التعليم الالكتروني في الوطن العربي
أولا  :الإطار العام للتعليم الإلكتروني:
1- نشأة و تطور التعليم الإلكتروني : تعود نشأة التعليم الإلكتروني إلى سنة 1996، منذ أن أطلق الرئيس  الأمريكي السابق "بيل كلينتون" مبادرته المعروفة باسم تحديات المعرفـة التكنولوجية التي دعا من خلالها إلى ربط كافة المدارس الأمريكية العامة و صفوفها بشبكة الانترنيت بحلول عام 2000، و كنتيجة أولية لهذه المبادرة قام اتحاد المدارس الفدرالية العامة سنة 1996 بإدخال مشروع الانترنيت الأكاديمي و هو عبارة عن أول مدرسة تقوم بتدريس مقررات عبر الخط في ولاية واشنطن. و ظهرت كذلك بعض النداءات تناشد بإنشاء جامعة إلكترونية في إنجلترا، و التي تمت بالفعل و يتوقع منها أن تقدم مقررات عبر الخط في التعليم المستمر و التنمية المهنية، و امتد تطبيق التعليم الإلكتروني ليشمل دول أخرى، و على سبيل المثال و نتيجة لزيادة الطلب المتزايد على تعلم اللغات الأجنبية من قبل الطلاب التايوانيين و لزيادة مهارتهم اللغوية و الثقافية قامت كلية اللغات بطرح برامجها اللغوية عبر شبكة الإنترنت، و قد وجد أن هذا النمط أسلوب و بديل جيد لتعلم اللغات عما هو سائد في الفصول التقليدية، و كذا يسد النقص القائم في هذه الأخيرة.
2- مفهوم التعليم الإلكتروني : التعليم الإلكتروني هو ذلك النظام الذي يقوم فيه الكمبيوتر بكامل العملية التعليمية حيث يتعلم الطالب من الكمبيوتر بدون الحاجة إلى المعلم، و فيها يقوم الكمبيوتر بما يشبه المدرس الخصــوصي من حيث الشـرح و التجريب و التقويم.
3- أهمية التعليم الإلكتروني : يمكن للتعليم الإلكتروني أن يفيد الطلاب غير القادرين و ذوي الاحتياجات الخاصة و كذلك الطلاب غير القادرين على السفر يوميا إلى المدرسة بسبب ارتفاع كلفة المواصلات.
-  يساعد التعليم الإلكتروني على التعلم الذاتي و الذي يسهل فيه المعلم للمتعلم الدخول لمجتمع المعلومات.
-  يكون التعليم الإلكتروني ذا فعالية لسكان المجتمعات النائية باستخدام تكنولوجيا المعلومات و الاتصالات في مجال التعليم.
يرى كثير من علماء التربية المتحمسون لهذا النوع من التعليم أن تكلفته المادية أقل بكثير من تكلفة التعليم التقليدي.
4- متطلبات التعليم الإلكتروني:
لكي ينجح التعليم الإلكتروني و يحقق أقصى استفادة من أهميته، فإنه يحتاج لمتطلبات و شروط ضرورية منها.
-  خطط واضحة تبين كيفية دمج التعليم الإلكتروني، و مراحله و ميزانياته.
-  متطلبات تقنية: بنية تكنولوجية، و سعة نطاق عالية، و برامج إدارة التعليم.
-  متطلبات تنظيمية و إدارية عصرية.
-  متطلبات بشرية من كادر مؤهل يشمل خبراء بالتقنية و خبراء بالتربية، كما يتطلب تدريب خاص للمحاضرين و للطلبة المشمولين بالنظام.
ثانيا: حاجة الدول العربية إلى التعليم الإلكتروني :
       إن الدول العربية في حاجة للتعليم الإلكتروني بالنظر لما يحمله هذا النوع من التعليم من مزايا، و تظهر ملامح هذه الحاجة في:
1- مواجهة الضغط المتزايد للطلاب على الجامعات العربية على عدة مستويات حققت الدول العربية قفزة.
2- تعزيز دور التعليم العالي العربي في تنمية صناعات المعرفة من خلال التعليم الإلكتروني.
ثالثا: واقع التعليم الإلكتروني في الدول العربية:
       للتعرف على واقع التعليم الإلكتروني في الدول العربية من الضروري التطرق إلى النقاط التالية:
1-  معوقات التعليم الإلكتروني في الدول العربية:
هناك العديد من المعوقات التي تقف حجرة عثرة في وجه التعليم الإلكتروني في الدول العربية ومنها:
-       التساؤل التالي هل يجدر للمرء استثمار وقته وماله في التعليم الإلكتروني في الوطن العربي؟ هناك الكثيرون ممن يعارضون ذلك، كما يوجد بعض المعلمين و العاملين بالمجال الأكاديمي و الذين يساورهم الشك بشأن القيمة التي يساهم فيها التعليم الإلكتروني في مجال التعليم. فضلا عن ذلك، إن أسهم و تكاليف هذا الابتكار عالية، و حدوث الجدل المتوقع حول حقوق الملكية الفكرية و مسائل الخصوصية و الأمان على الشبكة العالمية:
-       من أهم المعوقات التي تقابل مستقبل التعليم الإلكتروني في الوطن العربي هي عدم علم أغلب الطلاب بمفهوم التعليم الإلكتروني فكيف يكون للتعليم الإلكتروني مستقبل في الوطن العربي و طلائع المستقبل لم يكن لديهم فكرة عن هذا التعليـم.
-       تشير البيانات للعام 2007 إلى أن دول المنطقة العربية تستحوذ على 38,2 مليون مستخدم للإنترنت بما نسبته 2,6% من الإجمالي العالمي الذي بلغ 1467 مليون مستخدم بنهاية عام 2007، و هي نسبة محتشمة جدا.
2-  تجارب بعض الدول العربية في مجال التعليم الإلكتروني:
مصر: تم توقيع بروتوكول مع وزارة التربية بغرض محو أمية استخدام الحاسوب و الإنترنت لخريجي الإعدادية، إضافة إلى ذلك تم ربط 12 مدرسة بخدمة الإنترنت المجانية كما تم إنشاء نموذج جديد (غير هادف للربح) للتعليم الإلكتروني. و تمت الموافقة على إنشاء الجامعة المصرية للتعليم الإلكتروني على أن تبدأ الدراسة اعتبارا من العام الجامعي 2007/2008، كما قدم صندوق تطوير التعليم موافقته على إنشاء عدد من المدارس التكنولوجية، إضافة إلى ذلك تم افتتاح شبكة معلومات الجامعـــات المصرية بعد تطويرها و إدخال أحدث التقنيات التكنولوجية.
  الأردن: تم إطلاق مبادرة التعليم الإلكتروني في العام 2002 كجزء من مشروع تطوير التعليم نحو الإقتصاد المعرفي التي تهدف إلى توفير التعليم الإلكتروني على مستوى المدارس و مستوى الجامعات و بمسارين متوازيين، و قد حقق الأردن إنجازات مهمـة على هذا الصعيد بالتعاون مع شركة "سيسكو" و عدد من الجهات الحكومية و الهيئـات الدولية و منظمات المجتمع المدني، فقد ربطت أكثر من 1200 مدرسة من أصل 3200 مدرسة حكومية بشبكة المدارس الوطنية و أنشأت مخابر الحواسيب في أكثر من 2500 مدرسة منذ إنطلاق المشروع و على مستوى الجامعات تم ربط جميع الجامعات الخاصة و العامة باستثناء واجدة بشبكة ألياف ضوئية ووصلها بشبكة التعليم الوطني و التي ساهمت في توفير التعليم عن بعد في بعض الجامعات.
 الإمارات العربية المتحدة:  في الإمارات العربية المتحدة لا تزال وزارتا التربية والتعليم العالي متأخرتين في وضع استيراتيجية التعليم الإلكتــروني على مستــوى المدارس  و الجامعات الحكومية، إلا أن التعليم الإلكتروني معتمد في الإمارات العربية المتحدة من جهات حكومية أخرى و كذلك على مستوى القطاع الخاص، و هو موجه للقطاع التعليمي الأكاديمي و كذلك لقطاع الشركات و سوق العمل و خاصة في إمارة دبي، و ممن أمثلة ذلك مبادرة التعليم الإلكتروني التي أطلقتها أكاديمية "إتصالات" و توفر مجموعة من التخصصات المتعلقة بالعلوم الإدارية و الإشرافية و البرمجيات و تكنولوجيا المعلومات، أما معهد الإبتكار التقني في جامعة زايد فيوفر بعضا من البرامج التعليمية عبر الانترنيت، حيث يمكن للدارسين الوصول إلى تلك البرامج و إجراء التدريبات من دون الحاجة للحضور للمعهد.
 المملكة العربية السعودية: تستخدم أساليب التعليم الإلكتروني في جامعة الملك عبد العزيز في المملكة العربية السعودية منذ فترة طويلة، و لديها أكبر مكتبة إلكترونية في المملكة تحتوي على 16 ألف كتاب إلكتروني، ووقعت وزارة التعليم العالي في أواخر عام 2006 مع شركة ميتيور الماليزية عقد تنفيذ المرحلة التأسيسية الأولى للمركز الوطني للتعليم الإلكتروني و التعليم عن بعد، الذي يهدف إلى إيجاد نواة لحضانة مركزية للتعليم الإلكتروني و التعليم عن بعد لمؤسسات التعليم الجامعي و توحيد جهود المؤسسات الساعية لتبني تقنيات هذا النوع من التعليم. و يغطي العقد المرحلة التأسيسية الأولى من مشروع المركز الوطني للتعليم الإلكتروني و التعليم عن بعد لمؤسسات التعليم الجامعي في المملكة، و يتنفذ على ثلاث مراحل رئيسية هي تصميم نظام إدارة التعليم الإلكتروني و تدريب 1500 موظف و أكاديمي على نظام إدارة التعليم و أكثر من 1000 متدرب على مهارات التعليم الإلكتروني و التعليم عن بعد، و بناء المنهج الإلكتروني.
وخلاصة ما سبق إن التعليم الإلكتروني تعليم يواكب روح العصر الذي نعيشه، عصر التطورات التكنولوجية و العلمية المدهشة، فهذا النوع من التعليم يعتمد على التقنية التكنولوجية الحديثة من جهاز كمبيوتر و شبكة إنترنت و غيرها... و هو بهذا الشكل يتيح فرصة للتعليم بأعظم الفوائد و أقصر وقت و أقل تكلفة ممكنة، و منه ظهرت الحاجة إليه من طرف العديد من الدول ومنها الدول العربية، و تتمثل ملامح هذه الحاجة في مواجهة الضغط المتزايد للطلاب على الجامعات العربية، وتعزيز دور التعليم العالي العربي في تنمية صناعات المعرفة من خلال التعليم الإلكتروني... غير أن التعليم الإلكتروني في الدول العربية يصطدم على أرض الواقع بالعديد من المعوقات، كما أن تجارب بعض الدول العربية في هذا المجال لا تزال حديثة العهد و محتشمة.

Previous Post Next Post