مراحل التطور المحاسبي
من اكثر من ثمانية عقود من القرن العشرين الماضي لم يكن اصطلاح المحاسبة المالية عن المسؤولية الاجتماعية هو احد المصطلحات المستخدمة في الفكر المحاسبي وقد ورد هذا الاصطلاح لاول مرة في عام 1923 حين اشار (sheldon ) الى ان مسؤولية اي منظمة هي بالدرجة الاولى مسؤولية اجتماعية وان بقاء اي منظمة واستمرارها يحتم عليها ان تلتزم وتستوفي مسؤوليتها الاجتماعية عند اداء وظائفها المختلفة واخذت الدول اصدار احكام ذات مغزى ودلالة حول اهمية الوفاء من قبل منظمة الاعمال بمسؤولياتها الاجتماعية *
وفي هذا المجال عقدت جامعة كاليفورنيا مؤتمرا بعنوان المسؤولية الاجتماعية لمنظمات الاعمال واشار المؤتمر في ختام توصياته الى ان تطورات الحياة الاقتصادية المتلاحقة اصبحت يحتم على منظمات الاعمال ضرورة تعديل النموذج الاقتصادي التقليدي المبني على فلسفة تعظيم الربحية فقط ليأخذ في الحسبان الى جانب الاعتبارات الاقتصادية  اعتبارات اخرى اجتماعية لم تكن مأخوذة في الحسبان من قبل                                 ( balabanis,et.al,1998 ) (pawa & Krause 1996 ) وفي ظل تلك الاراء والاتجاهات الجديدة ،اصبح لزاما على مشروعات الاعمال ان تعمل على مقابلة توقعات المجتمع وتقدير متطلباته واصبحت منظمات الاعمال ملزمة سواء من تلقاء نفسها او تحت ضغط الراي العام والقوانين ، بالوفاء باشكال مختلفة من مسؤولياتها الاجتماعية في حدود امكانياتها مع العمل في نفس الوقت على اعلام الاطراف المعنية باشكال ذلك الاداء الاجتماعي والافصاح عن نتائجه وفي ظل هذا المناخ العام حدث نوع من الضغط الشديد على المحاسبين والمراجعين للدخول في ذلك المجال ،وتوالت الاراء منادية بضرورة ان تتضمن التقارير المالية المنشورة الى جانب نتائج الاداء الاقتصادي لمنظمات الاعمال ،نتائج اخرى عن الاداء الاجتماعي لها (owen and adams,1996 ) واشار  تشرتشمان (church man  )

د. يوسف محمود جربوع , مدى تطبيق القياس و الافصاح عن المسوؤلية الاجتماعية بالقوائم المالية في الشركات لقطاع غزة , كلية التجارة , مطبعة الجامعة الاسلامية, غزة 2007


الى ان مهنة المحاسبة عليها ان تغير من اتجاهاتها التقليدية وان تهتم بمساعدة المجتمع في التعرف على الاداء الاجتماعي لمنظمات الاعمال كما اشار (تشن) الى ان عملية قياس وتقييم الاداء الاجتماعي لمنظمات الاعمال والتقارير المالية عن نتائجه بالاضافة الى كونها جزءا اساسيا من مسؤولية المحاسب والمراجع فانها ايضا واجب عليها تجاه الرأي العام لمجتمع منظمات الاعمال (gray,”et.all;1999 ) وازاء ماتقدم فان الولايات المتحدة الامريكية والدول الاوربية وغيرها من الدول المتقدمة بعد اكتشافها الاثار السلبية التي تحدثها المصانع نتيجة لمزاولتها انشطتها بدأت تطالب المشروعات الصناعية بوضع رقابة على ماتحدثه من تلوث للبيئة ووضع حدود لايسمح بتجاوزها سواء باستغلال الموارد الطبيعية كالغاز والبترول او التأثير عليهما وادى ذلك الى التركيز على الاداء الاجتماعي للمشروعات  في منظمات الاعمال الى جانب التركيز على الاداء الاجتماعي للمشروعات في منظمات الاعمال الى جانب التركيز على  اداءها الاقتصادي وبالتالي ظهر فرع جديد للمحاسبة هو المحاسبة عن المسؤولية الاجتماعية  (جربوع ، 2001 ) التي تهدف الى القياس والافصاح عن ما تسببه المشروعات الصناعية من تلوث واضرار للمجتمع وماتقدمه من عوائد ومنافع ولهذا اصبحت المحاسبة نظاما يؤثر على الاحداث الاقتصادية والاجتماعية  في اي مجتمع   .
وفي هذا الصدد فان على منظمات الاعمال ان تقبل مسؤولياتها الاجتماعية والبيئية سواء المفروضه عليها بالتزام قانوني او تلك التي ترتبط بمصلحتها الذاتية على اساس ان عدم مقابلة هذه المسؤوليات قد يهدد بقائها واستمرارها وبهذا على الشركات ان تقوم بالافصاح عن المسؤولية الاجتماعية وعن ادائها الاجتماعي باعتبارها تؤثر وتتاثر بالمجتمع الذي تعيش به.


د. يوسف محمود جربوع , مصدر سابق

مشكلة البحث:-
تعتبر المحاسبة عن المسؤولية الاجتماعية أحدث مراحل التطور المحاسبي ولقد نشأ هذا التطور الحديث نتيجة للازدياد المنفرد في حجم وقررات الشركات التي لها تأثيرات مالية واقتصادية واجتماعية واسعة النطاق ، مما ادى الى الاهتمام بها من قبل المنظمات والجمعيات المحاسبية والمهنية والجهات الاكاديمية ولما كان الاطار الفكري المحاسبي يعاني من القصور لعدم قدرته على تقديم اجابات محددة لعدد من المشاكل التي تواجه المحاسب مثل قياس التكلفة والعائد الاجتماعي فان السؤال الرئيسي للمشكلة هي توفر المحاسبة ادوات قياس تستند اليه في قياس التكاليف و المنافع الاجتماعية التي تساعد على تقديم المعلومات الى الاطراف المعنية بما يكفل اجراء عملية التقييم الشامل من جانب المجتمع والدولة لمستوى الاداء الاجتماعي الذي يحققه المشروع.

Previous Post Next Post