معنـــــى الحـــــــق

معنى الحق في اللغة:

الحق: مصدر حق الشيء يحق إذا ثبت ووجب، وجمع الحق حُقوق وحقاق، والحق نقيض الباطل؛ قال تعالى: "بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ"

وقال الراغب: أصل الحق المطابقة والموافقة.

وللحق إطلاقات كثيرة منها؛ العدل، والمال، والصدق، والموت، والحزم، والملك، والبيِّن، والواضح.

ويطلق الحق على الحصة، والحظ، والنصيب؛ ومنه قوله تعالى: "وَفِــي أَمْــوَالِهِمْ حَــقٌّ لِلسَّائِلِ الْمَحْرُومِ".

 خلاصة القول:

        إن أصل الحق هو المطابقة والموافقة ولم تخرج استعمالاته عن الوجوب والثبات واللزوم.

معنى الحق اصطلاحاً:

        لم يهتم العلماء القدامى بتعريف الحق في الاصطلاح وذلك لوضوح معناه؛ لذا ما ورد عندهم له كان قليلاً، وكان تعريفهم للحق لا يبتعد عن التعريف اللغوي، ويمكن الإشارة لبعض التعريفات، ثم الانتقال لتعريف المعاصرين للحق؛ حيث إن العلماء في العصر الحديث اهتموا بالحق؛ وذلك انطلاقاً من اهتمام المجتمع الإنساني بالحق في جوانب متعددة من جوانب الحياة.

تعريف الحق عند العلماء القدامى:

وعرف الإمام زين العابدين بن نجيم الحق بقوله: (الحق ما يستحقه الرجل) ، وهو تعريف يكتنفه الغموض، لأنه لفظ "ما" عام يشمل المنافع والأعيان والحقوق، كما أنه مبهم وغير واضح.

عرف التفتازاني الحق بأنه "الحكم المطابق للواقع ويطلق على الأقــوال والعقائــد والأديـان والمذاهب ويقابله الباطل".

شرح التعريف:

 (الحكم): يشمل الحكم بمفهوم الأصوليين ومفهوم الفقهاء؛ أي يقصد به خطاب الله القديم المتعلق بأفعال المكلفين بالاقتضاء أو التخيير أو الوضع، وعند الفقهاء ما ثبت بالخطاب لا الخطاب نفسه أي الأثر المترتب على خطاب الله؛ كالوجوب والحرمة، فحكم الصلاة (الوجوب) ودليله قوله تعالى: "وَأَنْ أَقِيمُوا الصَّلَاةَ".

(المطابق للواقع): الموافق للعقل.

نلاحظ أن العلماء القدامى اعتمدوا في تعريفهم للحق على المعنى اللغوي للحق من حيث الوجوب والإثبات والمطابقة للواقع.

تعريف الحق عند العلماء المعاصرين:

عرف الخفيف الحق بأنه "ما ثبت بإقرار الشارع وأضفى عليه حمايته".

عرف الزرقا الحق بأنه "اختصاص يقرر به الشرع سلطة أو تكليفاً"

عرف الدريني الحق بأنه "اختصاص يقر به الشرع سلطة على شيء، أو اقتضاء أداء من آخر تحقيقاً لمصلحة معينة"

 شرح التعريف:

قوله (اختصاص يقر به الشرع سلطة).

(اختصاص): الانفراد والاستئثار وهو جنس في التعريف يشمل جميع الحقوق؛ سواء كان لشخص حقيقي كالإنسان، أو معنوي كالدولة والوقف وغيرها من شخصيات اعتبارية، ويختص مستحقه بالانتفاع به ولا يملك أحد مزاحمته، وهو قيـد تخـرج الإبـاحات والحقـوق العامـة إذ لا اختصاص فيها.

(يقرر به الشرع): قيد يخرج الاختصاص الواقعي دون الشرعي كالغاصب والسـارق؛ فـهنا لا شرعية في اختصاصه.

(سلطة): والسلطة قرين لا ينفك عن الاختصاص إذ لا معنـى يتـحقق  للاختصـاص إلا بتلك السلطة على ما اختص به، وتشمل سلطة شخص على شخص كحق الولاية على النفس، وسلطته على شيء معين كحق الملكية وغير ذلك.

 (أو اقتضاء أداء): يقصد به ما يلزم فعله على جهة الإيجاب كقيام الأجير بعمله، أو ما يلزم فعله على جهة السلب كالامتناع عن الانتفاع بالمرهون.

(تحقيقاً لمصلحة معينة): قيد؛ إذ غاية الشرع هي تحقيق المصلحة، ومتى كان الحق وسيلة تتنافى مع غاية الحق كالإضرار بالآخرين بتحليل الربا، وإسقاط الزكاة، والاحتكار وغير ذلك انتزعت المشروعية عن هذا الاختصاص إذ فيه إضرار بالغير.

مما سبق نلاحظ أن العلماء القدامى اعتمدوا في تعريفاتهم للحق على المعنى اللغوي للحق من حيث الوجوب والإثبات والمطابقة للواقع.

وأما العلماء المعاصرون تنوعت تعريفاتهم بين تعريف الحق بالغاية أو الحقيقة.

التعريف المختار:

        إنني أميل إلى اختيار تعريف الدريني وهو " اختصاص يقر به الشرع سلطة على شيء، أو اقتضاء أداء من آخر تحقيقاً لمصلحة معينة"

        وذلك للأسباب التالية:

 أولاً: التعريف جامع لجميع أنواع الحق مانعٌ من دخول غيره.

ثانياً: التعريف يشمل جميع الحقوق سواء لله أو للأشخاص الطبيعية والاعتبارية.

ثالثاً: قيد الاختصاص بقيد المصلحة وحماية الشرع لهذه المصلحة.

تعريف الحق عند علماء القانون:

الحق: "استئثار شخص بمزية يقررها القانون له، ويخوله بموجبها أن يتصرف قيمة معينة باعتبارها مملوكة أو مستحقة".

الحق: "ميزة أو سلطة يمنحها القانون لشخص ما ويحميها بطريقة قانونية ويكون له بمقتضاها الحق في التصرف متسلطا على مال معترف له بصفته مالكا أو مستحقا له".

ونستخلص من هذا التعريف:

·       أن الحق يعبر عن سلطة يقرها القانون ويحميها.

·       أن الحق يفترض وجود شخص معين يكون صاحبا له (طبيعي-معنوي).

·   الحق يرد على قيمة معينة تكون له ماديا كعقار منقول أو قد يكون عملا كالامتناع عن عمل أو القيام به أو معنويا كالإنتاج الفكري.

·       يفترض الحق أن يكون لصاحبه سلطة الاستئثار والتسلط على حقه (حرية التصرف والاستغلال والاستعمال).

Previous Post Next Post