موقف جان بول سارتر استحالة معرفة الغير. 
يرى سارتر أن وجود الغير ضروري من أجل وجود الأنا ومعرفته لذاته، وذلك واضح في قوله:  "الغير هو الوسيط الضروري بين الأنا وذاته". من هنا فالغير هو عنصر مكون للأنا ولا غنى له عنه في وجوده. غير أن العلاقة الموجودة بينهما هي علاقة تشييئية، خارجية وانفصالية ينعدم فيها التواصل مادام يعامل بعضهما البعض كشيء وليس كأنا آخر. هكذا فالتعامل مع الغير كموضوع مثله مثل الموضوعات والأشياء يؤدي إلى إفراغه من مقومات الوعي والحرية والإرادة. ويقدم سارتر هنا مثال النظرة المتبادلة بين الأنا والغير؛ فحين يكون إنسان ما وحده يتصرف بعفوية وحرية، وما إن ينتبه إلى أن أحدا آخر يراقبه وينظر إليه حتى تتجمد حركاته وأفعاله وتفقد عفويتها وتلقائيتها. هكذا يصبح الغير جحيما، وهو ما تعبر عنه قولة سارتر الشهيرة:"الجحيم هم الآخرون". 
وحينما يخضع الأنا الغير للمعرفة ويتعامل معه كموضوع او شيء، فهو يفرغه من مقومات الوعي والحرية والإرادة، وبالتالي خلق هوة فاصلة بينه وبين الأنا الذي يريد معرفته. من هنا يرى سارتر أن الأنا يدرك الغير كجسم، ومن ثم فهو يدركه إدراكا إمبريقيا، والعلاقة بينهما هي في أساسها علاقة خارجية وانفصالية ينعدم فيها التواصل. 
هكذا يبدو  أن معرفة الغير كأنا آخر مستحيلة، مادام أن نظرتنا إليه لا تتجاوز ما هو ظاهري وتبقى مرتبطة بمجال الإدراك الحسي الخارجي. 
لكن ألا يمكن معرفة الغير عن طريق الاقتراب منه والنفوذ إلى أعماقه؟ وكيف السبيل إلى تحقيق ذلك؟ 

Previous Post Next Post