اختلفت درجة الاهتمام بغرس قيمة معينة من دولة إلى أخرى حسب الوحدات القيمية الرئيسية وتشير البيانات إلى غياب الاتساق العام في ترتيب القيم بين هذه الدول مجتمع الدراسة، فقد كان ترتيب قيم المواطنة في منهج الأردن تنازليا على التتابع التالي: حقوق اجتماعية، حقوق ثقافية، واجبات المواطن، حقوق مدنية، حقوق التضامن، حقوق المساواة، حقوق اقتصادية، حقوق سياسية وقيم اخلاقية (نفس الدرجة)، قيم الانتماء. بينما كان ترتيب قيم المواطنة في مصر على النحو الاتي: حقوق المساواة، حقوق التضامن، حقوق ثقافية، قيم الانتماء، حقوق اقتصادية، حقوق اجتماعية، واجبات المواطن، حقوق مدنية وقيم اخلاقية (نفس الدرجة)، الحقوق السياسية كانت نسبتها صفر لعدم الاشارة اليها. وأما ترتيب الحقوق في لبنان فكان على النحو الاتي: الحقوق الاقتصادية، الحقوق الثقافية، الحقوق السياسية، الحقوق الاجتماعية والقيم الاخلاقية (نفس الدرجة)، واجبات المواطن، الحقوق المدنية، حقوق التضامن، قيم الانتماء، حقوق المساواة وعدم التمييز. وربما يمكن عزو هذه النتيجة في رأي فريق البحث إلى غياب المصفوفة الوطنية الناظمة لتوزيع أولويات المناهج في الدول الثلاثة، ومن ثم اختلاف توزيع القيم والمفاهيم التي ترغب هذه المناهج في غرسها لدى الطلبة وتشكيل سلوكياتهم، علما بأن نتائج المقابلات لم تفسر هذا المؤشر واكتفت بالقول بأنه عادة ما تتاثر عملية وضع المقررات الدراسية بواضعي المناهج ورؤيتهم في ظل ظروف وبيئة آنية بعيدة عن الدراسة والتخطيط المستقبلي للمجتمع ومشكلاته. ويرى فريق البحث أنه يمكن الاستناد إلى العوامل البيئية الموضوعية والذاتية في الدول الثلاث لحظة صياغة المقررات التعليمية لتفسير هذه النتيجة، وهو ما يبدو متسقا مع مشكلة الانسجام الاجتماعي واستيعاب الآخر في مصر، أو تحديات الوضع الاقتصادي في لبنان مثلا،  وهكذا دواليك.  
•        من حيث توزيع قيم المواطنة على مستوى الوحدات الفرعية، اظهر التحليل أن هناك (8) قيمة فرعية مرتبطة بقيم المواطنة قد حازت على تكرارات أكثر من غيرها من الوحدات (106) الواردة في اداة تحليل المضمون،  وقد تبين أن قيمة الحق في  التعليم (وهي من القيم المرتبطة بالحقوق الاجتماعية) وقيمة الحق في التنمية (وهي من القيم المرتبطة بحقوق التضامن والتسامح) قد احتلتا المرتبة الأولى والثانية على التوالي، فقيمة الحق في التعليم تكررت (59) مرة بنسبة 8.61%، بينما تكررت قيمة الحق في التنمية (51) مرة بنسبة 7.45% تلتها قيمة الحق في العمل (من قيم الحقوق الاقتصادية) بنسبة 6.13%. وعلى الرغم من أهمية هذه القيم الفرعية الا أن قيم أخرى لم تنل حظها في التكرار مثل قيمة منع التمييز على اساس الجنس والحق في الديمقراطية وغيرها من القيم التي لم تحصل الا تكرار يوازي أهميتها.  علما بأن هناك قيم فرعية لم تظهر بالمرة في مناهج التربية المدنية والوطنية في دول مجتمع الدراسة مثل قيم: عدم الّتمييز على أساس النسب، عدم الّتمييز على أساس الرأي السياسي، عدم الّتمييز على أساس الطبقة، المساواة أمام المرافق العموميّة، منع التعذيب والعقوبات المهينة والقاسية واللاإنسانيّة، الحق في تنمية الشخصية، منع الإّتجار بالرق أو الاستعباد، منع تشغيل الأطفال، منع عقوبة الإعدام، عدم رجعية القوانين أن تضمنت عقوبات، الحق في التعويض الحق في براءة المتهم إلى أن تثبت ادانته، الحق في سبل إنصاف فعالة عند انتهاك الدولة لهذه الحقوق، حريّة الاجتماع، حق طلب اللجوء (التماس الملجأ)، حق الاضراب، حريّة اختيار الزّوج أو الزوجة، سرية المراسلات، حريّة المعتقد، حق الملكية الفكرية، حظر الدعوة للكراهية والتعصب والعنصرية، الحق في رفض الحرب ونبذ العنف (السلم) وغيرها. ويعزو فريق البحث هذه النتيجة إلى عدم وجود مصفوفة وطنية في الدول مجتمع الدراسة تحدد نوع وكم القيم الاساسية التي يفترض أن تتضمنها مناهج المقررات الدراسية، فجاءت القيم الفرعية اعتباطية التوزيع كما ونوعا، ولذلك يبرز التناقض احيانا فمثلا رغم أن التعليم كان في المرتبة الأولى وهو امر طبيعي نتيجة حث المقررات الطلبة على التعليم وبالاخص في مقرر التربية الوطني الأردني، نجد أن حرية الفكر والبحث العلمي قد جاءت في ذيل الاهتمام رغم الارتباط العضوي بينهما، وكذلك الحال مع قيم أخرى تشير اليها القائمة. كما أشارت نتائج تحليل المقابلات إلى أن هناك مواضيع حقوقية ذات أهمية خاصة في معالجة مشاكل المجتمع في الدول الثلاث ولكن المقررات التعليمية لم تتطرق اليها، ومن امثلتها في مصر مثلا حقوق التسامح ونبذ العنف والتعصب السياسي والتمييز الديني والتمييز ضد المرأة وتهميش الهويات الثقافية، ومباديء الشفافية والمحاسبة، وحقوق السكن والصحة والحياة الكريمة، وقيم اخلاقية كفيلة بالقضاء على اللامبالاة والاتكالية والسلطوية.  وكذلك مواضيع حقوق الطفل واللاجئين والعمالة المهاجرة والامن الانساني والفقر وحرمة المال العام ومباديء الشفافية والمحاسبة في الأردن، اما في لبنان فتمثلت في مواضيع مفهوم الدولة ودورها، والتمييز الطائفي، ونبذ العنف التعصب وقبول الآخر، والطبقية، وغياب المساءلة والشفافية، والهجرة وحركات النزوح، والتمييز ضد الفئات المهمشة، وحل النزاعات بالطرق السلمية، وحقوق الاطفال، والفقر وحماية البيئة. 
•        وفيما يتعلق بتوزيع قيم المواطنة من منظور حقوق الانسان على مستوى الوحدات الفرعية للحق في المساة وعدم التمييز، اشار التحليل إلى أن مقررات التربية الوطنية والمدنية في الأردن كانت الأكثر تضمنا للقيم الفرعية للحق في المساواة وعدم التمييز تبعه لبنان ثم مصر في الترتيب، كما يلاحظ أن 7 وحدات فرعية ورد الاشارة اليها من بين 14 وحدة تضمنها هذا الحق، اي بنسبة 50% من محموع الوحدات الفرعية، بينما كانت نسبة ورود الوحدات الفرعية في كل من مصر ولبنان هي اربع وحدات من المجموع الكلي لعدد الوحدات التي شملها الحق وبنسبة 28.27% لكل منهما.  ويمكن عزو هذا الموضوع برأي فريق البحث إلى أن المجتمع الأردني لا تتجلى فيه مشكلة التمييز على اساس اي اعتبار بما يمكن وصفها أنها مشكلة حقيقية، ولذلك لا يجد حرجا بالاشارة إلى قيم المساواة وعدم التمييز، وهو ما قد لا يكون متوفرا بالقدر ذاته في المجتمع اللبناني أو المجتمع المصري اللذين لهما مشاكلها البنيوية في هذا المجال.  كما يمكن الاشارة إلى خلاصة نتائج تحليل المقابلات التي أوضحت أن هناك مواضيع حقوقية ذات أهمية خاصة في معالجة مشاكل المجتمع في الدول الثلاث ولكن المقررات التعليمية لم تتطرق اليها، ومن امثلتها في مصر مثلا حقوق التسامح ونبذ العنف والتعصب السياسي والتمييز الديني والتمييز ضد المرأة وتهميش الهويات الثقافية، ومبادىء الشفافية والمحاسبة، وحقوق السكن والصحة والحياة الكريمة، وقيم اخلاقية كفيلة بالقضاء على اللامبالاة والاتكالية والسلطوية، ومع ذلك كان تركيز مقرر التربية الوطنية في مصر – برأي الذين اجريت معهم المقابلات- ينصب على تنمية الاعتزاز بالهوية الوطنية والتراث التاريخي وابراز الخريطة السياسية للوطن ومؤسساته أكثر من الاهتمام بالمواطن وحقوقه وتنمية مشاركته العامة.  اما في الأردن فإن الاهتمام ينصب - بحسب نتائج المقابلات – على مسالة التعريف بنظام الحكم وتاريخه ودور القيادة وموقع الأردن الجغرافي، بينما هناك حاجة برأيهم إلى أن يكون الاهتمام منصبا على التوعية بحقوق وواجبات المواطن، وتأهيله للمشاركة السياسية، ومعالجة مشكلة الفقر والهجرات والمال العام. بالمقابل فإن جل الاهتمام في لبنان ينصب على تعزيز الإنتماء للوطن ووحدة ابنائه والتعريف بمؤسسات الدولة ومهامها ونشاطاتها واحترام قوانينها علاوة على محاربة التعصب الطائفي ونبذ العنف، بينما كان هناك حاجة إلى التركيز على إكساب الطلاب المفاهيم الخاصة بحرية المعتقد والعادات والتقاليد، ونرسيخ مفهوم الدولة ودورها، ومكافحة التمييز الطائفي، ونبذ العنف التعصب وقبول الآخر، والطبقية، وتشجيع المساءلة والشفافية، ومنع التمييز ضد الفئات المهمشة، وحل النزاعات بالطرق السلمية، وحماية حقوق الاطفال، ومكافحة الفقر.

•        أما توزيع قيم المواطنة من منظور حقوق الانسان على مستوى الوحدات الفرعية للحقوق المدنية، فقد اشارت نتائج التحليل إلى أن مقررات التربية الوطنية والمدنية في الأردن كانت الأكثر تضمنا للقيم الفرعية للحقوق المدنية تبعه لبنان ثم مصر في الترتيب، كما يلاحظ أن 7 وحدات فرعية ورد الاشارة اليها من بين 17 وحدة تضمنتها هذه الحقوق، اي بنسبة 41.17% من محموع الوحدات الفرعية، بينما ورودت وحدتان فرعيتان في مصر بنسبة 11.76% من المجموع الكلي لعدد الوحدات التي شملها الحق و5 وحدات للبنان بنسبة 29.41%.  ويعزو فريق البحث هذه النتيجة ايضا إلى عدم وجود مصفوفة وطنية في الدول مجتمع الدراسة تحدد نوع وكم القيم الاساسية التي يفترض أن تتضمنها مناهج المقررات الدراسية، فجاءت القيم الفرعية اعتباطية التوزيع كما ونوعا، ولذلك يبرز غياب قيم اساسية ذات أهمية كتلك المتعلقة بمنع التعذيب والعقوبات المهينة والقاسية واللاانسانية ومنع تشغيل الاطفال ومنع الاتجار بالرقيق والحق في براءة المتهم إلى أن تثبت ادانته. وقد لاحظ فريق البحث أن نتائج المقابلات في كل من لبنان والأردن أشارت بشكل واضح إلى أن الحقوق المدنية لم تتضمن في المقررات التربوية بشكل كاف يمكن الطلبة من الوعي بها وحمايتها من اي اعتداء عليها ولذلك كانت هناك تقاطع بين المشكلات التي لم يتم التطرق اليها في هذه المقررات وعلاقتها بالحقوق المدنية احتراما واعمالا. كما يلاحظ الفريق البحثي ضعف المنهاج المصري في اطلاع الطلبة على الحقوق المدنية رغم أهميتها من حيث كونها تفرض التزام ايجابي على الدولة وفوري في ذات الوقت بضمان هذا الحق لمواطنيها. علما بأن نتائج المقابلات التي تم اجرائها مع اصحاب العلاقة في مصر أشارت بوضوح إلى غياب حقوق الانسان عن مقررات التربية المدنية والوطنية وتركيزها على تعزيز الأنماط السياسية والاجتماعية السائدة في المجتمع.
•        وأما توزيع قيم المواطنة من منظور حقوق الانسان على مستوى الوحدات الفرعية للحقوق السياسية، فقد اشارت نتائج التحليل إلى أن مقررات التربية الوطنية والمدنية في لبنان كانت الأكثر تضمنا للقيم الفرعية للحقوق السياسية تبعها الأردن بينما لم تتضمن مقرر مصر اي اشارة لاي وحدة سياسية. كما يلاحظ أنه في لبنان ورد الاشارة إلى 5 وحدات فرعية من بين 7 وحدات تضمنتها هذه الحقوق، اي بنسبة71.43%% من مجموع الوحدات الفرعية، بينما ورودت اربع وحدات فرعية في مقرر الأردن بنسبة 57.14% من المجموع الكلي لعدد الوحدات التي شملها الحق.  ويعزو فريق البحث هذه النتيجة إلى اختلاف الطبيعة السياسية في الدول مجتمع الدراسة ووجود تقاليد خاصة للحريات السياسية في المجتمع اللبناني، بالمقابل يبرز حرص القائمين على وضع المناهج المصرية في عهد ما قبل الثورة على تغييب الاهتمام بالحقوق السياسية في المقررات الدراسية. كما يلاحظ فريق البحث أن قيمتين اساسيتن تغيبان عن المقررات الدراسية في الدول مجتمع الدراسة وهي الحق في حرية الاجتماع وحق طلب اللجوء، ويبدو أن اسبابا سياسية تقف وراء اغفالهما في الدول الثلاث، علما بأن أهم مرتكز لثورات الربيع العربي كان الحق في الاجتماع والتظاهر.  جدير بالذكر أن نتائج المقابلات في الدول الثلاث أشارت إلى غياب الاهتمام العام بتوعية الطلبة بحقوقهم السياسية وممارستهم لها في اطار تكريس الأوضاع السياسية القائمة فيها.   
•        وأما توزيع قيم المواطنة من منظور حقوق الانسان على مستوى الوحدات الفرعية للحقوق الاقتصادية، فقد اشارت نتائج التحليل إلى أن مقررات التربية الوطنية والمدنية في لبنان كانت الأكثر تضمنا للقيم الفرعية للحقوق الاقتصادية تبعها الأردن ومصر بنفس العدد، ويلاحظ أن خمسة وحدات فرعية من 6 وحدات تضمنتها هذه الحقوق بنسبة 83.33% ، بينما كان ورود الوحدات الفرعية في كل من الأردن ومصر هي ثلاث من ستة بنسبة 50% لكل منهما. وكذلك يعزو فريق البحث هذه النتيجة إلى اختلاف الطبيعة الاقتصادية في الدول مجتمع الدراسة ووجود تقاليد خاصة للحريات الاقتصادية في المجتمع اللبناني، بالمقابل يبرز حرص المناهج المصرية على ايراد حق الشعوب في تقرير خيارها الاقتصادي والتصرف بمواردها الاقتصادية كارث خلفته المرحلة الاشتراكية. كما يلاحظ فريق البحث أن قيمة حق الاضراب يغيب عن المقررات الدراسية في الدول مجتمع الدراسة رغم أهميته للاقتصاديات الحرة. جدير بالذكر أن المقابلات مع المبحوثين المصريين كشفت عن غياب جملة الحقوق الاقتصادية عن مقررات التربية الوطينة رغم حاجة المواطنين اليها في معالجة التحديات التي يعيشونها، وأهمها حقوق العمل وشروطه. وكذلك الحال مع نتائج المقابلات التي اجريت في لبنان والأردن وأشارت بوضوح إلى مشكلتي الفقر والبطالة وسوء الأوضاع المعيشية وانعكاسها على الحق في مستوى معيشي ملائم.    
•        وأما توزيع قيم المواطنة من منظور حقوق الانسان على مستوى الوحدات الفرعية للحقوق الاجتماعية، فقد اشارت نتيجة التحليل إلى أن مقررات التربية الوطنية والمدنية في لبنان والأردن تساوت في عدد الوحدات الفرعية المتضمنه للحقوق الاجتماعية، بينما كانت مصر هي الاقل تكرار بعدد وحدات فرعية نسبتها 37.5%، اي بواقع تكرار قدره ثلاث مرات. ويعزو فريق البحث هذه النتيجة إلى أن الحقوق الاجتماعية ذات طبيعية غير حساسة في الدول مجتمع الدراسة، ولذلك كان تكرارها الأكثر والاشمل. لكن لوحظ غياب اي قيمة تكرارية للحق في حرية اختيار الزوج أو الزوجة لما لها من اعتبارت اجتماعية قد تناقض الموروث الاجتماعي السائد. جدير بالذكر أن المقابلات مع المبحوثين المصريين كشفت عن غياب جملة الحقوق الاجتماعية عن مقررات التربية الوطينة رغم حاجة المواطنين اليها في معالجة التحديات التي يعيشونها، وأهمها حقوق الصحة والسكن والحياة الكريمة. علاوة على أن نتائج المقابلات في الأردن ولبنان ومصر أشارت إلى أن تعرض المقررات الوطنية والمدنية لجملة الحقوق الاجتماعية لا يعتريه اشكالا سياسيا يعرض الأنماط السياسية الموجود لخطر التغيير، مما يتيح لها المجال للبروز أكثر وخصوصاً أنها تقدم كانجازات لاجهزة الدولة وديمومة شرعية سلطتها السياسية.   
•        وعلى صعيد توزيع قيم المواطنة من منظور حقوق الانسان على مستوى الوحدات الفرعية للحقوق الثقافية، فقد اشارت نتيجة التحليل إلى أن مقرر التربية الوطنية والمدنية في الأردن كان الأكثر تضمنا للقيم الفرعية للحقوق الثقافية تبعها لبنان ثم مصر. كما يلاحظ أنه في الأردن ورد الاشارة إلى 6 وحدات فرعية من بين 11 وحدات تضمنتها هذه الحقوق، اي بنسبة 54.55% من مجموع الوحدات الفرعية، بينما ورودت اربع وحدات فرعية في مقرر لبنان بنسبة 36.36% من المجموع الكلي لعدد الوحدات التي شملها الحق، وكذكك 3 وحدات فرعية في مقرر مصر بنسبة 27.27% من المجموع الكلي لعدد الوحدات التي شملها الحق. وقد يعزو فريق البحث هذه النتيجة إلى أن الحقوق الثقافية ذات طبيعية غير حساسة ايضا في الدول مجتمع الدراسة، ولذلك كان تكرارها الأكثر والاشمل. لكن لوحظ غياب اي قيمة تكرارية للحق في حرية المعتقد وسرية المراسلات والمناخ الثقافي الحر كونها تتسبب في اشكاليات اجتماعية وثقافية وسياسية. كما يلاحظ حالة الضعف الشديد الذي تعاني منه مصر رغم أنها دولة ذات تقاليد ثقافية عريقة وهو ما يتفق مع نتائج خلاصة المقابلات التي اجريت مع المبحوثين المصريين حول أهمال مقرر التربية الوطنية للبحث في العولمة والثقافة الانسانية ومنع التهميش الثقافي. كما يلاحظ على نتائج مقابلات المبحوثين في لبنان أنها تطرقت لضعف حماية حقوق الابداع والمبدعين في لبنان والتعريف بهم.
•        وعلى صعيد توزيع قيم المواطنة من منظور حقوق الانسان على مستوى الوحدات الفرعية لحقوق التضامن والتسامح، فقد اشارت نتيجة التحليل إلى أن مقررات التربية الوطنية والمدنية في الأردن كانت الأكثر تضمنا للقيم الفرعية للحقوق التضامن والتسامح تبعها لبنان ومصر بذات العدد. كما يلاحظ أنه في الأردن ورد الاشارة إلى 4 وحدات فرعية من بين 8 وحدات تضمنتها هذه الحقوق، اي بنسبة 50% من مجموع الوحدات الفرعية، بينما ورودت وحدتين فرعيتين في مقرر لبنان بنسبة 25% من المجموع الكلي لعدد الوحدات التي شملها الحق.  ويعزو فريق البحث هذه النتيجة إلى أن حقوق التضامن والتسامح ذات طبيعية حامية لوجود واستقرار الدول مجتمع الدراسة عالميا واقليميا ومحليا، ولكن لوحظ غياب اي قيمة تكرارية للحق في رفض الحرب ونبذ العنف وكذلك لحظر اي دعوة للكراهية والتعصب والعنصرية رغم التوجهات السياسية العامة لهذه الدول التي تعكسها سياستها الداخلية والخارجية، مما يعكس غياب خطة لادماج حقوق الانسان في المناهج التعليمية واعتباطية تناول القيم عند وضع المناهج المقررة بالاستناد إلى رؤى ومعرفة القائمين عليها. جدير بالذكر أن نتائج المقابلات مع المبحوثين المصريين واللبنانيين كشفت عن غياب جملة حقوق التسامح عن مقررات التربية الوطينة رغم حاجة المواطنين اليها في معالجة التحديات التي يعيشونها، وأهمها نبذ العنف والتعصب المذهبي والفكري والسياسي.    
•        وعلى صعيد توزيع قيم المواطنة من منظور حقوق الانسان على مستوى الوحدات الفرعية لبعد الانتماء والوحدة الوطنية، فقد اشارت نتيجة التحليل إلى أن مقررات التربية الوطنية والمدنية في الدول الثلاث تساوت في عدد وحدات القيم الفرعية التي تضمنتها ابعاد الانتماء والوحدة الوطنية، حيث تكررت ثلاثة وحدات فرعية من اصل 8 وحدات تضمنتا هذا البعد، وبنسبة 37.5% من مجموع الكلي لعدد الوحدات التي شملها البعد. ويعزو فريق البحث هذه النتيجة إلى أن قيم الانتماء والولاء والوحدة الوطنية تمثل درعا اساسيا لحماية المواطنة وتعزيزهاولوحظ اهتمام المناهج في الدول الثلاث بمشكلات الوطن وحماية امنه واستقراره في دلالة واضحة على وجود مشكلة محيطة بهذا الموضوع، كما لوحظ غياب تقدير الرموز الوطنية وتقدير ادوار الدولة والحفاظ على المنجزات الوطنية. جدير بالذكر أن المقابلات مع المبحوثين في الدول الثلاث كشفت عن نقطة اساسية مفادها أن مقررات التربية الوطنية تهتم باعلاء قيمة الوطن وتعزيز الانتماء اليه أكثر من اهتمامها بالمواطن وحقوقه في محاولة منها لتكريس الأنماط السياسية والاجتماعية كما يراها النظام السياسي الحقوق الاقتصادية رغم الحاجة الماسة إلى تحقيق التوازن بين قيمة المواطن وحقوقه بالقدر ذاته الذي يعلو فيه قيمة الوطن وحقوقه.
•        وعلى صعيد توزيع قيم المواطنة من منظور حقوق الانسان على مستوى الوحدات الفرعية لبعد القيم الاخلاقية، فقد اشار التحليل إلى أن مقررات التربية الوطنية والمدنية في الأردن كان الأكثر تكرارا لعدد هذه الوحدات التي تضمنها هذا البعد بنسبة 50% بينما كانت نسبة كل من مصر ولبنان 12.5% لكل منهما، وبواقع تكرار واحد من العدد الكلي لوحدات القيم الفرعية التي تضمنتها هذا البعد وعددها ثمانية وحدات. ويعزو فريق البحث هذه النتيجة إلى الفهم التقليدي للقيم الاخلاقية وعدم التوسع فيها لتشمل ابعاد اساسية كدور الفرد في ادراك حقوقه وواجباته واستخدام الحوار كالية لفض النزاعات وغيرها. وجدير بالذكر أن المقابلات مع المبحوثين المصريين كشفت عن حاجة مقررات التربية الوطنية المصرية إلى تقدير القيم الاخلاقية الابداعية التي تحث على العمل والتغيير والمبادرة والتطوع وغيرها في مقابل القيم التي تكرسها حاليا من شاكلة اللامبالاة والاتكالية والاغتراب. في حين أشارت نتائج المقابلات مع المبحوثين في لبنان إلى أن مقرر التربية الوطنية يفتقد لقيم المسؤولية والنقد الذاتي واحترام الحوار وتشجيع الطلبة على ابداء ارائهم واحترام الاراء الأخرى، بالمقابل لم يتم التطرق إلى هذه القيم في نتائج مقابلات المبحوثين من الأردنيين. 
•        اما صعيد توزيع قيم المواطنة من منظور حقوق الانسان على مستوى الوحدات الفرعية لبعد واجبات المواطن والانسان، فقد اشارت نتيجة التحليل إلى أن مقررات التربية الوطنية والمدنية في الأردن كان الأكثر تكرار في عدد وحدات القيم الفرعية التي تضمنتها ابعاد واجبات المواطن والانسان والوحدة الوطنية، حيث تكررت ثمانية وحدات فرعية من اصل 16 وحدات تضمنها هذا البعد، وبنسبة 50% من مجموع الكلي لعدد الوحدات التي شملها البعد. بينما كانت لبنان في المرتبة الثانية ومصر في المرتبة الثالثة وبنسبة 37.5% و18.75% لكل منهما على التوالي. ويلاحظ فريق البحث أن اختلاف توزيع هذه القيم من دولة لأخرى يعكس اختلاف طبيعة علاقة الفرد بالدولة ورؤية كل من السلطة والفرد لدور الآخر، مع ملاحظة أن قيم اساسية كدفع الضرائب واحترام حقوق الآخرين وحرياتهم والحرص على دعائم الديمقراطية وغيرها تغيب عن هذه المنظومة لاسباب تتعلق برؤية من وضع المقرر الدراسي وطبيعة فهمه للواجبات الاساسية للمواطن، وهو ما اكدته نتائج المقابلات في الدول الثلاث. 
•        اما من حيث اسلوب المناهج في نقل وغرس قيم المواطنة، فيمكن القول بأن درجة تأكيد القيمة لدى الطلبة تتأثر بحجم أو عدد مرات تكرارها وكذلك بطريقة أو اسلوب عرضها، وعلى ذلك فقد اخضعت تصوص منهج التربية المدنية والوطنية لمستوى اخر من تحليل المضمون يعتمد على تقسيم القيم وفقا لاسلوب عرضها، وعلى اساسه امكن تقسيم اسلوب العرض إلى طريقتين، الأول يعتمد الاسلوب الصريح والمباشر، والثاني يعتمد العرض الضمني أو غير المباشر للقيم. وبناء على ذلك توزعت القيم إلى نمطين: نمط القيم الصريحة ونمط القيم الضمنية. وقد اظهر التحليل أن مجموع القيم التي عرضت بشكل غير صريحة كان اكبر من القيم التي عرضت بشكل ضمني، حيث كانت النسبة هي (85.40% القيم الضمنية إلى 14.60% القيم للصريحة) وقد تقاربت كل من الأردن ولبنان في نسبة القيم الضمنية الواردة في منهجها بما نسبته 45.47% و46.50% على التوالي، اما القيم الصريحة فكانت نسبتها 40% للاردن و44% للبنان، في حين ان مصر كانت نسبة القيم الضمنية 8.03% والقيم الصريحة 16%. ويلاحظ على توزيع قيم المواطنة حسب اسلوب عرضها بين الدول أن الاتجاه العام لعرض الوحدات القيمية يتبع طابع الاتجاه الضمني، بما يعنيه ذلك من غياب حرص الدول مجتمع الدراسة وواضعي المناهج على ادراج قيم المواطنة من منظور حقوق الانسان بشكل صريح ومباشر. علما بأن نتائج المقابلات في الدول الثلاثة أشارت إلى جملة من المعوقات التي تضعف عملية تعليم الطلبة لقيم المواطنة من منظور حقوق الانسان، وأولها التركيز على البعد النظري التلقيني وغياب المنهج العلمي الواضح في وضع هذه المقررات وعدم مناسبة محتويات المقرر مع متغيرات المجتمع والمشاكل التي يواجهها، علاوة على غياب الأنشطة التفاعلية اللاصفية، كما أشارت إلى ضعف المستويات التعليمية لمعلمين هذه المقررات وضعف تأهيلهم واستيعابهم لهذه المنظومة الحقوقية ببعديها الاجتماعي والسياسي وخصوصا في ظل اعتبارها مادة هامشية من قبل الوزارة وادارة المدرسة مقارنة بالمواد الأخرى وعدم اعطائها الأهمية التي تستحقها. كما اظهر التحليل أن هناك تباينا على مستوى عرض الوحدة القيمية وأن لم تكن الفروق واضحة جدا، كما اتضح ميلها إلى الاتجاه الضمني، وعلى اي حال فإن الاتجاه نحو عرض القيم بصورة صريحة يدل على أن مفهوم المواطنة واضح لدى مصمصي المناهج وان خلق ثقافة مرتبطة به لدى الناشئة هي مطلب واضح لهم. ولكن البيانات تشير إلى عكس ذلك مما قد يؤكد افتراض غياب موضوع دور المنهج في اكتساب قيم المواطنة عن ذهن مصممي تلك المناهج.
•        وعلى صعيد اخر رصد فريق البحث جملة من الكلمات التي تم استخدامها في مقررات التربية المدنية والوطنية، ويلاحظ بان هذه الكلمات او المصطلحات مشحونة بقيم عاطفية ذات علاقة عضوية بقيم المواطنة من قبيل مصطلح "الوطن" مقابل مصطلح "المواطن"، وهو ما يؤشر الى هيمنة الدولة على المواطنين واعتمادهم عليها. كما يلاحظ استخدام لفظ رعايا في سياق سلبي لمرة واحدة في المنهاج المصري بينما لم يرد هذا المفهوم في المنهجين الأردني والبناني، وكذلك يلاحظ أن المنهج الأردني استخدم مصطلحي الولاء والانتماء أكثر من المنهجين المصري واللبناني، كما يلاحظ على المنهج المصري أنه كان الاقل في استخدام مصطلحات الوطن والمواطن والمجتمع والديمقراطية بالمقارنة مع المنهجين الأردني واللبناني. وقد أشارت نتائج المقابلات في الدول الثلاث إلى وجود عاطفة تعبوية في هذه المقررات لتوجيه الطلبة نحو تبني غاياتها وتكريس هيمنة الدولة او السلطة على المواطنين واعتمادهم عليها.
•        واخيرا، تم رصد مقررات التربية الوطنية من حيث تتعاملها مع الفئات الأكثر عرضة للانتهاك (وتشمل حقوق المرأة والطفل وذوي الاعاقة ونزلاء مراكز الاصلاح والتأهيل)، ولم يتمكن فريق البحث من رصد اي ذكر لهذه الفئات أو لحقوقها  في مقرر مهج التربية الوطنية في لبنان ما عدا ذكر واحد لعدم التمييز ضد المراة وذكر واحد لحق الطفل في الحياة.  اما المنهج المصري فقد ورد فيه ذكر لحق المرأة في التعليم (ثلاث مرات) وحقها في عدم التمييز على اساس الجنس لمرة واحدة فقط. بالمقابل وردت الاشارة تسع مرات لحقوق المرأة في التعليم والتنمية والعمل والانتخاب والترشح والعمل التطوعي في مقرر التربية المدنية والوطنية في الأردن. كما تم الاشارة إلى حقوق الاطفال اربع مرات في سياق ايراد حقهم في الحياة والصحة والغذاء السليم والتعليم. كما وردت الاشارة لمرة واحدة إلى حق ذوي الاعاقة في المسكن اللائق.  وهذا الامر يشير إلى ضعف مناهج التربية الوطنية في الاشارة إلى حقوق الاشخاص من الشرائح الأكثر عرضة للانتهاك وكيفية حمايتهم، ويمكن عزو ذلك إلى غياب مصفوفة واضحة للمواطنة من منظور حقوق الانسان في الدول الثلاث وهو ما اكدته نتائج المقابلات في الدول الثلاث عدا عن كون هذه المواضيع قد لا ينظر اليها على اعتبار أنها ذات ارتباط عضوي بحقوق المواطنة. 
       خلاصة نتائج التحليل والتوصيات:
تشير النتيجة العامة التي خلصت اليها الدراسة الى انه قد حان الاوان للقيام بخطوات عملية عديدة نحو اصلاح نظام التعليم في الدول مجتمع الدراسة، وبما يجعل هذا النظام مرتكزا الى قيم المواطنة بمفهومها الحداثي الذي شكل منتهى التجربة الانسانية في القرن الحادي والعشرين،  بالاضافة الى انه يمكن لكل دولة ان تضيف الى ذلك ما تراه مناسباً ومفيداً في حالتها الخاصة، من شاكلة مفهوم التعددية الثقافية، وبحيث تستطيع هذه النظم التعليمية انتاج جيل عربي جديد مستقل ومبدع ومستوعب للقيم الاجتماعية التي تزدهر في المجتمعات الديمقراطية، سيما وان  التعليم يعد أحد وسائل تعديل وتغيير النسق الثقافي، وأداة المجتمع في صنع مستقبله. كما خلصت الدراسة إلى نتائج خاصة في ضوء اشكاليتها والتساؤلات التي طرحتها والمتعلقة بمدى تضمن مناهج المقررات التربية المدنية والوطنية لقيم المواطنة من منظور حقوق الانسان في دول مجتمع الدراسة (الأردن، مصر، لبنان) وقد تبين جملة من مواطن القصور وأهمها:
1.      ضآلة عدد قيم المواطنة التي تضمنتها المقررات وضعف تناسبها مع الدور الذي يمكن أن تقوم به كمناهج في عملية اكساب القيم للطلبة. كما أن هناك أنماط من القيم غير مذكورة البته وأخرى شبه غائبة على الرغم من أهميتها النسبية للمواطنة سواء على صعيد تكامل قيم المواطنة أو على صعيد ضرورتها في حل مشكلات المجتمع ومراعات التطورات المستقبلية فيه. ويمكن عزو هذا التوزيع العشوائي وغير المتوازن للقيم المواطنة إلى أن مقررات التربية الوطنية والمدنية في دول مجتمع الدراسة تسعى الى تكريس انماط ثقافية قائمة ويضعف فيها البعد المبني على حقوق الانسان والقيم الديمقراطية ويغلب عليها عليها فكرة الولاء والطاعة، مما يعني ان التحولات السياسية التي ترافق الربيع العربي ينبغي ان تترافق مع تحولات ثقافية تستهدف الميول والعواطف والمواقف، وبما يجعل المدارس أطرافاً اجتماعية وسياسية اساسية فاعلة يمكنها أن تؤثّر بشدّة على عملية التحول الديمقراطي، ولا سيما في مكوّنها الثقافي.
2.      عدم التوازن في درجة التركيز على قيم المواطنة من منظور حقوق الانسان سواء بين الدول نفسها أو بين القيم التي تضمنتها المواطنة، ويمكن عزو هذا التباين إلى ان اختيار محتوى المقررات الدراسية لا يتم في ضوء معايير موضوعية محددة بشكل مسبق، وإنما في ضوء المعرفة والخبرة والاهتمام لأعضاء لجان تأليف المناهج، وهنا قد لا تكون منظومة قيم المواطنة موجوده لدى لجان تأليف المناهج بشكل واضح ومتكامل، وإن كانت موجوده فهي لا تشكل بعدا اساسيا في عملية تأليف المنهج، كما يعزى ذلك ايضا الى غياب مساهمات مؤسسات المجتمع المدني في هذه العملية اصلا. علما بأن نتائج المقابلات أشارت إلى هذه النتيجة في الدول الثلاث، وطالبت باتساق الاهداف المعلنة لمقررات التربية الوطنية والمدنية مع محتوى هذه المقررات، كما طالبت بأن تكون قيم حقوق الانسان احدى المحددات الرئيسية التي يبنى عليها المناهج الدراسية اضافة إلى محددات وطنية ودينية أخرى.
3.      إن مضمون القيم واسلوب عرضها لا يساعد الطلبة على ادراك المواطنة ودورها في بناء المجتمع والدولة، وهو ما ينسجم مع التوقعات العامة لفريق البحث. وجدير بالذكر أن نتائج المقابلات في الدول الثلاث أشارت بشكل واضح إلى أن هذه الاشكالية هي احد اسباب عدم تتمكن المقررات الوطنية من تحيقيق هدفها الرئيس في غرس قيم المواطنة، وهي احد اسباب ضعف المناهج الوطنية وعدم شمول ووضوح مفاهيم المواطنة في سلوك التلاميذ اليومي.
4.      استخدام مقررات التربية الوطنية لمصطلحات مشحونة عاطفيا وتفاوت دول مجتمع الدراسة في استخدامها، وهو ما يؤشر الى هيمنة الدولة على المواطنين واعتمادهم عليها. كما أوضح التحليل تباين ورود هذه المصطلحات واستخدامها في سياقات مختلفة، عدا عن أن عدد منها لم يرد الاشارة اليه في بعض الدول. علما بأن المصطلح يشكل الوعي ويسهم في تطوره وضبطه، كما يكشف عن دلالته المعرفية والقيمية والاخلاقية والسياسية والاجتماعية؛ أي بمعنى اخر أن المصطلح يسهم في تكريس قيم المواطنة من منظور حقوق الانسان في الوعي والممارسة. وقد أشارت نتائج المقابلات في الدول الثلاث إلى أن المواطنة مرتبطه بقيم عاطفية ترتبط بالانتماء للنظام السياسي والولاء لقيادته أكثر مما هي مرتبطة باعداد المواطن وتوعيته بحقوقه وواجباته وتفعيل دوره السياسي .
5.      محدودية ورد المصطلحات ذات العلاقة بذوي الفئات المهمشة في مقررات التربية المدنية والوطنية، وربما يمكن عزو ذلك إلى الاهتمام بهذه الشرائج الاجتماعية ما يزال محدودا على صعيد المجتمع وأنه حديث نسبيا لما بعد مصادقة هذه الدول على الاتفاقيات الدولية ذات العلاقة.
6.      اختلاف تدريس مناهج المقررات المدنية والوطنية الاجتماعية في الاقطار الثلاثة، فالأردن مثلا يخصص مادة مستقلة منذ المرحلة الابتدائية بينما مصر لا تخصص مادة الا في المرحلة الثانوية فقط.
7.      أوضح تحليل المقررات الدراسية محل الدراسة أنها اتجهت في تناولها لقيم المواطنة بشكل اساسي إلى المدخل الاندماجي لقيم المواطنة في الوحدات الدراسية المتنوعة، وإن كان في الوقت ذاته وبشكل قليل جدا هناك تناول لبعض القيم المواطنة في موضوعات مستقلة لوحدها. وقد أشارت نتاج المقابلات إلى ضرورة تخصيص مادة منفصلة ومستقلة للتربية المدنية والوطنية مبنية على اطار مرجعي يقوم على مبادىء حقوق الانسان ضمن خريطة زمنية تبدأ من الصفوف الأولى في التعليم المدرسي، وذلك على اعتبار أن حقوق الانسان تمثل مدخلا مناسبا لتعزيز المواطنة.
8.      أوضح تحليل مقررات التربية الوطنية في الدول مجتمع الدراسة ونتائج المقابلات إلى أنها تميل بقصد أو دون قصد نحو تكريس الأنماط السياسية والاجتماعية والثقافية القائمة في هذه الدول، كما أنها غيبت الكثير من المواضيع التي تخاطب احتياجات المجتمع الاساسية (المشاركة العامة، التفكير النقدي في النظر إلى قضايا المجتمع)، علاوة على أن عدد من المواضيع التي احتوتها لم تعد مصدر توجيه سياسي في ظل المتغيرات العالمية (الرعايا، القومية، الطائفية، الاتحادات، الدور التاريخي)، كما أن اغفال مناهج التربية الوطنية والمدنية لحقوق الانسان ادى إلى شيوع ثقافة مناقضة لثقافة حقوق الانسان، كما بدى واضحاً بأن تغييب بعض الحقوق عن المناهج أو ضعف الاشارة اليها قد جعلها ضمن الحقوق الأكثر إنتهاكاً وخصوصا للفئات الأكثر عرضة للانتهاك كالطفل والمرأة والمعاقين والعمالة المهاجرة وغيرها.
وفي هذا المجال توصي الدراسة بما يلي:
1.      التأكيد على أهمية البدء في تدريس مقررات التربية المدنية والوطنية في الدول العربية ومنها دول مجتمع الدراسة منذ الصف الأول الابتدائي تحقيقا لأهدافها الاساسية في بناء المواطنة والمجتمع الديمقراطي الذي يحترم حقوق الانسان.
2.      مراجعة الكتب الدراسية بصورة دورية بهدف تحقيق التوازن في ايراد ومعالجة قيم المواطنة من منظور حقوق الإنسان في متون هذه الكتب، ومراعاة التدرج والتسلسل في عرضها وبما يتفق مع المستويات التعليمية وأولويات المجتمع، ويؤدي إلى السعي المستمر في عرض المواطنة بصورة موضوعية ومحايدة وبالاستناد إلى عالمية مبادئ حقوق الإنسان واتفاقياتها الدولية المعروفة.
3.      زيادة حجم المادة الخاصة بالمواطنة ضمن المقررات الدراسية والتعامل مع مفاهيم حقوق الانسان بشكل صريح وواضح وعلى اساس التوازن وعدم حصر الاهتمام بحقوق دون الأخرى وبصورة شمولية ضمن مصفوفة متكاملة.
4.      تعميم هذه الدراسة على بقية الكتب المدرسية المقررة في جميع المراحل التعليمية وعلى دول عربية أخرى.
5.      ديمومة تحليل الكتب المقررة باشراك المؤسسات المدنية المعنية بحقوق الانسان والمرأة والطفل ومنظمات المجتمع المدني المعنية، بحيث تحذف المفاهيم السلبية، وتعزّز المفاهيم الإيجابية ورفدها بأنشطة متنوّعة.
6.      إجراء دراسات مماثلة تتناول مدى الإلمام بالمواطنة من منظور حقوق الإنسان على طلبة المدارس والمعلمين والادارة المدرسية للنظر في مدى المامهم بالمواطنة وممارستها.
7.      تطوير إدراك واضعي مناهج التربية المدنية والوطنية بمضامين حقوق الانسان وفقاً للفهم الدولي بشكل دوري ومستمر، وكذلك إتباع وسائل التدريس الحديثة في تعليم مناهج التربية الوطنية.
8.      التأكيد على أن الفهم الحقيقي لمضمون المواطنة القائم على مسألة إعمال الحق والواجب هو العملية الأكثر فعالية والأنسب في بناء أجيال قادرة على التعامل مع المرافق العامة والخروج من الاشكاليات التي تعاني منها هذه المجتمعات من مثل العنف الجامعي والمجتمعي واشكال التفرقة العنصرية والاعتداء على المرافق العامة.
9.      ضرورة الاهتمام بحقوق الفئات الأكثر عرضة للانتهاك – كالطفل والمرأة والمعاقين والعمال المهاجرين وغيرهم-  في مناهج التربية المدنية والوطنية حتى لا يزداد الغبن الواقع على هذه الفئات وتزداد حجم ونوع الانتهاكات التي يتعرضون لها في المجتمع.
10.    ضرورة ادماج حقوق الانسان في مناهج التربية المدنية والوطنية من اجل وقف انتشار الثقافات المناقضة لها والتي توفر البيئة الخصبة لنمو قيم الاستبداد وعلاقات الغلبة واعاقة بناء الدولة المدنية الحديثة.


Previous Post Next Post