الأرصاد الجوية
يهتم علم الأرصاد الجوية بدراسة التغيرات المختلفة فى عناصر المناخ وذلك فى الغلاف الجوى المحيط بالكرة الأرضية ووضع التفسيرات لهذه الظواهر ومدى التغيرات المتوقعة لها خلال فترات زمنية متفاوتة. بينما تهتم الأرصاد الجوية الزراعية بتناول التغيرات فى المناخ المحلى للمنطقة الأكثر ارتباطا بالتربة  الزراعية وما ينمو عليها من نبات.
بعض الناس تخلط بين مفهوم الطقس والمناخ ويستخدمونها بشكل متبادل مكان بعضها البعض دون تفريق. لذا لابد من التفريق بين المناخ والطقس :
        المناخ : يعطي صورة عامة وشاملة عن حالة الجو في تلك المنطقة، وبالتالي يعطيها شخصيتها المناخية التي تميزها عن غيرها من المناطق عن طريق حساب متوسطاتها، ومتغيراتها، وقيمها، خلال مدة لا تقل عن 30 سنة، فمثلا يوصف مناخ حوض البحر المتوسط بأنه حار جافٌ صيفًا، ومعتدلٌ ممطر شتاء، أو يوصف مناخ المنطقة الاستوائية بأنه حار وممطر طوال العام، وهكذا...
        الطقس : عادة يعرف الطقس بأنه " حالة نظام الغلاف الجوي في مكان ما خلال فترة وجيزة من الزمن، تتراوح بين الساعة الواحدة إلى عدة شهور. وفي معظم الأماكن قد يتغير الطقس بين ساعة وأخرى، ومن يوم إلى يوم، ومن فصل إلى فصل. ولذلك فإن حالات الطقس حالات آنية للغلاف الجوي تبين ماذا يحدث فيه في مكان ما خلال وقت ما. عادة يعطى الطقس صورة مؤقتة عن حالة الجو لمنطقة ما من حيث الارتفاع والانخفاض في درجات الحرارة، أو سقوط الأمطار، أو هبوب الرياح، وهذا ما ينطبق على وصف النشرة الجوية لمنطقة معينة .
        أهمية دراسة المناخ للإنتاج الزراعي :
        اثر عناصر المناخ على تكوين التربة :-
التربة هي جزء من مكونات النظام البيئي، و هي نتاج تفكك و تحلل الصخور و المعادن بفعل عوامل التجوية المختلفة وفقاً للمُناخ السائد، و يتأثر مُناخ التربة بمُناخ الهواء المحيط بها، إلى جانب تأثره بالمكونات المعدنية و البيولوجية للتربة، و يظهر مدى أهمية الدور الكبير الذي يلعبه المُناخ في تكوين التربة في أنه قد تتشابه التربة في الأصل الصخري في منطقتين مختلفتين في ظروفهما المُناخية فينتج عن ذلك تربة تختلف عن الأخرى اختلافاً يكاد يكون كلياً في خصائصها الطبيعية و الكيميائية نتيجة لتأثرها بعناصر المُناخ المختلفة فترتبط زيادة المواد العضوية في التربة بزيادة هطول المطر وانخفاض درجات الحرارة، و يتوقف معدل زيادة الطين أي غرويات التربة بمعدل هطول الأمطار كما يرتبط غسيل التربة من المواد المعدنية بغزارة الأمطار، و يزيد ترسيب و تراكم الأملاح على سطح التربة مع ارتفاع درجة الحرارة و قلة الأمطار، في حين بطريق غير مباشر يحدد المُناخ كثافة غطاء النبات الطبيعي و يؤثر ذلك على كمية المواد العضوية المتحللة و التي بدورها تحدد درجة خصوبة التربة، و تتحدد بذلك المحاصيل الزراعية التي يمكن أن تزرع فيها.
و لدرجة حرارة التربة خصائص تختلف عن درجة حرارة الطبقة الهوائية القريبة من سطح الأرض، و إن كانت حرارة هذه الطبقة تؤثر على حرارة التربة بدرجة كبيرة و ذلك من خلال درجة الحرارة التي تتعدى في أهميتها معظم عناصر المُناخ الأخرى المؤثرة على حياة النبات، فيؤدي ارتفاع درجة حرارة التربة إلى سرعة حركة المياه فيها و بالتالي يسهل على النبات امتصاصه، و تحت الظروف المُناخية الواحدة نجد إن التربة الخشنة القوام والمفككة ذات حرارة أعلى من التربة الطينية الثقيلة، كما إن التُربة الداكنة أكثر امتصاصاً للحرارة من التُربة الفاتحة اللون، و كذلك تؤثر درجة الحرارة المرتفعة على سرعة تحلل المواد العضوية وبالتالي سرعة بناء التربة، و يرتبط سرعة النشاط الميكروبي بحرارة التربة حيث تصل إلى أقل مستوى عند 10مْ وأقصى سرعة لها عند حرارة تتراوح بين 18- 30مْ بينما يتوقف تماماً عند درجة حرارة 40 مْ، كما تكون الجذور قصيرة ويقل تفرعها وقدرتها على امتصاص الماء والمواد الغذائية مع انخفاض حرارة التربة وينعكس ذلك على سرعة نمو النبات.
        اثر عناصر المناخ على النبات النامي :-
ترتبط الأعمال الزراعية ارتباطاً وثيقاً بالخصائص الطقسية والمناخية، ولا يخفى على أحد أثر كل من الإشعاع الشمسي Isolation، والرطوبة Moisture، والرياح Wind، وحدوث الصقيع Frost، والندى Dew، والبّرد Hail، على نمو النبات أثناء مراحل النمو المختلفة. ومن ثم ظهر علم جديد هو المتيورلوجيا الزراعية (الأرصاد الجوية الزراعية)، وهو يتناول دراسة أثر العوامل المناخية، التي لها دور بارز في مراحل نمو النبات، وتلك التي تحدث أثناء فترات إعداد الأرض للزراعة، ومواعيد الإزهار، ونضج الثمار، وخصائص الدورة الزراعية، وجمع المحاصيل، وطرق الري، ومواعيدها، وطرق الصرف.
وتختلف أهمية كل عنصر من عناصر المناخ من محصول إلى آخر ومن مكان إلى آخر فقد تكون كمية المطر من أهم العناصر بالنسبة لمحصول معين، وقد تكون درجة الحرارة أو كمية الرطوبة أو الرياح أقوى اثر مادام يمكن توفير المياه صناعيا وقد يكون طول الفصل الخالي من الصقيع هو العامل الرئيسي وبعض المحاصيل يحتاج لفترة مشمسة بينما يحتاج البعض الأخر لغطاء من السحب في بدء النمو.
        واهم عناصر المناخ التي تؤثر في الإنتاج الزراعي :
        درجة الحرارة:
تحدد درجة الحرارة طول فصل النمو ونوع النباتات فالحرارة لها أهمية كبيرة في تحديد إنتاج بعض المحاصيل والحصول على أقصى منفعة اقتصادية منها. وقد أدى هذا إلى ظاهرة التخصص الزراعي وارتباط المحاصيل بدراجات الحرارة وكلما زادت قدرة النبات على تحمل درجات الحرارة المتفاوتة كلما كان أوسع انتشارا.
ويجب إلا تقل درجة الحرارة عن حدها الأدنى اللازم لنمو المحصول حيث أن انخفاض درجة الحرارة يؤدى إلى تجمد المياه فى التربة ويقل معدل امتصاص النبات وبالتالي تجف الأنسجة وتموت وقد يرجع نقص امتصاص الماء إلى تمزق الجذور نتيجة الصقيع الذى يؤدى إلى نزع جزء من ماء الخلية فيزداد تركيز العصير الخلوي وجفاف البروتويلازم. وقد يحدث تجمد للعصير الخلوي داخل الخلية فيزداد حجم الماء فتنكسر الجدر الخلوية خصوصا فى الثمار الرطبة. ويؤدى ارتفاع درجة حرارة إلى زيادة معدل النتح ويصبحه جفاف واضطراب فى عمليتي التنفس والتمثيل الضوئي.
        الأمطار :
الأمطار لها تأثير كبير على نمو المحاصيل لأنها المصدر الرئيسي للمياه العذبة اللازمة للنبات ولذلك تؤثر كمية المطر على الإنتاج الزراعي بكمية الأمطار الساقطة وفصل سقوطها ونظام سقوطها محددة نوع المحصول الذي يمكن زراعته في المنطقة فالأمطار تسقط على معظم الإقليم فى الموسم الصيفي ولذلك تزرع المحاصيل الصيفية كالأرز كما تزرع المحاصيل الشتوية في إقليم البحر المتوسط كالقمح اعتمادا على الأمطار الشتوية وتختلف الاحتياجات المائية للنباتات حسب نوع المحصول تبعا لاختلاف العروض التي يزرع فيها وكما تكون الأمطار مفيدة للزراعة فأحيانا تكون ضارة كما يحدث في الفيضانات المدمرة.
        الرياح :
للرياح أثار طيبة وأخرى سيئة على الزراعة والإنتاج الزراعي فمن أثارها الطيبة حمل حبوب اللقاح وإدارة طواحين الهواء ومراوح توليد الطاقة الكهربائية والتي تعمل على رفع درجة الحرارة بمعدل 12 درجة تتسبب في إذابة الجليد ولذالك تفيد هذه الرياح في نضج بعض الزراعات في جنوب ألمانيا والنمسا كالتفاح والكمثري. ومن الآثار الضارة للرياح سرعتها الشديدة التي تسبب كسر سيقان بعض النباتات الضعيفة إلى جانب دورها في تعرية التربة وخاصة في المناطق الجافة وعلى كل حال يظهر اثر الرياح في معدل البخر والنتح من النبات وتلعب دورا كبيرا في عملية التلقيح.
        الضوء :
يؤثر الضوء على عملية التمثيل الضوئي الكلوروفيلى التي يمكن بواسطتها تحويل الأملاح والمواد الذائبة التي يمتصها النبات من التربة إلى عناصر غذائية تعمل على نمو النبات, وتساعد وفرة الضوء على التفريع وزيادة قوة وصلابة السيقان وزيادة وزن النبات الكلي وعدد الحبوب ووزن الحبة كما يزيد الضوء من نسبة الجذور إلى المحصول الكلي ويقلل من نسبة القش إلى المحصول الكلي.
        الرطوبة :
للرطوبة اثر هام على بعض المحاصيل وفي قيام بعض الصناعات ولدرجة الرطوبة الجوية تأثير على كمية المياه التي تفقد من السطح الأرض بالتبخير مما يؤثر على نمو النبات كما يزيد أو يقلل من عملية النتج كل ذلك يؤثر على درجة النمو لشدة احتياج هذه النباتات إلى الماء الموجودة في الأرض.
        سقوط الثلج :
أن سقوط الثلج وتراكمه وتحوله إلى جليد بفعل الضغط يقضي على الزراعات المختلفة والثلج  في حد ذاته يعتبر طبقة عازلة تحمي التربة وتعزلها عن درجة حرارة الهواء والثلج ضار بالزراعة عندما يساعد على نمو بعض الحشاش الضارة بالمحاصيل التي يزرعها الإنسان كما يحدث عند زراعة القمح في شمال السويد ويترتب على سقوط الثلج على الأرض أضرارا كبيرة حيث يسبب الفيضانات المدمرة عند ذوبانه.
        الصقيع :
يعتير الصقيع من اخطر العوامل المناخية على النباتات ويحدث الصقيع نتيجة تحول بخار الماء من الحالة الغازية إلى الحالة الصلبة مباشرة دون المرور بحالة السيولة وتزداد خطورة الصقيع أذا حدثت موجاته خلال فصل الخريف أي في المراحل الأولى لنمو النبات قبل أن يكون في حالة تمكنه من مقاومة شدة البرودة كما يكون الصقيع خطيرا جدا أذا جاء في أواخر فصل الربيع أي في وقت الحصاد وهو في هذه الحالة يضر بالثمار وقد يكون الضرر بسبب تجمد التربة ولذلك يحاول الزراعيون استنباط سلالات وفصائل نباتية تنضج فيء فترة زمنية قصيرة حتى لا تتأثر بالصقيع مما يساعد على أمكانية التوسع في الزراعة شمالا.
        أثر المناخ فى انتشار الأمراض النباتية :-
المرض النباتي ما هو إلا محصلة مجموعة من العوامل المختلفة المتعلقة بكل من الطفيل والنبات العائل والعوامل البيئية التى تحيط بهما أثناء حدوث الإصابة وتكشف المرض. فتتوقف الإصابة بالأمراض على العوامل البيئية المحيطة, ويتوقف تقدم المرض من حيث " الشدة " و " الانتشار "على توافق المسبب المرضى والبيئة. ومن أهم العوامل البيئية إلى تؤثر على انتشار الأمراض : الحرارة & الرطوبة & الضوء.

        المناخ والإنتاج الحيواني :-
يرتبط التوزيع الجغرافي للحيوانات بتغير الأقاليم المناخية على سطح الأرض، ويكاد يكون لكل إقليم مناخي حيواناته وطيوره الخاصة، لذا تضطر الحيوانات والطيور البرية إلى القيام بالهجرة الفصلية تبعاً لتغير الظروف المناخية. وتبعاً لتنوع الظروف المناخية تتنوع المراعي الطبيعية، ففي مناطق السافانا في العروض المدارية تسود حرفة رعي الأبقار والماشية، وتتمثل في الصحاري الحارة حيث تقل الموارد المائية حرفة رعي الجمال والماعز وبعض الأغنام، ويسود في سهول الاستبس الاستوائية حرفة رعي الخيول إلى جانب تربية الضأن.
        بعض المعاملات الزراعية لتقليل اثر عناصر المناخ الغير مناسبة
يتعرض المزارع فى الحقل لبعض ظروف عناصر المناخ الغير مناسبة لذا يلجأ إلى التعامل معها عن طريق بعض المعاملات الزراعية مثل : -
        عند انخفاض درجة الحرارة يلجأ إلى :
        التدفئة الصناعية خلال فترة الصقيع لمنع تجمد ثمار الفاكهة فى المناطق الباردة.
        تغطية البادرات والأشجار الصغيرة ومناطق القمم النامية بالحصر وأكياس البولي ايثيلين.
        تغطية النباتات بالقش كما يحدث مع الطماطم قبل حدوث الصقيع.
        تضيق المسافات بين الأشجار بزراعة مؤقتات بين الأشجار.
        أطلاق دخان مع اتجاه الرياح يعمل على تدفئة الأشجار الكبيرة.
        ري الأرض قبل حدوث الصقيع بفترة قليلة يقلل من أضراره الميكانيكية على الجذور.
        عند ارتفاع درجة الحرارة يلجأ إلى :
        عمل تعاريش من عيدان الذرة أو الغاب لتقليل اثر الأشعة الشمسية على البادرات والنباتات الصغيرة خصوصا فى المشاتل.
        طلاء جذوع الأشجار بماء الجير (الدهان الأبيض) لتقليل الحرارة الممتصة وزيادة الانعكاس.
        زراعة بعض الأشجار الحساسة تحت أشجار أخرى مقاومة.
        زيادة الرطوبة الجوية بتشغيل أجهزة الرش لتلطيف الجو.
        أقمة مصدات الرياح حول المزارع لتفادى اثر الرياح الشديدة
        العوامل المؤثرة فى المناخ :
يتأثر المناخ لاى منطقة بمتغيرات عامة بعضها غير متغير والأخر قد يكون محليا اى قد يكون قابل للتغير ومنها :-
        الموقع بالنسبة لدوائر العرض :
وهو موقعه بالنسبة لخط الاستواء، فالجهات القريبة منه تكثر فيها الحرارة وتزداد درجة هطول الأمطار ويتعادل طول الليل والنهار، والجهـات البعيدة عنه تقل فيــها الحرارة ويتغير موسم وكميات الأمطار ويتغير النسبة بين طول الليل والنهار، وذلك تبعًا لتعامد أشعة الشمس على الجهات القريبة منه وميلها عن الجهات البعيدة عنه. وتتكون مجموعة من المناطق المناخية المختلفة التى يتأثر بعضها بالموقع المحلى.
        ارتفاع الإقليم أو انخفاضه عن سطح البحر ( التضاريس ) :
تقل حرارة المكان إذا ارتفع عن سطح البحر وتزداد حرارته كلما انخفض، وذلك لأن أشعة الشمس لا تسخن الهواء بمرورها فيه، وإنما تسخن سطح الأرض، ثم تنعكس الحرارة من سطح الأرض إلى طبقات الجو، وتكون الطبقات السفلى من الهواء أشد حرارة من التي فوقها، ولذلك نجد أن الجبال شديدة البرودة يتجمد ماؤها وتكسوها الثلوج.
        أثر الارتفاع : يؤثر ارتفاع التضاريس في الحرارة والضغط اللذين يتناقصان كلما زاد الارتفاع، كما يؤثر الارتفاع في التكاثف والتساقط شكلا ً و كمية إذ يتزايد التكاثف والتساقط كلما زاد الارتفاع ويصبح التساقط ثلجيا ً في المناطق العالية. ومما يساعد على قلة الحرارة في الجهات العالية أن ضغطها الجوي منخفض، والهواء فيها مخلخل لا يمسك الحرارة أو يحفظها وذلكّ على عكس الطبقات الهوائية السفلى فإنها عالية الضغط، وتضغط جزيئات الهواء فيها بعضها على بعض فترتفع درجة حرارتها. وتنخفض الحرارة بمقدار درجة مئوية واحدة كلما ارتفعنا 150 متراً عن سطح البحر، فإذا زاد الارتفاع كثيرًا وقلت الحرارة ووصلت إلى درجة (صفر) تحول البخار إلى ثلج وبرَد، والماء إلى جليد.
        أثر الاتجاه : يؤثر اتجاه التضاريس في الحرارة فالسفوح الجبلية المقابلة لخط الاستواء أكثر حرارة من تلك التي تقابل القطبين (السفوح الجنوبية في نصف الكرة الشمالية هي الأكثر حرارة بسبب تعرضها للشمس والعكس في نصف الكرة الجنوبية ) ويؤثر الاتجاه في صد الرياح السائدة أو توغلها في الداخل مما يجعل السفوح الجبلية المواجهة للرياح رطبة أكثر مطرا ً من السفوح المعاكسة، ويجعل للفتحات الجبلية في مثل هذه الجبال دورا ً هاما ً في مناخ المناطق الداخلية التي تقابلها ويمكن ملاحظة في سلاسل بلاد الشام الغربية وفتحاتها الجبلية.
        قرب المكان أو بعده من البحر (توزيع اليابس والماء) :
تتمتع الجهات القريبة من البحر أو المحيطة به بمناخ معتدل لطيف يعرف بالمناخ البحري ويكون شتاؤها دافئاً وصيفها معتدلا وهواؤها رطبًا. أما الجهات الداخلية البعيدة عن تأثير البحار فشتاؤها قارص البرد، وصيفها شديد الحرارة، وتقل بها الأمطار غالبًا ويكون مناخها قارياً.
وللمسطحات المائية أثر كبير على مناخ المناطق المجاورة. ويظهر ذلك في الحرارة فبما أن ماء البحر يسخن ويبرد ببطء على عكس اليابسة وهذا راجع اى أن الحرارة النوعية للماء اكبر من الحرارة النوعية لليابس, لذا يكون الهواء الملامس له أقل حرارة من هواء اليابسة المجاورة صيفا ً وأكثر حرارة شتاء ً لذا يعدل البحر من حرارة اليابس المجاور في الصيف ومن برودته في الشتاء. وتؤثر المسطحات المائية في الضغط والرياح فنظرا ً لتبان الحرارة بين اليابس والماء تتباين الضغوط فوقهما.
وتؤثر المسطحات المائية في الرطوبة والتساقط فبما أن الرطوبة النسبية في الهواء فوق البحار والسواحل أعظم بكثير من هواء المناطق داخل اليابسة لذا تكون الأمطار غزيرة على السواحل التي تهب عليها الرياح البحرية، وتزيد غزارتها كلما تعامدت تلك الرياح مع خط الساحل.
        نوع الرياح التي يكثر هبوبها على المكان واتجاهها :
يتأثر مناخ الإقليم بنوع الرياح التي تهب عليه تأثرا واضحا، فإذا كانت الرياح التي تهب عليه آتية من جهات باردة جعلت مناخه باردا، وإذا كانت آتية من جهات حارة فإنها ترفع درجة حرارته. ثم إن الرياح الرطبة التي تهب من جهة البحر إلى اليابس تجلب له الأمطار والدفء عادة، والرياح التي تهب من ناحية اليابس أو الصحاري أو الجبال تكون جافة، وكثيرا ما تحمل الغبار والرمال وترفع الحرارة أو تخفضها تبعًا للفصل الذي تهب خلاله.
        التيارات البحرية :
تختلف آثار التيارات البحرية باختلاف طبيعتها فهي ترفع حرارة السواحل التي تمر بها وتزيد رطوبتها إن كانت حارة وينعكس الوضع إذا كانت باردة. فسواحل أوربا الغربية التي يمر بها تيار الخليج الحار تكون أعلى حرارة وأكثر رطوبة من السواحل المقابلة لها في كندا والولايات المتحدة الأمريكية حيث يمر تيار لابرادور البارد ولهذا تبقى المرافئ في أوربا الغربية مفتوحة للملاحة شتاء حتى درجة عرض 75 ° في حين تتعطل مثيلاتها على الساحل الأمريكي بسبب التجمد اعتبارا ً من درجة عرض 50 °0
        الغطــاء النباتــي :
 تعمل الغابات والحشائش بسبب عملية النتح وحجب أشعة الشمس عن الأرض على خفض درجة الحرارة, وهذا يفسر لنا اختلاف درجات الحرارة بين المناطق الصحراوية والغابات الاستوائية.
الغلاف الجوي
نطلق اسم الغلاف الجوى على الغلاف الغازي الذي يحيط إحاطة تامة بالكرة الأرضية مجذوب إليها بفعل الجاذبية الأرضية، والذي يمتد فوق سطحها من يابس وماء بسمك لم يتم تحديده بدقة حتى الوقت الراهن على الرغم من الأجهزة الحديثة المتطورة التى يستخدمها الباحثين في دراسة هذا الغلاف. ويعتبر الغلاف الجوي مستودعا كبيرا للمياه ويستخدم لنقل الماء حول الأرض، إذ يصل حجم الماء الموجود في الغلاف الجوي إلى حوالي 12,900 كيلومتر مكعب يتساقط معظمها على شكل أمطار في المحيطات والبحار حيث أنه إذا حدث وسقطت كل المياه الموجودة في الغلاف الجوي في آن واحد فإنها ستغطي الكرة الأرضية بعمق يصل إلى 2,5 سم. ويقدر ثقل السحب التي يحتويها الغلاف الجوى بآلاف الملايين من الأطنان.
        تركيب الغلاف الجوى :
يتركب الغلاف الجوي من مجموعة من الغازات، بعضها تكون في نسب شبه ثابتة كالأوكسجين والنتروجين والأرجون والنيون والهليوم والهيدروجين وغيرها، والبعض الأخر تتغير نسبتها من مكان إلى أخر ومن زمان إلى أخر، كما هو الحال بالنسبة لغاز ثاني أوكسيد الكربون، وغاز الأوزون، وبخار الماء.
وتشغل خمس غازات نحو 99,997٪  من حجم الهواء وهي النتروجين والأوكسجين وبخار الماء والأرجون وثاني أوكسيد الكربون. وبعض الغازات نسبتها قليلة جدا إلا أنها ذات أهمية خاصة غاز الأوزون الذي يمتص الجزء الأعظم من الأشعة الشمسية فوق البنفسجية. أما بخار الماء فتختلف نسبته من مكان إلى أخر.
التركيب الغازي للغلاف الجوى
المكون نسبة المكون حجما    نسبة المكون وزنا
نيتروجين      78,09        75,527
أوكسجين      20,95        23,143
ارجون 0,93  1,282
ثانى أكسيد الكربون   0,03  0,546
بخار الماء     متغير (4٪)   متغير
النيون  0,0018     
الهليوم 0,0005     
الأوزون       0,0006     
الهيدروجين   0,0005     

و الغلاف الجوي مخلوط ميكانيكي وليس مركب كيماوي وهو قابل للانضغاط بدرجة كبيرة مما يجعل طبقته السفلى ذات كثافة عالية, فمثلا يصل وزن المتر المكعب فى الطبقات السفلى إلى 1,2 كجم عند سطح التربة ويتناقص ليصل 0,7 كجم على ارتفاع 500 متر من السطح.
و يمتد الغلاف الجوى مسافة تقدر بعشرات الكيلومترات، ويتركز نحو نصف الوزن الإجمالي لغازات الغلاف الجوي حتى ارتفاع ستة كيلومترات فوق سطح البحر وهذا  يعني اختفاء معظم الغازات قبل الوصول إلى ارتفاع 300 - 500 كيلومتر. والهواء العادي غير الملوث عديم اللون والطعم والرائحة، ويحس به الإنسان عندما يتنفسه أو يتحرك على شكل رياح.
        بخار الماء : يعتبر بخار الماء من أهم غازات الغلاف الجوي، لكن نسبته متفاوتة من وقت لأخر، ففي المناطق الرطبة قد تصل فيها نسبته إلى حوالي 4٪ من كتلة الهواء، بينما تنخفض إلى قرابة الصفر في المناطق الصحراوية الجافة، والصحراء الكبرى وصحراء الربع الخالي. ويتركز وجود بخار الماء في الجزء الأسفل من طبقة التروبوسفير حيث تكثر عمليات التبخير والتكاثف وتكون السحب والندى والتساقط، ويكاد ينعدم وجوده مع نهاية تلك الطبقة. ولبخار الماء دور كبير في الغلاف الجوي ، وتكمن بعض أهميته في انه :
        المسئول عن تكون السحب وحدوث التساقط والندى والتبخر .
        يؤثر على الموازنة الإشعاعية بشكل مباشر .
        يؤثر على المدى اليومي والسنوي لدرجة الحرارة .
        النتروجين : يحتل أعلى نسبة من الغازات المكونة للغلاف الجوى، وهو يذوب في الماء ولكن لا يساعد على الاحتراق عكس الأكسجين، ومصدره هو الأمونيا.NH3
        الأكسجين : يمثل أساس الحياة على سطح الأرض، ومصدره الرئيسي هو عملية البناء الضوئي فى النباتات كما يدخل في تركيب الماء ويذوب فيه، مما يعطيه أهمية بالغة في حياة كل الأحياء فوق سطح الأرض، بما في ذلك الحيوانات والنباتات المائية.
        ثاني أكسيد الكربون : يتغير تغيراً طفيفاً على حسب توفر مصادره وأهمها عمليات الاحتراق والتلوث في المناطق الصناعية والمدن المزدحمة والنشاط البركاني واستخدام الكيماويات بكثرة، أو طبقاً لزيادة استخلاصه من الجو أو عدم استخلاصه حسب الفترات الزمنية على مدار السنة حيث تزيد نسبته في الجو في فصلى الخريف والشتاء مع توقف نمو النباتات، وتقل نسبته في الجو في فصلى الربيع والصيف مع ازدهار عملية النمو وزيادة عملية البناء الضوئي للنباتات. وترجع أهميته إلى انه يقوم بامتصاص جزء من الأشعة الشمسية بجانب انه ينظم عمليات الأكسدة والاحتراق كما انه ضروري فى عملية البناء الضوئي فى النباتات. وتؤدى زيادة ثانى أكسيد الكربون فى الجو إلى ارتفاع درجة حرارة سطح الكرة الأرضية لزيادة الأشعة الشمسية الممتصة بواسطته.
        الأوزون : يتكون غاز الأوزون من ثلاث ذرات أكسجين مرتبطة ببعضها ويرمز إليها بالرمز الكيميائي (O3). يصطدم غاز الأكسجين - والذي يتكون بشكل طبيعي من جزيئات ذرتي أكسجين (O2) - بالأشعة فوق البنفسجية المنبعثة من الشمس، ويتحد مع ذرة أكسجين واحدة (O) مكون غاز الأوزون (O3).
ويقدر ارتفاع غاز الأوزون عن سطح الأرض بـ 30 - 50 كيلومتر، وسمكه يصل ما بين 2- 8  كيلومتر. ويمكن أن تتكون طبقة الأوزون في ارتفاع أقل من 30 كم ويتم ذلك عن طريق تفاعل المواد الكيميائية مثل: الهيدروكربون وأكسيد النيتريك إلى جانب ضوء الشمس بنفس الطريقة التي يتحد بها الأكسجين مع الطاقة المنبعثة من الشمس، ويكون هذا النوع من التفاعل بما يسمى "بسحابة الضباب والدخان" حيث تأتى هذه المواد الكيميائية من عادم السيارات. وكلما تكونت طبقة الأوزون على ارتفاع عالٍ كلما كان مفيداً، أما إذا تكونت على ارتفاعات منخفضة كان ذلك خطيراً وضار بالإنسان والحيوان والنبات لأنها تسبب التسمم.
ومن أهم وظائف طبقة الأوزون هي حماية سطح الأرض من الأشعة الضارة للشمس مثل الأشعة فوق البنفسجية، التي تسبب أضراراً بالغة للإنسان وخاصة سرطانات الجلد. وأيضاً للحيوان والنبات على حد سواء. كما أن وجوده فى الهواء بتركيز كبير يسبب الأعراض التالية: ضيق فى التنفس، حالات من الإرهاق والصداع وبعض الاضطرابات التي تعكس مدى تأثر الجهاز العصبي والتنفسي.
ويتم تآكل طبقة الأوزون من خلال حدوث التفاعلات التالية :
        تقوم الأشعة فوق البنفسجية بتحطيم مركبات الكلوروفلوروكربون (CF2 Cl2 , CF Cl3) مما يؤدى إلى انطلاق ذرة كلور نشطة. حيث يمكن لذرة كلور واحدة تحطيم ما يقرب من 100 ألف جزيء من الأوزون كما يلي :
CF2 Cl2 + Uv → CF2 Cl + Cl
CF Cl3 + Uv → CF Cl2 + Cl
Cl + O3 → Cl O + O2
Cl O + O → Cl + O2
وبذلك تكون ذرة الكلور نشطة وجاهزة لتحطيم جزيء أوزون جديد وهكذا تتم الدورة.
        أكاسيد النيتروجين : مثل أول أكسيد النيتروجين وثاني أكسيد النيتروجين الذين ينطلقان من بعض أنواع الطائرات التي تطير بمستوى طبقة الأوزون.
NO + O3 → NO2 + O2
NO2 + O → NO + O2
        مركبات (الكلوروفلوروكربون) المستخدمة فى المكيفات وأجهزة التبريد فى أي مكان سواء فى المنازل أو السيارات، أو تلك المستخدمة فى تركيب العطور والمبيدات الحشرية والأدوية .
        الهالونات (Hallons) التي تستخدم فى مكافحة الحرائق.
        بروميد الميثيل (Methyl bromide) المستخدم كمبيد حشري لتعقيم المخزون من المحاصيل الزراعية ولتعقيم التربة الزراعية نفسها.
        بعض المذيبات (Solvents) المستخدمة فى عمليات تنظيف الأجزاء الميكانيكية والدوائر الإلكترونية.
        الأضرار الناتجة عن تآكل طبقة الأوزون :
        استنزاف طبقة الأوزون وزيادة الأشعة فوق البنفسجية يؤديان إلى تكون السحابة السوداء "الضباب الدخانى" الذي يبقى معلقاً فى الجو لأيام، وينجم عنه نسبة فى الوفيات عالية لما يحدثه من قصور فى وظائف التنفس والاختناق.
        تآكل طبقة الأوزون واختراق الأشعة البنفسجية بكميات متزايدة إلى سطح الأرض يضعف من كفاءة جهاز المناعة عند الإنسان ويجعله أكثر عرضة للإصابة بالفيروسات مثل الجرب المقدمة سلفاً على صفحات موقع فيدو من تعريف له وأعراضه وطريقة علاجه، أو الإصابة بالبكتريا مثل مرض الدرن وغيره من الأمراض الأخرى.
        مع زيادة التآكل فى طبقة الأوزون، يلحق بالعين أضراراً كبيرة مثل الإصابة بالمياه البيضاء أو المياه الزرقاء.
        إصابة الإنسان بالأورام الجلدية التي من المتوقع أن تصل الإصابة بها على مستوى العالم إلى ما يُقدر بـ (300) ألف حالة سنوياً من السرطانات الجلدية.
        تفاقم أزمة الاحتباس الحراري.
        تأثر الحياة النباتية والزراعية، حيث أنه هناك بعض النباتات التي لها حساسية كبيرة من الأشعة فوق البنفسجية التي تؤثر على إنتاجها وتضر بمحتواها المعدني وقيمها الغذائية وبالتالي محصول زراعي ضعيف.
        تأثر الحياة البحرية التي تشتمل على الأسماك والعوالق النباتية لا تستطيع الفرار من الآثار المدمرة لاختلال طبقة الأوزون. فهذه الكائنات الحية البحرية لها دور كبير فى المحافظة على التوازن البيئي وخاصة العوالق النباتية حيث تمتص ثاني أكسيد الكربون من الجو وبالتالي إمداد الأكسجين للكائنات الحية الأخرى والتخفيف من ظاهرة الاحتباس الحراري.
        التغيرات المناخية فى الطقس، وخاصة عند ارتفاع درجات الحرارة والتي تزيد بدورها من معضلة تلوث الهواء. حيث أن درجة حرارة سطح الأرض تؤثر على حركة الهواء صعوداً وهبوطاً وبالتالي على حركة التلوث الجوى، فيتبع صعود الملوثات عملية التسخين المستمرة للطبقة السفلية من الغلاف الغازي الموجود على سطح الأرض أثناء ساعات النهار والتي تبلغ ذروتها خلال شهور الصيف ونتيجة لذلك يحدث انتشار للملوثات مع حركة الهواء، أما هبوط تلك الملوثات وعدم انتقالها مع الهواء ينشأ من عملية التبريد المستمرة أثناء ساعات الليل والتي تزيد خلال فصل الشتاء مما يؤدى إلى عملية ترسيب لهذه الملوثات.
        حرائق الغابات وظاهرة التصحر والارتفاع فى مستوى سطح البحر لشواطئ عديدة فى العالم كل ذلك من جراء ثقب طبقة الأوزون.
وعلى وجه العموم يتغير تركيب الهواء تدريجياً كلما زاد الارتفاع حيث تتناقص نسب العناصر الغازية الثقيلة وهى النيتروجين والأوكسجين وثانى أوكسيد الكربون، بينما تتزايد نسب عناصره الخفيفة مثل الهيدروجين والهليوم والنيون، وإن كانت لا تلبث هى الأخرى أن تتناقص في القطاعات العليا حتى تختفي تقريباً على ارتفاع يتراوح بين 300 إلى 500 كم، وهو أعلى ارتفاع للغلاف الغازي.
وإن كان الغلاف الجوى يتركب أساساً من العناصر الغازية السابقة، فإنه يحتوى في مكوناته نسب متباينة من الغبار. ويتكون الغبار من كل الجزيئات والحبيبات الصلبة التى يحملها الهواء وهى مواد عالية الكثافة تتفاوت كمياتها ومعدلاتها من مكان إلى آخر، ومن وقت لآخر على حسب توافر مصادرها، ومع تزايد الارتفاع تتناقص نسب هذه المواد، وأهمها جزئيات الأتربة والرمال الناعمة والأملاح، وحبوب اللقاح المتطايرة من الأشجار وجزيئات النباتات الجافة والرماد والغبار المنطلق من فوهات البراكين، هذا إلى جانب الغبار الكوني المتخلف عن احتراق كل من الشهب والنيازك. ويمثل الغبار أهم الملوثات الطبيعية للهواء، كما أنه هو مصدر النويات التى يتكاثف عليها بخار الماء في الهواء، كما وأنه يساعد الهواء على امتصاص الحرارة من أشعة الشمس أثناء النهار وعلى سرعة فقدانها بالإشعاع أثناء الليل.ويشترك مع بخار الماء في إحداث بعض الظاهرات الضوئية المعروفة مثل الشفق الذي يظهر عادة عند غروب الشمس وأحياناً عند شروقها.

Previous Post Next Post