيعة والمرأة المعقود عليها وأهله هو كون العاقد صحيح العبارة ونحو ذلك وذكر الغزالي أن إطلاق السبب على العلة الشرعية الكاملة هو أبعد الوجوه عن وضع اللسان يعني عن وضع اللغة باعتبار أن السبب في وضع اللغة عبارة عن ما يحصل الحكم عنده لا به بخلاف العلة فإنها موجبة للحكم شرعاً. 
وحاصل القول أن هذه الإطلاقات ما عدا الأول منها كلها تنتظم في سلك العلة فهذه الإطلاقات تدخل في مسمى السبب عند الأصوليين من حيث الجملة باعتبار ما يوجد فيها من معاني السبب.

Previous Post Next Post