إن تاريخ العلوم عبر مساره الطويل لم ينجز في فضاء فارغ ، لأن في القول بذلك تجنب للسياق التاريخي والعلمي، فالعلم يتطور في فضاء ممتلئ متقبل ومنتظر لكل مواقف الرفض والقبول إزاء المواقف والوقائع والمناهج والنظريات المقدمة، يتوخى تاريخ العلوم تحديد العلاقة بين الماضي والحاضر، بمعنى إدراك الاتصال والانفصال بينهما، وكلما كان الحاضر امتدادا للماضي كان تاريخ العلوم تاريخا متصل الأطوار مبني الحلقات وعندما تقع ثورة علمية عميقة وتقويض الماضي وأسسه وتبني تقليدا علميا جديدا له منطلقات منفصلة عن السابق.
لا يقف البحث العلمي مكتوف الأيدي عند الصيغة المنتهية التي يقدم بها ابتكار ما، بل يبحث في أصل وجذور تلك الصيغة مرتبطا في ذلك بالماضي، ليكشف عن تكون المفاهيم وتصحيح نتائج التجارب ” فمثلا لكي نفهم الطرق التي سلكها نيوتن في صياغة نظريته، يجب عدم الوقوف عند العرض الذي قدمه هو نفسه والسبب في ذلك أنه لربما أهمل جانبا فضل عدم ذكره أو تحاشاه لسبب من الأسباب‟[1].
يمكن القول على أن الحكم على الماضي انطلاقا من الحاضر هو تعبير عن تعارض بنى الفكر وجدليتها (غاستـون بـاشـلار)، أمـا الحـكم عـلى الحـاضر انطلاقـا مـن المـاضي فهو تعبير عن وحدة الفكر ووحدة البنية (أوغست كونت).
فالنموذج الأخير يرى على أن تاريخ العلوم تاريخ متصل الحلقات، فأولا يعطي المبدأ الأساسي لاعتماد الفكر على المعرفة اللاهوتية مستندا في ذلك على مفاهيم وأسباب سابقة؛ أي أن الإنسان يفسر العالم باعتماده على ذاتـيـتـه، وتأتي بعدها المعرفة المـيـتـافـيـزيـقـيـة الـتي تسـتـنـد إلـى نـفـس الأسباب لكن في شكل مبادئ مجرد ( تفسـيـر الظـواهـر الحيـة بالـرجـوع إلـى المبـدأ الحيوي أو تفسير الظواهر الفيزيائية اعتمادا على مبدأ كره الطبيعة
للفراغ).
فالمعرفة اللاهوتية والميتافيزيقية شكلان للمعرفة الذاتية التي تقوم على التجربة الداخلية، فبتخلينا عن التجربة الذاتية هناك تخلي عن السببية وبالتالي عن المطلق؛ في حين المعرفة الوضعية في تخليها عن الأسباب فهي تدرس العلاقات الثابتة بين الظواهر، لهذا نقول على أنها تعوض السببية بالقانون والمطلق بالنسبي. أما تاريخ العلوم حسب باشلار فهو تمييز بين الحاضر والماضي، الإيجابي والسلبي، حيث يتم الحكم على الماضي وتقويمه رجوعا إلى الحاضر، أما السلبي فيمثل عائقا للمعرفة العلمية، والإيجابي مواصلة لتأثيره في الفكر العلمي الحديث، وتاريخ العلوم ليس مجرد تدوين لمساهمة الماضي في بناء المعرفة العلمية.
[1] - د بناصر البعزاتي،الاستدلال والبناء، ص 116
لا يقف البحث العلمي مكتوف الأيدي عند الصيغة المنتهية التي يقدم بها ابتكار ما، بل يبحث في أصل وجذور تلك الصيغة مرتبطا في ذلك بالماضي، ليكشف عن تكون المفاهيم وتصحيح نتائج التجارب ” فمثلا لكي نفهم الطرق التي سلكها نيوتن في صياغة نظريته، يجب عدم الوقوف عند العرض الذي قدمه هو نفسه والسبب في ذلك أنه لربما أهمل جانبا فضل عدم ذكره أو تحاشاه لسبب من الأسباب‟[1].
يمكن القول على أن الحكم على الماضي انطلاقا من الحاضر هو تعبير عن تعارض بنى الفكر وجدليتها (غاستـون بـاشـلار)، أمـا الحـكم عـلى الحـاضر انطلاقـا مـن المـاضي فهو تعبير عن وحدة الفكر ووحدة البنية (أوغست كونت).
فالنموذج الأخير يرى على أن تاريخ العلوم تاريخ متصل الحلقات، فأولا يعطي المبدأ الأساسي لاعتماد الفكر على المعرفة اللاهوتية مستندا في ذلك على مفاهيم وأسباب سابقة؛ أي أن الإنسان يفسر العالم باعتماده على ذاتـيـتـه، وتأتي بعدها المعرفة المـيـتـافـيـزيـقـيـة الـتي تسـتـنـد إلـى نـفـس الأسباب لكن في شكل مبادئ مجرد ( تفسـيـر الظـواهـر الحيـة بالـرجـوع إلـى المبـدأ الحيوي أو تفسير الظواهر الفيزيائية اعتمادا على مبدأ كره الطبيعة
للفراغ).
فالمعرفة اللاهوتية والميتافيزيقية شكلان للمعرفة الذاتية التي تقوم على التجربة الداخلية، فبتخلينا عن التجربة الذاتية هناك تخلي عن السببية وبالتالي عن المطلق؛ في حين المعرفة الوضعية في تخليها عن الأسباب فهي تدرس العلاقات الثابتة بين الظواهر، لهذا نقول على أنها تعوض السببية بالقانون والمطلق بالنسبي. أما تاريخ العلوم حسب باشلار فهو تمييز بين الحاضر والماضي، الإيجابي والسلبي، حيث يتم الحكم على الماضي وتقويمه رجوعا إلى الحاضر، أما السلبي فيمثل عائقا للمعرفة العلمية، والإيجابي مواصلة لتأثيره في الفكر العلمي الحديث، وتاريخ العلوم ليس مجرد تدوين لمساهمة الماضي في بناء المعرفة العلمية.
[1] - د بناصر البعزاتي،الاستدلال والبناء، ص 116
إرسال تعليق