الاستبيان قواعد  تصميمه، خطواته، أشكاله، مزاياه وعيوبه:
نأتي بعد ذلك إلى موضوع آخَر من أدوات البحث العلمي وهو: الاستبيان.
1- تعريف الاستبيان:
إن اللجوء إلى الاستجواب في الدراسات الميدانية هو في حد ذاته محاولة لسدِّ النقص في البيانات والتأكد من صحتها.
ويتم الاستجواب بأسلوبين:
أ)- أسلوب الاستبيان أو الاستخبار.
ب)- أسلوب المحادثة الحرة غير المقيَّدة.
وهو أقل أهمية من الاستبيان، وإن كان مكملًا له.
الاستبيان أداة مفيدة من أدوات البحث العلمي، للحصول على الحقائق والتوصل إلى الوقائع، والتعرف على الظروف والأحوال، ودراسة المواقف والاتجاهات والآراء، يساعد الملاحظة ويكملها؛ وهو في بعض الأحيان الوسيلة العملية الوحيدة للقيام بالدراسة العلمية.
2- قواعد تصميم الاستبيان:
بعد ذلك نأتي إلى نقطة أخرى وهي: قواعد تصميم الاستبيان وخطواته:
ليس من السهل تصميم الاستبيان؛ حيث يتطلَّب دُربة وذكاء.
وعلى الباحث أن يراعي في تصميم الاستبيان عددًا من القواعد والمعايير أثناء صياغته، تتعلق بمحتوى الاستبيان وبشكله وأهدافه:
أ)- القواعد العامة للصياغة:
وتشمل محتوى الاستبيان، حجمَه؛ بحيث يفترض ألا يكون كبيرًا حتى لا يتطلب جهدًا من المفحوصين. كأن يتجنب الباحث وضع أسئلة لا مبرِّر لها وغير هامة، ممّا يؤدِّي إلى الحد من دافعية المفحوصين، كذلك الأسئلة المثيرة للتفكير الدقيق أو المعقّد. وإذا كان بالإمكان الحصول على المعلومات من مصادر أخرى كالسجلات والوثائق، فلا داعي لطلبها بوساطة الاستبيان، حتى لا يعطِي المفحوص فرصة للشك في جِدِّيَّة البحث.
وممّا يدفع المفحوص للإجابة بدقّة وجِدِّية: وجود عناصر حافزة تجذب انتباهه أو تسمح له بالتعبير عن آرائه.
هذا، ومن الضروري التأكد من ارتباط كلِّ سؤال في الاستبيان بمشكلة البحث، وبتحقيق هدف جزئي يُسهم في تحقيق أهداف البحث.
ب)- قواعد تتعلق بصياغة الأسئلة:
بحيث تُصاغ بعبارات واضحة وكلمات سهلة محدودة المعاني، يَسهل إدراك المطلوب من السؤال. ويُفضَّل استعمال الكلمات العامة التي يَتفق الناس على معانيها، وأن تكون الجمل المستخدمة في صياغة الأسئلة قصيرة مرتبطة بالمعنى، وأن يحويَ السؤال فكرة واحدة فقط لا تشعر المفحوص بالحرج، وبأن توضع جميع الخيارات الممكنة للإجابة، والتركيز على الخيارات الرئيسة، وترك بَند مفتوح لاحتمالية وجود خيار آخر، وأن تصاغ الأسئلة ذات الطابع الكمِّي بشكل دقيق ومباشر.
ج)- يُراعى في صدق الإجابة على الأسئلة:
وضْع أسئلة خاصة توضِّح مدى صدْق المفحوص، ووضع أسئلة خاصة ترتبط إجابتها بإجابات أسئلة أخرى موجودة في الاستبيان؛ لأن وجود أيِّ خلل في إجابات الأسئلة يكشف عن عدم دقة المفحوص في الإجابة.
وهناك وسيلة أخرى للتحقق من صدْق الإجابة هي: المقارنة بين الإجابة الواردة في الاستبيان، مع ما هو موجود في السجلات والوثائق، إلا أن ذلك يتطلب وقتًا وجهدًا إضافيَّيْن.
د)- ترتيب الأسئلة:
يُراعَى فيها البدء بالأسئلة السهلة التي تتناول الحقائق الأولية، وأنْ تُرتَّب الأسئلة بشكل منطقي: كأن يضع الباحث الأسئلة الخاصة بموضوع معيَّن في وحدة واحدة متسلسلة في الاستبيان، وينتقل بعدها إلى أسئلة مرتبطة بموضوع آخر؛ على أن يبدأ الباحث بالأسئلة السهلة والعامة، وأن يعالج كل سؤال مشكلة واحدة.
3- خطوات تصميم الاستبيان:
أما خطوات تصميم الاستبيان فهي:
يتَّبع الباحث في تصميم الاستبيان خطواتٍ نُجملها في أربع رئيسة هي:
أ)- بيان هدف الاستبيان في ضوء تحديد موضع الدراسة بشكل عام، وبيان أهداف الدراسة.
ب)- إعداد الأسئلة الفرعية المتعلقة بالسؤال الرئيس، التي هي المشكلة؛ بحيث تتضمَّن هدف الاستبيان في ضوء مضمون مشكلة البحث؛ وذلك أن يصاغ سؤال أو أكثر حول كل موضوع فرعي، وأن يرتبط كل سؤال بجانب من جوانب المشكلة مع التقليل من عدد الأسئلة، والاقتصار على الضروري منها. وبذلك يتم وضع الصورة الأولية للاستبيان.
ج)- إجراء اختبار تجريبي مع الاستبيان، بوساطة عَرْضه على عدد من أفراد الدراسة قبل اعتماده بشكله النهائي، والطلب منهم التعليق عليه، وبيان الرأي فيما إذا كانت الأسئلة واضحة أو غامضة، ومدى تغطية الاستبيان لموضوع البحث، واقتراح أسئلة إضافية حول مشكلة البحث لم تَرِدْ في الاستبيان.
د)- تعديل الاستبيان بناء على الاقتراحات إن وُجدت، وبذلك يأخذ الاستبيان الصورة النهائية. وفي صورته هذه نميِّز محتواه هذا. وإنَّ حُسْن بناء الاستبيان، ودقَّة صياغته، وجودة تبويبه، ووضوح المعلومات ومدى تشويقها، تُمَكِّن الباحث من أن يحصل على إجابات لا يستطيع الحصول عليها بالملاحظة المباشرة؛ وهذا يتطلب تعاون المستخبَر وحُسْن تفهُّمه وحماسه، وهي أمور ليس من السهل الحصول عليها دائمًا.
4- محتويات الاستبيان:
يحتوي الاستبيان في شكله النهائي على جُزئين هامَّين:
أ)- مقدمة الاستبيان:
وتتضمَّن: التعريف بالباحث والدراسة؛ إذ يوضِّح الباحث فيها: الغرض العلمي للاستبيان، ونوع المعلومات التي يحتاج إليها الباحث من الذين يُجيبون على الاستبيان، ويُشجِّعهم على الإجابة الموضوعية والصريحة على فقراته، ويُطَمْئِنهم على سرِّية المعلومات ممَّا ينعكس إيجابيًّا على المفحوصين، كما سيوضِّح مدى ما سيبيِّنه المبحوث من فائدة لاستكمال بحث الباحث.
وتشمل المقدِّمة أيضًا: توضيحًا لطريقة إجابة المفحوصين على فقرات الاستبيان؛ حيث إنَّ بعض الأسئلة قد تتطلب طريقة معيَّنة في الإجابة، كما يتضمَّن هذا الجزء عنوان الباحث، ويأتي بعد ذلك ضمن صفحة مستقلة بعد الجزء السابق مباشرة.
ب)- فقرات الاستبيان:
وتشمل: أسئلة الاستبيان كافَّة، مع الإجابة التي توضع أمام كل فقرة، ليقوم الباحث باختيار الإجابة التي يراها مناسبة.
5- أشكال الاستبيان:
أما أشكال الاستبيان فهي أربعة:
أ)- الاستبيان المغلق، أو المقيَّد، أو محدود الخيارات:
حيث يُطلب من المفحوص اختيار الإجابة الصحيحة من مجموعة من الإجابات، مثل: "نعم" أو "لا" أو "قليل" أو "نادر". ويساعد هذا الاستبيان في الحصول على معلومات وبيانات أكثر، ممّا يساعد على معرفة العوامل والدوافع والأسباب.
ولهذا الشكل ميزة واضحة وهي: سهولة الإجابة عن أسئلته؛ حيث لا يتطلب ذلك وقتًا طويلًا من المفحوصين. كما لا يتطلب من المفحوص أن يأتي بشيء من عنده. وميزة أخرى هي: سهولة تصنيف البيانات المجمَّعة، وارتفاع نسبة الردود.
ويُعاب عليه:
- تقيّد المبحوث في إجابات محدودة.
- وأنّ الباحث قد يفضِّل بعض الأمور.
ولذا من المستحسن: أن يضع خيارًا أخيرًا هو: أمور أخرى.
ب)- الاستبيان المفتوح:
وفيه يُترك للمفحوص حرية التعبير عن آرائه بالتفصيل؛ وهذا يساعد الباحث على التعرف على الأسباب والعوامل والدوافع التي تؤثِّر على الآراء والحقائق.
ولكن من مآخذ هذا الشكل من الاستبيان:
- أنّ المبحوث قد يجيب بطريقة تختلف عن قصد الباحث.
- كما يصعب تصنيف الإجابات وتحليلها من قِبَل الباحث.
- وتدنِّي نسبة الردود على هذا النوع من الأسئلة.
- وإن المفحوصين لا يتحمَّسون عادة للكتابة عن أرائهم بشكل مفصَّل، ولا يمتلكون الوقت الكافي للإجابة عن أسئلة تتطلب منهم جهدًا.
- كما أن الباحث يجد صعوبة في دراسة وتصنيف وتحليل إجابات المفحوصين بشكل يساعده للإفادة منها.
- وأن تفريغ المعلومات من هذا النوع من الاستبيان أمر عسير إحصائيًّا إن لم يكن مستحيلًا في بعض الأحيان.
ج)- الاستبيان المغلق المفتوح:
يتكون من أسئلة مغلقة، يُطلب من المفحوصين اختيار الإجابة المناسبة لها وأسئلة مفتوحة تعطيه الحرية في الإجابة عن أمور لم يَسأل الباحث عنها.
د)- وثمة نوع من الاستبيان هو: الاستبيان المصوّر:
تقدم فيه الأسئلة على شكل رسوم وصُوَر، بدلًا من عبارات مكتوبة. وهذا النوع مفيد مع الأطفال والأمِّيِّين، وأيضًا في حالة التحليل النفسي.
وإن كان له عيبان أساسيان:
- قصْر استخدامه على المواقف التي تتضمّن خصائص بصرية يمكن تمييزها وفهْمها.
- من العسير تفنيده.
6- طريقة توزيع الاستبيان:
هذا، ويتم توزيع الاستبيان إمّا بشكل مباشر بوساطة الاتصال بالمفحوصين، أو بوساطة البريد.
أ)- ومن مميزات الاتصال المباشر:
إتاحة الفرصة للباحث دراسة انفعالات المفحوصين وتعبيراتهم الحسية واللفظية، ممّا يجعله في وضع أفضل لفهم استجاباتهم وتحليلها.
كما أن الباحث يتمكَّن من الإجابة على بعض تساؤلات المفحوصين التي قد تثار على بعض الأسئلة؛ وبذا تتاح له الفرصة لتوضيح بعض جوانب الاستبيان.
هذا، وإن اتصال الباحث المباشر مع المفحوصين عامل مشجِّع على الاستجابة، كذلك حال وجود الباحث شخصيًّا مع المفحوصين يُقنع المفحوصين بجِدِّية الموضوع ويتضمّن استجابتهم للاستبيان.
ب)-  توزيع الاستبيان بواسطة البريد:
فإنه يمكِّن الاتصال بعدد كبير من المفحوصين، بخاصة مَن يعمل منهم في مناطق بعيدة عن مكان إجراء البحث. ورغم أن هذا الأسلوب يتطلب وقتًا طويلًا في وصول الاستبيانات ومِن ثَم إعادتها، وإن بعضًا من الأفراد لا يجيبون على الاستبيان ممّا يؤدِّي إلى الحد من حجم العينة عن الحجم المطلوب، إلا أن كثيرًا من الجهد والنفقات توفَّر على الباحث؛ حيث يُسهِّل البريد الاتصال ويُقلِّل من الجهد والنفقات.
ج)- وأحدث الطرق هي: تعبئة الاستبيان بالكمبيوتر، بخاصة لدى وجود أجهزته لدى الأفراد المشمولين بالدراسة.
وتكون هذه المواجهة متّصلة بما يسمّى "Net Work"؛ حيث يقوم الباحث بإرسال نسخة من الاستبيان بوساطة الكمبيوتر، ويأتي الرد أيضًا بوساطته.
7- مزايا الاستبيان:
لا شك أن الاستبيان أداة رئيسة وهامة للعديد من الدراسات، ويمكن تلخيص أهم المزايا بالآتي:
أ)- توفير الكثير من الجهد والوقت في جمع البيانات، بخاصّة إذا تمّ إرسال الاستبيان بالبريد؛ وبهذا يمكن تغطية أماكن متباعدة في أقصر وقت ممكن.
ب)- تعطي للمبحوث الحرية في اختيار الوقت المناسب لتعبئة الاستبانة، وحرية التفكير، والرجوع إلى بعض المصادر التي يحتاجها.
ج)- قد يقلِّل من التحيُّز:سواء من قبل المبحوث أو من قبل الباحث.
8- عيوب الاستبيان:
أما عيوب الاستبيان فهي:
أ)- انخفاض نسبة الردود: ويعني هذا احتمالية كون آراء أصحاب الاستبانة المردودة مختلفة عن بقية أفراد الموضوع الأصلي للدراسة، ممّا يؤدِّي بالتالي إلى الحد من إمكانية التعميم. ويستطيع الباحث لكي يتلافى نقص الردود: أن يجعل أسئلة الاستبيان سهلة واضحة؛ لأنها تعطي حافزًا أكبر للإجابة، كما أن طريقة طباعة الاستبيان تؤثر في زيادة نسبة المردود.
وممّا يؤثر أيضًا: وضْع مقدمة تبيِّن أهداف الدراسة من جهة، وبيان أن الردود ستبقى سرية، وبيان أهمية هذه الردود في البحث، وأمر هام هو: أن يكون الاستبيان مختصرًا لا يستغرق وقتًا طويلًا من المبحوث.
هذا، ويجب إرسال مغلَّف مدفوع رسمي بريده مع الاستبانة، وإرسال رسالة تذكيرية بعد فترة من تاريخ إرسال النسخة الأولى من الاستبيان.
ب)- وجود أسئلة غير مجاب عليها من قبل المستجوَبين لأسباب تتعلق بنوع الأسئلة، أو أسباب شخصية تتعلق بالمبحوث. ويمكن تلافي ذلك بصياغة الأسئلة بشكل جيِّد، وتجنُّب طرح أسئلة شخصية قدْر الإمكان، ووضع ملاحظة في نهاية الاستبيان تطلب من المبحوث التأكد من الإجابة عن جميع الأسئلة.
ج)- عدم فهْم المستجوَب لبعض الأسئلة، وبالتالي تكون إجابته مختلفة أو متغايرة لقصد الباحث. ويمكن تلافي ذلك بوساطة العناية بصياغة الأسئلة بلغة مفهومة وسهلة تناسب مستوى المبحوثين.
د)- عدم قدرة الباحث على معرفة بعض الأمور الانفعالية أو العاطفية من قِبل المبحوث أثناء الإجابة في وصول الاستبيانات، ومن ثم إعادتها. وإن بعضاً من الأفراد لا يجيبون على الاستبيان ممّا يؤدِّي إلى الحد من حجم العينة عن الحجم المطلوب، إلا أن كثيرًا من الجهد والنفقات توفَّر على الباحث حيث يسهّل البريد الاتصال، ويقلل من الجهد والنفقات.
نشاط: 6.4
عزيزي الطالب، لكي تعمّق فهمك لهذا الدرس، قم بهذا النّشاط، ثمّ قارن ما تتوصل إليه بالإجابات النموذجية أدناه:
ضع علامة (P) أمام العبارة الصحيحة، وعلامة (×) أمام العبارة الخاطئة:
1- الاستبيان أداة مفيدة من أدوات البحث العلمي للحصول على الحقائق، والتوصل إلى الوقائع.
2- ليس من الضروري: التأكّد من ارتباط كل سؤال في الاستبيان بمشكلة البحث.
3- من مميزات الاستبيان: توفير الكثير من الجهد والوقت في جميع البيانات.
4- يُعَدُّ من مميزات الاستبيان: عدم فهْم المستجْوَب لبعض الأسئلة، وبالتالي تكون إجابته مختلفة أو متغايرة لقصد الباحث.
الإجابات النموذجية:
              1- ()، 2- (×)، 3- ()، 4- (×).

Previous Post Next Post