والمقصد الشرعي في الأموال كلها خمسة أمور:
1/رواجها.
    2/وضوحها . 
   3/حفظها.     4/ثباتها
       5/العدل فيها.
    وإليك التفصيل:
فالرواج : دوران المال بين أيدي أكثر من يمكن من الناس بوجه حق. وهو مقصد شرعيٌ عظيم دل عليه الترغيب في المعاملة بالمال, ومشروعية التوثق في انتقال الأموال من يد إلى أخرى. ففي الترغيب في المعاملة بالمال جاء قوله تعالى: ((وآخرون يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله)) أي يسافرون في التجارة وقول النبي صلى الله عليه وسلم ((ما من مسلم يزرع زرعاً أو يغرس غرساً فيأكل منه طيرٌ أو إنسان أو بهيمة إلا كان به صدقة)). وفي الموطأ عن عمر رضي الله عنه أنه قال: ((اتجروا في أموال اليتامى لا تأكلها الزكاة)).ولأجل مقصد الرواج كان الأصل في العقود المالية اللزوم دون التخيير إلا بشرط قال تعالى: ((أوفوا بالعقود)) ومن معاني الرواج المقصود انتقال المال بأيدي عديدة في الأمة على وجه لا حرج فيه على مكتسبه وذلك بالتجارة وفي قسمة الفيء جاء قوله تعالى: ((كي لا يكون دُولة بين الأغنياء منكم)) فالدولة بضم الدال تداول المال وتعاقبه, أي حتى لا يكون مال الفيء يتسلمه غني عن غنى. 
ومن وسائل رواج الأموال, القصد إلى استنفاد بعضها وذلك بالنفقات الواجبة على الزوجات والقرابة فلم يترك ذلك لإرادة القيِّم على العائلة بل أوجب الشرع عليه الإنفاق بالوجه المعروف. وهو مما شمله قوله تعالى: ((ومما رزقناهم ينفقون)). وقوله: ((ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط)) وفي الآية الأخرى: ((والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواماً)).                   ومن وسائل رواج الأموال تسهيل المعاملات بقدر الإمكان وترجيح جانب ما فيها من المصلحة على ما عسى أن يعترضها من خفيف المفسدة, ولذلك لم يشترط في التبايع حضور كلا العوضين, فأغتفر ما في ذلك من احتمال الإفلاس.
المقصود من وضوح الأموال:
وأما وضوح الأموال فذلك لإبعادها عن الضرر والتعرض للخصومات بقدر الإمكان, ولذلك شُرع الإشهاد والرهن في التداين وفي مشروعية التوثيق جاء قوله تعالى: ((وأشهدوا إذا تبايعتم)) وقوله تعالى: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ)) وقوله: ((وَإِنْ كُنتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تجِدُوا كَاتِباً فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ)).
المقصود من حفظ الأموال:
أما المقصود من حفظ الأموال فأصله قول الله تعالى: ((يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراضٍ منكم)) وقول الرسول في خطبة حجة الوداع : ((إن دماءكم وأموالكم عليكم حرامٌ كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا)). وقوله : ((لا يحل مال امرئ مسلم إلا عن طيب نفسه)) وقوله: ((من قتل دون ماله فهو شهيد)) وهو تنويه – إشادة – بشأن حفظ المال وعظم جرم المعتدي عليه.
المقصود من ثبات الأموال:
المراد به تقررها لأصحابها بوجهٍ لا خطر فيه ولا منازعة, فمقصد الشريعة في إثبات التملك والاكتساب أمور:
1/أن يختص المالك الواحد أو المتعدد بما تملَّكه بوجهٍ صحيح, بحيث لا يكون في اختصاصه به وأحقيته ترددٌ ولا خطر, ولذلك قال تعالى: ((وأشهدوا إذا تبايعتم)).
2/أن يكون صاحب المال حرُ التصرف فيما تملّكه أو اكتسبه تصرفاً لا يضر بغيره, ولذلك حُجِرَ على السفيه التصرف في أمواله.         3/أن لا يُنتَزَع منه بدون رضاه.
والمقصود من العدل في الأموال:
وذلك بأن يكون حصولها بوجه غير ظالم. وذلك إما أن تحصل بعمل مكتسبها وإما مع عوضٍ مع مالكها أو تبرع أو إرث.
Previous Post Next Post