مراحل نموذج التعلم البنائي
يعد النموذج البنائي أحدث ما عرف من نماذج في تدريس العلوم، حيث يشير الخليلي وآخرون ( 1996م : 435 ) إلى أن النموذج البنائي قد ظهر نتيجة لتحول رئيس في البحث التربوي خلال العقدين الماضيين من الزمن، حيث تحول التركيز من العوامل الخارجية التي تؤثر في تعلم المتعلم ليتجه هذا التركيز على العوامل الداخلية التي تؤثر في هذا التعلم ، وكل ما يجعل التعلم لديه ذا معنى .
يعد هذا النموذج أحد نماذج التدريس القائمة على النظرية البنائية، وقد ورد بأسماء مختلفة منها نموذج التعلم البنائي ، أو نموذج المنحى البنائي في التعليم الذي يواجه التعليم ، ويعتبر نموذج التعلم البنائي مقتبساً في أصله من دورة التعلم والتي كانت بداياتها في الستينيات وتحديداً في عام 1962م في أمريكا على يد روبرت كاربلس (Robert Carplus) ومايرون اتكن (Mayron Atken) ، وقد عدل ليصبح بالصورة الحالية من قبل سوزن لوكس وآخرين (Susan Lucks,1990) ، ويتم التركيز في هذا النموذج على أن يكون المتعلم هو محور العملية التعليمية، فهو يقوم بمناقشة المشكلة وجمع المعلومات التي يراها تساعد في حل المشكلة، ثم مناقشة الحلول المشتركة، ثم دراسة إمكانية تطبيق هذه الحلول بصـورة علميـة . (سعودي ، 1998م : 782-785) ، ( العجمي ، 2003م : 24) .
ويقوم هذا النموذج على أربع مراحل أساسية أوردها كل من : ياجر (Yager,1991,56)، ومنى سعودي ( 1998م :786-787) ، ولبنى العجمي (2003م: 24-27)، و مكسيموس (2003م : 55-56) وجيهان السيد ، وفزية الدوسري ( 2003م : 93-94) وتتمثل في التالي :
1- مرحلة الدعوة : في هذه المرحلة يتم دعوة التلاميذ إلى التعلم ، ويكون ذلك من خلال :
- عرض لبعض الأحداث المتناقضة، أو عرض بعض الصور الفوتوغرافية لبعض المشكلات المقترحة للدارسة ، أو التي تعرض بعض الأمور المحيرة ، أو قد يتم دعوة التلاميذ للتعلم من خلال بعض الخبرات التي يمر بها التلاميذ ، أو عن طريق طرح المعلم لبعض الأسئلة التي تدعو التلاميذ للتفكير .
- قد يستخدم المعلم بعض القضايا البيئية المحسوسة بالنسبة للتلاميذ كمحور للتعلم ، كما يجب على المعلم الاهتمام بما لدى التلاميذ من معلومات أو اعتقادات أو خبرات سابقة ، وكلما كانت للمشكلة المعروضة جذور لدى التلاميذ كانت استجابة التلاميذ لها وتفاعلهم معه سريعاً .
- يجب أن يعتمد المعلم على حب الاستطلاع الموجود لدى التلاميذ ، وعليه أيضاً أن يحفزه لدى التلاميذ ويشجعهم على استخدامه للحصول على المعرفة والمعلومات اللازمة للمشكلة، وكذلك لاكتشاف المشكلة من خلال ما يعرض عليهم من متناقضات أو صور أو غيرها .
- وفي نهاية هذه المرحلة يجب أن يكون التلاميذ قد ركزوا على مشكلة واحدة أو أكثر ، كما يجب أن يشعروا بالحاجة إلى البحث والتنقيب للوصول إلى حل لهذه المشكلة .
2- مرحلة الاستكشاف والابتكار : وهذه المرحلة تخاطب قدرات التلاميذ في البحث عن إجابات لأسئلتهم الخاصة التي تولدت لديهم من خلال الملاحظة والقياس والتجريب، كما يقارن التلاميذ أفكارهم ويختبرونها لتجميع ما يحتاجونه من بيانات ومعلومات خاصة بالمشكلة .
وفي بعض الدروس يستكشف المتعلمون المشكلة ويقومون بالبحث عن التفسيرات العلمية لها من خلال إجراء التجارب، والبعض الآخر يخترعون ويبدعون ، وفي هذه المرحلة يتم المزج بين العلم والتقنية التي تعتمد على استخدام العلم في خدمة المجتمع وحل مشاكله وابتكار واختراع الأجهزة المساعدة على ذلك .
3- مرحلة اقتراح التفسيرات والحلول : في هذه المرحلة يقدم التلاميذ اقتراحاتهم للتفسيرات الحلول من خلال مرورهم بخبرات جديدة عليهم ومن خلال أدائهم للتجارب الجديدة، وفي هذه المرحلة أيضاً يتم تعديل ما لدى المتعلمين من تصورات بديلة ، أو إحلال المفاهيم العلمية السليمة محل ما لديهم من مفاهيم خاطئة .
ويعمل المعلم على تشجيع المتعلمين على صياغة ما توصلوا إليه من خلال الملاحظة والتجريب ، ويجب إعطاء المتعلمين الوقت الكافي لإعداد اقتراحاتهم للتفسيرات والحول قبل مناقشتها .
4- مرحلة اتخاذ الإجراء : تتحدى هذه المرحلة قدرات المتعلمين لإيجاد تطبيقات مناسبة لما توصوا إليه من حلول أو استنتاجات، وكذلك لتنفيذ هذه التطبيقات عملياً، فعلى سبيل المثال قد يتوصل المتعلمون إلى حل لمشكلة احتراق بعض الأجهزة الكهربائية عند توصيلها مباشرة بالتيار الكهربائي مما يؤدي إلى تلف هذه الأجهزة وجعلها عديمة الفائدة، فينفذون في هذه المرحلة ما توصلوا إليه عملياً وتجريبياًٍ لإثبات ذلك، مثل معرفة شدة التيار الكهربائي، أو تركيب أجهزة تعمل على تنظيم شدة التيار الكهربائي وتوصل بالأجهزة حتى لا تحترق ، وتعد هذه صورة من صور مزج العلم بالتكنولوجيا .
والشكل رقم (1) يوضح رسماً تخطيطياً لمراحل نموذج التعلم البنائي كما أوردته لبنى العجمي (2003م : 27) ابتداء من مرحلة الدعوة وانتهاء بمرحلة اتخاذ الإجرء " التطبيق "، وتوضح حلقاته الطبيعة المتداخلة لحل المشكلات والاستقصاء العلمي ، فهذه الحلقات تبين أن عملية التعلم هي عملية دورانية مستمرة، فالدرس يبدأ بالدعوة وينتهي باتخاذ الإجراء، إلا أن أية معلومات جديدة أو مهارة جديدة ستؤدي حتماً إلى دعوة جديدة وبالتالي استمرار الدورة .