الرواية تقدر على استيعاب الشعر والفلسفة 
والشعر والفسلفة لا يقدران على استيعاب الرواية

الرواية واحدة من الأجناس الأدبية التي شهدت انفتاحا واسعا كبيرا على الأجناس الأدبية، وبالتالي تسمح لأن يدخل إلى تركيبها جميع أشكال الأجناس التعبيرية،سواء أكانت تنتمي لسجلات أدبية:(قصص،أشعار،مسرح...)  أم لسجلات غير أدبية:
(نصوص علمية، تاريخية جغرافية...). وتحتفظ تلك الأجناس داخل الرواية عادة بمرونتها الدلالية وأصالتها الأسلوبية.
·       وكل هذا إن دل على شيء،إنما يدل أن الرواية على حد تعبير ميلان كونديرا:"تملك ملكة استثنائية على الاستيعاب،في حين أن الشعر والفلسفة لا يقدران على استيعاب الرواية،في المقابل تستطيع الرواية على استيعاب الشعر والفلسفة،دون أن تفقد شيئا من هويتها التي تتميز على وجه الدقة بنزعتها نحو ضم كل الأنواع .وبقدرتها على هضم كل المعارف الفلسفية والعلمية،والأدهى من هذا فالمبدعون يحرصون على إبراز الخصوصية النوعية للصياغات السردية المختلفة،وذلك عبر الأجناس السردية المتعددة التي التمسها أدبنا المغربي الحديث وصارت لسانه وملمح خطابه. 
وهذا في غضون تجديد أدوات الاشتغال صحبة نصوصهم الروائية ما أمكنهم ذلك،وهذا يتطلب أيضا توسيع النظر وإواليات التلقي،لكي يعاد صوغ هذا الخطاب من نواحيه وفي تجلياته المختلفة.
 وبالتالي فقد وضعوا نصوصهم الروائية في مختبرات ومقاربات معيارية تروم القبض على أهم الأسس والمكونات التي تشكل نصوصهم إضافة إلى الصياغة الفنية وحيل الحكي أو بالأحرى التقنيات لإبراز هذه الأدوار كلها على الشاكلة الصحيحة بل وتحويلها كما لو كانت محاليل كيميائية، وكل هذا بغية التفرد والتجديد والمغايرة وأحيانا إلى حد المخاطرة.
*   نخلص من خلال هذه المقاربة المفاهيمية أن الأجناس الأدبية في رحاب الرواية لم تعد تحيل على أحادية جنس واحد أو تصور واحد.بل خرجت من كونها جزرا مستقلة،أو قلعة يحكمها دكتاتوري بأن عدلت عن المنحى الإمبريالي إلى تصور ديمقراطي يقبل بالاختلاف وتعددية الأصوات والملفوظات وتنوع الأساليب.فلم يعد الجنس الأدبي خائفا على حدوده رابضا أمامها.بل كف عن ذلك لينشغل بربط علاقات وتبادلات وترا شح ومصاهرة مع أجناس أخرى.
*   ويرى بعض النقاد أن هذه العلاقات التي تتعاطاها الرواية مع بقية الأجناس الأدبية وغير الأدبية،تحولت في الخضم الروائي إلى فعل استحواذ وتوسع كولينيالي.[1]

[1] هذا ما ذهب إليه مارت روبر أن الرواية تستعمر الأجناس دون خجل أو استحياء،انظر بيير شارتيه مدخل إلى نظريات الرواية ص 13

Post a Comment

Previous Post Next Post