رؤى جديدة للمشكلات الاجتماعية
 يحدد كل من روبرت نسبت وروبرت مرتون منطلقات تمثل صور جديدة تعكس مظاهر جديدة للمشكلات الاجتماعية لم يسبق لعلماء الاجتماع تناولها وتتمثل هذه الرؤيا في:
1-يبلور البناء الاجتماعي و الثقافة الاجتماعية ( اللذان يعملان على تنسيق وتنظيم سلوك الأفراد وفق معاييرها وقيمها ) ميلا خاصا نحو السلوك المنحرف و الاضطراب الاجتماعي كثمن للتنظيم الاجتماعي الذي تهدف إليه. بعبارة أوضح تتولد المشكلات الاجتماعية من جراء التنظيم ليس بقصد منها أو بهدف تحدده بل كإفراز غير مخطط وغير هادف.
2- تؤدي إفرازات التغير والتطور الاجتماعي داخل المجتمع  إلى نتائج سلبية يدفع ثمنها بعض الأفراد كسعر اجتماعي للتحولات الجديدة.
3-غالبا ما تبرز الإفرازات الاجتماعية غير السوية في حيز الوجود بشكل غير مباشر و تتسع بنفس درجة ظهور التغير التي تأخذ  اتجاه التعارض مع الأنماط المؤسسية للسلوك الاجتماعي السوي.
4-وبناء على ما تقدم فإن دراسة و تفهم الاضطرابات الاجتماعية يتطلب دراسة وتفهم التنظيمات الاجتماعية لأنهما من الناحية  النظرية متلازمان غير منفصلين
5-استمرارا لهذا الاستدلال فإنه يمكن القول بأن كل بناء اجتماعي يتضمن مشكلات اجتماعية خاصة به تعكس نوعه وحجمه ودرجة تطوره.
 6-حاله متعلقة بالفقرات الخمس السابقة أن الأفراد الذين لهم ادوار ومواقع بنائية وانتماء طبقي إذا تعرضوا لاهتزازات وزلل اجتماعي فإن سلوكهم الاجتماعي يتعرض للانحرافات أو المخاطر أو التجريح أو التعريض أو النقد بسبب حساسية أدوارهم ومواقعهم البنائية.
7-إذا تصرف شاغلوا المواقع البنائية تصرفا متناقضا مع مستلزماتها وشروطها أو قاموا بتصرف لا ينسجم أو يتناسب معها فإن الآخرين من حولهم ( في مواقع العمل أو المجتمع المحلي) يوجهون سهام نقدهم لهم ويكثر اللفظ الجارح حولهم المفعم بالنميمة والاغتياب على التناقض الحاصل بين تصرفهم الاجتماعي و الموقعي.
8-إن تكافل أقسام ( أنماط أو انساق ) البناء الاجتماعي يولد مشكلات ناتجة عنه .
9- مشكلات نسق معين تخلق مشكلات جديدة لنسق آخر مثل مشكلات النسق السياسي تولد مشاكل للنسق الاقتصادي

المداخل النظرية لدراسة المشكلات الاجتماعية

تـمـهـيـد :
إن الكثير من المشكلات الاجتماعية ظاهرة واضحة للعيان ولا يختلف عليها الناس، فالفقر مشكلة ... والكل يعلم هذا ويبغضه ، والأمية مشكلة ... وغالبية الناس تعلم هذا وتستنكره ، والجرائم بكل أنواعها جزء من المشكلات الاجتماعية التي توجد في كل المجتمعات بدرجات متفاوتة ... والكل يستنكرها ... بدرجة أو بأخرى ، وانتشار تعاطي المخدرات بين الشباب ، في كثير من المجتمعات مشكلة خطيرة ... والكبار في تلك المجتمعات يحاولون جاهدين إيقاف سيلها ... الخ . كل هذه المشكلات وغيرها كثير مشكلات ظاهرة وواضحة ولكن هناك أنواعا من المشكلات الاجتماعية خافية وغير واضحة للكثيرين منا . وهذا لا يعني أنها غائبة أو غير موجودة أو غير خطيرة .
وعلى سبيل المثال فإن هناك مشكلة الأعداد الكثيرة من الناس الذين تقتلهم حوادث السيارات على الطرقات كل عام ، ورغم ذلك فإن الناس يخافون من ركوب الطائرات اعتقادا منهم بأنها أكثر خطرا من السيارات ، على الرغم من أن الإحصاءات قد أثبتت أن عدد القتلى من حوادث الطائرات أقل بكثير جدا من أعداد الذين يقتلون في حوادث السيارات .
ولو نظرنا إلى دول الخليج العربي وملايين من السيارات التي تجوب طرقاتها ، ومئات الحوادث التي تقع ، وأعداد الضحايا الذين يذهبون نتيجة لها ، وآلاف المصابين الذين يعيشون بقية أعمارهم ، وهم معوقون جسميا بسبب هذه الحوادث . إذا نظرنا إلى كل ذلك وضح لنا  جدا هذا المثال . ومع ذلك فهل يعتقد الكثيرون منا بأن هناك مشكلة خطيرة ذات صفة مجتمعية ، بسبب سوء قيادة السيارات ..؟؟
الحقيقة أن المشكلة هناك بالفعل ، ونتائجها الخطيرة واضحة ومحددة في غرفة العمليات وفي تقارير الشرطة ودوائر المحاكم ، ولكن القناعة بها قد لا تكون ظاهرة أو واضحة للعيان ... كمشكلة اجتماعية خطيرة ، ومن هنا فهي مشكلة اجتماعية كامنة .
  مـن خـلال مـا تقـدم يمكـن أن نستنتـج أن النـاس من خلال رؤيتهـم العامـة للمشكلـة ،
أو من خلال عدم إحساسهم بها يعبرون عن تصوراتهم وقناعاتهم . فلو أننا أخذنا عينة من  أفراد
المجتمع  وسألناهم عن خطورة الطائرة  وركوبها ،  وعن مقارنتها بالسيارة لجاءتنا الإجابة سريعا بأن الطائرة هي المشكلة بحوادثها وأهوالها . ومعنى ذلك أن المشكلة هناك. ولكنها قد تخفى على الناس .
ونفس الكلام يمكن أن ينطبق على برامج التلفزيون الغير ملتزمة في بعض البلاد، والتي قد تؤدي إلى انحراف الكثيرين من الشباب ، فالناس قد لا يحسون بهذه الخطورة الكامنة فيها ، ورغم ذلك فهي هناك تفعل فعلها في عقول الشباب وأحاسيسهم، وفي توجيههم نحو الجريمة والانحراف .
ومما لاشك فيه أن الكاتب المنحرف ، أو الغير ملتزم يكون أثره مساويا لمثل هذه البرامج السيئة التي يذيعها التلفزيون أو يبثها للمشاهدين ، ورغم هذا فقد لا يدرك المجتمع ـ للوهلة الأولى ـ خطورة وجود عدد من الكتاب يكتبون في صحفهم ومجلاتهم، فينحرفون بالشباب في متاهات سحيقة قد تقودهم إلى طريق الجريمة والخروج على قيم الجماعة ومعاييرها السلوكية التي ارتضتها لنفسها .
ومن هنا نجد عددا من النظريات العلمية التي حاولت أن تفسر المشكلات الاجتماعية ،  والتي  ركزت على الجانب الاجتماعي ، كي تبتعد بها عن المشكلات الشخصية ، فالمشكلات الاجتماعية تتعامل مع مشكلات تتعلق بأعداد كبيرة من أفراد المجتمع ، وبالمشكلات التي تعترض حياتهم ، أو ينغمسون فيها ، أما المشكلات الشخصية Personal Problems فتتعلق بالأفراد ، وغالبا ما تكون مرتبطة ببعض المشكلات النفسية Psychological ... وعلى ذلك فإن هذه النظريات ـ كما سوف يتضح لنا ـ تميل إلى التفسير الاجتماعي للمشكلة ، أكثر من ميلها للتفسير النفسي .
وتتباين اتجاهات العلماء في تفسير أسباب المشكلات الاجتماعية لسببين:
1-              تبني المفسر لاتجاه فكري واحد يتم في ضوئه تحديد وتفسير المشكلة الاجتماعية.
2-              تباين الظروف الاجتماعية والسياسية والاقتصادية لعلماء هذه المدارس أو الاتجاهات
السبب الأول: كل عالم يتبنى مدرسة فكرية معينة، تملي عليه اختيار نموذج معين يتم في ضوئه تحديد مشكلة الدراسة ومنهج التحليل والإطار النظري المستخدم في تفسيرها.
وباعتبار أن التغير الاجتماعي سمة المجتمعات فإنه تبعاً لذلك تختلف التفسيرات بحسب ظهور مدرسة جديدة تفسر الواقع الاجتماعي من خلال الفترة الزمنية التي نشأت فيها، وتلغي اتجاه المدرسة السابقة، ومن هنا يحدث ما يسمى بالثورة العلمية.
الثورة العلمية، هي أن يجبر العلماء على التخلي أو رفض النظرية وتبني نظرية أخرى تكون أكثر قدرة على تفسير الظاهرة الاجتماعية.
وتتمثل الوظيفة الأساسية للمدرسة الفكرية في تحديد ما هو هام، ليتم دراسته ووضع نماذج تصورية لتفسيره.
وفي ضوء ذلك تعتبر المدرسة الفكرية النظارة التي تكون رؤيتنا للعالم الاجتماعي، ولتغيير تلك النظارة يحدث ما يسمى بالثورة العلمية.
السبب الثاني: ظهر علم الاجتماع في ظل ظروف اجتماعية وسياسية واقتصادية دفعت المفكرين الاجتماعيين لتطوير نظرياته ومفاهيمه، ولذلك يعد علم الاجتماع نتاجا اجتماعياً لهذه الظروف. بالإضافة إلى أن علمائه ينتمون إلى جذور اجتماعية واقتصادية وسياسية متباينة، وهم اللذين صاغوا تلك النظريات والمفاهيم.أمثال: علماء مدرسة شيكاغو.
ومن النظريات العلمية المفسرة للمشكلات الاجتماعية:
نظرية البناء الوظيفي: Function Structure Theory
تستند مفاهيمها للنظرية الوظيفية البنائية التي تنظر للمجتمع على أنه بناء كلي، يتكون من مجموعة من الأجزاء المترابطة، وكل جزء له وظيفة يؤديها للمحافظة على استمرارية المجتمع، وجميع هذه الأجزاء تتعاون فيما بينها للوفاء بالاحتياجات الأساسية. ومن خلال ذلك يميل المجتمع إلى التوازن والاستقرار.
وتتألف الوحدات البنائية للمجتمع من المعايير والأدوار والنظم والقيم والجماعات والمؤسسات الاجتماعية، وتقوم جميع هذه الوحدات بوظائفها في مواجهة حاجات المجتمع ليتحقق التوازن.
ويتشكل الفعل الاجتماعي في ضوء المعايير والأدوار والنظم، بحيث يبدو لهذا الفعل بناء له طابع الاستقرار النسبي.
مستويات البناء الاجتماعي:
- الدور: الذي يقوم به فرد معين في إطار نظام اجتماعي، ويتمثل البناء  في مجموعة من الظواهر السلوكية المتكررة والمترابطة التي يقوم بها الفرد وتترك أثر في النسق الذي يحويه. مثال الأم لها دور في الأسرة يتمثل في الإنجاب ورعاية الأبناء والمشاركة في الوظيفة الاقتصادية، ولها أثر في المجتمع من خلال ممارستها لوظائفها.
- النظام الذي يتألف من مجموعة من الأدوار المترابطة.
-المجتمع الذي يتألف من مجموعة من النظم المترابطة والمتساندة وظيفياً.
ومن فرضيات الوظيفية البنائية:
}      الوظيفة: وترتبط بأثر السلوك الاجتماعي على النسق الاجتماعي.
}       البناء: يرتبط البناء بالنمط السلوكي المتكرر، وهو تنظيم لمجموعة من الأنماط السلوكية المتكررة.
}      التوازن: وله صورتان:
1- التوازن الاستقراري: ويشير إلى قدر ملائم من الاستجابة لتحقيق مطالب اجتماعية معينة.
2- التوازن الدينامي: ويشير إلى استجابة تلاءم التغير الذي طرأ على النسق لإعادة توازنه.
وتحدث المشكلة الاجتماعية عندما يحدث أي تغير في أحد أجزاء النسق لأنه سيؤدي إلى تغيرات في الأجزاء الأخرى للنسق.
ويرى أنصار تلك الاتجاه أن هناك عدة أسباب تؤدي إلى حدوث المشكلات الاجتماعية، منها:
- التغير السريع أو المفاجئ للمجتمع بفقدان التوازن بين أجزائه التي تتميز بالترابط الوظيفي وصولاً إلى الكل.  وبالتالي يصاب المجتمع بالخلل الوظيفي.
- فشل الأفراد في تمثل قيم المجتمع المتفق عليها.
- تنتج عن زيادة الاحتياجات الوظيفية للمجتمع Over all functional.
لكل نسق فرعي مشكلاته الاجتماعية الأساسية بحيث يصعب تفسير المشكلات التي تحدث في مستوى النسق ككل في ضوء المشكلات التي تحدث في أنساقه الفرعية.
بمعنى أن لكل مستوى من مستويات الأنساق مشكلاته النابعة منه والمعبرة عنه.
على سبيل المثال: الأسرة نسق فرعي داخل نسق أكبر المجتمع،. وبالتالي فإن دراسة مشكلات الأسرة كالتفكك الأسري لا بد أن يكون تفسيره في ضوء نسق الأسرة.
وتحدث المشكلة الاجتماعية عندما يحدث أي تغير في أحد أجزاء النسق لأنه سيؤدي إلى تغيرات في الأجزاء الأخرى للنسق.
نظرية التفكك الاجتماعي Social Disorganization Theory
حاول بعض العلماء الربط بين التفكك الاجتماعي وبين عمليات التغير أو التحول أو التطور داخل المجتمع التغير، على أساس أن التغير سيتبعه شيء من الاهتزاز في بعض ما هو موجود في المجتمع، ما لم يكن هذا التغير محكوما ومضبوطا. على اعتبار أن المجتمع مبني على أسس منظمة ومتضمناً أدوات ووسائل ضبطية (الضبط الاجتماعي) من أجل تماسكه وبقاء تنظيمه، وأي تغير في بنائه أو في احد مكونات بنائه سيؤدي إلى تفكك.
ويشير مصطلح  التفكك الاجتماعي إلى معاناة الأفراد في تحقيق ذواتهم داخل التنظيم بسبب جمود أو تكلس بعض من قيمه.
ويتضمن التفكك الاجتماعي عدم كفاءة النسق الاجتماعي أو فشله في تحديد مراكز الأفراد وأدوارهم الاجتماعية المترابطة بشكل يؤدي إلى بلوغهم أهدافهم بصورة مرضية. ولا يعني الوهن التنظيمي غياب التنظيم الاجتماعي أو زواله.
إن عدم تحديد الأدوار الاجتماعية بكفاءة يؤدي إلى صراعات داخل المجتمع، ينتج عنها تفكك اجتماعي يعاني منه جماعات وأفراد المجتمع.
المعايير الاجتماعية التي يحدد في ضوئها التفكك الاجتماعي:
*  درجة اتزان النسق الاجتماعي: على سبيل المثال: الأسرة نسق اجتماعي والعلاقة الزوجية الناجحة تساعد على اتزان النسق لأن كل من الزوجين يقوم بدوره الوظيفي، وإذا حدث خلل في أدوار أحدهما بسبب تعدد الأدوار وصراعهم يختل النسق وتحدث المشاكل الأسرية بسبب التقصير في الحقوق والواجبات الزوجية.
*  تفكك في المجتمع المحلي: على سبيل المثال التقصير في وظائف النسق المتمثل في فقدان تعاون الأسرة مع المدرسة، والفساد السياسي، وارتفاع معدل الجريمة، والبغاء.
*  البطالة التي تساعد على انتشار السلوك الإجرامي والإدمان على المخدرات وغيرها من السلوكيات الشاذة.
التحليل السوسيولوجي لمشكلة التفكك الاجتماعي:
}      يحدث التفكك الاجتماعي عندما يكون هناك تغير في توازن القوى التي كانت تساند التنظيم في مرحلة معينة منه وتؤدي في نفس الوقت إلى فعالية قوى الضبط الاجتماعي المتعددة. فمثلاً: إذا ازدادت عوامل التغير الاجتماعي شدة في المجتمع الدينامي تؤدي إلى تفكك في العلاقات النظامية والأنماط السلوكية، وبالتالي يصعب بناء أنماط جديدة من السلوك أو العلاقات.
}      عندما يتغير البناء الاجتماعي دون تحديد واضح للأدوار والمراكز تكون الفرصة مهيأة لظهور التفكك الاجتماعي، .
}      التغير الاجتماعي يؤدي إلى إعادة ترتيب أجزاء البناء الاجتماعي عن طريق إيجاد قيم جديدة وأهداف جديدة تنعكس بدورها على البناء الاجتماعي.
مثال على عدم وضوح الدور وصراعه بسبب عوامل التغير الاجتماعي على المجتمع الدينامي:
}      أثرت عوامل التغير الاجتماعي والثقافي على دور الزوجة في الأسرة العربية مما أدى إلى عدم انسجام توقعات الدور داخل الدور ذاته. فمثلاً:
}      دور الزوجة في الأسرة العربية يتوقع لها الإنجاب ليكسبها المكانة الاجتماعية في النسق الأسري، ويتوقع لها الرشاقة  وهذا يتعارض مع الحمل والرضاعة.
}      دورها كأم يتوقع لها تربية الأبناء، وفي نفس الوقت دورها كموظفة أو طالبة يتوقع لها المواظبة في العمل ومذاكرة الدروس وفي نفس الوقت الاهتمام بالزوج والمساهمة بميزانية الأسرة والزيارات العائلية ..الخ
}      هذه التوقعات لدور الزوجة في العصر الراهن يجعلها في صراع مستمر مما يؤدي إلى خلل في أداء الدور فيحدث التفكك بسبب النسق البنائي الذي وضع هذه التوقعات غير المنسجمة لتمارسها الزوجة العربية فأوجد لنفسه تفككاً في نسقه الأسري.
علاقة الحراك الاجتماعي بالتفكك الاجتماعي
يحدث التفكك الاجتماعي بسبب الحراك الاجتماعي العمودي في المجتمع الدينامي الذي يفتح باب التنافس لكل المؤهلين لشغل المراكز والمناصب فينجح في دوره كموظف ولكن قد لا يصاحبه نفس النجاح في دوره كزوج أو أب فتحصل صراعات متماشية مع الحراك الاجتماعي العمودي.
وقد يحدث التفكك الاجتماعي بسبب الحراك الاجتماعي الأفقي المبني على العلاقات القرابية والطائفية والتي لا تخدم المؤسسة الرسمية وإنما تخدم شاغلي المواقع الهرمية العليا في تنفيذ مصالحهم على حساب أفراد المجتمع فيحدث  التفكك الاجتماعي ويفرخ تفككات فرعية داخل الأنساق مثل: الواسطة / المحسوبية/ الرشوة/ النفاق/ الطلاق/ انحراف الأبناء

نظرية التغير الاجتماعيSocial Change theory
لقد تبنى بعض علماء الاجتماع فكرة مؤداها أن التغير الاجتماعي هو السبب الأصلي والمبدئي The Primary Cause للمشكلات الاجتماعية . و حاولوا أن يربطوا ذلك بالتحديد مع معدل التغير، فبينما قال بعضهم بأن سرعة التغير وراء المشكلات الاجتماعية، قال بعضهم الآخر إن اختلاف معدل التغير بالنسبة لأجزاء معينة مختلفة من المجتمع هو السبب في المشكلات.
والفكرة الأساسية خلف هذا التصور هو مصطلح وليم أوجبيرن William Ogburn  " التخلف الثقافي Cultural Lag أو الفجوة الثقافية ".
ويقصد بالفجوة الثقافية الاحتفاظ بالتقاليد والعادات والتقنيات على الرغم من قدمها أو عدم ارتباطها بمجموعة المعايير الجديدة للثقافة المسيطرة.
وتحدث الفجوة الثقافية عندما يختل التوازن في سرعة النمو بين عناصر الثقافة، بحيث يتغير كل عنصر بسرعة متفاوتة عن العنصر الأخر، فيتغير أحدهما سريعاً بينما لا يتحرك العنصر الأخر أو يتحرك ببطء.
نظرية صراع القيم : Conflict Theory  Values
القيم  Values هي أحكام مكتسبة من الظروف الاجتماعية يتشربها الفرد ويحكم بها وتحدد مجالات تفكيره وسلوكه وتؤثر في تعلمه،وتختلف القيم باختلاف المجتمعات والجماعات، وقد تكون إيجابية مثل: الصدق الأمانة،تحمل المسئولية..الخ أو سلبية كالكذب، والغش، والنفاق..الخ ويوجد في كل مجتمع مجموعات من القيم التي يشترك فيها جميع أفراد هذا المجتمع تقريباً، كما أن هناك قيماً تختص بها مجموعات معينه داخل المجتمع الواحد،  وليس شرطاً أن تكون عامة بين جميع الأفراد،  وهذه القيم الأخيرة تختلف من جماعة لجماعة .
وتمتاز المجتمعات الحديثة بالتنوع و اللا تجانس مما يؤدي انساقاً متعددة من القيم في المجتمع الواحد والتي لا يمكن أن تتفق فيما بينها، وبالتالي يحدث ما يعرف بالصراع حول القيم في المجتمع والذي يساعد على وجود المشكلات الاجتماعية فيه.
يحدث صراع القيم نتيجة للتباين والتفاوت بين أفراد المجتمع من حيث القوة والسلطة.
شعور أفراد المجتمع بالاضطهاد والظلم سيؤدي إلى ظهور الصراع بين الطبقات الاجتماعية في المجتمع.
تستند نظرية الصراع على أفكار كارل ماركس الكلاسيكية والآراء المعاصرة لعلم الاجتماع، التي تؤكد دور القوة الاقتصادية والسياسية على فرض رأي شخص ما على الآخرين.
ويحلل أنصار الاتجاه الصراعي المشكلات الاجتماعية في ضوء:
-        يتكون المجتمع من جماعات مختلفة ذات مصالح وقيم متباينة وكل جماعة تدافع عن مصالحها، وبالتالي نجاح جماعة ما يتسبب في وجود مشكلة لجماعة أخرى.
-        الجهد المبذول لحل المشكلة الاجتماعية يتضمن محاولات من الجماعة المتضررة لإحداث تغييرات لانتزاع حقوقها من الأشخاص الذين يحتلون مراكز القوة.
-        قد يعد صراع معين دافع للتغيرات الاجتماعية الضرورية.
صراع القيم Values Conflict
صراع القيم يعني دفاع الجماعة عن مصالحها. لكل جماعة قيم خاصة بها وتسعى من أجل إيجاد ظروف تتوافق مع قيمها، ولا يعكس الصراع بين جماعتين نتيجة لصراع القيم حالة من التفكك الاجتماعي. على سبيل المثال: صراع القيم الشيوخ ضد الشباب/ أو الملاك ضد المستأجرين/ أو الطلبة ضد المدرسون. وأهم شيء هنا ينبغي أن نتنبه إليه هو أن صراع القيم يعتبر من أخطر الصراعات، وأنه ليس من السهل أن يتوصل فيه الناس إلى حلول بسيطة ، وذلك لأن كل مجموعة تعتقد أنها على حق فيما يتعلق بقيمها التي تدافع عنها ، ومن ناحية أخرى بأنها ليست على استعداد للتنازل عن قيمها بيسر وسهولة .

الصراع الطبقي Class Conflict :
الصراع الطبقي في معيار علماء الاجتماع هو نتيجة حتمية لحركة التاريخ التي تتضمن مؤشرات القوة والسلطة.
يؤكد علماء الاجتماع أن الصراع الطبقي من أجل الاستحواذ على الثروة والقوة والسلطة هو المصدر الرئيسي للمشكلات الاجتماعية.
تهدف دراسة علماء الاجتماع للتدرج الطبقي إلى دحض أفكار الماركسية، التي ترى أن التغير التدرجي للمجتمع هو أفضل السبل لحل صراعات المجتمع من الثورة العنيفة.
نظرية الانحراف: Deviance Theory
نظرية الانحراف هذه ، وفقدان المعايير جاء بها عالم الاجتماع الشهير دور كايم Durkeim ، أحد مؤسسي علم الاجتماع الحديث .
يرى أصحاب هذا الاتجاه أن المشكلة الاجتماعية نتاج لقدر من الانحراف عن معايير المجتمع أكثر من كونها انهياراً عاماً.
ويرجع سبب المشكلة الاجتماعية إلى وجود أفراد أو جماعات تصر على أن تسلك سلوكاً ينحرف عن المعايير والقيم السائدة، وبالتالي يستند سلوكهم على معايير خاصة تتعارض مع التوقعات السائدة في المجتمع عن السلوك السوي.
يرى ميرتون  في تفسيره للمشكلة الاجتماعية أن " لكل مجتمع أهداف معينة يسعى لتحقيقها، من خلال وسائل مشروعة ارتضاها المجتمع، ولكن داخل كل مجتمع نجد أن هناك بعض الأفراد أو الجماعات الصغيرة التي حرمت من تحقيق هذه الأهداف، وبالتالي فإنهم يتبعون وسائل غير مشروعة للوصول إلى ما يبتغون... وهم بذلك يخرجون على عرف الجماعة وعلى قوانينها التي ارتضتها " فينحرفون عن السلوك السوي.
وفي ضوء نظرية الانحراف أضاف علماء آخرين أبعادا أخرى لانحراف السلوك، منهم " سوثيرلاند Sutherland " الذي قال بأن الفرد في أي مجتمع يتعرض لمؤثرات أساسية من الجماعات الأولية Primary Groups ، وهم الأفراد الذين يتصل بهم مباشرة وله معهم علاقات حميمة أو قريبة وتفاعلات يومية، مثل: الوالدين ورفيق العمر، والأطفال، والأصدقاء المقربين .
والفرد في تعامله مع هؤلاء الأفراد يتعود على الأشياء الطيبة التي ارتضاها المجتمع لنفسه، وأحياناً لا يخلوا الأمر من بعض الأمور الجانبية غير الطيبة، والتي يسر بها الأصدقاء ـ مثلا ـ لبعضهم ، وهذه الأمور بطبيعة الحال قد تكون انحرافا عن معايير الجماعة التي ارتضتها لنفسها، وبالتالي فإن ارتكابها يشكل نوعا من المشكلات الاجتماعية مثال: التحرش الجنسي للأطفال.
ومن الاستعراض السابق للنظريات المختلفة التي حاولت أن تقدم تفسيرا أو أكثر للمشكلة الاجتماعية، نستطيع القول بأن التفسير الواحد أو الأحادي للمشكلة الاجتماعية ،قد لا يكون كافيا .
بمعنى أنه لدينا الآن  نظريات خمس مختلفات ، وأصحاب كل منها يدعون بأن نظريتهم هي الأوقع ، وهي الأكثر عملية وعلمية ، في تفسير المشكلة الاجتماعية .... كما أنهم يتبنون تقديم حلول للمشكلات الاجتماعية بناء على تفسيراتهم المختلفة .
ولكن إذا كان لنا قول هنا، فهو أن المشكلة الاجتماعية ـ في الغالب ـ قد لا يمكن إرجاعها لسبب واحد، وبالتالي لا يمكن تفسيرها في ظل نظرية واحدة  من هذه النظريات. إن المشكلات الاجتماعية شيء معقد ، وأحيانا بالغ التعقيد ، ومن هنا فإننا قد نضطر للجوء لأكثر من تفسير من  تفسيرات هذه النظريات كي  نرى أين تكمن جذور المشكلة . وما لم نقف على الجذور الحقيقية للمشكلة ، فإنه قد يصعب ـ إن لم يستحيل ـ علينا أن نجد لها حلا .
قد تكون المشكلة راجعة في مظهرها، وعند النظرة الأولى إليها للتفكك  الاجتماعي (النظرية الأولى )، ولكن عند التعمق في بحثها قد نجد أن التغير (النظرية الثانية ) قد لعب دورا هاما في إحداثها أو التسبب فيها ، وعند التعمق أكثر وأكثر ، قد نكتشف أن صراع القيم ( النظرية الثالثة ) كان خلف المشكلة ، وسببا كبيرا من أسبابها... الخ  وهكذا نجد أن علينا ألا نقيد أنفسنا  عند بحثنا في المشكلات الاجتماعية إلى تفسير  واحد أو نظرية واحدة .




حل المشكلات الاجتماعية

المشاكل الاجتماعية وحلولها

تعريف المشاكل الاجتماعية

كيفية حل المشاكل الاسرية

المشكلات الاجتماعية المعاصرة

انواع المشاكل الاجتماعية

طرق حل المشكلات المدرسية

بحث عن المشاكل الاجتماعية

اهم المشاكل الاجتماعية
Previous Post Next Post