النظرية الاتصــــالية: المعترفة بتعرض المعرفة العلمية لعوائق كالمعرفة اللاهوتية والميتافيزيقية.
2–النظرية الانفصالية: المعترفة بافتراض وحدة الذات لبناء المعرفة العلمية.
وهنا يمكن الإشارة على أن العلاقة بين النظريتين علاقة جدلية تكاملية، وفي هذا المنوال فإن التأريخ للعلوم العربية يجب أن يعتمد على هذين النموذجين، إذ العلم الحديث ليس امتدادا للعلم العربي في القرون الوسطى، ولكنه ليس منفصلا عنه؛ ولعل تطور علم البصريات عند العرب خير دليل لإدراك التواصل بين العلم العربي والعلم الحديث، من هنا ينبغي ألا  ننظر إلى الماضي نظرة تمجيد أو تحقير، بل تتم دراسته بطريقة دقيقة وموضوعية، رفعا لكل لبس أو نقص، حتى نتعرف على مظاهر الاتصال  والانفصال بين الماضي والحاضر؛ وقد نجد صعوبة في هذه التداخلات، وهذا ما وقع في مجال المعرفة العلمية من تأويلات كنظرية نيوتن (Newton) في البصريات[2]، إذ يلاحظ باشلار (Bachelard)  في كتابه النشاط العقلاني في الفيزياء المعاصرة أن نظرية نيوتن تموجية، أي لا تقتصر على تفسير ظاهرتي الانعكاس والانعطاف، بل تفسر ظاهرة وجود دوائر ضوئية مرتبطة بالتداخل بين حركتين تموجيتين، وبهذا فهي تمثل قطيعة مع النظريات السابقة على نظرية نيوتن.
    وفي نموذج آخر يرى أوغست كونت (Auguste Comte) أن النظرية الجسيمية تشبه الضوء بحركـة الجسيم والنظرية التموجية تشبه الضـوء بالمـوج. وفي الحقيقة فـإن الضـوء ليـس حـركة الجسيم ولا المـوج؛ ” وإذا أردنا معرفة القوانين التي تخضع إليها الظاهرة الضوئية فعلينا اعتماد علم الهندسة ‟[3].
وممــا سبق، نستنتج أن بـاشـلار يعتـبــر نظريـة نيوتنثـورة في مجـال علم البصريـات، في حيـن  بلايوكونتيجعلان منها امتدادا للتفكير الميتافيزيقي، وبالتالي لا وجود لقطيعة بين القديم والجديد.
وخلاصة القول، فإن في تحديد فلسفة العلم بالرجوع إلى تاريخ العلوم يقتضي معرفة بنية المعرفة العلمية في مرحلة تاريخية معينة في علاقتها بالسابقة عليها أو اللاحقة؛ وبالتالي فهذه المعرفة تقتضي أيضا اعتماد طرقا في التحليل الابستيمولوجي كالطريقة المنطقية والسيكولوجية والاجتماعية؛ وبتظافر هذه الطرق المتعددة، يمكن تحديد مساهمة كل نظرية بطريقة موضوعية في تقدم المعرفة حتى نتجنب التأويلات الذاتية التمجيدية أو التحقيرية.

[1]: رضا عزوز،مساهمة ابن الهيتم في بناء علم البصريات، ص  8 - 9 .
[2] : نفس المصدر ص 12 .
[3]  : أوغست كونت، دروس في الفلسفة الوضعية الدرس، عدد 33

Post a Comment

Previous Post Next Post