إشهار إفلاس الشركة من قبل المحكمة
يمتنع على المحكمة إشهار إفلاس الشركة، طالما كان أحد الشركاء موسرا تكفي أمواله لوفاء ديون الشركة، إذ لا يعتبر شرط الوقوف عن الدفع متحققا في جانب الشركة بحكم مسؤولية هذا الشريك عن ديون الشركة في جميع أمواله. فالمحكمة لا تشهر إفلاس الشركة إلا إذا ثبت لها وقوف الشركة وجميع الشركاء عن دفع ديون الشركة وقوفا ينبئ عن مركز مالي مضطرب وضائقة مستحكمة يتزعزع معها ائتمانهم وتتعرض بها حقوق دائنيهم إلى خطر محقق أو كبير الاحتمال وتقدير حالة الوقوف عن الدفع من الأمور التي تستقل فيها محكمة الموضوع دون أن تخضع في ذلك إلى رقابة محكمة التمييز([1]).
        وعلى ذلك لا يمكن أن يثبت وقوف الشركة عن الدفع ولا يثبت ذلك بالنسبة إلى بعض الشركاء، فإما أن يثبت وقوف الشركة عن الدفع ولا يثبت ذلك بالنسبة إلى الشركة والشركاء، وإما أن ينتفي عن الجميع. لذت فإن إفلاس الشركة يستتبع حتما إفلاس الشركاء المتضامنين فيها.
        وقد أوجب المشرع الكويتي أنه إذا تم شهر إفلاس الشركة وجب إفلاس جميع الشركاء المتضامنين فيها بحسب نص المادة (679) من قانون التجارة الكويتي[2] وكذلك في المادة (680) التي توجب أن تقضي المحكمة بحكم واحد بشهر إفلاس الشركة والشركاء المتضامنين فيها.
        لذا فإن الجدل الذي أثير في ظل بعض التشريعات بالنسبة لهذه المسألة بسبب عدم وجود نص خاص على هذا المبدأ، ليس له محل في ظل نصوص التشريع الكويتي التي توجب بنصوص قاطعة وصريحة، إفلاس الشركاء المتضامنين في ذات الحكم الصادر بإشهار إفلاس شركة التضامن".
        وبحكم هذه النصوص الصريحة في تشريع التجارة الكويتي، فلا محل للجدل الذي أثير أيضاً في ظل التشريعات بشأن أثر إفلاس شركة التضامن على الشركاء المتضامنين الذين لم تذكر أسماؤهم في الحكم الصادر بإشهار إفلاس الشركة أو بحكم لاحق، لأن المشرع يوجب على المحكمة أن تقضي بإشهار إفلاس جميع الشركاء المتضامنين في ذات الحكم الصادر بإشهار إفلاس الشركة، أي أن إفلاس الشركة يستتبع حتما إفلاس جميع الشركاء المتضامنين بحيث يذكر في ذات الحكم أسماء الشركاء المتضامنين الذين يشهر إفلاسهم مع إفلاس الشركة، فإذا جاء الحكم خاليا من ذكر أسماء الشركاء المتضامنين، كان الحكم معيبا مما يستوجب نقضه لمخالفة لحكم القانون.
ويشترك دائنو كل تفليسة في التوزيعات على قدم المساواة، إلا إذا كان دين أحدهم قترناً بسبب من أسباب التفضيل كرهن أو امتياز([3]). وما دامت كل تفليسة تستقل عن الأخرى بأصولها وخصومها، فإن مصير كل تفليسة تنهي بالحل الذي يتفق عليه الدائنون فيها، فقد تنتهي جميع التفليسات بالصلح أو بالاتحاد، وقد تنتهي تفليسة  الشركة وبعض الشركاء بالصلح وتفليسات باقي الشركاء بالاتحاد وقد تنتهي تفليسة الشركة بالاتحاد وتفليسات الشركاء بالصلح، ولكن لا يجوز أن تنتهي تفليسة الشركة بالصلح وتفليسات الشركاء بالاتحاد، وذلك خلافاً للرأي الراجح فقهاً الذي يجيز انتهاء تفليسة الشركة بالصلح وتفليسات الشركاء بالاتحاد([4])، بحجة أن قبول الشركاء للصلح مع الشركة يتضمن موافقتهم على بقائها رغم إفلاسهم، وهذا جائز لأن إفلاس الشريك لا يترب حل الشركة إذا وجد اتفاق على استمرارها، هذه الحجة صحيحة لو انتهت تفليسة بعض الشركاء بالصلح والبعض الآخر بالاتحاد، إذ تبقى الشركة قائمة بين الشركاء الذين حصلوا على الصلح ويخرج منها الشركاء الذين انتهت تفليساتهم بالاتحاد إلا إذا تضمن عقد الشركة شرطاً يقضي بحل الشركة إذا أفلس أحدهم (المادة 26 شركات/كويتي)، أما وأن تفليسات الشركاء انتهت بالاتحاد، فلا يجوز بقاء الشركة، مع أن ذلك يتضمن موافقة  الشركاء على بقاء الشركة رغم إفلاسهم، لأن هذه الموافقة تصطدم مع النصوص القانونية التي لا تجيز للمفلس أن يزاول الأعمال التجارية إلا إذا رد إليه اعتباره، (المادة 25/1 تجارة كويتي)، ذلك لأن أعمال الشركة تتم بعنوانها الذي يتضمن أسماء الشركاء، فكأن التعامل يتم باسم الشركاء وهذا سبب مسؤوليتهم الشخصية والتضامنية عن ديون الشركة في كل أموالهم، إذ يعتبرون في مركز من يمارس التجارة باسمه ولحسابه الخاص، وعلى ذلك يشترط في الشركاء في شركة التضامن أن يتمتعوا بالأهلية اللازمة لممارسة الأعمال التجارية وألا يقوم بهم مانع قانوني يتعلق بأشخاصهم أو بنوع المعاملة التجارية التي يباشرونها (المادة18 تجارة/كويتي)، والإفلاس مانع قانوني يتعلق بشخص المفلس بنص الفقرة الأولى من المادة 25 من قانون التجارة الكويتي([5])، لذا لا يجوز لمن أشهر إفلاسه وانتهت تفليسته بالاتحاد أن يكون شريكاً في شركة تضامن إلا إذا رد إليه اعتباره كما تقدم. ولذات الحكمة لا يجيز المشرع –كما تقدم – أن تنتهي تفليسة الشركة بالصلح إذا كانت في دور التصفية (المادة 682/1تجارة/كويتي) لأن الشركة لا تصفى إلا إذا توافر سبب قانوني لانقضائها.
على أن الأمر يختلف إذا كان موضوع الصلح تخلي الشركة عن أموالها للدائنين طبقاً لحكم المادة 714 من قانون التجارة الكويتي، إذ يترتب على هذا الصلح انقضاء الشركة بقوة القانون لهلاك رأس المال أو جزء كبير منه سبباً عاماً لانقضاء الشركات، فهذا النوع من الصلح لا يترتب عليه بقاء الشركة واستمرارها في مزاولة أعمالها لحساب الشركاء، وبذلك لا يتعارض مع النصوص القانونية التي تحرم المفلس من مزاولة الأعمال التجارية قبل رد الاعتبار إليه.
المبحث الثاني
الصعوبات القانونية الناشئة عن إفلاس شركات الأشخاص على مسؤولية الشريك الموصي والمحاص
تمهيد:
        إن الصعوبات القانونية التي تُثار بسبب إفلاس الشركات تنشأ عن سببين، أولهما شخصية الشركة المعنوية المستقلة عن أشخاص الشركاء، وثانيهما الآثار المالية والشخصية التي تنال الشركاء في بعض الأحيان وفي ظروف معينة بسبب إفلاس الشركة. ([6])
        إن إشهار إفلاس الشركات التجارية لا يكون إلا إذا كان لها شخصية معنوية مستقلة عن أشخاص الشركاء وهذا الشرط يثير صعوبات قانونية في ثلاث نواح هي: أن بعض الشركات لا تكتسب الشخصية المعنوية كشركة المحاصة، والثاني منها بسبب بطلان الشركة أو انحلالها ومدى تمتعها بالشخصية المعنوية خلال الفترة السابقة، على البطلان والثالث منها بالنسبة للشركات التي لها، -في الظاهر- شخصية معنوية، ولكنها في حقيقة الأمر مملوكة لشخص واحد بسبب تملكه لكل الحصص أو الأسهم فيها([7]).
        والأصل – كما تقدم- أن إفلاس الشركة لا يؤثر على الشركاء أو المساهمين في هذا النوع من الشركات، وإنما ينال ذمة الشركة بسبب الانفصال التام بين ذمة الشركة المالية وذمم الشركاء أو المساهمين المكونين لها، فالشريك محدود المسؤولية في هذا النوع من الشركات لا يسأل عن ديون الشركة وتعهداتها إلا بقدر ما يملك من أسهم أو حصص في رأس المال، فضمان دائني الشركة يقتصر على موجودات الشركة ولا يمتد إلى أموال الشركاء الخاصة لذا لم يكتسب الشريك محدود المسؤولية صفة التاجر بمجرد كونه شريكاً موصياً في شركة التوصية أو شريكاً في الشركة ذات المسؤولية المحدودة، أو مساهماً في شركة المساهمة فإذا توقفت هذه الشركات عن دفع ديونها وأشهر إفلاسها، فلا يستتبع ذلك  إفلاس الشركاء محدودي المسؤولية، لأن ديون الشركة لا تعتبر ديوناً خاصة بهم، كما هو الشأن بالنسبة للشريك المتضامن فما دام الشريك محدود المسؤولية قدم حصته في رأس المال كاملة أو سدد قيمة الأسهم التي اكتتب بها، فلا شأن له بعد ذلك بديون الشركة وبإفلاسها إذا امتنعت عن تسديد هذه الديون، أما إذا لم يكن قد قدم حصته في رأس المال أو لم يسدد قيمه أسهمه كاملة، كان لمدير تفليسة الشركة، بعد استئذان قاضيها، أن يطالب الشريك بدفع الباقي من حصته أو قيمة أسهمه ولو لم يحل ميعاد الاستحقاق، ويجوز لقاضي التفليسة أن يأمر بقصر هذه المطالبة على القدر اللازم لوفاء ديون الشركة([8]) وتتم مطالبة الشريك وفقاً للقواعد العامة، فإذا امتنع عن الدفع يتم التنفيذ على أمواله عن طريق الحجز، إلا  إذا كان الشريك تاجراً، فيجوز لمدير التفليسة عندئذ أن يطلب من المحكمة شهر إفلاسه([9]).
        ونرى أن طلب بطلان الشركة بعد الحكم بإشهار إفلاسها يعود فيه الاختصاص إلى مدير التفليسة فقط، فلا يجوز ذلك لدائن الشركة، لأن الدعوى تتعلق بمصلحة جماعة الدائنين التي يمثلها قانوناً مدير التفليسة، إذ يترتب على صدور الحكم بإشهار إفلاس الشركة أن يكون دائنوها جماعة تتمتع بالشخصية بالمعنوية يمثلها وكيل عنهم- وهو مدير التفليسة – يتخذ  باسمهم الإجراءات اللازمة لإدارة أموال الشركة ولمحافظة عليها حتى يتم بيعها وتوزيع ثمنها بين الدائنين كل بنسبة دينه، ويستفاد هذا الحكم من نص المادة (597)([10]) من قانون التجارة الكويتي التي حرمت على الدائنين اتخاذ الإجراءات الفردية ضد الشركة بعد صدور الحكم بإشهار إفلاسها، لأن اتخاذ مثل هذه الإجراءات لا يتفق والحكمة من تكوين حمالة الدائنين، كما لا يجوز للشريك أو المساهم في الشركة طلب بطلان الشركة، لأن دعوى البطلان تتعلق بمصلحة جميع الشركاء أو المساهمين في الشركة، ومدير التفليسة هو الممثل القانوني للشركة بعد الحكم بإفلاسها، إذ يتولى إدارة أموالها والمحافظة عليها، وينوب عنها في جميع الأعمال التي تقتضيها هذه الإدارة. ([11])
        وعدم تأثر الشركاء محدودي المسؤولية بإفلاس الشركة يتطلب أن يُراعي الشريك الأحكام القانونية الخاصة بهذه الشركات([12])، وبصورة خاصة القواعد الخاصة بإعلام الغير بمسؤوليته المحدودة وعدم التزامه بديون الشركة بما يجاوز قيمة ما يملك من حصص أو أسهم في رأس مال الشركة، فإن خالف ذلك امتد أثر الإفلاس إليه، وقد يستتبع ذلك إفلاسه وما يترتب على ذلك من آثار تناله في ماله وفي شخصه، كما هو الشأن بالنسبة إلى الشريك الموصي الذي يتدخل في إدارة الشركة([13]) أو الذي يذكر اسمه في عنوان الشركة([14]). وكذلك الشريك أو المساهم الذي يسيطر على الشركة ويقوم تحت ستارها بأعمال تجارية لحسابه الخاص ويتصرف في أموال الشركة كما لو كانت أمواله الخاصة، وبطبيعة الحال إذا أشهر إفلاس الشريك محدود المسؤولية كنتيجة لإشهار إفلاس الشركة، فلا يقتصر أثر الإفلاس على ذمته المالية، بل يناله في شخصه فتسقط عنه الحقوق السياسية والمهنية، فلا يجوز له أن يكون مرشحاً أو ناخباً في المجالس السياسية والمهنية، ولا أن يقوم بوظيفة أو مهنة عامة، ولا أن يكون عضواً في مجلس إدارة أية شركة، وذلك كله إلى أن يرد إليه اعتباره وفقاً للقانون.
        وفي بعض الأحيان قد لا يستتبع إفلاس الشركة إفلاس الشريك محدود المسؤولية، وإنما يمتد أثر الإفلاس إلى ذمته المالية، إذا ما كان مديراً للشركة أو عضواً في مجلس إدارتها بحيث يلزم جميع أعضاء مجلس الإدارة أو المديرين أو بعضهم، بالتضامن أو بدون تضامن بدفع ديون لشركة كلها أو بعضها إذا تبين بعد إفلاس الشركة أن موجوداتها لا تكفي لوفاء 20% على الأقل من ديون الشركة، قبل وقد تمتد هذه المسؤولية المالية إلى المدراء من غير الشركاء([15]).
        وعلى ذلك سنبحث الحالات التي يمتد فيها أثر إفلاس الشركة، كشخص قانوني مستقل بذاته له أهلية وذمة مالية مستقلة عن ذمم الشركاء المكونين له، إلى الشريك الموصي، والشريك أو المساهم المسيطر على الشركة.
الشريك الموصي:
        تقدم أن إفلاس شركة التوصية لا يمتد إلى الشريك الموصي، فلا يناله حكم الإفلاس في ماله ولا في شخصه، بحكم مسؤوليته المحدودة عن ديون الشركة وتعهداتها وعدم اكتسابه لصفة التاجر لمجرد كونه شريكاً موصياً في الشركة، غير أن ذلك مشروط بعدم مخالفة الشريك الموصي للأحكام القانونية التي تخضع لها شركة التوصية، فالنظام القانوني الذي تخضع له هذه الشركة يمنع الشريك الموصي من التدخل في إدارة الشركة ومن ذكر اسمه في عنوانها حماية للغير الذي يتعامل مع الشركة وللشركاء المتضامنين الذين يسألون عن ديون الشركة وتعهداتها في كل أموالهم، فإذا خالف الشريك الموصي هذه الأحكام وأشهر إفلاس الشركة، فإن اثر ذلك قد يمتد إلى ذمته المالية فيسأل عن ديون الشركة، وقد   يستتبع ذلك إفلاسه.
        فالمشرع نظم الأحكام الخاصة بإدارة شركة التوصية بصورة توفق بقدر الإمكان بين مصالح الشركاء المتضامنين الذي يسألون عن ديون الشركة وتعهداها في كل أموالهم ومصالح الشركاء الموصين الذي لا يسألون عن ديون الشركة وتعهداتها إلا بقدر حصصهم في الشركة فجعل الإدارة الفعلية للشركة من حق الشركاء المتضامنين ومنح الشركاء الموصين حق الرقابة والإشراف وعلى ذلك لا يجوز للشريك الموصي أن يتدخل في إدارة الشركة وذلك حماية لشركاء المتضامين من اندفاع الشريك الموصي في إدارة الشركة اندفاعا مبعثه تحديد مسؤوليته عن ديون الشركة، فيقوم بمضاربات غير مدروسة تعرض الشركة لخسارة كبيرة، كما قصد بذلك حماية الغير الذي يتعامل مع الشركة معتقداً أن من يتولى الإدارة شريك متضامن يسأل عن ديون الشركة، في كل أمواله ثم يضح بعد ذلك أنه شريك موصٍ لا يسأل عن ديون الشركة إلا بقدر حصته، فحتى لا يقع الغير، في مثل هذا الخطأ فضلاً عن حماية الشركاء المتضامنين منع المشرع الشريك الموصى من التدخل في أعمال الإدارة([16]).
        وإذا خالف الشريك الموصي الحظر المفروض عليه وتدخل في أعمال الإدارة الخارجية فإنه يكون مسؤولاً مسؤولية شخصية وعلى وجه التضامن مع الشركاء المتضامنين عن الدين الناشئ عن العمل الذي قام به لحساب الشركة أي أنه يعتبر بالنسبة للعمل الذي قام به لحساب الشركة في حكم الشريك المتضامن. وعلى ذلك إذا أشهر  إفلاس شركة التوصية بسبب وقوفها عن دفع ديونها وثبت للمحكمة أن الشريك الموصي تدخل في أعمال الإدارة الخارجية امتد أثر الإفلاس إلى ذمته المالية ويلزم بدفع الديون الناشئة عن الأعمال التي قام بها بالتضامن مع الشركة والشركاء المتضامين، حتى ولو جاوزت تلك الديون مقدار حصته في رأس مال الشركة، غير انه لا يعتبر بسبب ذلك  شريكاً متضامناً يكتسب صفة التاجر فيشهر إفلاسه بإفلاس الشركة.
        وإذا تكرر تدخل الشريك الموصي في أعمال الإدارة الخارجية جاز اعتباره في حكم الشريك المتضامن فيسأل مسؤولية تضامنية مطلقة عن جميع ديون الشركة أو بعضها بسبب جسامة الأعمال وتكرارها، وبحسب ائتمان الغير له بسبب هذه الأعمال([17])، والأمر في ذلك متروك لسلطة المحكمة التقديرية فإذا وجدت المحكم أن الأعمال التي قام بها الشريك الموصي لها من الأهمية والخطورة ما يجعل الغير على الاعتقاد أن هذا الشريك مسؤول مسؤولية غير محدودة، جاز لها الحكم بمسؤوليته عن جميع ديون الشركة ولو لم تكن ناتجة عن أعمال الإدارة التي قام بها.
        وإذا تقررت مسؤولية الشريك الموصي الشخصية والتضامنية عن ديون الشركة أو عن بعضها فإنه يكتسب صفة التاجر – وفقاً للرأي الغالب- ويجوز شهر إفلاسه بإفلاس الشركة إذا كانت الأعمال التي قام بها كافية لتكوين ركن الاحتراف الذي يتطلبه المشرع([18]) كشرط لاكتساب صفة التاجر([19]).
        بل يذهب بعض شراح القانون التجاري ومن هؤلاء الدكتور عزيز العكيلي إلى أن الشريك الموصي يكتسب صفة التاجر في كل الصور التي تتقرر فيها مسؤوليته الشخصية عن جميع ديون الشركة طبقاً لتقدير المحكمة لأن الفرض في هذه الصورة هو أنه قد قام بأعمال تجارية على درجة كبيرة من الأهمية تكفي لظهوره بمظهر التاجر أمام الغير([20]).
        على أن البعض من شراح القانون التجاري يخالف الرأي الراجح ومن هؤلاء الدكتور طعمه الشمري الذي ذهب إلى أن تدخل الشريك الموصي في أعمال الإدارة ومسؤوليته الشخصية والتضامنية مع الشركاء، عن التزامات الشركة لا يؤدي إلى اكتساب صفة التاجر وبالتالي لا يشهر إفلاسه بإشهار إفلاس الشركة ولو كان مسؤولاً عن كل ديون الشركة بسبب تكرار وجسامة تدخله في أعمال الإدارة فالمسؤولية التضامنية عن ديون الشركة لا تكفي وحدها لإعطاء صفة التاجر([21]). فالشخص لا يصبح تاجراً رغماً عن إرادته إن لم يتخذ من الأعمال التجارية حرفة له، وما تحميله للمسؤولية التضامنية عن ديون الشركة إلا نوعاً من الجزاءات المدنية التي تفرض عليه كنتيجة لتدخله في أعمال الإدارة([22]).
         على أننا لا نتفق مع الرأي المخالف ونرى سلامة الرأي الغالب الذي يضفي صفة التاجر على الشريك الموصي الذي تقرر مسؤوليته الشخصية والتضامنية عن جميع التزامات الشركة إذا كانت أعمال الإدارة التي قام بها كافية لتكوين ركن الاحتراف الذي يتطلبه المشرع لاكتساب الشخص صفة التاجر، فشرط ممارسة الأعمال التجارية على سبيل الاحتراف لاكتساب صفة التاجر متوافر بشأن الشريك الموصي الذي يتدخل في أعمال الإدارة متى كانت هذه الأعمال على درجة كبيرة من الأهمية والخطورة تكفي لظهوره بمظهر التاجر فيوليه الغير ائتمانه ويتعامل معه على هذا الأساس. إذ يعتبر الشريك الموصي في هذه الحالة في حكم من يحترف التجارة باسم مستعار أو مستتراً وراء شخص آخر فثبت له صفة التاجر،  فضلاً عن ثبوتها لشخص الظاهر وفقاً لحكم الفقرة الثانية من المادة الرابعة عشرة من قانون التجارة الكويتي فالشركة كشخص قانوني تثبت لها صفة التاجر، لأنها  الشخص الظاهر الذي تم العمل باسمها، والشريك الموصي الذي تدخل في أعمال الغدارة الشخص المستتر الذي قام بأعمال تجارية باسم الشركة على درجة كبيرة من الأهمية تكفي لظهوره بمظهر التاجر أمام الغير.
        أما القول بأن مسؤولية الشريك الموصي التضامنية عن ديون الشركة أتت على سبيل الاستثناء والاستثناء لا يُقاس عليه، فقول مردود، إذ ليس في المسألة قياس، وإنما تكييف للمركز القانوني للشريك الموصي بعد تدخله في أعمال الإدارة.
        فالشريك الموصي الذي تدخل في أعمال الإدارة متى كانت الأعمال التي قام بها كافية لتكوين ركن الاحتراف يعتبر في حكم الشريك المتضامن فيكتسب صفة التاجر ويشتهر إفلاسه بإشهار إفلاس الشركة وإن كان احترافه للأعمال التجارية قد تم لحساب الشركة، غير أن الحالة الظاهرة وحماية الثقة التي خلقها ظهوره بمظهر التاجر واعتمد عليها الغير، فمنحه ثقته وائتمانه هذه الحالة الظاهرة يجب تدعيمها وحمايتها وبالتالي إضفاء صفة التاجر عليه حماية للثقة التجارية وتحقيقاً للعدالة.
        على أن اعتبار الشريك الموصي في حكم الشريك المتضامن إذا قام بأعمال الإدارة الخارجية لا يغير من حقيقة مركزه كشريك موصٍ في العلاقة بينه وبين بقية الشركاء بحيث يستطيع أن ير جع عليهم بما دفعه زيادة على حصته في الشركة كنتيجة لقيامه بأعمال الإدارة الخارجية إذا قام بهذه الأعمال بناء على توكيل منهم، أما إذا قام بأعمال الإدارة دون توكيل من الشركاء، فإن أعماله لا تلزم الشركة أصلاً ولا يرجع بشأنها على بقية الشركاء([23])، إذ يعتبر في حكم من يعمل باسمه ولحسابه فيسأل عن أعماله بصورة شخصية في جميع أمواله، ومع ذلك يستطيع الشريك الموصي- في هذا الفرض- أن يطالب الشركاء المتضامنين بما دفع زائداً عن نصيبه متى عادت أعماله على الشركة بفائدة تطبيقياً لحكم القواعد العامة في الإثراء بلا سبب أو الفضالة، على أن يكون الرجوع في حدود ما عاد على الشركة من فائدة.
        وبحكم أن الشريك الموصي لا يسأل عن ديون الشركة وتعهداتها إلا بقدر حصته في الشركة، فإن المشرع لا يجيز أن يتضمن عنوان الشركة اسم أحد الشركاء الموصين، وإنما يتكون هذا العنوان من أسماء الشركاء المتضامنين أو اسم واحد منهم أو أكثر مع إضافة كلمة وشركائه، وحكمة ذلك حماية الغير الذي يتعامل مع الشركة، حتى لا يخطئ هذا الغير في حقيقة مركز الشريك الموصي الذي ذكر اسمه في عنوان الشركة فيعتقد أنه شريك متضامن فيولي الشركة ثقته وائتمانه اعتماداً على مسؤوليته غير المحدودة عن التزامات الشركة. فإذا خالف الشريك الموصي هذا لمنع ورضي بذكر اسمه في عنوان الشركة أو علم بذلك ولم يعترض أصبح مسؤولاً قبل الغير عن جميع ديون الشركة كما لو كان شريكاً متضامناً متى كان الغير حسن النية، أي يجهل شريك موصٍ([24]).
        ولكن ذكر اسم الشريك الموصي في عنوان الشركة لا يغير من حقيقة مركزه القانوني قبل الشركاء إذ يظل بالنسبة إليهم شريكاً موصياً، فيحق له أن يرجع عليهم إذا لزم بدفع ديون الشركة للغير وكان تتزيد عن مقدار حصته في رأس مال الشركة([25]).
        أما إذا وضع اسم الشريك الموصي في عنوان الشركة، بغير علمه أو رغم معارضته بقيت مسؤوليته قبل الغير محدودة بقدر حصته. ويقع عليه عبء إثبات عدم علمه بذلك أو أنه بعد علمه قام بالإجراءات اللازمة لشطب اسمه من عنوان الشركة، كأن يثبت أنه نشر في الصحف تصحيحاً للعنوان وتحذيراً وقدم طلبا للسجل التجاري لشطب اسمه من عنوان الشركة. كما يستطيع المطالبة بالتعويض عن الأضرار الناتجة عن سوء استعمال اسمه إذا ثبت أن قصد الشركاء من وضع اسم الشريك الموصي في عنوان الشركة السعي لخلق ائتمان وهمي للشركة فإن هذا العمل يعد من قبيل النصب المعاقب عليه جزائيا([26]).
        والشريك المسيطر قد يكون شريكا موصيا في شركة توصية أو شريكا في شركة ذات مسؤولية محدودة، أو مساهما في شركة مساهمة، ولكن في الغالب يكون شريكا في شركة مساهمة أو شركة ذات مسؤولية محدودة يتخذها الشريك ستارا يخفي نشاطه التجاري الذي يتم باسم الشركة لحسابه الخاص، ذلك لأن الشريك الموصي ممنوع من التدخل في إدارة الشركة بسبب مسؤوليته المحدودة، إذ يصعب عملا أن يسيطر شريك موص على شركة التوصية ويتصرف بأموالها كما لو كانت أمواله الخاصة، ولكن ذلك ليس مستحيلاً([27]).
        والشريك المسيطر يلجأ إلى هذه الوسيلة في التعامل بهدف تحديد مسؤوليته عن أعمال الشركة بحيث يحمل الشركة الخسائر التي قد تنتج عن الأعمال التي تتم باسمها، والاستئثار بالأرباح التي قد تتحقق من هذه الأعمال فإذا توقفت الشركة عن دفع ديونها وأشهر إفلاسها، فلا يناله إفلاس الشركة في ماله ولا في شخصه، ويقتصر أثر الإفلاس على ذمة الشركة المالية المنفصلة عن ذمم الشركاء كما تقدم([28]).
        ويصل الشريك المسيطر إلى هدفه، عن طريق تأسيس شركة حقيقية يتملك معظم أسهمها أو حصصها، سواء كانت هذه الأسهم أو الحصص مملوكة له أو مملوكة له ولأشخاص مسخرين من قبله، بحيث يسيطر على إدارتها، وذلك بأن يفرض إرادته على إرادة الشركاء الآخرين في الجمعية العامة، فتصبح إرادة هذه الجمعية هي الإرادة الفردية لهذا الشريك. إذ يعتبر الشريك في هذه الحالة في حكم من يمارس التجارة تحت اسم مستعار، فيكتسب صفة التاجر ويشهر إفلاسه بإفلاس الشركة مع أنه لا يباشر العمل التجاري باسمه بل باسم الشركة([29]).
        على أن مجرد تملك الشريك لمعظم أسهم أو حصص الشركة وسيطرته على الشركة وفرض إرادته على إرادة الشركاء في الجمعية العامة، لا يكفي وحده لاعتباره في حكم الشريك المتضامن الذي يعتبر مسؤولا عن ديون الشركة وتعهداتها، فيشهر إفلاسه بإفلاس الشركة، وإنما يتطلب الأمر أن يتخذ الشريك من سيطرته على الشركة وسيلة للغش أو لإساءة استخدام الحق لتحويل نشاط الشركة لحسابه، بأن يقوم تحت ستار هذه الشركة بأعمال تجارية لحسابه الخاص ويتصرف في أموال الشركة كما لو كانت أمواله الخاصة بحيث تصبح الشركة كما لو كانت مشروعا فرديا خاصا به. وهذا الشرط الأخير واضح في قانون التجارة الكويتي التي أجازت للمحكمة أن تقضي بشهر إفلاس كل شخص قام تحت ستار الشركة بأعمال تجارية لحسابه الخاص وتصرف في أموال الشركة كما لو كانت أمواله الخاصة([30]).
        مع أن المبدأ الذي أخذت به الفقرة الأولى من المادة (683) يجيز للمحكمة أن تمد إفلاس الشركة إلى كل شخص، شريكا كان أو غير شريك، متى ثبت لها توافر الشروط التي نصت عليها هذه الفقرة، غير أنه يصعب عملا أن يسيطر شخص غير شريك على الشركة ويعمل باسمها لحسابه الخاص ويتصرف في أموالها كما لو كانت أمواله الخاصة إلا إذا كان مديرا للشركة، أي يصعب أن يتخذ غير شريك من الشركة ستارا يخفي نشاطه الشخصي. وعلى كل حال فإن النص جاء مطلقا يشمل كل من يخفي نشاطه الشخصي وراء الشركة، ويعمل باسمها لحسابه، سواء كان شريكا أو غير شريك، وسواء كان مديراً أو غير مدير ويلزم لتطبيق هذا النص توافر شرطين([31]):
1.    أن يقوم الشخص تحت ستار الشركة بأعمال تجارية لحسابه الخاص، أي أنه يباشر أعمالاً تجارية باسم الشركة لحسابه الخاص.
2.    أن يتصرف في أموال الشركة كما لو كانت أمواله الخاصة، أي تندمج ذمته بذمة الشركة وتصبح أمواله الخاصة أموال الشركة ضمانا لدائني الشركة.
ومع أن المشرع الفرنسي أراد بهذا الحكم أن يقنن المبدأ الذي أقره القضاء الفرنسي، إلا أن الصيغة التي استخدمها أثارت خلافها فقهيا حول طبيعة الحكم الوارد بالنص. وتبدو أهمية تحديد هذه الطبيعة في أنها تبين نطاق النص وشروط تطبيقه([32]).
 كما يشمل النص حالة الاسم المستعار، وفي هذه الحالة توجد شركة حقيقية يستتر وراءها شخص آخر يباشر التجارة متخفيا وراء الشركة ويتصرف في أموالها كما لو كانت أمواله الخاصة، إذ يعتبر هذا الشخص في حكم الشريك المتضامن مسؤولا هن ديون الشركة، فيشهر بإفلاس الشركة([33]).
وعلى ما نعتقد فإن نطاق النص، سواء نص المادة (447) من التشريع الفرنسي أو نص الفقرة الأولى من المادة (683) من التشريع الكويتي لا يشمل سوى حالة الاسم المستعار دون حالة الشركة الصورية، لأن صيغة النص تجيز للمحكمة، إذا طلب شهر إفلاس الشركة، أن تقضي بشهر إفلاس كل شخص قام تحت ستار هذه الشركة بأعمال تجارية لحسابه الخاص، فالنص يتطلب وجود شركة حقيقية لها وجود قانوني أو فعلي يستتر وراءها شخص آخر يباشر التجارة باسمها لحسابه الخاص، وهي حالة الاسم المستعار، بحيث يستتبع إفلاس الشركة إفلاس هذا الشخص، لأنه يعتبر في حكم الشريك المتضامن كما تقدم، أما في حالة الشركة الصورية، فإن الشخص يباشر الأعمال التجارية باسم شخص غير موجود مما لا ينطبق عليه حكم النص.
ففي حالة الشركة الصورية لا توجد شركة حقيقية يستتبع إفلاسها إفلاس الشخص الذي تستر وراءها. أما من حيث الشروط التي تضمنها النص، فإنه يسري على كل شخص، شريكا كان أو غير شريك مديرا أو غير مدير، باشر تحت ستار الشركة أعمالا تجارية لحسابه الخاص وتصرف في أموالها كما لو كانت أمواله الخاصة. لذا فإن بعض الفقهاء الفرنسيين قالوا باستناد إلى هذه الشروط، أن النص لا يعتبر تطبيقا للقواعد العامة ولا تقنينا لأحكام القضاء، بل أنه يضع جزاء مدنيا على كل من يستخدم اسم الشركة وأموالها لحسابه الخاص بالمخالفة لنظام الشركة ومصالح الشركاء الجماعية([34]) أو أنه جزاء على سوء استعمال اسم الشركة وأموالها([35]).
في حين يرى الرأي الغالب في النص تطبيقا للقواعد العامة في الصورية والاسم المستعار وما الشروط الواردة في النص سوى ضوابط لتطبيق هذه القواعد وينتقد الرأي السابق بقوله: أنه لو صح ما يذهب إليه لنطبق النص لمجرد وقوع الموجب لتوقيع الجزاء أي شهر إفلاس الشركة في حين أنه يجب أن تكون الشركة قد استخدمت كستار للتصرفات المذكورة بالنص، صحيح أن هذه التصرفات تعتبر خطأ ولكن ليس كل خطأ يؤدي إلى تطبيق النص.
على أن الأخذ بأحد الرأيين يرتب نتائج لا تنطبق لو أخذ بالرأي الآخر([36])، من ذلك أن الأخذ بالرأي الراجح يؤدي إلى أن الدعوى بمد الإفلاس ليس جزاء خطأ، أي ليست دعوى مسؤولية، ولذلك تخضع لأحكام دعوى الإفلاس لا لأحكام المسؤولية، ويجوز رفع هذه الدعوى من كل دائن وليس فقد من مدير التفليسة([37])، وأن المحكمة المختصة في نظر الدعوى هي محكمة شهر إفلاس الشركة، وليس محكمة موطن المتخفي وراء الشركة كما تقضي دعوى المسؤولية، كما لا تخضع هذه الدعوى للتقادم الخاص بدعوى المسؤولية ضد مديري الشركة([38]).


 الصعوبات القانونية الناشئة عن إفلاس شركات الأشخاص من خلال بيان ماهية شركة الأشخاص والإفلاس وبيان الصعوبات القانونية الناشئة عن إفلاس شركات الأشخاص.
وقد تبين أن التاجر صفة يكتسبها الشخص فيصبح في مركز قانوني يخضعه لنظام قانوني خاص، ذلك أن قانون التجارة الكويتي يشتمل على أحكام لا تطبق إلا على من تثبت له هذه الصفة قانونياً، ومن هذه الأحكام خضوعه لنظام الإفلاس، فيشهر إفلاسه إن وقف عن دفع ديونه التجارية المستحقة الأداء كما أسلفنا سابقاً.
وتعتبر الشركة تجارية بحسب النشاط الذي يتعاطاه حسب المشرع الأردني أو لمجرد اتخاذها شكل شركة تضامن أو شركة توصية بسيطة أو شركة توصية بالأسهم أو شركة مساهمة أو شركة ذات مسؤولية محدودة،حسب تشريعات أخرى مقارنة وهي الشركات الخمس التي تتمتع بالشخصية المعنوية، أما شركة المحاصة فلا تكتسب الصفة التجارية بسبب طبيعتها الخاصة وعدم اكتسابها للشخصية المعنوية.
وما دامت هذه الشركات الخمس تكتسب الصفة التجارية، فإن وقوف إحداها عن دفع ديونها التجارية المستحقة الأداء، بسبب اضطراب أعمالها المالية، يشهر إفلاسها ولو كانت في دور التصفية، غير أن إفلاس الشركات يثير صعوبات قانونية لا تثار في حالة إفلاس التاجر الفرد، ذلك أن التاجر الفرد شخص طبيعي والشركة شخص معنوي، وعلى ذلك لا تسري على الشركة النصوص الخاصة بسقوط الحقوق المهنية والسياسية عن المفلس، ورد الاعتبار وتوقيع عقوبة الإفلاس بالتقصير أو التدليس.
في مواجهة هذه النظرية, برزت أخرى حديثة مفادها أن التوقف المادي عن دفع دين أو عدّة ديون مستحقة لا يكفي لاعتبار التاجر متوقفاً عن الدفع بالمعنى القانوني للكلمة, بل يجب أن يكون ذلك ناشئاً عن مركز مالي ميئوس منه, بحيث يكون التاجر عاجزاً عجزاً حقيقياً عن الوفاء بديونه ومتابعة التجارة بصورة طبيعية. ولا عبرة لعدد الديون التي يتوقف المدين عن دفعها, بل لتقدير أثر هذا الامتناع على مركزه المالي. فالامتناع عن دفع دين واحد قد يبرر إعلان الإفلاس إذا كان ينطوي على خطورة خاصة ويدلّ على عجز حقيقي عن الوفاء ومركز ميئوس منه. وعلى العكس, قد يمتنع المدين عن دفع ديون عدة, ومع ذلك, لا ترى المحكمة محلاً لإعلان الإفلاس, لأن الضائقة التي حلّت به عارضة وبوسعه التغلّب عليها بسهولة.
أما عن صفة الديون التي تؤدي بالتاجر إلى إعلان الإفلاس إذا ما توقف عن إيفائها, فهي الديون التجارية. والأصل أن جميع ديون التاجر تعتبر تجارية إلا إذا ثبت العكس.
نشير إلى أنه إذا عمد التاجر إلى تسديد ديونه التجارية قبل صدور الحكم بإعلان إفلاسه, فإن التوقف عن الدفع يزول ويمتنع على المحكمة إعلان الإفلاس.
النتائج
1.    يعرف قانون الشركات الأردني الأنواع التالية من الشركات: شركة التضامن وشركة التوصية البسيطة و الشركة ذات المسؤولية المحدودة و شركة التوصية بالأسهم والشركة المساهمة الخاصة و الشركة المساهمة العامة. ويعرف قانون الشركات التجاري الكويتي سبعة أشكال من الشركات التجارية وهي: شركة التضامن وشركة التوصية البسيطة وشركة التوصية بالأسهم وشركة المحاصة وشركة المساهمة العامة (المفتوحة) وشركة المساهمة المقفلة والشركة ذات المسؤولية المحدودة. وأضاف المرسوم بقانون رقم 52/1999 الشركات المهنية وهي تأخذ شكل شركة التضامن.
2.    يعتبر الإفلاس أحد أهم أسباب انقضاء شركات الأشخاص، إذ أن شهر إفلاس الشركة يعني زوال وجودها وزوال وجود الشركاء فيها بالنتيجة.
3.    قد عالج المشرع الأردني الإفلاس كسبب من أسباب انقضاء شركات الأشخاص، وذلك في معرض حديثه عن انقضاء شركة التضامن حيث نص في المادة (32/هـ، و).
4.    الإفلاس طريق جماعي للتنفيذ على أموال المدين التاجر الذي توقف عن دفع ديونه المستحقة الأداء، يهدف إلى تنشيط الائتمان ودعم الثقة في المعاملات التجارية.
5.    لا بد من صدور حكم من المحكمة المختصة بإشهار إفلاس المدين التاجر، ومحكمة البداية التي يوجد في منطقتها المركز الرئيسي لتجارته هي المحكمة المختصة لإشهار إفلاسه (المادة 317/1) من قانون التجارة الأردني.
6.    إذا أفلست الشركة فلا يجوز إفلاس الشركاء فيها لاختلاف الذمم المالية لكل من الشريك والشركة، إلا في شركة التضامن فإنه يتم شهر إفلاس جميع الشركاء المتضامنين فيها بمن فيهم الشريك المتضامن الذي خرج من الشركة بعد توقفها عن الدفع إذا كان طلب الإفلاس قبل انقضاء سنتين من تاريخ خروج الشريك والتأشير بذلك في السجل التجاري
7.    لا يجوز إشهار إفلاس الشركة الباطلة إن وقفت عن دفع ديونها، لانعدام شخصيتها القانونية المستقلة عن أشخاص الشركاء، وإنما يجب أن يوجه الإفلاس إلى الشركاء إذا توافرت بشأنهم شروط إشهار الإفلاس.

ثالثاً: التوصيات:
        فيما يلي عرض لأبرز التوصيات:
1.    تعديل الفقرة الأولى من المادة 681 من قانون التجارة الكويتي بحيث يجب إشهار إفلاس جميع الشركات التي اضطربت أعمالها المادية فتوقفت عن دفع ديونها وبما ذلك شركة المحاصة.
2.    تعديل المادة 233 في قانون التجارة الأردني رقم 68 لسنة 1980 حالات إفلاس التاجر وإفلاس الشركات بحيث يجوز إبرام الصلح القضائي مع المفلس الذي صدر عليه حكم بعقوبة في حالة الإفلاس بالتدليس.
3.    تعديل المادة 570 من قانون التجارة الكويتي بحيث يجوز للمحكمة أن تقضي بإشهار إفلاس بناء على طلب النيابة العامة أو من تلقاء نفسها موضحا أن المحكمة تستخدم هذا الحق إذا ما عرض عليها نزاع يتعلق بالشركة وثبت لها اضطراب أعمالها المالية ووقوفها عن دفع ديونها بحيث يكون التعديل هو عدم إعطاء المحكمة الحق في أن تقضي إشهار الإفلاس بناءً على طلب من النيابة العامة أو من تلقاء نفسها.
4.    تعديل المادة (31) من قانون التجارة الأردني: إفلاس احد الشركاء إذا أفلس احد الشركاء في شركة التضامن بحيث لا يكون لدائني الشركة حق الامتياز في طابق إفلاسه على ديونه الخاصة، وأما إذا أفلست الشركة فتعطى ديون دائنيها حق الامتياز على ديون الشركاء.

([1]) للتفصيل في هذا الموضوع انظر تعليق (تعيين تاريخ الوقوف عن الدفع في حكم الإفلاس)، تعليق على حكم المحكمة الكلية في 18/10/1984، مجلة الحقوق، تصدرها كلية الحقوق بجامعة الكويت، السنة التاسعة، العدد الأول، ص48 وما بعدها.
[2] نص المادة (679) من قانون التجارة الكويتي"إذا أشهر إفلاس الشركة وجب شهر إفلاس جميع الشركاء المتضامنين فيها"
([3]) عرائض 5 يونيه 1882، دالوز دوري 1883-459، أشار إليه علي جمال الدين، مرجعه سابق، ص751.
([4]) محمد صالح، الإفلاس، القاهرة، 1948، ط1، ص56.
([5]) سميحة القليوبي، الشركات التجارية وفقاً للقانون الكويتي، رونيو، الكويت 1975-1976.
([6]) اسامة نائل محيسن، مرجع سابق، ص50.
([7]) عزيز العكيلي، مرجع سابق، ص560.
([8]) المادة (677) من قانون التجارة الكويتي والتي تنص على: " يجوز لمدير التفليسة ، بعد استئذان قاضيها ، أن يطالب الشركاء بدفع الباقي من حصصهم ولو لم يحل ميعاد الاستحقاق. ولقاضي التفليسة أن يأمر بقصر هذه المطالبة على القدر اللازم لوفاء ديون الشركة".
([9]) محمد سامي مدكور وعلي يونس، الإفلاس، المرجع السابق، ص589.
([10]) نص المادة (597) من قانون التجارة الكويتي على: " 1- يترتب على صدور الحكم بشهر الإفلاس وقف الدعاوى الفردية المرفوعة من الدائنين العاديين والدائنين أصحاب حقوق الامتياز العامة. 2- لا يجوز للدائنين المشار إليهم في الفقرة السابقة اتخاذ إجراءات فردية للتنفيذ على أموال المفلس، ولإتمام الإجراءات التي بدأت قبل صدور الحكم بشهر الإفلاس ومع ذلك إذا تحدد يوم لبيع عقار المفلس جاز الاستمرار في إجراءات التنفيذ بإذن من قاضي التفليسة ويؤول الثمن للتفليسة. 3- أما الدائنون المرتهنون وأصحاب حقوق الامتياز الخاصة فيجوز لهم رفع الدعاوى أو الاستمرار فيها في مواجهة مدير التفليسة كما يجوز لهم التنفيذ أو الاستمرار فيه على الأموال الضامنة لحقوقهم.
([11]) امجد منصور، النظرية العامة للالتزامات (مصادر الالتزام)، عمان، دار الثقافة للنشر والتوزيع، 2001، ص99.
([12]) عزيز العكيلي، مرجع سابق، ص18.
([13]) تنص المادة (46) من قانون الشركات الكويتي على: "لا يجوز للشريك الموصى ان يتدخل في ادارة الشركة ولو بموجب توكيل، والا اصبح مسؤولا بالتضامن مع الشركاء المتضامنين عن الالتزامات الناشئة عن اعمال ادارته، ويجوز ان يلزم بجميع التزامات الشركة او بعضها بحسب جسامة الاعمال وتكررها وبحسب ائتمان الغير له بسبب هذه الاعمال. على ان مراقبة تصرفات مديري الشركة، والآراء التي تقدم اليهم، والترخيص لهم في اجراء تصرفات تجاوز حدود سلطتهم، كل ذلك لا يعد من اعمال التدخل".
([14]) تنص المادة (45) من قانون الشركات الكويتي على: "لا يشمل عنوان شركة التوصية الا على اسماء الشركاء المتضامنين، واذا لم يوجد الا شريك واحد مسؤول في كل ماله اضيفت كلمة -وشركاؤه- الى اسمه. ولا يجوز للشريك الموصى ان يدرج اسمه في عنوان الشركة، والا اصبح مسؤولا كشريك متضامن تجاه الغير حسن النية".
([15]) تنص المادة (684) من قانون التجارة الكويتي والتي تنص على: "إذا تبين بعد إفلاس الشركة أن موجوداتها لاتكفي لوفاء 20% على الأقل من ديونها ، جاز للمحكمة ، بناء على طلب مدير التفليسة أن تقضي بإلزام جميع أعضاء مجلس الإدارة أو المديرين أو بعضهم ، بالتضامن او بدون تضامن ، بدفع ديون الشركة كلها او بعضها ، إلا إذا اثبتوا أنهم بذلوا في تدبير شؤون الشركة العناية الواجبة".
([16]) ثروت عبد الرحيم، شرح القانون التجاري ، المرجع السابق، ص301.
([17]) تنص المادة (46) من قانون الشركات الكويتي على: "لا يجوز للشريك الموصى ان يتدخل في ادارة الشركة ولو بموجب توكيل، والا اصبح مسؤولا بالتضامن مع الشركاء المتضامنين عن الالتزامات الناشئة عن اعمال ادارته، ويجوز ان يلزم بجميع التزامات الشركة او بعضها بحسب جسامة الاعمال وتكررها وبحسب ائتمان الغير له بسبب هذه الاعمال. على ان مراقبة تصرفات مديري الشركة، والآراء التي تقدم اليهم، والترخيص لهم في اجراء تصرفات تجاوز حدود سلطتهم، كل ذلك لا يعد من اعمال التدخل".
([18]) تنص المادة (13) من قانون التجارة الكويتي على: "1- كل من اشتغل باسمه في معاملات تجارية وهو حائز للأهلية الواجبة، واتخذ هذه المعاملات حرفة له، يكون تاجرا. 2- وكذلك يعتبر تاجرا كل شركة، ولو كانت تزاول أعمالا غير تجارية".
([19]) ثروت عبد الرحيم، شرح القانون التجاري الكويتي، الكويت، 1975، ص17.
([20])  د.عزيز العكيلي، الصعوبات القانونية الناشئة عن إفلاس الشركات، مرجع سابق، ص79.
([21])  طعمة الشمري، قانون الشركات التجارية الكويتي، الكويت، 1985-1986 ـص240
([22]) أكثم أمي الخولي، الموجز في القانون التجاري، ج1، القاهرة، 1970، ص37.
([23]) عزيز العكيلي، أحكام الإفلاس في قانون التجارة الجديد رقم 86 مارس 1985، ص248.
([24]) تنص المادة (45) من قانون الشركات الكويتي على: "لا يشمل عنوان شركة التوصية الا على اسماء الشركاء المتضامنين، واذا لم يوجد الا شريك واحد مسؤول في كل ماله اضيفت كلمة -وشركاؤه- الى اسمه. ولا يجوز للشريك الموصى ان يدرج اسمه في عنوان الشركة، والا اصبح مسؤولا كشريك متضامن تجاه الغير حسن النية"
([25]) عزيز العكيلي، مرجع سابق، ص99.
([26]) محسن شفيق، الموجز في القانون التجاري، ج1، القاهرة، 1966-1967، ص222.
([27]) محكمة استئناف باريس في 10 يناير 1958، دالوز 1958 ص394، إذ حكمت المحكمة بمد إفلاس الشركة إلى شريك موص لأنه اتخذها ستارا لنشاطه الشخصي.
([28]) كوبر روبيه وأولاده، الشركات، ص750 وما بعدها، أشار إليه علي جمال الدين، إفلاس الشركات، المرجع السابق، ص761 هامش رقم 1.
([29]) كوبر روبيه، المرجع المشار إليه في الهامش السابق، ص81.
([30]) تنص المادة (683) من قانون التجارة الكويتي على أنه:"1- إذا طلب شهر إفلاس الشركة، جاز للمحكمة أن تقضى بشهر إفلاس كل شهر قام تحت ستار هذه الشركة بأعمال تجارية لحسابه الخاص وتصرف في أموال الشركة كما أو كانت أمواله الخاصة.2- ويجوز للمحكمة، من تلقاء ذاتها أو بناء على طلب النيابة العامة أو مدير التفليسة أو احد الدائنين، أن تقضي بسقوط الحقوق السياسية عن أعضاء مجلس إدارة الشركة أو مديريها الذين ارتكبوا أخطاء جسيمة أدت إلى اضطراب أعمال الشركة ووقوفها عن الدفع".
([31]) علي جمال الدين، إفلاس الشركة، المرجع السابق، ص780.
([32]) علي جمال الدين، إفلاس الشركة، المرجع السابق، ص780.
([33]) علي جمال الدين، إفلاس الشركة، المرجع السابق، ص781.
([34]) جان كوبر روبيه في تعليقه تحت نقض 21 يوليو 1952 دالوز 1952، ص773.
([35]) علي جمال الدين، إفلاس الشركة، المرجع السابق، ص781 هامش رقم 2.
([36]) علي جمال الدين، إفلاس الشركة، المرجع السابق، ص781.
([37]) من أحكام القضاء في منح الدائن هذا الحق، نقض فرنسي 21 يوليو 1952، المجلة الفصلية للقانون التجاري 1953،  ص195.
([38]) محكمة السين التجارية، 14 يونيه، 1956، المجلة الفصلية، 1956، ص694.

Previous Post Next Post