انتقال العلوم من العرب الى اوروبا
معابر الحضارة الإسلامية إلى أوروبا
اهم معابر الحضارة العربية الاسلامية الى اوروبا والدور الذي قامت به
اثر الحضارة العربية الاسلامية في النهضة الاوربية في مختلف العلوم والآداب
معابر الحضارة الإسلامية إلى أوروبا
بحث عن اثر الحضارة الاسلامية على اوروبا
اثر الحضارة الاسلامية على اوروبا في مجال الطب
اثر الحضارة العربية الاسلامية في الحضارة الغربية
العصور الوسطى عند العرب
طـريـق فرنســــا

لقد كانت كاطالونيا أيضاً مركزاً آخر لأشعاع العلم العربي وهي تشكل جزءاً من فرنسا الحالية وتعتبر مونبليه إحدى مدنها الساحلية التي كانت في البداية عبارة عن محطة صغيرة لقوافل المسافرين بين إيطاليا والأندلس ثم ارتفع شأنها في القرن الحادي عشر ، فشرع العلماء العرب أو المتحلين بالثقافة العربية يتدفقون إليها حيث وضعوا فيها أسساً لمعهد علمي عظيم وبذلك تحولت هذه القرية الصغيرة إلى مركز كبير للتجارة والعلوم والثقافة . ولما بدأت شمس المَدَنية العربية بالغروب عن الأندلس في القرن الثاني عشر بسبب التعصب الشديد الذي اتصف به ملوك الأسبان هجر عدد كبير من العلماء العرب بالأندلس قاصدين مونبليه لما كانت تتصف به من التسامح الديني وحرية التتبع العلمي وبذلك كان لهم الفضل في رقيها ، نقل لوسيان لوكليرك عن كتاب تاريخ الفكر في فرنسا Histoire Litteraire  dele France  هذه الفقرة " في النصف الثاني من القرن الثالث غادر عدد من الأطباء الإيطاليين وطنهم في أعقاب الفتن التي نشبت ….. ولجأوا إلى فرنسا حاملين معهم مؤلفات أبي القاسم الطبيب الأندلسي الذي  يعد باعث الحياة في علم الطب، ويظهر أن هذه المؤلفات قد وصلت بوصول أحد أطباء مدرسة ساليرنو إلى باريس واسمه روجي دي بارم { Roger  de Parme }  ومن هنا فإن دهشتنا تتضائل ونحن نرى أبا القاسم الزهراوي يتبوأ مكانه إلى جانب ابقراط وجالينوس ، ويؤلف معهما ما يشبه الثالوث العلمي " [1].
وفي سنة 1220 قام الكاردينال كونراد بتأسيس مدرسة ( جامعة ) مونبليه ونظمها على شبه مدارس الطب الإسلامية . واحتل الطب الإسلامي مركز الصدارة في برنامج التدريس فيها طيلة القرن الثالث عشر والرابع عشر فكان الأساتذة يشرحون كتاب ابن سينا والرازي وأبو القاسم الزهراوي وكانت هذه المدرسة على اتصال دائم مع المدارس العربية في جنوب إسبانيا الأمر الذي يؤكد التأثير الفاعل لمدرسة مونبليه على تطور الطب الأوربي على الطريقة العربية .
ويعطينا كتاب الدروس والمفاتيح فكرة دقيقة عن برنامج مدرسة مونبليه من سنة1489 إلى سنة 1500 م.
اللائحة التالية تبين عدد الكتب التي كانت تُدَرس ، كل علم وأهمية المكانة التي كان يمثلها ابن سينا في تلك الأيام [2] .
وقد بقي الطب العربي الإسلامي يحتل مركزاً مهماً في تاريخ الدروس حتى منتصف القرن السادس عشر ،بل حتى بدايات القرن السابع عشر " والمثال التالي برهان ساطع على ذلك ، خلال التجمع { Perfidem } المنعقد يوم 10 نيسان عام 1607 م لضبط طريقة التدريس خلال الستة أشهر الأخيرة ، التمس الطلاب من المدرس جاك برادلي { Jacqes  Paradille} أن يشرح لهم رسالة ابن سينا ، وعبروا عن الرغبة نفسها في التجمع الآخر يوم 3 تشرين الأول بأن يروا الأستاذ نفسه يشرح لهم خلال نصف السنة الأول كتاب الرازي
حول أمراض الكبد في وقت يقوم به فرانسوا رانشان {  Francois  Ranchin } أيضا بشرح أمراض الأطفال من خلال ابن سينا ، وأمراض المعدة من خلال الرازي . وهذا تكريم عظيم يحضى به الأساتذة القدامى لوضوح عقليتهم التعليمية "[3].
كما وتميزت مدرسة مونبليه على بقية المدارس كمدرسة باريس بكثرة ما فيها من المخطوطات الطبية المهمة وبالأخص العربية منها . وكان الأساتذة المستعربون كثرة بين الأساتذة .
ونجد في كتاب استروك [4] أن أحد الأساتذة ويدعى رينيه مورو يهاجم أستاذا يدعى جاك ديبوا لتعليمه الطب الإسلامي دون غيره . ومن الأساتذة والشخصيات التي خدمت في مونبليه ارنولد فلانوفا  Arnold  of  Villanova ( 1235 – 1312 م) الذي ساح طلباً للعلوم العربية والذي أعتبر أخصب المؤلفين إنتاجاً بالنسبة لزمانه وأكثرهم تأثراً بالآراء الطبية العربية ، ومن بين المؤلفين الذين ترجم من كتبهم ابن سينا والكندي وقسطا بن لوقا وأبو العلاء بن زهر ، ((النظام الصحي الساليرني Regimen   Sanitatis  احسن شرح لتلك القصيدة )) .
وهنري ماندفيل وكاي دي شولياك Guyde  Choliac ( 1298 – 1368 م ) الذي ترجم القسم الجراحي من التصريف للزهراوي ، فاقتبس منه كثيراً في كتابه الجراحة الكبرى Chirurgia Magna  الذي أُنجز سنة 1363م . ويعتبر هو وارنولد فلانوفا أول من أدخلا إلى الغرب عادة حفظ السجلات ، وهذا تقليد استقياه من ابن زهر . وترجم هرمانوس الدلماسي في تولوز كثيراً من كتب الطب والفلك  .
وإضافة لما سبق لقد تضمنت كتبهم اقتباسات كثيرة من الكتب العربية أو تضمنت اصطلاحات عربية كثيرة فعندما وضع منديس وهو أول من شرّح جثة إنسان علناً في مدرسة مونبليه ، كتاباً في التشريح اقتبس معلوماته من كتب الطب العربية .
وكان الدو براند السيني " الطبيب التوسكاني لدى بياترس سافوي من أوائل المترجمين من اللاتينية إلى الفرنسية ( في النصف الثاني من القرن الثالث عشر ) ، وكتب رسالة طبية هي (حمية الجسم) القسم الأول والثاني مأخوذان من ابن سينا أولا ومن الرازي وابن عباس ثانياً ، القسم الثالث تكييف لكتاب الأدوية المفردة والأغذية لإسحاق الإسرائيلي ، ويكاد القسم الرابع يكون ترجمة حديثة من الكتاب المنصوري للرازي " [5] .
ومن المترجمين من العربية إلى العبرية إضافة لموسى بن طبون الذي سبق ذكره نذكر :
" سمسون بن سليمان : ( النصف الأول من القرن الرابع عشر) قام بترجمة كتب جالينوس          الستة عشر .
فالونيموس بن فالونينس :  الفرنسي  ( في النصف الأول من القرن الرابع عشر ) ترجم العديد من الكتب في الفلسفة والعلوم والتي لها علاقة بالطب هي ( كتاب المدخل في الطب لحنين بن اسحق ، كتاب العمدة في أصول الطب لأبن رضوان ) .
يهودا بن سليمان ناثان : الفرنسي ترجم في النصف الثاني من القرن الرابع عشر من العربية واللاتينية إلى العبرية كتاب مقاصد الفلاسفة للغزالي ، والوسائد لأبن وافد ، ورسالة في الحميات .
إبراهيم ابيكدور : الفرنسي ترجم في النصف الثاني من القرن الرابع عشر إلى العبرية ، جزء من قانون ابن سينا ،و ترجمة مختصرة من كتاب المنصوري للرازي " [6] .
" هذا ويؤكد لوكلير أن عدداً من مؤلفي القرن الخامس عشر في أوربا نقلوا من كتاب الزهراوي ، وذكر من هؤلاء فيراري الإيطالي Ferrari  الذي نقل المقالة السابعة والعشرين في طبائع الأدوية والأغذية . والّف اردونيس دي باسارو كتاباً تردد فيه كثيراً اسم الزهراوي وكتابه التصريف  " .
ومن طلابها ( جامعة مونبلييه ) سكومون من ساليرنو ، وناثان بن زفاريوس ( منتصف القرن الثاني عشر) ، وجلبرت الإنكليزي ( حوالي 1290م Gilberut   Anglicans ) ، وجون من كاديسدون (1280- 1331 م John  of Gadesden ) ، وجون من اردن ( 1307 – 1390 م John  of Ardene ) الذين لهم منزلة كبيرة في الطب في إنكلترا ، وبطرس الأسباني ( حوالي 1277م Petrus Hispanus ) الذي أصبح البابا جون الحادي والعشرين وكان كتابه كنز الفقراء Thessurus  Pauperum  واسع الانتشار .
 وقد حصل في باريس ما حصل في مونبليه من قبل . فكان تنظيم وبرنامج تدريس المدرسة نسخة من السابقتين . وكان الطلاب يجلسون على الأرض لاعلى المقاعد حتى لايدركهم الغرور" [7] .
 وأسس هنري الثالث في عام 1577 م كرسي أستاذ اللغة العربية في المدرسة الملكية بُغية معاونة تقدم الطب في فرنسا " [8].
وقصة لويس الحادي عشر مع كتاب الحاوي للرازي تشير إلى قيمة هذا الكتاب في ذلك العصر . فقد أراد هذا الملك أن ينسخ نسخة من الحاوي في مكتبته ، وطلب من مكتبة الجامعة إعارته إياه لنسخه  . وبعد مناقشات عديدة بين الأساتذة قررت الجامعة إعارة الكتاب بعد الحصول على كفالة مالية ، مشكلة من12 طقماً فضياً للمائدة ومائة ريال من ذهب .
ومما يدل على تقدير أوربا لأبن سينا والرازي حتى اليوم هو " أن كلية جامعة باريس تحتفظ حتى اليوم بصورتين كبيرتين في قاعاتها ، إحداها للرازي والأخرى لأبن سينا " [9].

طـريـق  صـقـلـيـة وإيـطـاليـا

كانت صقلية تعيش التأخر والجهل قبل أن يفتحها العرب المسلمون وقد تم فتحها أيام بني الأغلب في أوائل القرن الثالث الهجري حوالي سنة ( 877هـ ) بقيادة أسد بن فرات . ومن ثم وبعد أن مدنوها أصبحت أهم المراكز لنشر الثقافة العربية الإسلامية في أوربا .
وكان المركز الثاني بعد طليطلة – وإن كان أقل أهمية منه – لجمع المؤلفات هو البلاط النورماندي في باليرمو ، وفي هذا المركز قامت مدرسة للترجمة عن العربية ، ومن الترجمات التي ظهرت في هذا المركز هي ترجمة كتاب البصريات لبطليموس [10] .
وأنشأوا في باليرمو العاصمة أول مدرسة للطب في أوربا ومنها انتشر الطب إلى إيطاليا .وكدليل على التأثير الفاعل للثقافة العربية في إيطاليا في تلك الحقبة إنشاء مدرسة لتعليم اللغة العربية في جنوا ، وإدخال كثير من الألفاظ والاصطلاحات العربية إلى اللغة الإيطالية  .وكان تسامح الحكام المسلمين في صقلية كعادتهم في كل مكان حلّوا فيه عاملاً مباشراً في ازدهار الثقافة والفنون والعلوم فيها حيث شملت لغات العالم العلمية الثلاث في ذلك الزمان وهي اللاتينية واليونانية والعربية . وتم نقل المؤلفات من لغة إلى أخرى وبذلك أصبحت صقلية خير نموذج لامتزاج الثقافات وصاحبة مَدنية لاتينية يونانية عربية فريدة امتدت حتى آخر القرن 13 ، وهو بداية التأثير العميق للثقافة العربية الإسلامية ونشوء حركة الاستعراب الفعالة في أوربا .
وقد نبغ في صقلية كثير من الأعلام العرب  منهم الإدريسي الجغرافي المشهور الذي رسم الكرة  السماوية وخريطة العالم لأول مرة .
أما أشهر من نبغ في الطب من العرب فكان الطبيب محمد بن الحسن الطوبي ( كان حياً في صقلية سنة 450 – 1058م ) ، وعلي بن الحسين بن أبي الدار الصقلي ، وأبو عبد الله الصقلي الذي تعاون مع غيره من الأطباء في ترجمة كتاب العقاقير لديوسقوريدس ، وعلي بن إبراهيم المعروف بابن المعلم ، وابن جلجل الصقلي صاحب كتاب تاريخ الأطباء والحكماء وأبو سعيد بن إبراهيم الصقلي مؤلف كتاب المنجح في التداوي ، واحمد بن عبد السلام الصقلي صاحب كتاب الأطباء من الفرق إلى القدم .
لم يتوقف الزحف الإسلامي في حدود جزيرة صقلية وما جاورها بل اتجه لفتح إيطاليا نفسها فقاموا بغزوات ناجحة شملت إيطاليا وشمالها بما فيها روما . وقد ساعدت هذه الفتوحات على نشر الثقافة والعلوم الحربية وعلى تقوية الصلات العلمية مع الثقافة اللاتينية لدى الطليان فنتج عن ذلك التقارب حركة علمية نشطة دفعت بأوربا سراعا وبشكل أساسي في طريق الصحوة العلمية والنهضة الفكرية .
ولابد من العودة للحديث هنا ثانية عن جربرت ( أو جربير ) ، فبعد أن أنتهي من تعليمه في إسبانيا كما ذكرنا قدم إلى روما واتصل بالبابا يوحنا الثالث عشر والإمبراطور اوتو الأول                     ( 021 –972 م) ثم بخليفتيه اوتو الثاني والثالث . ثم رأس المدرسة الأسقفية وفي هذه المدرسة بدأ يدرس ويدخل إلى الغرب العلوم والمعارف التي برع فيها المسلمون وكرّس حياته كلها لطلب المعرفة ورفع مستوى العالم المسيحي إلى ذرى المعارف الدنيوية ، فلذلك اعتبر شخصية فريدة غيرت مجرى الأحداث . ولما أراد الإمبراطور اوتو الثالث إجراء إصلاحات في الإمبراطورية والكنيسة انتهز فرصة موت البابا وعمل على انتخاب جربير لكرسي البابوية ، فتربع فيه تحت اسم سلفستر الثاني ( 992 –1003 م ) ، واستمر في حثّه على طلب ونشر العلوم والإصلاح الأخلاقي حتى وفاته عن طريق السم من قبل أعدائه ، وان تعليماته هذه التي أخذها عن المسلمين كانت حافزاً لبزوغ صبح جديد لأوربا .
وإن مركز الإشعاع الطبي في جنوب إيطاليا كان في مدينة ساليرنو التي كان يوجد فيها مدرسة أسقفية قبل قدوم العرب ، ويبدو أنه كان من بين برامج التدريس فيها شيء من الطب المليء بالدجل والشعوذة .
وأما إحياء ساليرنو باعتبارها مركزاً من مراكز التعليم الصحيح ، فقد بدأ في القرن التاسع عندما فتح العرب صقلية وجنوب إيطاليا ، وبدأ المعلمون العرب يفدون إلى هناك.
يقول الدوميلي " يرجع الفضل في تأسيس مدرسة ساليرنو إلى أربعة أساتذة مختلفي                   الأوطان ، الأستاذ هيلينوس وهو يهودي كان يقرأ على تلاميذه بالعبرية ، والأستاذ يونتس الذي كان يقرأ على تلاميذه باليونانية ، والأستاذ عبيدلا( عبد الله) الذي كان يقرأ على تلاميذه                بالعربية ، والأستاذ سالرنوس الذي كان يقرأ على تلاميذه باللاتينية " [11] .
وبرزت مدرستها الطبية سنة 985م ، وازدهر الطب العربي فيها على يد أساتذة من العرب وغيرهم في أواخر القرن الحادي عشر ، وبفضل عدد من المترجمين الأكفاء أمست هذه المدرسة معيناً لا ينضب للثقافة والعلوم العربية ودعامة صلدة للنهضة العلمية الأوربية .
وقيل أن يهودياً اسمه ( شبطاي بن إبراهيم بن يول ) وقع أسيراً عند العرب وتعلم العربية ثم استطاع بعد ذلك العودة إلى مسقط رأسه وإن هذا الشخص ساهم بقوة في إنشاء مدرسة                    ساليرنو ، وصنف بالعربية بعض الكتب الطبية وأشهرها ( الكتاب النفيس ) . ومن المشتركين في تأسيس مدرسة ساليرنو ، الطبيب الإيطالي ( ينافنتوتراسو ) الذي ألف كتاب ( فن وصناعة               العين ) والذي كان وثيق الصلة بالعرب [12] . وموسى يانوميتان الذي ترجم كتاب أبقراط في الطب البيطري من صيغته العربية .
كان على رأس المترجمين قسطنطين الأفريقي ( 1020 – 1087 م) العربي الأصل والذي ولد في قرطاجة في تونس وساح في البلاد العربية حيث أتقن اللغة العربية بجانب معرفته اللغة اللاتينية واليونانية . وانتقل إلى إيطاليا حيث اتصل بأمير ساليرنو جيزوفلو وبأخيه الطبيب . ثم أمضى معظم حياته في دير مونت كاسينو حيث قام بترجمة الكتب العربية وبالتأليف . عمل بعض الوقت في مدرسة ساليرنو الطبي ، فأثر فيها تأثيراً بالغا بترجمته عدداً من الكتب الطبية اللاتينية ، وإدخاله التعليم الطبي العربي فيها كما انه كان يكتب أيضاً في القانون الصحي الذي كان يحرره عدد من أساتذة مدرسة ساليرنو . ويذهب البعض إلى أنه كان قد أسلم ولكنه كتم دينه خوفاً من الاضطهاد الذي كان سائداً ضد الإسلام والمدنية العربية خلال الحروب الصليبية. وظهرت أول طبعة من كتبه في بازل سنة 1537م في سبعة أجزاء  من الكتب التي قام بترجمتها كتاب كامل الصناعة الطبية لعلي بن العباس المجوسي ، وكتب اسحق ابن سليمان الإسرائيلي في البول والحميات ، وكتب ابن الجزار وجالينوس وابقراط  إلى اللاتينية . يأخذ البعض عليه عدم نزاهته حيث كان ينقل من الكتب العربية وينسبها لنفسه وعلى الرغم من ذلك فان اليقظة الأوربية بدأت بشرارة أرسلتها ترجماته في حقل الطب وإنّ أثر كتبه بقي لفترة طويلة من الزمن في أوربا مما حدا بالكثيرين تسميته برائد الطب العربي في أوربا . وكان في ساليرنو تلميذاً له من أصل عربي يسمى يونس الفلكي ( أو يوانيس افلاكيوس 1103 م).  
ومن أشهر التراجمة في ساليرنو عدا قسطنطين الأفريقي كان فرج بن سالم المعروف عند الغرب ( فراجوت أو فراريوس ) الذي ترجم كتاب الحاوي للرازي بأمر الملك شارل الأول وقد انتهى منه عام 1279 م ونُشر عام 1486 [13]. وترجم أيضاً كتاب جالينوس في الطب التجريبي ومؤلفات حنين بن إسحاق وتقويم الأبدان لأبن جزلة إلى اللاتينية .
ومن بين المترجمين في ساليرنو كان أدلا رد الباثي الذي سبق ذكره ، حيث أنه بعد أن زار المراكز الثقافية في صقلية استقر بعض الوقت في ساليرنو وترجم النسخة العربية لأقليدس وألف مختصراً في العلوم العربية " ومن بين المترجمين الإيطاليين يوحنا الكابوي الذي ترجم من العبرية للاتينية كتاب التيسير لأبن زهر ، ومقالة في تدبير الصحة لأبن ميمون " [14] .
" واُلفت كتب طبية في ساليرنو وأظهرت أن أطباءها لم يمتصوا المعلومات العربية الحديثة فقط بل تمكنوا من توسيعها . وأهم مؤلفات مدرسة ساليرنو هو الموجز الساليرني والنظام الصحي الساليرني   Regimen  Sanitatus  Salernitonumالذي يبدو أنه أُلف حوالي 1100م وهو قصيدة من 352 بيتاً في الأصل . وأشهر شرح لها هو شرح ارنولد فلانوفا "[15] وقد سبق ذكره .
 واشتهر من بين طلاب ساليرنو مايكل سكوت Michael Scot  الذي ألف كتبه في صقلية                 ( 1175 – 1236 ) والذي تضمنت إحدى وصفاته التخدير بالاستنشاق .
وكان لتلاميذ مدرسة ساليرنو أثر بالغ في نقل العلم إلى سائر جامعات أوربا ، حيث ذهب قسم منهم إلى مدرسة مونبليه وآخرين إلى نابلي وذهب بيرجيل دي كوبري بعد ذهابه إلى نابلي إلى جامعة باريس . واستمرت هذه المدرسة محتفظة بهذه المكانة العلمية حتى سقوط مدينة ساليرنو في يد هنري السادس، عندها تدهورت الحركة العلمية فيها واضمحلت مدرسة ساليرنو في سنة 1400 م، وأغلقها نابليون نهائياً سنة 1811 م ، ثم سارت أغلب الجامعات الأوربية مثل                   باليرمو ، وبدوا ، ومونبليه ، وباريس ، وأُكسفورد بنفس الطريق معتمدة العلوم العربية أساساً في برامجها التدريسية ، حتى أن الطب العربي ساد في أوربا طيلة القرون الوسطى .
واهتم روجر الثاني ( المتوفى سنة 1154 م ) بأفكار العرب في الممارسة الطبية وقلد أنظمتهم ، فأصدر أمراً سنة 535هـ / 1140 / يمنع الأطباء من مزاولة المهنة الاّ بعد أن يجتازوا امتحاناً يثبت كفاءتهم في الممارسة وهو التنظيم الذي طبقه العباسيون على الأطباء وأدخله الأغالبة إلى الجزيرة .وكان حكام صقلية النورمانديون الذين خلفوا حكم العرب يميلون إلى نشر التعليم ومتابعة التعلم الذي بدأه العرب معهم واستبقوا وشجعوا عدداً من العلماء العرب للبقاء والنزوح إليها . وكان حفيد روجر الثاني من أمه وابن هنري السادس ملك ألمانيا ( فردريك الثاني ) في طليعة ملوك الغرب الذين استفادوا من العلوم العربية حيث كان هو وابنه ( منفيرد ) يعرفان العربية قراءة وكتابة وقد ألفا الكتب بالعربية وتُرجمت إلى اللاتينية [16] .
وكان لفردريك الثاني ولع خاص بعلم النجوم والبيولوجيا ، وكان قد دخل البلاد العربية مع الصليبيين واطلع على حضارتهم وعقد اتفاقية مع الملك الكامل الأيوبي خلال الحملة الصليبية الخامسة ( 1218 – 1219 م ) حيث اتصل بنوابغ علماء العرب ، فقرب إليه عبد الحق بن إبراهيم بن نصر فيلسوف الأندلس حينذاك ، كما درس وترجم الكثير من الذخائر العربية وأهدى الكثير من الكتب الطبية والفلسفية إلى جامعة بولونيا . وبعث بمسائل رياضية وفلسفية إلى الملك الكامل وقد نجح في حلها علماء مصريون وسوريون وكمال الدين بن يونس من الموصل في العراق .وكان له مترجم ومنجم يسمى ( ثادري أو تيودور وهو مسيحي من انطاكيا في الشام درس في بغداد والموصل ) يقوم بترجمة الكتب العربية ( حيث ترجم له كتاب مختصر الحيوان لأبن سينا وكتاب نواميس الطبيعة المشتمل على كتاب في البول ) . وكان يعمل عنده أيضا ميخائيل سكوت حيث وضع له نقلاً عن العربية خلاصة لاتينية لمؤلفات أرسطو مع شرح ابن سينا وسماه ملخص ابن سينا .
وترجم اليهودي البادوي ( بوناكوزا Bonacosa ) كتاب الكليات في الطب لأبن رشد سنة 1255م باسم الجامع Colliget وطبع مرات عديدة ( 1482م في البندقية ، 1533م في ستراسبورج )[17].
ولا يفوتنا أن نذكر اثنين من أساتذة بادوا الأول كولومبوس ( 1510 –1599 م) Renaldu  Columbos  ، الذي ألف كتاباً بعنوان ( في التشريح )  Dere  Anetomica نُشر سنة 1559 فيه وصف لمرور الدم في الرئتين ، والثاني فالفردي Valverde الذي نشر كتاب ( التشريح وتاريخه ) سنة 1554 والذي ذكر فيه أيضاً آراء مشابهة لكتاب كولومبوس " وقد دلت الدراسة المفصلة للموضوع على أن سرفيتوس يظهر معرفة واضحة لنظرية ابن النفيس وانه اعتمد عليها ، وإن فالفيردي مطلع على آراء سرفيتوس ، وإن كولومبوس مطلع اطلاعاً مباشراً على نظرية ابن النفيس ومقولة سرفيتوس " [18].

 

طـــريـــق إنــكــلــتــرا

إن أقدم اتصال للإنكليز بالطب العربي هو ما ذكره المؤرخون عن جلب أحد ملوكهم من ساليرنو  سنة 1100 م الكتاب المشهور ( النظام الصحي الساليرني Regimen Sanitatus ) والمعتمِد في أغلبه على الطب العربي .
وكان للأسباني بطرس الفونسي ( اليهودي الذي تنصر فيما بعد وأصبح طبيباً لهنري الأول) الذي سافر إلى إنكلترا حاملاً معه علوم الطب العربي أثر بالغ في نشرها هناك ، كما وأنه كان في مقدمة نَقَلة العلوم العربية الفلكية والرياضية والطبية في غضون النصف الأول من القرن الثاني عشر حيث سار على نهجه فيما بعد كثيرون [19].
كما وأن لزيارة العالم الأسباني اليهودي إبراهيم ابن عزرا من مدينة طليطلة في سنة 1158 وسنة 1159 م وتدريسه هناك أثر بارز ومبكر في نشر العلوم العربية في إنكلترا .
" وفي القرن الثاني عشر شرع العلماء من البلاد الشمالية وخاصة إنكلترا يزورون الجامعات العربية في إسبانيا للبحث عن العلوم والمعارف ، وكان أول هؤلاء العلماء وأعظمهم :
العالم الإنكليزي اديلارد ( 1116 –1142 م ) من مدينة باث ، أحد السابقين إلى نشر الثقافة العربية في الغرب ، فقد قام اديلارد بأسفار واسعة في إسبانيا وسوريا في الربع الأول من القرن الثاني عشر لدراسة اللغة العربية والعلوم العربية ، وقد ترجم إلى اللاتينية كثيراً من الكتب العربية لينتفع بها معاصروه المسيحيون . وعند عودته اشتغل معلماً للأمير هنري الذي أصبح فيما بعد الملك هنري الثاني ملك إنكلترا " .
" وقد ذهب بعد اديلارد إلى إسبانيا كثير من العلماء الإنكليز ومنهم :
روبرت : من مدينة تشستر في القرن الثاني عشر درس العوم الرياضية وترجم مؤلفات عربية .
ومن الشخصيات الهامة ، دانيل أوف مورلي ،  ( القرن الثاني عشر ) الذي كان- بمقتضى ما ذكره عن نفسه – غير راض عن الجامعات الفرنجية ، فذهب إلى إسبانيا ليبحث عن مَنْ هم أكثر حكمة  من فلاسفة العالم ، وقد عاد إلى إنكلترا بمجموعة كبيرة من الكتب وجدت عدداً من القراء".
" وفي القرن الثالث عشر درس ميخائيل سكوت في صقلية وبرع في اللغتين العربية                    والعبرية ، وقد ترجم كتب ارسطو طاليس من اللغة العربية وكان أول عهد الغرب بعدد كبير من هذه الكتب ، وكذلك ترجم من العبرية شروح ارسطو طاليس التي كتبها العرب كما كتب كتباً هامة في علم النجوم والكيمياء " [20].
وكذلك " الفرد سرشال  Alferd  de  Sreshel الإنكليزي من نقلة الثلث الأول من القرن السابع الهجري الثالث عشر الميلادي ، ترجم إلى اللاتينية كتاب النبات لأرسطو نص حنين بن اسحق واصلاح  ثابت بن قرة ، وعن هذه الترجمة أُعيد نقله إلى اليونانية . كما نقل كتاب                   المعادن لأبن سينا "[21] .
ومن بين العلماء الإنكليز الذين ألفوا كتبا جمعوا فيها العلوم والمعارف العربية الجديدة الوافدة بارتولوميه الإنكليزيBartholomew L’Anglais  المولود في إنكلترا .انتقل إلى باريس ثم إلى ألمانيا . ألف كتابه الموسوعي ما بين ( 1230 –1240 م) وجاء هذا الكتاب في 19 جزءاً ، ضمّ كميات كبيرة من المعلومات قديمها وحديثها  وخصص الجزء السابع من هذا الكتاب للشؤون الطبية . ومن الملاحظ أن بارتولوميه في كل المجالات العلمية والمعرفية التي أوردها في كتابه الكبير لم يورد أفكاراً مبتكرة وإنما كانت في أغلبيتها منقولة عن مصادر عربية "[22].
و" العالم الإنكليزي جروستيت ( المتوفي في 1253 م) ، كان رياضياً وفلكياً ، وعالم                     طبيعة ، وفيلسوفاً ، وأول مدير لجامعة أُكسفورد . بدأ دراسته في أُكسفورد ، وكانت المترجمات عن العربية قد وصلت إلى إنكلترا في هذا الوقت ولاشك أنه اطلع عليها . وهي إما التراجم التي أنجزت في صقلية أو في إسبانيا .
لذلك حرص على أن يذهب بنفسه إلى ارض القارة وخاصة إلى إسبانيا بحثاً عن تراجم أخرى استفاد منها في مؤلفاته . فنجد في كتاباته الفلكية أثرا كبيراً لثابت بن قرة ، كما أنه استقى معلوماته في البصريات عن ابن الهيثم " [23].
" وكانت مؤلفات هؤلاء وغيرهم من العلماء الإنكليز الذين اقتحموا الصعاب في سبيل العلم بزيارة البلاد العربية أثر ثقافي جليل ، فلمجهوداتهم الفضل في أن ما أنتجه العرب في الفلسفة والعلوم اصبح معروفاً في إنكلترا وفي البلاد الغربية وبذلك خطت الثقافة الأوربية خطوة هامة في سبيل ارتقائها . وكان الأثر الذي أحدثته ترجماتهم ومؤلفاتهم أثراً عظيماً ومن بين أولئك الذين تأثروا تأثراً عميقاً بالعلوم العربية ذلك الفيلسوف الإنكليزي العظيم روجر بيكون …" [24].
" وكان روجر بيكون ( المتوفي في 1294 م) تلميذ جروسيت النابغ . والحق أن روجر بيكون كان عالماً من الأعلام الذين تدين لهم أوربا في هذا العصر ، ذلك أنه كان أول من دافع بحرارة عن المنهج التجريبي على الرغم من أنه هو نفسه لم يكن من علماء التجريب "[25].
" ويجدر بنا أن نذكر أيضاً أن روجر بيكون تتلمذ في الكيمياء على جابر بن حيان وكان يسميه أستاذ الأساتذة ، كما أنه استقى فلسفته من ابن رشد الذي وضعه جنباً إلى جنب مع ارسطو وابن سينا . وتلقى معلوماته في البصريات من مؤلف ابن الهيثم ، وفي الطب من ابن                          سينا والرازي وغيرهما ".
" وكان بيكام ( المتوفي في 1292م ) رياضياً وعالماً طبيعياً إنكليزياً من الرعيل الأول ، من الأساتذة اللاتين الذين استقوا مقومات علمهم من العرب . أخذ عن العرب معلوماته في البصريات"
" وأما جلبرت الإنكليزي ( حوالي 1290 م ) فرجع كثيراً إلى ابن رشد وغيره من المسلمين وترجم فصولاً بأكملها من الرازي كلمة بكلمة . ونقل جون الجادسدني كلمة بكلمة مؤلفات المستعربين برنارد الجوردني وهنري الموندفيلي في مؤلفه الشهير .
وكتب برنارد الجوردني نفسه وهو أستاذ اسكتلندي مؤلفه Didium  Medicinale  في سنة 1307 ، وهو كتاب شواهد يتميز تماماً بطابعه العربي "
" وكان جون اوف آردن( ولد سنة1307) وهو جراح إنكليزي أول من أحيا الجراحة في إنكلترا ويعـود الفضل في هذا إلى أبي القاسم الذي نقل عنه جون كثيراً من كتاباته كلمة بكلمة " [26].
" وإن أول كتاب طبع في طب الأطفال وهو كتاب بيكالاردوس سنة 1472 م اعتمد اعتماداً كلياً على رسالة الرازي تدبير الصبيان " [27] ( الرسالة أصلها العربي مفقود ، قمنا بترجمتها للعربية عن الإنكليزية وهي تحت الطبع ).
وترجم فيدوجانيك للإنكليزية كتاب الجدري والحصبة للرازي سنة 1766 م  . ثم تمت ترجمته ثانية سنة 1849 من قبل جرينهل .
" ومما يستحق الذكر أن أول كتاب طبع في إنكلترا وهو كتاب – كلمات الفلاسفة وحكمهم – كان مؤلفاً على نسق كتاب عربي اسمه ( كتاب مختار الكلام ومحاسن الكلم ) الذي كان قد ألفه في سنة 1053 م الأمير المصري مبشر بن فاتك " [28] .
كما أن مؤلفات أخرى لبعض الأطباء الإنكليز تضمنت اقتباسات كثيرة من الرازي ، وابن                سينا ، وعلي بن العباس والزهراوي وابن النفيس ، وغيرهم ، وأصبح الطب العربي المترجم مسيطراً في إنكلترا والدليل على ذلك هو استمرار الأطباء فيها على تداول تراجم الكتب العربية من سنة 1350 –1500 م بل بعد ذلك بسنين .
والحديث عن تاريخ الطب في إنكلترا لا يكتمل من دون ذكر شيء عن وليم هارفي وما نُسب له من اكتشاف الدورة الدموية الرئوية .
" ولد وليم هارفي في سنة 1578 م ونزح إلى أوربا طلباً للعلم وتخرج من جامعة بادرو . عاد إلى إنكلترا ومارس الطب في لندن وأصبح طبيباً لمستشفى سان بارثولوميو وعين في سنة 1618 م طبيباً لجيمس الأول ثم طبيباً خاصاً لشارل الأول . وفي سنة 1628 م نشر رسالته في فرانكفورت في ألمانيا تحت عنوان – رسالة في التشريح عن نبض القلب وحركة الدم في الحيوان – وصف فيها الدورة الدموية وأعلن أن القلب عضلة مجوفة يقسمها قاطع ليفي إلى أربعة تجاويف بطينين وأُذينين . وبذلك عُدّ هارفي من كبار العلماء . وتوفي هارفي في سنة 1657 م " [29].
 نستعرض فيما يلي بإيجاز التطور التاريخي لنشوء فكرة الدورة الدموية [30].
كانت الفكرة السائدة نقلاً عن ابقراط وجالينوس بأن منشأ الدم هو الكبد وأن الدم يمر من البُطين الأيمن في القلب إلى البُطين الأيسر عبر منافذ موجودة في الجدار الفاصل بينهما . وادعى ابن سينا أن في القلب ثلاثة بُطينات لاإثنان ، وإنه لاصلة بين الشرايين والأوردة الاّ عبر المنافذ غير المرئية في القلب .
وجاء ابن النفيس ( 603 –687 هـ / 1211 – 1288 م) فانتقد تلك النظرية وصححها في كتابه ( شرح تشريح القانون ) وجاء بالنظرية الصحيحة علمياً ووصف الدورة الدموية الرئوية بشكل كامل وأثبت أن القلب متكون من بُطينين ليس بينهما منفذ وأن عضلة القلب تتغذى بالشرايين الإكليلية .
وبقي اكتشافه هذا طي النسيان إلى أن عثر عليه الطبيب المصري محي الدين التطاوي                            ( 1869 – 1945 ) وقدم التطاوي اطروحته في كلية طب جامعة برلين عام 1924 تحت عنوان (( الدورة الدموية الرئوية تبعاً للقرشي )) ونال الدكتوراه عليها وفي هذه الأطروحة بين التطاوي بأن ابن النفيس هو مكتشف لدورة الدموية الرئوية ( الصغرى ) وليس هارفي واعترفت الأوساط العلمية والتاريخية بذلك بعد مدة وعلى مضض .
نعود لمسألة كيفية وصول فكرة ابن النفيس هذه لهارفي وحسب التسلسل الزمني التالي :
-         اندريا الباكو A  . Alpago  ( 1450 –1522 ) الذي ذهب إلى دمشق ومكث فيها قرابة الثلاثين عاماً . كانت أهم ترجماته هي القانون لأبن سينا ومن المعقول أنه يكون قد درس مختلف الشروح العربية لهذا الكتاب ( ومنها شرح ابن النفيس ) الذي يحوي على وصف الدورة الدموية الصغرى .
-         كان في بادوفا نسخة مخطوطة من شرح التشريح لأبن النفيس ( مستنسخة عام 734 هـ/1333 م ) ، وهي التي جلبها الباكو معه من دمشق وظلت تحت تصرف أساتذتها وعلمهم بحوزة عائلة الكونت ناني   Nani في البندقية .
-         في الفترة الواقعة بين عام وفاة ابن النفيس ( 1288 م) وسنة نشر ترجمة الباكو للقانون عام ( 1547م) ، لم يتحدث أحد قط عن الدورة الدموية في أوربا . ولكن بعد ذلك التاريخ انطلقت الأقلام تكتب عن ذلك.
-         سنة 1552 صدر كتاب ( إصلاح المسيحية ) للراهب الإسباني ميشيل سرفيتوس الذي كان يعرف العربية ، انتقد فيه التعاليم السائدة في ذلك الزمان ، وتحدث في الكتاب عن تشريح القلب والدورة الدموية الصغرى اتُهِمَ على أثرها بالهرطقة وأُحرق حياً في جنيف بعد عام واحد .
-         في عام 1554 نشر عالم إسباني من بلد سرفيتوس يدعى فالفيردي دوحمسكو كتاباً بعنوان ( التشريح وتاريخه ) وفيه ذكر للدورة الدموية .
-         استلم اندريا فيزاليوس ( 1514 – 1564 م ) كرسي التشريح في جامعة بادوفا بعد أن درس الآداب والفلسفة والطب والعربية والعبرية في لوفان وباريس . ترجم الكتاب التاسع من المنصوري للرازي ونشره عام 1537 . ونشر كتابه الشهير ( بنية الجسم الإنساني ) الذي أثار عليه عاصفة من النقد . فأحرق كتبه التي لم ينشرها وذهب إلى مدريد .
-         لم يذكر فيزاليوس في الطبعة الأولى من كتابه شيئاً عن الدورة الدموية . الاّ أن الطبعة الثانية للكتاب الصادرة عام 1555م تحتوي على وصف لها .
-         درس ماكس مايرهوف النص العربي لأبن النفيس وقارنه بالنص اللاتيني لسيرفيتوس فاستنتج أنهما متشابهان إلى حد بعيد .
-         أصدر ريالدو كولمبو أستاذ الجراحة في بادوفا عام 1559 كتاباً تحت أسم (عن التشريح) وفيه ذكر لتشريح القلب والدورة الدموية الصغرى .
-         وفي عام 1571 م نشر أندريا سيزالبينو كتابا بعنوان ( مواضيع المشائين ) ذكر فيه الشيء نفسه وكان أول من استعمل كلمة دورة .
-         ثم جاء هارفي إلى بادوفا للدراسة وتتلمذ على فايريسيوس ومكث فيها من عام 1597 حتى 1602 أي خمسة أعوام ، لابد أنه اطلع فيها على كل الكتب المتعلقة بالتشريح ، وبالدورة الدموية بشكل خاص ، نظراً لاهتمامه بالموضوع ، وربما كان يتقن العربية واطلع على كتاب ابن النفيس وفي عام 1628 م نشر هارفي كتابه ( دراسة تشريحية تحليلية لحركة القلب والدم في الحيوان ) .


[1] - العربي الخطابي ، الطب والأطباء في الأندلس الإسلامية ج1 ص 128 ، نقلا عن اوسيان لوكليرك – تاريخ     الطب العربي 1/454 –455 .
[2] - حجازي ، الدكتور عبد الرحيم – الطب الإسلامي عامل أساسي في خروج أوربا من عصر الظلام ،بحث  قُدم للمؤتمر العلمي للطب الإسلامي 1981 ، بالأصل نقلا عن أرشيف جامعة مونبليه الكتاب الخامس لسنة 1767
[3] - التليلي ، الدكتور عبد الرحمن – أثر الطب العربي في جامعة مونبليه في العصر الوسيط ، بحث قدم في الندوة العالمية لتاريخ العلوم عند العرب ، 1987 ، كتاب أبحاث الندوة 1992 الجزء الأول ص 155 .
[4] - حجازي ، المصدر السابق – نقلا عن جاك استروك ، ذكريات لخدمة تاريخ جامعة مونبليه 1767              أرشيف الجامعة.
[5] - مايرز ، الفكر العربي والعلم الغربي ص 126 .
[6] - المصدر نفسه الصفحات 129  ، 135 – 136 .
[7] - جالرند ، جوزيف – قصة الطب ، ترجمة د. سعيد عبدة ، دار المعارف بمصر 1959 ، ص75 .
41 – ريسلر ، جاك . س : الحضارة العربية ، ترجمة غنيم عبدون ، الدار المصرية للتأليف ( بدون تاريخ )            ص 211 .
42 – عاشور ، سعيد عبد الفتاح : المدنية الإسلامية وأثرها في الحضارة الأوربية ، دار النهضة العربية ، القاهرة ، الطبعة الأولى 1963 ، ص 153 .



[10] - الشيال ، الدكتور جمال الدين – التاريخ الإسلامي وأثره في الفكر التاريخي الأوربي – دار الثقافة بيروت ص 49 .
[11] -  الدوميلي ، العلم عند العرب وأثره في تطور العلم ص 429 .
[12] - البدري ، عبد الليف – الطب عند العرب ص 93 .
[13] - ماكس مايرهوف ، كتاب تراث الإسلام / ترجمة جرجيس فتح الله ص 465 .
[14] - مايرز ، الفكر العربي والعالم الغربي ص 126 .
[15] - الجليلي ،  المقال ، مصدر سابق ص 194 .
[16] - يونغ ، لويس – العرب وأوربا – ص 121 .
[17] - ماكس مايرهوف ، المرجع السابق ص 487 .
[18] - المصدر نفسه ، ص 201 – 203 .
[19] - نصري ، عبد الهادي – دور الأندلس في انتشار العلوم العربية – بحث قُدم للندوة العالمية الرابعة لتاريخ العلوم عند العرب ، 1987 – كتاب أبحاث الندوة ص 291 .
[20] - لويس ، برنارد- تاريخ اهتمام الإنكليز بالعلوم العربية  ص 5 – 6 .
[21] - شيخة ، الدكتور جمعة – دور مدرسة الترجمة في طليطلة في نقل العلوم العربية وبالتالي في نهضة أوربا ، مجلة دراسات أندلسية ، العدد 11 السنة 1994  ص 44 .
[22] - شحادة ، كمال –انتقال الكيمياء من العرب إلى أوربا اللاتينية – من أبحاث الندوة العالمية الرابعة لتاريخ العلوم عند العرب  ج2 ص 234 .
[23] - مظهر جلال، حضارة الإسلام ص 527 –528 .
[24] - لويس ، برنارد – تاريخ اهتمام الإنكليز بالعلوم العربية ص 5 .
[25] - مظهر ، جلال – حضارة الإسلام ص 528 – 531 .
[26] - مظهر ، جلال – حضارة الإسلام ص 528 – 521 .
[27] - رادبل ، صمويل إكس – مقال باللغة الإنكليزية – أول مخطوط في طب الأطفال – مجلة طب الأطفال الأمريكية (  A . P. J) المجلد 122 – تشرين الثاني 1971 .
[28] - لويس ، برنارد : تاريخ اهتمام الإنكليز بالعلوم العربية ص 5-6 .
[29] - جارلند ، جوزيف : قصة الطب ، المصدر السابق ص102.
[30] - أوجزنا ذلك عن د. سلمان قطاية : ابن النفيس ، المؤسسة العربية للدراسات والنشر 1984 ص  45 - 76  .

Previous Post Next Post