تعريف العولمة :
     تعني العولمة الهيمنة والعنصرية ،  وفرض ذوبان ثقافة الآخرين في الثقافة الغربية بصفة عامة ، وثقافة أمريكا بصفة خاصة.(3)
     فالعولمة ليست إفرازاً طبيعياً لمعطيات العصر الحديث كما يدعي الغرب ، بل هي سياسة غربية استعمارية جديدة لاستقطاب دول العالم النامي ، والعالم الإسلامي على وجه الخصوص ، وفرض الأنموذج الحضاري الغربي . فالعولمة هي التطبيق العملي للماسونية التي تنفي كل الأديان إلا اليهودية ، وتنفي الأخلاق كذلك .(4)
    بجانب ما تقدم فإن العولمة هي توجه أيديولوجي ليبرالي يرتكز على قوانين السوق الاقتصادي، والحرية المطلقة في انتقال البضائع، والأموال والأشخاص ، والمعلومات ، كما يعتمد هذا التوجه على فكرة الديمقراطية في الجانب السياسي ، وعلى مفهوم الحرية، والمساواة المطلقة في الجانب الاجتماعي ، والأخلاقي .
قضايا العولمة :
    إن أدوات العولمة كثيرة ومتعددة ، ومتطورة ، منها : وسائل الاتصال والمواصلات ، وسائل الإعلام ، وسائل التثقيف ، القطاع المالي ، من بنوك وشركات كبرى ، وهناك القطاع الأمني المتمثل في أجهزة الاستخبارات والقطاع الاجتماعي بما يشتمل عليه من جوانب الحياة المختلفة من مأكل ومشرب ، وأزياء ، وعطور  ، ومستحضرات تجميل ، وصناعة الأفلام السينمائية الجنسية ، والإجرامية ، وأمور التنصير ، وجانب الغناء والطرب ، والموسيقى .
    وعموماً فإنّ للعولمة وجوهاً متعددة ، فهي عولمة سياسية ، واقتصادية ، وثقافية ، وإعلامية، وعلمية ، وتكنولوجية . والخطير في الأمر أنه لا وجه من هذه الوجوه يستطيع أن يستقل بنفسه ، فعلى سبيل المثال لا توجد عولمة ثقافية من غير عولمة سياسية ، واقتصادية، تمهد لها السبيل ، وتفرضها فرضاً بالترهيب تارة ، وبالترغيب تارة أخرى . فالعولمة نمط سلوك ، ومنهج حياة يراد إكراه العالم عليه ، والاندماج فيه ، والعمل به ، والعيش في إطاره.(5)
    وبناء على ما تقدم فإن أهم مجالات العولمة عموماً هي :
أولاً : الجانب الاقتصادي : وترتكز فيه العولمة على فكرة وحدة السوق الاقتصادي ، وإزالة المعوقات أمام حركة رأس المال ، وعلى حرية الاقتصاد . وتستخدم هذه العولمة عدداً من الوسائل ، منها:
                      ‌أ)  صندوق النقد الدولي الذي يقوم بضبط النقد الدولي ، واستقراره ، ومنها البنك الدولي الذي يمارس عمليات الإقراض ، ودراسات الجدوى في مجال الإنشاء والتعمير تجاه الدول المتضررة من الحروب ، وتجاه الدول الفقيرة ، ويكون الإقراض بشروط قاسية .
               ‌ب)    منظمة التجارة العالمية : من خلال قوانينها تجاه السلع والخدمات ، وحقوق الملكية الفردية .
                    ‌ج)الإعلام والدعاية الإعلامية لترويج المنتجات الاستهلاكية .
                     ‌د)  الشركات المتعددة الجنسيات التي نجح الكثير منها في الهيمنة بسبب تنوع منتجاتها ، وخدماتها ، وضخامة رأسمالها.(6)
ثانياً : الجانب الاجتماعي : وذلك بنقل قيم المجتمع الغربي والأمريكي ليكون المثال والقدوة . وتسلك العولمة الاجتماعية وسائل منها :
                      ‌أ)      المؤتمرات الدولية في مجال المرأة والشباب والأطفال ، والسكان ، والتنمية الاجتماعية .
                   ‌ب)    نقل السلوك والعادات الغربية عن طريق المواد الإعلامية في القنوات الفضائية ، وشبكة الإنترنت .
ثالثاً : الجانب السياسي : كاستخدام الأمم المتحدة بعد السيطرة على مؤسساتها السياسية المؤثرة خاصة مجلس الأمن الذي تعد قراراته ملزمة عالمياً ، وكاستخدام حق ( النقض ) المجحف عند الضرورة .
رابعاً : الجانب العسكري : من خلال الأحلاف والمعاهدات العسكرية التي تعقدها أمريكا مع الدول الصغيرة ومن خلال حلف الأطلسي .
خامساً : المجال الفكري والثقافي : وذلك بترويج المواثيق الفكرية الغربية، وفرضها عن طريق الضغوط السياسية والإعلامية والاقتصادية والعسكرية ، وذلك في مجالات حقوق الإنسان ، والديمقراطية ، وحرية الرأي، وحقوق الأقلية .(7)
العولمة الثقافية :
    إن الجانب الثقافي من العولمة هو الذي يهتم به هذا البحث ، ولذلك سيقع التركيز على هذا الجانب .
    إن ثقافة كل أمة هي أساس حضارتها ، فهي فكرها وحركتها وأسلوب حياتها . وفي جانب الثقافة فإن العولمة تعني الهيمنة الثقافية على الشعوب لتحديد هويتها الثقافية . والمقصود بالهوية الثقافية المبادئ والأفكار والمعتقدات والالتزامات المذهبية التي تحدد وجدان الإنسان وسلوكه ومشاعره

(3) عبد الله التركي ، الحوار المبتغى في ظل العولمة ، مجلة الرابطة ، العدد (425) ، السنة 2000م ، ص 12 .
(4) مصطفى أحمد الخليفة ، العولمة محاولة غربية لاغتيال الحضارات والثقافات الإنسانية ، مجلة الرابطة ، العدد (435) ، السنة 2001م ، ص 10 .
(5) د. عبد العزيز التويجري ، تأملات في قضايا العولمة ، 2002م ، دار الشروق ، القاهرة ، ص 13 .
(6) د . إبراهيم ناصر الناصر ، ، العولمة : مقاومة واستثمار ، ، البيان ، رجب 1420هـ ، العدد  167 ، السنة 18 ، ص121 ، 123 .
(7) المصدر السابق ، ص 119 ، 121 .

Previous Post Next Post