النموذج المتكامل  لنظرية الاعتماد على وسائل الإعلام :
        بعد أن وصفنا الآثار المحتملة لاعتماد الفرد على وسائل الإعلام نطرح النموذج المتكامل لنظرية الاعتماد على وسائل الإعلام كماتصوره واضعاً النظرية (( مفلين ديفلير )) و (( ساندرا بول روكيتش )). ( Defleur, & Rockeach, 1982: 251-253 )

النموذج المتكامل لنظرية الاعتماد على وسائل الإعلام

        يشير النموذج المتكامل إلى آثار وسائل الإعلام على الأفراد نتيجة الاعتماد المتبادل بين : وسائل الإعلام، والنظم الاجتماعية الأخرى، والجماهير، ويشتمل النموذج على قائمة معقدة من العوامل والمتغيرات التي تؤدي إلى الآثار المحتملة لوسائل الإعلام، ويمكن تلخيص العلاقات التي يرمز لها النموذج على النحو التالي :
أولاً : ينشأ تدفق الأحداث من المجتمع الذي يضم مجموعة من النظم الاجتماعية التي يحكمها الوظيفة البنائية، وتحدث علاقات اعتماد متبادلة بين هذه النظم الاجتماعية ووسائل الإعلام. ويتميز كل مجتمع بثقافة خاصة تعبرعن القيم والتقاليد والعادات وأنماط السلوك التي يتم نقلها عبر رموز لفظية وغير لفظية. تحدث العمليات الدينامية لنشر الثقافة، وتشتمل هذه الفعاليات على قوى تدعو إلى ثبات المجتمع والحفاظ على استقراره من خلال الإجماع، والسيطرة، والتكيف الاجتماعي. وتوجد أيضاً في المجتمع قوى أخرى تدعو للصراع والتغيير. وتتم هذه العمليات على مستوى البناء الكلي للمجتمع، أو بين الجماعات، أو المركز الاجتماعية المرتبة بشكل تصاعدي .. ويتضمن هذا البناء عناصر رسمية وغير رسمية.
ثانياً : تؤثر عناصر الثقافة والبناء الاجتماعي للمجتمع على وسائل الإعلام إيجاباً وسلباً، وهي التي تحدد خصائص وسائل الإعلام التي تتضمن : الأهداف، والموارد، والتنظيم،  والبناء، والعلاقات المتبادلة. وتتحكم هذه الخصائص في وظائف تسليم المعلومات التي يتحكم فيها عدد الوسائل الإعلامية المتاحة، ودرجة مركزيتها، ويؤثر ذلك بالتالي على الأنشطة التي تمارسها وسائل الإعلام أو مايطلق عليها سياسات التشغيل.
        كذلك تؤثر عناصر الثقافة وبناء المجتمع على الأفراد، ويساهم ذلك في تشكيل الفروق الفردية، والفئات الاجتماعية، والعلاقات الاجتماعية. ويعمل النظام الاجتماعي أيضاً على خلق حاجات للأفراد مثل : الحاجة إلى الفهم واتلوجيه والتسلية.
        ويحدد الاعتماد المتبادل بين النظم الاجتماعية ونظم وسائل الإعلام كيفية تطوير الناس اعتمادهم على وسائل الإعلام لإشباع حاجاتهم النفسية والاجتماعية، مما يخلق التنوع في تأثيرات وسائل الإعلام على الأفراد.
ثالثاً : تقوم وسائل الإعلام بتغطية الأحداث التي تقع داخل النظم الاجتماعية المختلفة، ومن الأشخاص داخل هذه النظم، وتنتقي وسائل الإعلام التركيز على بعض القضايا والموضوعات التي تشكل رسائل وسائل الإعلام المتاحة للجماهير.
رابعاً : العنصر الرئيسي في هذا الإطار المتكامل هو الأفراد كأعضاء في الجمهور المتلقي لوسائل الإعلام، هؤلاء الأفراد لديهم بناء متكامل للواقع الاجتماعي تم تشكيله عبر التنشئة الاجتماعية والتعليم والانتماء إلى جماعات ديموغرافية، وعوامل التكيف الاجتماعي، والخبرة المباشرة، ويستخدم هؤلاء الأفراد وسائل الإعلام لاستكمال بناء الواقع الاجتماعي الذي لايدركونه بالخبرة المباشرة، وتتحكم علاقات الاعتماد المتبادل بين وسائل الإعلام والنظم الاجتماعية الأخرى في تشكيل رسائل المعلومات للجماهير.
خامساً : حين يكون الواقع الاجتماعي محدداً ومفهوماً للأفراد، ويلبي حاجاتهم وتطلعاتهم قبل وأثناء استقبال الرسائل الإعلامية، لن يكون لرسائل الإعلام تأثير يذكر سوى تدعيم المعتقدات والقيم وأنماط السلوك الموجودة بالفعل.
        وعلى النقيض، حين لايكون لدى الأفراد واقع اجتماعي حقيقي يسمح بالفهم والتوجيه والسلوك، فإنهم يعتمدون على وسائل الإعلام بقدر أكبر لفهم الواقع الاجتماعي، وبالتالي يكون لهذه الوسائل تأثير أكبر على المعرفة والاتجاهات والسلوك. لذلك يجب الأخذ في الاعتبار درجة اعتماد الأفراد على وسائل الإعلام للحصول على المعلومات كوسيلة للتنبؤ بآثار هذه الوسائل على الأفراد.
سادساً : تتدفق المعلومات من وسائل الإعلام لكي تؤثر في اللإفراد، وفي بعض الحالات تتدفق المعلومات أيضاً من الأفراد لكي تؤثر في وسائل الإعلام، وفي المجتمع ككل، ويتخذ ذلك بعض الأشكال .. مثل : الاعتراض الجماهيري الذي يزيد من مستوى الصراع في المجتمع، أ, يؤدي إلى تكوين جماعات اجتماعية جديدة. مثل هذه الأحداث قد تؤدي إلى تغييرات في طبيعة العلاقات بين النظم الاجتماعية، ونظم وسائل الإعلام، مثل : تمرير قوانين جديدة يتم تصميمها لتغير سياسات تشغيل وسائل الإعلام.
Previous Post Next Post