لوجستيات التجارة في المنطقة العربية
يشهد العالم طفرات غير مسبوقة تتجه نحو العولمة مرتكزة على شبكات لوجستية عالمية ومؤيدة  بثورة نظم وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات ومدفوعة بمنافسة شرسة بين شركات عملاقة عابرة للقارات تبحث عن ميزات تنافسية تحقق التفوق المنشود فى سوق يتحكم فيه عملاء ذوي متطلبات وإحتياجات متزايدة سريعة التغيير ومتنامية الطموح.
هذه الاتجاهات تستوجب على الدول التحالف فى تجمعات إقليمية تقوم بتطوير النظم والإجراءات والسياسات التى تحقق رؤى واضحة المعالم تؤدى بها الى الاندماج والتفاعل مع التكتلات الاقتصادية المختلفة وتحقيق ميزات تنافسية جاذبة لاستثمارات عالمية تبحث عن أفضل المواقع وأكفأ العناصر البشرية وأقل تكاليف وعراقيل إجرائية وجمركية لتحقيق حركة سلسة غير متقطعة فى منظومة تحقق المرونة والسرعة فى أداء عالي الكفاءة والفاعلية لعمليات إنتاج وتوزيع منتجات وخدمات ذات دورة حياة قصيرة سرعان ما تستبدل بالأحدث والأكفأ. مما ينعكس بدوره على تنمية إقتصادية مستدامة تتطلب أن يراعى فيها التوازن البيئى وتأخذ فى الاعتبار الطبيعة الاجتماعية والثقافية والتحديات الخاصة التى تواجه منطقة بعينها وتمييزها عن غيرها.
وفي ظل العولمة وحدة المنافسة وإتساع السوق والإلتجاء إلي تكثيف مبدأ إقتصاديات الحجم أصبح لإدارة اللوجستيات دور رئيسي فعال لمواجهة "العولمة". ولذلك فإن اللوجستيات تلعب دوراً أساسياً بالنسبة لتخفيض تكاليف الإنتاج والتوزيع. ولقد تبين أن التكاليف اللوجستية بما فيها حجم المشتروات، وتكاليف التخزين، وتداول البضائع، والنقل والتأمين، والفوائد الناتجة عن طول زمن رحلة البضائع، والتلفيات والفاقد تصل في الدول العربية إلي أكثر من 40-60% من تكلفة المنتج النهائي  عند نقطة الإستلام النهائي بالمقارنة بنسبة 10:8 % في الدول الصناعية المتقدمة.
وفي ظروف التغيير الدائم في المنافسة فإن أهمية اللوجستيات تعتبر من أهم التحديات التي تواجه إدارة المؤسسة وذلك بالنسبة إلي :
• خدمة العميل إلي أقصي حد ممكن لإرضائه وتفصيل الإنتاج تبعاً لرغبته (Customization).
• ضغط الوقت وترشيد التكاليف علي طول سلسلة الإمداد.
• عولمة الصناعة.
ولقد أصبح التنافس اليوم بين الشركات المنتجة ، ليس علي جودة المنتج ذاته فحسب، وإنما صار التنافس أيضاً حول مدي إتقان سلاسل الإمداد الخاصة بكل شركة.

1-      أثر إرتباط النقل باللوجستيات
مما لا شك فيه ان التنافسية في وقتنا الحالي أصبحت تتطلب تطوير وسائل النقل المختلفة لنقل البضائع من المصانع والشركات، لذا يعد قطاع النقل من أهم القطاعات الحيوية كأحد ركائز التنمية الشاملة لأية دولة، كما تمثل خدمات النقل واللوجستيات الدعامة الرئيسية لنجاح برامج التنمية المستدامة، وذلك لأن القواعد اللوجستية تشكل القاسم المشترك في جميع الأنشطة الخدمية والانتاجية.
يعتبر النقل بوسائطه المختلفة نشاط أساسى من الأنشطة اللوجستية التى تعنى بكل نشاط مرتبط بحركة وتخزين البضائع من أجل تدفق مستمر للسلع والخدمات يخدم متطلبات الانتاج والاستهلاك وما يشمله من عمليات إمداد وتصنيع وتجميع وتوزيع من خلال شبكة لوجستية تشمل مواقع وطرق وشبكة معلوماتية وشبكة من علاقات تربط أعضاء سلسلة الامداد لتضمن وصول السلعة وفقا لمتطلبات العملاء في المكان المتفق عليه والزمان المضبوط وبأقل تكلفة ممكنة.
وحيث أن الطلب على النقل طلب مشتق أى تابع للطلب على السلع المنقولة فإن تصميم شبكة الإنتاج والتوزيع يؤثر بدوره على طرق النقل ووسائطه المختلفة  وفقا لمتطلبات تصميم الشبكة المبنى على مواقع توافر عوامل الانتاج من أرض وعمالة ورأس مال ومواقع توزيع وفقا لمتطلبات الاسواق وقرارات وسياسات التوريد . فمثلا إذا تم إتخاذ قرار بشأن تقليل عدد الموردين وتركيزهم فى منطقة محددة بعيدة عن الاسواق لاعتبارت خاصة بتكلفة الارض والعمالة وغيرها فيعنى ذلك اعتماد اكبر على النقل متعدد الوسائط  لتغطية مسافات جغرافية متباعدة ومتباينة تتطلب تنوع فى الوسائط لضمان وصول السلع فى الوقت المناسب بالتكلفة المناسبة.
ويصبح النقل متعدد الوسائط إقتصادياً ومفيداً فى حالة الطلب المنتظم بكميات كبيرة لمسافات بعيدة. أما إذا تمت عمليات الانتاج فى مواقع قريبة من الاسواق فسيقل الطلب على النقل ويختصر على وسيلة أو إثنين فقط داخل رقعة جغرافية محدودة .
وفى الوقت نفسه يؤثر أداء النقل وتكاليفه على تصميم الشبكة اللوجستية وشبكة سلسلة الامداد فكلما زادت تكلفة النقل أو إنخفض مستوى أداءه متمثلا فى زيادة فترات الانتظار أو وجود إختناقات فى مساره  كلما اصبح الانتاج فى مواقع نائية غير ذي جدوى إقتصادية حيث تفوق تكلفة النقل الوفورات المتحققة من إنخفاض تكاليف العمالة أو الأرض ويؤدى الى فاقد فى الوقت والمال وفقد للعملاء.
وتؤثر تكلفة النقل أيضا على القرارات الخاصة بحجم المخزون المحتفظ به. فنظرا لإتجاه بعض الشركات العالمية الى اتباع انظمة تقلل الاعتماد على المخزون مثل الشراء فى الوقت المناسب وذلك لتجنب تراكم مخزون من سلع أو مكونات تتقادم تكنولوجيا أو تحل محلها سلع جديدة نتيجة حدة المنافسة والإبتكار المستمر مما يؤدى الى إنخفاض سريع للطلب على السلعة وزيادة عبء الاحتفاظ بها واحتباس قيمة رأسمالية يمكن إستغلالها بشكل يجلب عائد أكبر ويضيف قيم أعلى للسلع.
ولكن فى المقابل لعدم الاحتفاظ بمخزون يزيد الطلب على النقل لمقابلة الاحتياجات المتكررة للتصنيع أو لتلبية إحتياجات الأسواق مما يؤدى الى زيادة تكاليفه. فى حين تظل التكلفة اللوجستية الإجمالية من نقل وتخزين فى ظل هذا النظام أقل منها فى نظام يعتمد على الاحتفاظ بكميات كبيرة من المخزون.
2-      قياس قدرات الدول على الاندماج في أسواق التجارة العالمية
لقد أصبح من الاهمية القصوى فى ظل متطلبات العولمة أن تحرص الدول النامية على رفع قدراتها علىالاندماج مع التجارة والاسواق العالمية لتصبح عضوا فى النشاط الانتاجى والتجارى العالمي المتصل بشبكة لوجستية تربط بين مواقع ممتدة جغرافيا يتم فيها إضافة قيمة أو يتم فيها عمليات تخزين أو تجميع الشحنات للتوزيع عبرقنوات متشابكة تصل بينها طرق برية وبحرية وجوية وسكك حديدية وممرات مائية. ويعتمد اليسر والسهولة فى التواصل مع تلك الشبكات على مجموعة من العوامل الخاصة بكل بلد تتمثل فى النظم والإجراءات المتبعة ومدى توافر البنية التحتية المطلوبة من طرق وموانىء ووسائل إتصال وخدمات داعمة ومدى قدرة العاملين فى المجال على تقديم خدمات لوجستية متميزة.
ومن أجل أن يصبح للمنطقة العربية دور قوى فاعل ومحورى فى منظومة حركة التجارة العالمية فمن الضرورى بمكان أن تقوم الحكومات منفردة ومجتمعة بوضع إستراتيجية مبنية على تصور متكامل يأخذ فى الاعتبار الدور الاساسى للتنسيق بين القطاع العام والخاص لتنفيذ سياسات واتخاذ إجراءات وتطويرأدوات تمكنها من بناء شبكة من النقل متعدد الوسائط مدعمة بخدمات لوجستية متقدمة تحقق مستوى تكامل إقليمى يؤهلها للاندماج والتنافس والتعامل مع مقتديات وتحديات عصر العولمة.
ولكى يتحقق ذلك فلابد من تفهم الامكانات المتاحة والاوضاع الراهنة والتشريعات والأنظمة والضوابط والاجراءات المتبعة التى تحكم  وتحدد مستوى الأداء اللوجستي وتلعب دوراً اساسياً فى تسهيل أو تعقيد هذه العمليات وتؤثر فى مدى إمكانية تطوير الأداء. ومن ثم وضع خيارات سياسية للعمل المشترك مع الأخذ فى الاعتبار القضايا ذات الاهتمام المتبادل للوصول الى حلول ومقترحات لتذليل العقبات وإزالة المعوقات أمام تحقيق مستوى طموح من التكامل الاقليمى المؤهل لاندماج عالمى.
وقبل أن نبدأ فى عرض للواقع الحالى للأداء اللوجستى للدول العربية على ضوء بعض البيانات والمؤشرات المتاحة في التقارير الدولية المختلفة، يتعين علينا توضيح الاتجاهات الحديثة والتطورات فى شكل وتنظيم شبكات العمليات اللوجستية التى تمثل منظومة وبيئة العمل اللوجستي وتبلور سياساته ومتطلباته الرئيسية وذلك لتحقيق منظومة لوجستية متكاملة تكون بمثابة الدورة الدموية التى تغذى وتوفر لوازم العملية الانتاجية والتجارية من عناصر مادية وخدمية ومعلوماتية وموارد بشرية وكوادر إدارية لازمة لإتمامها على الوجه الأكمل بمستوى الجودة المبني على معايير قياسية بأقل تكلفة ممكنة مع التخلص من كل أشكال الفاقد فى جميع مراحل سلسلة الامداد.

3-      الاتجاهات الحديثة في العمليات اللوجستية

(1)      إعادة هيكلة النظم اللوجستية
يتجه المصنعون الى إعادة هيكلة النظام اللوجستى بحيث يتم تركيز الانتاج والتخزين فى عدد أقل من المواقع. وتؤدى هذه السياسة إلى زيادة القدرة على الاستفادة القصوى من إقتصاديات الحجم الكبير التى تؤدى الى تخفيض تكلفة الانتاج على حساب زيادة الاعتماد على النقللمسافات طويلة. والاتجاه المتزايد لمركزية المخزون على نطاق جغرافى أوسع مما أدى الى التمتع بتكلفة إحتفاظ بمخزون أقل مع تقليل تكاليف النقل من خلال فصل مواقع التخزين عن مواقع تقسيم الشحنات (Break bulk)  فى مواقع متعددة بشكل لامركزى قريب من الأسواق ليحقق تخفيض فى التكلفة الإجمالية للنقل. حيث يتم النقل بكميات كبيرة من أماكن التخزين البعيدة جغرافيا عن الاسواق ثم يتم تجزئتها فى مراكز التوزيع بدون تخزين يذكرلتصل بالكميات الصغيرة المطلوبة  للأسواق المتفرقة.
وقد زاد الاتجاه الى المركزية ليتم تطبيقه إيضا على نطاق واسع  فى نظم توزيع ونقل الطرود والبريد بالاعتماد على نظم معلومات مركزية تقوم على عمليات فرز وتجميع وتوزيع مركزية فى جميع المراحل ماعدا حركة المرور الداخلى.

(2)      إعادة ترتيب سلاسل الامداد Realignment
تتجه الشركات الى التركيز بشكل أكبر على أنشطتها الأساسية التى تحقق تمييزها وتلجأ الى الاستعانة بشركات أخرى متخصصة تقوم بالأعمال والخدمات والأنشطة التكميلية حتى تفرغ طاقاتها وإمكاناتها البشرية والمادية على تطوير قدراتها التنافسية فى المجالات المميزه لها. وبذلك لم يعد هناك تكامل رأسى داخل المؤسسة مما أدى الى تزايد الروابط الخارجية وتزايد الاحتياج للتكامل والتنسيق الأفقى مع مقدمى الخدمات والموردون مع أطراف سلسلة الامداد لعمليات الانتاج الممتدة جغرافيا فى مواقع  متفرقة والمعتمدة بشكل أكبر على النقل.
وقد أدت عمليات الاستعانة الخارجية إلى زيادة الرقعة  الجغرافية لتمتد أبعد وأبعد لتصل الى مناطق توريد وتوزيع متباعدة توافق طموحات سلاسل الامداد للوصول الى مناطق تحقق إنتاج أقل تكلفة مع توزيع لأسواق أكبر لسرعة بيع المنتجات قبل تراجع قيمتها نتيجة وصول سلع منافسة جديدة للأسواق مع الاستفادة بإقتصاديات الحجم الكبير فى الانتاج.
كذلك تقوم الشركات التى ترغب فى تحقيق التوازن بين مركزية الانتاج وتنفيذ المتطلبات الخاصة للعملاء بإعادة ترتيب أعمالها بحيث تقوم بإنتاج الأجزاء الأساسية المشتركة لجميع أشكال المنتج ثم تؤخر أداء المراحل اللاحقة التى يتم فيها تنوع المنتج بحيث يقابل متطلبات الفئات المختلفة للعملاء ويتم ذلك فى مواقع أقرب للعملاء بذلك تستفيد الشركات بالوفورات المتحققة من إقتصاديات الحجم والانتاج والتخزين المركزى بدون حرمان عملاؤها من تحقيق متطلباتهم المحددة.
وهناك إتجاه لإستخدام أوسع للنقل المباشرمن المنتج الى المستهلك بدون وسطاء وذلك للسلع التي تتميز بقيمة أعلى مقارنة بوزنها خصوصا مع تزايد الشراء عبر الانترنت ورغبة فى تقليل تكاليف شبكة التوزيع التى تحمل على ثمن السلعة وتقلل من تنافسيتها.
من هنا يؤدى إعادة ترتيب شكل سلاسل الإمداد الى زيادة التركيز فى عمليات النقل على عدد أقل من الموانى والمطارات المحورية  التى تتمتع باقتصاديات حجم كبير تقابل إحتياجات الشحن بكميات كبيرة من مناطق بعيدة يعاد تقسيمها الى شحنات أصغر كلما إقتربنا من الأسواق. ويظهر الدور الحيوى للنقل متعدد الوسائط الذى يحقق إختيار أنسب للمزيج المطلوب من محددات خدمة عميل متعلقة بالتكلفة والوقت ومستوى الجودة والاعتمادية والمرونة على مدى خطوط طويلة من الامداد تعبر القارات وتحقق إستراتيجيات الانتاج والتوزيع المحددة.

(3)      إعادة الجدولة لضغط زمن تدفق السلع والخدمات
ضغط الفترة الزمنية المنقضية من وقت إصدار أمر الشراء الى إستلام الطلبية يؤدى الى تخفيض تكلفة الاحتفاظ بالمخزون ويساعد على سرعة الاستجابة لمتطلبات العملاء وتقليل مخاطر تقادم السلع وانخفاض قيمتها نتيجة دورة حياتها القصيرة فضلا عن تقلب الطلب. ويمكن القيام بعملية إعادة جدولة الشحنات عن طريق تقديم خدمة التسليم الى العملاء فى اليوم المختار والتسليم الى المصنع فى التوقيت المحدد.

(4)      تحسين أساليب إدارة المستودعات وعمليات النقل
الاختيار الامثل لبدائل وسائط النقل المختلفة من نقل بحرى أو برى أو جوى أو إستخدام مزيج مناسب منها  فى نقل متعدد الوسائط يحقق متطلبات  العملاء ومتابعة التغيير المستمر فى تكاليف وسائط النقل ومعدات التداول والتكنولوجيا المستخدمة والتحديث المستمر للمعلومات لإحداث تغيير فى نمط وأساليب الحركة لضمان تدفق أكثر إنسيابية وأقل تكلفة مع زيادة الاعتماد على تكنولوجيا المعلومات والاتصالات. فمع إنتشار التجارة الإلكترونية أمكن تحديد المواقع وإستخدام نظم الملاحة الاكترونية وزاد إستخدام تحديد المسار والجدولة ومعالجة أوامر الشراء لتنفيذ الطلبيات إلكترونيا. وقد تنامت الاستثمارات فى وسائل التعقب والتتبع الإلكترونيةلتحديد مواقع الشحنات فى أى وقت وتوفير معلومات آنية عن مسارها مما زاد من الشفافية والمتابعة لتحسين الأداء والتغلب على المشاكل فى حال وقوعها مع توفير المعلومات للناقلين وعملائهم من الشاحنين عن أى تأخير لسرعة إتخاذ الاجراءات اللازمة مما يعتبر عنصر أساسي فى نجاح إدارة المخزون على طول سلاسل الامداد العالمية.
(5)      التغيير فى تصميم المنتجات
 الزيادة فى التعقيد والتطويرتؤدى الى المزيد من القيمة المضافة لكل وحدة من وزن المنتج  وخصوصا للمنتجات النهائية بعد إتمام عمليات التعبئة والتغليف وغيرها. وقد روعى فى التصميمات الحديثة للمنتج تكلفة النقل والاستغلال الأمثل للحيز المتاح فى الحاويات ومراعاة تكلفة إعادة تدوير المنتج للمحافظة على البيئة بحيث يتحقق يسر أكبر فى عمليات إعادة تفكيك المنتجات الى موادها الأساسية للتخلص الآمن أو لإعادة التصنيع.بالإضافة الى تصميم المنتج بحيث تزيد نسبة الأجزاء القياسية التى يمكن إستخدامها فى أكثر من شكل بحيث تقلل عدد الوحدات المختلفة وبالتالي تنخفض تكاليف التخزين مثل إستخدام شكل واحد لغطاء الزجاجات لأكثر من حجم للزجاجة أو تصميم الحاسوب بحيث يستخدام نفس المكونات الرئيسية وتغيير فقط المكونات التى يحدث فيها تغيير تكنولوجى سريع بحيث يتم فقط تغيير هذا الجزء بسهولة بدون تعديلات فى باقى الأجزاء وبالتالى يتم تخزين عدد أقل من المنتجات وعدم تقادم كل مكونات الجهاز الأقدم. كذلك يمكن تصميم مواد تعبئة صالحة لإعادة الاستخدام ويمكن طييها حتى لا تأخذ حييز وبالتالى تخفض من التكاليف اللوجستية لعمليات التخزين.

(6)      تكامل الخدمات اللوجستية
تؤدى عولمة الأنشطة الصناعية وإمتدادها على مدى جغرافى واسع الى تدفق المواد والمعلومات على طول سلاسل الامداد من المصادر الى المستهلكين مما يتعدى حدود الدول. ومع إعادة هيكلة سلاسل الامداد أصبح من الضرورى إدارة سلاسل الامداد بشكل متكامل يحقق أفضل النتائج بأقل تكاليف إجمالية ممكنة. أما اذا تم التعامل على مستوى ماهو أمثل لكل عضو من سلسة الامداد على حدى بدون النظر الى تأثير قراراته على باقى الشركاء فإن ذلك غالبا ما يؤدى الى نتائج دون المستوى الأمثل. وكلما زادت مستويات التكامل بين المشاركين فى الأنشطة اللوجستية المختلفة والتنسيق بينهم فإن نتائج تطبيق مفهوم اللوجستيات المتكاملة تمتد من نطاق الإدارة الفنية لتشمل الموردون والمصنعون والعملاء. وفى ظل هذا المفهوم يصبح جميع المشاركين فى سلسلة الإمداد مسئولون عن تحقيق ميزات تنافسية من خلال التنسيق المشترك لتنفيذ إستراتيجية تحقق الرؤيا والهدف. وهذا لا يمكن أن يتحقق إذا كانت إدارة كل نشاط تتم على حدى بل لابد من وجود منظومة متكاملة تدرك أن ما يتم إتخاذه من قرارات فى وحدة ما يؤثر فى الأداء الكلى لتدفق المواد والإمداد ويحقق الإنسيابية والسرعة والمرونة المطلوبة لاستيفاء متطلبات العملاء.
• المستويات المختلفة من التكامل
التكامل فى لوجستيات الصناعة يغطى جوانب عديدة منها على سبيل المثال التكامل بين الأقسام المختلفة المسئولة عن أعمال التسويق والتوزيع داخل الشركة نفسها. وللوصول الى التمييزفى مستوى الخدمة وتكلفة أداءها يتطلب ذلك التنسيق  الداخلى بين عمليات الإمداد والتصنيع والتوزيع وخدمات ما بعد البيع. وفى هذا الصدد تقوم الشركات بإزالة الحواجر بين الإدارات بدل من تأكيدها وتركز على الحلول التكتيكية ( مثال ذلك الترشيد فى إستخدام الأموال والمخزون والأنشطة التى لا تضيف قيمة للمنتج). ومن الممكن أن يتطور ذلك الى مستوى من التنسيق يمتد ليشمل التنسيق مع الشركات الأخرى لإستخدام المرافق والأجهزة والمعدات والنظم والموارد البشرية بما يحقق مرونة وكفاءة أعلى للجميع.
وأعلى مستويات التكامل هى التى تتم على المستوى الخارجى بين أطراف قنوات التسويق والتوزيع ويتطلب ذلك عملية تنسيق وتكامل يمتد ليشمل أعلى وأسفل سلسلة الإمداد من الموردين للمواد الخام مرورا بالمصنعين للمكونات ثم المنتجين والموزعين الى المستهلك النهائى فى منظومة متكاملة تحقق إقتصاديات العمليات المشتركة. بناء على ذلك يصبح لمجموعة المشتركين فى هذا المنظومة هدف واحد ونظام وتنظيم ومرافق وإدارة تكاملية وكأنهم كيان واحد متجانس.
ولقد استطاع عدد محدود جدا من الشركات التى تتميز بالابتكار الوصول الى التكامل مع شركائها ومع ذلك فإن نطاق هذا التكامل لم يتعدى حدود التعامل مع المورد المباشر لها او العميل المباشر من خلال إستخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات بينما مازالت أغلب الشركات تكافح من أجل تحقيق التكامل الداخلى بين الوظائف المختلفة  فى عمليات حركة المواد والمعلومات داخل المؤسسة مما يوضح صعوبة تحقيق القدر الكافى من التكامل المأمول الذى يستطيع أن يحقق الأداء الأمثل لسلاسل الامداد ككل. وفى الواقع العملى فإن التطور فى الأداء اللوجستى غالبا ما يتبع عمليات الاستحواذ أو الشراء او الاندماج مما يتبعه من ممارسات السيطرة على المشاركون فى سلسلة الامداد. وعلى النقيض تستطيع الشركات الصغيرة الاستفادة من هذه الممارسات التكاملية من خلال التنسيق مع الآخرين لتحقيق وفورات إقتصادية  ما كانت لتحققها لوقامت بالعمل بشكل منفرد.

• أثر التكامل اللوجستى على أداء الأعمال العالمية
التقدم المستمر فى الأداء اللوجستي عبر سلاسل الامداد العالمية أدى الى تأثيرات جوهرية فى مجال الأعمال تتمثل فيما يلى:
-        الإعتمادية المتبادلة بين الشركات المشاركة فى شبكة سلسلة الامداد أصبحت بالأمر المعتاد فى عالم الصناعة وأدت الى تأثر الأداء الكلى للمشاركين بالقرارات التى تتخذها أى حلقة من حلقاتها.
-        أدى امتداد سلسلة الامداد ليشمل المنتجين والموردون والعملاء من مناطق جغرافية نائية الى تعقيد العمليات وزيادة المشاكل المتعلقة بالزمن والمسافة واختلاف الثقافات والأذواق والأفضليات وزيادة حدة المنافسة لتعدد المنتجات وتنوعها والتسابق على الترويج لها مما شكل تحديات متجددة تعبر حدود المؤسسات وتتطلب مزيد من الابتكار والتطوير واستحداث تكنولوجيات أكثر تعقيدا لتسهيل عمليات المتابعة والتنسيق والتكامل.
-        أدت الرغبة فى التركيز على أداء العمل الأساسى الذى تتميز به الشركة لتحقيق ميزة تنافسية مع الاعتماد على متعهدين من خارج الشركة للقيام  بالخدمات والأنشطة المعاونة الى ظهور ونمو المنظمات الافتراضية حيث تتم أغلب الأنشطة عن طريق مقدمى خدمات لوجستية كطرف  ثالث أو رابع.
-        تغيير تنظيم العمل من الهيراركية الرأسية حيث يقوم الرئيس بتوزيع المعرفة ويقوم العاملين بالتنفيذ. أما فى النظام الجديد تحولت الشركات الى التنسيق الرأسى حيث تقوم كل مجموعة عمل بالتنسيق للوصول الى حلول متكاملة ويتم إتخاذ القرارات المبنية على تفاعل القائمين بالعمل وفقا لقرارات أقرب الى مواضع التنفيذ وبالتالى تكون أكثر ملائمة لمتطلبات الواقع. وغالبا ما يتم التنسيق فى العمليات اللوجستية بشكل رسمي او غير رسمى مع إعتماد اكثر على تكنولوجيا المعلومات والاتصالات.
-        التغييرات فى مناخ العمل نتيجة لاتجاه الحكومات الى إتخاذ قرارات تؤدى الى تحرير نشاط النقل بالاتصالات بحيث أصبح متاح لقطاع الاعمال أداء أنشطة النقل والتخزين والتجميع والاتصالات وغيرها. من جانب آخر تصاعدت الاجراءات الخاصة بحماية المستهلك والحفاظ على البيئة.

(7)      الاستعانة الخارجية بمقدمى الخدمات اللوجستية
         يؤدى وجود كفاءة فى العمليات اللوجستية  حتما الى أداء الأعمال بفاعلية أكبر مما زاد الحاجة الى شركات متخصصة لها خبرات وإمكانات مادية وبشرية وتوافرمعدات تؤهلها لمزاولة الأعمال اللوجستية بالحرفية والكفاءة والمرونة المطلوبة وأصبحت الاستعانة بهذه الخدمات  تمثل قيمة مضافة حقيقية تزيد من التنافسية  فى عالم الأعمال.

• الحاجة الى الاستعانة الخارجية
لقد دفعت العولمة الى مستوى أكثر تعقيدا فى شبكة الأعمال اللوجستية والإمداد وبرزت أهمية التوزيع والنقل كعامل مؤثر فى تحسين عملية تسويق المنتجات وكلما زاد الطلب العالمى زادت متطلبات عمليات النقل والتوزيع تعقيدا وأصبح أداءها غير ممكن إلا من خلال الاستعانة بالمتعهدين وزادت الانشطة التى يتم التعهيد الخارجى لها وأصبحت الشركات تقوم بتقديم حزمة متنوعة من الانشطة المتكاملة فى نقطة خدمة واحدة.
• خدمات الطرف الثالث اللوجستية
نتيجة لعولمة الانتاج والتوزيع أصبحت الشركات الصناعية تعتمد على طرف ثالث لتلبية المتطلبات المتزايدة لعمليات لوجستية أكثر فاعلية ومرونة وأقل تكلفة على مدى رقع جغرافية أكثر إمتدادا. وقد أدى الاتجاه المتصاعد الى الاستعانة الخارجية  الى زيادة حجم الأعمال وتنوعها  وخصوصية الخدمات المصممة خصيصا لمقابلة متطلبات بعينها مما يتطلب تفهم دقيق للتعرف على مقتضيات المهام الموكلة وأولوياتها والتأكد من تقديم الخدمة اللوجستية وفقا للتوقيت المحدد بالكيفية والتكلفة المتفق عليها. ولكى يتم ذلك لابد من التداخل والتناغم بين عمليات الشركة ومقدم الخدمة باعتباره حليف استراتيجى ومشارك فى إنجاح الاستراتيجية التنافسية للشركة.
 وشجع الاتجاه المتزايد للاستعانة الخارجية على زيادة إستثمارات مقدمى الخدمات فى الإماكانيات والمعدات والمرافق لتوسيع نطاق وأبعاد الخدمة والتغطية الجغرافية لها بحيث يجد العميل ما يدفعه الى المزيد من الأنشطة التى يقوم بإسنادها اليهم.
وبعد عرض وتوضيح تلك الاتجاهات الحديثة والتطورات فى شكل وتنظيم شبكات العمليات اللوجستية التى تمثل منظومة وبيئة العمل اللوجستي وتبلور سياساته ومتطلباته الرئيسية، تجدر الإشارة إلى أن الدول العربية تواكب هذه الاتجاهات العالمية، ونعرض في الجزء التالي أهم المناطق اللوجستية في الدول العربية. 

4-      أهم المناطق اللوجستية في الدول العربية
من الجدير بالذكر أن تسعة من أكبر 10 مناطق لوجستية في الشرق الأوسط يوجد في منطقة الخليج وواحدة في الأردن. وهذه المناطق هي: المنطقة اللوجستية في مطار أبو ظبي (صورة رقم 1)، ومنطقة رأس الخيمة للتجارة الحرة (صورة رقم 2)، ومدينة دبي اللوجستية (صورة رقم 3)، وجبل علي، ومنطقة صلالة، ومنطقة البحرين للخدمات (صورة رقم 4)، ومدينة دبي الصناعية، وقرية دبي الاستثمارية، ومنطقة العقبة ومرسى البحرين للاستثمار. وقد جذبت هذه المناطق مليارات الدولارات من الاستثمارات في المشاريع المختلفة في مجال الخدمات اللوجستية بما في ذلك المستودعات والتخزين والنقل والتوزيع والتصنيع والتعزيزات للقطاع الصناعي وإضافة قيمة للبضائع عن طريق تقديم خدمات مثل التجميع والتصنيف والتعبئة والتغليف وإعادة التغليف وغيرها من الخدمات الأخرى المكملة والمساعدة.
ولا يقتصر الاهتمام بالنقل واللوجستيات على العشرة مناطق السابق ذكرها فقط، حيث أطلقت المملكة العربية السعودية مدينة الأمير عبد العزيز بن مساعد الاقتصادية كواحدة ضمن خمسة مدن اقتصادية تهدف إلى توسيع الاقتصاد المتنامي غير النفطي. ترتكز هذه المدينة على قطاع النقل والخدمات اللوجستية المساندة. وتبلغ مساحة المدينة،وهي ثاني أكبر مدينة اقتصادية في السعودية، 156 مليون متر مربع، بتمويل كامل من قبل القطاع الخاص، يصل إلى 30 مليار ريال (8 مليارات دولار)، يدفع على مدة عشر سنوات، وستوفر المدينة الجديدة حوالي 30 ألف فرصة عمل لأبناء وبنات المنطقة ما يسهم في تطوير المنطقة اقتصاديا.
وقد تم إعداد الدراسات الاستشارية لتطوير المدينة كمركز إقليمي متكامل المنظومة في قطاع النقل واللوجستيات، يستضيف العديد من القطاعات التنافسية التي سيتم بناؤها لاستكمال منظومة النقل واللوجستيات وتلك العناصر هي مطار دولي، وميناء جاف، وسكة حديد الشمال الجنوب، ومحطة لنقل الركاب، ومحطة لنقل البضائع، ومركز متكامل للنقل واللوجستيات، وشبكة من الطرق التي تربط مدينة الأمير عبد العزيز بن مساعد الاقتصادية بشبكة الطرق الرئيسة في المملكة، وتشمل القطاعات الأخرى المخطط لها في المدينة صناعات التصنيع الزراعي، الخدمات المساندة لصناعات التعدين، والصناعات المكملة للبتروكيماويات، بالإضافة إلى القطاعات المساندة داخل المدينة وهي قطاعات العقار التجاري والسكني، التعليم، الصحة، التقنية، والترفيه، حيث يشكل مجموع هذه القطاعات المساندة حوافز إضافية تجارية وسياحية.
وتم حصر مجموعة كبيرة من الفرص الاستثمارية موزعة حسب القطاعات بما في ذلك قطاعات النقل واللوجستيات، والزراعة، التجارة، الصناعة، البنية التحتية، البتروكيماويات، العقار، والسياحة.
ومن المتوقع أن يكون للمدينة دور قيادي وواضح لتلبية متطلبات النقل واللوجستيات في المنطقة.ويتضمن مشروع مدينة الأمير عبد العزيز بن مساعد الاقتصادية على العديد من مشاريع البنية التحتية المرتبطة بقطاع النقل واللوجستيات، حيث يقدر الحجم السنوي للركاب القادمين إلى محطة السكة الحديد 2.3 مليون راكب، بينما يصل العدد إلى 3.1 مليون راكب قادمين عن طريق المطار الجوي.
وينعكس الاهتمام باللوجستيات في تخصيص مصر نصف مليون متر مربع بمدينة السادات لانشاء أول منطقة صناعية لوجستية باستثمارات تصل إلى مليار جنيه، وذلك في إطار خطة الوزارة لإنشاء 24 منطقة صناعية لوجستية خلال الأربع سنوات القادمة فى مدن العاشر من رمضان والسادس من أكتوبر والسادات وبرج العرب باستثمارات تصل إلى 40 مليار جنيه. وذلك بالإضافة إلى الاهتمام بتطوير التجارة الداخلية المصرية مع مراعاة انشاء مناطق لوجستية من شبكة طرق ونقل ومناطق لتخزين البضائع وشبكة لتوزيع السلع.

Previous Post Next Post