المحور الشرعي والثقافي لحقوق الانسان

       إن تأّصل الإدراك والاستيعاب لما يتصل بحقوق الإنسان لا يمكن أن يتحقق دون تناول واستيعاب لمختلف ما يتصل بالمحور الشرعي والثقافي لهذه الحقوق، حيث يتحقق باستقراءها وتفعيلها حصرا للأدوات التي يمكن من  خلالها التعامل مع التحديات والمعوقات التي تتجدد بتجدد المتغيرات على الساحة في الجملة والتفصيل، وذلك على نحو لا يدع مجالا للشك في ضرورة استيعاب الأبعاد في هذا الحيّز من هذا الموضوع.
       ثم إن استيعاب هذه الحقوق باعتبار مختلف القوالب التي تصب فيها وتتصل بها تصريحا وتعريضا، لا بد وأن يقوم على إدراك كلي لمختلف ما يتصل بذلك؛ ذلك أن التنظير في ذلك إذا كان لكل قالب منها بمعزل على الآخر، فإن التفعيل لا يمكن أن يحقق لحقوق الإنسان الفاعلية والتأثير إذا لم توظّف وتفعّل هذه الحقوق من خلال مختلف القوالب، سواء التي تصب فيها على وجه الضرورة الملحة، أو تتصل به تصريحا وتعريضا على وجه الإدراك للأهمية.
       ولما كانت حقوق الإنسان محل اتفاق في منظومتها العامة، ومحل اختلاف في عدد من عناصرها، فإن لمراعاة الخصوصية في ذلك المكانة التي من شأنها أن تحفظ ديمومة التفعيل لمثل هذه الحقوق، فإذا كان الجميع يقر بالحقوق الكلية، فإن الحقوق الجزئية أو التي تتسم بالخصوصية، وما يتصل بالأدوات التي من شأنها حفظ هذه الحقوق لا بد أن يحترم فيها الحيز الفكري والثقافي لكل مجتمع على حدة، وذلك دون النظر إلى انتماءه وولاءه.
       وبعد ذلك لا بد من الوضع في الاعتبار ضرورة أن نميز بين حقوق الإنسان كفلسفة تتصل بحياة الإنسان وترتبط بحقيقته وجودا وعدما، وبين ما تتأطر فيه هذه الحقوق أيا كان الباعث باعتبارها محل تقديس، وما بين ما تعكسه الممارسات في بعدها السياسي ممثلا بالسلطة في سياساتها المحلية أو العالمية، والتي يغلب عليها تحقيق المصالح الفئوية والجزئية التي تصب في نفع قالب على حساب قوالب أخرى دون وجه حق يذكر.
   
Previous Post Next Post