ما هي التنشئة الاجتماعية

تعريف التنشئة الاجتماعية

كتاب التنشئة الاجتماعية

التنشئة الاجتماعية في الاسرة

التنشئة الاجتماعية

مؤسسات التنشئة الاجتماعية

مراحل التنشئة الاجتماعية

التنشئة الاجتماعية في المدرسة

وظائف التنشئة الاجتماعية

ما هي التنشئة الاجتماعية؟
هي عملية نقل القيم، المعايير، العادات، التقاليد، المعرفة والمعتقدات والمهارات من المجتمع إلى  الفرد. يكتسب الفرد ثقافة المجتمع خلال مرحلة التنشئة الاجتماعية ليصبح فرداً منخرطاً في مجتمعه.
تستمر عملية التنشئة طوال حياة الفرد. تبدأ منذ الولادة أو حتى قبل الولادة وتستمر حتى نهاية حياته.
في عملية التنشئة يتحول المخلوق البشري إلى فرد اجتماعي صاحب ذات من خلال العلاقات المتبادلة مع الآخرين الذين يؤثرون عليه ونسميهم وكلاء جتمعة وهم العائلة، المدرسة، جماعة الأصدقاء والمتساويين، حركات الشبيبة ووسائل الإعلام. بهذا نرى أن للجتمعة وظائف وهي:
1.     تحويل المخلوق البشري إلى فرد اجتماعي واع وناضج في مجتمعه من خلال اكتساب القيم، المعايير والعادات والتقاليد (ثقافة مجتمعه).
2.     نقل الثقافة من جيل لآخر.
يوجد عاملان يؤثران في عملية الجتمعة وبلورة هوية الفرد:
1.     الوراثة: يولد الفرد مع صفات وراثية إنسانية تؤهله أن يصبح فرداً اجتماعياً خلال عملية الجتمعة.
2.     البيئة: هو المحيط الاجتماعي الذي يعيش فيه الفرد ويتأثر منه ويتكون من وكلاء الجتمعة.
ما هي الهوية؟
تضم الهوية المميزات الخاصة لدى الإنسان التي يكتسبها ويطورها من خلال حياته منذ ولادته من خلال العلاقات المتبادلة مع البيئة. بعض عناصر الهوية تولد مع الفرد مثل المراكز الانتمائية وهي الجنس، الدين، الطائفة والقومية، وبعض العناصر مكتسبة مثل المهنة.
تتغير هوية الإنسان خلال حياته فهناك تغيرات تحدث في العمر البيولوجي أو تغيير في المكانة الاجتماعية أو الوضع الاقتصادي، السياسي، وضع التعليم ومكان السكن.
منهج (نظرية) التفاعل الرمزي في التنشئة الاجتماعية
نظرية التفاعل الرمزي هي نظرية ميكرو تنص بأن الهوية تتكون من خلال التفاعل والعلاقات المتبادلة بين الفرد ومحيطه، فيها يتم عند الفرد تكوين التصور الذاتي أو المفهوم الذاتي للفرد. حسب التفاعل الرمزي يتعلم الفرد القواعد السلوكية والقوانين التي تجعلنا كيف نفكر عن أنفسنا وعندها نستبدل الرقابة الاجتماعية الخارجية (وكلاء التنشئة الاجتماعية) برقابة داخلية نتيجة لتذويت السلوك.
تتم التنشئة الاجتماعية بواسطة عمليات مختلفة من التعلم والتأثير الاجتماعي مثل التقليد والتعزيز ولعبة الأدوار والمقارنة الاجتماعية والتقييم التأملي.
نظرية تشارلز كولي- الأنا في المرآة
يؤكد كولي على أهمية التفاعل الاجتماعي بين الفرد وبيئته الاجتماعية، الذي يؤدي إلى تكوين ذات خاصة به مختلفة عن الآخرين. يعتبر كولي الناس الذين يتصل بهم الطفل مرآة عاكسة لتصرفاته تساعده على بناء شخصيته. يستوعب الطفل رأي الآخرين فيه ويتحول إلى مركب مهم في هويته. إن الإنسان حسب كولي ليس ما يعتقده هو عن نفسه وليس ما يعتقد الآخرون عنه بل ما يدركه أن الآخرين يعتقدون عنه.
يتم تطور الذات حسب كولي على 3 مراحل وهي:
1.     نفهم كيف ينظر الآخرون إلى سلوكنا (مظهرنا في نظر الآخرين).
2.     نفهم كيف يحكم ويقيم الآخرون سلوكنا (كيف ينظر إلينا الآخرون).
3.     نقيم سلوكنا حسب رد فعل الآخرين عليها (نشعر بالفخر أو بالخجل).
بعبارة أخرى: يفهم الفرد نفسه من خلال شعور الآخرين اتجاه سلوكه فإذا تصورت أن بعض الأشخاص المهمين في نظري يشعرون بالرضا عن سلوكي فسأكون راضياً وأشعر بالفخر في نفس السلوك وإذا تصورت أنهم يشعرون بعدم الرضا عن سلوكي عندها أشعر بالخجل ولن أستمر في نفس السلوك.
اعتقد كولي أن للجماعات الأولية وخاصة العائلة تأثير كبير على تطور الذات عند الطفل حيث ينتبه الطفل إلى ردود فعل والديه على سلوكه ويعرف ما يتوقع منه أهله وكيف يحكمون على تصرفاته فيحاول أن يكون ما يعتقده أهله عنه.


نظرية هربارت ميد- أخذ الدور
يعتبر ميد مؤسس نظرية التفاعل الرمزي وأطلق على نظريته اسم السلوك الاجتماعي، ويؤمن بتأثير البيئة على الفرد واهتم بالتفكير الداخلي بعكس السلوكيين الذين اهتموا بالسلوك الخارجي للفرد. لقد اهتم بشرح طرق تعاطي الفرد مع الرموز والمعاني المختلفة التي تنقلها اللغة التي تفسر تكوين الأنا.
تتطور الذات عند ميد على ثلاث مراحل وهي:
1.     مرحلة تقليد الحركات والأحداث: تكون هذه المرحلة حتى جيل 3 سنوات فيها لا يميز الولد بين أدواره وأدوار الآخرين. يكون الولد مفتقراً إلى اللغة والإدراك والوعي الذاتي فيقلد حركات لا يعرف معناها مثلاً إمساك جريدة أو سماعة الهاتف أو محاولة إدخال المفتاح في قفل الباب.
2.     مرحلة اللعب play  (أخذ الدور): بعد جيل 3 سنوات يبدأ الولد بأخذ أدواره من خلال لعبة الأدوار "משחק תפקידים" حيث يقوم بأدوار أشخاص مهمين بالنسبة له أثناء اللعب مثل دور الأب، الطبيب، المعلمة والخ.. يتبنى الولد في لعبة الأدوار موقف الآخرين منه وينظر إلى نفسه كما ينظر إليه الآخرون ويخاطب نفسه كما تخاطبه أمه. في هذه المرحلة يتم اكتساب اللغة من أجل الاتصال بالآخرين وبدون اللغة لا يتكون الذهن (mind) عند الفرد، ويذوت الولد توقعات الآخرين المهمين (אחרים משמעותיים) وهم الوالدين، الأقارب، الجيران ومعلميه.
3.     مرحلة اللعبة (Game): فيها يتعلم الولد تذويت توقعات الآخرين عموماً عن طريق القوانين المحددة حين يكون الفرد قادراً على الأخذ بعين الاعتبار مواقف جميع المشتركين في لعبة العلاقات بين الأدوار المختلفة. في هذه اللعبة المنظمة يندمج دور القوانين كما يحدث مع لاعب كرة القدم الذي يعرف ما هو الاحتمال لأن يتصرف لاعب من فريقه بطريقة معينة أو لاعب من منافسيه بطريقة أخرى. عندها يذوت الولد القوانين ويفهم أن القوانين ليست صحيحة فقط لفرد واحد بل تنطبق على المجتمع كله. هذه القوانين حقيقية تؤخذ منها بعين الاعتبار أدوار الآخرين وتوقعاتهم.


يقسم ميد الذات الاجتماعية عند الفرد إلى قسمين:
1.     الذات (ME): هي مجموع ردود فعل الآخرين المذوتة التي تتحول إلى جزء من عالم الفرد وتؤثر على فعالياته. يفهم الذات المعايير، الحاجات والتوقعات الاجتماعية منه ويشكل جدار خارجي للأنا.
2.     أنا(I) : تمثل الميول التلقائية للفرد مثل الغرائز فهو جزء الذات العفوي غير المُجتَمع لا يخضع للتأثير الخارجي. مثلاً: إذا تلقى الطفل ضربة فإن الأنا يدفعه عفوياً إلى البكاء بينما الذات هي التي تدفعه إلى حبس دموعه والتحمل لأنه استوعب المعيار الذي يقول بأن الأطفال الكبار لا يبكون.

النظرية الوظيفية في التنشئة الاجتماعية
هي نظرية على مستوى الماكرو وتعرض الجتمعة على أنها عملية تأثير باتجاه واحد من المجتمع على الفرد يؤهل فيها المجتمع أعضاءه ليكونوا نافعين ومخلصين لمجتمعهم. ترى هذه النظرية أن التنشئة الاجتماعية عملية يتعلم من خلالها الفرد القيام بأدواره الاجتماعية من خلال تذويت الأدوار والمراكز والمعايير الاجتماعية لينخرط الفرد في الأجهزة الاجتماعية ويساهم في استمراريتها.
تنص هذه النظرية بأنه على المجتمع تعليم الأولاد أدوار الكبار وتعليم الصغار ملائمة أنفسهم لمطالب المجتمع الذي يعرض عليهم مطالب في شتى المجالات: في المجال الاقتصادي (تعلم مهنة مفيدة)، في المجال السياسي (المشاركة في النظام الديمقراطي) وفي المجال الاجتماعي (إقامة علاقات مع أبناء نفس الجيل).
تنبع التنشئة الاجتماعية من حاجة المجتمع للمحافظة على النظام الاجتماعي عن طريق التأكيد على قيمه ومعاييره وقواعد السلوك المتعارف عليها.
من هذا المنطلق تحلل النظرية الوظيفية جميع مراحل التنشئة من الطفولة وحتى الشيخوخة وتشير في كل مرحلة إلى وكلاء التنشئة الاجتماعية الذين يؤثرون فيها وهم العائلة، مجموعة المتساوين، المدرسة، وسائل الإعلام، حركات الشبيبة والمؤسسات الدينية.

من هو وكيل التنشئة الاجتماعية؟
وكيل الجتمعة هو الجسم الذي يساهم في نقل الثقافة من المجتمع للفرد وهو الوسيط بين الفرد والمجتمع، يعلم الإنسان كيف يسلك واكتساب اللغة والقيم والعقائد والرموز وتعلم أدوار الجنس وجميع التوجهات التكنولوجية وكيفية استعمالها.
في المجتمع الصناعي المركب يتعلم الفرد كميات كبيرة من المعلومات بعكس المجتمع البسيط غير التكنولوجي. بسبب التغيرات الكثيرة والسريعة في المجتمع العصري فإن التنشئة الاجتماعية تواجه صعوبات كثيرة لأن الفرد مضطر لمواصلة التعليم طول حياته، لذلك توجد في المجتمع العصري أطر كثيرة تقوم بعملية الجتمعة بالمقارنة مع المجتمع البسيط الذي يفتقر للتكنولوجيا.
يوجد وكلاء جتمعة أوليون مهمون مسؤولون عن بلورة شخصية الفرد في عدة مجالات خاصة العائلة، وهناك وكلاء ثانويون مسؤولون عن بلورة أحد المجالات المحددة في هوية الفرد مثل حركات الشبيبة، مكان العمل، الجيش والحلقات الاجتماعية  والدراسية.

العائلة كوكيل تنشئة:
تعتبر العائلة منذ فجر التاريخ وكيل جتمعة رئيسي. تتم غالبية التنشئة الاجتماعية في المجتمع العصري خلال مرحلة الطفولة المبكرة في إطار العائلة النواتية وهي تنشئة أولية بالرغم من وجود وكلاء تنشئة آخرين كالمدرسة ووسائل الإعلام. لذلك العائلة هي أحد وكلاء الجتمعة. أما في المجتمع التقليدي كانت تتم الجتمعة في إطار العائلة الموسعة فقط والمتكونة من الأب والأعمام والأجداد الذين يعتبرون وكلاء جتمعة لذلك العائلة في المجتمع التقليدي هي الوكيل الوحيد للجتمعة.
 العائلة وكيل جتمعة مثالي لأنها مجموعة صغيرة فيها علاقات أولية وحميمة وجهاً لوجه تراقب سلوك الابن وتصححه وتكسبه عادات أساسية مثل تناول الطعام والمشي والكلام والمحافظة على النظافة، وتعلمه العقائد والمعرفة والقيم مثل الاستقلالية، التفاؤل، القوة والنجاح.
تؤثر العائلة على الابن في اختيار وكلاء التنشئة الآخرين فالأهل يختارون لأطفالهم الصغار الحاضنة والروضة والأصدقاء والكتب والدمى والمدرسة وحتى مكان السكن.
تلعب العائلة دوراً هاماً كوكيل جتمعة لوظائف الجنسين. ففي بعض الثقافات تقوم الأم بتدليل بناتها أكثر من الأبناء وفي مجتمعات أخرى توجد علاقة متميزة بين الأم وابنها.
تختلف جتمعة الطفل في عائلة فيها والدان عن عائلة فيها والد واحد فقط. ويؤثر عدد الأولاد في العائلة على جتمعتهم كما أن مساحة البيت والوضع الاقتصادي يؤثر في الجتمعة لأن وجود الوسائل الحديثة كالحاسوب والتلفزيون والسيارة تؤثر على تطور الطفل.
ينتمي الولد إلى الطبقة الاجتماعية والاقتصادية والمكانة الاجتماعية التي ينتمي لها الوالدين وبهذا تحدد العائلة نقطة انطلاق أبنائها وحراكهم الاجتماعي. لكن المجتمع العصري يتيح قدراً أكبر من الحراك الاجتماعي للفرد والعائلة مقارنة مع المجتمع التقليدي.
تقرر العائلة إلى حد ما الاتجاه المهني لأولادها من خلال التنشئة الاجتماعية التمهيدية التي تؤهل الأطفال لأدوار الكبار. العديد من الأهالي يعلمون أولادهم مواصلة طريق الأهل وينمون لدى الأولاد تطلعات تعليمية مهنية حيث أظهرت الأبحاث أن الأهالي من طبقة العمال يميلون إلى تنمية تطلعات  متدنية عند أبنائهم من ناحية اجتماعية ومهنية مقابل أولاد المديرين وأبناء ذوي المهن الحرة الذين يميلون إلى تطوير الاستقلالية ومستوى رفيع من التطلعات المهنية والاجتماعية لان الابن يعتبر أباه شخصية مرجعية له.
تؤثر العائلة على أبنائها في المجال السياسي أيضاً حيث أظهرت الأبحاث في إسرائيل أن الابن ينتمي لنفس حركة الشبيبة التي كان أبوه عضواً فيها. وفي بريطانيا أظهرت الأبحاث في سنوات الستينات من القرن الماضي أن 75% من الشبان الذين صوتوا لأول مرة صوتوا للحزب الذي يصوت له الوالدين.
المدرسة كوكيل تنشئة
يكتسب الولد من المدرسة المعلومات والمهارات والمواقف والثقافة المطلوبة في المجتمع. وجد الباحثان بلاو ودانكن أنه كلما تعلم الأولاد عدداً أكبر من السنوات في المجتمع الأمريكي تزداد فرصتهم للعمل في مهن تكسبهم دخلاً عالياً، وأشار الباحث كولينس إلى الأهمية الكبرى للشهادات الجامعية والعليا في التنافس على تحقيق انجازات في أماكن العمل في المجتمع الحديث ونرى في مجتمعنا أهمية الحصول على شهادة البجروت والالتحاق بالكليات والجامعة من أجل الانخراط في سوق العمل.
 بالإضافة إلى تطبيق برامج تعليمية يتعلم الطالب في إطارها مواضيع مختلفة من اجل تأهيله لأداء دوره في المجتمع. تقوم المدرسة بتطبيق برنامج تعليمي خفي غير رسمي يتعلم الولد خلاله الانضباط والتركيز والانصياع لسلطة المعلمين وهذا يتم أثناء الاستراحات والرحلات والمسابقات.
يقول روبرت دريبن أن الولد في المدرسة يتعلم المعايير الاجتماعية مثل تحقيق الانجازات وروح التنافس ويكتسب مجموعة من القيم والتوجهات الأخلاقية من المعلمين وأصدقائه الطلاب.
ظهر في بحث كولمان أن ثقافة المراهقين في أمريكا ترفض قيم المدرسة والتحصيل وتهتم أكثر بالتميز الرياضي والشعبية والجمال. ووجد أن بعض ثقافات الشبيبة في المدارس تعمل على تفريغ التوتر بينما تعمل ثقافات أخرى على تنمية القيم القومية والاجتماعية.
 من المفروض أن توفر المدرسة فرص النجاح لكافة الطلاب حتى الذين يأتون من بيئة ضعيفة من الناحية الاقتصادية والاجتماعية لأن المدرسة الحديثة تؤكد على المساواة في الفرص وتقليص الفجوات بين الطبقات. لكن من ناحية أخرى نرى المدرسة تعزز عدم المساواة في المجتمع ولا تقلص الفجوات بين الطبقات لان الطلاب الذين يأتون من طبقات اقتصادية واجتماعية ضعيفة لا يحصلون في بيوتهم على مساعدة وتشجيع على الدراسة، كما أن المدارس في الأماكن الفقيرة تنقصها الموارد. أما الطلاب الذين يأتون من عائلات مهتمة بالتعليم وأوضاع اقتصادية جيدة يحققون نجاحاً في دراستهم، وعليه تظهر المدرسة وسيلة للتصفية الاجتماعية أكثر منها أداة لتقليص الفجوات الاجتماعية.
تشكل المدرسة بالنسبة للطلاب نموذج لجهاز تنظيمي لأن الحياة فيها تتم حسب جدول زمني يجب على الطلاب احترامه والانصياع لقوانينه لذلك تؤهل المدرسة الولد للحياة في المجتمع الحديث حيث يتطلب منه الدقة والانصياع للأنظمة الرسمية في المنظمة.
 بما أن الطالب يلتقي في المدرسة مع أولاد من طبقات وشرائح وفئات اجتماعية مختلفة لذلك يتعلم التمييز بين الشرائح المختلفة، ويتعرف على نظرة المجتمع إلى الجنسوية ويبدأ في علاقاته مع الجنس الآخر.
التنشئة الاجتماعية في المدرسة حسب بارسونس
انتبه بارسونس إلى بعض خصائص الصف التي تساعد على التنشئة الاجتماعية للطلاب وهي:
‌أ.      يتعلم الطلاب في الصف حسب جيلهم وتطورهم الاجتماعي وبهذا يكونوا متجانسين من الناحية  الاقتصادية والاجتماعية مما يساعد المعلمين على نقل القيم للأولاد.
‌ب.    الفارق في الجيل بين المعلمين والطلاب يساعد المعلم على استعمال سلطته التي يستمدها من المجتمع.
‌ج.     البرنامج التعليمي في المدرسة متجانس مما يساعد المعلم على نقل القيم الثقافية من المجتمع للأولاد.
‌د.      يتعلم الولد في المدرسة الأصول السلوكية عن طريق الثواب والعقاب الذي تستعمله المدرسة مع الطالب.
‌ج.     جماعة المتساوين كوكيل تنشئة
مجموعة المتساوين هم مجموعة الأشخاص من نفس الجيل وشركاء في نفس المصالح.
في الثقافات التقليدية والصغيرة تكون مجموعة المتساوين من أبناء نفس الجيل لهم حقوق وعليهم واجبات تربطهم علاقات صداقة قوية خلال حياتهم وإن فرص اختيار أبناء الجيل قليلة. أما في المجتمعات الغربية الحديثة يقضي الأولاد وقتاً طويلاً مع أبناء جيلهم وتوجد لديهم فرص كثيرة لاختيار مجموعة المتساوين.
مجموعة المتساوين الأولى التي يتبع لها الولد هي عادة أصدقاؤه في نفس المنطقة السكنية، بعدها تضم أفراداً من المدرسة والدورات والنشاطات الرياضية. تتكون مجموعة المتساوين عند الأطفال بالصدفة بدون تخطيط ولكن في سن متأخرة يختار الولد أصدقاءه، وكلما كبر الولد يزداد تأثير مجموعة المتساوين عليه وخاصة في جيل المراهقة والبلوغ.


بماذا تختلف التنشئة في إطار مجموعة المتساوين عنها في العائلة؟
في العائلة يكون الولد تحت رقابة الأهل ومتعلقاً بهم أما في مجموعة المتساوين تكون العلاقات متساوية ويقيم الولد علاقات بمبادرته الخاصة وينمي هوية خاصة منفصلة عن العائلة. في مجموعة المتساوين يتحدث الولد مع أصدقائه حول مواضيع تهمه التي لا يتحدث عنها أمام أهله. كما ويقوم الولد بأعمال في مجموعة المتساوين لا يسمح بها الأهل مثلاً يحدد الأهل لأبنهم الساعة التي يجب أن يعود فيها إلى البيت بينما يضغط عليه أصدقاؤه كي يتأخر وبهذا تنشأ "فجوة أجيال" و "صراع" بين الأولاد والأهل الكبار.
في سن المراهقة تزداد أهمية مجموعة المتساوين وتساعد الأفراد على تكوين هويتهم وإنهاء فترة تعلقهم بالكبار. يبدأ المراهق بالانقطاع عن عائلته ويعتبر نفسه بالغاً ويكتسب من مجموعته الشعور بالهوية والانتماء وتكون العلاقات في المجموعة أكثر ديمقراطية بعكس علاقة الولد بأهله.
أشار علماء الاجتماع إلى أن مجموعة مواليد الأربعينات والخمسينات (أولاد الورود) كونوا لأنفسهم "ثقافة معارضة" أعربوا فيها عن احتجاجهم على القيم والمعايير التي ميزت جيل الكبار. لقد أظهرت الثقافة المعارضة ميلاً للسياسية اليسارية والمخدرات والحرية الجنسية والشعر الطويل ولبس بنطلون الجينز والموسيقى الصاخبة.
‌د.      حركات الشبيبة في إسرائيل كوكيل جتمعة
تربي حركات الشبيبة على قيم الاشتراكية والطلائعية والعمل اليدوي وكانت عند قيام الدولة تربي في نفس الاتجاه مع العائلة والمدرسة ووكلاء آخرين.
بعد الدوام المدرسي تكونت أطر مكملة في المدارس يكتسب داخلها الفرد نفس قيم حركات الشبيبة بدون التزام أيديولوجي لتلك الأطر التعليمية. 
حركات الشبيبة هي منظمات تربية غير رسمية أو نصف رسمية ومن صفاتها ما يلي:
1.     الانضمام إليها ونشاطاتها تطوعية.
2.     المرشدون فيها قريبون من ناحية الجيل على الأعضاء الذين يرشدونهم.
3.     فيها نشاطات متنوعة تربوية واجتماعية ولا تركز على انجازات تعليمية كالمدرسة.
4.     يستطيع المرشدون والأعضاء فيها أن يجربوا نشاطات مستقلة ويكونوا مسؤولين ويتدربوا على أدوار قيادية واجتماعية مختلفة.
5.     تساعد حركة الشبيبة المراهق على الانتقال من الطفولة إلى البلوغ ويستعمل المراهق ثقافة الشبيبة لمواجهة مشاكل الهوية والتردد الذي يميز جيل المراهقة.
6.     أبناء الطبقات ذات الوضع الاقتصادي الجيد والذين آباؤهم من أصل أوروبي ينضمون لحركات الشبيبة أكثر من غيرهم.
7.     يميل الوالد لإرسال ابنه إلى حركة الشبيبة التي كان عضواً فيها في شبابه وبهذا تعمل حركة الشبيبة على خلق نخبة قيادية اجتماعية تستلم زمام الأمور في المستقبل.
هـ. وسائل الاتصال الجماهيرية كوكيل تنشئة
إلى جانب الصحف والمطبوعات تطورت وسائل اتصال الكترونية أثرت في كافة أنحاء الأرض لأنها تنقل المعلومات في وقت وقوع الحدث.
1.     يعتبر التلفزيون المصدر الرئيسي للأخبار والمعلومات ويؤثر على حياة الناس وعقائدهم ومواقفهم في مواضيع كثيرة. دلت الأبحاث أن أبناء الشبيبة الأمريكان يشاهدون التلفزيون حوالي 20 ألف ساعة من الرضاعة وحتى إنهاء الثانوية وهذا أكثر من الدروس التي تعلموها في المدرسة.
2.     تدل الأبحاث على أن للتلفزيون تأثير سلبي على الشبيبة من ناحية العدوانية والاكتئاب، وله تأثير ايجابي لأنه يزود أبناء الشبيبة بمعلومات كثيرة ويزرع فيهم القيم التي تؤكد عليها العائلة مثل النجاح في المدرسة من أجل مستقبل زاهر.
3.     يؤثر أيضاً التلفزيون على الاستهلاك في المجتمع الحديث. فالأولاد يقعون أمام الإغراء ويصدقون أسرع من الكبار ما جاء في الأفلام.
4.     يعمل التلفزيون على تعزيز الأفكار المسبقة ويساهم في تكريس الأفكار النمطية والقولبات الجنسوية التي تظهر في الأفلام والإعلانات.
5.     جميع وسائل الاتصال الجماهيرية (الصحف، الكتب، المذياع، التلفزيون والحاسوب) تؤثر على مواقف أبناء المجتمع الحديث، وأخذت المجتمعات التقليدية أيضاً استهلاك وسائل اتصال جماهيرية.
‌و.     وكلاء تنشئة آخرون في المجتمع
بالإضافة إلى الوكلاء الرئيسين الذين تطرقنا إليهم هناك وكلاء آخرون يؤثرون على الفرد وتطوره ونقصد بذلك المجموعات والمنظمات التي يقضي فيها الفرد قسماً كبيراً من حياته وهي:
1.     مكان العمل: يشكل إطاراً مهماً في حياة الفرد يقضي فيه الفرد مدة طويلة من ساعات النهار خاصة في المجتمع الصناعي الحديث. أما في المجتمع التقليدي يشكل الحقل والمعمل المجاور للبيت مكان عمل. يؤدي مكان العمل في المجتمع الحديث إلى تغيير في حياة الفرد لأنه يتطلب ظروفاً غير مألوفة ومعايير جديدة. في مكان العمل تجري تنشئة اجتماعية مزدوجة: تنشئة اجتماعية مهنية وفنية في مجال تنفيذ العمل وتنشئته مع معايير محددة في مكان العمل.
2.     مجموعات ومنظمات في المجتمع: في المجتمع الحديث تطورت مجموعات جيران ومنظمات محلية تشكل وكلاء تنشئة للفرد مثل النوادي، المنظمات الرياضية، منظمات دينية، ومجموعات تطوعية التي تبلور وجهات نظر مختلفة عند أعضائها.
في المجتمع الإسرائيلي يشكل الجيش وكيلاً مهماً للتنشئة لدى الجنود الذين يكتسبون منه قيماً ومعايير ولغة خاصة بالمنظمة العسكرية.
بما أن المجتمع الحديث يشهد تغيرات سريعة لذلك يضطر الإنسان العصري إلى تعلم أكثر من مهنة في حياته ويغير مكان عمله وسكنه وينضم لنوادي ويلتحق بحزب سياسي معين.



التنشئة الاجتماعية من جديد (إعادة التنشئة الاجتماعية) חברות מחדש
عندما يحدث تغيير على حياة الفرد أو ينتقل من مكان إلى آخر  أو من مركز إلى آخر عليه المرور بتنشئة اجتماعية من جديد يكتسب خلالها القيم والمعايير والأدوار والمعلومات والأنظمة التي تساعده على التأقلم والتكيف للمرحلة الجديدة أو المركز الجديد كما يحدث مع الذي ينتقل من مكان عمل إلى آخر، أو الذي يدخل حركة شبيبة أو عند التدين المفاجئ أو عند مهاجرين من ثقافة إلى أخرى أو دخول السجن أو الخروج منه وغيرها.
نسمي التغير الذي يحدث في شخصية وهوية الإنسان بعد اكتسابه لقيم، معايير وثقافة جديدة بالتنشئة الاجتماعية من جديد (חברות מחדש) وهي تضم مرحلتين:
1.     דה- סוציאליזציה: مرحلة الابتعاد عن خصائص الثقافة السابقة كالقيم والمعايير السابقة.
2.     רה- סוציאליזציה: تعلم خصائص الثقافة الجديدة.
تحدث عملية التنشئة من جديد أحياناً رغماً عن الإنسان كما يحدث في المنظمات الشمولية مثل السجون والمدارس الداخلية ومستشفيات الأمراض النفسية والأديرة ودور الأيتام والمعسكرات، التي تفرض على الفرد أن يتأقلم لقيم ومعايير وأنظمة جديدة لأن الفرد يكون منفصلاً عن العالم الخارجي ويسكن في منظمة لها قوانينها وأنظمتها الخاصة.



أهداف التنشئة الاجتماعية
تهدف التنشئة الاجتماعية حسب منهج التفاعل الرمزي إلى تطوير شخصية الفرد وبلورة هويته أما المنهج الوظيفي يركز على القوى الاجتماعية الفاعلة في الثقافة والوظائف الاجتماعية التي على التنشئة الاجتماعية القيام بها.
توجد ثلاث وظائف أساسية للتنشئة الاجتماعية وهي:
1.     تعليم الثقافة للجيل القادم: تعمل التنشئة الاجتماعية على نقل الثقافة من جيل إلى آخر بواسطة وكلاء التنشئة، لذلك نرى كيف أن ثقافة معينة تحافظ على خصائصها الثقافية طوال أجيال كثيرة. يرى النهج الوظيفي أن تعليم الثقافة للجيل القادم يضمن الاستمرارية واستقرار النظام الاجتماعي وأن مركبات الثقافة التي تبقى من جيل لآخر هي التي تعود بالنفع على المجتمع. إن الفرد الذي يتعلم ثقافة مجتمعه يتعزز ارتباطه بوحدات الانتماء ويحصل على حاجاته التعبيرية والوسيلية.
2.     دمج الفرد في المبنى الاجتماعي: بما أن الفرد يكتسب خلال التنشئة الاجتماعية المراكز والأدوار ويطور هويته الشخصية عن طريق وكلاء التنشئة، لذلك يندمج الفرد في المبنى الاجتماعي ويلائم نفسه لاحتياجات المجتمع. يتعلم الفرد كيف يتصرف كابن، أخ، جار وطالب. تتواصل عملية الدمج في المبنى الاجتماعي على مدار حياة الفرد من الطفولة إلى الشيخوخة.
3.     الرقابة الاجتماعية: تلعب التنشئة الاجتماعية دوراً مهماً في الرقابة الاجتماعية والضبط الاجتماعي. في المجتمع التقليدي توجد رقابة اجتماعية شديدة لأن القيم والمعايير فيه تعتبر مقدسة، لذلك يستعمل وكلاء التنشئة عقوبات ضد من ينحرف عن القيم والمعايير خاصة وأن العلاقات فيه أولية داخل مجموعات صغيرة وأماكن سكن قروية يعرف الناس فيها بعضهم بعضاً. هذا لا ينفي وجود رقابة اجتماعية أيضاً في المجتمع الحديث. يرى المنهج الوظيفي أن التنشئة الاجتماعية تضمن الامتثال الاجتماعي والمحافظة على حدود المجتمع واستقراره. أما منهج الصراع يرى أن الرقابة الاجتماعية تهدف إلى إسكات الأصوات المعارضة التي تنادي بالتغيير الاجتماعي وتهدف إلى ضمان الامتثال للقيم والمعايير الاجتماعية.

مرحلة المراهقة في المجتمع الحديث
1.     المراهقة مرحلة في تطور الإنسان تحتوي على عمليات فيزيولوجية ونفسية واجتماعية.
2.     في المجتمع الحديث توجد فجوة بين البلوغ الفيزيولوجي والبلوغ الاجتماعي الذي يؤدي إلى صراع داخل نفس المراهق من جهة، وبينه وبين بيئته الاجتماعية من جهة أخرى.
3.     بما أن المجتمع الحديث يعتمد على تخصصات وخبرات وتطوير مهارات أصبحت فترة المراهقة طويلة.
4.     يعتبر علم الاجتماع فترة المراهقة "موروتوريوم" (فترة تأجيل") والمراهق "إنسان هامشي"، ويبحث في الصراعات بين المراهقين وبين البالغين "صراع الأجيال" وثقافة الشبيبة.
5.     تلبي ثقافة الشبيبة ومجتمع الشبيبة احتياجات المراهقين.

المراهقة والشباب
تعتبر المراهقة فترة حساسة في حياة الفرد في المجتمع الحديث لأن المراهق يتعرض لتغيرات جسمانية وروحانية ويضطر لإشغال أدوار اجتماعية مثل المسؤولية والتعامل مع الجنس الآخر. ويقل خضوع المراهق لتأثير أهله ويتعرض أكثر لتأثير مجموعة المتساوين والمدرسة. تكثر عند المراهق حالات الإحراج، التردد والارتباك. يحدث صراعا بين المراهق وأهله حول مواضيع اللباس والمظهر الخارجي.
في المجتمعات ما قبل الحديثة التي خرج فيها المراهقون إلى العمل تمت معاملتهم كبالغين لأن فترة المراهقة لم تحسب كفترة منفردة في الحياة وبسبب انتقالهم بسهولة لإشغال أدوار الكبار لم يعانوا من التوتر الذي يميز المراهقين في الغرب ولم يمروا بأزمات نفسية. طالت فترة الشباب في المجتمع الحديث لتضم عقدين بين الطفولة والبلوغ لأن الصغار عرفوا عالم الكبار من خلال التلفزيون والانترنيت وبسبب طول الفترة المطلوبة لتأهيل المراهق لدور البالغ ولاكتساب التخصصات بسبب الازدياد في سن الزواج وغيرها.

علم اجتماع المراهقة
تتناول أبحاث علم الاجتماع في مجال المراهقة التأثيرات الثقافية والاقتصادية والسياسية على طبيعة المراهقة ومدتها والتغيرات فيها التي تؤثر على حياة العائلة والوالدية.
اكتشاف/اختراع المراهقة: يعتقد البعض أن المراهقة من اختراع المجتمع الغربي الحديث عند الانتقال من الاقتصاد الزراعي البسيط إلى الاقتصاد الصناعي. المراهقة فترة منفصلة بين الطفولة والبلوغ يقل فيها تأثير الأهل ويزداد تأثير مجموعة المتساوين.
يقول الباحث هول أن مشكلة المراهقة تتعلق بالبيولوجيا والثقافة وبما أن التطور الفيزيولوجي والمراهقة الاجتماعية غير متوازيين يؤدي إلى حدوث المشكلة الثقافية للمراهقة.
بسبب ظهور منظمات حديثة تولت وظائف العائلة القديمة خاصة في المجال التربوي يتعلق المراهقون أكثر بمجموعة المتساوين التي لا تراقب المراهق كما تراقبه العائلة.
التنشئة الاجتماعية في جيل المراهقة:
اهتم الباحثون في جيل المراهقة وبحثوا مواضيع رئيسية مثل: تطور مواقف وقيم ومعايير هذا الجيل وتحقيق انجازات تعليمية ومشاكل سلوكيه ومهارات اجتماعية لدى المراهقين. العائلة وكيل تنشئة رئيسي في جيل الطفولة، لكن المراهقين يتأثرون بوكلاء آخرين مثل: مجموعة المتساوين، المدرسة، وسائل الإعلام، مكان العمل والجيران.
اهتم الباحثون بتأثير ثقافات الشبيه وتأثير مجموعة المتساوين على المراهق. قال كولمان إن المراهق يعيش في عالم منفصل عن أهله وإن المراهقين يكونون ثقافة معارضة الشيء الذي يؤدي إلى الفجوة بين الأجيال.
اهتم علماء الاجتماع في النصف الثاني من القرن العشرين بتطور ثقافة الشبيبة وتم بحث تأثير وسائل الإعلام كالتلفزيون على انحراف الشباب مثل تعاطي المخدرات وممارسة الجنس والعنف.
التنشئة الاجتماعية للمراهقين في العائلة:
تشير غالبية الأبحاث إلى أهمية نموذج وتنشئة اجتماعية حازم من الأهل حيث يضع الأهل أمام المراهق طلباتهم وفي نفس الوقت يلبون احتياجاته، وإن المراهقين الذين نشأوا في عائلات حازمة يحققون انجازات تعليمية وتكيفاً نفسيًا أفضل من مراهقين نشأوا في عائلات سلطوية أو مهملة. إن العلاقات بين المراهق وأهله هي أهم عامل في التأثير على انجازاته التعليمية وتصرفاته، كما أن نموذج التنشئة الحازم موجود في أوساط عائلات ذات موارد اقتصادية جيدة.
التنشئة الاجتماعية للمراهق في مجموعة المتساوين:
تؤثر مجموعة المتساوين على تصرفات المراهق في حياته اليومية وعلى القيم لمدة طويلة، وتشير الأبحاث إلى أن المراهقين يميلون إلى التشابه مع زملائهم وهي ظاهرة اسمها "هموفيليا" خاصة في تعاطي المخدرات والمشروبات الروحية والانحراف والإنجازات التعليمية. في جيل 9-14 سنة يقع الفرد تحت ضغط جماعي كبير وهذا يضعف خلال مرحلة المراهقة وهو منتشر بين الذكور أكثر من الإناث ويتمثل بتصرفات غير اجتماعية.
كان الاعتقاد أن العائلة ومجموعة الزملاء يؤثرون على المراهق في اتجاهات متضاربة ولكن لم يثبت صحة هذا في الأبحاث الحديثة بل ظهر أن تأثير مجموعة المتساوين في اتجاه تعزيز المواقف والقيم المدعومة من العائلة، وتوجه عائلات كثيرة أولادها المراهقين إلى مجموعة الزملاء التي تبدو في نظر الأهالي داعمة للقيم والتصرفات المقبولة.
التنشئة الاجتماعية للمراهق في الأطر الأخرى:
بالإضافة إلى تأثير العائلة ومجموعة المتساوين على المراهق هناك تأثير أيضاً للمدرسة، وسائل الاتصال الجماهيرية ومكان العمل والحي السكني.
أ‌.      المدرسة: تبدي المدرسة حساسية لاحتياجات المراهقين النفسية وتدفعهم إلى انجازات تعليمية. يظهر موقف الولد الايجابي من المدرسة واهتمامه بالدراسة عندما تطبق المدرسة النظام والانضباط وعندما يتبع المعلمون والإدارة خطوات حازمة وداعمة اتجاه الطلاب. حتى تنجح المدرسة في تأثيرها على المراهق يجب أن تحصل على دعم من الأهل ومجموعة المتساوين والمنظمات في المجتمع.
ب‌.    مكان العمل: خروج المراهق للعمل يكون من أجل الاستقلال والتحرر من قبضة والديه. يتعرف المراهق على عالم العمل ويعرف كيف يقسم وقته بصورة ناجحة ومسؤولة. ويجرب المراهق العلاقة بين العامل وصاحب العمل كما يتوقع مدخولاته ويخطط مصاريفه. إذا كانت ساعات عمل المراهق كثيرة تؤثر على التزاماته التعليمية في المدرسة وتحد من سيطرة الأهل عليه.
ت‌.    الحي السكني: تؤثر بيئة السكن على الأهالي ومجموعة المتساوين وأيضاً على المراهقين في الحي. إذا كان في الحي علاقات اجتماعيه غير وثيقة قد يتورط المراهق في تصرفات غير اجتماعية، لأن عدم وجود التنظيم الاجتماعي يضعف تأثير الأهالي ويحد من مراقبتهم للمراهق. أما الأبحاث التي تتناول متوسط الدخل لسكان الحي ومعطيات ديموغرافية مثل: حجم العائلة وتأثيرها على المراهق ما زالت في بدايتها.

نظريات المراهقة
نشأت في المجتمع فجوة بين البلوغ الفيزيولوجي والبلوغ الاجتماعي، وأدت هذه الفجوة إلى صراع بين المراهق وبيئته الاجتماعية، لأن المجتمع لا يفسح المجال للمراهق أن يحصل على أدوار ومراكز للبالغين. يعتبر الأهل المراهقين كبارًا ولكن لا يسمحوا لهم بالتصرف مثل الكبار ومن جهة أخرى لا يعتبرونهم كبارًا ولا يحصلون على حقوق الكبار.
تستمر فترة المراهقة طويلاً في المجتمع الحديث لأن المراهق يتعلم ويتخصص في العمل، أما في المجتمع البسيط يكون البلوغ الاجتماعي والنفسي قريبًا من المراهقة الجنسية.

نظريات اجتماعية في المراهقة: "الهامشية الاجتماعية" و"الفجوة بين الأجيال"
أ. الهامشية الاجتماعية: المراهق إنسان هامشي ما زال متعلقًا بوالديه كمجموعة الأولاد ويقارن نفسه بمجموعة البالغين التي لا تقبله. يبقى المراهق في مجموعة الانتماء ولكن لم يقبل بعد في المجموعة المرجعية، لذلك يعاني من عدم استقرار وعدم ثقة بالنفس.
بسبب الغموض في التعامل مع المراهق يظهر لديه صراع لأن الأهل يتوقعون من ابنهم المراهق أن يحرص على أخوته الصغار، وبالمقابل يحددون له مدة بقائه خارج البيت.
ب. الفجوة بين الأجيال أو صراع الأجيال: يطور المراهقون لأنفسهم قيمًا ومعايير وثقافة تختلف عن ثقافة ومواقف البالغين تسمى "ثقافة معارضة" (תרבות נגד). في المجتمع الحديث الذي تحدث فيه تغييرات سريعة يحدث صراع وفجوة بين الأجيال، لأن كل جيل يحمل تجربة حياتية ومعتقدات مختلفة عن الجيل الآخر.
تلخيص: المراهقة في المجتمعات التقليدية والحديثة وما بعد الحديثة
لا تظهر المراهقة في المجتمعات التقليدية بأنها مسار متواصل بل انتقال حاد من الطفولة إلى البلوغ ترافقه طقوس خاصة مع الإشارة إلى أن البلوغ الاجتماعي قريب من البلوغ الفيزيولوجي.
أما خصائص المراهقة في المجتمع الحديث هي:
1.     عملية طويلة يكتسب خلالها المراهق التخصصات والمهارات.
2.     التربية تكون في مدارس متجانسة يكتسب فيها الفرد مهنة أحيانًا.
3.     تميزها ثقافة شبيبة محلية.
4.     أصبح التلفزيون وكيل تنشئة اجتماعية في هذه الفترة.
لكن خصائص المراهقة في المجتمع بعد الحديث هي:
1.     يعتمد المجتمع بعد الحديث على وفرة المعلومات وسرعة الحصول عليها مما قد يقصر فترة المراهقة في مجالات معينة.
2.     التباين بين المدارس وتعدد إمكانيات الاختيار.
3.     تأجيل تعلم المهنة إلى مرحلة لاحقة وليس في جيل المراهقة.
4.     ثقافة الشبيبة عالمية بتأثير وسائل الاتصال الجماهيرية.
5.     زيادة قوة التلفزيون كوكيل مهم في التنشئة الاجتماعية.
6.     شبكة الانترنت لها تأثير كبير المدى بسبب المعلومات التي لا حدود لها.






النظرية الايكولوجية البيئية عند يوري برونفنبرنر
تعتبر نظرية برونفنبرنر متعددة الأبعاد لأنه يفحص تأثير البيئات المختلفة القريبة والبعيدة على تطور الفرد، في نظرية الميكرو على غرار التفاعل الرمزي تتم عملية تطور الفرد من خلال التفاعل مع الآخرين وعلى صعيد الماكرو يوجد تأثير للإطار الاجتماعي الواسع على عملية تكيف الفرد مع بيئته.
توجد أربع منظومات تؤثر على بلورة هوية الفرد وهي:
1.     منظومة الميكرو: هي البيئة الأولية والقريبة التي تؤثر على الفرد من خلال العلاقات المباشرة مع الأشخاص المقربين مثل العائلة، الصف، الأصدقاء، الجيران والمؤسسات الدينية كالمسجد والكنيسة.
2.     منظومة الميسو: تضم العلاقات بين وحدات الميكرو المختلفة مثل العلاقة بين أهل الولد ومعلميه. مثلاً يتأثر تعليم القراءة ليس فقط بالمعلم في الصف بل بنوعية العلاقة بين المدرسة والبيت كما أن الشجارات في العائلة قد تؤثر على الأداء في المدرسة.
3.     منظومة الاكسو: تضم أحداثا وعلاقات لا يكون للفرد علاقة مباشرة معها ولكنها تؤثر عليه مثل مكان عمل والديه وأصدقاء الأهل. إذا تعرض الأهل للضغط في مكان العمل مثل تقليص ساعات العمل أو الإقالة يؤثر هذا على الابن من ناحية عاطفية واقتصادية.
4.     منظومة الماكرو: تضم التأثير البعيد مثل السياسة الاجتماعية والأيديولوجية والثقافة والدين. الأحداث في منظومة الماكرو مثل الحرب، السلام، الركود الاقتصادي أو الازدهار الاقتصادي تؤثر على الفرد وعلى طبقات ايكولوجية أخرى.
المعابر/ الانتقالات البيئية
المعابر البيئية مرتبطة بالتغيرات في مراكز الإنسان وأدواره الاجتماعية، يوجد نوعان من المعابر:
1. معايير بسيطة مثل معبر الحياة وهي قسمان:
أ. معابر معيارية مثل الدخول إلى المدرسة، البلوغ الجنسي، الانضمام إلى القوى العاملة، الزواج والتقاعد.
ب. معابر غير معيارية مثل طلاق، ترحال والفوز المفاجئ بثروة مالية أو الإفلاس.
2. معابر مركبة/ معقدة: تحدث خلال فترات تاريخية ذات فروق ثقافية وسياسية في حياة الفرد مثلاً عندما يعيش الأولاد في وضع اقتصادي صعب في شبابهم.


Previous Post Next Post