عادات وتقاليد سكان القرية
 الأعياد والمواسم
من الأعياد والمواسم التي يحتفل بها أهل اسدود كغيرهم من سكان القرى وخاصة قرى جنوب فلسطين ، عيد الأضحى ،عيد الفطر، عيد المولد النبوي، عاشوراء ، أربعة أيوب، وخميس الأموات ، وموسم الحسين ، موسم النبي روبين، وموسم النبي صالح في الرملة.
عيد الفطر: موعد هذا العيد بعد صيام شهر رمضان المبارك . وهنا لا بد من الحديث بإيجاز عن شهر رمضان ولياليه الممتعة التي يقضيها الفلاح مع أسرته وأقاربه والإفطار الجماعي في المقعد، وصلاة التراويح بالمسجد، وإقامة الولائم الكبيرة ، وإحياء حلقات الذكر بعد تناول الإفطار حتى موعد السحور. وانتظار الأطفال تحت مئذنة المسجد للاستماع لأذان المغرب حتى يهرولون الى بيوتهم ليخبروهم بموعد الإفطار . أما إيقاظ الناس للسحور فكانت تقوم فرقة خاصة تدق الطبل لتنبيه الناس لموعد السحور وتناول الطعام ومن أشهر المسحرين فرقة أولاد الشيخ مصطفى السعدي الحمامي وأعمامهم الشيخ عمر وعبد المطلب ، وكذلك خالد الصعيدي . ويرددون والأطفال معهم:اصحى يانايم ، وحد الدايم.
وقبل انتهاء شهر رمضان ،يبدأ الناس استعداداتهم لعيد الفطر، فيشترون الملابس الجديدة للنساء والأطفال والرجال . وفي صباح يوم العيد يذهب الرجال الى المسجد لأداء صلاة العيد، ثم يرجعون إلى البيت للمعايدة وزيارة أرحامهم فهذا واجب ديني. وبعد ذلك يذهب الرجال إلى المقعد لتبادل التهاني بالعيد سواء مع أفراد حمولته أو أبناء الحمائل الأخرى الذين يتبادلون زيارة المقاعد اختصارا للوقت وتوفيرا للجهد.
أما الأطفال، فهم زهرة يوم العيد المتفتحة، ففرحة يوم عيد الفطر فرحتهم في الدرجة الأولى. يلبسون الثياب المزركشة، ويذهبون إلى الألعاب كالمراجيح وغيرها التي يأتي بها أصحابها من المدينة إلى القرية لهذه المناسبة فتكسبهم كثيرا. ومن أهم هذه الألعاب التي تستحوذ على عقول الأطفال "صندوق العجب" لما فيه من الصور السحرية الجميلة لأبطال الأساطير والقصص الخيالية كما يذهب كبار الأطفال إلى زيارة مقام الشيخ المتبولي وسلمان الفارسيوالنزول إلى المغارة تحت الأرض محاولين الوصول إلى حجر ندي دائم الرطوبة، للتبرك به ومسح الوجه عسى الله أن يغفر لهم ويوفقهم في حياتهم. وكثيرا ما كانت تأتي عائلات من القرى المجاورة للتبرك والدعاء وطلب الشفاعة من أولياء الله أملا في تلبية حاجاتهم من شفاء مريض أو عودة غائب، أو أن يرزق الله امرأة بولد صالح وهكذا.

عيد الأضحى
موعد هذا العيد هو العاشر من ذي الحجة بعد وقوف الحجّاج بعرفات – المتعارف عليه أنه بعد عيد الفطر بسبعين يوما . وبهجة هذا العيد في التكبير والتهليل وذبح الأضاحي وتوزيع الجزء الأكبر من لحومها على الأرحام والجيران والمحتاجين الذين لا يستطيعون شراءها وذبحها. وهذا العيد مشهور بأنه عيد اللحم ، بينما عيد الفطر هو عيد الحلوى . وعيد الأضحى من المناسبات القليلة التي تسنح فيها للفلاح الفرصة لأكل اللحم. وكان معظم الفلاحين لا يأكلون اللحم أكثر من خمس أو ست مرات في السنة ،والقلة التي كانت تأكله كل أسبوع أو كل شهر . فمثلا كان احمد عويضة والعبد ربيع البطراوي وخالد البطراوي يذبح كل منهم خروفا أو جديا واحدا يوم الجمعة ، فيكفي جميع المشترين ، وهذا دليل على قلة أعداد القادرين من لسكان القرية.

المولد النبوي
لم يكن الاحتفال به في موعده المعروف يوم 12 ربيع أول ،وإنما كان الناس يحتفلون به في شهر رمضان ، حين يقيم أحد الأغنياء وليمة كبيرة وفاء لنذر مثلا أو اية مناسبة أخرى فيذبح عجلا أو جملا ويدعى إليه الجميع فيذهب من يريد ، ويقوم الشيخ بتلاوة سيرة النبي (صلى الله عليه وسلم) من يوم حملته أمه حتى ولدته. ثم تعقد حلقات الذكر وتستمر إلى وقت متأخر من الليل وربما تستمر حتى السحور وصلاة الفجر . ويتم في هذا المولد الإنشاد المشهور:
ياأمنة بشراك     سبحان من أعطاك
                                  بحملك بمحمد     رب السما هناك
وعند الولادة يرددون: ولد الحبيب  ومثله لم يولد     والنور من وجناته يتوقد.

عاشوراء
وهو يوم العاشر من محرم . كان هذا اليوم يحتفل به اليهود وهو ذكرى نجاةالنبي موسى،عليه السلام ،وقومه من فرعون مصر . فلما قدم الرسول ، عليه الصلاة والسلام ، إلى المدينة ورأى اليهود يحتفلون به، أوصى بصيامه قائلا: إن المسلمين أولى بهذا اليوم من اليهود، ولكنه أضاف أن من المفضل صيام يوم أخر معه ، إما قبله أو بعده . وفي العصر الأموي بعد مقتل الحسين، رضي الله عنه ، أخذ المسلمون يحيون هذه الذكرى في نفس يوم عاشوراء بتقديم الوجبة الشائعة المعروفة بالجريشة ، سواء مع لحم أو بدونه، ترحماً عليه. وأحياناً يستعاض عنها بالمفتول.

المواسم
جميع الشعوب لها أعيادها ومواسمها ، بل أحيانا بعض المدن لها أعيادها ، تحتفل بها شيوخا وشبابا ورجالا ونساء . وشعب فلسطين العربي له أعياده كذلك على مدى قرون طويلة ، ربما تعود إلى عهد صلاح الدين الأيوبي بعد أن هزم الأعداء وحرر البلاد من الاحتلال الأوروبي الصليبي الذي كان في جوهرة توسعا استعماريا تدفعه الأطماع الاقتصادية والمطامح الشخصية لأمراء أوروبا الإقطاعيين. هدف صلاح الدين إلى تجميع سكان البلاد في مواسم معينة ،وفي أماكن محددة لإرهاب العدو ، والاستعداد لمقاومته إذا ما سوّلت له نفسه بتجديد العدوان . والبعض يعزوها إلى سلاطين المماليك الذين تابعوا سيرة صلاح الدين حتى حرروا البلاد الإسلامية نهائيا من أخر معاقل الصليبين في عكا 1291م . وعلى أية حال فهذه المواسم تعود بجذورهاإلى عدة قرون من تاريخ بلادنا المشرف.
ومن هذه المواسم الشعبية:
1-    موسم النبي موسى في منطقة القدس.
2-    موسم النبي صالح في الرملة.
3-    موسم النبي روبين في جنوب يافا.
4-    موسم الحسين وأربعة أيوب في عسقلان.
5-    موسم المنطار في غزة.
وكانت هناك عدة مواسم محلية في شمال فلسطين لم يكن يشارك فيها أهل الجنوب.
وفي عهد الإتنداب ،أدت هذه المواسم دورا وطنيا هاما، إذ استفادت الحركة الوطنية من هذه التجمعات الشعبية ، فحولتها إلى مهرجانات سياسية خطابية ، دون التأثير على الاحتفالات الشعبية من غناء ورقص شعبي وسباق خيول ودبكه وسامر. وهكذا كانت المواسم مناسبات وطنية دينية تجارية وكذلك سياحة ورفاهية.
أما أهالي أسدود فكانوا يحتفلون بأربعة أيوب (يوم الأربعاء) وموعده في شهر نيسان يتغير موعده حسب عيد الفصح ، ثم يليه خميس الأموات . وهو نفس الأيام التي يتم فيها احتفالات موسم الحسين في عسقلان . طلبا للشفاء من مرض كما شفى الله أيوب عليه السلام . أما النساء فيغتسلن قبيل الغروب وحيث أن النساء لايعرفن السباحة، يجلسن على الشاطئ على مكسر الأمواج بثيابهن ، وحين تصل الموجة تخاطب المرأة البحر قائلة:
"أزطم يابحر ولد أشقر بلحي وعيون زرق"
وبعض النساء تقول:
يا بحر رأسي عريانة بدي ولد يغطيها.
وإن ما جاني ولد لأقد ثيابي وارميها.
وبعد قضاء يوم جميل ممتع على شاطئ البحر رجالا ونساء وأطفالا يأكلون ويمرحون ويلعبون يعودون إلىبيوتهم استعدادا للاحتفال التالي وهو خميس الأموات .

خميس الأموات
اليوم التالي مباشرة لأربعة أيوب وفيه يحتفل أهل أسدود بزيارة الموتى في المقبرة والترحم عليهم والتصدق عن أرواحهم . فتقوم النساء بإعداد المأكولات من فطائر محلاة بالسكر والخبز المخمر بزيت الزيتون والقطين والحلويات لتوزيعها على الفقراء والمساكين والأطفال صدقة عن أرواح موتاهم . وفي هذا اليوم أيضا يصبغ الناس البيض المسلوق بالطرق المحلية. إذا تمسلق البيض مع قشرة البصل يصبح لونه برتقاليا أقرب إلى الحمرة، وإذا سلق مع ورق اللوز فيكون لونه أصفر ليموني . كما يبدأ الشباب في عصر ذلك اليوم يتجمعون في ساحة الحارة مملوءة جيوبهم بالبيض المسلوق ليتقامشون(بضرب البيض بعضه ببعض) والمقصود بذلك أن صاحب البيضة الأقوى يربح بيضة الأخر المكسورة وكان الصغار يلتفون حول المتقامشين فرحين ومهللين خاصة إذا كسب أخوه أو أبوه أو عمه فيعطيه ماكسبه ليعود به إلى البيت . وكان اللاعبون يختبرون قوة البيض بدقها على أسنانهم.
في نفس الأيام كانت تجري احتفالات على نطاق أوسع في عسقلان (غرب المجدل) على البحر بمناسبة أربعاء أيوب ويتوافد إليها أبناء القرى المجاورة ومن ضمنهم بعض شباب اسدود ، فيشاركون في الاحتفالات الشعبية من دبكة وغناء وعزف الشبابه واليرغول وبعد يوم أو يومين يعودون إلى عائلاتهم وأطفالهم بالحلوى القرعية والسمسمية لتكتمل فرحتهم.
وبعد ذلك تتحرك هذه الجماهير إلى وادي النمل (في قرية الجورة) للاحتفال بموسم الحسين حول مقام الحسين الذي يضم رأسه ، رضي الله عنه. وتفيد بعض المصادر أن الخليفة العباسي المهدي ، أقام عليه مسجدا ، ثم جدده الفاطميون في القرن الخامس الهجري . وفي القرن السادس نقل رأس الحسين إلى القاهرة ولكن المسلمين حافظوا على عمارة المقام . وهكذاكان الناس يزورون مقام الحسين للتبرك وطلب شفاعته لقضاء حاجاتهم من الله سبحانه وتعالى.
وبعد انتهاء هذا الاحتفال ،يواصل بعض الناس رحلتهم إلى غزة للمشاركة في احتفالات "المنطار" يوم الخميس من نفس الأسبوع . وهناك أيضا تعقد حلقات الدراويش ويلعب الشباب الدبكة والسامر . يعتقد بعض الرحالة الأجانب أن هذا المكان هو نفسه قبر شمشون الجبار صاحب القصة التاريخية المشهورة. وفيه مقام لولي مسلم ، اتخذه المسلمون موسما سنويا في ابريل (نيسان) لإقامة الاحتفالات الشعبية فيه.
أما موسم النبي موسى، عليه السلام ، فيعقد في أسبوععيد الفصح أيضا بالقرب من القدس ، وتستمر الاحتفالات أسبوعا كاملا، فهو أعظم المواسم الدينية الوطنية في فلسطين . أمر الملك الظاهر بيبرس بناء الضريح والقبة عام 668هــ وهو بين أريحا والقدس.
وموسم النبي صالح، عليه السلام ،يقام في الرملة ، التي بناها الخليفة الأموي سليمان بن عبد الملك ، فعظم شأنها حتى أصبحت مدينة فلسطين الكبرى ويليها في الحجم بيت المقدس.
هذان الموسمان (النبي موسى والنبي صالح) نظرا لبعدهما جغرافيا عن جنوب فلسطين ، لم يكن من اليسيرلأهالي قرى جنوب فلسطين المشاركة فيهما.
في هذه الإحتفالات الموسمية ، خاصة في مواسم الحسين والمنطار والنبي موسى والنبي صالح، كانت الفرق الصوفية تنشد الأناشيد وترقص على قرع الطبول فيما كان يسمى بالعدة.



لم تقتصر الحياة في القرية على أعمال الزراعة البدائية المجهدة للرجل والمرأة على السواء ،بل كانت أيضا حياة بسيطة مريحة للنفس،فالأولاد يمرحون ويسرحون في شوارع القرية وساحاتها ، والرجال يقضون أوقات فراغهم في جلسات ممتعة في المقاعد والساحات العامة أو على مصطبة ، وكانوا يتجاذبون أطراف الحديث ويستمتعون بقصص وحكايات طريفة ،سواء حدثت معهم أو مع جيرانهم وأقاربهم .
وفي الأيام المشمسة من فصل الشتاء ،ترى الرجال في ساحات الجرن متحلقين يمارسون هواياتهم مستمتعين بألعابهم المشهورة مثل "الدريس"و "السيجة" وهي شطرنج الفقراء ، والتي كانت تحتاج إلى مهارة وذكاء وكانت تستغرق ساعات طوال ، والأطفال حولهم في الجرن كذلك يمارسون رياضتهم البسيطة كلعبة "الحابو" أو "الحيبو" ولعبة "الكورة" الشبيهة بلعبة "الهوكي"الأمريكيّة.
وفي المساء يتجمع أفراد العائلة لتناول وجبة العشاء،كانت الوجبة الرئيسية للفلاح في القرية ،ثم يتوجه الرجال إلى مجلسهم المفضل وهوالمقعد للمشاركة في بحث أمور الحمولة أو الاستماع إلى شاعر الربابة أو يلعبون "الورق" (الشدة) والصينية واحتساء القهوة السادة .أما الشباب فبعضهم يرافق والده إلى المقعد ، والبعض يذهب إلى المقهى حيث يلعب الورق أو طاولة الزهر أو الضامه ( في القرية تعرف بالضومنة).
هذا الجانب الترفيهي من حياة الفلاح لم يقتصر على فصل محدد ، بل كان يمارس بعضه أيضا في جميع الفصول حتى في الأيام المزدحمة بالأشغال ،ففي الليل كان يسترق بعض الوقت لجلسات المقعد يرتشف القهوة ويتبادل الحديث في ما صادفه في عمله بالحقل أو البيارة(بستان الحمضيات)أوالحاكورة. والأطفال في مدارسهم نهارا وفي ألعابهم ليلا كلعبة "الغميضة" أو "الإستخباية" .
وعلى العموم فالحياة في القرية كانت حياة بسيطة هنيئة ، ينام الفلاح فيها ليله الطويل مرتاح البال وفي سلوة من العيش بغض النظر عن التعب الجسماني والمجهود العضلي الذي بذله خلال يومه ، والعوز المادي احيانا.
كان القانون السائد في القرية هو مجموعة من الأعراف والتقاليد والعادات التي تراكمت في حياة القرية على مدى الزمن، فبعضها يندثر لعدم صلاحيته والبعض يستمر لتطابقه مع عقول الناس وأذواقهم وأخلاقهم . وهذا التراث ينعكس على سلوك الناس وعاداتهم في حياتهم الاجتماعية . ومن المظاهر التي سيتناولها هذا الفصل من الكتاب : الزواج ، الختان ، الأعياد ،المواسم، المولد، النذر ، الألعاب ، العزاء، الملابس ، وأنواع الطعام ، والعلاقات العامة.



الولادة
كانت المرأة تضع مولودها في البيت ، ويساعدها في ذلك الداية (القابلة) وبعض الأقارب كأمها أو عمتها "أم زوجها" . والداية اكتسبت خبرتها من خلال حالات الولادة. ومن أشهر الدايات الحاجة  سكينة الحمامي في شرق القرية ، والحاجة حليمة حمد في غربها وبعد أن تقطع الدّاية الحبل السري من المولود تدهن جسمه بزيت الزيتون ثم تكفله وتقمطه، ويؤذن أحد أقاربه في أذنيه . ثم يقوم الوالدان أو الأجداد بتسمية الطفل ، وكانت القاعدة خير الأسماء ما حمّد وعبّد أو يسمى باسم جده أن كان ولدا أو اسم جدتها إن كانت بنتاً . وكان الناس يخافون من الحسد ، لذلك كانوا يضعون خرزة زرقاء في دبوس بملابسه أو سوارة من خرز أزرق في يدها أن كان بنتا. لكن كثيرا ما كان بعض الشباب يجدّدون في الأسماء متأثرين بالراديو والجرائد والكتب المدرسية . وكانت الداية تقوم بدور هام في القرية إلى جانب توليد المرأة الحامل .
فعلاوة على رعايتها للمرأة الوالدة خلال الأسبوع الأول بعد وضعها للمولود ، فقد كانت تشرف على غذائها وصحتها ، وتقوم بدورها في علاج النساء والأطفال بالرغم من وجود العيادات والمستشفيات في المدن القريبة من القرية كالمجدل ويافا. وكانت الداية تتقاضى أجرا عينيا من القمح والذرة وبعض النقود ، كما كان الناس يرسلون إليها فطرة " زكاة" شهر رمضان . وهكذا كانت قادرة على تأمين ماتحتاجه عائلتها على مدار السنة.



الختان "الطهور"
عملا بالسنة ، كان الاحتفال بالطهور شائعا في اسدود ، ويجب إشهاره كالزواج. وكان الناس، كل حسب مقدرته ، يحتفلون به ، وأحيانا يزفون الولد كالعريس ويستمر الاحتفال يومين او ثلاثة وينقطون الولد المحتفى به . وفي العادة ، كان يتم الطهور للأطفال قبل العاشرة من أعمارهم ، والقليل الذي يتنظر إلى مابعد ذلك . كان الحلاق يقوم بعملية الختان ومعظم هذه الحالات تتم في فصل الصيف – خاصة عطلة المدارس الطويلة – وكان بعض المطهرين يتجولون في القرى صيفا لهذا الغرض . يجتمع أهل الطفل حوله لإشغاله بالأغاني والزغاريد لحظة الطهور.
ويرش المطهر بعض البودرة على الجرح ثم يلفه بقطعة شاش . وفي اليوم التالي يحضر ليرفع الشاش ويضع رشوشا جديدا، وربما يكون ذلك أشد إيلاما من العملية نفسها . ثم توزع الحلوى والشراب وربما يقدم المفتول واللحم أو جريشه ولحم. أحيانا يتجمع أبناء العائلة للختان في حفل واحد اقتصادا للتكاليف الباهظة التي أثقلت كاهل الكثير من الناس . وكثيرا ماكان الطفل يلبس ثوبا جديدا ، كمايقوم أقاربه بإعطائه نقوط كما يفعلون مع العريس.

العزاء
"كُلُّنَفْسٍذَائِقَةُالْمَوْتِ ۖ ثُمَّإِلَيْنَاتُرْجَعُونَ"(العنكبوت ، 29: 57) ، وكل إنسان مصيره إلى الزوال ، والموت حق على جميع الخلق. وهو من المصائب الكبرى التي تصيب الإنسانولا يستطيع ردها بأي حال من الأحوال. ولذلك ترى الأقارب والجيران والأصدقاء يهرعون لمواساة أهل الفقيد، ومشاركتهم أحزانهم للتخفيف عنهم ، كل بقدر استطاعته . بعد الوفاة يحضر الشخص الموكل بغسل الميت وتكفينه ثم يحمل النعش إلى المسجد إذا تم غسله في بيته ، حيث تؤدى صلاة الجنازة ثم ينقل النعش إلى المقبرة حيث تتم مراسم الدفن . ويقوم أحد حفظة القران كالشيخ محمود حسينعلي يونس أو الشيخ موسى غبن أو غيرهما بتلقين الميت الإجابة على أسئلة الملكين ، ثم يقرأ شيئا من القران ويدعو له بالرحمة والغفران . وبعد انصراف الأهل والأقارب من  المقبرة غالبا ماتقوم عائلة من حمولة أخرى باستضافة أهل المتوفي قبل عودتهم إلى بيتوهم . وفي مساء نفس اليوم تبدأ أيام العزاء سواء في منزل الفقيد أو في مقعد حمولته ، إذا كان منزل الفقيد لايتسع للمعزين.
وفي معظم الحالات تتعاون بعض العائلات والجيران على توفير الطعام اللازم لأهل المتوفى . وهذه سنة حميدة حث عليها الرسول ، عليه الصلاة والسلام ، في قوله:"اصنعوا لآل جعفر طعاماً فإنه قد أتاهم أمر شغلهم"، أخرجه أحمد والترمذي. والبرزة (العزاء) يستمر مدة ثلاثة أيام، على الأقل، تقدم خلالها القهوة السادة. وتلبس النساء من أهل الفقيد الثياب السوداء حدادا عليه لمدة طويلة قد تستمر أربعين يوما أو أكثر مع أن المشايخ يحاولون إقناعهم بعدم فعل ذلك لأنه مخالف لتعاليم الدين الإسلامي. وفي الحالات التي يكون فيها المتوفى من أعيان اسدود ، وله معارف أو أقاربخارج اسدود ، فإنهم عادة ما يحضرون للمشاركة في المواساة والعزاء ويحضرون معهم قود (خروف أو أكثر) وغالبا ما تأخذه منهم عائلة غير عائلة الفقيد لذبحها وإعداد الطعام وإرساله إليهم في مكان العزاء . هذه المواقف الحميدة من أهل القرية مع العائلة المصابة الدليل على روح التعاون والتكاتف والتكافل التي يتميز بها الفلاح الفلسطيني في القرية في شتى مجالات الحياة من أفراح وأتراح . وأخيرا لابد من الإشارة إلى أنه لو كان الفقيد شهيدا، يدفن بملابسه ولا داعي للتكفين ، وإن كان المتوفى امرأة فتقوم امرأة بغسلها قبل نقلها إلى المسجد للصلاة عليها ومن هناك إلى مثواها الأخير .

Previous Post Next Post