مكانة الصدق في الاسلام



معنى الصدق لغةً: الصدق ضدُّ الكذب، صَدَقَ يَصْدُقُ صَدْقًا وصِدْقًا وتَصْداقًا، وصَدَّقه: قَبِل قولَه، وصدَقَه الحديث: أَنبأَه  بالصِّدْق، ويقال: صَدَقْتُ القوم. أي: قلت لهم صِدْقًا وتصادقا في الحديث وفي المودة (

مكانة الصدق في الاسلام
والصدق له مكانة عظيمة في الإسلام فبه " تميز أهل النفاق من أهل الإيمان ، وسكان الجنان من أهل النيران ، وهو سيف الله في أرضه الذي ما وضع على شيء إلا قطعه، ولا واجه باطلاً إلا أرداه وصرعه ، من صال به لم ترد صولته ، ومن نطق به علت على الخصوم كلمته، فهو روح الأعمال، ومحك الأحوال" (تهذيب مدارج السالكين ص32).
وقد أمر الله به المؤمنين فقال :{ يا أيها الذين اتقوا الله وكونوا مع الصادقين }، ووعدهم بأجزل المثوبة عليه فقال:{ ليجزي الله الصادقين بصدقهم } ، وبيّن لهم أن عاقبته في الدنيا خير :{ فإذا عزم الأمر فلو صدقوا الله لكان خيراً لهم }، ونوه بأثره في الآخرة فقال :{ هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم }.

والصدق هو الخلق الذي اتصف به الرسول – صلى الله عليه وسلم - قبل بعثته حتى لُقِب بالصادق الأمين ، وقد أوضح - عليه الصلاة والسلام - آثار كل من الصدق والكذب النفسية فقال:" الصدق طمأنينة والكذب ريبة " رواه الترمذي، فالصادق مطمئن النفس منشرح الصدر عالم بأنه أخبر بالحق ونطق بالصدق فلا يخشى أن ينكشف شيء على خلاف ما قاله ، وعنده توافق بين ظاهره وباطنه فلا تناقض ولا تعارض، بينما الكذب يبقي صاحبه في شك وحيرة واضطراب فلا هو مطمئن ولا متوافق مع نفسه لأنه يعلم أنه قال أو فعل خلاف الحق، ولا هو مرتاح في تعامله مع الآخرين، لخوفه أن ينكشف أو يفتضح أمره ، وإضافة لذلك بيّن - عليه الصلاة والسلام - مآل كل منهما فقال  إن الصدق يهدي إلى البر والبر يهدي الجنة وما يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقاً، والكذب يهدي إلى الفجور والفجور يهدي إلى النار وما يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذاباً ) متفق عليه .
صفات المؤمن الصادق
و إنّ صفة المؤمنين الأولى هي أنّهم موحّدون يعبدون الله وحده ولا يشركون به شيئاً ، فالشّرك ذنبٌ عظيمٌ لا يغفره الله سبحانه ، فالتّوحيد هي صفة الله الثّابتة له سبحانه ، ومن نازعه شيءٌ من هذه الصّفة بادعاءٍ باطلٍ قصمه الله ، والمؤمن يتحلّى دائماً بالأخلاق الكريمة الفاضلة فهو صادقٌ في تعامله مع النّاس لا يكذب ويدرك أنّ الكذب يهدي إلى الفجور والفجور يهدي إلى النّار والصّدق يهدي إلى البرّ والبرّ يهدي إلى الجنّة ، والمؤمن متواضعٌ بين النّاس بعيداً عن التكبّر والخيلاء ، فقد نهى ديننا عن صفة الكبر والتّكبر ، والمؤمن يحفظ العهد مع ربّه والنّاس ، فهو مؤتمنٌ دائماً لا يخون ولا يغدر ، والمؤمن بعيدٌ عن عن المعاصي والآثام فلا يستهين بدم المسلمين والمعاهدين ومن حرم الله دمه ، ولا يزني ببنات النّاس لأنّه يدرك حرمة ذلك وشناعته ومن يدين يدان ، وكذلك هو بعيدٌ عن مجالسة الفاسدين لا يغشاهم في نواديهم بل هو حريصٌ دائماً على ارتياد مجالس الذكر والطّاعة حيث تحفّها الملائكة بأجنحتها ويذكرهم الله فيمن عنده ، والمؤمن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر وتلك الصّفة مما يميّز الأمة عن غيرها من الأمم فتستحق الخيريّة والأفضليّة ، فالمؤمن صادعٌ بالحقّ دائماً لا يخشى في الله لومة لائم .

اثار صفات المؤمن الصادق على الفرد والمجتمع
إن للتحلي بصفات المؤمن الاجتماعية آثار حسنة ونتائج طيبة سواء على الفرد أو الجماعة:
•        على المستوى الفردي: اطمئنان القلب، ارتياح الضمير، نيل مغفرة الله ومرضاته، نيل محبةِ الناس واحترامِهم.
•        على المستوى الاجتماعي: سيادة جو الأخوة والمحبة، تحقيق الأمن والأمان، انعدام الأحقاد والضغائن، اختفاء الرذائل والحد منها.
•  تحقيق العبودية لله تعالى بالإخلاص له، والمتابعة للنبي  .
•  حسن العاقبة لأهله في الدنيا والآخرة، لقوله  : إِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى البِّرِّ، وِإِنَّ البِّرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ.
•  مراقبة الله سبحانه وتعالى، لقوله  : وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَصْدُقُ وَيَتَحَرَّى الصِّدْقَ.
•  الثناء على صاحبه في الملأ الأعلى، لقوله   : حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ صِدِّيقًا.
•  الثناء على أهله في الدنيا، لقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ.
•  حصول البركة العاجلة والآجلة، لقوله  : فَإِنْ صَدَقَا وَبَيَّنَا بورك لهما في بيعهما .
•  عِظَم القَدْر، وعُلُو المنزلة في المجتمع، فالذي يتحلى بالصدق يَعْظُم قَدْرُهُ، وتعلو منزلته بين الناس؛ لاعتقادهم أنه ما فعل ذلك إلا عن حسن سيرة، ونقاء سريرة، وكمال عقل.
•  الطمأنينة والراحة النفسية، لِتَخَلُّصِه من المُكَدِّرات في تعامله مع الآخرين، فعن أبي الحوراء قال: قلت للحسن بن علي : ما حفظتَ مِن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: حفظتُ مِن رسول الله  : دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لاَ يَرِيبُكَ، فَإِنَّ الصِّدْقِ طُمَأْنِينَةٌ، وَإِنَّ الْكَذِبَ رِيبَةٌ.


Previous Post Next Post