النمو الاقتصادي،يمكن له أن يحدث بوسيلتين:
الأول:عن طريق تجميع مخزون كبير من الأصول المنتجة والمهارات البشرية.
الثانية:زيادة إنتاجية هذه الأصول والمهارات البشرية والموارد الطبيعية للبلاد.. 
ومن دون شك أن الحكومات هي من ترسم خارطة الطريق لزيادة نسبة النمو الاقتصادي،وهي معنية بتعديل الهيكل الاقتصادي بين فترة وأخرى وحسب القدرة الإنتاجية لكل مورد من مواردها الاقتصادية.
وهناك العديد من العوامل التي تتحكم في النمو الاقتصادي،من أهمها عوامل الإنتاج التقليدية،راس المال المادي وراس المال البشري ومدى توافر الموارد الطبيعية والتخصص وتقسيم العمل وحجم الإنتاج والتقدم التكنولوجي.
غير أن راس المال البشري والاستثمار فيه أهم العوامل التي تؤثر على النمو الاقتصادي في الاقتصاد القومي أو المجتمع،ولا يعتمد تكوين راس المال البشري على التعليم والتدريب فقط بل على مقدار الخدمات الصحية والاجتماعية التي تعمل على بناء وصيانة راس المال البشري.
لذلك هنالك ربط بين ما عرف بالتنمية البشرية والنمو الاقتصادي،حيث أن كل واحد منهما ينعكس على الأخر سلبا وإيجابا،حيث أن النمو الاقتصادي يتم من خلال تحسين القدرات البشرية،كما أن تحقيق النمو المنشود ينعكس على التنمية البشرية حيث يوسع من الخيارات أمام الموارد البشرية بشكل خاص وأمام السكان بشكل عام.
هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فان عنصر السكان يعتبر هاما  في دراسة العلاقة بين النمو الاقتصادي والتنمية البشرية،من حيث نوعية هؤلاء السكان والهرم السكاني،إذ أن زيادة السكان في هذه الحالة تعني زيادة عرض العمل،مع الأخذ في الاعتبار اثر النمو السكاني على مستوى نصيب الفرد من الناتج القومي أو الدخل القومي،حيث يشكل ذلك مصدرا رئيسيا للطلب الفعال ومن ثم استمرار دورة النشاط الاقتصادي وزيادة ذلك النشاط الاقتصادي والنمو الاقتصادي.
من هنا وجب الاهتمام بتدريب العنصر البشري وتنمية الموارد البشرية لأنها هي التي تميز الدول المتقدمة عن الدول النامية،والتدريب الفني والإداري مسألة ضرورية لتنمية المهارات الأساسية،وتنمية المهارات المتوسطة وتوفير المهارات المرتفعة،ومجموع هذه المهارات تؤدي إلى زيادة الإنتاجية ومن ثم الإسراع بعملية التنمية وزيادة معدل النمو الاقتصادي.
إذن النمو الاقتصادي لوحده لا يكفي لإعطاء مؤشرات على تحسن الوضع الحياتي وتطور مستوى المجتمع ككل،وهناك تحفظات على اعتبار النمو الاقتصادي مقياسا لتقدم المجتمع إذ كثيرا ما تذهب الزيادة السنوية في الدخل القومي لصالح فئة متنفذة في المجتمع،أو قد تكون الزيادة في حجم الدخل القومي راجع للزيادة في إنتاج السلع العسكرية على حساب إنتاج السلع المدنية حيث أن الأخيرة هي التي ترفع من مستوى معيشة أفراد المجتمع.
هذا ناهيك عن ما سجل من أعباء يتكلفها المجتمع تصاحب ارتفاع معدل النمو الاقتصادي،مثل زيادة إنتاج السلع الرأسمالية وتوجيه الموارد والاستثمارات إليها،بالإضافة إلى زيادة الاستثمار في التعليم والتدريب،وهذا معناه التضحية ببعض السلع الاستهلاكية في الوقت الحاضر من اجل زيادة الإنتاج في المستقبل،كما أن هذا النمو غالبا ما يؤدي إلى ارتفاع نسبة التلوث البيئي والقضاء على الثروات الطبيعية وازدحام المدن،وطغيان التقدم المادي على الجوانب الروحية والأخلاقية في المجتمع.
وهذا ما قاد إلى التحول في الاهتمام إلى التنمية الاقتصادية ومن ثم التنمية البشرية،وصولا إلى التنمية الشاملة والمستدامة.
تمثل التنمية الاقتصادية التغيرات الهيكلية التي تحدث في الاقتصاد القومي بأبعادها المختلفة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والتنظيمية من اجل تحسين نوعية الحياة وتوفير حياة كريمة لجميع أفراد المجتمع.
إذ النمو الاقتصادي لوحده ليس كافيا لصناعة تغيرات مجتمعية والانتقال من حالة التخلف الاقتصادي بأبعاده المختلفة إلى حالة من التقدم الاقتصادي بمفهومه الشامل،وإذا كان النمو الاقتصادي يحدث تلقائيا نتيجة التفاعلات الكبرى بين عوامل الإنتاج بالدرجة الأساس، فان التنمية الاقتصادية تنطوي على إجراءات معينة وتعمل على تغيير البنيان والهيكل الاقتصادي والثقافي لتشمل جميع أبعاد المجتمع،ومن ثم فان معدل التنمية هو معدل متعمد تحقيقه بمنظور شامل،بينما معدل النمو الاقتصادي التلقائي هو زيادة معينة في معدل نمو الدخل القومي ومعدل الدخل القومي الحقيقي عبر الزمن دون وجود إجراءات متعمدة لكي يتحقق هذا المعدل بصورة معينة.
غير أن التنمية الاقتصادية معنية بدراسة العلاقة بين النمو السكاني  والنمو الاقتصادي،حيث أن زيادة معدل النمو السكاني بدرجة اكبر من النمو الاقتصادي تؤدي إلى اختلال في العلاقة بين عوامل الإنتاج،ومن ثم ينعكس ذلك على التنمية الاقتصادية.وهذه الحالة تقود إلى انخفاض مستوى المعيشة،وضعف القدرة على زيادة الطاقة الإنتاجية والاستثمار والناتج القومي،وتفاقم عجز ميزان المدفوعات وزيادة حجم البطالة.
من هنا اهتم الاقتصاديون منذ زمن طويل بدراسة العلاقة بين السكان والموارد من خلال ما سمي بنظريات السكان،والتي من أهمها نظرية مالتس في السكان ونظرية لكارساندرز في الحجم الأمثل في السكان.
وبرزت وجهات نظر متضاربة حول هذا الموضوع خلال انعقاد مؤتمر السكان العالمي الأول في بوخارست سنة 1974،ثم خفت الخلافات نسبيا خلال مؤتمر السكان العالمي الثاني الذي انعقد في موسكو سنة 1984،ثم تجددت في مؤتمر الأمم المتحدة الذي انعقد في القاهرة في أيلول 1994 تحت شعار السكان والتنمية،ثم أصبحت هناك قناعة اكبر على المستوى العالمي بان النمو السكاني يجب ألا ينظر إليه باعتباره السبب الوحيد أو حتى السبب الرئيس لانخفاض مستويات المعيشة بالنسبة لشعوب البلدان الفقيرة،وما يترتب على ذلك من نتائج سلبية من النواحي الاقتصادية والاجتماعية والسياسية،إلا أن هذا لا يعني بان نمو السكان بمعدلات مرتفعة لا يسهم في زيادة حدة المشكلات التي تواجهها البلدان النامية التي تتسم بزيادة الضغوط السكانية في محاولاتها الرامية لتحسين مستويات المعيشة لشعوبها وتحقيق أهداف التنمية المستدامة لبلدانها،فمما لاشك فيه أن الزيادات السريعة في السكان تؤدي إلى زيادة الضغط على الموارد الاقتصادية النادرة والخدمات العامة ،وبالتالي تسهم في زيادة التدهور البيئي وتزيد من صعوبة تحقيق أهداف التنمية المستدامة.

وخلاصة القول أننا يمكن أن نفهم الجملة المطلوب شرحها،من خلال تحليل عناصر الإنتاج ودورها في النمو الاقتصادي،ودور هذا الأخير في التنمية الاقتصادية،التي تتطلب تغييرا هيكليا،قد يعيد توزيع الاهتمام بالقطاعات المختلفة في المجتمع،وقد يؤثر ذلك على اصل الاهتمام بعناصر الإنتاج،ومن ثم درجة التفاعل بينها،أسأل الله سبحانه أن أكون قد وفقت في تبيان المقصود من العبارة المطلوب توضيحها،والحمد لله رب العالمين.

مصادر رجع لها:
1/عجمية،الدكتور محمد عبد العزيز/العقاد،الدكتور مدحت محمد،مبادئ علم الاقتصاد،دار النهضة العربية للطباعة والنشر،بيروت،1980م.
2/الدعمة،الدكتور إبراهيم،التنمية البشرية والنمو الاقتصادي،دار الفكر للطباعة والتوزيع،لبنان،2002م.
3/عبد الحميد،الدكتور عبد المطلب،النظرية الاقتصادية تحليل جزئي وكلي،الدار الجامعية،الإسكندرية،2006م.
4/الأمين،الدكتور عبد الوهاب،التنمية الاقتصادية،دار حافظ للتوزيع والنشر،جدة،السعودية،2000م.
5/الموسوعة العربية للمعرفة من اجل التنمية المستدامة،البعد الاقتصادي،المجلد الرابع،الدار العربية للعلوم،2007م.


Previous Post Next Post