أصبح التدريب في الوقت الحاضر استثماراً في رأس المال البشري،  حيث يعتبر من أهم السبل الأساسية لتكوين موارد بشرية مناسبة من حيث الكم والنوع لكونه يعمل على تزويد الأفراد بالمعلومات والمهارات الإدارية والفنية اللازمة لأداء أعمالهم بكفاءة وفاعلية وهذا بالتالي ينعكس بشكل إيجابي على عمل وأداء المنظمات بشكل عام.
         إن الفكرة الأساسية وراء التوجه الشامل والمتكامل لإدارة الموارد البشرية استراتيجياً هو التنسيق بين جميع موارد المنظمة بما فيها الموارد البشرية وذلك لضمان أن جميع ما تفعله سيؤدي إلى تنفيذ استراتيجيتها الرئيسية، ولا شك في أن تكامل جميع موارد المنظمة مع بعضها سيؤدي بالنهاية إلى نشوء قيمة إضافية أخرى لا يستطيع أي من هذه الموارد تكوينها لوحده، وهذا هو أحد الفوائد الأساسية الناجمة عن الإدارة الإستراتيجية لوظيفة التدريب الجيدة في المنظمة([1]).
         إن الشركات المساهمة العامة الصناعية الأردنية لها دور أساسي في تنمية المجتمع الأردني وتطوره ونموه الاقتصادي، وهذا بالتالي يتطلب إدخال التكنولوجيا واستخدام الأساليب الحديثة والمتطورة، مما يتوجب بضرورة إشراك العاملين في هذه الشركات بالبرامج التدريبية المستمرة لمواجهة التغيرات المستمرة في ضوء العولمة وذلك من خلال تطبيق شركاتنا للإدارة الإستراتيجية وتحسين أدائها لوظائفها المختلفة وتطوير عملياتها بشكل مستمر والاهتمام بمواردها البشرية وتدريبها لتحقيق الأهداف، ومن هنا تأتي هذه الدراسة لمعرفة مدى تطبيق الشركات المساهمة العامة الصناعية الأردنية لاستراتيجية التدريب وأثرها على أداء العاملين في هذه الشركات.
مصطلحات
التدريب: هو العملية المخططة لتغيير الاتجاهات السلوكية وإكسابهم المعارف والمهارات من خلال الخبرة التعليمية لبلوغ أداء فعال في نشاط أو مجال معين وتطوير قدرات الموظف وتحقيق احتياجات المنظمة الحالية والمستقبلية من القوى العاملة.
البرامج التدريبية: هي مجموعة من النشاطات المنظمة والمخطط لها والمستمرة والهادفة إلى تزويد المتدربين في المنظمة لمعارف معينة وتحسين وتطوير مهاراتها وقدراتها وتغيير سلوكياتها بشكل إيجابي بناء.
إستراتيجية التدريب: مجموعة من الأنشطة التي تهدف إلى تصميم وتنفيذ مجموعة من الممارسات والسياسات المتعلقة بتدريب الموارد البشرية المتجانسة داخلياً بالطريقة التي من خلالها تحقق رأس مال بشري يساهم في تحقيق أهداف المنظمة الإستراتيجية.
أنواع البرامج التدريبية: وهي نوعين: البرامج التدريبية الداخلية (يتم عقدها داخل المراكز التدريبية التابعة للشركة)، والبرامج التدريبية الخارجية (يتم عقدها خارج المراكز التدريبية التابعة للشركة). ومن هذه البرامج: المحاضرات، والمناقشات، والمؤتمرات والندوات، وأسلوب دراسة الحالة وتمثيل الأدوار، واللجان، وكذلك أسلوب تدوير العمل والمهمات الفردية.
العملية التدريبية: وهي العملية التي تتضمن المراحل التالية: تحديد الاحتياجات التدريبية، وتخطيط وتنظيم البرنامج التدريبي، وتنفيذ البرنامج التدريبي، وتقييم البرنامج التدريبي.
 
 
 


أهمية التدريب وفوائده
         تكمن أهمية وفوائد التدريب في ثلاثة جوانب رئيسية وهي([2]):
أ.    زيادة الإنتاجية والأداء التنظيمي من خلال الوضوح في الأهداف، وطرق وانسياب العمل، وتعريف العاملين بما هو مطلوب منهم، وتطوير المهارات لديهم لتحقيق الأهداف التنظيمية المطلوبة ويساهم في ربط أهداف الأفراد العاملين بأهداف المنظمة.
ب.  يساهم في خلق اتجاهات إيجابية داخلية وخارجية نحو المنظمة ويساهم في انفتاح المنظمة على المجتمع الخارجي؛ وذلك بهدف تطوير برامجها وإمكانياتها وتجديد المعلومات التي تحتاجها لصياغة أهدافها وتنفيذ سياساتها.
ج.  يؤدي إلى توضيح السياسات العامة للمنظمة وتطوير أساليب القيادة وترشيد القرارات الإدارية وبناء قاعدة فعالة للاتصالات الداخلية.
ويرى مصطفى أبوبكر بأن التدريب يعتبر من المداخل الأساسية لتنمية قدرة المنظمات على تحقيق الميزات التنافسية، ومن خلال إعداد الكادر الوظيفي الكفء والمؤهل والقادر على حمل الأعباء الاستراتيجية الموجهة نحو تحقيق هذه الميزات([3]).
         كما أن التدريب كمدخل للتربية المستمرة، يعمل على([4]):
·         تعديل وتغيير القيم والاتجاهات التي يجب تعديلها بما يتفق مع منظومة القيم التي يتم التوصل إليها.
·         تعزيز القيم والاتجاهات الموجودة لدى العاملين والتي تكون مشابهة لمنظومة القيم السائدة في المنظمة.
         ونلاحظ مما سبق أن التدريب كنشاط ووظيفة رئيسية من وظائف المنظمات المعاصرة يسعى إلى تحسين أداء العاملين في المنظمة وإكساب العاملين المهارات اللازمة التي تمكنهم من مواجهة التغيرات المختلفة في البيئة الداخلية والخارجية بحيث يجب أن تركز استراتيجية التدريب على تحليل نقاط القوة والضعف في أداء وسلوك العاملين الحالي وتحديد الاحتياجات التدريبية اللازمة ومن ثم وضع البرامج التدريبية الفعالة من أجل الوصول إلى سلوك وأداء متوقع يساهم في تحسين أداء العاملين لأعمالهم بأفضل كفاءة وفاعلية وهذا بالتالي يؤدي إلى إدخال تغييرات تكنولوجية على طرق وأساليب العمل وارتفاع كفاءة العاملين في أداء أعمالهم نتيجة امتلاكهم لمهارات فنية وعلمية جديدة تتناسب مع التغيرات المختلفة والتطور في البيئة الخارجية للمنظمة.

الدراسات السابقة
         لتكوين صورة أدق حول موضوع الدراسة حاول الباحث الحصول على دراسات سابقة  في موضوع الدراسة ونورد أهم الدراسات ذات الصلة، وهي كما يلي:
1. دراسة جهاد الدحيات، (1999) بعنوان: تقييم فاعلية البرامج التدريبية في مراكز التدريب الخاصة من وجهة نظر المتدربين: دراسة تطبيقية على المصارف التجارية الأردنية([5]).
         هدفت هذه الدراسة إلى التعرف على درجة فاعلية برامج التدريب في مراكز التدريب الخاصة وتحليل واقع هذه البرامج، وكذلك التعرف على أساليب ومستويات تقييم برامج التدريب المتبعة لتحديد سلبياتها وإيجابياتها، كما هدفت الدراسة إلى التعرف على الأثر الذي تحدثه برامج التدريب على أداء العاملين في المصارف التجارية الأردنية.
         ومن أهم النتائج التي توصلت إليها هذه الدراسة أن مراكز التدريب، وكذلك المصارف التجارية الأردنية والتي شارك أفرادها في التدريب لا تهتم بتقييم أفرادها بعد التحاقهم بعملهم بفترة زمنية لمعرفة فائدة التدريب وما جناه المشارك نتيجة مشاركته بالتدريب.
         وأوصى الباحث بضرورة قيام مراكز التدريب والمصارف بمتابعة وتقييم المتدربين بعد إنهائهم للتدريب وعودتهم إلى عملهم الفعلي بفترة زمنية معينة.
2. دراسة شذى عبيدات، (2003) بعنوان: واقع استراتيجية وظائف إدارة الموارد البشرية في قطاع البنوك الأردنية([6]).
         هدفت هذه الدراسة إلى التعرف على واقع استراتيجية وظائف إدارة الموارد البشرية في قطاع البنوك الأردنية ومنها وظيفة التدريب، وكذلك التعرف على أهم المشاكل والمعوقات التي تقف أمام البنوك الأردنية وهي بصدد تبني النظرة الاستراتيجية لإدارة الموارد البشرية وأنشطتها المختلفة.
         وقد توصلت هذه الدراسة إلى النتائج الآتية:
أ-     أن البنوك الأردنية لديها مقدرة متوسطة في الربط بين إدارة الموارد البشرية في مجال التدريب والتخطيط الاستراتيجي للبنك ككل.
ب-   أن تطبيق وظيفة التدريب للموارد البشرية في البنوك الأردنية تتم بدرجة عالية.
ج-   أن من أهم المعوقات التي تعيق تبني البنوك الأردنية النظرة الاستراتيجية لإدارة الموارد البشرية وأنشطتها المختلفة ومنها وظيفة التدريب هي ضعف قيم الثقافة المنظمية التي تدعم مشاركة الموظفين في اتخاذ القرارات الاستراتيجية، وضعف التنسيق والتعاون بين دائرة الموارد البشرية والوحدات الوظيفية الأخرى.
3. دراسة (Abdelgadir and Elbadri, 2001)، بعنوان: "Training Practices of Polish Banks: An Appraisal and Agenda for Improvement"([7]).
         هدفت هذه الدراسة لمعرفة ممارسات التدريب وأنشطته في البنوك البولندية، وقام الباحثان بجمع البيانات من (30) بنكاً في بولندا. وتضمنت أنشطة التدريب التي تم دراستها ما يلي: تحديد الاحتياجات التدريبية، وتطوير البرامج التدريبية، وتقييم فاعلية هذه البرامج. وتوصلت الدراسة إلى أن العديد من هذه البنوك تتجاهل عملي تحديد الاحتياجات التدريبية، وغياب عملية تقييم نتائج البرامج التدريبية وانعكاس ذلك بالتالي على أداء الأفراد العاملين.
4. دراسة (Teresa Brannick, et al, 2002)، بعنوان: "Service Management Practice-Performance Model: A Focus on Training Practices"([8]).
         جاءت هذه الدراسة لمعرفة أثر ممارسات التدريب على مستوى تقديم الخدمة. وقام الباحثون بجمع البيانات من (143) شركة خدمية في إيرلندا وتوصلت الدراسة إلى أن تقديم برامج تدريبية مكثفة ومخططة بشكل سليم تساهم وبشكل كبير في تحسين قدرة الأفراد العاملين على تقديم خدمات ذات مستوى مهارة عالي، وبالتالي زيادة رضا الزبائن.
5. دراسة (Daniels, 2003)، بعنوان: “Employee Training: A Strategic Approach to Better Return on Investment” ([9]).
         جاءت هذه الدراسة لمعرفة العوائد التي تضيفها عملية من تدريب الأفراد العاملين في
(15) بنك بريطاني. وتوصلت الدراسة إلى أن التدريب يسهم وبشكل كبير في تطوير مهارات وتعلم الأفراد العاملين، وبناء فرق العمل الفاعلة، وتحقيق مستويات جودة عالية، وخلق ثقافة تنظيمية داعمة لأهداف واستراتيجيات المنظمة، وهذا بدوره يسهم في تحقيق عائد جيد على الاستثمار في التدريب.
6. دراسة (Gascó, et.al, 2004)، بعنوان: “The Use of Information Technology in Training Human Resources: An E-learning Case Study” ([10]).
         جاءت هذه الدراسة لمعرفة أثر استخدام تكنولوجيا المعلومات على الممارسات الخاصة بإدارة الموارد البشرية وخصوصاً استراتيجية التدريب في شركة الاتصالات الإسبانية (Telefonica).
         وأهم النتائج التي توصلت إليها هذه الدراسة بأن استخدام تكنولوجيا المعلومات في التدريب ساهم وبشكل كبير في تحسين استغلال المديرين لوقتهم، وزيادة المشاركة الفعالة للمتدربين، وتحسين أنظمة تقييم فاعلية البرامج التدريبية، وتحسين بعد جودة هذه البرامج ونوعيتها. وتهدف هذه الشركة الخدمية إلى تطوير أنظمة التدريب المستقبلة فيها لكي تصبح قائمة على التعلم الإلكتروني الذاتي للموظفين.
أهم ما يميز هذه الدراسة عن الدراسات السابقة بأنها:
1.                تحاول تناول نشاط التدريب من منظور استراتيجي بحيث تأخذ بعين الاعتبار ضرورة وجود تكامل بين استراتيجية المنظمة العامة وبين استراتيجية الموارد البشرية من أجل تحقيق الأهداف الاستراتيجية للمنظمة، حيث أن غالبية الدراسات السابقة وخصوصاً العربية تناولت موضوع التدريب من منظور تقليدي وليس استراتيجي، حيث أن هذه الدراسة تركز على البعد الاستراتيجي لوظيفة التدريب وبذلك فهي تحاول معرفة مدى اتباع الشركات المساهمة العامة الصناعية الأردنية للتخطيط الاستراتيجي ووجود استراتيجية واضحة للمنظمة تضم مجموعة من الاستراتيجيات الوظيفية ومنها استراتيجية الموارد البشرية والتي تنبثق عنها استراتيجية التدريب.
2.                تركز هذه الدراسة على محاولة التعرف على كيفية اختيار البرامج التدريبية في الشركات المساهمة العامة الصناعية الأردنية وهل تتم هذه العملية بطريقة علمية ومدروسة وفقاً لمعطيات البيئة الداخلية والخارجية أم بطريقة تقليدية غير مخطط لها، وكذلك الاحتياجات التدريبية هل يتم الأخذ بعين الاعتبار عند تحديدها الاستراتيجية العامة للشركة أم يتم بطريقة عشوائية وهل يتم الرجوع إلى تقارير الأداء للعاملين بالشركة عند تحديد الاحتياجات التدريبية.
3.                تعتبر هذه الدراسة من الدراسات النادرة التي يجري تطبيقها عن استراتيجية التدريب وأثرها على أداء العاملين في الشركات المساهمة العامة الصناعية الأردنية.


([1])  مؤيد السالم، وعادل صالح، إدارة الموارد البشرية: مدخل استراتيجي، إربد: عالم الكتب الحديث للنشر والتوزيع، 2002، ص ص13-14.
([2])  سهيلة عباس، وعلي علي، إدارة الموارد البشرية، الطبعة الثالثة، عمان: دار وائل للنشر، 2003، ص109.
([3])  مصطفى أبوبكر، إدارة الموارد البشرية: مدخل لتحقيق الميزات التنافسية، الإسكندرية: الدار الجامعية، 2004،  ص12.
([4])  بدر عبيدات، الاحتياجات التدريبية للمديرين والاستراتيجيات التدريبية المفضلة لديهم في القطاع البنكي الأردني، رسالة ماجستير غير منشورة، جامعة اليرموك، 2003، ص12.
([5])  جهاد صالح الدحيات، تقييم فاعلية البرامج التدريبية في مراكز التدريب الخاصة من وجهة نظر المتدربين: دراسة تطبيقية على المصارف التجارية الأردنية، رسالة ماجستير غير منشورة، المفرق: جامعة آل البيت، كلية الاقتصاد والعلوم الإدارية، 1999.
([6])  شذى عبيدات، واقع استراتيجية وظائف الموارد البشرية في قطاع البنوك الأردنية، رسالة ماجستير غير منشورة، جامعة اليرموك، الأردن، 2003.
([7])   Abdelgadir N. and Abdelhafiz Elbadri, Training Practices of Polish Banks: An Appraisal and Agenda for Improvement, Journal of European Industrial Training, Vol. 25, Issue 2/3/4, 2001, pp.69-79.
([8])   Teresa Brannick, Sean de Burca, Brian Fynes, Evelyn Roche, Sean Ennis, Service Management Practice-Performance Model: A Focus on Training Practices, Journal of European Industrial Training, Vol. 26, Issue 8, 2002, pp.394-403.
([9]) Daniels, Sharon, “Employee Training: A Strategic Approach to Better Return on Investment”, Journal of Business Strategy, Vol. 24, Issue 5,  2003, pp.39-42.
([10]) Gascó, José L., Llopis, Juan, González, M. Reyes, “The Use of Information Technology in Training Human Resources: An E-learning Case Study”, Journal of European Industrial Training, Vol. 28, Issue 5,  2004, pp.370-382.

Previous Post Next Post