حق مؤجر العقار في الحجز التحفظي على منقولات المستأجر :

النص : عالجت هذه الحالة المادة 317 مرافعات بنصها على أنه ( لمؤجر العقار أن يوقع في مواجهة المستأجر أو المستأجر من الباطن الحجز التحفظي على المنقولات والثمرات والمحصولات الموجودة بالعين المؤجرة وذلك ضماناً لحق الامتياز المقرر له قانوناً .

ويجوز له أيضاً إذا كانت تلك المنقولات والثمرات والمحصولات قد نقلت بدون رضائه من العين المؤجرة مالم يكن قد مضى على نقل مؤجرها ثلاثون يوماً ).

حكمة النص : تناول هذا النص قاعدة قانونية اجرائية مفادها تقرير حق لمؤجر العقار في توقيع الحجز التحفظي على منقولات المستأجر ، وذلك لحكمة معينة هي ضمان حق الامتياز المقرر للمؤجر طبقاً للقاعدة الواردة في المادة 1143 من القانون المدني ، والتي تقرر هذا الامتياز ضماناً للحق في أجرة المباني والأراضي الزراعية لسنتين أو لمدة الإيجار إن قلت عن ذلك ، وكل حق آخر للمؤجر بمقتضى عقد الإيجار ، وذلك باعتبار أن الحجز التحفظي كما سبقت الإشارة وسيلة للمحافظة على الضمان العام للدائن ، ويدخل في هذا الضمان ليست فقط الحقوق الشخصية ، وإنما الحقوق العينية كذلك بما في ذلك الحقوق العينية التبعية كحق الامتياز . فالحجز التحفظي هنا ضمانة إجرائية للضمانة الموضوعية المتمثلة في حق الإمتياز .

مفترضات القاعدة : لتطبيق القاعدة الواردة بالنص السابق ، لابد من توافر عدة مفترضات سابقة على عملية الحجز ذاتها :

أولاً : وجود علاقة إيجارية عقارية بين الحاجز والمحجوز عليه .

هذه العلاقة تعنى وجود عقد إيجار بين المؤجر ، سواء كان مالكاً للعقار أو صاحب حق انتفاع عليه ، أو حائزاً له ، وسواء كان هو المؤجر الأصلي أو المؤجر بالباطن وبين المستأجر ، سواء كان مستأجراً أصلياً أو بالباطن . ولذلك فالمغتصب لا تربطه بمالك العقار علاقة ايجارية  ، ومن ثم فلا يثبت الحق في الحجز التحفظي للثاني في مواجهة الأول . 

ولا بد أن يكون محل هذه العلاقة عقاراً ، فتأجير المنقول لا يضع المؤجر في مركز قانوني يحصل بمقتضاه على الحق في الحجز التحفظي . يستوي بعد ذلك أن يكون هذا العقار مبناً أو أرضاً زراعية ، أو أرضاً فضاء أو صحراوية ، متى كان بها من المنقولات ما يمكن توقيع الحجز عليه .

هذه العلاقة الموضوعية التي تتحدد على ضوء قواعد القانون المدني هي التي تحدد لنا أطراف العلاقة الإجرائية التي تنشأ عن الحجز التحفظي ، فالمؤجر فيها بالمعنى السابق ، هو من له الحق في الحجز ، والمستأجر فيها بالمعنى السابق هو من يراد توقيع الحجز عليه .
ونلاحظ في هذا الصدد ما تنص عليه المادة 323 مرافعات من أنه ( إذا وقع مؤجر العقار الحجز على منقولات المستأجر من الباطن طبقاً للمادة 317 فإن اعلان الحجز لهذا المستأجر يعتبر أيضاً بمثابة حجز تحت يده على الأجرة.
وإذا كان المستأجر الأصلي غير ممنوع من التأجير من الباطن جاز للمستأجر من الباطن أن يطلب رفع الحجز على منقولاته مع بقاء الحجز تحت يده على الأجرة ).
ومؤدى ذلك أنه إذا وقع الحجز على منقولات المستأجر من الباطن فإننا نكون بصدد حجزين : حجز على منقولاته ، وحجز على الأجرة المستحقة في ذمته للمؤجر . ويستقل الحجزان في مصيرهما  .
ومما يؤكد ذلك ما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة 323 المشار إليها وتطبيقاً لهذه الفقرة يفرق بين فرضين.

الأول : إذا كان المستأجر الأصلي غير ممنوع من التأجير من الباطن :

فإنه ليس للمؤجر الأصلي أن يوقع الحجز على منقولات المستأجر من الباطن إلا ضماناً لقدر من حقوقه يكون مساوياً لما يكون المستأجر من الباطن مديناً به للمستأجر الأصلي (المادة 1143\3 مدني ).

كما يثبت للمستأجر من الباطن الحق في طلب رفع الحجز على منقولاته مع بقاء الحجز الآخر الذي وقع على الأجرة تحت يديه ( م323 \2 مرافعات ). فيرتفع هذا الحجز الأول ، ويبقى الثاني .

الثاني : إذا كان المستأجر الأصلي ممنوعاً من التأجير من الباطن :
فيجوز للمؤجر الأصلي أن يوقع الحجز على المنقولات الموجودة بالعين المؤجرة والمملوكة للمستأجر من الباطن ضماناً لكل ماله من حقوق ناشئة عن عقد الإيجار في مواجهة المستأجر الأصلي ، وليس فقط ما له من حقوق مساوية للحقوق التي في العلاقة بين المستأجر الأصلي والمستأجر من الباطن .

وفي هذه الحالة لا يجوز للأخير طلب رفع الحجز على منقولاته ، بل يبقى الحجزان : الحجز على منقولاته والحجز على الأجرة المستحقة في ذمته والذي يعتبر أنه قد وقع ابتداء من اعلانه بالحجز الأول .
ثانياً : ثبوت حق امتياز لمؤجر العقار ، محل الامتياز هو محل الحجز :

هذا الحق هو بالتحديد الذي يضمن حقوق المؤجر هو بذاته محل الضمان الذي يوفره الحجز التحفظي ويتحدد هذا الحق على ضوء قواعد القانون المدني الذي ينعكس بقواعده الموضوعية على الحجز التحفظي - في هذه الحالة - كنظام اجرائي .

فهل يتطابق محل حق الامتياز مع محل الحجز التحفظي ؟
بمعنى هل كل ما يرد عليه هذا الحق يصلح أن يكون محلاً للحجز ؟

في الواقع أن تحديد نطاق الحجز هنا يقتضي العمل ليس فقط بمواد قانون المرافعات ، وإنما بمواد القانون المدني الواردة في هذا الصدد معاً . فطبقاً للمادة 1143\1 مدني يرد حق الامتياز على ما يكون موجوداً بالعين المؤجرة ومملوكاً للمستأجر من منقول قابل للحجز ومن محصول زراعي ، . فهنا اشترط المشرع المدني أن تكون المنقولات مملوكة للمستأجر وقابلة للحجز ، وهو ما يدخل في نطاق ما يرد عليه الحجز التحفظي ، والذي يحدد ما يعتبر من المنقولات قابلة للحجز هو قانون المرافعات .

ويثبت الامتياز - طبقاً للفقرة الثانية من المادة المشار إليها - ولو كانت المنقولات مملوكة لزوجة المستأجر أو كانت مملوكة للغير ولم يثبت أن المؤجر كان يعلم وقت وضعها في العين المؤجرة بوجود حق للغير عليها ( فإذا أثبت ذلك فلا يجوز توقيع الحجز عليها ) ، وذلك دون اخلال بالأحكام المتعلقة بالمنقولات المسروقة أو الضائعة ) فهذه الأموال يرد عليها الحجز التحفظي ، مع التحفظ الذي أوردته المادة وذلك خروجاً عن القاعدة العامة في محل الحجز التي تقتضي أن يكون مالاً مملوكاً للمدين المحجوز عليه . وعلة الخروج عن هذه القاعدة - فيما نرى - هو الاختلاف الجوهري الذي سبقت الإشارة إليه بين الحجز التحفظي والحجز التنفيذي ، من حيث أن الأول لا يؤدي إلى استيفاء الدائن لحقه من الأموال المحجوزة جبراً وحروجها بالتالي من ذمة المحجوز عليه ، وهذا يقتضي - بداهة= أن تكون مملوكة له أصلاً .
وطبقاً للفقرة الثالثة من المادة 1143 مدني يقع الامتياز أيضاً على المنقولات والمحصولات المملوكة للمستأجر من الباطن ، إذا كان المؤجر قد اشترط صراحة عدم الايجار من الباطن . فإذا  لم يشترط ذلك فلا يثبت الامتياز إلا للمبالغ التي تكون مستحقة للمستأجر الأصلي في ذمة المستأجر من الباطن في الوقت الذي ينذره فيه المؤجر ، وبالتالي يجوز للمستأجر طلب رفع الحجز طبقاً للمادة 323 مرافعات . وقد عالجنا هذه الحالة فيما سبق .

Post a Comment

Previous Post Next Post