تاريخ اروبا الجاهلية قديما


العصور الوسطى في أوروبا


تاريخ اوروبا في العصور الوسطى

تاريخ أوروبا القديم




تاريخ اوروبا في العصور الوسطى للدكتور محمود سعيد عمران


تاريخ اوروبا الحديث والمعاصر


ملخص تاريخ اوروبا الحديث والمعاصر




اسئلة تاريخ اوروبا في العصور الوسطى




تاريخ اوروبا في العصور الوسطى سعيد عاشور




عمليات بحث متعلقة بـ تاريخ أوروبا الحضارة اليونانية الرومانية




تاريخ اوروبا في العصور الوسطى




العصور الوسطى في أوروبا




تاريخ أوروبا القديم




تاريخ اوروبا الحديث والمعاصر




ملخص تاريخ اوروبا الحديث والمعاصر




تاريخ اوروبا في العصور القديمة




تاريخ اوروبا في العصور الوسطى للدكتور محمود سعيد عمران




تاريخ اوربا في العصر الحديث






        لقد ولدت ((النهضة)) الأوروبية الحديثة على مبعدة من الدين 00 إن لم نقل الحال هو الصواب!


        فى العصور الوسطى قامت الحروب الصليبية بين أوروبا ((المسيحية)) وبين الإسلام0


        وعلى الرغم من أن أوروبا لم تكن فى حقيقتها مسيحية، كما رأينا فى الفقرة السابقة، إلا أن ذلك لم يمنعها من أن تتعصب وتتجمع لمحاربة الإسلام، حرباً وصلت إلى حد الوحشية فى كثير من الأحيان. والتعصب ذاته دليل على التدين الزائف. فالمتدين الحق لا ((يتعصب)) وإنما ((يهتدى)) بكل هدى يأتيه من عند الله0


        وأياً كان الأمر فقد رفضت أوروبا الفرصة المتاحة لها لتهتدى إلى دين الله ومنهجه، وأصرت على جاهليتها التى كانت غارقة فيها إلى الأذقان00


        ولكن الأمر لم يقف عند هذا الحد 00


        لقد كانت هناك عوامل متعددة تدفع العجلة إلى الأمام دفعاً00 ولكن فى أى طريق؟!


        كان احتكاك الصليبية بالعالم الإسلامى إيذاناً بتحول جذرى فى الحياة الأوروبية، كما كان اتصال  أوروبا بالإسلام فى المغرب والأندلس من أهم العوامل فى تاريخ أوروبا الحديث0


        يقول : ((بريفولث)) فى كتاب ((بناء الإنسانية Making of Humanity)) 0


        لقد كان العلم أهم ما جادت به الحضارة العربية [يقصد الإسلامية كما قال فيما بعد]([1]) على العالم الحديث، ولكن ثماره كانت بطيئة النضج.. إن العبقرية التى ولدتها ثقافة العرب فى أسبانيا، لم تنهض فى عنفوانها إلا بعد وقت طويل على اختفاء تلك الحضارة وراء سحب الظلام؛ ولم يكن العلم وحده هو الذى أعاد إلى أوروبا الحياة. بل إن مؤثرات أخرى كثيرة من مؤثرات الحضارة الإسلامية بعثت باكورة أشعتها إلى الحياة الأوروبية. فإنه على الرغم من أنه ليس ثمة ناحية واحدة من نواحى الازدهار الأوروبى إلا ويمكن إرجاع أصلها إلى مؤثرات الثقافة الإسلامية بصورة قاطعة، فإن هذه المؤثرات توجد أوضح ما تكون، وأهم ما تكون، فى نشأة تلك الطاقة التى تكون ما للعالم الحديث من قوة متمايزة ثابتة، وفى المصدر القوى لازدهاره: أى فى العلوم الطبيعية وروح البحث العلمى" 0


هذا الاحتكاك وذلك، هما اللذان أحدثا ((النهضة)) الأوروبية الحديثة. وبدلاً من أن تهتدى هذه النهضة بالمنهج الربانى، الذى أنشأ الحضارة الأصلية التى اقتبستها أوروبا، وأقامت عليها نهضتها، فإنها راحت تخاصم الإسلام فى ضراوة، وفى الوقت ذاته تخاصم ((الدين)) و((العقيدة))!


فأما خصامها للإسلام فكان حصيلة التعصب الأحمق، الذى بلغ ذروته فى الحرب الصليبية الضاربة 00


وأما خصامها للدين فقد أنشأته فى نفوس الأوروبيين حماقة الكنيسة وتصرفاتها المثيرة للنفوس0


كانت الكنيسة تحارب ((العلم))، لأن الجهالة هى سندها الأكبر فى الاحتفاظ بسلطانها على الجماهير. ويوم تتعلم الجماهير.. يوم تعلم أن ما تلقنه إياها الكنيسة يشتمل على مجموعة من الأساطير التى لا تثبت للمناقشة 00يومئذ لن تسلم الجماهير قيادها للكنيسة بالسهولة التى يتم بها الأمر فى ظل الجهالة والظلام!


وكانت الكنيسة تحارب ((الحرية)) لان الحرية عنصر خطر على السلطان الغاشم. ويوم يحس الناس طعم الحرية ويتذوقونه، فلن يصبروا على العبودية، ولو كانت العبودية تفرض عليهم باسم الدين وسلطانه!


وكانت الكنيسة تفجر وتعبث داخل أديرتها وهياكلها، وهى تفرض على الناس الزهادة والتقوى، وتطالبها بمكارم الأخلاق!


وذلك فوق الإتاوات والعشور.. وفوق مساندة الإقطاع ضد الفلاحين الذين يسحق كيانهم الفقر والحرمان00


فإذا قامت ((النهضة)) فى أية لحظة، فستقوم ولا شك على مبعدة من ((هذا)) الدين.. إن لم تقم على عداء معه وبغضاء 00


وذلك هو ا لذى حدث بالفعل 00


ولدت تلك النهضة على أساس غير دينى ((Secular)). وارتكزت على محور ويبتعد فى دورانه رويداً رويداً عن الدين والعقيدة وما حولهما من مشاعر وأحساسيس0


لقد عادت إلى منابعها الأولى، فيما قبل المسيحية، إلى التراث اليونانى والرومانى القديم! أى أنها عادت – وهى جاهلية – إلى الجاهليتين الكبيرتين اللتين كانتا سائدتين قبل جاهلية العقيدة المحرفة فى العصور الوسطى00 فى ((عصور الظلام))0


واعتبرت ذلك رجوعاً إلى ((النور))00 !


وحقا لقد كان هناك نور ولا شك 00 النور الذى سطع من العالم الإسلامى على أوروبا المظلمة، فحرر عقولها من الخرافة، وحرر نفوسها من الخضوع المذل لسلطانه الكنيسة الجائر، فاستنكفت العبودية للبشر، وسعت إلى الحرية من كل سبيل0


ولكنها لم تأخذ النور على أصوله، ولم تهتد بهديه الصحيح 0


لم تتجه إلى الله على منهج الإسلام الذى اقتبست منه هذا النور 0


بل لقد تنكرت حتى لأساتذتها الذين علموها العلم، فقامت – فى وحشية محاكم التفتيش الشهيرة – تطرد المسلمين من الأندلس، لتردها إلى السلطان الغشوم!


لقد تعلمت من المسلمين ((العلم)). وتعلمت ((الحضارة)) . وتعلمت ((الحرية))0


تعلمت المنهج التجريبى الذى قامت عليه نهضتها العلمية الحديثة 0


وتعلمت التجمع فى ((أمم)) بعد أن كانت إقطاعيات منفصلة يحكم كلا منها طاغية إقطاعى، تتمثل فى شخصه السلطة التشريعية والقضائية والتنفيذية، ويتأله فى إقطاعيته على العبيد0


وتعلمت حقوق الإنسان 00 فقامت تطالب بتحرير كيان الإنسان وضميره من العبوديات التى تخنقه وتكتم أنفاسه0


ولكنها كانت رغم ذلك جاهلية. فقد رفضت أن تهتدى بمنهج الله فى ذلك كله0 وارتدت بذلك النور الذى قبسته من العالم الإسلامى، إلى تراثها الجاهلى القديم.. تراث الإغريق وتراث الرومان00


وضاعت الفرصة أمامها للنجاة 00


لقد تعلمت، وتحضرت، وتحررت .. وشيدت حضارة ضخمة متطاولة.. ولكنها أقامتها على جرف منهار !


* * *


        وقد مر بنا من قبل أن ((الجاهلية)) ليست مقابل ما يسمى العلم والحضارة والمدنية وتقدم الإنتاج المادى.. فكل ذلك يمكن أن يوجد، ويكون الناس رغم ذلك فى جاهلية عمياء0


ومر بنا أن كل جاهلية لا تخلو من عناصر نافعة للبشرية 00 ولكن ما فيها من النفع النسبى لا يرفع عنها وصمة الجاهلية، ولا ينقذهان كذلك من النهاية الحتمية للجاهلية.


ولا نريد أن نتعجل الحديث 00 إنما نسير خطوة خطوة مع التاريخ0


* * *


        لم يكن الابتعاد عن الدين ضربة مفاجئة وحاسمة.. فليس هكذا طبائع النفوس !


إنما تحدث الأشياء فى نفوس البشر فى تدرج بطئ، جد بطئ 0 وإذا كان البطء يحدث فى نفس كل فرد بمفرده، فإن الأمور أشد بطءًا فى نفوس الجماعة، لأن تكتلها يحمى الأفكار والمشاعر من الانهيار السريع، ويكون لوناً من المقاومة لكل وافد جديد00 يستوى فى ذلك أن يكون البناء القائم مشتملاً على الخير أو الشر، وكذلك بالنسبة للوافد الجديد00


من أجل ذلك عاشت أوروبا قروناً كاملة بشخصية مزدوجة، وثنية ومسيحية فى ذلك الوقت0


((النهضة)) تسير فى طريقها، مستمدة من الوثنية اليونانية والرومانية، ومحولة كل تقدم يأتيها من الحضارة الإسلامية والعلم الإسلامى إلى طريق هاتين الجاهليتين العريقتين فى التاريخ00


و((العقيدة)) قابعة فى ضمائر الناس، مؤثرة- إلى حد ما- فى سلوكهم الشخصى وفى مفاهيم حياتهم، وإن كانت هذه الحياة تحكمها- رويداً رويداً- مفاهيم غير مستمدة من الدين، أو متعارضة مع الدين0


وفى ظل هذا الازدواج قام ما عرف فى التاريخ الأوروبى باسم حركات((الإصلاح)) الدينى، تلك الحركات التى تحاول رد الدين إلى نقائه، وتحاول فى الوقت ذاته بسط سلطانه على أوسع رقعة من الحياة00 ولكن ذلك لم يكن فى الإمكان0 أو هو على الأقل لم يحدث بالفعل0 والسبب فى ذلك أن الدين- حتى فى مفهوم المصلحين أنفسهم- كان ما يزال يحمل ذلك الطابع الجاهلى، وهو فصل العقيدة عن الشريعة، والسماح لشريعة أخرى- غير شريعة الله- أن تحكم واقع الحياة0 ومن ثم فكل((إصلاح)) دينى، فهو إصلاح فى الجانب القابع فى الضمير، وليس فى واقع الحياة!


وذلك فضلاً على أن بواعث هذه الحركات الكامنة كانت بواعث((قومية)) لا ((دينية)) فى حقيقتها! فقد كانت((الشعوب)) تريد إبراز((قوميتها)) بانفصال كنيستها عن كنيسة روما البابوية00 وذلك أمر مناف لطبيعة العقيدة التى تجمع الناس على أساس توحدهم فى الاتجاه إلى الله، لا على أساس قوميتهم أو الرقعة التى يسكنونها من الأرض!


إن الكيان البشرى وحدة00 لا يمكن تفتيته إلى وجدان الواقع0


والحياة البشرية وحدة00 لا يمكن تفتيتها إلى مشاعر وسلوك0


وكذلك الدين المنزل من عند الله00 وحدة لا تنفصل فيها العقيدة عن الشريعة، ولا الوجدان عن واقع الحياة0


وفى الوقت الذى كانت تقوم فيه حركات ((الإصلاح)) الدينى، كانت((الرأسمالية)) النابتة تغير وجه الأرض00 على أسس غير دينية، من ربا وغش ونصب واحتيال، وظلم فادح للكادحين وامتصاص لدمائهم00 والمصلحون مشغلون بإصلاح الوجدان00


وأياً كان الأمر فقد ظل الازدواج فى شخصية أوروبا عدة قرون00


ولكن الناظر إلى خط تاريخ لم يكن ليخطئ اتجاه الأحداث00 فقد كان الاتجاه يسير ولا شك نحو((اللادينية)) sccuiarism)) فى كل مرافق الحياة، ويبتعد فى سيره رويداً رويداً عن طريق الدين0


ولكن العملية سارت بطيئة ومتدرجة، حتى كان القرن التاسع عشر00 قرن الأحداث الكبرى فى التاريخ الأوروبى00


حدثان اثنان من بين الأحداث حددا خطوط التاريخ00


الداروينية00 والانقلاب الصناعى00


وكأنما كان على ميعاد! على ميعاد لتحطيم ما بقى من بناء العصور الوسطى، أو- بالأحرى- ما بقى من جاهلية العصور الوسطى، لإقامة بناء جاهلى جديد، شامخ مرتفع00 جاهلية العصر الحديث0


الداروينية رجت العقيدة رجاً عنيفاً فى عالم النظريات والأفكار، والانقلاب الصناعى00 فى عالم التطبيق!


* * *


ولد دارون سنة1809، وفى سنة1859 أصدر كتابه فى((أصل الأنواع)) ونشر كتابه فى((أصل الإنسان)) سنة1871 0


وبعد ذلك توالت الأحداث فى عالم العقيدة وعالم الأفكار0


لقد انطلق المارد من القمقم، ولم يعد إلى رده سبيل00 مارد اسمه((التطور))!


مارد غاشم يكتسح كل شئ فى سبيله، ويصر على تحطيم كل شئ((ثابت)) فى الطريق!


وقد تحدثت فى كتاب((التطور والثبات)) وفى كتب أخرى عن الرجة التى أحدثتها الداروينية فى عالم العقيدة، وفى الفكر الأوروبى كله، ولا أملك هنا إعادة الحديث كله0 فأكتفى بسرده فى عبارة موجزة حتى نعود إليه مرة أخرى فيما يلى من الفصول0


إن فكرة التطور لم تنحصر فى الدراسة المعملية التى قام عليها دارون، ولا كان فى الإمكان أن تنحصر فى هذا النطاق0 وإنما انطلقت تصيب العلماء والجماهير، فتدير رءوسهم حتى لم يعودوا يرون شيئاً((ثابتاً)) فى الوجود كله، حتى فكرة العقيدة00 حتى فكرة الله!


وقامت الحرب العنيفة بين الكنيسة وبين دارون0 هى تتهمه بالإلحاد وهو يتهمها بالجهالة والتخريف00 ووقفت الجماهير فى مبدأ الأمر مع الكنيسة، فقد عزت عليها عقيدتها، وعز عليها أن يصورها دارون فى صورة حيوانية هابطة0 ولكنها عادت فوقفت فى صف دارون، لأنها وجدتها فرصة سانحة لتحطيم ما بقى من سلطان الكنيسة الجائر الذى تستذل به الرقاب00


وانجلت المعركة عن انحسار الدين، وانتصار المارد المنطلق من القمقم لا يقف فى طريق شئ00


* * *


وفى أثناء ذلك كان الانقلاب الصناعى يدك الأرض دكاً، ويقلب صورة المجتمع كله ليقيم بناءه الجديد00


بناء منفصل عن العقيدة00


كل شئ فيه يحارب الدين أو يجافيه00


الرأسمالية الطاغية لا تقف عند حد فى امتهان((وصايا)) الدين كله0 فهى تسرق وتنهب وتقتل وتسفك الدماء0 وهى تلهى الناس عن حياتهم الجادة البسيطة، لتحصل على مزيد من الأرباح من بيع أدوات الترف والزينة والفساد[إلى جانب ما تقدمه لهم من نفع بطبيعة الحال] 0 وهى تخرج المرأة لتعمل بحثاً عن لقمة الخبز، ثم تستغلها لتحطيم حركات العمال من الرجال، الثائرين على استغلال الرأسمالية لهم واستهلاك طاقتهم لقاء الأجر الزهير00 وفى الطريق تفسد أخلاقها مقابل الحصول على لقمة القوت00 وهى تجمع العمال الشبان فى فترة الشباب الفاره بعيداً عن أسرهم، فتنشر بينهم الفساد الخلقى، وتسير لهم حل((أزمتهم)) عن طريق البغاء0


وهكذا 00 وهكذا تدك معاقل العقيدة ومعاقل الأخلاق00


* * *


ولكن الأمر لم يكن مقصوراً على الداروينية والانقلاب الصناعى00




لقد كانت هنالك الشياطين!


كانت اليهودية العالمية تترقب الفرصة السانحة لتحقيق حلمها الكبير00 حلم السيطرة على البشرية00 على((الأميين))([2])0


إن التلمود يقول لهم: إن الأممين هم الحمير الذين خلقهم الله ليركبهم شعب الله المختار!


وتعاليمهم السرية تقول لهم: تربصوا حتى تجدوا الغفلة التى تثبون فيها على ظهور الحمير0


ولقد فرحت اليهود العالمية أيما فرحة بمولد((النهضة)) الأوروبية على أساس لا دينى00 فذلك نصف الطريق نحو تحطيم العقيدة الأوروبية0 والعقيدة هى العدو الدائم لليهود العالمية0 فهى العقدة الصلبة التى تقاوم مكر الشياطين، فإذا انحلت العقدة فقد سهل على الشياطين حينئذ أن يركبوا الحمير0


لقد قال تعالى للشيطان: ((إن عبادى ليس لك عليهم سلطان، إلا من اتبعك من الغاوين))([3])0  


وقال تعالى عنه: ((إنه ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون))([4])0


وقال: ((إنما سلطانه على الذين يتولونه، والذين هم به مشركون))([5])0 


وقد ظل أعوان الشيطان وأولياؤه من شياطين اليهود العالمية يتربصون حتى أمدتهم الظروف بالحدث الضخم أو الحدثين التاريخيين: الداروينية، والانقلاب الصناعى!


ربما لم يكن دارون شيطاناً .. ربما لم يكن يريد الشر بالبشرية 0


ربما كان عالماً يروى ما يعتقد أنه الحق. وعلى الرغم من الأخطاء التى ارتكبها فى نظريته، والتى كشفت عنها الداروينية الحديثة ذاتها Neo Darwinism، رغم إيمانها بمبدأ الداروينية.. إذ آمن دارون بحيوانية الإنسان، وكشف العلم بعد ذلك عن تفرد الإنسان حتى فى كيانه البيولوجى البحت، فضلاً عن كيانه النفسى والعقلى والروحى 00 على الرغم من هذه الأخطاءب فى نظرية دارون، فربما لم يكن هو سيئ النية فى تقديم نظريته، وإن كان من العسير تبرئته من الخطأ فى فصل نظريته عن مفاهيم الدين حيث يقول : ((إن تفسير الحياة بتدخل الله يكون بمثابة إدخال عنصر خارق للطبيعة فى وضع ميكانيكى بحت))! وحيث يقول : ((إن الطبيعة تخلق كل شىء، ولا حد لقدرتها"!


ولكن شياطين اليهود هم الذين توفرت فيهمن الخبائث من سوء النية إلى التخريب المتعمد لكيان البشرية 0


يقول كتاب (بروتوكولات حكماء صهيون) : ((إن دارون ليس يهوديا، ولكنا عرفنا كيف ننشر آراءه على نطاق واسع، ونستغلها فى تحطيم الدين " 0


ويقول الكتاب : ((لقد رتبنا نجاح دارون وماركس ونيتشه ، بالترويج لآرائهم. وإن الأثر الهدام للأخلاق الذى تنشئه علومهم فى الفكر غير اليهودى، واضح لنا بكل تأكيد " 0


        لقد استغلتت اليهودية العالمية نظرية الداروينية ونظرية التطور أبشع استغلال لتحطيم كال فضيلة باقية فى الجاهلية الأوروبية، على يد ثلاثة من أكبر علمائها: ماركس وفرويد ودركايم([6]) راحوا كلهم يتحدثون عن الدين بزراية وتحقير، ويلوثون صورته فى نفوس الجماهير :


دركايم يقول إن الدين ليس فطرة !


وماركس يقول إن الدين أفيون الشعب. ويقول إنه مجموعة من الأساطير ابتدعها الإقطاعيون والرأسماليون لتخدير الجماهير الكادحة، وتلهيتها بنعيم الآخرة عن حياة الحرمان فى الأرض!!


وفرويد يقول إن الدينن ناشئب من الكبت. من عقدة أوديب. من العشق الجنسى الذى يحسه الولد نحو أمه. من رغبة الابن فى قتل أبيه !!


وراح ثلاثتهم يحطمون الأخلاق00


دركايم يقول إن الجريمة ظاهرة سوية! والزواج ليس من الفطرة! والأخلاق شىء لا يمكن الحديث عنه ككيان ثابت. وإنما كل ذلك من صنع ((العقل الجمعى)) الذى لا يثبت على حال، وينتقل من النقيض إلى النقيض0


وماركس يقول إن الأخلاق مجرد انعكاس للوضع الاقتصادى المتطور على الدوام وليست قيمة ثابتة0


وفرويد يقول إنها تتسم بطابع القسوة حتى فى صورتها الطبيعية العادية. وهى كبت ضار بكيان الإنسان!


ولم تقف المؤامرة عند هذا الحد 00 وإنما حرصت على إخراج المرأة من بيتها إلى الطريق0


        ماركس يقول إن المرأة لابد أن تعمل 00


        ودركايم يقول لها إن الزواج ليس فطرة 00 !


        وفرويد يتلقفها فيقول لها إنها لابد أن تحقق كيانها تحقيقاً جنسياً خالصاً من القيود.


        ثم لا تكتفى اليهودية العالمية بالعمل فى عالم النظريات 00 إنما تعمل فى نطاق الواقع 0


        فإذا كانت قد استغلت فكرة التطور الداروينية على هذه الصورة التى لم تخطر لدارون على بال، فإنها كذلك تستغل الانقلاب الصناعى فتجعله قائماً على الفساد00


        فالرأسمالية بدعة يهودية يتسغل فيها المرابون اليهود نشاطهم الربوى الشيطانى0


        والرأسمالية لا تكتفى بانتاج النافع من المواد ولا تقتصر على النافع من المشروعات0


        فهناك ((السينما)) وهى مؤسسة يهودية قبل كل شىء، تسعى سعياً حثيثاً جاهداً لإفساد الأولاد والبنات بما تعرض عليهم من فتنة الجنس0


        وبيوت الأزياء وبيوت الزينة كل همها أن تجعل المرأة – التى أخرجها ماركس تعمل – فتنة للرجل، تشغل باله بالفتنة والإغراء، وتحل فى قلبه عقدة العقيدة00


        وينقلب العالم إلى ماخور يعج بالشهوات الدنسة يغرق فيها الرجال والنساء إلى الآذان0


        وعندئذ يثب اليهود على ظهور الحمير، ويحققون الحلم الشيطانى الأكبر الذى ترسمه كتبهم ((المقدسة)) المشحونة بذلك الإيحاء الخبث00


* * *


        وفى النهاية تكون الجاهلية قد سيطرت على كل الأرض 00




        فأوروبا التى نبتت فيها الجاهلية من جذور ضاربة فى التاريخ، هى المسيطرة اليوم على البشرية.. ومفاهيمها الجاهلية هى المسيطرة على مفاهيم الناس0


        فالجاهلية اليونانية، والجاهلية الرومانية، وجاهلية العقيدة المحرفة فى العصور الوسطى، وجاهلية الانفصال الكامل عن الدين فى ظل الداروينية والانقلاب الصناعى،00 كلها مجتمعة هى الجاهلية الحديثة 00 جاهلية القرن العشرين0


        وهى ليست مقصورة على أوروبا، لأن أوروبا قد جاست خلال الأرض كلها بالنفوذ الاستعمارى، فنشرت مفاهيمها الجاهلية فى كل مكان جاست فيه، وصارت الجاهلية فى كل الأرض هى صاحبة السلطان0


        والآن قد ألممنا بهذه الصفحة من التاريخ 0


        فلنتحدث عن ((ملامح)) الجاهلية الحديثة0




[1] لم يعرف التاريخ ((للعرب)) حضارة متميزة إلا بالإسلام. ولم تكن الحضارة الإسلامية حضار ((للعرب)) كجنس. إنما كانت نتاج الإسلام ذاته، من جميع العناصر المسلمة التى دخلت فى الإسلام. وهى تحمل طابع الإسلام لا طابع العرب، الذين يكونون عنصراً واحداً من العناصر الكثير التى صنعت هذه الحضارة0


[2] هذا تعبير القرآن: ((ذلك بأنهم قالوا ليس علينا فى الأميين سبيل)) وأنا أفضله على كلمة((الأمميين)) التى تترجم إليها كلمة Gentiles  أى كل الأمم عن غير اليهود0


[3] سورة الحجر  [42]0


[4] سورة النحل [99]0


[5] سورة النحل [100]0 


[6] انظر فصل ((اليهود الثلاثة)) فى كتاب ((التطور والثبات فى حياة البشرية))0


Previous Post Next Post