العوامل الممهدة لظهور علم الإدارة :
إن تطبيق الإدارة وممارستها في الواقع بدا منذ فجر التاريخ وبداية ظهور المدنية ، فإذا نظرنا للمصريين القدماء نجد أن عندهم قدرات إدارية فعّالة في بناء الاهرامات والمعابد وإدارة شئون دولتهم وينطبق نفس الشيء على الحضارات القديمة مثل الصين وبابل والإمبراطورية الفارسية والرومانية وقدم المسلمون نماذج مبهرة في مجال الإدارة جعلتهم ينتقلون من حياة البداوة الى دولة مترامية الأطراف ذات حضارة عظيمة . 
ولكن دراسة الإدارة كعلم له مبادىء ونظريات لم يبدأ إلا نتيجة للثورة الصناعية أواخر القرن التاسع عشر ، وما صاحبها من ظهور اختراعات عديدة الذي أدى الى تقدم الصناعة الآلية بشكل كبير وإنشاء المصانع الكبرى والتوسع في الإنتاج 
ومن الأسباب التي أدت لظهور علم الإدارة ما يلي :
1. اتساع حجم المشروعات والتوسع والتطور أدى الى كبر وتعقد مشاكل إدارة هذه المشروعات .
2. ظهور الشركات المساهمة على نطاق واسع مكن عدد كبير من أصحاب رؤوس الأموال من استثمارها عن طريق شراء  الأسهم ومع ازدياد عدد حاملي الأسهم أصبح من الصعب عليهم إدارة المشروع ، فكان من الضروري وجود فئة من المديرين المحترفين عليهم إدارة المشروع مما أدى الى فصل الإدارة عن ملكية المشروع ، وعلى هذا الأساس أصبحت فئة المديرين هي المسئولة عن نجاح المشروع أو فشله ، مما دفعهم للبحث عن أساليب إدارية أفضل لأداء مسئولياتهم نحو أصحاب رأس المال ، وبهذا انتقلت السيطرة على المشروعات من طبقة الملاك الى طبقة المديرين ، وأطلق على هذا التحول اصطلاح الثورة الإدارية .
3. تطبيق مبدأي تقسيم العمل والتخصص : مع كبر المشروعات ثم تطبيق مبدأي تقسيم العمل والتخصص أدى ذلك الى سرعة أداء العمل وإتقان الأفراد لأعمالهم المتخصصة وزيادة الإنتاج بكميات كبيرة ، ولكن أدى هذا الى ظهور مشاكل إدارية منها ضرورة التنسيق والتخطيط بين أجزاء العمل وكذلك الرقابة الجيدة على العمال .
4. مع زيادة عدد المشروعات الخاصة في ظل النظم الرأسمالية وُجدت العديد من المشاكل لتعارض مصالح الأفراد مع مصلحة المجتمع في اغلب الأحيان ، فكان أن تدخلت الدولة بأشكال مختلفة من الضوابط لتوجيه وضبط حركة المشروعات الخاصة مثل قوانين حماية المستهلك ورقابة جودة المنتجات أو تحديد حد أدنى من الأجور وتشيع المشروعات ببعض الإمتيازات مثل الإعفاءات الجمركية أو الضريبة ، وقد ضاعف ذلك من أعباء ومسئولية إدارة المشروع وتطلب الأمر ضرورة قيام المديرين بالتعمق في دراسة علاقة المشروع بالدولة والمجتمع والتشريعات المنظمة لذلك .
وقد ظهر عدد من رجال الإدارة والباحثين الذين حاولوا معالجة مشاكل الإدارة بالأسلوب العلمي المنظم بدلا من الاعتماد على أسلوب التجربة والخطأ ، مما أدى الى ظهور اتجاهات ومناهج مختلفة لدراسة الإدارة وفيما يلي نبذة مختصرة لهذه المدارس أو المداخل حسب تطورها التاريخي .

Previous Post Next Post