أشباه العقود المنزلة منزلة الوَكالة
عقد الفضالة
إذا باشر شخص، باختياره أو بحكم الضرورة، شؤون أحد من الغير، في غيابه أو بدون علمه، وبدون أن يرخص له في ذلك منه أو من القاضي، قامت هناك علاقة قانونية مماثلة للعلاقة الناشئة عن الوَكالة وخضعت للأحكام الآتية:
على الفُضولي أن يمضي في العمل الذي بدأه إلى أن يتمكن رب العمل من الاستمرار فيه بنفسه، إذا كان من شأن انقطاع العمل أن يضر برب العمل.
على الفُضولي أن يبذل في مباشرته العمل، عناية الحازم الضابط لشؤون نفسه، وأن يسير فيه على مقتضى رغبة رب العمل المعروفة منه أو المفترضة، وهو مسؤول عن كل خطإ يقع منه، ولو كان يسيرا. أما إذا كان تدخله بقصد دفع ضرر حال وكبير كان يهدد رب العمل، أو بقصد إتمام واجبات وكالة كانت لموروثه فإنه لا يسأل إلا عن تدليسه أو خطإه الفاحش.
يتحمل الفُضولي بنفس الالتزامات التي يتحمل بها الوكيل بالنسبة إلى تقديم الحسابات ورد كل ما يتسلمه نتيجة مباشرة العمل.
وهو يتحمل بكل الالتزامات الأخرى الناشئة من الوَكالة الصريحة.
الفُضولي الذي يتدخل في شؤون غيره، خلافا لرغبته المعروفة أو المفترضة أو الذي يجري عمليات تخالف رغبته المفترضة، يسأل عن كل ما يلحق رب العمل من ضرر نتيجة فعله ولو لم يكن هناك خطأ يمكن أن يعزى إليه.
غير أنه لا يجوز الاحتجاج بمخالفة رغبة رب العمل، إذا اضطر الفُضولي لأن يعمل على وجه السرعة ما يقتضيه:
أولا - الوفاء بالتزام يتحمل به رب العمل ويتطلب الصالح العام تنفيذه؛
ثانيا - الوفاء بالتزام قانوني بالنفقة أو بالمصروفات الجنائزية أو بالتزامات أخرى من نفس طبيعتها.
إذا باشر الفُضولي العمل في مصلحة صاحبه وعلى وجه ينفعه، كسب هذا الأخير كل الحقوق وتحمل مباشرة بكل الالتزامات التي تعاقد الفُضولي عليها لحسابه ويجب عليه أن يبرئ الفُضولي من كل العواقب المترتبة على مباشرته العمل، وأن يعوضه عن المبالغ التي سبقها وعن المصروفات التي أنفقها والخسائر التي تحملها، وفقا لأحكام الفصل 914.
وتعتبر مباشرة العمل حسنة، أيا ما كانت نتيجته، إذا كان عند إجرائه، مطابقا لقواعد الإدارة الحسنة، وفقا لما تقتضيه ظروف الحال.
إذا كان العمل مشتركا بين عدة أشخاص، التزم هؤلاء تجاه الفُضولي بنسبة مصلحة كل منهم فيه، وفقا لأحكام الفصل السابق.
للفُضولي حق حَبْس الأشياء المملوكة لرب العمل، من أجل ضمان المبالغ التي يمنحه الفصل 949 حق استردادها.
وليس له ذلك إذا تدخل في أمر صاحب الحق كرها عليه.
في جميع الحالات التي لا يلتزم فيها رب العمل بأن يدفع للفُضولي ما أنفقه من المصروفات، يسوغ لهذا الأخير أن يزيل ما أجراه من التحسينات، بشرط أن يمكنه ذلك من غير ضرر، أو أن يطلب من رب العمل تسليمه الأشياء التي اشتراها له إذا لم يقبلها.
من أسس الفضالة أن تكون بغير أجر.
لا يلتزم رب العمل بدفع أي مبلغ، إذا كان الفُضولي قد باشر العمل بدون قصد استرداد ما يسبقه. وهذا القصد يفترض:
أ - إذا كان العمل قد أجري برغم إرادة صاحب الحق، مع استثناء الحالة المنصوص عليها في الفصل 948؛
ب - في جميع الأحوال التي يظهر فيها بوضوح من الظروف أنه لم يكن لدى الفُضولي قصد استرداد تسبيقاته.
إذا غلط الفُضولي في شخصية رب العمل، فإن الحقوق والالتزامات الناشئة من مباشرة العمل تقوم بينه وبين رب العمل الحقيقي.
إذا تصرف شخص في أمر ظنا منه أنه له، فتبين أنه لغيره فإن العلاقات التي تقوم بينه وبين ذلك الغير تخضع للأحكام المتعلقة بالإثراء بلا سبب.
موت الفُضولي ينهي الفضالة، وتخضع التزامات ورثته لأحكام الفصل 941.
إذا أقر رب العمل صراحة أو دلالة، ما فعله الفُضولي، فإن الحقوق والالتزامات الناشئة بين الطرفين تخضع لأحكام الوَكالة ابتداء من مباشرة العمل. أما في مواجهة الغير، فلا يكون للإقرار أثر إلا ابتداء من وقت حصوله.
عقد الاشتراك
الاشتراك نوعان:
أولا - الشياع أو شبه الشركة؛
ثانيا - الشركة بمعناها الحقيقي أو الشركة العقدية.
المالك على الشياع
الشياع أو شبه الشركة
إذا كان الشيء أو الحق لأشخاص متعددين بالاشتراك فيما بينهم وعلى سبيل الشياع فإنه تنشأ حالة قانونية تسمى الشياع أو شبه الشركة. وهي إما اختيارية أو اضطرارية.
عند الشك، يفترض أن أنصباء المالكين على الشياع متساوية.
لكل مالك على الشياع أن يستعمل الشيء المشاع بنسبة حصته فيه على شرط ألا يستعمله استعمالا يتنافى مع طبيعته أو مع الغرض الذي أعد له، وألا يستعمله استعمالا يتعارض مع مصلحة بقية المالكين، أو على وجه يترتب عليه حرمانهم من أن يستعملوه بدورهم وفقا لما تقتضيه حقوقهم.
ليس لأي واحد من المالكين على الشياع أن يجري تجديدا على الشيء المشاع بغير موافقة الباقين. وعند المخالفة، تطبق القواعد الآتية:
أ - إذا كان الشيء قابلا للقسمة، شرع في قسمته، فإن خرج الجزء الذي حصل فيه التجديد في نصيب من أجراه، لم يكن هناك رجوع لأحد على آخر. أما إذا خرج في نصيب غيره، كان لمن خرج في نصيبه الخيار بين أن يدفع قيمة التجديدات وبين أن يلزم من أجراها بإزالتها وإعادة الأشياء إلى حالتها؛
ب - إذا كان الشيء غير قابل للقسمة، حق لباقي المالكين على الشياع أن يلزموا من أجرى التجديدات بإعادة الأشياء إلى حالها على نفقته وذلك مع التعويض إن كان له محل.
إذا كان الشيء لا يقبل القسمة بطبيعته، كسفينة أو حمام لم يكن لأي واحد من المالكين إلا الحق في أخذ غلته، بنسبة نصيبه. ويلزم إكراء هذا الشيء لحساب المالكين جميعهم، ولو عارض فيه أحدهم.
على كل واحد من المالكين على الشياع أن يقدم للباقين حسابا عما أخذه زائدا على نصيبه من غلة الشيء المشترك.
للمالكين على الشياع أن يتفقوا فيما بينهم على أن يتناوبوا الاستئثار بالانتفاع بالشيء أو الحق المشترك. وفي هذه الحالة، يسوغ لكل واحد منهم أن يتصرف، على سبيل التبرع أو المُعاوضة، في حقه في الانتفاع بالشيء لمدة انتفاعه. ولا يلتزم بأن يقدم لبقية المالكين حسابا عما يأخذه من الغلة.
غير أنه لا يسوغ له أن يجري أي شيء من شأنه أن يمنع أو ينقص حقوق بقية المالكين في الانتفاع بالشيء، عندما يحين دورهم فيه.
على كل مالك على الشياع أن يحافظ على الشيء المشاع بنفس العناية التي يبذلها في المحافظة على الأشياء الخاصة به، وهو مسؤول عن الأضرار الناشئة عن انتفاء هذه العناية.
لكل مالك على الشياع الحق في أن يجبر باقي المالكين على المساهمة معه، كل بقدر نصيبه، في تحمل المصروفات اللازمة لحفظ الشيء المشاع وصيانته ليبقى صالحا للاستعمال في الغرض الذي أعد له، ولهم حق التخلص من هذا الالتزام:
أولا: ببيع أنصبائهم، مع حفظ حق المالك على الشياع الذي عرض أو يعرض تحمل المصروفات، في أن يشفع الحصص المبيعة؛
ثانيا: بتركهم، للمالك الذي أنفق المصروفات، الانتفاع بالشيء المشاع أو غلته حتى استيفاء كل ما أنفقه لحساب الجميع؛
ثالثا: بطلبهم القسمة، إن كانت ممكنة. غير أنه إذا كانت المصروفات قد أنفقت بالفعل، وجب على كل منهم أداء حصته فيها.
على كل واحد من المالكين على الشياع أن يتحمل، مع الباقين، التكاليف المفروضة على الشيء المشاع ونفقات إدارته واستغلاله، ويتحدد نصيب كل واحد منهم في هذه التكاليف والنفقات بحسب حصته.
المصروفات النافعة ومصروفات الزينة والترف التي أنفقها أحد المالكين على الشياع لا تخولهم حق الاسترداد تجاه الباقين، ما لم يكونوا قد أذنوا في إنفاقها صراحة أو دلالة.
قرارات أغلبية المالكين على الشياع ملزمة للأقلية، فيما يتعلق بإدارة المال المشاع والانتفاع به، بشرط أن يكون لمالك الأغلبية ثلاثة أرباع هذا المال.
فإذا لم تصل الأغلبية إلى الثلاثة أرباع، حق للمالكين أن يلجأوا للقاضي. ويقرر هذا ما يراه أوفق لمصالحهم جميعا. ويمكنه أن يعين مديرا يتولى إدارة المال المشاع أو أن يأمر بقسمته.
قرارات الأغلبية لا تلزم الأقلية:
أ - فيما يتعلق بأعمال التصرف، وحتى أعمال الإدارة التي تمس الملكية مباشرة؛
ب - فيما يتعلق بإجراء تغيير في الاشتراك أو في الشيء المشاع نفسه؛
ج - في حالات التعاقد على إنشاء التزامات جديدة.
في الحالات المذكورة آنفا، يِؤخذ برأي المعترضين. ولكن يسوغ لباقي المالكين أن يباشروا ما يخوله الفصل 115، إذا اقتضى الحال.
لكل مالك على الشياع حصة شائعة في ملكية الشيء المشاع وفي غلته، وله أن يبيع هذه الحصة، وأن يتنازل عنها، وأن يرهنها، وأن يحل غيره محله في الانتفاع بها، وأن يتصرف فيها بأي وجه آخر سواء أكان تصرفه هذا بمقابل أم تبرعا وذلك كله ما لم يكن الحق متعلقا بشخصه فقط.
إذا باع أحد المالكين على الشياع لأجنبي حصته الشائعة، جاز لباقيهم أن يشفعوا هذه الحصة لأنفسهم، في مقابل أن يدفعوا للمشتري الثمن ومصروفات العقد والمصروفات الضرورية والنافعة التي أنفقها منذ البيع. ويسري نفس الحكم في حالة المُعاوضة.
ولكل من المالكين على الشياع أن يشفع بنسبة حصته. فإذا امتنع غيره من الأخذ بها لزمه أن يشفع الكل. ويلزمه أن يدفع ما عليه معجلا، وعلى الأكثر خلال ثلاثة أيام، فإن انقضى هذا الأجل لم يكن لمباشرة حق الشفعة أي أثر.
لا تكون الشفعة فقط في الحصة المبيعة من المالك على الشياع. ولكنها تمتد أيضا بقوة القانون إلى ما يدخل في هذه الحصة باعتباره من توابعها. ويجوز أن تكون الشفعة في توابع الحصة المشاعة وحدها، إذا بيعت مستقلة عنها.
يسقط حق المالك على الشياع في الأخذ بالشفعة بعد مضي سنة من علمه بالبيع الحاصل من المالك معه، ما لم يثبت أن عائقا مشروعا قد منعه منها كالإكراه.
ويسري هذا الأجل حتى على القاصرين متى كان لهم نائب قانوني.
الشياع أو شبه الشركة ينتهي:
أولا: بالهلاك الكلي للشيء المشاع؛
ثانيا: ببيع المالكين حصصهم لأحدهم أو بتخليهم له عنها؛
ثالثا: بالقسمة.
لا يجبر أحد على البقاء في الشياع. ويسوغ دائما لأي واحد من المالكين أن يطلب القسمة. وكل شرط يخالف ذلك يكون عديم الأثر.
ويجوز مع ذلك، الاتفاق على أنه لا يسوغ لأي واحد من المالكين طلب القسمة خلال أجل محدد، أو قبل توجيه إعلام سابق. إلا أنه يمكن للمحكمة حتى في هذه الحالة أن تأمر بحل الشياع وبإجراء القسمة، إن كان لذلك مبرر معتبر.
لا يسوغ طلب القسمة، إذا كان محل الشياع أعيانا من شأن قسمتها أن تحول دون أداء الغرض الذي خصصت له.
دعوى القسمة لا تسقط بالتقادم.
عقد الشركة
الشركة العقدية
القواعد العامة المتعلقة بالشركات المدنية والتجارية[1]
الشركة عقد بمقتضاه يضع شخصان[2] أو أكثر أموالهم أو عملهم أو هما معا، لتكون مشتركة بينهم، بقصد تقسيم الربح الذي قد ينشأ عنها.
الاشتراك في الأرباح الذي يمنح للمستخدمين ولمن يمثلون شخصا أو شركة، في مقابل خدماتهم كليا أو جزئيا لا يكفي وحده ليخولهم صفة الشركاء ما لم يقم دليل آخر بالعقد على الشركة.
لا يجوز عقد الشركة:
أولا - بين الأب وابنه المشمول بولايته؛
ثانيا - بين الوصي والقاصر إلى أن يبلغ هذا الأخير رشده ويقدم الوصي الحساب عن مدة وصايته ويحصل إقرار هذا الحساب؛
ثالثا - بين مقدم على ناقص الأهلية أو متصرف في مؤسسة خيرية وبين الشخص الذي يدير أمواله ذلك المقدم أو المتصرف.
الإذن في مباشرة التجارة الممنوح للقاصر أو لناقص الأهلية من أبيه أو مقدمه لا يكفي لجعله أهلا لعقد الشركة مع أحدهما.
الفصل 985 غرض مشروع. وتبطل بقوة القانون كل شركة يكون غرضها مخالفا للأخلاق الحميدة أو للقانون أو للنظام العام.
تبطل بقوة القانون، بين المسلمين، كل شركة يكون محلها أشياء محرمة بمقتضى الشريعة الإسلامية، وبين جميع الناس، كل شركة يكون محلها أشياء خارجة عن دائرة التعامل.
تعقد الشركة بتراضي أطرافها على إنشائها وعلى شروط العقد الأخرى مع استثناء الحالات التي يتطلب القانون فيها شكلا خاصا. إلا أنه إذا كان محل الشركة عقارات أو غيرها من الأموال مما يمكن رهنه رهنا رسميا وأبرمت لتستمر أكثر من ثلاث سنوات، وجب أن يحرر العقد كتابة وأن يسجل على الشكل الذي يحدده القانون.
يسوغ أن تكون الحصة في رأس المال نقودا أو أشياء أخرى، منقولة كانت أو عقارية أم حقوقا معنوية. كما يسوغ أيضا أن تكون عمل أحد الشركاء أو حتى عملهم جميعا. ولا يسوغ بين المسلمين، أن تكون هذه الحصة مواد غذائية.
يسوغ أن يكون مَناب أحد الشركاء في رأس المال ماله من الائتمان التجاري.
يصح أن تكون حصص الشركاء في رأس المال متفاوتة في قيمتها ومختلفة في طبيعتها.
وعند الشك، يعتبر أن الشركاء قد قدموا حصصا متساوية.
يلزم تعيين الحصة وتحديدها، وإذا تضمنت حصة أحد الشركاء كل أمواله الحاضرة وجب إحصاء هذه الأموال. وإذا كانت الحصة أشياء أخرى غير النقود، لزم تقدير الأشياء على حسب قيمتها في تاريخ وضعها في رأس المال. فإن لم تقم على هذا الوجه، اعتبر أن الشركاء قد ارتضوا الركون إلى السعر الجاري للأشياء في تاريخ تقديم الحصة، فإن لم يكن لهذه الأشياء سعر جار قدرت قيمتها وفق ما يقرره أهل الخبرة.
رأس مال الشركة يتكون من مجموع الحصص المقدمة من الشركاء، والأشياء المكتسبة بواسطة هذه الحصص للقيام بأعمال الشركة.
وتعتبر أيضا جزءا من رأس مال الشركة:
التعويضات عن هلاك أو تعيب أو نزع ملكية أحد الأشياء الداخلة في رأس المال، وذلك في حدود قيمته الأصلية عند دخوله فيه، وفقا لما يقضى به العقد.
رأس المال يعتبر مملوكا للشركاء ملكية مشتركة، ولكل منهم نصيب شائع فيه بنسبة قيمة حصته.
يجوز عقد الشركة لمدة محددة أو غير محددة، وإذا عقدت بقصد إجراء عمل يستغرق تنفيذه مدة معينة، اعتبرت أنها قد أبرمت لكل المدة التي يستمر خلالها إنجاز هذا العمل.
تبدأ الشركة من وقت إبرام العقد، ما لم يقرر الشركاء لابتدائها تاريخا آخر، ويسوغ أن يكون هذا التاريخ سابقا على العقد.
الفرع الثاني: آثار الشركة بين الشركاء وبالنسبة إلى الغير
1 – آثار الشركة بين الشركاء
كل شريك مدين للشركاء الآخرين بكل ما وعد بتقديمه للشركة.
وعند الشك، يفترض أن الشركاء قد التزموا بتقديم حصص متساوية.
على كل شريك أن يسلم حصته في الوقت المتفق عليه، فإن لم يحدد لهذا التسليم أجل لزم حصوله فور إبرام العقد، إلا ما تقتضيه طبيعة الشيء أو المسافات من زمن.
وإذا كان أحد الشركاء مماطلا في تقديم حصته، ساغ لباقي الشركاء أن يطلبوا الحكم بإخراجه أو أن يلزموه بتنفيذ تعهده. وذلك مع حفظ الحق بالتعويضات في كلتا الحالتين.
إذا تضمنت حصة الشريك في رأس مال الشركة دينا أو عدة ديون له على الغير، فإن ذمته لا تبرأ إلا من وقت استيفاء الشركة المبلغ الذي قدم لها الدين في مقابله. والشريك مسؤول أيضا تجاه الشركة عن التعويضات، إذا لم يقع استيفاء الدين الذي قدمه عند حلول أجل استحقاقه.
إذا كانت حصة الشريك حق ملكية عين محددة بذاتها، فإنه يتحمل تجاه الشركاء الآخرين بنفس الضمان الذي يتحمل به البائع، من أجل العيوب الخفية التي تشوب هذه العين واستحقاقها. فإن لم ترد حصة الشريك إلا على منفعة العين، تحمل بالضمان الذي يتحمل به المكري. ويضمن الشريك كذلك، بنفس الشروط ما وسعته العين.
الشريك الذي التزم بأن يقدم حصته في الشركة عملا يلتزم بأن يؤدي الخدمات التي وعد بها، وبأن يقدم حسابا عن كل ما كسبه، منذ إبرام العقد بمزاولته العمل الذي قدمه حصة له.
على أنه لا يلزم بأن يقدم للشركة براءات الاختراع التي حصل عليها، ما لم يكن هناك اتفاق يقضي بخلافه.
إذا هلكت حصة الشريك أو تعيبت، بسبب حادث فجائي أو قوة قاهرة، بعد العقد ولكن قبل التسليم الفعلي أو الحكمي، طبقت القواعد الآتية:
أ - إذا كانت الحصة نقودا أو غيرها من الأشياء المثلية، أو كانت منفعة شيء محدد، فإن تبعة الهلاك أو التعيب تقع على عاتق الشريك المالك؛
ب - إذا كانت الحصة شيئا معينا قد انتقلت ملكيته للشركة، تحمل كل الشركاء تلك التبعة.
لا يلزم أي شريك بأن يقدم حصته من جديد في حالة الهلاك، مع عدم الإخلال بما هو مذكور في الفصل 1052، ولا بأن يزيد حصته إلى ما يتجاوز القدر المقرر بمقتضى العقد.
ليس للشريك أن يقاص الخسائر التي يتحمل بالمسؤولية عنها تجاه الشركة بما عسى أن يكون قد حققه لها من أرباح في صفقة أخرى.
ليس للشريك أن ينيب عنه غيره في تنفيذ تعهداته تجاه الشركة. وهو في جميع الأحوال مسؤول عن فعل أو خطأ الأشخاص الذين ينيبهم عنه أو يستعين بهم.
لا يسوغ للشريك، بدون موافقة باقي شركائه، أن يجري لحسابه أو لحساب أحد من الغير، عمليات مماثلة للعمليات التي تقوم بها الشركة، إذا كانت هذه المنافسة من شأنها أن تضر بمصالحها. فإن خالف الشريك هذا الالتزام كان لباقي الشركاء الخيار بين مطالبته بالتعويض، وبين أخذ العمليات التي قام بها لحسابهم واستيفاء الأرباح التي حققها، وذلك كله مع بقاء حق الشركاء في طلب إخراج الشريك المخالف من الشركة. ويفقد الشركاء رخصة الاختيار بمضي ثلاثة أشهر، وعندئذ لا يبقى لهم إلا طلب التعويض، إن كان له موجب.
لا يسري حكم الفصل السابق، إذا كان للشريك، قبل دخوله في الشركة، مصلحة في مشروعات مماثلة، أو كان يقوم، بعلم باقي الشركاء بعمليات من نفس نوع العمليات التي تقوم بها الشركة. ما لم يشترط وجوب توقفه عنها.
ولا يمكن للشريك أن ينال من المحكمة إلزام باقي الشركاء بإعطاء موافقتهم.
كل شريك ملزم بأن ينفذ التزاماته تجاه الشركة بنفس العناية التي يبذلها في أداء الأعمال الخاصة بنفسه، وكل تفريط في هذه العناية يعتبر خطأ يتحمل مسؤوليته تجاه الآخرين. وهو مسؤول أيضا عن عدم تنفيذ الالتزامات الناشئة من عقد الشركة. وعن إساءته استعمال الصلاحيات الممنوحة له. وهو لا يضمن الحادث الفجائي والقوة القاهرة، ما لم يتسببا عن خطإه أو عن فعله.
يلتزم كل شريك بأن يقدم الحساب في نفس الحدود التي يلتزم الوكيل بتقديمه فيها:
أولا - عن كل المبالغ والقيم التي أخذها من مال الشركة من أجل العمليات المشتركة؛
ثانيا - عن كل ما تسلمه من أجل الصالح المشترك، أو بمناسبة العمليات التي هي موضوع الشركة؛
ثالثا - وعلى العموم، عن كل عمل يباشر من أجل الصالح المشترك.
وكل شرط من شأنه أن يعفي شريكا من واجب تقديم الحساب يكون عديم الأثر.
للشريك أن يأخذ من مال الشركة المبلغ الذي يمنحه إياه العقد من أجل مصروفاته الشخصية، ولكن لا يسوغ له أن يأخذ أكثر من ذلك.
الشريك الذي يستخدم، بدون إذن كتابي من شركائه، الأموال أو الأشياء المشتركة لفائدة نفسه، أو لفائدة الغير، ملزم برد المبالغ التي أخذها وبأن يقدم للصندوق المشترك الأرباح التي حققها. ولا يحول ذلك دون الحق في تعويض أكبر وفي الدعوى الجنائية إن اقتضى الأمر.
لا يسوغ للشريك، وإن كان متصرفا للشركة، بدون موافقة كل شركائه الآخرين أن يدخل أحدا من الغير في الشركة باعتباره شريكا فيها، ما لم يكن عقد الشركة قد خوله ذلك. وإنما يجوز له أن يشرك الغير في نصيبه أو أن يحوله له. كما أن له أن يحول للغير الحصة التي ستصيبه من رأس المال عند القسمة. وذلك كله، ما لم يقض الاتفاق بخلافه.
وفي هذه الحالة، لا تنشأ أي علاقة قانونية بين الشركة وبين الغير الذي أشركه الشريك في نصيبه أو حوله إليه. وليس لهذا الغير من حق إلا في الأرباح والخسائر المستحقة للشريك، وفقا لما يتضح من ميزانية الشركة. ولا تجوز له مباشرة أي دعوى ضد الشركة ولو بمقتضى حلوله محل سلفه.
الشريك الذي يحل محل شريك قديم، سواء تم ذلك بموافقة باقي الشركاء، أو بمقتضى عقد الشركة، يحل محل سلفه في حقوقه والتزاماته بدون زيادة أو نقصان، في الحدود التي تقتضيها طبيعة الشركة.
لكل شريك دعوى تجاه الآخرين، بنسبة حصة كل واحد منهم في الشركة:
أولا - من أجل المبالغ التي أنفقها في سبيل المحافظة على الأشياء المشتركة، وكذلك من أجل المصروفات التي أجراها بدون تفريط ولا إفراط في مصلحة الجميع.
ثانيا - من أجل الالتزامات التي تعاقد عليها من غير إفراط في مصلحة الجميع.
الشريك الذي يتولى إدارة الشركة لا يستحق أجرا عن إدارته، ما لم يتفق صراحة على منحه هذا الأجر، ويسري هذا الحكم على باقي الشركاء بالنسبة إلى العمل الذي يؤدونه في مصلحة الجميع، أو بالنسبة إلى الخدمات الخاصة التي يؤدونها للشركة من غير أن يكونوا ملتزمين بأدائها كشركاء.
التزامات الشركة تجاه أحد الشركاء تنقسم على الشركاء جميعا، بنسبة حصة كل واحد منهم.
يكون حق إدارة شؤون الشركة لجميع الشركاء مجتمعين، ولا يجوز لأي واحد منهم أن ينفرد بمباشرة هذا الحق، ما لم يأذن له الآخرون بذلك.
صلاحية الإدارة تتضمن صلاحية تمثيل الشركاء أمام الغير، ما لم يشترط عكس ذلك.
عندما يفوض الشركاء بعضهم لبعض في الإدارة مع التصريح بأن أيا منهم يستطيع الانفراد بالعمل من غير المشاورة مع الآخرين، فإن الشركة تسمى شركة المفاوضة أو شركة التفويض الشامل.
يجوز في شركة المفاوضة، لكل من الشركاء أن يجري وحده أعمال الإدارة، وحتى أعمال التفويت، الداخلة في غرض الشركة.
وله على وجه الخصوص:
أ - أن يعقد، لصالح الجميع، مع شخص من الغير، شركة محاصة يكون محلها القيام بصفقة تجارية أو أكثر؛
ب - أن يعطي قراضا لمصلحة الشركة؛
ج - أن يعين التابعين المأذونين بالتصرف؛
د - أن يعين الوكلاء ويعزلهم؛
هـ - أن يقوم بقبض الأداءات وإلغاء الصفقات، والبيع نقدا أو نسيئة أو لأجل وبيع[3] السَّـلـَـم بالنسبة إلى الأشياء التي تتجر فيها الشركة، والاعتراف بالدين وتحميل الشركة بالالتزامات في الحدود الضرورية التي تقتضيها الإدارة، وإجراء رهن حيازي أو ضمان آخر في نفس الحدود، أو قبولهما، وإصدار وتظهير السندات للأمر والكمبيالات، وقبول إرجاع الشيء المبيع من أحد الشركاء عند غياب هذا الشريك، بسبب عيب فيه موجب للضمان، وتمثيل الشركة في الدعاوى التي تكون مدعية فيها أو مدعى عليها، وإجراء الصلح إذا كانت فيه مصلحة.
ويجري كل ما سبق، بشرط أن يقع بغير غش، ودون إخلال بالقيود الخاصة التي يقضي بها عقد الشركة.
لا يجوز للشريك في شركة المفاوضة، بغير إذن خاص في عقد الشركة أو في عقد لاحق:
أ - التفويت على سبيل التبرع، مع استثناء التبرعات البسيطة التي يسمح بها العرف[4]؛
ب - كفالة الغير؛
ج - إجراء عارية الاستعمال أو الاستهلاك على سبيل التبرع؛
د - التعاقد على إجراء تحكيم؛
ه - بيع المحل أو الأصل التجاري أو براءة الاختراع التي تكون محلا للشركة؛
و - التنازل عن الضمانات، ما لم يكن في مقابل استيفاء الدين.
إذا تضمن عقد الشركة منح حق الإدارة للشركاء جميعا، ولكن بدون أن يكون لأي واحد منهم أن ينفرد وحده بالعمل، سميت الشركة شركة العِنان.
يكون لكل شريك في شركة العِنان أن يجري أعمال الإدارة بشرط أن يحوز موافقة باقي شركائه، ما لم يكن الأمر المراد إجراؤه مستعجلا بحيث أن تركه يرتب للشركة الضرر، كل ذلك ما لم يوجد شرط أو عرف خاص يقضي بخلافه.
إذا تضمن عقد الشركة أن اتخاذ القرارات يتم بالأغلبية، كان المقصود عند الشك هو الأغلبية العددية.
فإن تساوت الأصوات، بالنسبة إلى قرار معين، أخذ بالرأي الذي يقول به المعارضون.
فإن اختلف الجانبان بالنسبة إلى القرار الواجب اتخاذه، رفع الأمر للمحكمة التي تقرر ما تراه متفقا مع الصالح العام للشركة.
ويجوز أيضا أن يعهد بالإدارة إلى مدير أو أكثر، ويسوغ أن يختار هؤلاء المديرون حتى من بين غير الشركاء، ولا يصح تعيينهم إلا بالأغلبية التي يتطلبها عقد الشركة لاتخاذ القرارات المتعلقة بها.
للشريك المكلف بالإدارة، بمقتضى عقد الشركة، أن يجري، برغم معارضة باقي شركائه، كل أعمال الإدارة، بل كل أعمال التصرف[5]، الداخلة في غرض الشركة، على نحو ما هو مبين في الفصل 1026، بشرط أن يجريها بغير غش، ومع مراعاة القيود التي يفرضها العقد الذي يمنحه صلاحياته.
إذا كان المتصرف من غير الشركاء، ثبتت له الصلاحيات التي يمنحها الفصل 891 للوكيل، مع عدم الإخلال بما يتضمنه سند تعيينه.
إذا تعدد المتصرفون لم يكن لأي واحد منهم أن يتصرف إلا بمشاركة الآخرين ما لم يتضمن سند تعيينه خلاف ذلك، ومع استثناء حالة الاستعجال التي يترتب فيها على التأخير لحوق ضرر كبير بمصالح الشركة. وعند اختلاف المتصرفين يؤخذ برأي أغلبيتهم فإن تساوت أصواتهم، أخذ برأي المعارضين منهم. وإذا كان الخلاف بين المتصرفين حول القرار الواجب اتخاذه، وجب الرجوع إلى قرار الشركاء جميعا، وإذا وزعت فروع الإدارة المختلفة بين المتصرفين كان لكل منهم أن يقوم وحده بالأعمال التي تدخل في دائرة صلاحياته وامتنع عليه أن يقوم بأي عمل خارج عنها.
لا يسوغ للمتصرفين، ولو انعقد إجماعهم، كما لا يسوغ لأغلبية الشركاء القيام بأعمال أخرى غير الأعمال التي تدخل في غرض الشركة، على نحو ما تقتضيه طبيعتها وعرف[6] التجارة.
ويلزم إجماع الشركاء:
أولا - لإجراء التبرع بأموال الشركة.؛
ثانيا - لإجراء تعديل في عقد الشركة أو لمخالفته؛
ثالثا - لإجراء الأعمال التي لا تدخل في غرض الشركة.
وكل شرط من شأنه أن يسمح مقدما للمتصرفين أو لأغلبية الشركاء باتخاذ قرارات تتعلق بالأمور السابقة من غير استشارة باقي الشركاء يكون عديم الأثر. وفي كل هذه الأمور يثبت حق الاشتراك في المداولات، حتى للشركاء الذين لا يتولون الإدارة. وعند الخلاف، يلزم الأخذ برأي المعارضين.
ليس للشركاء غير المتصرفين أن يتدخلوا في الإدارة. كما أنه لا يحق لهم الاعتراض على الأعمال التي يجريها المتصرفون المعينون بمقتضى العقد، إلا إذا تجاوزت حدود العمليات التي هي محل الشركة، أو تضمنت مخالفة واضحة للعقد أو القانون.
للشركاء غير المتصرفين الحق في أن يطلبوا إخبارهم بكل ما يتعلق بإدارة شؤون الشركة وحالة أموالها كما يحق لهم الاطلاع على دفاتر الشركة ومستنداتها وأخذ نسخ منها وكل شرط يقضي بخلاف ذلك يكون عديم الأثر، وهذا الحق خاص بالشريك شخصيا فلا تسوغ مباشرته بوساطة وكيل أو نائب مع استثناء حالة ناقصي الأهلية الذين يمثلهم قانونا نوابهم القانونيون، والحالة التي يحول فيها دون مباشرة الشريك الحق بنفسه عائق مشروع ومقبول.
ليس لمجرد الشريك بالمحاصة الحق في الإطلاع على دفاتر الشركة ومستنداتها، إلا إذا وجدت لهذا الاطلاع مبررات خطيرة وبإذن المحكمة.
لا يجوز عزل المتصرفين المعينين بمقتضى عقد الشركة، إلا إذا وجدت له مبررات معتبرة، وبشرط أن يتم بإجماع الشركاء.
إلا أنه يجوز أن يشترط في عقد الشركة منح هذا الحق للأغلبية أو أنه يمكن عزل المتصرفين المعينين في العقد، كما لو كانوا مجرد وكلاء، وتعتبر مبررات للعزل الأعمال التي تتضمن سوء الإدارة والخلافات الخطيرة التي تقع بين المتصرفين، والإخلال الجسيم الواقع من واحد أو أكثر منهم في أداء واجبات مهامهم واستحالة قيامهم بهذه الواجبات.
ومن ناحية أخرى، لا يجوز للمتصرفين المعينين بمقتضى عقد الشركة أن يتخلوا عن أداء وظائفهم، ما لم توجد هناك أسباب معتبرة تمنعهم منه، وإلا وجب عليهم التعويض لباقي الشركاء. غير أنه يسوغ للمتصرفين الذين يمكن عزلهم وفقا لمشيئة الشركاء أن يتخلوا عن وظائفهم في الحدود المقررة للوكلاء.
إذا لم يكن الشركاء المتصرفون قد عينوا بمقتضى عقد الشركة، أمكن عزلهم، كما يعزل مجرد الوكلاء، ولا يسوغ حينئذ تقرير العزل إلا بتوفر الأغلبية المتطلبة للتعيين.
ومن ناحية أخرى، يجوز للمتصرفين السابقين التخلي عن وظائفهم في الحدود المقررة للوكلاء. وتسري أحكام هذا الفصل على المتصرفين إذا كانوا من غير الشركاء.
إذا لم يتقرر شيء بخصوص إدارة شؤون الشركة، اعتبرت الشركة شركة عِنان، ونظمت علاقات الشركاء في هذا الصدد وفقا لأحكام
نصيب كل شريك في الأرباح والخسائر يكون بنسبة حصته في رأس المال.
إذا لم يحدد نصيب الشريك إلا في الأرباح، طبقت نفس النسبة في تحمله بالخسائر. وإذا لم يحدد نصيبه إلا في الخسائر طبقت نفس النسبة على نصيبه في الأرباح.
وعند الشك، يفترض أن أنصباء الشركاء متساوية.
ويقدر نصيب الشريك الذي لم يقدم في رأس المال إلا عمله، بحسب أهمية هذا العمل للشركة. والشريك الذي تتكون حصته في رأس المال، من النقود أو غيرها من القيم، زيادة على عمله، يكون له نصيب يتناسب مع ما قدمه من المال والعمل معا.
كل شرط من شأنه أن يمنح أحد الشركاء نصيبا في الأرباح أو في الخسائر أكبر من النصيب الذي يتناسب مع حصته في رأس المال يكون باطلا ومبطلا لعقد الشركة نفسه، وللشريك الذي يتضرر من وجود شرط من هذا النوع أن يرجع على الشركة في حدود ما لم يقبضه من نصيبه في الربح، أو ما دفعه زائدا على نصيبه في الخسارة مقدرا في كلتا الحالتين بنسبة حصته في رأس المال.
إذا تضمن العقد منح أحد الشركاء كل الربح، كانت الشركة باطلة، واعتبر العقد متضمنا تبرعا ممن تنازل عن نصيبه في الربح، ويبطل الشرط الذي من شأنه إعفاء أحد الشركاء من كل مساهمة في تحمل الخسائر، ولكن لا يترتب عليه بطلان العقد.
غير أنه يسوغ أن يشترط لمن قدم عمله حصة في رأس المال، نصيب في الأرباح أكبر من أنصباء باقي الشركاء.
تتم تصفية حساب الأرباح والخسائر بعد تحرير الميزانية، التي يجب أن تحضر في نفس الوقت مع إجراء الإحصاء، وذلك في آخر كل سنة مالية للشركة.
يجب اقتطاع جزء من عشرين من صافي أرباح كل سنة مالية للشركة، قبل إجراء أي قسمة. ويستخدم هذا الجزء في تكوين صندوق الاحتياطي. ويستمر الاقتطاع إلى أن يصل الاحتياطي إلى خمس رأس المال.
وإذا نقص رأس مال الشركة، وجبت إعادة تكوينه من الأرباح التالية لحد مبلغ الخسائر. ويتوقف كل توزيع للأرباح بين الشركاء إلى أن يتم إعادة رأس المال كاملا. وذلك ما لم يقرر هؤلاء إنقاص رأس مال الشركة إلى رأس المال الفعلي.
بعد إجراء الاقتطاع المنصوص عليه في الفصل السابق، يحدد نصيب الشركاء في الأرباح. ولكل منهم أن يسحب نصيبه منها. فإن لم يسحبه، اعتبر وديعة عند الشركة، ولا يضاف إلى حصته في رأس المال، ما لم يرتض باقي الشركاء ذلك صراحة. والكل ما لم يتفق على خلافه.
في حالة الخسارة، لا يلتزم الشريك بأن يعيد إلى رأس مال الشركة نصيبه في الربح عن سنة مالية سابقة، إذا كان قد قبضه بحسن نية، وفقا لميزانية حررت حسب الأصول وبحسن نية أيضا.
وإذا لم تكن الميزانية قد حررت بحسن نية، ثبت للشريك غير المتصرف الذي اضطر إلى أن يعيد إلى خزانة الشركة الأرباح التي سبق له أن قبضها بحسن نية، حق الرجوع بالتعويض على متصرفي الشركة.
إذا تأسست الشركة بقصد إجراء عمل محدد، فإن التصفية النهائية للحسابات وتوزيع الأرباح لا يحصلان إلا بعد تنفيذ هذا العمل.
2 – آثار الشركة بالنسبة إلى الغير
يلتزم الشركاء تجاه الدائنين بنسبة حصة كل منهم في رأس المال ما لم يشترط العقد التضامن.
الشركاء في شركة المفاوضة مسؤولون بالتضامن فيما بينهم عن الالتزامات المعقودة على وجه صحيح من أحدهم، ما لم يكن هناك غش.
الشريك مسؤول وحده عن الالتزامات التي يعقدها متجاوزا بها صلاحياته أو الغرض الذي قامت الشركة من أجله.
تلتزم الشركة دائما تجاه الغير بنتيجة ما يجريه أحد الشركاء من عمل متجاوزا به صلاحياته في حدود النفع الذي يعود عليها من هذا العمل.
الشركاء مسؤولون تجاه الغير حسني النية، عن أعمال الغش والاحتيال المرتكبة من المتصرف الذي يمثل الشركة. وهم ملزمون بتعويض الضرر الناشئ عنها لذلك الغير مع بقاء الحق لهم في الرجوع على مرتكب الفعل الضار.
كل من يدخل في شركة أنشئت من قبل يكون مسؤولا مع الشركاء الآخرين، وفي الحدود التي تقتضيها طبيعة الشركة، عن الالتزامات المعقودة قبل دخوله فيها، وذلك ولو حصل تغيير في اسم الشركة أو في عنوانها التجاري.
وكل اتفاق يقضي بخلاف ذلك يكون عديم الأثر بالنسبة للغير.
لدائني الشركة أن يباشروا دعاويهم ضدها ممثلة في شخص متصرفيها. كما أن لهم أن يباشروها ضد الشركاء شخصيا. إلا أنه يلزم البدء بتنفيذ الأحكام الصادرة لهم على أموال الشركة. ويثبت لهم على هذه الأموال حق الامتياز على دائني الشركاء الشخصيين. وعند عدم كفاية أموال الشركة، تسوغ لهم متابعة الشركاء شخصيا، لاستيفاء حقوقهم منهم، في الحدود التي تقتضيها طبيعة الشركة.
لكل من الشركاء أن يتمسك، في مواجهة دائني الشركة، بالدفوع الشخصية المتعلقة به وبالدفوع المتعلقة بالشركة، ومن بينها المُقاصة.
ليس لدائني أحد الشركاء الشخصيين، أثناء قيام الشركة، أن يباشروا حقوقهم تجاهه، إلا على نصيبه في الأرباح محددا على أساس الميزانية لا على حصته في رأس المال. أما بعد انقضاء الشركة أو حلها، فيجوز لهم أيضا أن يباشروا حقوقهم على نصيب مدينهم في أصول الشركة بعد خصم الديون منها. غير أنه يجوز لهم قبل إجراء أي تصفية، أن يوقعوا الحجز التحفظي على هذا النصيب.
الفرع الثالث: حل الشركة وإخراج الشركاء منها
تنتهي الشركة:
أولا - بانقضاء المدة المحددة لها أو حصول ما يقتضي فسخها من شرط أو غيره؛
ثانيا - بتحقق الأمر الذي أنشئت من أجله أو باستحالة تحققه؛
ثالثا - بهلاك المال المشترك هلاكا كليا، أو بهلاكه هلاكا جزئيا يبلغ من الجسامة حدا بحيث يحول دون الاستغلال المفيد؛
رابعا - بموت أحد الشركاء أو بإعلان فقده قضاء أو بالحَجْر عليه ما لم يكن قد وقع الاتفاق على استمرار الشركة مع ورثته أو نائبيه أو على استمرارها بين الباقين من الشركاء على قيد الحياة؛
خامسا - بإشهار إفلاس[7] أحد الشركاء أو تصفيته قضائيا؛
سادسا - باتفاق الشركاء جميعا؛
سابعا - بانسحاب واحد أو أكثر من الشركاء في حالة ما إذا كانت مدة الشركة غير محددة، إما بمقتضى العقد، وإما بحسب طبيعة العمل الذي قامت الشركة لأجله؛
ثامنا - بحكم القضاء في الأحوال المنصوص عليها في القانون.
إذا قدم أحد الشركاء كحصة في رأس المال، منفعة شيء معين، فإن هلاك هذا الشيء، الحاصل قبل التسليم أو بعده، يؤدي إلى انقضاء الشركة بالنسبة إلى الشركاء جميعا.
ويسري نفس الحكم في الحالة التي يعد فيها الشريك بتقديم عمله، كحصة في رأس المال، ثم يعجز عن أداء خدماته.
عندما يعترف المتصرفون بأن رأس المال قد نقص منه الثلث، يتعين عليهم استدعاء الشركاء، لتقرير ما إذا كانوا يرغبون في إعادة تكوين رأس المال إلى ما كان عليه أو تخفيضه إلى ما بقي منه، أو حل الشركة.
وتنحل الشركة بقوة القانون، إذا بلغت الخسائر نصف رأس مال الشركة، ما لم يقرر الشركاء إعادة تكوينه إلى ما كان عليه، أو تخفيضه إلى المبلغ الموجود حقيقة ويضمن المتصرفون شخصيا صحة ما ينشرونه متعلقا بالوقائع السابقة.
تنحل الشركة بقوة القانون بانقضاء المدة المحددة لها، أو بانتهاء العمل الذي انعقدت من أجله.
وإذا استمر الشركاء، برغم انقضاء المدة المتفق عليها أو تنفيذ الغرض الذي انعقدت الشركة من أجله، في مباشرة العمليات التي كانت محلا للشركة، فإن الشركة تمتد ضمنيا، والامتداد الضمني يعتبر حاصلا لسنة فسنة.
للدائنين الشخصيين لأحد الشركاء أن يتعرضوا على امتداد الشركة.
غير أن هذا الحق لا يثبت لهم، إلا إذا كانت ديونهم ثابتة بحكم حائز قوة الأمر المقضي.
ويوقف التعرض أثر امتداد الشركة تجاه المتعرضين.
إلا أنه يسوغ لباقي الشركاء أن يستحصلوا من القضاء على الحكم بإخراج الشريك الذي وقع التعرض بسببه.
وتحدد آثار الإخراج بمقتضى الفصل 1060.
يسوغ لكل شريك أن يطلب حل الشركة، ولو قبل انقضاء المدة المقررة لها، إذا وجدت لذلك أسباب معتبرة كالخلافات الخطيرة الحاصلة بين الشركاء والإخلال الواقع من واحد أو أكثر منهم بالالتزامات الناشئة من العقد، واستحالة قيامهم بأداء هذه الالتزامات.
ولا يصح للشركاء أن يتنازلوا مقدما عن حقهم في طلب حل الشركة في الحالات المذكورة في هذا الفصل.
إذا لم تكن مدة الشركة محددة لا بمقتضى العقد، ولا بطبيعة العمل الذي انعقدت من أجله، أمكن لكل من الشركاء أن ينسحب منها، بقيامه بإعلام باقي شركائه بانسحابه بشرط أن يحصل منه هذا الانسحاب بحسن نية، وفي وقت لائق.
ولا يكون الانسحاب بحسن نية، إذا حصل من الشريك بقصد أن يستأثر بالنفع الذي كان الشركاء يستهدفون تحقيقه لمصلحتهم جميعا.
ويكون حاصلا في وقت غير لائق، إذا كانت أعمال الشركة لم تكتمل وكان من مصلحة الشركة إرجاء حلها.
وعلى أي حال، لا ينتج انسحاب الشريك أثره، إلا بعد انتهاء السنة المالية الجارية من سنة نشأة[8] الشركة وبشرط أن يحصل إعلام الشركاء قبل انتهاء هذه السنة بثلاثة أشهر على الأقل، ما لم تكن هناك أسباب خطيرة.
إذا وقع الاتفاق على أن الشركة، عند موت أحد الشركاء تستمر مع ورثته لم يكن لهذا الشرط أثر، إذا كان الوارث ناقص الأهلية.
على أنه يسوغ للقاضي أن يأذن للقاصرين أو لناقصي الأهلية في الاستمرار في الشركة، إذا كانت لهم في ذلك مصلحة جدية. وعندئذ، يأمر القاضي بكل الإجراءات التي تتطلبها ظروف الحال من أجل المحافظة على حقوقهم.
إذا حلت الشركات التجارية، قبل انقضاء المدة المحددة لها فإن هذا الحل لا ينتج أثره في مواجهة الغير، إلا بعد شهر من نشر الحكم القاضي بهذا الحل أو غيره من الأمور التي ينشأ الحل منها.
في الحالة المذكورة في الفصل 1056، وفي جميع الحالات التي تنحل فيها الشركة بسبب موت أحد الشركاء أو فقده أو فرض الحَجْر عليه أو إشهار إفلاسه[9] أو لأن الورثة قاصرون، يسوغ لباقي الشركاء أن يجعلوا الشركة تستمر فيما بينهم، وذلك بأن يستصدروا من القضاء حكما بإخراج الشريك الذي يتسبب في الحل.
وحينئذ يثبت للشريك المفصول ولورثة الشريك المتوفى أو المحجور عليه أو المفقود أو المفلس[10] أو لممثليه القانونيين الحق في استيفاء نصيبه في رأس مال الشركة وفي الأرباح، محددة في تاريخ تقرير خروجه من الشركة. وليس لهؤلاء أن يشتركوا في الأرباح ولا في الخسائر التالية لهذا التاريخ إلا في الحدود التي تكون فيها نتيجة لازمة ومباشرة لما حصل قبل إخراج الشريك أو تقرير فقده أو وفاته، أو شهر إفلاسه. ولا يحق لهم طلب استيفاء نصيبهم إلا في وقت التوزيع حسبما يقرره عقد الشركة.
إذا كانت الشركة بين اثنين فقط، حق لمن لم يصدر سبب الحل من جانبه في الحالات المذكورة في الفصلين 1056 و1057 أن يستأذن في تعويض الشريك الآخر عما يستحقه والاستمرار وحده في مباشرة ما كانت تقوم به الشركة من نشاط مع تحمله بما للشركة من أصول وخصوم.
عند موت الشريك، يتحمل ورثته بنفس الالتزامات التي يتحمل بها ورثة الوكيل.
لا يسوغ للمتصرفين، بعد حل الشركة، أن يباشروا أي أعمال جديدة، ما لم تكن هذه الأعمال لازمة لتصفية الصفقات[11] التي سبق أن شرع فيها. وعند المخالفة يتحمل المديرون[12] شخصيا، على سبيل التضامن بينهم بالمسؤولية عما قاموا به من أعمال.
ويقوم الحظر السابق من يوم انقضاء المدة المعينة للشركة أو من يوم إنجاز العمل الذي أنشئت من أجله، أو من يوم وقوع الحدث الموجب لحل الشركة، وفقا لما يقضي به القانون.
[1] - انظر القانون رقم 17.95 المتعلق بشركات المساهمة (S.A) الصادر بتنفيذه ظهير شريف رقم 1.96.124 بتاريخ 14 من ربيع الآخر 1417 (30 غشت 1996) كما تم تغييره وتتميمه؛الجريدة الرسمية عدد 4422 بتاريخ 4 جمادى الآخرة 1417 (17 أكتوبر 1996) ص 2321. والقانون رقم 5.96 المتعلق بشركة التضامن (S.N.C) وشركة التوصية البسيطة (S.C.S) وشركة التوصية بالأسهم (S.C.A) والشركة ذات المسؤولية المحدودة (S.A.R.L) وشركة المحاصة ((S.P الصادر بتنفيذه ظهير شريف رقم 1.97.49 بتاريخ 5 شوال 1417 (13 فبراير 1997)؛ الجريدة الرسمية عدد 5400 بتاريخ فاتح صفر 1427 (2 مارس 2006) ص 558.
[2] - قارن مع المادة 44 من القانون رقم 5.96 سالف الذكر التي تنص على أنه: « تتكون الشركة ذات المسؤولية المحدودة من شخص أو أكثر لا يتحملون الخسائر إلا في حدود حصصهم.... »..
[3] - وردت في النص الفرنسي عبارة "ou à livrer (selem)" "أو بيع السلم" بدل "وبيع السلم" كما جاء في الترجمة العربية.
[4] - انظر الهامش المتضمن في الفصل 25 أعلاه.
[5] - ورد في النص الفرنسي عبارة
" tous les actes de gestion, et même de disposition"
[6] - انظر الهامش المتضمن في الفصل 25 أعلاه.
[7] - انظر الهامش المتضمن في الفصل 116 أعلاه حول مساطر معالجة صعوبة المقاولة التي عوضت نظام الإفلاس.
[8] - وردت في النص الفرنسي عبارة "السنة المالية الجارية للشركة" بدل "السنة المالية الجارية من سنة نشأة الشركة " كما جاء في الترجمة العربية.
وبذلك يمكن صياغة الفقرة الأخيرة من الفصل 1057 كالآتي: وعلى أي حال، لا ينتج انسحاب الشريك أثره، إلا بعد انتهاء السنة المالية الجارية للشركة وبشرط أن يحصل إعلام الشركاء قبل انتهاء هذه السنة بثلاثة أشهر على الأقل، ما لم تكن هناك أسباب خطيرة.
Dans tous les cas, elle n'a d'effet que pour la fin de l'exercice social, et elle doit être donnée trois mois au moins avant cette époque, à moins de motifs graves.
[9] - وردت في النص الفرنسي عبارة "d'insolvabilité déclarée" "إشهار إعساره" بدل "إشهار إفلاسه" كما جاء في الترجمة العربية.
[10] - وردت في النص الفرنسي عبارة "insolvable" "المعسر" بدل "المفلس" كما جاء في الترجمة العربية.
[11] - المقصود تصفية الأعمال التي شرع فيها " liquider les affaires entamées" .
[12] - ورد في النص الفرنسي عبارة "ils sont personnellement"، دون إشارة إلى "المديرين" كما جاء في الترجمة العربية.