درجة إستيعاب المبنى للتغير في الفعاليات +

         تتغير حياة الأنسان باستمرار عبر الزمن وهذا أثر بدوره على معظم الأبنية التي تستوعب الفعالية الانسانية والتي ترتبط إرتباطاً وثيقاً بحجم الفضاء الذي تشغله , لأن أي تغير يحصل في حجم ونوع الفعالية يؤثر على ماتتطلبه هذه الفعالية من فضاءات . لقد تعاملت الأدبيات السابقة مع هذا الموضوع بشكل إجمالي كفلسفة تصميمية وركزت على جوانب خاصة بها ترتبط وحسب توجهاتها بالموضوع ولم تركز على أهمية إستيعاب الأبنية عند حدوث تغير في فعالياتها . يهدف البحث الى بناء تصور واضح عن درجة إستيعاب المبنى للتغير في الفعاليات التي تشغلها في حالة معينة من الزمن , ويفترض البحث إن النسبة الكبيرة من التشابه في أجزاء المبنى يجعل درجة إستيعاب المبنى للتغير في الفعاليات التي تشغلها كبيراً . توصل الباحث الى إن التشابه في الفضاءات والحركة وكذلك تشابه المسافة بين نقاط الاسناد للهيكل الانشائي ودرجة تكرارها , وأيضاً تنطيق الفعاليات ذات المواصفات المتشابهة وعزلها عن بعضها البعض وكذلك إستقلالية عناصر المبنى عن الخدمات , لها أهمية كبيرة في تحقيق درجة إستيعاب عالية للمبنى عند حدوث تغير في فعاليات ذلك المبنى.
المقدمة:
        يعتمد قيام العمارة على اساس العلاقة بين موجودين اثنين هما الجانب المعنوي ( الفكر ) والجانب المادي    ( الانتاج ) , ويعتبر الفكر ( جوهر العمارة ) الطاقة المحركة للجانب المادي ( الانتاج ) حيث يقوم الثاني على اساس الاول ويدين بوجوده ضمن موجود معين له , ولكن الثاني (الانتاج) يعتبر بنفس الوقت الطاقة الدافعة لتطوير الأول  ( الفكر ) من خلال التجربة المتراكمة , وبالتالي فان الأول لايمكن ان يتطور ويتغير بدون وجود الثاني وهذا يعني ان هناك علاقة جدلية وأزلية بين الاثنين لايمكن فك وثاقهما [1] , لذا فان الفكر يولٌد نتاج ذو فعاليات معينة هدفها توفير احسن الاحتياجات لمجموعة من الناس [2], وان تغير هذه الفعاليات هي لغة ذات صفة منظمة لفعل انساني نابع من اساس فكري يحمل تطبيقات بمستويات مختلفة متجلية في جانبين رئيسيين : الأول : كونها صفة مدركة من خلال فيزيائية الناتج , والثاني : كونها فعلاً مستمراً لهذا الناتج [3] , ومنها المنشآت والابنية التي تستوعب الفعاليات الانسانية بشكل خاص, وعلى هذا الاساس فالمباني تتأثر بالتغيرات وتصبح غير كفؤة بالنسبة للفعالية التي تحتويها بعد فترة من الزمن , ولعله من الصعوبة وصف الزمن ولكن اجتهاداً يمكن ادراك مايخلفه من ملامح من خلال تأثيره غير المباشر في كل الاشياء بمقادير مختلفة [4], ومنها عملية التصميم ( Design Process ) التي تعد حلقة الوصل بين الفكر والواقع  حيث تبدأ بفهم الاحتياجات وتنتهي بصياغة البناء الملبي لهذه الاحتياجات , وفي كل الاحوال يلعب الزمن الحاوي لهذه العملية وفي كل تفصيلاتها دوراًمؤثراً [2] . مايهمنا هنا هو الزمن الذي يقيس به الناس التقدم في العمر عند الكائنات الحية وعن تطور الاشياء وتقادمها [5] , وخاصة عند تصميم الابنية وقابيلتها على احتواء التغير المستقبلي للفعاليات التي تشغلها.

الدراسات السابقة:

       تناولت الادبيات السابقة العالمية مفهوم التغير في الفعاليات حيث كان ( Cowan ) أول من شخص التغير في خصائص الفعاليات والذي يجعل من المنشآت غير قادرة على استيعاب الفعاليات الجديدة [6] , بينما تناول (Fawcett ) موضوع التدهور في المباني لأن البناية تصبح غير قادرة على أن تفي بمتطلبات الفعاليات التي تجري فيها أي تصبح البناية متدهورة [7], بينما تناولت دراسة ( Al – Nijaidi ) التدهور في الابنية الذي يحصل كنتيجة غياب قدرة المبنى على توفير متطلبات  الفعاليات التي تشغلها وعندئذ يدعى بالتدهور الوظيفي  ( Functional Obsolescence ) وحاولت هذه الدراسة وضع مجموعة من الحلول لهذه المشكلة تبعاً لمدخلين : الأول : حلول للفعالية , والثاني : حلول تعتمد على الفترة الزمنية لحصول التدهور [8] , وهناك دراسة اخرى للـ      (Al – Nijaidi ) تطرقت الى أسباب كثيرة تتعلق بتغير متطلبات الفعاليات والتي ترتبط بصفات كل فعالية , وان التغير في الفعاليات يحصل عبر مراحل متعاقبة فأولاً يحصل التغير في محيط الفعالية والذي يشمل جوانبها الاقتصادية والاجتماعية والتقنية , والمرحلة الثانية هي مرحلة اتخاذ قرار الاستجابة للتغير وتعتمد بصورة كبيرة على نوع الفعالية وطبيعة المبنى من حيث درجة تعقيد الوظيفة , والمرحلة الثالثة يتم فيها عملية اجراء التغير والتي تكون على نوعين : فأما ان تتغير الفعالية بصورة عامة بحيث يشمل تغير وظيفة المبنى بشكل اجمالي , أو يكون التغير مقتصراً على نوع واحد من الفعاليات , أما المرحلة الرابعة فتشمل مجموعة المشاكل الناتجة عن عملية التغير والتي تتضمن صعوبة احلال المتطلبات الجديدة ضمن الامكانات المتوفرة , أما المرحلة الاخيرة فهي عملية التوافق وتعزى هذه الحالة الى قابلية الانسان على التكيف مع التغيرات التي حصلت [9], بينما وضح ( Lynch ) أن أهم صفة للأبنية هو أن تستوعب الاستراتيجية التغييرية , وبمعنى آخر القابلية الاستراتيجية على التعامل مع التطور غير المتوقع عبر الزمن [10] ,أما ( Llewelyn ) فوضح ان المباني التي تصمم لكي تلائم مدى من التغيرات المختلفة للفعالية لها فرصة أكبر للبقاء مدة أطول وذلك عن طريق استخدام مبدأ الهيكل المتراخي في الأبنية وكذلك مبدأ عدم تصميم الأبنية بشكل مطابق لمتطلبات المنظمة التي ستشغلها [11] , بينما اهتمت دراسة ( Weeks ) بالمباني ذات الفعاليات الخاصة كالمستشفيات وتم في هذه الدراسة التأكيد على مبدأ التشابه في الفضاءات ( الغرف ) والذي يجعل من درجة استيعاب المبنى للتغير في الفعاليات كبيراً , وذكر (Weeks ) ايضا بان الفضاء يجب ان لايحوي على خاصية واحدة فقط بل يجب ان يمتلك كافة الامكانات لأحتواء فعاليات متباينة [12] , أما ( Sebestyen ) فأكد على استعمال أبعاد كبيرة بين نقاط الارتكاز للهيكل الانشائي المستعمل في الأبنية وهذا يسهل من عملية التحوير , وكذلك أكد على موضوع تكرار الابعاد بين نقاط الارتكاز في المبنى , وتتضح هذه الفكرة في المباني المصنعة حيث تكون عملية البناء اسهل في حالة تنميطها [13] . أما الدراسات المحلية , فهناك دراستين : الأولى هي دراسة ( نوزاد نور الدين ) حيث تناولت العلاقة بين التصميم من جهة وبين تغير الفعاليات في الزمن نفسه من جهة اخرى وحددت الحركة كمتغير تصميمي للأختبار , وتوصلت الى وجود علاقة قوية بين بعض الخصائص التصميمية للحركة وتغير الفعاليات الآنية والتي يمكن التنبؤ بها من خلال التصميم ويمكن تقديرها , وتوصلت أيضا الى عمومية الأفكار التصميمية وان ليس جميع جوانبها تحقق درجة عالية من الاحتواء للتغيرات المستقبلية في الفعاليات [14] , وهناك دراسة محلية ثانية , وهي  دراسة ( عمار ناجي سرسم ) حيث أكدت الى تعرض المباني بصورة عامة لتغيرات عديدة في الفعالية والمتطلبات عبر الزمن وتختلف خواص هذه التغيرات من حيث ترددها وحجمها وامكانية التنبؤ بها , وكما اشار الى أسباب حصول التدهور في الأبنية ,  وتم التطبيق على فضاءات تجارية , وتوصلت الدراسة أن المباني التجارية يجب أن يكون لها القابلية على احتواء التغير في المتطلبات دون الحاجة الى اجراء تحوير على عناصرالمبنى [15] .
       مما تقدم فان الدراسات السابقة طرحت عدة متغيرات وعوامل تؤثر على امكانية احتواء المباني للمتطلبات الناتجة عن التغيرات في الفعالية عبر الزمن أو في نفس الوقت , ولكن تلك الدراسات تعاملت مع الموضوع بشكل اجمالي كفلسفة تصميمية في حين حاولت دراسات اخرى التركيز على أبنية متخصصة وغالباً ماشملت المستشفيات والمختبرات والمباني السكنية , وعليه تأتي هذه الدراسة لتلقي الضوء على المتغيرات ومدى امكانية تطبيقها على مباني مختلفة , وكما ان الدراسات السابقة ركزت على جوانب خاصة بها ترتبط وحسب توجهاتها بالموضوع وأحياناً بضوء مفردات تفصيلية جداً هذا فضلاً عن تعدد التوجهات السابقة في الطرح.                                                                                                                                                                                                          
       وبضوء ماتقدم فأن المشكلة البحثية تتمثل بـ ( عدم وجود تصور واضح عن درجة أستيعاب المبنى للتغير في الفعاليات التي تشغلها في حالة معينة من الزمن ) ,  وبهذا  فأن  هدف البحث سيكون : (  بناء تصور واضح عن درجة أستيعاب المبنى للتغير في الفعاليات التي تشغلها في حالة معينة من الزمن ) , أما فرضية البحث فستكون:  (النسبة الكبيرة من التشابه في أجزاء المبنى يجعل درجة استيعاب المبنى للتغير في الفعاليات التي تشغلها كبيراً ).         ولتحقيق هدف البحث والتحقق من فرضيته فأن البحث أتبع المنهجية التالية:
1-     وضع أطار نظري يحدد مفهوم كل من التغير والتغير في الفعاليات للأبنية وأسبابه.
2-     تحديد مقياس يوضح درجة استيعاب المبنى للتغير في الفعاليات.
3-     تطبيق الاطار النظري على عينات مختلفة من الأبنية.
4-     التوصل الى استنتاجات وتوصيات. 

 التغير   :

      التغير من وجهة النظر اللغوية كلمة مشتقة من أصل الفعل ( غيٌرَ) وغيٌرَ الشيء: أي حوٌلَ وبدٌلَ به وقد عرٌف
( البيروتي) التغير ( عملية تحويل شاملة , مفاجئة , لاتحمل حكماً تقويمياً حيث تقرر الواقع المجرد كما يكون) [1] , وبما أن حياة الانسان تتغير باستمرار عبر الزمن وهذا أثر بدوره على معظم الأبنية التي تستوعب الفعالية الانسانية بشكل خاص والتي ترتبط ارتباطاً وثيقاً بحجم الفضاء الذي تشغله , لذلك فان أي تغير يحصل في حجم ونوع الفعالية يؤثر على ماتتطلبه هذه الفعالية من فضاءات, فمثلاً زيادة عدد المستعملين كالزيادة الحاصلة في عددالطلاب في مبنى تعليمي , الا ان التغير الذي يحصل يكون مرهون بالامكانات الاجتماعية والوظيفية للفعالية وبامكانيات المباني الانشائية والفضائية , ومن الأسباب الاخرى لتغير الفعاليات هي اختلاف المواصفات عبر الزمن أي المعايير التي تحدد الفعالية والتي تتعلق بالموارد الفضائية للفعاليات , كما هو الحال في زيادة المساحة القياسية للسرير في المستشفيات أو زيادة المساحة التي يحتاجها الطالب في القاعة الدراسية [6] , لذا فان الفعاليات تحتاج الى موارد ثابتة لتأدية نشاطاتها وخاصة مايتعلق بتصميم العناصر الانشائية للأبنية , حيث يمكن أن يفترض أن صلاحية أي بناية للاستخدام هو مؤشر عن حالة التطابق العام بين متطلبات فعالياتها للاحتواء وبين مامتوفر فيها من موارد [16] , لذلك فان هناك مستويين من التغير : الاول : هو التغير الذي يشمل كل أنواع الفعاليات كعدد المستعملين مثلاً , والثاني : تلك التي تشمل نوعاً معيناً من الفعاليات مثلاً عدد ساعات التدريس في الفعاليات التعليمية [17] . مما تقدم نستنتج ان هناك حالة من الملائمة بين الفعاليات والفضاءات التي تشغلها وبالنتيجة فان التغير في الفعالية يرتبط ارتباطاً وثيقاً مع التغير في استخدام الابنية عبر الزمن وهنا لابدٌ من وقفة لايضاح مفهوم التغير في فعاليات الأبنية.
التغير في فعاليات الأبنية :

       تصنف الفعاليات في البناية الواحدة تبعاً لدرجة خصوصية الفعالية أو ميلها للتغير كما يلي :
1-     الفعاليات ذات المواصفات الخاصة أو المتغيرة بنسب سريعة يمكن ان يطلق عليها بالفعاليات الأساسية.
2-     الفعاليات الاقل خصوصية أو المتغيرة بنسب قليلة يمكن ان يطلق عليها بالفعاليات الثانوية.
3-     ماتبقى من الفعاليات فيطلق عليها بالفعاليات الساندة. [10]
       ومقدار التغير في الفعاليات هو الفرق بين التغير الحالي والمستقبلي , وهو يرمز الى مقدار الاختلاف الحاصل في صفة معينة من صفات الفعالية كالاختلاف الحاصل في عدد ساعات العمل في مبنى معين ,  وان بعض الفعاليات يكون تردد التغير فيها كبيراً وان هناك من التغيرات مايمكن توقعها ومنها ما لايمكن توقعها , وهذا يؤثر بدوره على الحلول الوقائية للفضاء من حيث القرارات التصميمية الأولية [9] , لذلك فان هناك علاقة بين أنواع التغيرات التي يجب ان تجري وكمية التحويرات التي ستنفذ لملائمة هذه التغيرات [8] , ولتحقيق ذلك فان هناك مبدأين يمكن اتباعهما عند تصميم المبنى : أولهما : مايهتم بتوفير موارد اكثر من المتطلبات في وقت الانشاء وذلك لكي تلائم التغيرات المستقبلية للفعالية ولكن عندما تتطلب التغيرات المستقبلية للفعالية موارداً أقل عندئذ ستكون هذه العملية غير مجدية [10] ,أما المبدأ الثاني : فيتعلق بتوفير الموارد غير المتطابقة تماماً لاحتياج الفعاليات أي عدم تصميم المباني بشكل مطابق لمتطلبات المنظمة التي ستشغلها [6] , وان الدراسات التي أهتمت بهذا المبدأ أكدت على الصفات الخاصة للمبنى والتي تدعى بالتماثل ( Uniformity ) لان الفعاليات التي يتم احتوائها في فضاءات متماثلة ستكون لها فرصة اكيدة للتوافق في بعض أو جميع هذه الفضاءات , وقد عرف الـ ( Al – Nijaidi ) التماثل بانه خاصية تصميم المبنى الذي يحوي على تشابه بين اجزائه المختلفة أي تكرار نفس الصفات والخواص لعناصر المبنى التصميمية المختلفة [8] , أما زيادة التنوع ( Variety ) في البناية فهي فرضية اخرى , ولكن لها محددات كثيرة لذلك فهي قليلة الانتشار مقارنة بالتماثل. ناقش                           ( Lynch ) هذا المبدأ وأعطى مثلاً لذلك عن المنزل البسيط الذي يمكن ان يحوي عدد من الفعاليات المختلفة وبازدياد تعقيده يقترب من التخصص وتقل درجة استيعابه للتغير في الفعاليات ، لذا فأن التشابه في الفضاءات   ( مساحة الغرف) ( Uniformity Of Rooms ) تعتبر احدى العوامل التي تزيد من درجة استيعاب المبنى للتغير في الفعاليات [10] , أما التماثل في الحركة ( Uniformity Of Circulation ) يعتبر المتغير التصميمي الذي له علاقة بزيادة درجة استيعاب المبنى للتغير في الفعالية وأن نمط الحركة يعبر عن العلاقات بين الغرف [13], ولقد نوقشت هذه الفكرة على ابنية المستشفيات من قبل ( Weeks ) ووجد أن التشابه في الحركة لجميع أجزاء المبنى وسهولة الوصول العالية يجعل درجة استيعاب المبنى للتغير في الفعاليات كبيرة معتبراً ان أهم متغير لنمط الحركة هو مفهوم التجاور كونه يعبر عن نوع العلاقة الحركية بين أي غرفتين متجاورتين في البناية وذلك بوجود مفصل ارتباط حركي ( باب أو فتحة في الجدار الفاصل بين الغرفتين المتجاورتين ) وتم تصنيفها كما يلي :( نسبة عدد الغرف التي تتصل بشكل مباشر بأربعة غرف متجاورة , نسبة عدد الغرف التي تتصل بشكل مباشر بثلاثة غرف متجاورة , نسبة عدد الغرف التي تتصل بشكل مباشر بغرفتين متجاورتين , نسبة عدد الغرف التي تتصل بشكل مباشر بغرفة واحدة متجاورة , نسبة عدد الغرف التي لاتتصل  بشكل مباشر بأي غرفة اخرى), وأكد ايضا الـ ( Al – Nijaidi ) على مبدأ تركز وتنميط الهيكل الانشائي     ( Concentration And Modularity Of Structure ) بأنهما متغيرين تصميمين يتعلقان بالهيكل الأنشائي ويسهلان من عملية التحوير حالة حصول تغيرات في الفعالية لأن تركز الهيكل الانشائي للمبنى يعني التقليل من نقاط الارتكاز في المبنى , أما التنميط فهو اعتماد وحدات متكررة ذات أبعاد ثابتة للهيكل الانشائي [8]  , وناقش ( Lynch ) مفهوم التنطيق للفعاليات ( Zoning ) ذات المواصفات الخاصة , حيث أشار الى أهمية عزل المناطق التي تحتوي على فعاليات قابلة للتغير بنسبة كبيرة عن المناطق التي تحتوي على فعاليات يكون فيها مدى تغير المتطلبات أقل , ويمكن القول بان تنطيق الفعاليات يعود الى الاختلاف بين الفعاليات تبعاً للصفات الخاصة للفعاليات ودرجة احتمال تغيرها في المستقبل ومايهم هنا هو درجة التداخل بين الانطقة [10] , وايضاً أكد الـ ( Al – Nijaidi ) على مفهوم استقلالية عناصر المبنى ( Independence Of Building' s Elements ) التي تتشكل من المواد البنائية حيث ان قسماً منها يبقى لفترات طويلة في حين يحتاج القسم الاخر الى تغيير مستمر , لهذا فان بعض هذه العناصر تتأثر بتغير الفعالية في حين لايتأثر البعض الاخر [8] , لذلك ظهرت عدة افكار تصميمية مثل الـ   ( Soft – Elements ) في المستشفيات وهي عناصر سهلة التحوير والتغير مثل الانهاءات والقواطع والخدمات وخاصة الاخيرة ومدى تداخلها مع الهيكل الانشائي , لان استقلالية عناصر المبنى يهدف الى التقليل من المشاكل التي تتعلق بعملية التحوير في المباني [11] .

المقياس المستخدم :

       بضوء مراجعة الدراسات السابقة تم تحديد مفردة أساسية هي ( درجة استيعاب المبنى للتغير في الفعاليات ) والتي انقسمت الى مفردات فرعية وهي : ( التشابه في الفضاءات ) و ( التشابه في الحركة ) و ( تركز الهيكل الانشائي) و ( تنميط الهيكل الانشائي ) و ( تنطيق الفعاليات ) و ( استقلالية عناصر المبنى ) وان هذه المفردات تم تعريفها بمتغيرات , وقيم هذه المتغيرات تم تعريفها في ضوء القيم النوعية الممكنة لها واعتماداً على الدراسات السابقة. تم اعطاء قيم رقمية افتراضية لهذه المتغيرات وتم ترتيبها تنازلياً من أعلى قيمة ( أكبر رقم ) الى أدنى قيمة ( أصغر رقم ) والرقم الكبير يشير الى أعلى درجة استيعاب للمبنى عند حدوث تغير في الفعاليات والذي يحققه المتغير والعكس للرقم الصغير.
        تم تصميم برنامج حاسوبي باستخدام نظام ( Oracle ) يجمع متغيرات المقياس المطروح في الدراسة       ( الملحق (1 )) والذي يوفر امكانية تطبيقه على عينات مختلفة من الأبنية , حيث يعتبر نظام ( Oracle ) من الأنظمة المتطورة والمستخدمة عالمياً في تصميم البرامج المتخصصة لقواعد البيانات والبرامج الحسابية والتطويرية , وكذلك يحتوي نظام (Oracle) على صلاحيات متكاملة وله سعة خزنية كبيرة جداً تفوق باقي البرامج مثل الـ (Excel ) والـ( Access ) , وكذلك له الامكانية على الاستعلام على البيانات بسرعة فائقة جداً مقارنة مع باقي البرامج , لذلك فهو يستخدم من قبل الشركات الكبرى كشركات الاتصال والمصارف وغيرها , وتم اكتشاف هذا النظام سنة   (1995 ) من قبل شركة امريكية اسمها (Oracle) وأصدرت النسخة الاولى ( 8I ) وتم تطويره بمواصفات خزنية عالية سنة ( 2000 ) , وظهرت النسخة ( 9I ) , ثم ظهرت النسخة ( 10G ) سنة ( 2005 ) ,  وأخيراً ظهرت النسخة  ( 11G) سنة (2009 ) وهي الأحدث حالياً . ان مبدأ عمل ( Oracle) يعتمد على استخدام لغة       ( SQL ) ولغة ( PLSQL ) وهي من أحدث لغات البرمجة , وتم تصميم برنامج آخر من قبل شركة (Oracle) اسمه ( Developer ) ويستخدم لتصميم الواجهات التي تستخدم من قبل المستخدم [18] .
       البرنامج الذي نحن بصدده وظيفته هي قياس درجة استيعاب المبنى للتغير في الفعاليات , وتم تصميمه باستخدام النسخة ( 9I ) كونها النسخة الوحيدة المتوفرة حالياً في القطر , حيث أن عمل البرنامج يبدأ بالنقر المزدوج لزر الفأرة الأيسر على أيقونة البرنامج   الموجودة على سطح  المكتب والذي يؤدي الى ظهور الواجهة الرئيسية للبرنامج المقترح ( الملحق (1) ) ونلاحظ في هذه الواجهة وجود ثلاثة مفاتيح هي :
•       المفتاح      : بالنقر عليه مرة واحدة بزر الفأرة الأيسر نلاحظ ظهور الجدول الحسابي الاول  ( الملحق (1) الواجهة رقم 1 للبرنامج المقترح ) , حيث يتم ادخال أسماء البنايات مثلاً    ( A أو B ) في الحقول الموجودة تحت كلمة ( المبنى ) وثم تعطى المتغيرات أمام كل بناية وعند الضغط بزر الفأرة الأيسر مرة واحدة على الزر   في نفس الواجهة ستظهر رسوم بيانية أسفل كل متغير تمثل ترددات درجة استيعاب المبنى للتغير في الفعاليات .
•       المفتاح   : بالنقر عليه مرة واحدة بزر الفأرة الأيسر نلاحظ ظهور الجدول الحسابي الثاني  ( الملحق (1) الواجهة رقم 2 للبرنامج المقترح ) , وأيضاً يتم ادخال نفس أسماء البنايات كما في الواجهة رقم (1) في الحقول الموجودة تحت كلمة ( المبنى ) مع اعطاء المتغيرات أمام كل بناية وعند الضغط بزر الفأرة الأيسر مرة واحدة على الزر   في نفس الواجهة ستظهر رسوم بيانية أسفل كل متغير تمثل ترددات درجة استيعاب المبنى للتغير في الفعاليات .
•       المفتاح : يتم الخروج من البرنامج , أما المفتاح   الموجود في الواجهة رقم (1) والواجهة رقم (2) وظيفته الخروج من هذه الواجهات والعودة الى الواجهة الرئيسية للبرنامج.
التطبيق :

       لغرض أختبار فرضية البحث تم القيام بما يلي :
- اختيار موقع الدراسة العملية و شملت  أختيار بنايتين في موقع معهد التكنولوجيا – بغداد وهما بناية قسم التقنيات المدنية( الملحق (2) )  وبناية الأقسام العلمية للكلية التقنية – بغداد وهي حالياً مبنى عمادة معهد التكنولوجيا في بغداد (الملحق ( 3 ) ), وتم الحصول على مخططات هذه الأبنية ماموثق عند الجهات الرسمية , وسميت البناية الأولى (بناية قسم التقنيات المدنية) بالبناية ( A )  أما البناية الثانية ( بناية الأقسام العلمية للكلية التقنية – بغداد ) فسميت بالبناية ( B )   . 
-  معالجة البيانات بأستخدام البرنامج المعد لهذا الغرض والذي تم من خلاله قياس قوة التردد لدرجة استيعاب المبنى للتغير في الفعاليات لكل متغير من متغيرات عملية القياس.

نتائج الدراسة العملية :
1-     التشابه في الفضاءات:

       كانت النتائج متباينة في هذه الفقرة حيث تبين ان نسبة عدد الغرف المتشابهة في المساحة والتي تستخدم للفعاليات الأساسية والثانوية والساندة كانت (100%) في المبنى ( B ) بينما في المبنى ( A ) كانت النسبة تتراوح مابين ( 47% ـ 66,6%) حيث:
1-     عدد الغرف التي تستخدم للفعاليات الأساسية في المبنى ( A ) = 12.
وعدد الغرف المتشابهة في المساحة والتي تستخدم للفعاليات الأساسية في المبنى ( A ) =  7 , وهي الغرف ( 3 , 26 , 30) وكذلك الغرفتين ( 18 , 36 ) والغرفتين ( 37 , 38 ).
لذا فأن النسبة ستكون 7/12 ×100 = 58,3%.
بينما عدد الغرف المستخدمة للفعاليات الأساسية في المبنى ( B ) = 12.
وعدد الغرف المتشابهة في المساحة والتي تستخدم للفعاليات الأساسية في المبنى ( B ) = 12 , وهي الغرف        ( 14, 15 , 16 , 17 , 38 , 39 ,40 ,41 ,61 ,62 ,63 ,64).
لذا فأن النسبة ستكون 12/12 ×100 = 100%.
2-     عدد الغرف التي تستخدم للفعاليات الثانوية في المبنى ( A ) = 12.
وعدد الغرف المتشابهة في المساحة والتي تستخدم للفعاليات الثانوية في المبنى ( A ) =  8 , وهي الغرف ( 4 , 6 , 27 , 29 ) وكذلك الغرفتين ( 5 , 28 ) والغرفتين ( 16 , 35 ).
لذا فأن النسبة ستكون 8/12 ×100 = 66,6%.
بينما عدد الغرف المستخدمة للفعاليات الثانوية في المبنى ( B ) = 8.
وعدد الغرف المتشابهة في المساحة والتي تستخدم للفعاليات الثانوية في المبنى ( B ) = 8 , وهي الغرفتين        ( 23 , 46 ) والغرفتين ( 24 , 47 ) والغرف ( 26 , 49 , 69 , 71).
لذا فأن النسبة ستكون 8/8 ×100 = 100%.
3-     عدد الغرف التي تستخدم للفعاليات الساندة في المبنى ( A ) = 17.
وعدد الغرف المتشابهة في المساحة والتي تستخدم للفعاليات الساندة في المبنى ( A ) =  8 , وهي الغرفتين       ( 8 , 9 ) والغرفتين ( 13 , 14 ) والغرفتين ( 19 , 20 ) والغرفتين ( 22 , 23 ).
لذا فأن النسبة ستكون 8/17 ×100 = 47%.
بينما عدد الغرف التي تستخدم  للفعاليات الساندة في المبنى ( B ) = 51.
وعدد الغرف المتشابهة في المساحة والتي تستخدم للفعاليات الساندة في المبنى ( B ) = 51 , وهي الغرفتين       ( 1 , 2 ) والغرف  ( 3 , 6 , 27 , 30 , 50 , 53 ) والغرف ( 4 , 5 , 28 , 29 , 51 , 52 )  والغرف ( 7 , 8 , 31 , 32 , 54 , 55 ) والغرف ( 9 , 33 , 56 ) والغرف ( 10 , 34 , 57 ) والغرف ( 11 , 35 , 58 ) والغرف ( 12 , 36 , 59 ) والغرف ( 13 , 37 , 60 ) والغرف ( 18 , 22 , 45 , 68 ) والغرف ( 19 , 21 , 44 , 67 ) والغرفتين ( 42 , 65 ) والغرف ( 20 , 43 , 66 ) والغرف ( 25 , 48 , 70 ).             لذا فأن النسبة ستكون 51/51 ×100 = 100%.
لاحظ الأشكال البيانية الموضحة في ( الملحق (1)) ( الواجهة رقم 1 للبرنامج المقترح ) وأيضاً ملاحظة مخططات البنايتين في الملحق (2) والملحق (3) .

2- التشابه في الحركة :
       النتائج في هذه الفقرة كانت متشابهة في كلا البنايتين من حيث انعدام وجود الغرف التي تتصل بشكل مباشر باربعة أو بثلاثة غرف متجاورة وذلك لعدم وجود مثل هذه الحالة في البنايتين المذكورتين , في حين أظهرت النتائج الى وجود ثلاث غرف في المبنى (A  ) وهي الغرف ( 10 , 11 , 12 )  تتصل بشكل مباشر بغرفتين متجاورتين أي النسبة ستكون كما يلي :
( عدد الغرف التي تتصل بشكل مباشر بغرفتين متجاورتين / العدد الكلي لغرف المبنى) × 100, أي النسبة ستكون هنا: (( 3 / 41 ) × 100 = 7,3 % ) , بينما لاتوجد هذه الحالة في المبنى ( B ) , وأيضاً أظهرت الدراسة الى وجود غرفتين في المبنى (A ) وهما الغرفتين ( 9 , 13 )  تتصلان بشكل مباشر بغرفة واحدة متجاورة أي النسبة ستكون هنا : (( 2 / 41 ) × 100 = 4,8 % ) , بينما توجد (10) غرف في المبنى  (B  ) وهي الغرف ( 10 , 11 , 23 , 24 , 34 , 35 , 46 , 47 , 57 , 58 ) تتصل بشكل مباشر بغرفة واحدة متجاورة أي النسبة ستكون هنا :  (( 10 / 71 ) × 100 = 14 % )  , وأخيراً أظهرت الدراسة في هذه الفقرة الى تحقق أعلى نسبة من الغرف التي لاتتصل بشكل مباشر بأي غرفة اخرى من غرف المبنى حيث كان عدد هذه الغرف في المبنى ( A ) حوالي ( 36) غرفة أي النسبة ستكون هنا : (( 36 / 41 ) × 100 = 87,8 % ) ,  بينما عددها في المبنى (B ) (61) غرفة أي النسبة ستكون هنا : (( 61 / 71 ) × 100 = 85,9 % ) , كما في الأشكال البيانية الموضحة في   ( الملحق (1) الواجهة رقم 1 للبرنامج المقترح ) وملاحظة مخططات البنايتين في الملحق (2) والملحق (3) .

2-     تركز الهيكل الأنشائي:

        أظهرت الدراسة ان النظام الأنشائي في المبنى ( B ) هو النظام الهيكلي وأن المسافة بين معظم نقاط الاسناد في هذه البناية كانت (6متر) , وهذا بدوره يسٌهل من عملية التحوير عند حدوث تغير في الفعاليات , بينما كان النظام الأنشائي في المبنى ( A ) هو نظام الجدران الحاملة وهذا النظام في كل الأحوال يجعل من عملية التحوير غير سهلة في حالة حصول أي تغير في الفعاليات , لاحظ الأشكال البيانية في (الملحق (1) الواجهة رقم 2 للبرنامج المقترح ) وملاحظة مخططات البنايتين في الملحق (2) والملحق (3) .


4- تنميط الهيكل الانشائي:
       بينت نتائج الدراسة ان المسافة بين معظم نقاط الارتكاز للهيكل الانشائي في المبنى ( A ) ذات أبعاد غير متكررة وغير متساوية , بينما كانت المسافة بين معظم نقاط الارتكاز للهيكل الانشائي في المبنى ( B ) ذات أبعاد متكررة ومتساوية وهي ( 6متر) ,  وهذا يجعل من قابلية استيعاب المبنى ( B ) أكبر من قابلية استيعاب المبنى     ( A ) عند حدوث تغير في الفعاليات , كما في الأشكال البيانية الموضحة في (الملحق (1) الواجهة رقم 2 للبرنامج المقترح ) وملاحظة مخططات البنايتين في الملحق (2) والملحق (3) . 

5- تنطيق الفعاليات:

       مايهم في هذه الفقرة هو درجة التداخل بين الأنطقة في كل طوابق المبنى , حيث أظهرت النتائج الى وجود تداخل متوسط بين الأنطقة في المبنى (A ) بسبب وجود سبعة تداخلات , بينما كان التداخل بين الأنطقة في المبنى   ( B ) بسيط بسبب وجود ثلاثة تداخلات , لاحظ مخططات البنايتين في الملحق (2) والملحق (3) , وهذا التداخل بين الأنطقة كلما كانت درجته بسيطة يجعل من درجة استيعاب المبنى للتغير في الفعاليات كبيرة , كما في الأشكال البيانية الموضحة في (الملحق (1) الواجهة رقم 2 للبرنامج المقترح ).

6- استقلالية عناصر المبنى:

        توصلت الدراسة ان استقلالية عناصر المبنى ( A )  كانت بدرجة متوسطة بسبب وجود نوعين من الخدمات متداخلة مع الهيكل الانشائي للمبنى وهي ( مسارات التدفئة والتبريد وكذلك مسارات الأسلاك الكهربائية ) , بينما كانت استقلالية عناصرالمبنى (B)  بدرجة كبيرة بسبب وجود تداخل نوع واحد من الخدمات مع الهيكل الانشائي للمبنى وهي ( مسارات الاسلاك الكهربائية ) , وهذه الاستقلالية لعناصر المبنى تقلل بدورها المشاكل المتعلقة بعملية التحوير عند حدوث تغير للفعاليات في الأبنية , كما في الأشكال البيانية الموضحة في (الملحق (1) الواجهة رقم 2 للبرنامج المقترح ).

الاستنتاجات :

1-     اظهر البحث أن المبنى (B  ) حقق أعلى درجة استيعاب عند حدوث تغير في الفعاليات من المبنى ( A ) بسبب ان نسبة عدد الغرف المتشابهة في المساحة والتي تستخدم لتبديل مواقع الفعاليات الأساسية والثانوية والساندة في المبنى (B  ) أكبر من نسبة عدد الغرف المتشابهة في المساحة والتي تستخدم لتبديل مواقع الفعاليات الأساسية والثانوية والساندة في المبنى ( A ) .
2-     أشارت نتائج البحث الى تشابه المبنى ( A ) والمبنى ( B ) في انعدام وجود غرف تتصل بشكل مباشر بأربعة أو بثلاثة غرف متجاورة وكذلك الى تقارب نسبة عدد الغرف المتشابهة من حيث اتصالها بشكل مباشر بغرفة واحدة متجاورة , وايضاً الى تقارب النسبة في عدد الغرف المتشابهة من حيث عدم اتصالها بشكل مباشر بأي غرفة اخرى من غرف المبنى بينما كان هناك تبايناً في نسبة عدد الغرف التي تتصل بشكل مباشر بغرفتين متجاورتين من غرف المبنى , حيث كانت النسبة في المبنى ( A ) حوالي ( 7,3%) بينما لاتوجد مثل هذه الغرف في المبنى (B) , وهذا يدل على التشابه في الحركة بين بعض الغرف المتجاورة في المبنى ( A ) مما يجعل فيها درجة الاستيعاب عالية عند حدوث تغير في الفعاليات ضمن هذا الجزء من هذا المتغير مما هو عليه في المبنى(B).
3-     توصل البحث ان استخدام النظام الهيكلي في الأبنية يستوعب عملية التحوير في حالة حصول تغيرات في فعاليات المبنى أكثر مما هو عليه في نظام الجدران الحاملة للأثقال , وخاصة اذا كانت المسافة بين نقاط الاسناد في النظام الهيكلي كبيرة , لذا نلاحظ ان المبنى ( B ) حقق أعلى درجة استيعاب عند حدوث تغير في الفعاليات من المبنى   ( A ) ضمن هذا المتغير.
4-     أشارت نتائج البحث ان تنميط الهيكل الانشائي هو اعتماد أبعاد ثابتة ومتشابهة بين نقاط الارتكاز للهيكل الانشائي وهذا ماتحقق في المبنى ( B ) كون المسافة بين معظم نقاط الارتكاز للهيكل الانشائي في هذا المبنى ذات أبعاد متكررة ومتساوية مما هو عليه في المبنى ( A ) وبذلك حقق المبنى ( B )  درجة استيعاب كبيرة عند حدوث تغير في الفعاليات مما هو عليه من المبنى ( A ) .
5-     بين البحث الى وضوح تنطيق الفعاليات ( Zoning ) ذات المواصفات الخاصة في المبنى ( B ) مما هو عليه في المبنى (A  ) , أي العزل الواضح للفعاليات ذات المواصفات المتشابهة وهذا بدوره يقلل من درجة التداخل بين هذه الأنطقة وهو ماتحقق في المبنى ( B ) والذي يجعل من درجة الاستيعاب فيه عالية عند حدوث تغير في الفعاليات .
6-     توصل البحث ان استقلالية عناصر المبنى ( B ) عن الخدمات أكبر مما هو عليه من استقلالية عناصر المبنى ( A ) , وهذه الاستقلالية تقلل بدورها من درجة التداخل بين الخدمات والهيكل الانشائي للمبنى والذي يقلل بدوره حجم المشاكل الناجمة عند حدوث تغير في الفعاليات بسبب الحاجة الى حدوث تحويرات في عناصر المبنى .
       مما تقدم فأن البحث أظهر ان المبنى ( B ) تحقق فيه أعلى درجة استيعاب للتغير في الفعاليات مما هو عليه في المبنى ( A ) في معظم المتغيرات المطروحة , وهذ مؤكد كون المبنى ( B ) تم تصميمه كمبنى تعليمي يحوي على قاعات دراسية ومختبرات وغرف ادراية وعند اكتمال تنفيذه تم استعماله كمبنى اداري وهو مقر عمادة معهد التكنولوجيا في بغداد , مما يدل على امكانية المبنى الانشائية والفضائية لاستيعاب هذا التغير في الفعاليات , لذا يمكن القول ان التغير في الفعاليات يرتبط ارتباطاً وثيقاً مع التغير في استخدام الابنية , والتغير أما أن يكون بشكل اجمالي متمثلاً بتغير وظيفة المبنى , أو يكون التغير مقتصراً على أنواع محددة من الفعاليات , وأن أهم صفة في الأبنية هو قابليتها الكبيرة على احتواء هذا التغير في الفعاليات ويتم ذلك من خلال التشابه في الفضاءات والحركة وكذلك تركز وتنميط الهيكل الانشائي من حيث تشابه المسافة بين نقاط الاسناد للهيكل الانشائي ودرجة تكرارها , وأيضاً تنطيق الفضاءات أو الفعاليات ذات المواصفات المتشابهة وعزلها عن بعضها البعض والذي يقلل من درجة التداخل بين الأنطقة , وأخيراً استقلالية عناصر المبنى عن الخدمات له الأثر الكبير في تحقيق اعلى درجة استيعاب في المبنى عند حدوث تغير في الفعاليات وهذا مايتطابق مع فرضية البحث.



التوصيات:

1-     اجراء دراسة تهتم بالمتغيرات التصميمية للأبنية في مرحلة تصميمها وخاصة تلك التي تتعلق بزيادة قابلية المبنى على استيعاب التغير المستقبلي للفعاليات والذي سيسهل عمل المهندس المصمم في تحقيق درجة استيعاب عالية للمبنى عند حدوث تغير في فعاليات المبنى.
2-     الاهتمام بمشكلة التغير في فعاليات الأبنية نظراً للتكاليف الاقتصادية الباهضة التي تتطلبها هذه العملية وكيفية تقليل هذه التكاليف.
3-     ضرورة الاستفادة من نتائج الدراسة الحالية عند الحاجة الى اختبار العلاقة بين تصميم الأبنية من جهة ودرجة استيعاب هذه الأبنية عند حدوث تغير في فعالياتها من جهة اخرى, لان الأبنية التي تستوعب التغيرات المختلفة للفعاليات التي تشغلها تكون فرصة بقائها أطول.
4-     ان التغير هو عملية مستمرة والذي يؤثر بدوره على الأبنية التي تستوعب فعاليات معينة , لذلك لابد من تحقق نوع من الملائمة بين الفعاليات والفضاءات التي تشغلها من خلال التأكيد على مبدأ التشابه في الفضاءات وخصوصاً التي تستخدم للفعاليات الأساسية خلال مرحلة التصميم.
5-     من الفوائد التطبيقية لهذا البحث انه يسهل عمل المهندس المعماري في زيادة درجة استيعاب المبنى الذي يصممه عند حدوث تغير في فعاليات هذا المبنى , أو مقارنة التصاميم المختلفة للأبنية من ناحية درجة استيعابها للتغير في الفعاليات.
تكمن فائدة هذا البحث ايضاً كونه استطاع ان يوظف برامج الحاسوب الحديثة والمتطورة في البحوث والدراسات المعمارية.  


Previous Post Next Post